حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن علي بن معبد، عن درست، عن ابن أذينة عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: قلت له جعلت فداك ما تقول في القضاء والقدر؟ قال: أقول: إن الله تبارك وتعالى إذا جمع العباد يوم القيامة سألهم عما عهد إليهم ولم يسألهم عما قضى عليهم.
أبي رحمه الله، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد البرقي، عن عبد الملك بن عنترة الشيباني، عن أبيه، عن جده، قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر، قال عليه السلام: بحر عميق فلا تلجه، قال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر، قال عليه السلام: طريق مظلم فلا تسلكه، قال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر، قال عليه السلام: سر الله فلا تكلفه قال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أما إذا أبيت فإني سائلك، أخبرني أكانت رحمة الله للعباد قبل أعمال العباد أم كانت أعمال العباد قبل رحمة الله؟! قال: فقال له الرجل: بل كانت رحمة الله للعباد قبل أعمال العباد، فقال أمير المؤمنين عليه السلام:
قوموا فسلموا على أخيكم فقد أسلم وقد كان كافرا، قال: وانطلق الرجل غير بعيد، ثم انصرف إليه فقال له: يا أمير المؤمنين أبا لمشية الأولى نقوم ونقعد ونقبض ونبسط؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: وإنك لبعد في المشية أما إني سائلك عن بيانه أنه تعالى لا يسأل العباد يوم القيامة عما قضى عليهم قضاء تكوينيا حتى نفس أفعالهم الصادرة عنهم لأنها من حيث هي هي أشياء تقع في الوجود تبعا لعللها فليست خارجة عن حيطة قدره تعالى وقضائه. بل مورد السؤال يوم القيامة هو أفعالهم من حيث الموافقة و المخالفة لقضائه التشريعي الذي هو التحليل والتحريم، وهذا هو العهد.
ثلاث لا يجعل الله لك في شئ منها مخرجا: أخبرني أخلق الله العباد كما شاء أو كما شاؤوا؟! فقال: كما شاء، قال عليه السلام: فخلق الله العباد لما شاء أو لما شاؤوا؟! فقال:
لما شاء، قال عليه السلام: يأتونه يوم القيامة كما شاء أو كما شاؤوا؟ قال: يأتونه كما شاء، قال عليه السلام: قم فليس إليك من المشية شئ.
أبي رحمه الله، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد الإصبهاني عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة عن الزهري، قال: قال رجل لعلي بن الحسين عليهما السلام،: جعلني الله فداك أبقدر يصيب الناس ما أصابهم أم بعمل؟
فقال عليه السلام: إن القدر والعمل بمنزلة الروح والجسد، فالروح بغير جسد لا تحس والجسد بغير روح صورة لا حراك بهافإذا اجتمعا قويا وصلحا، وكذلك العمل والقدر، فلو لم يكن القدر واقعا على العمل لم يعرف الخالق من المخلوق وكان القدر شيئا لا يحس، ولو لم يكن العمل بموافقة من القدر لم يمض ولم يتم، ولكنهما باجتماعهما قويا، ولله فيه العون لعباده الصالحين ثم قال عليه السلام: ألا إن من أجور الناس من رأى جوره عدلا وعدل المهتدي جورا، إلا إن للعبد أربعة أعين: عينان يبصر بهما أمر آخرته، وعينان يبصر بهما أمر دنياه، فإذا أراد الله عز وجل بعبد خيرا فتح له العينين اللتين في قلبه فأبصر بهما العيب وإذا أراد غير ذلك ترك القلب بما فيه، ثم التفت إلى السائل عن القدر فقال: هذا منه، هذا منه.
حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا علي بن زياد، قال:
حدثنا مروان بن معاوية، عن الأعمش، عن أبي حيان التيمي، عن أبيه - و كان مع علي عليه السلام يوم صفين وفيما بعد ذلك - قال: بينا علي بن أبي طالب عليه السلام يعبي الكتائب يوم صفين ومعاوية مستقبله على فرس له يتأكل تحته تأكلا وعلي عليه السلام على فرس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المرتجز، وبيده حربة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو متقلد سيفه ذو الفقار فقال رجل من أصحابه: احترس يا أمير المؤمنين فإنا نخشى أن يغتالك هذا الملعون، فقال عليه السلام: لئن قلت ذاك إنه غير مأمون على دينه وإنه لأشقى القاسطين وألعن الخارجين على الأئمة المهتدين، ولكن كفى بالأجل حارسا، ليس أحد من الناس إلا ومعه ملائكة حفظة يحفظونه من أن يتردى في بئر أو يقع عليه حائطا أو يصيبه سوء، فإذا حان أجله خلوا بينه وبين ما يصيبه، وكذلك أنا إذا حان أجلي انبعث أشقاها فخضب هذه من هذا - وأشار إلى لحيته ورأسه - عهدا معهودا ووعدا غير مكذوب، والحديث طويل، أخذنا منه موضع الحاجة، وقد أخرجته بتمامه في كتاب الدلائل والمعجزات.
حدثنا أبي، ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمهما الله قالا: حدثنا محمد بن يحيى العطار، وأحمد بن إدريس جميعا، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، عن إبراهيم بن هاشم، عن علي بن معبد، عن عمر بن أذينة، عن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كما أن بادي النعم من الله عز وجل وقد نحلكموه، فلذلك الشر من أنفسكم وإن جرى به قدره.
أبي رحمه الله، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا محمد بن أحمد، عن يوسف بن الحارث، عن محمد بن عبد الرحمن العرزمي، عن أبيه عبد الرحمن بإسناده رفعه إلى من قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: قدر الله المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة.
حدثنا علي بن عبد الله الوراق، وعلي بن محمد بن الحسن المعروف بابن مقبرة القزويني قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن ثابت عن سعد بن طريف عن الإصبع بن نباته، قال: إن أمير المؤمنين عليه السلام عدل من عند حائط مائل إلى حائط آخر، فقيل له، يا أمير المؤمنين أتفر من قضاء الله؟ فقال: أفر من قضاء الله إلى قدر الله عز وجل.
حدثنا أبو الحسن محمد بن عمرو بن علي البصري قال: حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن المثنى قال: حدثنا أبو الحسن علي بن مهرويه القزويني، قال: حدثنا أبو أحمد الغازي، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا
قال: حدثنا أبي موسى بن جعفر، قال: حدثنا أبي جعفر بن محمد، قال: حدثنا أبي محمد بن علي، قال: حدثنا أبي علي بن الحسين، قال: حدثنا أبي الحسين ابن علي عليهم السلام، قال: سمعت أبي علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: الأعمال على ثلاثة أحوال: فرائض وفضائل ومعاصي وأما الفرائض فبأمر الله عز وجل، وبرضى الله وقضاء الله وتقديره ومشيته وعلمه، وأما الفضائل فليست بأمر الله ولكن برضى الله و بقضاء الله وبقدر الله وبمشيته وبعلمه، وأما المعاصي فليست بأمر الله ولكن بقضاء الله وبقدر الله وبمشيته وبعلمه، ثم يعاقب عليها.
قال مصنف هذا الكتاب: قضاء الله عز وجل في المعاصي حكمه فيها، ومشيته في المعاصي نهيه عنها، وقدره فيها علمه بمقاديرها ومبالغها.
وبهذا الإسناد قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: الدنيا كلها جهل إلا مواضع العلم، والعلم كله حجة إلا ما عمل به، والعمل كله رياء إلا ما كان مخلصا، و الاخلاص على خطر حتى ينظر العبد بما يختم له.
حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد المؤدب رضي الله عنه، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي ابن أبي طالب عليهم السلام، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: قال الله جل جلاله:
من لم يرض بقضائي ولم يؤمن بقدري فليلتمس إلها غيري، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
في كل قضاء الله خيرة للمؤمن.
حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمد بن عذافر، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم في بعض أسفاره إذا لقيه ركب فقالوا: السلام عليك يا رسول الله، فالتفت إليهم فقال: ما أنتم؟ فقالوا: مؤمنون، فقال: ما حقيقة إيمانكم. قالوا: الرضا بقضاء الله والتسليم لأمر الله والتفويض إلى الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: علماء حكماء كادوا أن يكونوا من الحكمة أنبياء، فإن كنتم صادقين فلا تبنوا ما لا تسكنون، ولا تجمعوا ما لا تأكلون، واتقوا الله الذي إليه ترجعون.
حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن هارون ابن مسلم عن ثابت بن أبي صفية، عن سعد الخفاف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام لرجل: إن كنت لا تطيع خالقك فلا تأكل رزقه وإن كنت واليت عدوه فاخرج عن ملكه، وإن كنت غير قانع بقضائه وقدره فاطلب ربا سواه.
وبهذا الإسناد، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: قال الله تبارك وتعالى لموسى عليه السلام: يا موسى احفظ وصيتي لك بأربعة أشياء: أولهن ما دمت لا ترى ذنوبك تغفر فلا تشغل بعيوب غيرك والثانية ما دمت لا ترى كنوزي قد نفدت فلا تغتم بسبب رزقك، والثالثة ما دمت لا ترى زوال ملكي فلا ترج أحدا غيري، والرابعة ما دمت لا ترى الشيطان ميتا فلا تأمن مكره.
15 - وبهذا الإسناد عن الإصبع بن نباتة، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام:
أما بعد فإن الاهتمام بالدنيا غير زائد في الموظوف وفيه تضييع الزاد، والاقبال على الآخرة غير ناقص من المقدور وفيه إحراز المعاد، وأنشد:
لو كان في صخرة في البحر راسية صماء ملمومة ملس نواحيها
رزق لنفس يراها الله لا نفلقت عنه فأدت إليه كل ما فيها
أو كان بين طباق السبع مجمعه لسهل الله في المرقى مراقيها
حتى يوافي الذي في اللوح خط له إن هي أتته وإلا فهو يأتيها
قال مصنف هذا الكتاب: كل ما مكننا الله عز وجل من الانتفاع به ولم يجعل لأحد منعنا منه فقد رزقناه وجعله رزقا لنا، وكل ما لم يمكننا الله عز وجل من الانتفاع به وجعل لغيرنا منعنا منه فلم يرزقناه ولا جعله رزقا لنا.
حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، عن أحمد بن سليمان، قال: سأل رجل أبا الحسن عليه السلام وهو في الطواف فقاله له: أخبرني عن الجواد، فقال له: إن لكلامك وجهين: فإن كنت تسأل عن المخلوق فإن الجواد الذي يؤدي ما افترض الله عز وجل عليه، والبخيل من بخل بما افترض الله عليه، وإن كنت تعني الخالق فهو الجواد إن أعطى وهو الجواد إن منع لأنه إن أعطى عبدا أعطاه ما ليس له وإن منع ما ليس له.
حدثنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله ابن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، قال: حدثني جدي
أقوله: الله تعالى خالق الخلق ورازقهم، والخلق هو الايجاد، والرزق هو إيصال ما ينتفع به الموجود إليه، وكما يطلق الخلق على المخلوق يطلق الرزق على المرزوق أي ما ينتفع به الموجود، وهذا أمر تكويني داخل تحت القدر والقضاء، يستوي فيه الإنسان و غيره والمكلف وغيره وكاسب الحلال وغيره، فإن على الله رزق كل موجود إن أراد بقاءه، ثم إن من الرزق ما يكتسب بأسباب في أيدي المكلفين من المعاملات وغيرها، وبعض تلك الأسباب ممضى من الشارع وبعضها غير ممضى، وما يكتسب بالأول فهو الحلال وما يكتسب بالثاني فهو الحرام، فاختلف المسلمون فالمعتزلة وفاقا للإمامية إلى أن الحلال رزق والحرام لا يسمى رزقا، والأشاعرة إلى أن كليهما رزق، ولكل من الفريقين متمسكات من الكتاب والسنة، وقول المصنف هنا: (ولم يجعل لأحد منعنا منه) لإخراج الحرام. وتفصيل الكلام في محله.
يحيى بن الحسن، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، قال: حدثني ابن أبي عمير و عبد الله بن المغيرة، عن أبي حفص الأعشى، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين عليهما السلام، قال:
خرجت حتى انتهيت إلى هذا الحائط فاتكيت عليه، فإذا رجل عليه ثوبان أبيضان ينظر في وجهي، ثم قال لي: يا علي بن الحسين ما لي أراك كئيبا حزينا، أعلى الدنيا حزنك؟
فرزق الله حاضر للبر والفاجر، فقلت: ما على هذا أحزن وإنه لكما تقول، قال:
أفعلى الآخرة حزنك؟ فهو وعد صادق يحكم فيه ملك قاهر، قلت: ما على هذا أحزن وإنه لكما تقول: قال: فعلى ما حزنك؟ فقلت: أنا أتخوف من فتنة ابن الزبير فضحك، ثم قال: يا علي بن الحسين هل رأيت أحدا خاف الله تعالى فلم ينجه. قلت: لا، قال: يا علي بن الحسين هل رأيت أحدا سأل الله عز وجل فلم يعطه؟ قلت: لا، قال عليه السلام: ثم نظرت فإذا ليس قدامي أحد.
حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رحمه الله، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن المفضل بن صالح، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام، قال:
إن موسى بن عمران عليه السلام قال: يا رب رضيت بما قضيت، تميت الكبير وتبقي الصغير، فقال الله جل جلاله: يا موسى أما ترضاني لهم رازقا وكفيلا؟ قال: بلى يا رب، فنعم الوكيل أنت ونعم الكفيل.
حدثنا حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب عليهم السلام، وأحمد بن الحسن القطان، ومحمد بن إبراهيم بن أحمد المعاذي، قالوا: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني مولى بني هاشم، قال:
حدثنا يحيى بن إسماعيل الجريري قراءة، قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل قال: حدثنا عمرو بن جميع، عن جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: دخل الحسين بن علي عليهما السلام، على معاوية فقال له: ما حمل أباك على أن قتل أهل البصرة ثم دار عشيا في طرقهم في ثوبين؟! فقال عليه السلام: حمله على ذلك علمه أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه، قال:
صدقت، قال: وقيل لأمير المؤمنين عليه السلام لما أراد قتال الخوارج: لو احترزت يا أمير المؤمنين فقال عليه السلام:
أي يومي من الموت أفر أيوم لم يقدر أم يوم قدر
يوم ما قدر لا أخشى الردى وإذا قدر لم يغن الحذر
حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن أحمد الإصبهاني، قال: حدثنا مكي بن أحمد بن سعدويه البرذعي، قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن القاسم بن عبد الرحمن العتكي، قال: حدثنا محمد بن أشرس، قال: حدثنا إبراهيم بن نصر قال: حدثنا وهب بن وهب بن هشام أبو البختري، قال: حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: يا علي إن اليقين أن لا ترضي أحدا على سخط الله، ولا تحمدن أحدا على ما آتاك الله، ولا تذمن أحدا على ما لم يؤتك الله، فإن الرزق لا يجره حرص حريص ولا يصرفه كره كاره، فإن الله عز وجل بحكمته وفضله جعل الروح والفرج في اليقين والرضا، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط، إنه لا فقر أشد من الجهل ولا مال أعود من العقل، ولا وحدة أوحش من العجب، ولا مظاهرة أوثق من المشاورة، ولا عقل كالتدبير، ولا ورع كالكف عن المحارم، ولا حسب كسن الخلق، ولا عبادة كالتفكر، وآفة الحديث الكذب، وآفة العلم النسيان وآفة العبادة الفترة، وآفة الظرف الصلف، وآفة الشجاعة البغي، وآفة السماحة المن، وآفة الجمال الخيلاء، وآفة الحسب والفجر.
حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رحمه الله، قال: حدثنا أبي، قال:
حدثنا محمد بن أبي الصهبان، قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن زياد الأزدي، قال:
حدثني أبان الأحمر، عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام، أنه جاء إليه رجل فقال له:
بأبي أنت وأمي عظني موعظة، فقال عليه السلام، إن كان الله تبارك وتعالى قد تكفل بالرزق فاهتمامك لماذا، وإن كان الرزق مقسوما فالحرص لماذا، وإن كان الحساب حقا فالجمع لماذا، وإن كان الخلف من الله عز وجل حقا فالبخل لماذا وإن كانت العقوبة من الله عز وجل النار فالمعصية لماذا، وإن كان الموت حقا فالفرح لماذا وإن كان العرض على الله عز وجل حقا فالمكر لماذا، وإن كان الشيطان عدوا فالغفلة لماذا، وإن كان الممر على الصراط حقا فالعجب لماذا، وإن كان كل شئ بقضاء وقدر فالحزن لماذا، وإن كانت الدنيا فانية فالطمأنينة إليها لماذا؟!.
حدثنا أبو منصور أحمد بن إبراهيم بن بكر الخوري بنيسابور، قال:
حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن هارون الخوري، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن زياد الفقيه الخوري، قال: حدثنا أحمد بن عبد الله الجويباري الشيباني، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله عز وجل قدر المقادير ودبر التدابير قبل أن يخلق آدم بألفي عام.
حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد الأشناني الرازي العدل ببلخ، قال: حدثنا علي بن مهرويه القزويني قال: حدثنا علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، قال: إن يهوديا سأل علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: أخبرني عما ليس لله وعما ليس عند الله وعما لا يعلمه الله، فقال عليه السلام: أما ما لا يعلمه الله عز وجل فذلك قولكم يا معشر اليهود:
إن عزيرا ابن الله والله لا يعلم له ولدا، وأما قولك ما ليس لله فليس لله شريك، و قولك: ما ليس عند الله فليس عند الله ظلم للعباد، فقال اليهودي: أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
حدثنا محمد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس الليثي، قال: حدثنا أحمد ابن محمد بن سعيد الهمداني مولى بني هاشم، قال: أخبرني الحارث بن أبي أسامة قراءة، عن المدائني، عن عوانة بن الحكم، وعبد الله بن العباس بن سهل الساعدي،
قد مضى في الحديث السابع تقدير المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، والاختلاف يدل على تعدد التقدير للكل، أو أن التقدير لبعض الأشياء قبل بعضها.
يقال الأجل لنفس المدة كقوله تعالى (أيما الأجلين قضيت) ولمنتهى المدة كقوله تعالى: (إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى) فأجل الإنسان منتهى مدة حياته الذي يقع فيه موته بالقتل أو بحتف الأنف، وأجل أمة وقت فنائهم، وقال قوم من المعتزلة: إن أجل المقتول ليس الوقت الذي يقتل فيه بل الوقت الذي لو لم يقتل لبقي إليه هو أجله، وقد ورد في آيات وأخبار أن الأجل أجلان: المقضى والمسمى، وتفصيل الكلام في محله، وقال العلامة رحمه الله في شرح التجريد: اختلف الناس في المقتول لو لم يقتل فقالت المجبرة: إنه كان يموت قطعا وهو قول أبي الهذيل العلاف، وقال بعض البغداديين: إنه كان يعيش قطعا، وقال أكثر المحققين: إنه كان يجوز أن يعيش ويجوز له أن يموت.
وقد قال الله عز وجل: (قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم) وقال عز وجل: (قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل) ولو قتل جماعة في وقت لجاز أن يقال: إن جميعهم ماتوا بآجالهم وإنهم لو لم يقتلوا لماتوا من ساعتهم، كما كان يجوز أن يقع الوبا في جميعهم فيميتهم، في ساعة واحدة، وكان لا يجوز أن يقال: إنهم ماتوا بغير آجالهم، وفي الجملة أن أجل الإنسان هو الوقت الذي علم الله عز وجل أنه يموت فيه أو يقتل، وقول الامام الحسن عليه السلام في أبيه عليه السلام (إنه عاش بقدر ومات بأجل) تصديق لما قلناه في هذا الباب والله الموفق للصواب بمنه.
حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب السجزي بنيسابور، قال:
أخبرنا أبو نصر منصور بن عبد الله بن إبراهيم الإصبهاني، قال: حدثنا علي بن عبد الله، قال: حدثنا الحسن بن أحمد الحراني، قال: حدثنا يحيى بن عبد الله بن الضحاك، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، قال: قيل لأمير المؤمنين عليه السلام:
ألا نحرسك، قال: حرس كل امرء أجله.
حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب قال: حدثنا منصور بن عبد الله، قال: حدثنا علي بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن وهب، قال: كنا مع سعيد بن قيس بصفين ليلا والصفان ينظر كل واحد منهما إلى صاحبه حتى جاء أمير المؤمنين عليه السلام فنزلنا على فنائه فقال له سعيد بن قيس: أفي هذه الساعة يا أمير المؤمنين؟! أما خفت شيئا، قال: وأي شئ أخاف؟! إنه ليس من أحد إلا و معه ملكان موكلان به أن يقع في بئر أو تضربه دابة أو يتردى من جبل حتى يأتيه القدر، فإذا أتى القدر خلوا بينه وبينه.
حدثنا أبو نصر محمد بن أحمد بن إبراهيم بن تميم السرخسي بسرخس قال: حدثنا أبو لبيد محمد بن إدريس الشامي، قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد
الجوهري، قال: حدثنا أبو ضمرة أنس بن عياض، عن أبي حازم، عن عمر وبن شعيب عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى يؤمن بالقدر خيره وشره وحلوه ومره.
حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي الله عنه، قال:
حدثنا محمد بن الحسن الطائي، قال: حدثنا أبو سعيد سهل بن زياد الآدمي، الرازي عن علي بن جعفر الكوفي، قال: سمعت سيدي علي بن محمد يقول: حدثني أبي محمد بن علي، عن أبيه الرضا علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين ابن علي عليهم السلام، وحدثنا محمد بن عمر الحافظ البغدادي، قال: حدثني أبو القاسم إسحاق بن جعفر العلوي، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد بن علي، عن سليمان ابن محمد القرشي، عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي عليهم السلام - واللفظ لعلي بن أحمد بن محمد ابن عمران الدقاق - قال: دخل رجل من أهل العراق على أمير المؤمنين عليه السلام فقال: أخبرنا عن خروجنا إلى أهل الشام أبقضاء من الله وقدر؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: أجل يا شيخ، فوالله ما علوتم تلعة ولا هبطتم بطن واد إلا بقضاء من الله وقدر فقال الشيخ: عند الله أحتسب عنائي يا أمير المؤمنين، فقال: مهلا يا شيخ، لعلك تظن قضاء حتما وقدرا لازما لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب والأمر والنهي والزجر، ولسقط معنى الوعيد والوعد، ولم يكن على مسيئ لائمة ولا لمحسن محمدة، ولكان المحسن أولى باللائمة من المذنب والمذنب أولى بالاحسان من المحسن تلك مقالة عبدة الأوثان وخصماء الرحمن وقدرية هذه الأمة ومجوسها يا شيخ إن الله عز وجل كلف تخييرا، ونهى تحذيرا، وأعطى على القليل كثيرا، ولم يعص مغلوبا، ولم يطع مكرها، ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار.
قال: فنهض الشيخ وهو يقول:
أنت الإمام الذي نرجو بطاعته يوم النجاة من الرحمن غفرانا
أوضحت من ديننا ما كان ملتبسا جزاك ربك عنا فيه إحسانا
فليس معذرة في فعل فاحشة قد كنت راكبها فسقا وعصيانا
لا لا ولا قائلا ناهيه أوقعه فيها عبدت إذا يا قوم شيطانا
ولا أحب ولا شاء الفسوق ولا قتل الولي له ظلما وعدوانا
أني يحب وقد صحت عزيمته ذو العرش أعلن ذاك الله إعلانا
المصدر :
بتصرف /التوحید – للشیخ الصدوق ص364-3