بعد فشل الجماعات التكفيرية وعلى راسها جماعة فتح الشام (جبهة النصرة الفرع الرسمي للقاعدة في سوريا) في فك الحصار المفروض عليها في شرق حلب، ارتكبت هذه الجماعات يوم الاحد 30 تشرين الاول / اكتوبر، جريمة بشعة باستهدافها منطقة الحمدانية السكنية وضاحية الاسد في مدينة حلب بقذائف تحتوي على غازات سامة، واسفر القصف العنيف عن مقتل شخص واحد واصابة 35 اخرين بحالات اختناق اغلبهم من المدنيين.
تزامنا مع قصف الجماعات التكفيرية، ظهر “القاضي” العام لجيش الفتح، السعودي عبد الله المحيسني في تسجيل مصور وحوله عدد من الصواريخ المعدة للأطلاق، معلنا عن معركة كبرى لفك الحصار عن هذه الجماعات، وتجهيز مئة صاروخ من طراز فيل وصلت إلى جيش الفتح من متبرعين!!.
ودعا المحيسني في التسجيل المصور من اسماهم بـ”أحفاد العثمانيين، وأحفاد محمد الفاتح” الى دعم جماعته (القاعدة) بالاموال والعتاد والصواريخ والرجال، لنصرة “اهل السنة” في حلب.
كما كشف المحيسني عن هوية الجماعات التي تقاتل الجيش السوري في شرق حلب وقال : “المشاركون في هذه الغزوة هم رابطة أهل العلم في الشام، وتجمع أهل العلم في الشام، والمجلس الإسلامي السوري، وهيئة علماء المسلمين، واتحاد علماء المسلمين، ومشيخة العالم الإسلامي، وتجار المسلمين، ونساء المسلمين، وأهل السنة بكل أطيافهم، أما رأس الحربة فهم هؤلاء في جيش الفتح والفصائل التي دخلت معهم”.
كما اصدر جيش الفتح في ذات الوقت بيانا، اعتبر فيه مناطق الحمدانية، وسيف الدولة، والعامرية، وحلب القديمة، والمشارقة، وسوق الهال، والإذاعة، وصلاح الدين ، مناطق عسكرية، اعتباراً من صدور البيان عصر يوم الأحد.
يبدو ان جريمة استخدام السلاح الكيمياوي بشكل واسع ومكثف من قبل الجماعات “المعتدلة”!! امريكيا، ضد الجنود والمدنيين، كانت بشعة الى الحد الذي دفع المرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو معارض للحكومة السورية، للقول ان لديه تقارير مؤكدة بحالات اختناق بين الجنود السوريين في منطقتين قصفتهما الجماعات المسلحة.
الموفد الاممي الى سوريا ستافان دي ميستورا اعرب الاحد عن “صدمته” لاطلاق “الفصائل المعارضة عددا كبيرا من القذائف والصواريخ العشوائية على احياء غرب حلب في الساعات الـ48 الاخيرة، اسفر عن مقتل العشرات من المدنيين، بمن فيهم عدد من الأطفال، وجُرح المئات بسبب الهجمات القاسية والعشوائية من قبل جماعات المعارضة المسلحة”.
واعتبر دي ميستورا ما اقترفته الجماعات التكفيرية في حلب، من خلال استخدام الأسلحة العشوائية وغير المتناسبة، بما فيها الثقيلة، على مناطق مدنية، يمكن أن يرقى إلى جرائم حرب”.
الملفت ان امريكا ومنذ الاحد، تلوذ بصمت غريب مريب، ولسان حالها يقول ان استخدام الجماعات التكفيرية السلاح الكيمياوي “مباح” مادام يستهدف الجيش السوري والمناطق السكنية الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، فلا خطوط حمراء لامريكا في هذا الشأن.
يبدو ان الخطة باء والخطة جيم وباقي الخطط الامريكية الخاصة بالحرب الدائرة على سوريا، لم تكن سوى تسليح الجماعات التكفيرية بالسلاح الكيمياوي والصواريخ المتطورة، التي تم “التبرع” بها للمحيسني، من قبل امريكا وفرنسا وبريطانيا والسعودية وقطر عبر تركيا، وكذلك تغيير لون الخطوط الامريكية من الاحمر الى الاخضر، حتى تتمكن الجماعات التكفيرية من استخدام السلاح الكيمياوي دون منغصات.
كلنا يتذكر كيف اقامت امريكا الدنيا ولم تقعدها، عندما اتهمت الجيش السوري بانه يقف وراء الهجوم بالسلاح الكيمياوي على الغوطة الشرقية لدمشق، يوم الأربعاء 21 آب / أغسطس 2013 ، واعتبرت الهجوم بانه تجاوز للخط الاحمر الامريكي، وهددت بقصف سوريا وارسلت حاملات الطائرات الى المنطقة، في الوقت الذي أعلنت روسيا أن أقمارها الإصطناعية التقطت صورا تبين أن طرفاً في المعارضة أطلق صاروخين على الغوطة من منطقة دوما عند الواحدة والدقيقة الخامسة والثلاثين من ليل الأربعاء، وان الصاروخين، وهما من تصنيع محلي ويحملان موادا كيميائية، انطلقا من المنطقة التي يسيطر عليها “جيش الإسلام” الذي كان يقوده زهران علوش، وهو أقوى الجماعات المسلحة في الغوطة.
كل القرائن كانت تشير حينها الى ان الجماعات المسلحة هي التي قامت بتنفيذ الهجوم لاعطاء ذريعة لقوى اجنبية وعلى راسها امريكا، لضرب الجيش السوري، الذي عثر حينها على اسلحة كيمياوية في انفاق للجماعات التكفيرية في ضاحية جوبر، وان بعض الجنود السوريين تعرضوا للاختناق، ولكن الخطوط الامريكية تتلون وفقا لمصلحتها، فاللون الاحمر هو من نصيب الجيش السوري، واما اللون الاخضر فهو حكرا على الجماعات التكفيرية.
لا نعتقد ان ردة الفعل الامريكية ازاء ما جرى في حلب من استخدام واضح للسلاح الكيمياوي من جانب القاعدة، ستتجاوز التنديد، كما هو حال ردات فعل امريكا على كل المذابح التي ارتكبتها الجماعات التكفيرية في سوريا، لانه وببساطة، المجال التي تتحرك فيه هذه الجماعات، هو مجال المصلحة الامريكية، لذلك تبقى في اطار الخطوط الخضراء امريكيا.
source : abna24