عالم ديني واستاذ وخطيب، إعتنق مذهب الشيعة الأماميّة عام 1955 م بعد دراسة وتحقيق فاذعن بفساد عقيدة السنّة في الخلافة، وإنّ الحق فيها مع الشيعة الإماميّة.
ولد فضيلته في الباكستان الغربية حدود عام 1916 م، نشأ على العقيدة السنّية في صحة المذاهب الأربعة. وقد كتب الله له السعادة إذ وفق للبحث والتحقيق حول مذهبه السابق ومذهب الشيعة الأماميّة، فبحث في المسائل الخلافية بين الفرقتين المتضادتين، الشيعة والسنّة فظهر له بوضوح فساد مذهبه فرفضه، وصحة مذهب الشيعة الإماميّة فاعتنقه.
بعث الينا كتاباً من (رتوكالا ـ الباكستان) بتاريخ 20/12/1963 م حدثنا فيه عن عقيدته في الخلافة الإسلامية، وعن أسباب تشيّعه فقال:
كانت عقيدتي في الخلافة إنـّها بدأت بأبي بكر، وانتهت بعلي(عليه السلام)، وأنّ الخلفاء كلُّهم كانوا على الحق. أمّا الآن فأعتقد أنّ الخليفة الحقيقي هو الإمام عليّ(عليه السلام)، وأنّه سيّد المسلمين، وشيخ المهاجرين والأنصار، والسابق في الإسلام([1]).
السبب الباعث على إعتناقي المذهب الشيعي:
هو إنّي أمعنت النظر في الآراء المتضاربة بين الشيعة والسنّة، فنظرت في أدلة كلا الفرقتين، وطالعت مؤلفاتهما المختلفة حسب وسْعي وطاقتي فانتهت بي إلى هذه النتيجة وهي:
إنّ أمير المؤمنين(عليه السلام) هو الإنسان الفذ([2]) الذي لا يدانيه، ولن يدانيه أحدٌ من هذه الأمة المحمّدية، ومن بعده العترة الطاهرة ذريّة الرسول، فانهم هم خلفاء الرسول حقاً، هداة الدين، وقادة الإسلام، من تمسك بهم نجى([3]) هم ربّانيّو سفينة النجاة، والثقل الأصغر، الأحق بالخلافة النبويّة، والحكومة الالهيّة، وبإقامة الحدود الشرعيّة وتنفيذها.
والأوضاع الفاسدة، والحسد القبائلي حالت دون المسلمين فلم تجتمع كلمتهم على اتّباع عترة نبيّهم.
ولشرافة ذوات العترة الطاهرة وحبّهم الخير للإسلام لم يرضوا بالتفرقة، ولم يدعوا النصح للأمّة.
نرى أمير المؤمنين(عليه السلام) لم يقم بعمل تخريبي ضد حكومة الثلاثة([4]) بل قام مصلحاً ناصحاً لهم، وذلك دليل على منتهى ورعه وحرصه على الإسلام.
دافع مع أهله وذويه كلّ من قام بمعارضة الإسلام، فاصبح النّصر للاسلام، وللكفر الخذلان.
ومما يؤسفنا جدّاً، أنّ العداء السابق لبني هاشم لم يبق للمسلمين هذه السعادة والفلاح، فقام بنو اُميّة وهم أعدى عدوّ للإسلام ضدهم، وأظهروا ما كانوا يكنونه لهم من حسد وبغضاء، فحرمت الأمّة الإسلاميّة من القيادة الصحيحة والزعامة الحقّة، وتفرق المسلمون إلى مذاهب شتى، وبذلك نالوا الحكم والسلطان، وراحوا يبثّون الروايات الموضوعة إلى حدّ لم يبقَ في المسلمين من يميّز بين صحيحها وفاسدها، فقامت معركة لا يمكن أن تخمد نارها إلى يوم القيامة([5]).
بقي هذا الإفراط يتزايد يوماً فيوماً، فحرم الناس من معرفة آل محمد وطريقتهم ومذهبهم.
ومما لا شك فيه أن الإنسان السّعيد في مثل هذه الحالات العصيبة يعرض عن هذه الهفوات فيتمسّك بذيل الروايات المسلّمة بين الفريقين([6])، والمرويّة عن أهل البيت بطريق صحيح.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] ـ للسابق إلى الإسلام والإيمان بوحدانية الله تعالى فضيلة ومكانة عند الله تعالى ليست لغيره ممن بقي عاكفاً على عبادة الأصنام أكثر أيام حياته قال الله تعالى: (وَالسّابِقُونَ السّابِقُونَ * أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنّاتِ النَّعِيمِ) ـ الواقعة: 10ـ12 قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «يا علي أنت أول المؤمنين إيماناً، وأنت أول المسلمين إسلاماً، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى». وقال(صلى الله عليه وآله): «خير هذه الأمة بعدي أوّلها إسلاماً عليّ بن أبي طالب» وقال(صلى الله عليه وآله): «أوّلكم ورداً عليّ الحوض أوّلكم إسلاماً عليّ بن أبي طالب». وقال(صلى الله عليه وآله): «أوّل الناس بي إسلاماً، وآخر الناس بي عهداً، وأول الناس بي لقيا اخي». وقال(صلى الله عليه وآله): «إنّ هذا أول من آمن بي، وهذا أوّل من يصافحني يوم القيامة...» وقال(صلى الله عليه وآله) لعلي(عليه السلام): «أنت أوّل المؤمنين بالله إيماناً، وأوفاهم بعهد الله، وأعظمهم منزلة عند الله يوم القيامة». وقال(صلى الله عليه وآله): «أنت أوّل المسلمين إسلاماً». وقال(صلى الله عليه وآله): «أنت أوّل من آمن بي، واوّل من يصافحني يوم القيامة...». وقال(صلى الله عليه وآله): «امّا والله أنـّه اولكم إيماناً بالله، وأقومكم بأمر الله، وأوفاكم بعهد الله، وأقضاكم بحكم الله، وأقسمكم بالسويّة، وأعدلكم في الرعية، وأعظمكم عند الله مزيّة». وقال(صلى الله عليه وآله) لابنته فاطمة(عليها السلام): «أما ترضين أن زوّجتكِ أقدم اُمتي إسلاماً، وأكثرهم علماً، وأعظمهم حلماً». تقف على مصادر هذه الأحاديث من كتب السنّة في كتابنا (هذه أحاديثنا أم أحاديثكم؟) فمن سبق الناس إلى تصديق الرسول(صلى الله عليه وآله) كان أفضل وأقرب منزلة عند الله تعالى وعند رسوله(صلى الله عليه وآله). فمن استبدل به غيره ممن هو دونه فقد استبدل الأدنى بالذي هو خير، فكان سبيله سبيل اليهود الذين ذمّهم الله تعالى على ذلك فقال لهم:(أَ تَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ) ـ البقرة: 61 ـ فهل من مدّكر؟
[2] ـ يقول الفيلسوف الملحد شبلي الشمّيل: الإمام عليّ بن أبي طالب عظيم العظماء، نسخة مفردة، لم يرَ الشرق ولا الغرب صورة طبق الأصل لا قديماً ولا حديثاً، (الامام عليّ صوت العدالة الانسانية) ج1 ص37.
[3] ـ روى مسلم في صحيحه ج2 ص238 ط. مصر عام 1290 م عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) أنـّه قال: انا تارك فيكم ثقلين، أوّلهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به (فحثّ على كتاب الله ورغب فيه) ثمّ قال: وأهل بيتي. اُذكّركم الله في أهل بيتي، اُذكّركم الله في أهل بيتي، اُذكّركم الله في أهل بيتي.
الرضوي: فلم يعبأ المسلمون بهذه الوصيّة المؤكّدة في أهل بيته فآثروا غيرهم عليهم وخالفوه فكانت عاقبة أمرهم خسراً.
[4] ـ هم الّذين تقدّموا عليه في الخلافة، علماً منهم بأنّها حقّه، وأنّه أولى بها منهم.
[5] ـ ذكر السّيوطي كثيراً منها في كتابه (اللئالي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة) طبع في مجلدين في بيروت نشر دار المعرفة. وقبله إبن الجوزي فقد الف في ذلك كتاباً، قال السّيوطي: أكثر فيه من إخراج الضعيف، قال: ومنهم إبن الصلاح في علوم الحديث واتباعه.
[6] ـ كحديث الغدير، وحديث الثقلين وغيرهما مما جاء في صحاح السنّة ومسانيدهم.