أهل البيت والعلم
فى قصة النبى سليمان (ع) مع أهل سبأ فى سورة النمل وبعد أن رفض النبى (ع) هديتهم وعاد الوفد إلى اليمن يحمل رسالة سليمان (ع) إلى بلقيس قال النبى لأركان دولته: أيكم يأتينى بعرشها قبل أن يأتونى مسلمين؟ فقال عفريت من الجن: أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك هذا وأنى عليه لقوى أمين.
حينئذ: (قال الذى عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ...) «3».
وعندما رأى سليمان العرش حاضراً عنده قال: هذا من فضل ربى ونلاحظ فى آخر آية من سورة الرعد إشارة إلى من عنده علم الكتاب:
وَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ «1».
وواضح فى الآية الكريمة من سورة النمل أن دخول من علم الكتاب تفيد التبعيض فالذى قام بإحضار عرش بلقيس كان عنده علم من الكتاب.
وإذن فإن وصى سليمان كان عنده جزء من علم الكتاب، أما الآية (43) من سورة الرعد فتشير إلى من عنده علم الكتاب.
فمصداق الآية الكريمة عنده علم الكتاب وهو الذى يشهد بالصدق على رسالة النبى محمد (ص)، فهو أعلم الناس بعد الرسول (ص) ولقد أجمع مفسرو الشيعة الإمامية وكثير من مفسرى السنة أن مصداق هذه الآية ليس إلا الإمام على أمير المؤمنين (ع).
وهو الشخص الذى يشهد على صدق رسالة النبى (ص)، وهو أعلم الأمة وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ بعد النبى (ص) والآية نزلت وكان الإمام على (ع) دون العشرين.
يقول الصحابى أبو سعيد الخدرى:
سألت رسول الله (ص) عن قول الله تعالى: وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ قال: ذاك أخى على بن أبى طالب «2».
وهذه الرواية مثبتة فى مصادر السنة أيضاً.
وعن الإمام أمير المؤمنين (ع)، فى قوله تعالى: قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ
أنا هو الذى عنده علم الكتاب «3».
وقال عبدالرحمن بن كثير فى هذه الآية من قوله تعالى: قال الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ «1».
وأنه سأل الإمام الصادق عن تفسيرها، فأشار الإمام إلى صدره بأصبعين مفتوحين وقال: وعندنا والله علم الكتاب كله «2».
وجاء فى الحديث القدسى عن رسول الله (ص) أن الله عز وجل قال مخاطباً نبيه (ص) حول أهل بيت الرسول (ص): هم خزّانى على علمى من بعدك «3».
وعن الإمام على بن الحسين السجاد (ع) قال: نحن أبواب الله ونحن الصراط المستقيم، ونحن عيبة علمه ونحن تراجمه وحيه، ونحن أركان توحيده، ونحن موضع سرّه «4».
ويقول الإمام على أمير المؤمنين (ع): ألا أن العلم الذى هبط به آدم وجميع ما فضلت به النبيون إلا خاتم النبيين فى عترة خاتم النبيين والمرسلين محمد (ص) فأين يتاه بكم وأين تذهبون «5».
وعن رسول الله (ص) قال:
نحن أهل بيت مفاتيح الرحمة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة ومعدن العلم «6».
وعن الإمام السجاد (ع) قال: ما ينقم الناس منا! فنحن والله شجرة النبوّة وبيت الرحمة، ومعدن العلم ومختلف الملائكة «1».
إنّ أهل البيت (ع) هم الراسخون فى العلم وهم معدن الحكمة والفكر وهم ورثة علوم الأنبياء وهم من عندهم أسرار السماء.
وأهل البيت عندهم الاسم الأعظم للحق تعالى، وهم أعلم الناس بلغات الناس وهم من عندهم علم الأولين والآخرين، علم ما مضى وعلم ما يأتى، وأعلم العالمين بكتب السماء ورسالات الله.
وهم بيت الله وسفينة نوح وعدل القرآن وأفضل الناس وهم أولو الأمر وأهل الذكر وأساس الحق، وهم معدن الرسالة وأركان العالم وحرّاس الشريعة والأمناء على الدين.
وهذه كتب الحديث والروايات تشهد لهم بذلك وهذا الكافى يشهد لهم وتفسير القرآن ومعانى الأخبار وكفاية الأثر وينابيع المودة، ونزهة الناظر كلها تنطق بالحق وما بعد الحق إلا الضلال.
source : دارالعرفان/ اهل البيت (ع) ملائكة الارض،للعلامة الشیخ حسین انصاریان