فی احد الایام قصد المدینة فرأى اموراً غریبة علیه، فوضوء هؤلاء مختلف عما یعرفه، والتربة التی یضعونها امامهم فی السجود، واسبال ایدیهم، ثم انه لم یسمع إلا نفسه یقول: «آمین» بعد قراءة الامام لسورة الفاتحة.
ولد الاخ احمد ابراهیم عبدالمؤمن بمدینة إنسوام عام «1977م» فی غانا، وقد ترعرع فی أوساط عائلة وهابیة.
درس فی المدارس الاکادیمیة حتى اکمل المتوسطة، بعدها دخل المرحلة الاعدادیة، وفی اثناء ذلک التحق بالمدارس الاسلامیة التی تتخذ من الوهابیة کمذهب ومعتقد، ولذا نشأ وهابیاً متشدداً!
کان الاخ احمد خلال دراسته فی المدارس الدینیة الوهابیة التی قضى فیها سنتین، قد شکل هو ومجموعة من رفاقه جمعیة «التبلیغ الاسلامی» التی تدعو الجمهور فی المدن والقرى الى اعتناق الوهابیة کمذهب، وقد کان یستغل یومی الخمیس والجمعة لهذا الغرض.
وفی احد الایام قصد مدینة «أکم عفواس» لزیارة عمه، وکان عمه هذا مثقفاً ومدرساً للغة الانجلیزیة فی مدرسة أهل البیت«علیهم السلام» الشیعیة فبقی فی بیت عمه ثلاثة أیام- وقد کان خلال هذا العمر لم یسمع باسم الشیعة قط!!!- فاصطحبه عمه معه إلى مسجد للشیعة لأجل الصاة.
فرأى اموراً غریبة علیه، فوضوء هؤلاء مختلف عما یعرفه، والتربة التی یضعونها امامهم فی السجود، واسبال ایدیهم، ثم انه لم یسمع إلا نفسه یقول:
«آمین» بعد قراءة الامام لسورة الفاتحة.
یقول:
«ظننت ان هؤلاء قد نسوا کلمة آمین فی الرکعة الاولى، واذا بهم لم یلفظوها فی الثانیة ایضاً، فعرفت ان هؤلاء یختلفون معنا فی امور اخرى غیرهذه، فما هی یا ترى؟».و یبدأ السؤال:
و بعد فراغه من اداء الصلاة واثناء عودته الى بیت عمه بدأ بالسؤال عما شاهده فی المسجد، فأخذ عمه یعرفه بهؤلاء و بمعتقدهم- وکان عمه قد اعتنق مذهب اهل البیت«علیهم السلام» من قبل ولم یجهر بذلک- و من این یأخذون دینهم، وهکذا دار حوار عام حول الشیعة والتشیع عرف الاخ احمد ابراهیم صورة مجملة کانت خافیة علیه من قبل.
وطلب المزید من عمه فأخذه هذا الى احد طلبة الحوزة فی غانا لیعرّفه اکثر فاکثر، وبالفعل التقى بهذا الطالب وبدأت بینهما مساجلة کلامیة کانت فیها استدلالات الشیعی کلها من کتب و مصادر أهل السنة، فظن الاخ احمد ان هذه مزوّرة وتتحدث کذباً!
فعاد أدراجه الى مدینة إنسوام وفکره مشغول بما سمع ورأى.
المشایخ لا یفصحون!
وحال وصوله بادر بالاستفسار من مشایخه واساتذته، فاجابه احدهم بقوله:
«ان هؤلاء الشیعة لیسوا من المسلمین، وان ایّ انسان یقترب منهم سیتغیر وینقلب الى شیعی من حیث لا یشعر» فوجد أن هذه الاجابة غیر علمیة ولا یرمی استاذه الا الى ابعاده وصرف ذهنه لا أکثر، فقرر السؤال من شیخ آخر، فأجابه هذا بالقول:
«أن الشیعة مسلمون لکن عقائدهم باطلة» ولم یزد على ذلک، فعرف أنهم عاجزون ویحاولون إخفاء امور لا یریدونه ان یطلع علیها، وبدأ یتساءل: لماذا؟ وما الداعی ؟ ولمصلحة من؟ کل هذا، أولیس مذهبنا الذی نتشدد ونتعصب له على الحق وهو الأقوى؟!
نقطة التحول
وصمم على الرجوع مرة اخرى الى ذلک الطالب الشیعی والدراسة عنده لکن دون اعتناق مذهبه، وهکذا بدأت مرحلة اخرى من حیاته، وشرع بالدراسة والمحاورة وهذا یجیبه ویرشده الى کتب التیجانی والسید شرف الدین«رحمه الله» وکتب التاریخ والتفسیر، وهکذا مرت ستة أشهر فعاد الى مدینته لزیارة أهله واصدقائه، وبدأت مناقشاته مع زملاء الدراسة حتى آلت النتیجة إلى مقاطعته بالرغم من انه مازال وهابیاً، إلاّ ان مجرد السؤال جعله عرضة للمقاطعة والمضایقة، وهذا ماحدى به الى الرجوع مرة اخرى الى ذلک الطالب الشیعی الذی ربطته به رابطة اخرى غیرالدراسة، وهی الصداقة و وصل الیه وبقی یتتلمذ على یدیه حتى أکمل سنة واحدة، وهو رغم هذا لم یتشیع، وبعدها اشار علیه صدیقه بالذهاب الى مدرسة«أهل البیت «علیهم السلام» فی العاصمة لیدرس فیها اکثر.
وبالفعل انتقل إلى هناک و تکاملت لدیه الصورة، وعرف منزلة العترة عندالله تعالى وعندالنبی«صلّى الله علیه وآله وسلّم»، وکیف أنه کان مخالفاً لمذهبهم، فقرر ترک ماکان یعتقد والتشرف بمذهب اهل البیت«سلام الله علیهم» والتمسک بحبلهم وعدم الانفصام من عروتهم الوثقى.