أراكان ـ إکنا: السلطات الميانمارية التي ترأس حكومتها الحائزة على جائزة نوبل للسلام، أنكرت وجود اضطهاد ضد الأقلية المسلمة مبررة ما يحصل بأن ضرب الشرطة للمواطنين هو ظاهرة عادية في الكثير من البلدان!
جائزة نوبل للسلام لإبادة مسلمي ميانمار
وأفادت وكالة الأنباء القرآنية الدولية(إکنا) أن نشرت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة قبل أيّام تقريراً يقدّم تفاصيل تقشعرّ لها الأبدان عن الأهوال التي تتعرّض لها أقليّة الروهنغيا المسلمة في ميانمار (أو بورما) بما في ذلك ذبح رضّع وأطفال بالسكاكين في منازلهم خلال الحملات التي تقوم بها قوات الشرطة والجيش هناك والتي تسمى «مناطق عمليات الإخلاء» والتي أدّت إلى مقتل المئات منذ 9 تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي.
إحدى الحوادث التي يذكرها التقرير عن فتاة في الخامسة من العمر حاولت حماية أمها من الاغتصاب حين قام المهاجم «برفع سكين طويلة وجزّ رقبة الطفلة»، فيما تذكر حادثة أخرى أن طفلاً عمره ثمانية أشهر قُتل فيما كانت أمّه تتعرض لاغتصاب جماعي من قبل ضباط الأمن.
السلطات الميانمارية التي ترأس حكومتها إحدى أشهر الناشطات الحقوقيات في العالم، والحائزة على جائزة نوبل للسلام، أنكرت وجود اضطهاد ضد الأقلية المسلمة معتبرة الأدلة نوعاً من أنواع «البروباغاندا» ومبررة ما يحصل بأن ضرب الشرطة للمواطنين هو ظاهرة عادية في الكثير من البلدان.
هذا العار الإنسانيّ الهائل غير مسبوق، فهو لا يضع الشرائع والأفكار التي اعتمدتها الحضارة البشرية في صيغة قوانين حقوق الإنسان المعروفة على المحكّ فحسب، بل إنه يختبر كل معاييرنا الأخلاقية والسياسية ويسخر من المقدّسات البشرية، الدينية منها والوضعيّة بطريقة فظيعة.
لقد رحّبت المنظومة العالمية، وكذلك وسائل الإعلام (بما فيها صحيفتنا) باستلام حزب أونغ سان سو كاي، المحامية المتخرجة في الغرب والتي كانت موضوعة تحت الإقامة الجبرية لسنوات طويلة، للسلطة وتم اعتبار ذلك صفحة جديدة في حياة بورما وشعبها وباباً جديداً ينهي المظلوميّة التي يعاني منها الميانماريون عموماً، والأقلية المسلمة خصوصاً.
الذي حصل بعد ذلك يتحدّى العقل والمنطق، فالناشطة الحقوقية والحائزة على نوبل للسلام عام 1991 رفضت الرد على اتهامات لسلطات بلادها بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وهو ما استدعى ثلاثة وعشرين من النشطاء ومجموعة من الحائزين على جائزة نوبل للسلام لتوجيه رسالة إلى مجلس الأمن الدولي تتضمن نقداً شديداً لها في تشرين الأول/أكتوبر الماضي متهمين إياها بأنها لم تفعل شيئاً لإيقاف التطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية الممارسة ضد الروهنغيا.
ما يحصل في ميانمار (بورما) يقدّم منظورين متكاملين للتفسير، الأول هو أن الطغمة العسكرية الحاكمة في ميانمار، وبعد عقود من تعرّضها لعقوبات دوليّة وإدانات لا حصر لها على ممارساتها الدكتاتورية ضد شعبها وجدت أن عليها أن تغيّر شكلها الظاهري وأن تمارس السلطة بقفّازات حريرية ومن وراء قناع الديمقراطية فتكسب بذلك رضا العالم «المتحضّر» وتتخلّص من الضغوط والعقوبات، والثاني هو أن أونغ سان سو كاي، المناضلة الديمقراطية الشرسة، لا تختلف البتة في قناعاتها السياسية عن خصومها الافتراضيين من الجنرالات وضباط الأمن، وأن كل القصة كانت صراعا على طريقة إخراج الجرائم وليس على منعها.
غير أن هذين التفسيرين يتركان لغزاً صعباً على الاستيعاب وهو: لماذا زادت الانتهاكات وتحوّلت إلى سياسة دولة ممنهجة بعد استلام سو كاي للسلطة، وكيف تستطيع الناشطة الحقوقية المخضرمة تبرير اشتغال الجيش وقوات حرس الحدود والشرطة والقوى الأمنية المحلّية، ومجموعات القتلة المتطوعين البوذيين (الطبعة الميانمارية من «الشبيحة» و«البلطجية» العرب؟) في الحرق والقتل والتعذيب وبقر بطون الحوامل وذبح الأطفال والأجنّة، بل وتحويل ذلك إلى سياسة دولة ممنهجة لإبادة الروهنغيا وتصفيتهم طائفياً وعرقيّاً؟
هل المطلوب أن يكفر المسلمون بالديمقراطية وشرائع الأمم المتحدة والمنظومة الدولية كافّة؟
سؤال فضوليّ آخر: هل تقرّ إدارة جائزة نوبل للسلام ما يحصل من إبادة للروهنغيا أم تنأى بنفسها عن هذا العار بحجب جائزتها عن الناشطة التي تحوّلت إلى مسؤولة قانونياً عن جرائم ضد الإنسانية؟
المصدر: وكالة أنباء أراكان
source : ایکنا