عربي
Sunday 30th of June 2024
0
نفر 0

لسان الحق يتحدث عن خديجة

لسان الحق يتحدث عن خديجة كانت السيدة خديجة رغم نبلها وشرفها ومكانتها في الناس وسيادتها في بني أسد ونساء قريش وهي صفات كفيلة لوحدها لأن تؤهلها للرعاية والمحبة والرضا من لدن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) ، إلاّ انها فوق ذلك، قد وهبت كل وجودها للّه ورسوله ودعوة الحق التي صدع بها . فقد وهبت رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) كل أموالها ليغطي بها نفقات الدعوة والدعاة المستضعفين.
لسان الحق يتحدث عن خديجة

لسان الحق يتحدث عن خديجة

كانت السيدة خديجة رغم نبلها وشرفها ومكانتها في الناس وسيادتها في بني أسد ونساء قريش وهي صفات كفيلة لوحدها لأن تؤهلها للرعاية والمحبة والرضا من لدن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) ، إلاّ انها فوق ذلك، قد وهبت كل وجودها للّه ورسوله ودعوة الحق التي صدع بها .  فقد وهبت رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) كل أموالها ليغطي بها نفقات الدعوة والدعاة المستضعفين.
ولقد عاصرت أشد الظروف قسوة فما نالت من قناتها أبداً ، وتحدت أصعب الازمات وأكثر المواقف عسراً ، وصبرت على الأذى في جنب اللّه عزوجل ، وسمت بذلك على نعيمها الدنيوي السابق ، وركلت اخضرار العيش الذي اعتادته برجليها لتعيش مع النبي(صلى الله عليه وآله)محنته وآلامه التي صبّتها عليه قريش وحلفاؤها وظلت طوال عشر سنين من المحنة تبث الأمل في قلب الرسول(صلى الله عليه وآله) ، وتشد من أزره ، وتقوي من عزيمته على مواصلة المسير ، وأنت خبير بما تؤديه مواقف المرأة المشجعة لزوجها من أثر ايجابي على الاستمرار في الصمود والمواجهة وشد العزيمة .
وقد كانت أعظم مواقفها الجهادية في تحديها لمحنة حصار شِعب أبي طالب الذي فرض على بني هاشم من قبل قريش وحلفائها .
فقد كان لمواقف السيدة خديجة المعروفة لإضعاف قبضة الحصار أثرها الواضح المخلد في التخفيف من اضرار حصار المشركين على الدعوة وأنصارها .
ان هذه الظواهر العظيمة التي تفيض ايماناً وصدقاً ، وصبراً واحتساباً، واخلاصاً للنبي(صلى الله عليه وآله) ودعوته هي التي أهّلت أم المؤمنين الاولى خديجة بنت خويلد عليها الصلاة والسلام لاحتلال مواقع ودرجات لم توفق لها أية سيدة من أزواج النبي(صلى الله عليه وآله) على الاطلاق .
من أجل ذلك ، راح رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) يكشف عن تلك المكانة السامقة التي بلغتها السيدة خديجة في موقعها عند النبي(صلى الله عليه وآله) ، وفي مكانتها عند الرسالة الالهية ، وفي درجتها عند اللّه عزوجل .
اللّه يقرئها السلام ويبشرها فقد روى أصحاب الصحاح عن أبي هريرة ما يلي : قال : أتى جبريل(عليه السلام)إلى النبي(صلى الله عليه وآله) ، فقال : «يارسول اللّه ، هذه خديجة قد أتت ومعها اناء فيه أدم أو طعام أو شراب ، فإذا هي أتتك ، فأقرأ عليها السلام من ربها ومني ، وبشرها ببيت في الجنة من قصب ، لا صخب فيه ، ولا نصب ..
فأخبر رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) خديجة بما قال جبريل ، فقالت : اللّه هو السلام ، ومنه السلام، وعلى جبريل السلام»([16]) .
وهكذا ندرك البعد الحقيقي لوعيها وفهمها واستيعابها لمضامين الرسالة الالهية المباركة .
رُزِقتُ حبها ولعميق حب رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) للسيدة خديجة ، فانه كان يصرّح بهذه المودة جهاراً طوال حياته ، بل كان يصرّح بحب من يحبها ويكرمه .
وهذا الاعلان النبوي عن حبه لأم المؤمنين الاولى(عليها السلام) لم تحكمه العاطفة العادية ، فعواطف الرسول(صلى الله عليه وآله) محكومة هي الاخرى بقيم السماء وضوابط الحق ، ومن أجل ذلك ، فقد أمر اللّه عزوجل الناس أن يتبعوا رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) فيما يشرع ويرشد ، وفيما ينهى ويمنع ما يقرره في رضاه حق كما يقرره في عضبه : (ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)([17]) (قل ان كنتم تحبون اللّه فاتبعوني يحببكم اللّه..)([18]) .
ومن هنا ، فان ما يصدر من ثناء نبوي على حدث أو أحد من عباد اللّه عزوجل ، فهو حق وعدل ، وما يصدر من ذم وعدم رضا عن أمر أو عن أحد من الناس ، فهو حق لا شك فيه .
فقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما من اصحاب الصحاح والسنن عن عائشة بنت الخليفة أبي بكر مايلي : «ما غرتُ على أحد من نساء النبي صلى اللّه عليه وسلم ما غرت على خديجة ، وما رأيتها قط ، ولكن كان يكثر من ذكرها وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاءً ثم يبعثها في صدائق خديجة ، وربما قلت له : كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلاّ خديجة ، فيقول : (انها كانت وكانت ، وكان لي منها ولد) وفي رواية مسلم : (وكان إذا ذبح الشاة يقول : ارسلوا بها إلى أصدقاء خديجة ، قالت فأغضبته يوماً فقلت : (خديجة ؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : (اني قد رزقت حبها)»([19]).
النبي(صلى الله عليه وآله) يعدد بعض خصائص خديجة
ولم يكتف النبي الأعظم(صلى الله عليه وآله) بذلك ، وانما يدخل في بعض التفاصيل التي تدعوه أن يكرم السيدة خديجة(عليها السلام) ويتشبث بودها واكبارها ـ رغم فراقها ـ .
فعن عائشة قالت : «استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول اللّه ، فعرف استئذان خديجة ، فارتاح لذلك ، فقال : اللّهم هالة بنت خويلد !
عائشة : فغرتُ ، فقلت :
وما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين ، هلكت في الدهر فأبدلك اللّه خيراً منها !
فغضب رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) وقال :
لا واللّه ، ما أبدلني اللّه خيراً منها .
لقد آمنت بي حين كفر بي الناس .
وصدقتني حين كذبني الناس .
وواستني حين حرمني الناس .
ورزقني اللّه ولدها إذ حرمني أولاد النساء»([20]) .
ولقد عاشت السيدة خديجة(عليها السلام) تحت كنف النبي(صلى الله عليه وآله) خمسة وعشرين عاماً، لم يجد منها غير الاكرام والمحبة والصفاء والطاعة وعرفان الجميل ، فبادلها وداً بود ووفاء بوفاء ، فلم يتزوج عليها حتى توفيت .
ولقد دعا رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) عام وفاتها عام حزن للأمة الخاتمة كلها .
ورغم أنه تزوج بضعة من النساء بعد وفاتها ومن مختلف الطبقات والأعمار والقبائل ، وفيهن الجميلة والرشيدة الودود إلاّ أن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) بقي قلبه متعلقاً بها ، وفياً لها ، يحفظ لها عواطفها ومشاعرها ، ويثمّن ودها ودورها العظيم في نصرته طوال أيام محنته مع اعداء الدعوة .
لقد كان يذكرها جهاراً ، حتى انه لا يمل من كثرة ذكرها والثناء عليها ، ويترحم عليها ، ويبكي لفراقها ، حتى غارت منها بعض نسائه وامتلأت منها حسداً وهي في قبرها .
تقول عائشة بنت أبي بكر : «ما رأيت خديجة قط ، ولا غرت على امرأة من نسائه أشد من غيرتي على خديجة وذلك من كثرة ما كان يذكرها» .
وتقول([21]) عائشة أيضاً : «ما غِرتُ على أحد من أزواج النبي ، ما غِرت على خديجة ، وما بي أن أكون أدركها ، وما ذاك إلاّ لكثرة ذكر رسول اللّه لها ، وإن كان مما يذبح الشاة يتبع بها صدائق خديجة ، فيهديها لهن»([22]) .
وكان(صلى الله عليه وآله) يقول : «اني لأحب حبيبها»([23]) .
وعن علي(عليه السلام) قال : «ذكر النبي(صلى الله عليه وآله) خديجة يوماً وهو عند نسائه فبكى فقالت عائشة : ما يبكيك على عجوز حمراء من عجائز بني أسد ؟ فقال(صلى الله عليه وآله) : صدقتني إذ كذبتم، وآمنت بي إذ كفرتم ، وولدت لي إذ عقمتم ...»([24]) ، «وروى أن عجوزاً دخلت على النبي(صلى الله عليه وآله) فلاطفها فلما خرجت سألته عنها عائشة ، فقال : إنها كانت تأتينا زمن خديجة وان حسن العهد من الايمان» .
عن عائشة : «قالت : لم يتزوج النبي على خديجة حتى ماتت ، قالت ما رأيت خديجة قط ولا غرت على امرأة من نسائه أشد من غيرتي على خديجة ، وذلك من كثرة ما كان يذكرها»([25]) .
عن أبي نجيح عبداللّه بن أبي نجيح قال : اهدي لرسول اللّه(صلى الله عليه وآله)جزور ولحم ، فأخذ عظماً منها فناوله الرسول بيده فقال له : اذهب بهذا إلى فلانة فقالت عائشة : لم غمرت يديك ؟ فقال(عليه السلام) : إن خديجة أوصتني بها فغارت عائشة من كلامه وقالت : كأنما ليس في الأرض امرأة إلاّ خديجة ، فقام رسول اللّه مغضباً ، فلبث ما شاء اللّه ثم رجع فإذا أم رومان فقالت : يا رسول اللّه ! مالك ولعائشة انها لحدثة فقال(صلى الله عليه وآله) : أليست القائلة كأنما ليس في الأرض امرأة إلاّ خديجة ، واللّه لقد آمنت بي إذ كفر قومك ورزقت مني الولد وحرمتيه» .
وهكذا([26]) تتجلى مكانة أم المؤمنين الكبرى خديجة بنت خويلد(عليها السلام)كما نطق بها لسان الحق المقدس .
_____________________________________________
([16]) صحيح البخاري (باب تزويج النبي (ص) خديجة وفضلها رقم 3821) وصحيح مسلم (باب فضائل خديجة أم المؤمنين 4 : 1887) والترمذي وغيرها، والقصب هنا: الجوهر المجوف.
([17])الحشر : 7 .
([18]) آل عمران : 31 .
([19]) البخاري رقم (3818) في مناقب الانصار باب تزويج النبي(ص) خديجة وفضلها. فتح الباري 7:133. مسلم رقم (2435) في فضائل الصحابة باب فضائل خديجة أم المؤمنين 4 : 1888. الترمذي رقم (3875) في المناقب باب فضل خديجة 5 : 659.
([20]) صحيح البخاري رقم 3821 باب تزويج النبي (ص) خديجة(ع). وصحيح مسلم باب فضائل خديجة وابن حنبل في المسند والطبراني. وتوجد اختلافات لفظية بسيطة بين الرواة هؤلاء : فعرف استئذان خديجة = صوت هالة كصوت خديجة، فذكر الرسول (ص) بصوت هالة صوت خديجة. حمراء الشدقين: سقطت أسنانها لكبرها فأحمرت لثتها.
([21]) مستدرك الصحيحين 3 : 186.
([22]) ابن سعد، اسد الغابة 5 : 438 .
([23]) الاصابة 4 : 275 .
([24]) كشف الغمة في معرفة الائمة للعلامة المحقق أبي الحسن علي بن عيسى ابن أبي الفتح الاربلي 2 : 131.
([25]) مقتل الحسين للخوارزمي 1 : 27 .
([26]) م . ن ، وأم رومان : والدة عائشة .


source : sibtayn
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

اليوم السابع من محرم..يوم مخصص للعباس بن علي (ع)
فضل شهر رجب
أحداث سنة الظهور حسب التسلسل الزمني
التوسل بأُم البنين عليها‌السلام
اعمال يوم المباهلة
حالة الحسين بعد مقتل مسلم
المحمل الحسن
من الأحاديث الواردة في تحريف القرآن
الطوسي تعاون مع المغول رغبة ام رهبة ؟
الشيعة الحقيقيون‏

 
user comment