عربي
Sunday 28th of April 2024
0
نفر 0

العلاج بالرحمة

العلاج بالرحمة

العلاج بالرحمة هو آخر ما وصل إلیه الغرب بعدما ابتعد عن الفطرة الإلهیة نتیجة إلحاده وکفره، أیقن أنه لا سبیل لحل المشکلات الاجتماعیة إلا بتعلم الرحمة، لنقرأ ونحمد الله على أنه جعلنا مسلمین.
من وقت لآخر یخرج الغرب بنتائج جدیدة بعد قیامه بتجارب مضنیة، ونجد علماء الغرب یؤکدون على ضرورة تطبیق هذه الاکتشافات من أجل سعادة البشر. والعجیب أننا کلما تأملنا اکتشافاً علمیاً فیه النفع والفائدة وجدت الإسلام قد سبقهم إلیه بأربعة عشر قرناً!
ومن آخر ما وصلت إلیه أبحاثهم وبعد ما فقدوا الحب والرحمة والعاطفة بسبب المادیة المفرطة التی وصلوا إلیها أنهم اکتشفوا أهمیة "الرحمة" فی سعادة الإنسان، وإمکانیة تعلم الرحمة منذ الطفولة، وأنه ینبغی على الناس أن یعلموا أولادهم "الرحمة"، فکیف بدأت القصة؟
فی بدایة عام 2008 استخدم الباحثون تقنیة المسح بالرنین المغنطیسی الوظیفی fMRI من أجل دراسة تأثیر الرحمة لدى الإنسان على نظام المناعة لدیه وعلى نظام عمل الدماغ. وقد کشف هذا الجهاز عن نشاط کبیر یحدث فی الجزء الأمامی من الدماغ الذی یلعب دوراً أساسیاً فی عاطفة الإنسان. وخرجوا بعدة نتائج سوف نلخصها لندرک یقیناً أن دیننا الحنیف قد أمرنا بهذه النتائج مسبقاً، بل هی جزء من عقیدتنا وإیماننا.
 
1- إذا أردت أن تکون سعیداً فما علیک إلا أن تتمنى السعادة للآخرین:
هذه القاعدة یؤکدها العلماء الیوم، فقد وجدوا بنتیجة أبحاثهم أن السعادة لا تتحقق بمجرد تحقیق رغبات الإنسان لنفسه، بل لابد أن یسعى فی تحقیق رغبات غیره بما یحبه الآخرون، وأن الذی یسعد الآخرین یکون أکثر سعادة من الذی یهتم بنفسه فقط.
ویؤکد الباحثون على قاعدة ذهبیة من أجل سعادة أکبر وعمر مدید، وهی أن تحب الخیر للآخرین! فقد وجدوا بعد سؤال العدید من الناس أن الإنسان الذی یتمنى الخیر لغیره هو أکثر سعادة من أولئک الذین تمنوا زوال النعمة عن غیرهم.
وقد لا نعجب عندما نعلم أن النبی الأعظم صلى الله علیه وسلم قد دعا إلى ذلک قبل قرون طویلة بل اعتبر إیمان المؤمن لا یکتمل إلا بتحقیق هذه القاعدة، عندما قال: (لا یؤمن أحدکم حتى یحب لأخیه ما یحب لنفسه)، سبحان الله! القاعدة التی وصلوا إلیها ولم یستطیعوا تطبیقها هی جزء من إیماننا، ألسنا أولى منهم بتطبیق هذه القاعدة النبویة الشریفة؟
2- الرحمة تنشط نظام عمل الدماغ:
یؤکد العلماء الذین اهتموا بهذا البحث أن ممارسة ریاضة "الرحمة" تفید الدماغ وتنشط خلایاه بل وتحدث تغییراً فی عدد الخلایا وشکل الدماغ والعملیات التی تتم فیه. وهذا یساعد على الشفاء من العدید من الأمراض، بمجرد أن تتعلم کیف ترحم الآخرین!
وأقول من جدید سبحان الله ألیس هذا بالضبط هو ما أمرنا به النبی الأعظم صلى الله علیه وسلم عندما قال: (من لا یرحم لا یُرحم)؟! فبقدر ما ترحم الآخرین وتعطف علیهم وتعفو عنهم بقدر ما یرحمک الله ویذهب عنک من الأمراض والشر ما لا یعلمه أحد إلا الله.
3- تعلم "الرحمة" یفید فی تقویة العلاقات الاجتماعیة ویجعلک أکثر انسجاماً مع الآخرین:
أکدت الدراسة الجدیدة التی أجریت مؤخراً أن ممارسة "الرحمة" تقوی النظام المناعی لدى الإنسان. فقد وجدوا أن الإنسان الرحیم یتمتع بنظام مناعی قوی ومقاومة أعلى للأمراض. فمن خلال إجراء التجربة على عدد کبیر من المتبرعین تبین أن الإنسان الرحیم والذی یحب الخیر لغیره ویعطف علیهم، فإن نسبة إصابته بالأمراض أقل من غیره.
وقد ربط العلماء هذه النتیجة بأبحاث أخرى تؤکد على ترابط السعادة مع طول العمر مع الرحمة، فکان الإنسان الأکثر سعادة هو الأکثر رحمة للآخرین، وهو الأکثر بعداً عن الأمراض وبخاصة أمراض القلب. وذلک لأن هذه الرحمة تجعلک أقرب من مجتمعک وأکثر ترابطاً وانسجاماً معه، وبالتالی فإن هذا ینعکس على استقرار عمل القلب.
وهنا نقول من جدید: ألیس هذا ما نادى به نبی الرحمة عندما قال: (ارحموا من فی الأرض یرحمکم من فی السماء)، والله لو رأى الغرب هذه التعالیم وعاشوا معها لکانوا أول من یعتنق الإسلام، ولکن قصرنا کثیراً فی إیصال صوت الحق لهم، نسأل الله أن یهیء لهذه التعالیم من ینشرها ویبلغها لأناس هم بأشد الحاجة إلیها.
4- ممارسة "الرحمة" یعالج الکآبة:
فی هذه الدراسة وجد الباحثون أن الناس الرحماء هم أکثر الناس بعداً عن الاکتئاب والإحباط والیأس. ومن هنا ندرک أهمیة قوله تعالى عن القرآن: (یَا أَیُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْکُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّکُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِی الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِینَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِکَ فَلْیَفْرَحُوا هُوَ خَیْرٌ مِمَّا یَجْمَعُونَ) (1). وانظروا کیف تکررت الرحمة مرتین، لتؤکد لنا أن الذی یرضى بالقرآن شفاء فإن رحمة الله ستکون وسیلة لسعادته وفرحه، فلا یحزن بعدها أبداً.
5- علماء الغرب: ینبغی علینا أن نعلم أطفالنا الرحمة:
بعد هذه التجارب دعا الباحثون إلى ضرورة أن نعلم الطفل الشفقة والرحمة والعطف، وقالوا بأن هذه الأشیاء من السهل تعلمها وسوف تعطی فوائد کبیرة للمجتمع. ویقول الباحثون: إن تعلیم الطفل الرحمة سیساهم بشکل کبیر فی تخفیف الجریمة والعدوانیة التی أصبحت مرضاً لا سبیل لعلاجه. وملخص هذا البحث کما یقول الباحث دیفیدسون من جامعة Wisconsin-Madison إن هذه الوسیلة أی تعلم الرحمة، مهمة جداً لعلاج الأطفال وبخاصة أولئک الذین هم على أبواب الانحراف.
ونکرر من جدید ألم یطبق نبینا صلى الله علیه وسلم هذه الرحمة على أتم وجه؟ لقد ضرب لنا المصطفى صلى الله علیه وسلم أروع الأمثلة فی الرحمة عندما عفا عن کفار قریش الذین أساؤوا إلیه أشد الإساءة وذلک عندما عفا عنهم أثناء فتح مکة، کذلک ضرب النبی لنا أمثلة رائعة فی رحمة الأطفال وحسن تربیتهم.
یؤکد العلماء أن الرحمة ینبغی أن یتعلمها الإنسان منذ أن یکون طفلاً لتقیه شر الانحرافات وسوف تساهم فی بناء شخصیة أکثر اعتدالاً، هذا ما وصلوا إلیه بعد معاناة ومرارة وتجارب طویلة، ولکن الإسلام وفر علینا عناء البحث وأعطانا المعلومة جاهزة، ولکن للأسف نجد من یجحد ویستکبر ویعرض .
الرحمة هی أول صفة لله فی کتابه :
وربما ندرک بعد هذه الحقائق لماذا بدأ الله أول صفة له فی کتابه باسمین هما (الرحمن الرحیم)، حتى إننا لا نقرأ القرآن إلا ونبدأ بهذه الآیة العظیمة ولا نصلی رکعة إلا ونبدأ بها، ولا نأکل أو نشرب أو نفعل أی عمل إلا ونبدأ بـ (بسم الله الرحمن الرحیم). لتبقى الرحمة فی أذهاننا لیل نهار، فتصبح جزءاً من حیاتنا، وهذا ما یفتقر إلیه الغرب الیوم، حتى وجدوا أنه لابد من تعلم الرحمة من أجل حل مشکلاتهم.
یکفی أن نعلم أن اسم (الرحمن) قد تکرر فی القرآن 57 مرة، واسم (الرحیم) قد تکرر 114 مرة أی الضعف، وصفة (رحیم) قد وردت مرة واحدة کصفة لخیر الخلق رسول الله فی قوله تعالى: (لَقَدْ جَاءَکُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِکُمْ عَزِیزٌ عَلَیْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِیصٌ عَلَیْکُمْ بِالْمُؤْمِنِینَ رَءُوفٌ رَحِیمٌ) (2). ووردت صفة الرحمة فی القرآن فی أکثر من مئة آیة، وکل هذا لیعلمنا الله تعالى "الرحمة" ولیؤثر على نفوسنا بهذه التعالیم الرائعة.
ولذلک قال المؤرخون: لم یعرف التاریخ فاتحاً أرحم من المسلمین فکانت الرحمة تتجلى فی معاملاتهم وفی أخلاقهم وفی فتوحاتهم وفی رفقهم بالحیوان وفی کل حرکة وفعل، والسبب یعود لتعالیم القرآن القویة. هذه التعالیم هی ما ینادی به الغرب الیوم .
ونقول للملحدین:
أنتم تعترفون بأنکم تترکون أمور الأخلاق والتشریعات والقوانین لأصحاب الاختصاص، وهاهم أصحاب الاختصاص یعودون لمبادئ القرآن، فلماذا تحاربون هذه المبادئ؟؟ انظروا معی إلى هذا النداء الإلهی الملیء بالرحمة واختاروا أین تضعون أنفسکم: (قُلْ یَا عِبَادِیَ الَّذِینَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ یَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِیعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِیمُ) (3) .
المصادر :
1- یونس: 57-58
2- التوبة: 128
3- الزمر: 53

source : راسخون
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

المنهج التثقيفي عند الإمام محمد الباقر عليه ...
نقش خاتم الامام الرضا عليه السلام
ما هي ليلة الجهني، و لماذا سُمِّيت بالجهني؟
النبي (صلى الله عليه وآله ) سيد الأحياء عند ربه ...
الثقافات المعاصرة وثقافة القرآن الكريم
استحالة الدور والتسلسل في العلل
الإمامة من خلال حديث الإمام الصادق(عليه السلام)
الماسونية في سوريا
ذکری استشهاد الشهيد المطهري
فيما يعمل ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس

 
user comment