عربي
Saturday 4th of May 2024
0
نفر 0

التشيع في ايران .

التشيع في ايران .

كـان بـحثنا الى الان يحوم حول تشيع الموالي , و هم الفرس الذين وفدوا الى العراق و تعرفوا على الـتـشيع في ربوعه و كان كثير منهم قد جا الى الكوفة , و زاول تدريس الحديث فيها اواخر القرن الاول , و اكـثـرهم جا في القرن الثاني و استطاعت الكوفة ـ التي كانت مركز التشيع وقتذاك ـ ان تنشر عقائدها في اوساطهم و عندما عاد عدد كبير منهم ,فانه حمل الى بلاده العقائد الشيعية .
اذن , كـان هـؤلا مـن الـبواعث الرئيسة على دخول التشيع الى ايران و يمكننا هنا ان نفيدمن بحثنا الـمـتـقـدم حول صلة الفرس اوالعرب المتفرسين بالائمة و ان تحديد النسبة المئوية لتغلغل اولئك الوافدين , والمناطق التي ذهبوا اليها رهين ببحث مفصل في كتب الرجال و الحديث التي انطوت على اشارات في هذا المجال احيانا.
و بـغض النظر عن هذا التيار الذي عرف بنطاقه البعيد والدقيق في آن واحد, فقد كان هناك تياران رئيسان لعرض الافكار الشيعية او التمهيد لها في ايران ابان القرن الاول والثاني , و هما:.
1 ـ التشيع في قم 2 ـ ارضية التشيع مع ظهور الحكومة العباسية , و سنتحدث عنهمابايجاز.

التشيع و قم .

يـمكن ان نقول بنحو جازم : ان مدينة قم كانت اول مركز للتشيع في ايران , اذ ان عهدهابه يعود الى الـربـع الاخـيـر من القرن الاول الهجري و كانت ايران لا تزال حتى تلك الفترة تعيش صراعا بين الانـقـيـاد لـلدين الاسلامي , او البقا على دين آبائها الاولين اما قم فقداختارت طريقها باتجاه الدين الجديد.
و ثـمة كلام كثير يحوم حول عراقة هذه المدينة فيما اذا تمصرت بعد الاسلام , او كانت موجودة قـبل ذلك فالحموي يذهب الى ا نها مدينة اسلامية
((443)) و آخرون يرونها مدينة قديمة , و قد ساقوا ادلتهم التي تعرضت لنقود الاخرين ((444)) , و ليس هنا مجال مناقشتها.
و يـسـتـشـف من مجموع الحوادث المتعلقة بدخول العرب الاشاعرة الى هذه المدينة ـو مصدرها الاصـلـي مـؤلف كتاب تاريخ قم ـ ان جماعات من العجم كانت تعيش فيهاو عندما جا العرب اجلوهم عنها, ثم قضوا عليهم
((445)) .
ان الـعرب الذين تقاطروا على قم كانوا من الاشاعرة الذين انحدروا من المناطق الواقعة في جنوب الحجاز و بعد مجي ابي موسى الاشعري الى المدينة , وفد قوم آخرون على المدينة ايضا قادمين من جنوب الجزيرة العربية ثم انتقلوا منها الى الكوفة و سكنوا فيهابعد دخول الاسلام الى العراق .
و فـي ضـؤ ما قاله اليعقوبي , فان اكثر العرب الذين سكنوا قم كانوا من قبيلة مذحج , ثم ياتي بعدهم الاشاعرة
((446)) .
و نـطـالـع فـي هذا الحقل معلومات تدل على وجود العرب في قم قبل الاشاعرة و جافي بعضها ان شريحة من موالي العباسيين قدمت الى قم في النصف الاول من القرن الاول الهجري , و توطنتها و نقل ايضا ان رهطا من بني اسد هاجروا الى قم بعد ثورة المختارسنة 67 ه , و سكنوا هناك كما اشير الى قدوم بني مذحج و قيس اليها قبل الاشاعرة
((447)) .
و كـان اول مـن جـا الـيها من اجداد الاشاعرة
((448)) هو السائب بن مالك الاشعري وكان هذا الـرجل شيخ الشيعة في الكوفة , كما ذكر الكلبي و نزعته الشيعية كانت بمستوى التشيع العقيدي و لـذلـك طـلـب مـن عبداللّه بن مطيع والي عبداللّه بن الزبير ان يسير فيهم بسيرة اميرالمؤمنين ـ عـلـيـه الـسـلام ((449)) و نـقـل ا نه التحق بالمختار بعد خروجه للطلب بثار الامام الحسين ـ عليه السلام ـ و ظل معه حتى اللحظة الاخيرة الى ان رزق الشهادة ((450)) .
و فـي ضؤ ما تقدم , نعلم ان التشيع كان خطا تنتهجه تلك الاسرة التي عرفت بعدائهاالشديد للامويين و عـندما تمرد عبدالرحمن بن الاشعث على الحجاج
((451)) , فان الاحوص نجل السائب بن مالك كان معه , و القي عليه القبض , فتوسط اخوه عبداللّه واطلق سراحه .
و لـما كان هناك احتمال لالقا القبض عليه و على اخيه ثانية , فقد عزما على ترك العراق , و الذهاب الى مكان آخر بعيد عن بطش الحجاج .
و يـستشف من الاخبار التي نقلها لنا التاريخ ا نهما توجها تلقا اصفهان التي كانت قدفتحت على يد ابي مـوسى الاشعري , بيد ا نهما سكنا قم و انسجما مع اهلها في بادئ الامر, و بعد مدة اصطدما معهم , و كانت الغلبة لهما و هكذا تاسست قم من خلال وجود العرب الاشاعرة الذين كانوا ذوي نزعة شيعية قوية و كان يعيش الى جانب هؤلابعض الفرس حتما, و هم اما كانوا معهم منذ البداية , او التحقوا بهم في فترة متاخرة حتى ان لغتهم ـ كما نقل ابن حوقل ـ قد بدلت بالفارسية
((452)) بعد مدة .
يـقـول الـحـموي : و كان عبداللّه بن سعد اول من نزل قم من العرب و كان له ولد قد ربي بالكوفة , فانتقل منها الى قم و كان اماميا, فهو الذي نقل التشيع الى اهلها, فلم يوجد فيهاسني قط
((453)) .
و ذكـر ابـن سـعـد محدثين قميين من آل الاشعري هما: الاشعث بن اسحاق , و يعقوب ابن عبداللّه الاشعري
((454)) و كانا سنيين .
و نـقل ابونعيم ان جرير بن عبداللّه كان عندما يرى يعقوب بن عبداللّه الاشعري ,يقول : هذا مؤمن آل فرعون
((455)) و يستشف من الكلام المذكور ان معظم آل الاشعري كانوا شيعة .
و يقول مؤلف كتاب تاريخ قم في هذا المجال : كان هؤلا اول من صدع بالتشيع , بينمالم يجهر به احد فـي منطقة اخرى حتى تلك الفترة
((456)) و يقول في موضع آخر من كتابه : ((و من مفاخرهم (الاشـاعرة ) ان موسى بن عبداللّه بن سعد الاشعري ابتدا باظهارمذهب الشيعة في قم , فاقتدى به الاخرون و اظهروا مذهبهم الشيعي ((457)) )).

ثم اصبح التشيع في هذه الاسرة مبدا ثابتا بعده حتى قال المامقاني : المنسوبون الى عبداللّه كثيرون , و اكثرهم صلحا و لهم اتصال بالائمة ـ عليهم السلام ((458)) .
و نـقـل الكشي ايضا روايات عديدة تتحدث عن لقا عمران بن عبداللّه بن سعد,و عيسى بن عبداللّه الامام الصادق ـ عليه السلام
((459)) .

هوية التشيع في قم .

يستشف من كلام الحموي ان اول شيعي نزل في تلك الديار كان اماميا و هذاالاصطلاح يعني الايمان بـالتشيع الاثني عشري فكان الشيعة هناك قد عرفوا بمتابعتهم الائمة الطاهرين ـ عليهم السلام ـ و التسليم بامامتهم و اذا ما استشهد احد الائمة , كانوايلتحقون بالامام الجديد بعده بما عرفوه من آيات تـدل عليه و هكذا واصلوا نهجهم حتى عصر الغيبة الصغرى اذ كانوا على اتصال دائم بنواب الامام المهدي ـعليه السلام .
ونستعرض فيما يلي نقطتين يمكن ان نجد فيهما عونا للكشف عن هوية التشيع في قم :.
الاولـى : الاتـصـال بـالائمـة : حـسـبنا من اتصال القميين (و هم الاشاعرة الذين عرفوابالقميين تـدريـجـا((460))) بـالائمة ما نقلته لنا كتب الرجال الشيعية من ان عددا منهم كانوا من اصحاب الائمـة
((461)) , و احـد هـؤلا هـو عـبـدالـعـزيـز بـن الـمـهـتدي الذي كان وكيلا للامام الرضاـعليه السلام ـ على ما نقل ابن شاذان .
يضاف الى ذلك ما نطالعه في كتب الحديث من روايات كثيرة في فضيلة قم و اهلها.
و بـلـغـت هـذه الـروايات من الكثرة ا ننا اذا انكرنا عددا منها, فلا يسعنا ان نردهاكلهاو نقرا في روايـات اثـرت عـن الامام الصادق ـ عليه السلام ـ ان قم ملجا الشيعة وملاذهم
((462)) و هذا طـبيعي للغاية اذا ما علمنا ان قم كانت بعيدة عن عاصمة الحكومة , وا نها عرفت بانتشار التشيع في ربـوعـهـا, فـلابـد ان تـكون ملاذا لاصحاب الائمة و دعم الشيعة في قم من قبل الامام الصادق ـ عليه السلام ـ هو كدعم الفكر السائد في تلك الحاضرة الى حد كبير.
و جـا فـي رواية اخرى عن الامام الصادق ـ عليه السلام : ((قم بلدنا و بلد شيعتنا
((463)) ))و ورد ايـضـا : ((و ان لـنـا حـرمـا وهـو بـلـدة قـم ((464)) )) و اثـر كـذلـك :((اهـل قـم انصارنا ((465)) )).
و طـلـب من الشيعة ان ياووا الى الكوفة , و قم و اطرافها عند انتشار فتن العباسيين , لان ((في قم شيعتنا و موالينا
((466)) )) و سميت قم في رواية اخرى : ((كوفة صغيرة ((467)) )).
و يـستشف من روايات عديدة ان اتصال القميين بالائمة كان يزداد على كرورالايام و نقل عن الامام الـعـسـكـري ـ عـلـيـه الـسـلام ـ ا نـه كـتب اليهم , و الى اهل آبه كتابا دعا فيه ان يكرمهم اللّه بـهـدايته
((468)) و اثر عن الامام الجواد ـ عليه السلام ـ في جوابه عن كتاب بعثه اليه علي بن مهزيار ا نه علم بمحنة القميين , و دعا لهم قائلا : ((خلصهم اللّه و فرج عنهم ((469)) )) و نقل ايـضا ان الحسين بن روح احد نواب الامام المهدي ـ عليه السلام ـ انفذكتاب التاديب الى قم , و كتب الـى جـماعة الفقها و قال لهم : انظروا في هذا الكتاب , وانظروا فيه شي يخالفكم , فكتبوا اليه ا نه كـلـه صـحـيح الا مسالة جزئية واحدة ((470)) وهكذا كان تنسيقهم مع الائمة ملموسا تماما و يـسـتشف من روايات اخرى ا نهم كانوايترددون على الامام الرضاـ عليه السلام ((471)) و ورد ايـضـا ا نهم كانوا اول من بعث الخمس للائمة ـ عليهم السلام ((472)) و ذكرالشيخ قوام اسلامي ثـلاثـا و اربـعـين فضيلة لقم و اهلها استنادا الى مااثر من روايات ((473)) و جا في مصدر من مـصـادر اهـل السنة ان ابا موسى الاشعري سال الامام عليا ـ عليه السلام ـ عن افضل الاماكن عند نـشـوب الـفـتنة , فقال : منطقة الجبل , ثم خراسان , ثم قم و هي اسلمها ((474)) و نقل في رواية اخرى ايضا: ((لولا القمييون لضاع الدين ((475)) )).
و اخيرا, نقل الكشي روايات حول وفود عمران , و عيسى ابني عبداللّه القمي على الامام الصادق ـ عليه السلام
((476)) .
الثانية : اقوال المؤرخين والجغرافيين .
ان الـمـصـدر الاخـر الـذي يـمكن ان نستهدي به للتعرف على الهوية الشيعية للقميين هوما ذكره الـمؤرخون و الجغرافيون حول عقائد اهلها فقال القزويني : ((اهلها شيعة غالية جدا)),و يستخدم هـذا الـكلام للتعبير عن التشيع العقيدي
((477)) و نقل القزويني قصة تدل على عدم وجود سني واحد في تلك المدينة .
و ذكر المقدسي ايضا ان اهل قم شيعة غالية
((478)) .
و كـتـب البلخي ان اهل قم كلهم شيعة , و الغالب عليهم العرب
((479)) و نقل ابن حوقل كذلك ان الـتـشيع هو المذهب الغالب على قم ((480)) و قال في عبارة اخرى : ((و جميع اهل قم شيعة لا يغادرهم احد والغالب عليهم العرب و لسانهم الفارسية ((481)) )).
و قال المستوفي (720 ه ) : ((الناس هناك شيعة اثناعشرية , و هم متعصبون للغاية
((482)) ))و يـسـتـخـلص من معلومات تاريخية اخرى ان مذهبهم الرفض , و المقصودهنا ـ طبعا ـ هو التشيع الامـامـي ((483)) و قـال ابـوالـفـدا: و في سنة 83 هـ بنى عبداللّه بن سعدان , والاحوص , و اسـحاق , و نعيم , و غيرهم قم و اظهر التشيع فيها موسى بن عبداللّه بن سعدان ((484)) و اشار مؤلف حدودالعالم الى تشيع القميين ايضا ((485)) و كتب القاضي نوراللّه قائلا: قم مدينة عظيمة , و بـلـدة كـريـمة و هي من الامصار التي كانت داراللمؤمنين نهض منها كثير من العلما والفضلا و مـجـتـهدي الشيعة الامامية ((486)) و تطرق آدم متز الى مدينة قم بوصفها احدى المدن الشيعية الـمهمة ((487)) و نلحظ في كتب المتاخرين هذا المضمون ايضا ((488)) و يدل ذلك كله على ان مـذهـب تـلك المدينة هوالمذهب الاثناعشري كما يدل على ان هذا المذهب لم يتغير على امتداد الاباد و الازمان وهو ما ثبته الكتاب المذكورون على اختلاف عصورهم .
و كل من كان يسمع باسم قم , فان التشيع يتوارد في ذهنه مباشرة و لما كانت اصفهان وقم تقفان على طـرفـي نـقـيض , لذلك كان الصراع قائما بينهما و كان اسم قم يقض مضاجع الاصفهانيين و جا في حـكـايـة ان اصـفـهـانـيا سال رجلا: من اين انت ؟ فقال : من مدينة قالعي الاسنان
((489)) فحار الاصـفـهـاني و قال : لا افهم شيئا فقال الرجل : اقصد ا ني ماان اقول : قم , تقول : آه ((490)).

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

تأملات وعبر من حياة يوسف (ع) - ج 3
المغول يزمعون غزو بغداد.
التشيع و سقوط بغداد على ايدي المغول .
مصرع طلحة :
البيعة
آية الابرار:
التشيع العقيدي .
ثقات الإسلام
حديثٌ حول صوم الجوارح
بلال ، حضرت فاطمہ (س ) کي نظر ميں

 
user comment