عربي
Tuesday 23rd of July 2024
0
نفر 0

الغلاة في نظر الإمامية

قال البعض :الغلاة أصناف : منهم السبئية أتباع عبد الله بن سبأ، وهو أول من أظهر الغلو، الذين قالوا :

حلَّ في علي(عليه السلام) جزء إلهي واتحد بجسده، وبه يعلم الغيب، وأتى في الغمام، والرعد صوته، والبرق تبسمه، وينتقل هذا الجزء الإلهي بنوع من التناسخ من إمام إلى إمام .

أقول : ان عبد الله بن سبأ لا أصل له في التاريخ الإسلامي وهو شخصية اسطورية وقد كشف ذلك الدكتور طه حسين([617]) في كتابه الفتنة الكبرى اذ قال انه شخصية اسطورية اختلقها اعداء الشيعة لهم للنيل منهم .

فقد حاولت العامة الافتراء على الشيعة في كل أمر بعد فشلهم في الاحتجاج على الشيعة في قضايا حقيقية وواقعية فكان ابن سبأ أحد افتراءات العامة المخزية، اذ المسلم لا يكذب ولا يفتري، ومن يفعل ذلك يصبح من المنافقين .

وكان الحزب الاموى يفترى على عمار بن ياسر فيسميه ابن السوداء، وقائد الثورة على عثمان بن عفان .

وعمار هو المشترك في جيش الامام علي(عليه السلام) في حرب الجمل والمشترك في جيش الامام علي(عليه السلام) في حرب صفين .

وهذه بعض صفات عبد الله بن سبأ لكن الامويين طوَّروها وأضافوا اليها أكاذيب كثيرة فجعلوا ابن سبأ مركز أكاذيبهم ودجلهم .

وقالوا : من الغلاة الخطابية أتباع أبي الخطاب محمد بن أبي زينب الأسدي، قالوا : إن جعفر الصادق(عليه السلام) هو إله زمانه، قال الشهرستاني : قد بالغ الصادق في التبري من أبي الخطاب واللعن عليه .

ومنهم المفوضة قالوا : إن الله خلق الأئمة، ثم اعتزل تاركا لهم خلق العالم، وتدبير شئونه .

ومن الغلاة من يدين بثالوث مكون من الأب وهو علي، والابن وهو محمد، وروح القدس وهو سلمان الفارسي([618]) .

ومن الطريف قول بعضهم : ان يوم الأحد معناه علي، ويوم الاثنين الحسن والحسين .

وقد ذكر الشهرستاني في كتاب الملل والنحل فرقا عدة للغلاة([619])، ولكن هذه الفرق كلها ترجع إلى أن الأئمة آلهة أو أشباه آلهة أو أنصاف آلهة، وعلى أي الأحوال فإن للغلاة دينهم الخاص، وهو لا يمت إلى الإسلام بصلة، وما زال كثير من الكتاب ينسب جهلا أو تنكيلا عقيدة الغلاة إلى جميع فرق الشيعة حتى الإمامية مع أن الإمامية قد استدلوا في كتب العقائد والأصول على كفر الغلاة ووجوب البراءة منهم، ومن كل ما فيه من شائبة الغلو .

ومن أدلتهم على نفي المغالاة الآية 77/المائدة

(قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق، ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل، وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل) .

والآية 15/الزخرف :

(وجعلوا له من عباده جزءا إن الإنسان لكفور مبين).

وقول الإمام علي (عليه السلام): ( هلك فيَّ اثنان مبغض قال ومحب غال).

وقول جعفر الصادق(عليه السلام): ( وما نحن إلا عبيد الذي خلقنا واصطفانا، والله ما لنا على الله حجة، ولا معنا من الله براءة، وإنا لميتون وموقوفون ومسئولون، من أحب الغلاة فقد أبغضنا، ومن أبغضهم فقد أحبنا، الغلاة كفار والمفوضة مشركون، لعن الله الغلاة، ألا كانوا نصارى ألا كانوا قدرية ! ألا كانوا مرجئة ! ألا كانوا حرورية([620]) أي خوارج .

فالإمامية يعتقدون أن الخوارج الذين حاربوا علياً(عليه السلام) هم أفضل من الغلاة الذين ألهوه وألهوا أبناءه ) .

وأجمع علماء الإمامية على نجاسة الغلاة، وعدم جواز تغسيل ودفن موتاهم فى مقابر المسلمين ، وعلى تحريم إعطائهم الزكاة، وعلى أنه لا يحل للغالي أن يتزوج المسلمة، ولا للمسلم أن يتزوج الغالية مع أن الإمامية أجازوا الزواج بالكتابية.

 وأجمعوا أيضا على أن المسلمين يتوارثون وإن اختلفوا بالمذاهب والأصول والعقائد .

فقالوا : يرث المحق من المسلمين من مبطلهم، ومبطلهم من محقهم ومبطلهم إلا الغلاة يرث منهم المسلمون وهم لا يرثون من المسلمين([621]) .

أما عقيدة الإمامية بالصحابة فيدل عليها قول إمامهم الرابع زين العابدين علي ابن الحسين(عليه السلام) في الصحيفة السجادية من دعاء له في الصلاة على أتباع الرسل .

قال : «اللهم وأصحاب محمد خاصة الذين أحسنوا الصحبة، والذين أبلوا البلاء الحسن في نصره وكانفوه وأسرعوا إلى وفادته وسابقوا إلى دعوته، واستجابوا له حيث أسمعهم حجة رسالاته وفارقوا الأزواج والأولاد في إظهار كلمته، وقاتلوا الآباء والأبناء في تثبيت نبوته، وانتصروا به ومن كانوا منطوين على محبته يرجون تجارة لن تبور في مودته، والذين هجرتهم العشائر، إذ تعلقوا بعروته، وانتفت منهم القرابات إذ سكنوا في ظل قرابته، فلا تنس لهم اللهم ما تركوا لك وفيك، وأرضهم من رضوانك وبما حاشوا عليك، وكانوا مع رسولك دعاة لك وإليك، واشكرهم على هجرهم فيك ديار قومهم وخروجهم من سعة المعاش إلى ضيقة، ومن كثرت في إعزاز دينك من مظلوميهم([622]) .

أقول: ان الغلاة لا ينتمون الى الشيعة بل هم طائفة منحرفة عن الدين لا يصلون ولا يصومون ولا يزكون ولا يحجون .

والشيعة يجوِّزون الزواج مع المذاهب الاسلامية ولا يجوِّزون الزواج مع الغلاة.

البابية والبهائية

نسب المنافقون البابية والبهائية إلى الشيعة الاثني عشرية كذباً وزوراً كما نسبوا غيرها من الأكاذيب اليهم لتصغير شأنهم والقاء الشكوك حولهم ويجدر بالمسلم الا يكذب لان الكذب من علامات المنافقين اذ قال سيد الانبياء محمد(صلى الله عليه وآله):

علامات المنافق الكذب وخيانة العهد وخيانة الامانة .

وقال سيد الانبياء(صلى الله عليه وآله): لا يدخل الجنة مفتر .

وليست البابية والبهائية إلا حزبين سياسيين أضفى عليهما الغرب طابع الدين وأسسهما الاستعمار الغربي لإيجاد الفوضى الدينية في الأوساط الشيعية كالحركة القاديانية في الأوساط السنية .

البهائية ينكرون الخاتمية ويدَّعون النبوة بل الألوهية لزعيمهم حسين علي البهائي وقد ألف علماء الشيعة ردوداً عليهم وأقصوهم عن مجامع المسلمين ومجالسهم.

أفهل يصح لنا أن ننسب إلى السنة المذهب القادياني وهو في حركته كحركة البابية والبهائية، غير أنهما حدثا في إيران بين الشيعة، والقاديانية حدثت في الهند بين السنة .

البابية والبهائية حركتان غربيتان لافراغ الدين الاسلامي من محتواه ولا ينتميان الى السنة ولا الى الشيعة .

ومنهجهما اباحي قائم على الفسق والفجور واباحة الخمور والدعوة الى المرأة السفور .

وتدعم الصهيونية العالمية اليوم هذين المشروعين الكافرين عداوة للاسلام .

الاجتهاد والقياس :

كان الشيخ الصدوق والشيخ المفيد والسيد المرتضى ينكرون الاجتهاد والرأي والقياس والاستحسان وان هذه الامور ليست من مذهب الامامية([623]).

ولهذا انكروا على ابن ابي الجنيد عمله بالقياس إلى حد رفض فتاويه الشيخ المفيد والسيد المرتضى .

فيعرف من هذا ان الاجتهاد له مفهومان: مفهوم خاص ومفهوم عام اما المفهوم الخاص للاجتهاد فهو المفهوم الذي يساوي الرأي أو القياس أو الاستحسان يقول الشافعي في القياس ؟

أهو الاجتهاد أم هما مفترقان قلت: هما اسمان بمعنى واحد([624]) وهذا الاجتهاد هو الذي كانت تأخذ به مدارس الرأي والتي تجعله مصدرا ودليلا للاحكام الشرعية كالكتاب والسنة، وهذا بعينه الاجتهاد المرفوض لدى مدرسة أهل البيت وعلمائها رفضا باتا سواء كان في قباله نص صريح ام لا ولعل بعض الابحاث التى دار الحديث عنها في داخل الكتاب يكون من مصاديقه.

أما الشيخ الطوسي فقد ذكر في أوائل التهذيب والإستبصار شيوخ إجازته لرواية الحديث في أول السند، كما فعل الشيخ الكليني، كذكره شيوخه في الإجازة في نقل أحاديث الكافي في أول سنده ([625]).

واهتم الناس بقضية الاجتهاد واولوها أهمية فائقة لما لها من اعتبار .

وجاء في كتاب عقائد الشيعة :

]ومن هذه الصور التي تستوقف القارئ مسألة القول " الاجتهاد " عند الإمامية . فإن الصورة المتوارثة عن جهابذة أهل السنة أن الاجتهاد قفل بابه بأئمة الفقه الأربعة : أبي حنيفة، ومالك والشافعي، وابن حنبل . هذا إذا عنينا الاجتهاد المطلق . أما ما حاوله الفقهاء بعد هؤلاء من اجتهاد لا يعدو أن يكون اجتهادا في المذهب أو اجتهادا جزئيا في الفروع .

وأن هذا ونحوه لا يكاد يتجاوز عند أهل السنة القرن الرابع بحال من الأحوال أما ما جاء عن الغزالي في القرن الخامس، وأبو طاهر السلفي في القرن السادس، وعز الدين بن عبد السلام وابن دقيق العيد في القرن السابع، وتقي الدين السبكي والمبتدع([626]) ابن تيمية في القرن الثامن، والعلامة جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي في القرن التاسع . . فإن هذا ونحوه لا يتجاوز - في نظر المنهج العلمي الحديث - باب الفتوى ولا يدخل في شيء من الاجتهاد.

أما علماء الشيعة الإمامية فإنهم يبيحون لأنفسهم الاجتهاد في جميع صوره ويصرون عليه كل الاصرار ولا يقفلون بابه دون علمائهم في أي قرن من القرون حتى يومنا هذا .

وأكثر من ذلك نراهم يفترضون بل يشترطون وجود  "المجتهد المعاصر" بين ظهرانيهم ويوجبون على الشيعة اتباعه رأسا دون من مات من المجتهدين، ما دام هذا المجتهد المعاصر استمد مقومات اجتهاده - أصولها وفروعها - ممن سلفه من المجتهدين وورثها عن الأئمة كابرا عن كابر .

وإنما الجميل والجديد في هذه المسألة أن الاجتهاد على هذا النحو الذي نقرأه عنهم يساير سننن الحياة وتطورها ويجعل النصوص الشرعية حية متحركة، نامية متطورة، تتمشى مع نواميس الزمان والمكان، فلا تجمد ذلك الجمود الممضد الذي يباعد بين الدين والدنيا أو بين العقيدة والتطور العلمي، وهو الأمر الذي نشاهده في أكثر المذاهب التي تخالفهم . ولعل ما نلاحظه من كثرة عارمة في مؤلفات الإمامية وتضخم مطرد في مكتبة التشيع إلى فتح باب الاجتهاد على مصراعيه .

أما الصورة الثانية التي تلفت أنظار المفكرين وتغريهم إلى تتبع فرائد هذا المذهب وتحملهم على التعمق في مسائله هي مناقشة علماء الشيعة الإمامية مسألة  "الحسن  "والقبح في الأشياء، وهل الشئ الحسن حسن بذاته وبحكم طبيعته، أم هو حسن لأن الله أمر به وأقره لعباده ! ! وكذلك يقولون في الشئ القبيح، أهو قبيح لذاته وطبيعته التي أودعت فيه، أم أن القبح جاء إليه من تحريم الله سبحانه وتعالى له!![([627]).

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

قبول الخلافة
تأملات وعبر من حياة يوسف (ع) - ج 2
أقوال علماء السنة في المذهب الشيعي
الثورة الحسينية اسبابها ومخططاتها القسم الاول
الكمالات المحمدية تصنيف مبتكر في الإعجاز الخلقي
صور التقية في كتب العامة
غزوة بدر تكسر شوكة الكفر والشرك
ما المقصود بليلة الهرير؟
يوم عاشوراء في اللغة والتاريخ والحديث
الشيعة في ألبانيا

 
user comment