ؤکد العلماء أن الأرض تتباطأ بمعدل ثانیة کل عدة أعوام، وقد تمَّ قیاس هذا التباطؤ بدقة مذهلة، وقد یتساءل البعض: هل ستتوقف الأرض عن الدوران یوماً ما؟ وهل ستعکس اتجاه حرکتها لتظهر الشمس من الغرب؟
من العلامات الکبرى للساعة طلوع الشمس من مغربها، وفی تلک اللحظة لا ینفع نفس إیمانها لم تکن آمنت من قبل، وقد أخبر النبی صلى الله علیه وسلم بهذه الحقیقة الکونیة قبل أربعة عشر قرناً، وقد أثار ذلک سخریة بعض الملحدین، الذین یظنون أن حرکة الأرض منتظمة وُجدت هکذا وستستمر إلى الأبد. ولکن تأتی الحقائق العلمیة لتؤکد إمکانیة توقف الأرض عن دورانها، لنقرأ الخبر التالی.
بعیداً عن الأزمات والمشاعر السلبیة التی تجعل الوقت یبدو وکأنه یمر ببطء، قالت تقاریر علمیة إن عام 2008 کان بالفعل أطول من الأعوام التی سبقته بثانیة واحدة، مما سیدفع إلى تعدیل أرقام الساعات الذریة التی تطابق الوقت حول العالم مع الوقت الکونی (UTC).
وقالت التقاریر إن السبب یعود إلى تراجع سرعة دوران الأرض، وذلک بسبب عوامل جغرافیة وطبیعیة، بینها کمیة الغبار الکونی التی وصلت إلى الأرض وطبیعة مناخ الکوکب، إلى جانب الریاح الشمسیة وکمیة الثلوج الموجودة فی القطبین.
لکن العامل الأبرز المسؤول عن هذا الوضع هو تنافر الجاذبیة بین الأرض والقمر، والذی تظهر تأثیراته فی ظواهر المد والجزر فی بحار الأرض، ویرى علماء أنه عبارة عن "صراع قوى" یؤدی - إلى جانب التأثیر على سرعة کوکبنا - إلى زیادة المسافة بین القمر ولأرض بحدود أربعة سنتیمترات سنویاً.
وکانت عملیة قیاس الزمن الکونی مستحیلة فی الماضی، قبل اختراع الساعة الذریة التی تعمل على تحدید الزمن من خلال رصد حرکة ذرات عناصر من الهیدروجین والروبیدیوم، ویقول أندرو نوفیک، وهو مهندس من المعهد القومی الأمریکی للتکنولوجیا، إن هناک ثلاثة أنواع من الساعات الذریة، بینها الساعة المعیاریة، وهی الأکثر تطوراً، ولا تمتلکها إلا حفنة من الدول المتقدمة، مثل ألمانیا وبریطانیا والولایات المتحدة.
إلى جانب نوع ثانی یتوفر فی الأسواق العالمیة بسعر قد یبلغ 40 ألف دولار للقطعة، ونوع ثالث هو عبارة عن أجهزة تتصل لاسلکیاً بالساعات المعیاریة العالمیة، وتعدّل توقیتها بالتالی وفق إشارات تتلقاها منها.
ویقول توفیک إن التوصل إلى تحدید الوقت الکونی باستخدام الساعات الذریة کان أمراً حاسماً فی التاریخ العلمی للبشر، إذ سمح ذلک بتنفیذ الرحلات الفضائیة إلى المریخ، ووفر خدمات الانترنت السریع وأنظمة تحدید المواقع GPS.
کما أحدثت تلک الساعات انقلاباً فی الطریقة التی یعرف بها البشر الوقت، فلم تعد الثانیة هی مجرد جزء من الدقیقة التی هی بدورها جزء من الساعة، بل باتت الثانیة عبارة عن الوقت الذی تستغرقه أکثر من ملیاری دورة إشعاعیة للانتقال بین مدارین لذرة السیزیوم 133.
ویرى العلماء أن هذه الساعات سیکون لها دور کبیر بعد مئات السنین، عندما سیزداد الفارق بین الوقت الذی تُظهره الساعات وموقع الشمس فی کبد السماء، إذ أنها ستکون آنذاک المرجع الوحید لتحدید الزمن بدقة.
وکانت المعاهد العلمیة العالمیة قد اتفقت عام 1972 على احتساب الفوارق الزمنیة عبر إضافة ثانیة إلى الساعات الذریة عندما یتضح لهم تباطؤ سرعة الأرض، ومنذ ذلک الحین، جرى تنفیذ هذه العملیة 24 مرة، کان آخرها عام 2005، الأمر الذی قد یعنی أن عدد ساعات العام ستزداد ساعة بعد 5040 سنة.
التعلیق على هذا الخبر العلمی :
إن تباطؤ الأرض یعنی أن سرعة الأرض متغیرة ولیست ثابتة، وبالتالی هناک إمکانیة لتوقف الأرض عن الدوران بعد زمن لا یعلمه إلا الله، وبما أن التغیر المناخی یبطئ سرعة الأرض وکذلک هناک عوامل جیولوجیة وکونیة أخرى، فإن هذه التغیرات قد تکون کبیرة جداً فی المستقبل القریب، وبالتالی یکون هناک تباطؤ کبیر فی حرکة الأرض حتى تتوقف عن الدوران، ثم تستأنف رحلتها بحرکة انعکاسیة تظهر معها الشمس من الغرب، وبالتالی یتحقق الوعد الإلهی بطلوع الشمس من مغربها.
وقد یقول البعض إن هذه العملیة لا یمکن أن تحدث فی المستقبل القریب، أو من الممکن حدوثها بعد ملایین السنین، ونقول إن الله تعالى قادر فی أی لحظة على قلب نظام الکون، وأنه عز وجل قد وضع لنا هذه المؤشرات لتکون دلیلاً لکل مؤمن لکی یستیقن بصدق الوعد الإلهی، فنحن عندما نرى التغیر المناخی الهائل، ونرى انقراض آلاف الأنواع من الکائنات البریة والبحریة، ونرى بأعیننا ذوبان کمیات ضخمة من الجلید، ونرى کذلک التلوث الکبیر والفساد فی البر والبحر... کل هذه مؤشرات لقرب یوم القیامة .
یقول تعالى: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِی غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا یَأْتِیهِمْ مِنْ ذِکْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ یَلْعَبُونَ)(1). فیوم القیامة یأتی بغتة والناس فی غفلة عنه یلهون ویلعبون ویستمتعون بملذات الدنیا، ولکن المؤمن یبقى فی حالة حذر وترقب لیوم القیامة، وفی نفس الوقت نجده فی حالة انتظار وشوق للقاء الله تعالى. یقول عز وجل: (أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّیْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا یَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَیَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ إِنَّمَا یَتَذَکَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ)(2). ویقول أیضاً: (مَنْ کَانَ یَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآَتٍ وَهُوَ السَّمِیعُ الْعَلِیمُ)(3).
والخلاصة أن ما قاله الحبیب الأعظم صلى الله علیه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها) [رواه البخاری]، هذا الحدیث یتفق مع المنطق العلمی الحدیث، بل ویشهد بإعجاز السنة النبویة المطهرة، والله أعلم.
ملاحظة:
وردتنا بعض الملاحظات حول هذه المقالة وملخصها أن الساعة سـتاتی بغتة وبشکل مفاجئ ولذلک لا یمکن تحدید موعدها أو معرفة توقیتها، طبعاً هذا صحیح ولا یعلم متى تقوم الساعة إلا الله تعالى، ونحن من خلال هذه المقالات نحاول الرد على الملحدین الذین یدعون أن الکون سیستمر إلى الأبد ولن تتوقف الشمس ولن ینتهی الکون ولن تقوم الساعة، ونرید أن نؤکد من خلال الحقائق العلمیة أن الکون سیزول وینهار وأن الشمس ستنطفئ وتتکور وأن هناک مؤشرات کثیرة یراها العلماء الیوم مثل تباطؤ دوران الأرض وابتعاد القمر عن الأرض وغیر ذلک، والله أعلم.
المصادر :
1- الأنبیاء: 1-2
2- الزمر: 9
3- العنکبوت: 5