يروى أبو خالد الكابلى أنه سأل الإمام الباقر (ع) حول قوله تعالى:
فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ النُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا «5».
فأجاب الإمام الباقر (ع) قائلًا: يا أبا خالد النور والله الأئمة من آل محمد إلى يوم القيامة، هم والله النور الذى أنزل وهم والله نور الله فى السماوات والأرض والله يا أبا خالد لنور الإمام فى قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار وهم والله ينوّرون قلوب المؤمنين ويحجب الله نورهم عمّن يشاء فتظلم قلوبهم. والله يا أبا خالد لا يحبنا عبد ويتولّانا حتى يطهر الله قلبه، ولا يطهر الله قلب عبد حتى يسلم لنا ويكون سلماّ لنا فإذا كان سلماً سلّمه الله من شديد الحساب وآمنه من فزع يوم القيامة الأكبر «1»
أجل أن الإنسان عندما يجتنب الآثام والذنوب والمعاصى فإن قلبه ينفتح على نور أهل البيت فيتلقى إشراق النور، وحينئذ ينجذب إلى ذواتهم المقدسة فيملأ قلبه بحب أهل البيت (ع) ومودتهم ويتشرّب ثقافتهم ويسلك طريقهم وصراطهم الذى هو صراط الله المستقيم وطريق الحق القويم.
وقد ورد فى مقتل سيد الشهداء (ع) أن عمر بن سعد أرسل من قبله مبعوثاً إلى الإمام الحسين وكان برفقة رسول ابن سعد أربعة رجال وذلك فى ساعات يوم عاشوراء الأولى فقرأ على الإمام (ع) رسالة عمر بن سعد، وقد أجاب الإمام (ع) لكن المبعوث ظل واقفاً فقال له الإمام ألا ترجع إليه بالجواب فقال الرجل: ما جئت إليك لكى أرجع أنا باق معك، أقف إلى جانبك «2».
أجل أن القلم عندما ينفتح أمام شمس الإمام فإن ينغمر بالنور فنشد إلى الإمام ويدور فى فلكه وحينئذ يسعد فى دنياه وآخرته.
فالإمام وكما تفيد الروايات هو نور الله وشأنه المعنوى شأن الله وكل من أطاعه الله ومن أحبه فقد أحب الله ومن بايعه فقد بايع الله.
يروى ابن عباس أنه كان يطوف حول الكعبة فسمع هاتفا يقول: أيها الناس من أراد أن يبايع الله فليبايع حسيناً، «سمعت قائلًا لم أرَ شخصه» «1».
أن أهل البيت هم نور الله عز وجل الذى هو نور السماوات والأرض، وهم فى السنام الأعلى وفى الذروة العليا من الطهر والنقاء والعصمة من الأنام والذنوب، وهم فى أقصى درجات النفور من المعاصى والذنوب، وهم يحبون لشيعتهم أن يكونوا كذلك وأن يبذلوا غاية الجهد فى اجتناب المعاصى وارتكاب الذنوب.
إنّ أهل البيت (ع) يرون الرجس الباطنى ظلمات ولذا يصرّون على شيعتهم أن يقتدوا بهم للخلاص من ظلمة الباطن وظلامه.
إن أهل البيت وهم ذروة الطهر والنقاء لا يحبذون من تلوّث ثوبه بدنس ظاهر أو باطن، ولذا (ع) لا يستقبلون من كان جنباً أو بثوبه لوث.
وقد جاء فى الأخبار أن أحدهم دخل المدينة وكان جنباً وأراد زيارة الإمام الصادق ثم الذهاب إلى الحمام للتطهّر فلما طرق الباب على الإمام إذا بصوته (ع) يأتيه: أن تطهّر ثم ائتنا «2».
اغتسل بدمعك هكذا يقول أهل الطريقة تطهر أولًا ثم انطلق للقاء ذلك الطاهر
كلمة صدقت فى الآفاق وسبرت الوجود والأعماق
أرى فى حنايه علياً أنه يملأ الأبصار والأحداق
ليس كفى هذا الذى قلت فعلى دليل الإيمان فى الآفاق
إن حياة الحب والولاء لأهل البيت (ع) والاقتداء بهم فى كل شؤون الحياة المادية و الروحية أن هكذا حياة هى فى الحقيقة حياة الأنبياء.
يروى الإمام الباقر (ع) عن جدّه رسول الله (ص) قوله:
من أحب أن يحيا حياة تشبه حياة الأنبياء، ويموت ميتة تشبه ميتة الشهداء، ويسكن الجنان التى غرسها الرحمن، فليتولّ علياً وليوال وليّه وليقتد بالأئمة من بعده، فأنهم عترتى، خلقوا من طينتى؛ اللهم أرزقهم فهمى وعلمى، وويل للمخالفين لهم من أمتى، اللهم لا تنلهم شفاعتى «1».
source : دار العرفان / اهل البيت (ع) ملائك الارض للعلامة الاستاذ انصاریان