يرى العلماء أن التربية عامل قوي جداً حيث تقدر أحياناً على أن توقف عمل الخواص الوراثية السيئة وتعود بالأفراد إلى طريق السعادة والكمال وقد لاتعطي التربية نتيجة حتمية كاملة... وهذا يتبع الخصوصيات الفطرية للأفراد حيث أنها متفاوتة.
ولكن الثابت أننا يجب أن ننظر إلى جميع الأفراد بعين القابلية ونحتمل أن تؤثر فيهم الأساليب التربوية الصالحة، فإن كانت هناك استعدادت كامنة للخير والكمال فانها تظهر بفضل التربية الصالحة وتخرج من مرحلة القوة إلى مرحلة الفعل كما يقول المنطقيون.
"ولما كنا لا نعلم طبيعة هذا الاستعداد بالدقة، فيجب علينا أن نفترض أنه مناسب وأن نتصرف تبعاً لذلك. فمن المحتم أن يتلقى كل فرد تعليماً يؤدي إلى نمو صفاته المحتملة إلى أن يتبين بصفة قاطعة أن هذه الصفات غير موجودة"1.
التربية للجميع
إن الاسلام الذي لم تفته صغيرة ولا كبيرة من الوسائل المؤدية بالبشر إلى السعادة والكمال، لم تفته هذه الناحية فركز تعاليمه الرصينة على أسس التربية الصالحة. إن الاسلام يدعو جميع الناس من أي طبقة كانوا إلى الإيمان والطهارة، ولذلك فهو يرى كل فرد مهما كانت خصائصه العائلية الوراثية واستعداداته الفطرية قابلاً لتلقي الايمان والخلق الفاضل... وهو لا يخيب أمل أي فرد، بل يحاول البحث في أعماق فطرته للوصول إلى القيم الحية التي يمكن أن تنمى وتستخرج من بين زوايا النفس وتجلى فتبعث على الحياة من جديد.
ومن النماذج الحية لاعتناء الاسلام بتربية الأفراد الذين يرثون الصفات الرذيلة عن أبويهم سلوكه المفضل مع الأطفال اللاشرعيين. إن مما لا شك فيه أن ولد الزنا يحمل في فطرته صفات شريرة كما سنثبت ذلك إن شاء الله ولكن الاسلام يعتبره قابلاً للتربية بدليل أنه يدعوه لتلقي التعاليم الايمانية والخلقية والسلوك الخير المؤدي إلى السعادة.
ومن الواضح أنه لو كان منقذ البشرية ورسول الاسلام العظيم يرى في الانحراف والشقاء مصيراً حتمياً لأولاد الزنا ويعاملهم معاملة المجانين الفطريين الذين لا يقبلون العلاج... لما كان يدعوهم إلى دين الله*.
لقد وضع الاسلام وجميع الأديان السماوية قواعد وقوانين خاصة للزواج. ولذلك فقد اعتبرت الشرايع السماوية الخروج عن تلك القوانين أمراً غير مشروع، فالزنا يعتبر جريمة شنيعة. وكثير من الملل التي لا تملك شريعة سماوية قد وضعت قوانين خاصة لمنع الاختلاط غير المشروع، وبصورة موجزة فان العلقة الزوجية الصحيحة في نظر العالم مقيدة بشروط وحدود خاصة.
والطفل الذي يولد من طريق مشروع يكون ولداً قانونياً أما أولاد الزنا فهم يعرفون بالأطفال اللاشرعيين. وفي الاحصاءات الدولية للسكان يصرح بعدد الأطفال اللاشرعيين بعد انتهاء تعداد السكان، وفي هذا دلالة على اختلاف أولاد الزنا والأولاد القانونيين في نظر العالم.
"في قرار صدر أخيراً عن دائرة التحقيقات الاجتماعية في الولايات المتحدة الامريكية يحكي أن عدد الاطفال اللاشرعيين في العالم الماضي كان 208700 شخصاً. وهذا الرقم يرينا نسبة عالية في الارتفاع عن السنوات العشر الماضية إذ يبلغ 47% من الزيادة. إن القرار الآنف الذكر يضيف بأن قسماً كبيراً من هؤلاء الأطفال اللاشرعيين نشأوا من الشبان الذين لم يتقدموا في السن كما أن 40% من هؤلاء قد أولدتهم فتيات لا تزيد أعمارهن على العشرين سنة"2.
"لندن رويتر وكالة الأنباء الفرنسية... ذكر الدكتور: ج.. أسكوت مدير صحة لندن في تقرير رفعه أنه كان من بين كل عشرة أطفال طفل واحد ناشئ من العلاقات اللامشروعة في لندن في العام الماضي".
"لقد أكد الدكتور أسكوت أن نسبة الأطفال اللاشرعيين آخذة في الأزدياد. حيث كان عددهم في عام 1957 لا يتجاوز 33838 بينما ارتفع إلى 53433 في السنة التالية"3.
* لقد رفع الإسلام التكليف عن قسم من الناس. منهم المجانين. وهذا دليل على أنه لا يراهم قابلين لتقبل الدعوة الى الله حال كونهم مجانين. ولكنه لم يرفع التكليف عن ولد الزناحين يبلغ. ولو كان الشقاء الحاصل في نفوس أولاد الزنا متأصلا كالجنون لم يكن معنى لتكليفهم بالتكاليف الشرعية، فتكليفهم يدل على إمكان اصلاحهم وتغيير سلوكهم.
المصادر:
1- الانسان ذلك المجهول ص:198.
2- يونايتدبرس: جريدة إطلاعات الايرانية العدد: 10523.
3- جريدة إطلاعات الإيرانية العدد:10523.