جوبة الإمام الحسن عن أسئلة الخضر (عليهما السّلام)(*)
روى الشيخ الصدوق (رحمه الله) بإسناده عن أبي جعفر الثاني (عليه السّلام) أنه قال : (( أقبل أمير المؤمنين ومعه الحسن بن علي وهو متّكئ على يد سلمان , فدخل المسجد الحرام فجلس , إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس , فسّلم على أمير المؤمنين , فرد عليه السّلام فجلس .
ثمّ قال : يا أمير المؤمنين , أسألك عن ثلاث مسائل , إن أخبرتني بهنّ علمت أنّ القوم ركبوا من أمرك ما أقضى عليهم أنّهم ليسوا بمأمونين في دنياهم ولا في آخرتهم , وإن تكن الاُخرى علمت أنك وهم شرع سواء .
فقال له أمير المؤمنين : سلني عمّا بدا لك .
قال : أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه ؟ وعن الرجل كيف يذكر وينسى ؟ وعن الرجل كيف يشبه ولده الأعمام والأخوال ؟
فالتفت أمير المؤمنين إلى الحسن بن علي , فقال : يا أبا محمّد , أجبه .
فقال الحسن : أمّا ما سألت عنه من أمر الرجل إذا نام أين تذهب روحه , فإنّ روحه معلّقة بالريح , والريح معلّقة بالهواء إلى وقت ما يتحرّك صاحبها لليقظة , فإذا أذن الله (عزّ وجلّ) برد تلك الروح على صاحبها جذبت الروح الريح , وجذبت الريح الهواء فاُسكنت الروح في بدن صاحبها . وإذا لم يأذن الله بردّ تلك الروح على صاحبها , جذب الهواء الريح , وجذبت الريح الروح فلم تُردّ على صاحبها إلى وقت ما يُبعث .
وأمّا ما سألت عنه من أمر الذكر والنسيان , فإنّ قلب الرجل في حُقٍّ , وعلى الحُقِّ طبقٌ ؛ فإن هو صلّى على النبي صلاة تامة انكشف ذلك الطبق عن ذلك الحُق فذكر الرجل ما كان نسي .
وأمّا ما ذكرت من أمر الرجل يشبه ولده أعمامه وأخواله , فإنّ الرجل إذا أتى أهله بقلب ساكن , وعروق هادئة , وبدن غير مضطرب , استكنّت [فاُسكنت] تلك النطفة في تلك الرحم , فخرج الولد يشبه أباه واُمّه . وإن هو أتاها بقلب غير ساكن , وعروق غير هادئة , وبدن مضطرب , اضطربت تلك النطفة في جوف تلك الرحم , فوقعت على عرق من العروق ؛ فإن وقعت على عرق من عروق الأعمام أشبه الولد أعمامه , وإن وقعت على عرق من عروق الأخوال أشبه الولد أخواله .
فقال الرجل : أشهد أن لا إله إلاّ الله , ولم أزل أشهد بذلك , وأشهد أنّ محمّداً رسول الله , ولم أزل أشهد بذلك , وأشهد أنك وصيُّ رسول الله , والقائم بحجته بعده ـ وأشار إلى أمير المؤمنين ـ ولم أزل أشهد بذلك , وأشهد أنك وصيّه والقائم بحجته ـ وأشار إلى الحسن ـ , وأشهد أنّ الحسين وصي أبيه والقائم بحجته بعدك , وأشهد على علي بن الحسين أنّه القائم بأمر الحسين بعده , وأشهد على محمّد بن علي أنّه القائم بأمر علي بن الحسين , وأشهد على جعفر بن محمّد أنّه القائم بأمر محمّد بن علي , وأشهد على موسى بن جعفر أنّه القائم بأمر جعفر بن محمّد , وأشهد على علي بن موسى أنّه القائم بأمر موسى بن جعفر , وأشهد على محمّد بن علي أنّه القائم بأمر علي بن موسى , وأشهد على علي بن محمّد أنّه القائم بأمر محمّد بن علي , وأشهد على الحسن بن علي أنّه القائم بأمر علي بن محمّد , وأشهد على رجل من ولد الحسين لا يكنّى ولا يسمّى حتّى يظهر أمره فيملأها عدلاً كما مُلئت جوراً , والسّلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته .
ثم قام فمضى , فقال أمير المؤمنين للحسن : يا أبا محمّد , اتبعه فانظر أين يقصد . فخرج الحسن بن علي , فقال : ما كان إلاّ أن وضع رجله خارج المسجد فما دريت أين أخذ من أرض الله (عزّ وجلّ) , فرجعت إلى أمير المؤمنين فأعلمته .
فقال : يا أبا محمّد , أتعرفه ؟ قلت : الله ورسوله وأمير المؤمنين أعلم . فقال : هو الخضر )) .
والحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسّلام على محمّد وآله الطاهرين
ــــــــــــــــــــ
(*) تجدر الإشارة إلى أنّ هذا المقال قد اُخذ من موقع الميزان , مع مراجعة وضبط النص (موقع معهد الإمامين الحسنين) .
source : alhassanain