عربي
Tuesday 26th of November 2024
0
نفر 0

الامامة المنتظرة

الامامة المنتظرة


ليس بحث المهدي وخروجه ممّا يلحق بباب الامامة ، بل إنه من صلب باب الامامة ، فإنّه الإمام الثاني عشر المنصوص عليه من النبي الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم ، والأحاديث به متواترة والاعتقاد به من ضرورّيات الدين ، فمن أنكره عدّ من المرتدّين .
قيل ( وزعمت الامامية من الشيعة أن محمّد بن الحسن العسكري اختفى عن الناس خوفاً من الأعداء ، ولا استحاله في طول عمره كنوح ولقمان والخضر عليهم السلام . وأنكر ذلك سائر الفرق ، لأنه ادعاء أمر يستبعد جداً ... ) .
المهدي من هذه الأمّة ، ومن قريش ، ومن العترة النبوية ، ومن ولد فاطمة عليها السلام كما في الأحاديث الكثيرة التي أورد بعضها في الكتاب ...
ثم إنّه من ولد الحسين بن علي عليهما السلام كما في الأحاديث الكثيرة أيضاً المتفق عليها بين الفريقين ... منها أنّه لمّا أخبر به سأله سلمان : « من أيّ ولدك يا رسول الله ؟ قال : من ولدي هذا . وضرب بيده على الحسين » (1) .
ثم إنّ مقتضى الأحاديث الصّحيحة المتفق عليها وجود المهدي عليه السلام ، وهي طوائف :
1 ـ ما جاء في أنّ من مات بغير إمام ما ميتة جاهليّة . وقد تقدّم ذكره في الكتاب ببعض ألفاظه ، وقد أرسله السّعد إرسال المسّلمات .
2 ـ ما جاء في أنّ الأئمة بعد النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أثنا عشر .
3 ـ ما جاء في أنّ الحسين عليه السلام إمام أخو إمام أبو أئمّة تسعة . وقد تقدّم في الكتاب إشارة إليه كذلك .
وهذا هو الحق الثابت عند أهله ، وأخبارهم وآثارهم به متواترة قطعية .
ثمّ إنّ السعد لا ينكر ولادة الامام المهدي ابن الحسن العسكري عليه السلام ، وبولادته صرّح كثير من علماء أهل السنة من محدثين ومؤرخين وفقهاء وعرفاء ، كالحافظ أحمد بن محمّد البلاذري ، وابن الازرق المؤرخ ، والحافظ أبي بكر البيهقي ، وابن الوردي ، وصلاح الدين الصّفدي ، وكمال الدين ابن طلحة الشافعي ، وسبط ابن الجوزي الحنفي ، ونور الدين ابن الصبّاغ المالكي ، وصدر الدّين الحمويني ، وابن حجر المكي ، وابن عربي ، وعبدالوهّاب الشّعراني ... وغيرهم ... وكلمات الجميع مدوّنة في الكتب المؤلّفة في أخبار المهدي التي تعدّ بالمئات ...
وقد صرّح غير واحد منهم باختفائه عن الناس ، كابن حجر المكي الشافعي والقندوزي الحنفي كما في ( ينابيع المودّة ) وابن الصبّاغ المالكي في ( الفصول المهمّة ) ...
فالمهدي ـ وهو ابن الحسن العسكري ـ مولود موجود ، والسّعد ليس من المنكرين ، وإنّما قال :
 ( لأنّه ادعاء أمر يستبعد جداً ... ) .
 ( ولأن اختفاء إمام هذا القدر من الأنام بحيث لا يذكر منه إلاّ الاسم بعيد جداً ) .
وفيه : أولاً : إنّه ليس بحيث لا يذكر منه إلاّ الاسم ، فإنّ أوليائه بوجوده ينتفعون وبنور هدايته يستضيئون ، وما يدري السّعد ! وثانياً : إنّ المراد من الاختفاء هو عدم العلم بشخصه ومكانه ، وإلاّ فإنّه يتجوّل في البلاد ويحضر الموسم ، بخدمه وحشمه ... وثالثاً : إنّ الاستبعاد المجرّد لأمر يرتفع بمجرّد وقوع نظير له في الوجود ، فكيف ، والنظائر كثيرة لا تحصر؟
( ولأنّ بعثه مع هذا الاختفاء عبث ... ) .
هذا اعتراض على الله سبحانه ـ وإلاّ فإنّ نظائره بين الأنبياء كثيرون ...
صحيح أنّ الانتفاع الكامل به يكون إذا كان ظاهراً ، ولكن الانتفاع به حال كونه مختفياً يعلمه أهله ولكن غيرهم لا يشعرون ...
 ( فما يقال : إن عيسى يقتدي بالمهدي أو بالعكس شيء لا مستند له ، فلا ينبغي أن يعوّل عليه ) .
هذا إنكار للحديث المتفق عليه الصريح في أنّ عيسى عليه السلام يصلّي خلفه ، ولعلّ الوجه لعدم التعويل عليه كلامه بعد ذلك :
یقال( نعم هو وإن كان حينئذٍ من أتباع ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ فليس منعزلاً عن النبوة ، فلا محالة يكون أفضل من الامام ، إذ غاية علماء الأمّة الشبه بأنبياء بني إسرائيل ) .
إنّ البحث عن المهدي عليه السلام وأخباره يستوعب كتباً عديدة ، ونحن نتعرّض باختصار لبعض ما ورد في خصوص أن عيسى عليه السلام يقتدي به في الصلاة . ليتبينّ أن ما ذكره السعد هنا جهل أو تعصّب فنقول :
أخرج البخاري ومسلم ، كلاهما في باب نزول عيسى ، عن أبي هريرة قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم » .
وأخرجه ابن ماجة عن أبي أمامة الباهلي .
والحاكم عن أبي نضرة وصححه على شرط مسلم .
وأبو نعيم عن أبي سعيد الخدري وجابر بن عبدالله .
وهو عند غيرهم عن غير واحدٍ من الصحابة .
والحديث بذلك متواتر كما نصّ عليه بعض الأعلام ، فلاحظ : الصواعق المحرقة 99 حيث ذكر ذلك وأضاف : « إن المهدي يصلي بعيسى هو الذي دلّت عليه الأحاديث » .
وقال الحافظ السيوطي رداً على من أنكر ذلك :
« هذا من أعجب العجب ، فإنّ صلاة عيسى خلف المهدي ثابتة في عدّة أحاديث صحيحة ، بإخبار رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو الصادق المصدّق الذي لا يخلف خبره ... » (2)
أللهمّ ثبّتنا على القول بإمامته وإمامته وإمامة آبائه الطاهرين وشريعة سيد المرسلين ، ووفّقنا لما تحبّه وترضاه يوم الدين ، واجعل أعمالنا خالصة لوجهك الكريم يا أرحم الرّاحمين ، وصلّى الله على محمّد وآله المعصومين والحمد لله ربّ العالمين .
المصادر :
1- دخائر العقبى في مناقب ذوي القربى : 136 .
 2- راجع : الحاوي للفتاوي 2 / 167 .
 


source : راسخون
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

المصالح ومقتضيات الحكم
الاستيلاء على منصب الخلافة بالقوة هو الذي أوجد ...
الحصار في شعب أبي طالب(عليه السلام)(1)
أيديولوجيا النظريات الغربية السياسية والعقيدة ...
كيف نتحدّث إلى زينب عليها السّلام في زيارتها
الاتجاه التجزيئي والاتجاه الموضوعي في ...
حمزة بن الإمام الكاظم عليه السّلام
وهذه لمحات عن الحياة في عصر المهدي عليه السلام
هل السيدة الزهراء (س) ترجع الى الارض بعد ظهور ...
الإمام الرضا عليه السلام عند أهل السُّنّة

 
user comment