عربي
Wednesday 13th of November 2024
0
نفر 0

الشهادة الثالثة وجوب ام استحباب

الشهادة الثالثة وجوب ام استحباب

قال السيّد الميرزا محمود بن الآقا الميرزا علي نقي بن السيّد جواد ـ أخي السيّد مهدي بحر العلوم ـ الطباطبائي البروجردي في كتابه ( المواهب السنية في شرح الدرة الغرويه ) من نظم عمّ والده السيّد مهدي بحر العلوم :
« وأكمل الشهادتين » شهادتي التوحيد والرسالة « بالتي » بالشهادة التي « قد أكمل الدين بها في الملة » وتمّت على أهله النعمة كالشهادة بالولاية لعليّ أمير المؤمنين عليه السلام ، وكذا آل محمد صلی الله عليه وآله وسلم خير البرية ، لا لأنّ ذلك من أجزاء الأذان وداخل في ماهيته ؛ للإجماع الظاهر من كلمات الأصحاب المحكيّ عن صريح جماعة حيث حصروا فصول الأذان في غيره ، وللأخبار الماضية الواردة في بيانها ، مع أنّ تشريع الأذان كان قبل ظهور ولايته عليه السلام وهذا ممّا لا إشكال فيه ...
وكيف كان فلا إشكال في عدم دخول ذلك في ماهية الأذان ، والأقوى أنّه ليس جزءً مستحبّا له أيضا ؛ لعدم الدليل على الجزئية مطلقا ، فالإتيان به بقصدها بدعة وتشريع ؛ خلافا لما عن البحار واستجوده في الحدائق.
قلت ، والخبر ( أي خبر الاحتجاج ) لا تأييد فيه لجزئية هذه الشهادة كما لا دلالة فيه ، والتحقيق أن يقال : «أ نّها مثل الصلاة » على النبيّ صلی الله عليه وآله وسلم في بين الأذان والإقامة « خارجة » « عن الخصوص » ولا تدخل في ماهيتهما على وجه الجزئية اصلا لا وجوبا ولا ندبا ، ولكن « بالعموم » المستفاد من خبر الاحتجاج وغيره ممّا لا يحصى ممّا دلّ على فضل ذكره عليه السلام وإظهار ولايته وإمارته وساير مناقبه صلوات اللّه‌ عليه « والجه »وداخلة ، منها النبوي صلی الله عليه وآله وسلم : «إنّ اللّه‌ تبارك وتعالى جعل لأخي فضائل لا يحصي عددَها غيرُهُ ، فمن ذكر فضيلة من فضائله مقرّا بها غفر اللّه‌ له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر ولو أتى في القيامة بذنوب الثقلين ، وفي آخر زينوا مجالسكم بذكر علي بن أبي طالب » (1).
وخبر الاحتجاج لا يفيد أزيد من الرجحان العامّ كما في غيره من غير خصوصيّةٍ للأذان والإقامة أصلا.
وأمّا شهادة الأجلاّء بورود الأخبار فلا تجدي مع رميهم لها بالشذوذ أو الوضع وفي الشوارع : إنّ الاصحاب بين محرِّمٍ وغير محرِّمٍ ، مع ردّ كلّهم الاخبار الدالّة عليه بالشذوذ والوضع ، وعدم حمل أحد منهم إيّاها على الاستحباب ، مع أنّ عادتهم ذلك ، وذكرهم مستحبات كثيرة له ولو بأخبار ضعاف وهجرهم ذلك رأسا بحيث يظهر إجماعهم على خلافه.
فما في كلام بعض محدّثي الأواخر من أنّه لا يبعد أن يكون من الأجزاء المسـتحبّة له ، فيه ما فيه ، ثمّ نفى البعد عن اختيار ما اخترناه لخبر الاحتجاج وغيره وربّما يلوح من آخر كلام البحار ما رجّحناه ، ويمكن التأويل على بُعْدٍ في صدر كلامه ، وهذا مستثنى من كراهة الكلام في الأثناء ، وفي «الشوارع» ما سبق من الحكم بكراهة الكلام في خلال الأذان ، فقد عرفت عدم الدليل عليه إلاّ التسامح مع عدم شموله لمثله ، انتهى. واعلم : أنّه ينبغي للآتي بهذه الشهادة أن يأتي بها بحيث لا يوهم الجزئية ولا يوقع الناس في وهمها ، فيأتي بها تارة ويتركها أُخرى ، ولا يكررها كالأُخريين مرتين ، ويسقط لفظة «أشهد» ، وفي جعلها في خلال الصلاة على النبيّ صلی الله عليه وآله وسلم وإدراجها فيها كما نبّه عليه في كشف الغطاء جمعٌ بين الحقّين والوظيفتين (2).
الشيخ جعفر التُّستري ( ت 1303 ه‍ )
قال الشيخ جعفر التُّستري في رسالته باللغة الفارسية «منهج الرشاد» ما تعريبه : إنّ الشهادة بالولاية ليست جزءً من الأذان ، ولكن يستحبّ الإتيان بها تيمّنا وتبرّكا للرجحان المطلق (3).
الميرزا محمد حسن القمي ( ت 1304 ه‍ )
قال الميرزا محمد حسن القمي ـ وهو من تلامذة الشيخ الانصاري ـ في كتابه « مصباح الفقاهة » بعد أن نقل كلام الشيخ الصدوق ;.
وعن المجلسي قدس‌سره : أنّه لا يبعد كون الشهادة بالولاية من الأجزاء المستحبّة استنادا إلى ما عرفت ، وإلى خبر القاسم بن معاوية المرويّ عن احتجاج الطبرسي عن الصادق ... وفيه ما لا يخفى ، إلاّ أنّه لا باس بذكر اسمه الشريف لا على سبيل الجزئية (4).
43 ـ الشيخ محمد الايرواني ( ت 1306 ه‍ )
قال الشيخ الايرواني في رسالته باللغة الفارسية « نجاة المقلّدين » ما تعريبه :
من الجائز القول بـ « أشهد ان عليّا ولي اللّه‌ » و « ان آل محمد خير البرية » في الأذان والإقامة ، لكن بدون قصد الجزئية ، والأحوط الاكتفاء بمرّة واحدة في هذه الشهادة (5).
الشيخ زين العابدين الحائري المازندراني ( ت 1309 ه‍ )
أجاب الشيخ في رسالته باللغة الفارسية « ذخيرة المعاد » بعد أن سئل هل الشهادة بالولاية في الأذان والإقامة جائز الإتيان بها أم يجب تركها؟ قال ; لا بأس بالشهادة بالولاية بقصد الاستحباب لا بقصد الجزئية (6).
الميرزا محمد حسن الشيرازي ( ت 1312 ه‍ )
قال الميرزا الشيرازي في رسالته « مجمع الرسائل » باللغة الفارسية والتي عليها حاشية للسيّد إسماعيل الصدر العاملي ، ما تعريبه :
الشهادة بالولاية لعليّ ليست جزءا من الأذان ، ولكن يؤتى بها إمّا بقصد الرجحان في نفسه ، وإمّا بعد ذكر الرسالة ، فإنه حَسَنٌ ولا بأس به (7).
ملا محمد بن محمد مهدي الأشرفي البارفروشي ( ت 1315 ه‍ )
قال الشـيخ البارفروشـي في « شـعائر الإسـلام » ما تعريبه :
الشهادة بالولاية كأن يقول بعد «أشهد أن محمدا رسول اللّه‌» : «أشهد أن عليّا ولي اللّه‌» ، والشهادة بالإِمْرَةِ كأن يقول : «أشهد أن عليّا أمير المؤمنين» ، وكلاهما ليسا بجزء واجب ولا مندوب ، لكن إذا قالهما أحد مجتمعا « أشهد أن عليّا أمير المؤمنين ولي اللّه‌ » بدون واو العطف وبقصد القربة المطلقة والرجحان النفسي للأمر كان مثابا ومأجورا وقد أُعطى ثواب الشهادة بالإِمرة والولاية (8).
السيّد محمد حسين الشهرستاني ( ت 1315 ه‍ )
إنّ لجدي السيّد محمد حسين المرعشي الشهرستاني كتاب «شوارع الأعلام في شرح شرائع الإسلام» لا أدري هل أنّه تعرّض للشهادة بالولاية فيه أم تركها تبعا للمحقّق ، لكنّ السيّد عبدالرزاق المقرّم نقل عن حاشيةٍ له ; على «نجاة العباد» لصاحب الجواهر امضياءه فتوى صاحب الجواهر بالاستحباب.
الشيخ محمد علي بن محمد باقر « صاحب الحاشية على المعالم » ( ت 1318 ه‍ )
أمضى الشيخ في حاشيته على « مجمع الرسائل » للسيّد الميرزا حسن الشيرازي الكبير ما قاله المجدّد الشيرازي في رجحان الشهادة بإمرة المؤمنين لعلي.
السيّد إسماعيل الطبرسي النوري ( ت 1321 ه‍ )
قال السيّد في « شرح نجاة العباد » :
أقول : من تصفّح وتتبّع ما ورد في الروايات في فضائله ومناقبه عليه السلام يحصل له القطع بمحبوبية اقتران اسمه المبارك والشهادة بولايته وإمارته باسم اللّه‌ سبحانه وتعالى ورسوله كلما يذكران نطقا وذكرا وكتابة ، ولا معنى للاستحباب إلاّ رجحانه الذاتي ومطلوبيته النفس الأمري ، إلاّ أن يقال بأنّ غاية ذلك استحبابه العقلي وهو غير الاستحباب التعبدي ، فتأمّل (9).
وقد علق الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء ( ت 1373 ه‍ ) عليها بقوله : ويمكن استفادة كون الشهادة بالولاية والصلاة على النبي أجزاء مستحبة في الأذان والإقامة من العمومات.
وقال السيّد اليزدي في « طريق النجاة » (10) : الشهادة لعليّ بالولاية لم تكن جزءا من الأذان ، وبعنوان القربة حَسَنٌ.
وقد عرفت موافقته على الاستحباب في حواشيه على « نجاة العباد » وغيرها.
السيّد إسماعيل الصدر ( ت 1338 ه‍ )
قال السيّد في رسالته « أنيس المقلّدين » :
الشهادة لعلي بالولاية وإمرة المؤمنين في الأذان والإقامة بقصد القربة لا بقصد الجزئية لا إشكال فيه.
وقال أعلى اللّه‌ مقامه في رسالته « مختصر نجاة العباد » :
و إكمال الشهادتين بالشهادة لعليّ بالولاية للّه‌ وإمرة المؤمنين لا بأس به (11).
الميرزا محمد تقي الشيرازي ( ت 1338 ه‍ )
قال الشيخ في رسالته العملية :ويستحبّ الصلاةُ على محمد وآله عند ذكر اسمه الشريف ، وإكمالُ الشهادتين بالشهادة لعلي بالولاية وإمرة المؤمنين في الأذان وغيره.
شيخ الشريعة الاصفهاني ( ت 1339 ه‍ )
قال الشيخ في « الوسيلة » بالفارسية ما تعريبه :والشهادة بالولاية لعليّ ليست جزءا من الأذان ، وبقصد القربة بعد الشهادة بالرسالة حَسَنٌ جيّدٌ.
الشيخ أحمد كاشف الغطاء ( ت 1344 ه‍ )
قال الشيخ في « سفينة النجاة » :ويستحبّ في الأذان والإقامة إكمال الشهادتين بالشهادة بالولاية لعليّ مرتين وإن كانت خارجةً عن فصولهما.
الشيخ عبداللّه‌ النوري ( ت 1344 ه‍ )
وهو من تلامذة الميرزا المجدّد الشيرازي ، له تعليقة على رسالة أستاذه ( مجمع الرسائل ) ، وافق فيها أستاذه على الفتوى بالاستحباب
السيّد الميرزا محمد علي الشهرستاني ( ت 1344 ه‍ )
ذهب عمّ والدي السيّد الميرزا محمد علي الشهرستاني في كتابيه « التذكرة في شرح التبصرة » و « نصرة الشريعة في الاستنصار لمذهب الشيعة » إلى استحباب القول بالشهادة الثالثة في الأذان والإقامة.
الشيخ البارفروشي ( ت 1345 ه‍ )
قال الشيخ في « سراج الأمّة » :ولا يجوز اعتقاد شرعيّة غير هذه الفصول في الأذان والإقامة ، كالتشهد بالولاية لعلي عليه السلام ، وأنّ محمدا وآله خير البرية ، أو خير البشر ، أو نحو ذلك وإن كان الواقع كذلك ، وليس كل ما هو حق مطابق للواقع ونفس الأمر يجوز إدخاله في العبادات التوقيفيّة المحدودة من اللّه‌ بحدود لا يزيد ولا ينقص.
نعم ، ورد في بعض الأخبار الشهادة [ بالولاية ] ولكن قد قيل أنّها من وضع المفوّضة.
ثم ذكر الشيخ البارفروشي كلام العلاّمة في المنتهى والصدوق في الفقيه ثم قال :وبالجملة أنّ ذلك من أحكام الإيمان لا من فصول الأذان ، نعم قد عرفت سابقا عن المجلسي أنّه نفى البعد عن كون الشهادة بالولاية من الأجزاء المستحبّة للأذان ؛ استنادا إلى هذه المراسيل التي رميت بالشذوذ وأنّه مما لا يجوز العمل بها ، وإلى ما في خبر القاسم بن معاوية ... وتبعه في جواهر الكلام ونفى البأس بذكر ذلك لا على سبيل الجزئية عملاً بالخبر المزبور.
وأنت خبير بأنّ العمل بالخبر يقتضي الجزئية وإلاّ فليس عملاً بالخبر ، ثمّ أنّه لو فعل هذه الزيادة أو أحدها بنيّة أنه منه على تقدير أنّه ليس منه أثم في اعتقاده ولكن لا يبطل الأذان بفعله ، ولا يقدح مثل ذلك في الترتيب والموالاة كما ذكر في جواهر الكلام تبعا للطباطبائي في المنظومة ، لكونه حينئذ كالصلاة على محمّد عند سماع اسمه (12).
السيّد محمد الفيروزابادي ( ت 1346 ه‍ )
قال السيّد في « ذخيرة العباد » بالفارسية ، ما تعريبه :الشهادة بالولاية لعليّ ليست جزءا من الأذان ، والإتيان بها بعد الشهادة بالرسالة بقصد القربة جيد (13).
الشيخ شعبان الرشتي ( ت 1347 ه‍ )
قال الشيخ في رسالته « وسيلة النجاة » الفارسية ما تعريبه :الشهادة بالولاية لم تكن جزءا من الأذان ، ولكن يؤتى بها بقصد القربة المطلقة بعد الشهادة لرسول اللّه ‌(14).
الشيخ عبداللّه‌ المامقاني ( ت 1351 ه‍ )
قال الشيخ في « مناهج المتقين في فقه أئمّة الحقّ واليقين » :ولو أتى بالشهادة بولاية علي صلوات اللّه‌ عليه مرتين بعد الشهادة بالرسالة تيمّنا بقصد القربة المطلقة لا بقصد الجزئية لم يكن به بأس بل كان حسنا.
الشيخ محمد رضا الدزفولي ( ت 1352 ه‍ )
قال الشيخ في كتابه « كلمة التقوى » :وليست الشهادة بالولاية جزءا لأحدهما ، نعم لا بأس بها تبركا ، بل أداءً للاستحباب المطلق .
السيّد حسن الصدر الكاظمي ( ت 1354 ه‍ )
قال السيّد في « المسائل المهمة » :ويستحبّ الصلاة على محمد وآله عند ذكر اسمه الشريف ، وإكمالُ الشهادتين بالشهادة لعلي بالولاية وإمرة المؤمنين في الأذان وغيره .
الميرزا محمد حسين النائيني ( ت 1355 ه‍ )
قال الشيخ النائيني في « وسيلة النجاة » :يستحبّ الصلاة على محمد وآله عند ذكر اسمه الشريف ، وإكمال الشهادتين بالشهادة لعلي عليه السلام بالولاية وإمرة المؤمنين في الأذان وغيره .
السيّد صدر الدين الصدر ( ت 1373 ه‍ )
له ; حاشية على « منتخب المسائل » للسيّد حسين القمّي وافق ، فيها السيّد على قوله : « وأمّا الشهادة بالولاية لعليّ فليست جزءً من الأذان ، ولو أتى بها بقصد القربة بعد الرسالة كان حسنا»
الشيخ مرتضى آل ياسين
كتب الشيخ في جواب من سأله عن هذه المسالة بما هذا نصه :لا ينبغي الإشكال في استحباب الشهادة لعلي عليه السلام بالولاية عقيب ذكر الشهادتين في كلّ من الأذان والإقامة إذا لم يقصد بها الجزئية كما عليه سيرة المؤذّنين من أبناء الشيعة الإمامية في كلّ زمان وكلّ مكان ، وذلك للأخبار الدالّة بكلّ صراحة على استحباب القِران بين الشهادتين : الشهادة للنبي صلی الله عليه وآله وسلم بالرسالة والشهادة لعلي أمير المؤمنين عليه السلام بالولاية.
ودعوى لزوم التشريع مِن ذكرها ـ زيادة على الفصول المعتبرة في الأذان والإقامة ـ مدفوعةٌ بعدم لزومه قطعا مع عدم قصد الجزئية فيهما كما هو المفروض.
وأمّا الأخبار الدالّة على كراهة التكلّم في الأذان والإقامة فلا تصلح معارضا لتلك الأخبار الدالّة على استحباب القران بين الشهادتين مطلقا ، لأنّ مورد الكراهة حسبما هو المستفاد من أدلّتها مختصّ بالتكلم بعد إقامة الصلاة ، أي بعد قول المقيم : « قد قامت الصلاة » ، أو فيما بين الأذان والإقامة فيخصوص صلاة الغداة ، وليس فيها ما يدلّ على كراهته في الإقامة قبل إقامة الصلاة ، كما ليس فيها ما يدل على كراهته في الأذان مطلقا كما لا يخفى ذلك على من راجع أخبار الباب ، هذا بعد تسليم كون الشهادة الثالثة من الكلام الخارج عن عنوان الكلام المرخّص فيه شرعا في مثل الصلاة فضلا عن غيرها من الوظائف الشرعية كالتكلّم بذكر اللّه‌ جل شأنه وذكر النبي صلی الله عليه وآله وسلم ، مع أنّ للمنع من خروجه عن هذا العنوان مجالاً واسعا.
أمّا أولاً : فلإِمكان دعوى انصراف الكلام المحكوم عليه بالكراهة أو الحرمة عن مثل الشهادة بالولاية لعليّ عليه السلام كما اعترف به غير واحد من أهل العلم.
وأمّا ثانيا : فلما دلّ على أنّ ذكره وذكر الأئمة من ولده عليهم أفضل الصلاة والسلام من ذكر اللّه‌ تعالى ، وذلك ما رواه في الكافي عن أبي بصير ، عن أبي عبداللّه‌ عليه السلام : ما اجتمع قوم في مجلس لم يذكروا اللّه‌ ولم يذكرونا إلاّ كان ذلك المجلس حسرة عليهم يوم القيامة ، ثم قال : قال أبو جعفر عليه السلام : إنّ ذكرنا من ذكر اللّه‌ ، وذكر عدونا من ذكر الشيطان (15) ، وهذا التنزيل المستفاد صريحا من هذه الرواية الشريفة يقضي بخروج ذكرهم صلوات اللّه‌ عليهم عن دائرة الكلام المكروه والمحرّم ولحوقه بذكر اللّه‌ سبحانه وتعالى في جميع ما رُتِّب عليه من الأحكام ، وقد جاء في رواية الحلبي عن أبي عبداللّه‌ عليه السلام: كل ما ذكرت اللّه‌ عزّوجلّ به والنبي فهو من الصلاة ، ومن هنا يظهر لك وجه القول بجواز ذكر الشهادة الثالثة في الصلاة فضلاً عن الأذان والإقامة واللّه‌ العالم.
السيّد عبد الحسين شرف الدين ( ت 1377 ه‍ )
قال السيّد في « النص والاجتهاد » ويستحبّ الصلاة على محمد وآل محمد بعد ذكره صلی الله عليه وآله وسلم ، كما يستحبّ إكمال الشهادتين بالشهادة لعلي بالولاية للّه‌ تعالى وإمرة المؤمنين في الأذان والإقامة ، وقد أخطأ وشذّ من حرّم ذلك ، وقال بأ نّه بدعة ، فإنّ كلّ مؤذّن في الإسلام يقدّم كلمة للأذان يوصلها به ، كقوله : الحمد للّه‌ الذي لم يتّخذ ولدا ... الآية أو نحوها ، ويلحق به كلمة يوصلها بها كقوله : الصلاة والسلام عليك يا رسول اللّه‌ أو نحوها ، وهذا ليس من المأثور عن الشارع في الأذان ، وليس ببدعة ، ولا هو محرّم قطعا ، لأنّ المؤذّنين كلّهم لا يرونه من فصول الأذان ، وإنّما يأتون به عملاً بأدلّة عامّة تشمله ، وكذلك الشهادة لعليّ بعد الشهادتين في الأذان ، فإنّما هي عمل بأدلّة عامّة تشملها ، على أن الكلام القليل من ساير كلام الادميين لا يبطل به الأذان ولا الإقامة ولا هو حرام في أثنائهما ، فمن أين جاءت البدعة والحرام .
الشيخ محمد صالح السمناني
قال الشيخ ما ترجمته : يجوز الشهادة بالولاية لأمير المؤمنين بعد الشهادة بالرسالة بقصد استجابة النداء بالولاية ، وبقصد قبول الشهادتين وصحّة الأعمال ، لا بقصد الجزئية وورودها في الأذان التوقيفي من قبل اللّه‌ ، فلا يجوز إدخال شيء في فصول الأذان ، كأن يقول : أشهد أنّ أشرف الأنبياء محمّدا رسول اللّه‌ ، أو : أشهد أنّ اللّه‌ أجلّ وأكبر ، نعم يجوز أن يأتي بها بعد إكمال الفصل ، كأن يقول : اللّه‌ اكبر جل جلاله ربّي ، أو : أشهد أنّ محمدا رسول اللّه‌
وله في كتابه « توضيح المسائل » كلام طويل آخر في هذه المسألة جدير بمراجعتها لما فيها من بعض الغرائب.
السيّد حسين البروجردي ( ت 1380 ه‍ )
قال السيّد في رسالته « توضيح المسائل » الفارسية :«أشهد أنّ عليا وليّ اللّه‌ » ليست جزءا من الأذان ، ولكن من المحبّذ أن يؤتى بها بعد « أشهد أنّ محمدا رسول اللّه‌ » بقصد القربة .
وقال ; في « أنيس المقلّدين » في جواب من سأله عن حكم من شهد بالولاية وإمرة المؤمنين لعليّ في الأذان؟
قال ; : إذا قالها بقصد القربه لا بقصد الجزئية لا إشكال فيه .
وما أفتى به السيّد البروجردي في رسائله العملية لا يتّفق مع ما ادّعاه الشيخ محمد واعظ زاده الخراساني على السيّد البروجردي.
السيّد علي مدد القائني ( ت 1384 ه‍ )
قال السيّد في جواب من استفتاه عن الشهادة الثالثة :لا ريب ولا إشكال في رجحان الشهادة بالولاية لعلي ابن أبي طالب في الأذان والإقامة لا بقصد الجزئية ؛ للأصل وعدم المانع ، والأخبارِ المطلقـة الآمرة بـذكر الآل بعـد ذكر الرسالة ، وما رواه في الاحتجاج من اقتران الشـهادة بإمرة المؤمنين لعليّ عليه السلام بعد الشهادتين ، والأخـبارِ الخاصـةِ التي شـهد بها الصـدوق والشيخ الطوسي ، ولأجلها ذهب المجلسيّ وبعض من تأخّر عنه إلى استحباب الشهادة الثالثة في الأذان ولو بقصد الجزئية ، وبعد اعتراف هذين العلمين ـ الصدوق والطوسي ـ بوجود الاخبار الآمرة بالشهادة الثالثة في الأذان لا وجه لرفع اليد عنها.
وأمّا رميهم لها بالشذوذ فيردّه ما تسالم عليه العلماء من جبر الخبر الضعيف بالتسامح في أدلة السنن ، مع أنّ مسألة الولاية من كمال الدين ، كما نص عليه الكتاب ( ألْيَوْمَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) ، ومما بُني عليها الإسلام ، فقد ورد في الحديث : بني الإسلام على خمس وعد منها الولاية ، ولم يناد بشيء كما نودي بالولاية.
أمّا رواية الاحتجاج « إذا قال احدكم : لا إله إلاّ اللّه‌ محمد رسول اللّه‌ ، فليقل : علي أمير المؤمنين » ، وإن كان لسانها العموم فتشمل حتى الأذان إلاّ أنّ العارف بأساليب كلام المعصومين لا يفوته الجزم بأنّ غرض الإمام عليه السلام الإشارة إلى جزئية الشهادة الثالثة في الأذان الذي يكرره الإنسان في اليوم والليلة ، ولكن لمّا أوصد سلطان الضلال الأبواب على الأئمة : ـ كما تشهد به جدران الحبوس وقعر السجون المظلمة ـ لم يجد الإمام بدّا من اختيار هذا النحو من البيان لعلمه بتأثير كلامه في نفوس الشيعة وقيامهم بما يأمرهم به في كلّ الأحوال ، وأهمّها حال الأذان ، لأ نّه وجه العبادة ومفتاح الأصول إلى ساحة الجلال الإلهي ، وهذا لطفٌ من إمام الأمة عليه السلام بشيعته لينالوا الدرجات العالية وأقصى المثوبات ، ومن هنا يمكن دعوى اتّصال سيرة العلماء والمتديّنين على الجهر بالولاية في الأذان في صلواتهم بزمان المعصوم عليه السلام ، وهذه السيرة من العلماء مع العمومات الآمرة بالولاية في كلّ الأحوال في السرّ والعلانية تصدّ دعوى البدعة ، فالشهادةُ بالولاية لأمير المؤمنين في الأذان والإقامة ممّا لا ريب في رجحانه (16).
السيّد الحكيم ( ت 1390 ه‍ )
قال السيّد الحكيم في « المستمسك » : الظاهر من المبسوط إرادة نفي المشروعية بالخصوص ، ولعلّه أيضا مراد غيره ، لكنّ هذا المقدار لا يمنع من جريان قاعدة التسامح على تقدير تماميتها في نفسها ، ومجرّد الشهادة بكذب الراوي لا يمنع من احتمال الصدق الموجب لاحتمال المطلوبية ، كما أنّه لا بأس بالإتيان به بقصد الاستحباب المطلق ؛ لما في خبر الاحتجاج «إذا قال أحدكم : لا إله إلاّ اللّه‌ محمد رسول اللّه‌ ، فليقل : علي أمير المؤمنين» ، بل ذلك في هذه الأعصار معدود من شعائر الإيمان ورمز إلى التشيع ، فيكون من هذه الجهة راجحا شرعا ، بل قد يكون واجبا ، لكن لا بعنوان الجزئية من الأذان ، ومن ذلك يظهر وجه ما في البحار من أنّه لا يبعد كون الشهادة بالولاية من الأجزاء المستحبّة للأذان ؛ لشهادة الشيخ والعلاّمة والشهيد وغيرهم بورود الأخبار بها ، وأُيد ذلك بخبر القاسم بن معاوية ... .وقال ; في « منهاج الصالحين » :
وتستحبّ الصلاةُ على محمد وآله عند ذكر اسمه الشريف ، وإكمالُ الشهادتين لعليّ بالولاية وإمرة المؤمنين في الأذان وغيره .
السيّد الخميني ( ت 1409 ه‍ )
قال السيّد الإمام الخميني في « الآداب المعنوية » : قد ورد في بعض الروايات غير المعتبرة أن يقال بعد الشهادة بالرسالة في الأذان : أشهد أن عليّا وليّ اللّه‌ ، مرّتين وفي بعض الروايات : أشهد أن عليّا أمير المؤمنين حقا مرّتين ، وفي بعض آخر : محمد وآل محمد خير البرية ، وقد جعل الشيخ الصدوق ; هذه الروايات من موضوعات المفوّضة وكذّبها ، والمشهور بين العلماء رضوان الله عليهم عدم الاعتماد بهذه الروايات ، وجعل بعض المحدّثين هذه الشهادة جزءا مستحبّا من جهة التسامح في أدلّة السنن ، وهذا القول ليس ببعيد عن الصواب وإن كان أداؤها بقصد القربة المطلقة أولى وأحوط ، لأ نّه يستحب بعد الشهادة بالرسالة الشهادة بالولاية وإمارة المؤمنين كما ورد في حديث الاحتجاج عن قاسم بن معاوية ؛ قال : « قلت لأبي عبداللّه‌ : هؤلاء يروون حديثا في معراجهم أنّه لما أسري برسول اللّه‌ رأى على العرش مكتوبا : لا إله إلاّ اللّه‌ محمد رسول اللّه‌ أبو بكر الصدّيق ، فقال : سبحان اللّه‌ غيّروا كل شيء حتى هذا؟! قلت نعم ، قال : ان اللّه‌ عزّ وجل لما خلق العرش كتب عليه : لا إله إلاّ اللّه‌ محمد رسول اللّه‌ عليّ أمير المؤمنين ، ولما خلق اللّه‌ عزّوجلّ الماء كتب في مجراه : لا إله إلاّ اللّه‌ محمد رسول اللّه‌ عليّ أمير المؤمنين ، ثمّ تذكر الرواية كتابة هذه الكلمات على قوائم الكرسي واللوح وعلى جبهة إسرافيل وعلى جناحي جبرائيل وأكناف السماوات وأطباق الأرضين ورؤوس الجبال وعلى الشمس والقمر ، ثم قال : فإذا قال أحدكم : لا إله إلاّ اللّه‌ محمد رسول اللّه‌ ، فليقل : عليّ أمير المؤمنين ».
وبالجملة هذا الذكر الشريف يستحبّ بعد الشهادة بالرسالة مطلقا ، وفي فصول الأذان لا يبعد استحبابه بالخصوص وإن كان الاحتياط يقتضي أن يؤتى به بقصد القربة المطلقة لا بقصد الخصوصية في الأذان ؛ لتكذيب العلماء الأعلام تلك الروايات (17).
السيّد الخوئي ( ت 1413 ه‍ )
قال السيّد الخوئي في « المستند في شرح العروة الوثقى » ـ وبعد أن نقل كلام الشيخ الصدوق في الفقيه والشيخ في النهاية والمبسوط ـ :
ونحوه ما في المنتهى ، وغيره من كلمات الأصحاب ، هذا وربّما يتمسّك لإثبات الاستحباب بقاعدة التسامح نظرا إلى ما سمعته من ورود الشهادة الثالثة في شواذّ الأخبار ، وفيه ـ مضافا إلى أنّ القاعدة غير تامّة في نفسها ، إذ لا يثبت بها إلاّ الثواب دون الاستحباب ، لتكون الشهادة من فصول الأذان وأجزائها المستحبة كما فصّلنا البحث حوله في الاُصول ـ (18) أنّه على تقدير تسليمها فهي خاصّة بصورة بلوغ الثواب فحسب لا بلوغه مع بلوغ عدمه كما في المقام ، حيث إنّ الراوي وهو الشيخ الصدوق قد بلغنا عنه القطع بكذب تلك الرواية وعدم الثواب على الشهادة.
أضف إلى ذلك : أنّها لو كانت جزءا من الأذان لنقل ذلك عن المعصوم عليه السلام ولفعله ولو مرّة واحدة ، مع أنّ الروايات الحاكية للأذان خالية عن ذلك بتاتا.
نعم ، قد يقال : إنّ رواية الاحتجاج تدلّ عليه بصورة العموم ، فقد روى الطبرسي في الاحتجاج عن القاسم ابن معاوية ، عن الصادق عليه السلام « أنّه إذا قال أحدكم : لا إله إلاّ اللّه‌ محمّد رسول ، فليقل : علي أمير المؤمنين » (19) ، لكنّها لضعف سندها غير صالحة للاستدلال إلاّ بناءً على قاعدة التسامح ، ولا نقول بها كما عرفت.
ولعلّ ما في البحار من كون الشهادة من الأجزاء المستحبة مستند إلى هذه الرواية ، أو ما عرفته من شهادة الصدوق والشيخ وغيرهما بورود النصوص الشاذّة.
هذا ، ولكنّ الذي يهوّن الخطب أنّنا في غنى من ورود النص ، إذ لا شبهة في رجحان الشهادة الثالثة في نفسها بعد أن كانت الولاية من متمّمات الرسالة ومقوّمات الإيمان ، ومن كمال الدين بمقتضى قوله تعالى : ( الْيَومَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) ، بل من الخمس التي بني عليها الإسلام ، ولا سيّما وقد أصبحت في هذه الأعصار من أجلى أنحاء الشعار وأبرز رموز التشيع وشعائر مذهب الفرقة الناجية ، فهي إذن أمر مرغوب فيه شرعا وراجح قطعا في الأذان وغيره ، وإن كان الإتيان بها فيه بقصد الجزئية بدعة باطلة وتشريعا محرّما حسبما عرفت ، ويستدل له برواية أبي بصير ، عن أبي عبداللّه‌ عليه السلام « قال : لو أنّ مؤذّنا أعاد في الشهادة أو في حيّ على الفلاح المرتين والثلاث وأكثر من ذلك إذا كان إماما يريد به جماعة القوم ليجمعهم لم يكن به بأس »
وقال السيّد في جواب له على سؤالٍ وُجِّه إليه : وقد جرت سيرة العلماء الأبرار على الشهادة بالولاية في الأذان والإقامة لا بقصد الجزئية منذ عهد بعيد من دون نكير من أحدهم ، حتى أصبح ذلك شعارا للشيعة ومميّزا لهم عن غيرهم ، ولا ريب في أنّ لكل أمّة أن تأخذ ما هو سائغ في نفسه بل راجح في الشريعة المقدّسة شعارا لها (20).
هذا ، وقد أفتى غالب من عاصرناهم من الفقهاء كالسيّد الميلاني ، والسيّد الشاهرودي ، والسيّد الكلبايگاني ، والسيّد الخونساري وغيرهم بما قاله من سبقهم من الأعلام بجواز الإتيان بها بقصد القربة المطلقة ولرجاء المطلوبية وللتيمّن والتبرّك ، ولإمتثال الأخبار الواردة في الاتيان بالشهادة بالولاية بعد الشهادة بالرسالة ، أمّا القول بالجزئية فالكلّ ينفونه.
ولا نرى ضرورة في التفصيل اكثر من هذا في نقل اقوال فقهاءنا العظام ، ففيما نقلناه عنهم كفاية وغنىً إن شاء اللّه‌.
الخلاصة
تلخص مما سبق أنّ فقهاء الإمامية وعبر جميع القرون كانوا يجيزون الإتيان بالشهادة الثالثة إمّا لمحبوبيتها الذاتية ، أو بقصد القربة المطلقة ، أو لامتثال العمومات والأخبار الواردة في اقتران الشهادات الثلاث ، أو لكونها صارت شعارا ورمزا للشيعة ، إلى غيرها من التخاريج الفقهية التي صرّحوا بها في مصنفاتهم. وفي الوقت نفسه أنكر الجميع الإتيان بها بقصد الجزئية ، وحتّى المتشدّدين من الإمامية في أمر الولاية كالشيخ أحمد الاحسائي ( ت 1241 ه‍ ) والشيخ محمّد كريم خان الكرماني ( ت 1288 ه‍ ) ، والشيخ زين العابدين الكرماني ( ت 1360 ه‍ ) وغيرهم من الذي سماهم الخالصي بمفوضة هذا العصر ، كانوا لا يجيزون الإتيان بها بقصد الجزئية.
نعم ، بعض المتأخّرين من أتباع محمد حسن گوهر ( ت 1257 ه‍ ) وهم الأسكوئية اليوم ، وبعض أتباع محمد كريم خان الكرماني ، قالوا بالجزئية لكنّ ذلك رأي لا يعتدّ به. وعليه فالقول بالجزئية راي شاذ متروك لا يعمل به اصحابنا وحتى المتشددين كالشيخ أحمد الاحسائي والكرماني.
ولا يخفى عليك أنّ بعض الكتّاب استظهروا من كلام بعض فقهائنا القدماء والمتأخّرين أنّهم كانوا ينكرون الشهادة الثالثة ، في حين أنّ هذا النقل عنهم ليس بدقيق ، لأنّ هؤلاء الفقهاء قد أشاروا إلى وجهٍ من المسألة تاركين الوجه الآخر منه ، إذ الإتيان بها بقصد القربة المطلقة ـ أو لما فيها من الرجحان الذاتي ـ لا يمكن لأحد إنكاره ، فالشيخ في « النّهاية » ، أو الشهيد في « روض الجنان » أو المقدّس الأردبيلي في « مجمع الفائدة والبرهان » ، أو الشيخ جعفر في « كشف الغطاء » ، أشاروا إلى جانب من المسألة تاركين الوجه الآخر منه.
قال الشيخ أحمد الأحسائي ( ت 1241 ه‍ ) في رسالته العملية المسماة بـ« الحيدرية » : وأمّا قول « أشهد أنّ عليّا ولي اللّه‌ » ، و « محمد وآل محمد خير البرية » في الأذان فلا يعمل عليه وليس من فصول الأذان وإن كان حقّا ، بل قال ابن بابويه : إنّه من موضوعات المفوّضة.
وقال الشيخ محمد كريم خان الكرماني في « الجامع لأحكام الشرائع » بعد أن ذكر عدد فصول الأذان وأنّها ثمانية عشر فصلاً ، قال : وروي أنّه عشرون فصلاً بزيادة تكبيرتين بعد التكبيرتين الأخيرين ، وروي سبعة عشر بجعل التهليل مرّة ، والكلّ موسّع ، والإقامة سبعة عشر على ما هو المعروف ، وروي أنّها عشرون بزيادة التكبيرتين بعد الأوّلتين ، وروي أنّها اثنان وعشرون بجعل التكبيرتين الأخيرتين أيضا أربعا ، والكلّ موسّع.
وفصول الأذان : التكبير ، والشهادة بالتوحيد والرسالة والحيعلات الثلاث ، والتكبير ، والتهليل ، ويزاد في الإقامة : « قد قامت الصلاة » ، والشهادة بالولاية بنفسها مستحبة مطلقا بعد ذكر التوحيد والرسالة ويشهد بأمرة المؤمنين ».
وقال في كتابه الاخر « فصل الخطاب » : أمّا ورود الرواية فثبت لإقراره ، وأمّا كونهم مفوّضة وكون رواياتهم مجعولة فيحتاج إلى تامّل وتثبّت ، ولا شكّ أنّ الروايات لا تنافي كتابا ولا سنة ، مع انّ اليوم بناء الشيعة قاطبة على العمل بها بحيث من تركها سمّوه سنيّا.
أمّا ابنه الشيخ محمد بن محمد كريم خان ( ت 1324 ه‍ ) فقد ذهب إلى الجزئية ، فقال في رسالته باللغة الفارسية « الوجيزة في الأحكام الفقهية » : فصول الأذان أن تقول اللّه‌ أكبر أربع مرّات ، وأشهد أن لا إله إلاّ اللّه‌ مرتين ، وأشهد أن محمّدا رسول اللّه‌ مرّتين ، وأشهد أنّ عليّا أمير المؤمنين ولي اللّه‌ مرّتين ، حيّ على الصلاة مرتين ، حيّ على الفلاح مرتين ، حيّ على خير العمل مرتين ، والإقامة مثلها إلاّ أن تقول في أوّلها التكبير مرتين وفي آخرها لا إله إلاّ اللّه‌ مرة واحدة.
أمّا زين العابدين بن محمد كريم خان ( ت 1360 ه‍ ) فقد كتب رسالته العملية بعد وفاة أخيه محمد ، واسمها « الموجز في أحكام الطهارة والصلاة والصوم والاعتكاف والخمس والزكاة » والذي طبع في مطبعة السعادة ببلدة كرمان سنة 1350 ه‍ ، جاء فيها :
فصل في كيفية الأذان : الأخبارُ في فصول الأذان والإقامة مختلفة ، والكلّ موسّع ، إلاّ أنّ المشهور أنّها خمسة وثلاثون ، ففي الأذان أربع تكبيرات ، ثمّ أشهد أن لا إله إلاّ اللّه‌ ، أشهد أنّ محمدا رسول اللّه‌ ، حيّ على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على خير العمل ، اللّه‌ أكبر ، لا إله إلاّ اللّه‌ كلها مثنى مثنى فهي ثمانية عشر ، وفي الإقامة سبعة عشر بنقص تكبيرتين من الأوّل وتهليلة من الآخر ، وزيادة « قد قامت الصلاة » مرّتين قبل التكبيرتين الأخيرتين.
روى عن أبي سلمان راعي رسول اللّه‌ صلی الله عليه وآله وسلم ، قال : سمعت رسول اللّه‌ صلی الله عليه وآله وسلم يقول : ليلةَ أُسري بي إلى السماء قال لي الجليل جل جلاله .. وساق الحديث إلى أن قال : ثمّ اطلعت الثانية فاخترت منها عليا ، وشققت له اسما من أسمائي ، فلا أُذْكَرُ في موضع إلاّ ذُكِرَ معي ، فأنا الأعلى وهو عليّ عليه السلام الحديث.
وعن القاسم بن معاوية بن عمار عن أبي عبداللّه‌ عليه السلام في حديث ذكر فيه أنّ اللّه‌ عزّوجلّ لمّا خلق العرش كتب على قوائمه « لا إله إلاّ اللّه‌ محمد رسول اللّه‌ صلی الله عليه وآله وسلم عليّ أمير المؤمنين عليه السلام » وكذا على الماء والكرسي واللوح وإسرافيل وجبرئيل والسماوات والأرضين والجبال والشمس والقمر ، إلى ان قال : فإذا قال أحدكم : لا إله إلاّ اللّه‌ محمد رسول اللّه‌ صلی الله عليه وآله وسلم ، فليقل : عليّ أمير المؤمنين عليه السلام.
أقول : فذكرُ عليٍّ أمير المؤمنين عليه السلام بنفسه مستحبّ مندوبٌ إليه أينما ذكر التوحيد والرسالة ، ولا نحكم بأ نّه من أجزاء الأذان ، ونفى المجلسي ; والمحدث البحراني البعد من أن يكون من الأجزاء المستحبة للأذان ؛ لشهادة الشيخ والعلاّمة والشهيد وغيرهم بورود الأخبار بها ، وقال شيخ الجواهر : لولا تسالم الأصحاب لأمكن دعوى الجزئية ، وعن العلاّمة الطباطبائي في منظومته عند ذكر سنن الأذان وآدابه :
وأكمل الشهادتين بالّتي *** قد أُكمل الدين بها في الملّةِ
وقال الشيخ الميرزا حسن الأسكوئي في « أحكام الشيعة » : فصول الأذان ثمانية عشر ومع الشهادتين عشرون .. إلى أن يقول : الشهادة الثالثة وهي « أشهد أن عليّا أمير المؤمنين ولي اللّه‌ » ولو أنّها ظاهرا ليست من فصول الأذان والإقامة وأجزائهما ولكنّها ركن الإيمان وكمال الدين ورمز التشيع فلا ينبغي تركها بنيّة الزينة والاستحباب.
بل أقول كما قال صاحب الجواهر في جواهره : لولا تسالم الأصحاب لأمكن ادّعاء جزئيتها بناءً على صلاحية العموم في مشروعية الخصوص. لقول أبي عبداللّه‌ الصادق عليه السلام المروي عن قاسم في احتجاج الطبرسي « إذا قال أحدكم : لا إله إلاّ اللّه‌ محمّد رسول اللّه‌ ، فليقل : علي أمير المؤمنين » وغيره من الأخبار.
وقال المرحوم أخي المعظم في رسالته العملية « منهاج الشيعة » : ولولا الاتّفاق على عدم جزئيّتها لأمكن القول بها لعموم بعض الأخبار « من قال محمّد رسول اللّه‌ فليقل على ولي اللّه‌ » ... كما أنه من قال : لا إله إلاّ اللّه‌ ، فليقل : محمد رسول اللّه‌ ، بل اسم عليّ عليه السلام توأم مع اسم أخيه محمّد صلی الله عليه وآله وسلم ، كلّما يذكر اسمه أو يكتب في الألواح ، والأشباح ، والسماوات ، والأرضين ، بل والدنيا والآخرة ، فاسم أخيه وابن عمه وصهره علي عليه السلام مذكور ومكتوب معه ... كما في الاحتجاج عن القاسم بن معاوية ابن عمار ، قال : قلت لأبي عبداللّه‌ عليه السلام : هؤلاء يروون حديثا في معراجهم أنّه لمّا أسري برسول اللّه‌ صلی الله عليه وآله وسلم رأى على العرش : لا إله إلاّ اللّه‌ محمّد رسول اللّه‌ أبو بكر الصديق ،
فقال عليه السلام سبحان اللّه‌!! غيّروا كل شيء حتى هذا؟! قلت نعم ... إلى آخر الخبر.
وعليه فالمشهور بين الإمامية بجميع أطيافها وتشعبّاتها هو حرمة الإتيان بها بقصد الجزئية ، وجواز ما عدا ذلك.
المصادر :
1- المناقب للخوارزمي : 2 ، مائة منقبة : 177 ، تأويل الآيات : 888.
2- المواهب السنية 3 : 328 ـ 329.
3- منهج الرشاد : 175 ط بمبي سنة 1318 ه‍ / سرّ الإيمان للمقرم : 55. .
4- مصباح الفقاهة 3 : 76 ، وسر الايمان للمقرم كذلك : 56.
5- سر الإيمان ، للمقرم : 56.
6- « كلمات الاعلام حول الشهادة الثالثة » : 400 وسر الإيمان للمقرم : 56 وقال بمثل هذا
7- مجمع الرسائل المحشّاة : 98 .
8- شعائر الإسلام المعروف بالسؤال والجواب : 182 ، وانظر كلمات الاعلام للأستادي : 400 ، وسر الإيمان للمقرم : 57 ، كذلك عن رسالته بالفارسية : 63 ، طبع بمبي سنة 1283 ه‍.
9- سر الإيمان للمقرم : 57.(2) سر الإيمان للمقرم : 58.(3) وسيلة المعاد في شرح نجاة العباد : 231
10- طريق النجاة : 28 ، طبع بغداد سنة 1330 ه‍ ، وانظر سر الإيمان للمقرم : 61.
11- انيس المقلدين : 15 ، طبع بمبي سنة 1329 ، ومختصر نجاة العباد : 44 طبع بمبي سنة 1318 ه‍.
12- سراج الامة 2 : 355 ، كما في كلمات الاعلام للأستادي : 402.
13- ذخيرة العباد : 62 ، المطبعة الحيدرية سنة 1342 ه‍ ، كما في سر الإيمان للمقرم : 63.
14- وسيلة النجاة : 78 ، المطبعة الحيدرية سنة 1346 ه‍ ، كما في سر الإيمان : 63.
15- بحار الانوار 72 : 468.
16- سر الإيمان ، للمقرم : 75 ـ 76.
17- الآداب المعنوية : 264 ـ 265.
18- مصباح الاُصول 2 : 319.
19- الاحتجاج 1 : 366 / 62.
20- شرح رسالة الحقوق 2 : 127 كما في الشهادة الثالثة للشيخ محمد السند : 339.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الصحابة عند الشيعة
الشهادة الثالثة وجوب ام استحباب
احداث كانت وراها قريش
مفهوم التقية بين القرآن والحديث
علامات المؤمن
ما المراد ببرهان الصديقين؟ هل أعتبر هذا البرهان ...
ماذا تريد مني ؟
أعمــــال ماقبــل النـــوم
موقف الفكر الشيعي من الحركات الباطنية
عصمة يوسف (عليه السلام ) وقول الله (... وهمّ بها )

 
user comment