نفايات التاريخ وحثالة المجتمع وهامش الوجود تسلقوا منابر من جماجم وصاروا يتحدثون عن الانسان والاخلاق والقيم وباسم الدين والاحکام والشرع والموازين ونصبوا انفسهم خلفاء لله في ارضه وراحوا يعيثون في الارض الفساد .
فهم اشخاص وهميون نکرات ثياب التقوی يلبسون وعلنا يقتلون ويذبحون ويسرحون ويمرحون ، ننتخب منهم الحجاج بن يوسف الثقفي . و « الحجاج » الوهمي فيظهر في الخطب الموضوعة التالية : « اردعوا هذه الانفس فأنها اسأل شيء إذا أعطيت وأعطى شيء إذا سئلت. فرحم الله أمرا جعل لنفسه خطاما وزماما فقادها بخطامها إلى طاعة الله ، وعطفها بزمامها عن معصية الله فانني رأيت الصبر عن محارم الله أيسر من الصبر على عذاب الله (1).
حقاً إنه لحجاج غريب !! إنه أقرب إلى روح الحسن البصري ومن هم على شاكلته من الزهاد منه الى الحجاج بن يوسف والجلاد السفاك. استمع إلى هذا « الحجاج » يقول :
« إن امرءاً أتت عليه ساعة من عمره لم يذكر فيها ربه ويستغفر ربه من ذنبه ويفكر في ميعاده لجدير أن يطول حزنه ويتضاعف أسفه. إن الله كتب على الدنيا الفناء وعلى الآخرة البقاء (2).
وقد نقلت من أمالي أبي احمد العسكري « خطب » كثيرة لصاحبنا « الحجاج » هذا نموذج منها :
أيها الناس قد أصبحتم في أجل منقوص وعمل محفوظ. رب دائب مطيع ، وساع لغيره.
خذوا من أنفسكم لأنفسكم ومن غناكم لفقركم ، ومما في أيديكم لما بين أيديكم.
الموت في أعناقكم والنار بين أيديكم والجنة أمامكم. فكأن ما قد مضى من الدنيا لم يكن ، وكأن الاموات لم يكونوا.
وكل ما ترونه فهو ذاهب. هذه شمس عاد وثمود وقرون كثيرة بين ذلك.
هذه الشمس التي طلعت على التبابعة والأكاسرة وخزائنهم السائرة بين أيديهم وقصورهم المشيدة. ثم طلعت الشمس على قبورهم.
اين الملوك الأولون؟ اين الجبابرة المتكبرون؟ المحاسب الله والصراط منصوب وجهنم تزفر وتتوقد ، وأهل الجنة ينعمون في روضة يحبرون.
جعلنا الله وإياكم من الذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صماً وعمياناً (3)
ومن الغريب أن ينتقل الكذب من الأحياء إلى الاموات. وأطرف ما عثرنا عليه في هذا الباب ما رواه ابن عبد ربه (4) عن صديقنا « الحجاج الآنف الذكر حين قال :
« سمع صياح الحجاج في قبره فأتوا إلى يزيد بن أبي مسلم فأخبروه فركب في أهل الشام فوقف على قبره فسمع فقال :
يرحمك الله يا أبا محمد !! فما تدع قراءة القرآن حياً وميتاً ».
وهناك نوع آخر من الكذب برع فيه الامويون. بدأه شيخهم معاوية وبلغ الذروة في احكامه ونسجه ولا يختلف هذا النوع من الكذب عن الكذب المنظم الذي تقوم به أجهزة الدعاية الحديثة في كثير من الأقطار.
وليس من غير الممكن أن يتصدى الباحث ـ الذي له متسع من الوقت والولع والجهد ـ لدراسة مقارنة بين أساليب الدعاية عند هتلر وزميله ابن أبي سفيان.
وبقدر ما يتعلق الأمر بأساليب الدعاية التي تبناها معاوية ـ وتقع ضمن هذا الباب التي كانت تهدف إلى تثبيت قواعد حكمه يمكننا أن نقدم للقارئ الامثلة التالية :
ذكر ابراهيم بن سعد بن هلال الثقفي صاحب « كتاب الغارات أن معاوية كتب لقيس أن يدعوا أهل مصر للمطالبة بدم عثمان وأن يبايعوا لمعاوية ثم قال :
« ولك سلطان العراقين إن ظفرنا ما بقيت ، ولمن أحببت من أهل بيتك سلطان الحجاز ما دام لي سلطان. وسلني عن غير هذا مما تحب ، فإنك لا تسألني شيئاً إلا اتيته ، فأراد قيس أن يخادعه فكتب له يماطله. فأجابه معاوية :
أما بعد : فلم أرك تدنو فأعدك سلما ، ولم أرك تتباعد فأعدك حربا. أراك كحبل الجزور. وليس مثلي يصانع بالخداع ، ولا يخدع بالمكايد ...
فلما قرأ سعد ذلك كتب له.
أما بعد : فالعجب من استسقاطك رأيي. والطمع في أن تسومني ـ لا أباً لغيرك ـ الخروج من طاعة أولى الناس بالامر واقولهم بالحق واهداهم سبيلا ، واقربهم من طاعة أولى الناس بالامر وأقولهم بالحق اهداهم سبيلا ، وأقرابهم من رسول الله وتأمرني بالدخول في طاعتك : طاعة أبعد الناس من هذا الامر ، وأقولهم بالزور ، وأضلهم سبيلا ، وأبعدهم عن رسول الله. » فيئس معاوية منه. « فاظهر للناس أن قيسا قد بايعكم فادعوا له.
وقرأ لهم كتابه الذي لان فيه وقاربه.
واختلق كتابا نسبه إلى قيس فقرأه على أهل الشام للامير معاوية بن أبي سفيان من قيس بن سعد.
أما بعد : إن قتل عثمان كان حدثا في الاسلام عظيماً. وقد نظرت لنفسي وديني فلم أر بوسعي مظاهرة قوم قتلوا إمامهم مسلما محرما برا أنقيا. فنستغفر الله لذنوبنا. إلا وأني قد ألقيت لكم بالسلام واحببت الى قتال قتلة إمام الهدى المظلوم. فاطلب مني ما أحببت من الاموال والرجال أعجله إليك ».
وقال ابراهيم بن (5) سعد بن هلال الثقفي صاحب « كتاب الغارات » « حدثني عبد الله بن علي بن محمد بن ابي سيف عن أصحابه أن عليا كتب الى محمد بن أبي بكر كتابا ينظر فيه ويتأدب بأدبه ـ عندما كان واليا على مصر ـ. فلما ظهر عليه عمرو بن العاص وقتله أخذ كتبه فبعث بها إلى معاوية ... فقال معاوية لخاصته أنا لا نقول أن هذا من كتب علي بن أبي طالب. ولكن نقول هذا من كتب أبي بكر التي كانت عند أبنه ».
وروى (6) إبراهيم بن سعد بن هلال الثقفي صاحب « كتاب الغارات » عن محمد ابن عبد الله بن عثمان عن علي بن محمد بن ابي سيف المدائني.
« أن معاوية اقبل يقول لاهل الشام :
أيها الناس أن عليا وجه الاشتر إلى مصر فادعوا الله أن يكفيكوه .. ودس إليه من يسقيه السم. « فكانوا يدعون عليه في كل صلاة. وأقبل الذي سقاه السم إلى معاوية فأخبره بهلاك الاشتر. فقام معاوية في الناس خطيباً فقال :
أما بعد فإنه كان لعلي يدان يمينان. فقطعت إحداهما يوم صفين ـ وهو عمار ابن ياسر ـ والاخرى اليوم ـ وهو مالك الاشتر ».
ثم أخبرهم بأن هلاك الاشتر نتج عن دعائهم ربهم عليه في صلاتهم لانهم حزب الله « وحزب الله هم الغالبون » وهمس في أذن عمرو بأن لله جنوداً من عسل.
وكتب معاوية (7) إلى شرحبيل بن السمط الكندي ـ وهو عدو لجرير بن عبد الله البجلي الذي أرسله علي طالبا البيعة له من معاوية ـ أما بعد « فإن جرير بن عبد الله قدم علينا من عند علي بن أبي طالب بأمر. فأقدم علينا. ودعا معاوية يزيد بن أسد وبسر بن أبي ارطاة وعمرو بن سفيان ومخارق بن الحرث الزبيدي وحمزة بن مالك وحابس بن سعد الطائي ، وهؤلاء رؤوس قحطان واليمن.
كانوا ثقات عند معاوية ، وهم بنو عم شرحبيل بن السمط. فأمرهم أن يلقوه ويخبروه كل على حدة أن عليا هو الذي قتل عثمان.
فلما قدم شرحبيل على معاوية أمر الناس أن يتلقوه ويعظموه. فلما دخل على معاوية تكلم معاوية فقال يا شرحبيل إن جرير بن عبد الله قدم علينا يدعونا إلى بيعة علي وعلي خير الناس لولا أنه قتل عثمان بن عفان. وقد حبست نفسي عليك وإنما أنا رجل من الشام أرضي ما رضوا وأكره ما كرهوا.
فقال شرحبيل : أخرج فانظر. فلقيه هؤلاء النفر الموطئون. فكلهم أخبره أن عليا قتل عثمان. فرجع مغضبا إلى معاوية ، فقال يا معاوية : أبى الناس إلا ان عليا قتل عثمان. والله إن بايعت لنخرجنك من شامنا ولنقتلنك.
فقال معاوية : ما كنت لأخالف عليكم. ما أنا إلا رجل من أهل الشام.
وروى ابراهيم بن محمد بن سعد بن هلال الثقفي في « كتاب الغارات » (من أساليبه في تهيئة أتباعه للحرب.) قال كانت غارة الضحاك بن قيس ـ بعد الحكمين وقبل النهروان.
وكتب معاوية لهم نسخة واحدة. فقرئت على الناس : أما بعد فإنا كتبنا كتاباً بيننا وبين علي. وشرطنا شروطا وحكمنا رجلين يحكمان علينا وعليه بحكم الكتاب لا بعدوانه. وجعلنا عهد الله وميثاقه على من نكث العهد ولم يمض الحكم : وإن حكمي الذي كنت حكمته أثبتني وأن حكمه خلعه.
وقد أقبل علينا علي ظالما. ومن نكث فإنما ينكث على نفسه. تجهزوا للحرب بأحسن جهاز. وأعدوا آلة القتال. وأقبلوا خفافاً وثقالا. يسرنا الله وإياكم لصالح الاعمال.
وخطب معاوية في أهل الشام فقال مندداً بخصمه علي. « يا اهل الشام ما ظنكم برجل لم يصلح لأخيه » وذلك عندما فارق عقيل أخاه والتحق بمعاوية في قصته المعروفة
يا اهل الشام « إن أبا لهب ـ المذموم في القرآن باسمه ـ هو عم علي بن أبي طالب فارتاع أهل الشام وشتموا عليا ولعنوه (8) ».
وروى ابراهيم (9) بن محمد بن سعد بن هلال الثقفي صاحب « كتاب الغارات » أن النعمان بن بشير قدم هو وأبو هريرة على علي بن أبي طالب من عند معاوية ـ بعد أبي مسلم الخولاني ـ يسألانه أن يدفع قتلة عثمان الى معاوية ليقيدهم بعثمان لعل الحرب أن تنطفاً ويصطلح الناس.
وإنما أراد معاوية أن يرجع مثل النعمان وأبي هريرة ـ من عند علي ـ إلى الناس وهم لمعاوية عاذرون ولعلي لائمون.
فقال لهما ائتياه فانشداه الله وسلاه بالله لما دفع إلينا قتلة عثمان فإنه قد آواهم ومنعهم. ثم لاحرب بيننا وبينه. فإن أبى فكونوا شهداء عليه.
وأقبلا على الناس فأعلماهم ذلك.
وخطب (10) معاوية في اهل الشام ـ عند ما قدم عليه جرير بن عبد الله البجلي طالباً البيعة منه للإمام.
ثم قال : الحمد لله الذي جعل الدعائم للإسلام وأركانا والشرائع للإيمان برهاناً. يتوقد قبسه في الارض المقدسة جعلها الله محل الانبياء والصالحين من عباده فأحلهم أرض الشام ورضيهم لها لما سبق من مكنون علمه من طاعتهم ومناصحتهم خلفاءه والقوام بأمره والذابين عن دينه وحرماته. ثم جعله لهذه الأمة نظاماً في سبيل الخيرات إعلاما يردع الله بهم الناكثين ويجمع بهم ألفة المؤمنين.
أعلى أقوام يوقظون نائمنا ويخيفون آمننا ، ويريدون إراقة دمائنا وإخافة سبلنا. وقد علم الله أنا لا نريد لهم عقاباً ولا نهتك لهم حجابا. جعلهم على ذلك البغي والحسد فنستعين الله عليهم.
أيها الناس قد علمتم أني خليفة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وأمير المؤمنين عثمان بن عفان عليكم. وإني لم أقم رجلا على خزاية قط. وإني ولي عثمان وقد قتل مظلوماً والله تعالى يقول :
« ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً ، وأنا احب أن تعلموني ذات أنفسكم في قتل عثمان.
فقام أهل الشام فأجابوا إلى الطلب بدم عثماان وبايعوا معاوية على ذلك.
وروى نصر بن مزاحم « في كتاب صفين (11) ، عن صالح بن صدقة عن ابن اسحق عن خالد الخزاعي أن عثمان لما قتل وأتى معاوية بكتاب علي يعزله عن الشام صعد المنبر.
فقال لقد قمت مقامي هذا وإني لأعلم أن فيكم من هو أقدم صحبة لرسول الله مني. ولكني شهدت رسول الله نصف النهار في يوم شديد الحر وهو يقول لتكونن فتنة حاضرة ، فمر رجل مقنع. فقال رسول الله وهذا يومئذ على الهدى. فقمت فأخذت بمنكبيه وحسرت على رأسه فإذا عثمان فاقبلت بوجهه على رسول الله. وقلت : هذا يا رسول الله؟ قال نعم. فأطبق أهل الشام مع معاوية حينئذ بايعوه على الطلب بدم عثمان.
وذكر الواقدي (12) أن معاوية خاطب أهل الشام ـ أثناء رجوعه بعد تنازل الحسن ـ فقال : « أيها الناس إن رسول الله قال : إنك ستلي الخلافة من بعدي. فاختر الارض المقدسة. وقد اخترتكم. فالعنوا ابا تراب. فلعنوه.
فلما كان من الغد كتب كتابا ثم جمعهم فقرأه عليهم. وفيه : هذا كتاب كتبه أمير المؤمنين معاوية صاحب وحي الله الذي بعث محمداً نبياً ، وكان أمياً لا يقرأ ولا يكتب فاصطفى له من أهله وزيراُ وكاتباً اميناً فكان الوحي ينزل على محمد وأنا اكتبه. هو لا يعلم ما أكتب. فلم يكن بيني وبين أحد من خلقه.
فقال له الحاضرون كلهم صدقت يا أمير المؤمنين (لقد كذب معاوية على الرسول في هذا الكتاب كذبة بشعة. فلقد كان يكتب للرسول بعض رسائله للعرب. ولم يحصل ذلك إلا بعد فتح مكة حين التمس أبوه من النبي أن يشمله بعطفه لينسي الناس مناوؤته للنبي. أما كاتب الوحي فهو زيد بن ثابت.).
وذكر الطبري أن معاوية بذل لسمرة بن جندب مئة ألف درهم حتى يروي أن هذه الآية أنزلت في علي :
« ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام. وإذا تولى سعى في الارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد ».
وإن الآية الثانية نزلت في ابن ملجم وهي قوله :
« ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله فلم يقبل ». فبذل له مئتي الف درهم فلم يقبل. فبذل له اربعمائة الف فقبله وروى ذلك (14).
وقد حارب معاوية علي بمئة الف لا يفرقون ـ على حد قوله ـ بين الناقة والجمل. وبلغت طاعتهم إياه حداً يفوق الوصف. فقد صلى بهم ـ عند مسيرهم الى صفين ـ الجمعة يوم الأربعاء.
وعندما خرج عبد الله بن علي « في طلب بني مروان » الى الشام ـ وقد ببعضهم الى السفاح حلف هؤلاء للسفاح انهم ما عملو لرسول قرابة ولا اهل بيت يرثونه غير بني امية. كل ذلك بفضل إتقان معاوية لفن الدعاية على اساس السير على اساس الكذب المنظم.
وفي معرض التحدث عن براعة معاوية في الانتفاع بهذا الفن في شجب خصومه يذكر أحد الرواة « ان معاوية وضع قوما من الصحابة وقوما من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي .. منهم أبو هريرة وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وعروة بن الزبير.
وروى الزهري أن عروة بن الزبير حدثه قال حدثتني عائشة قالت كنت عند رسول الله إذ اقبل العباس وعلي. فقال النبي يا عائشة هذان يموتان على غير قبلتي.
وزعم عروة كذلك أن عائشة حدثته فقالت كنت عند النبي إذ اقبل العباس وعلي. فقال الرسول يا عائشة ان سرك ان تنظري الى رجلين من اهل النار فانظري الى هذين قد طلعا. فاذا العباس وعلي بن أبي طالب ».
« وأبرع ما برع فيه معاوية من ألوان الدهاء القاء الشبهة بين خصومه في زمن كانت فيه هذه الشبهات من ايسر الامور. كان اذا اراد ان يستميل احد البطارقة من دولة الروم ـ فاستعصى عليه ـ كتب له رسالة مودة وثناء وأنفذها مع رسول يحمل إليه الهدايا والرشى كأنها جواب على طلب منه يساوم فيه على المصالحة والغدر برؤسائه من دولة الروم. ويخرج الرسول العربي من طريق متباعد كأنه يتعمد الروغان من العيون والجواسيس. فاذا اعتقله الروم ـ ولابد أن يعتقله لانه يتعرض للإعتقال ويسعى إليه ـ وقعت الشبهة على البطريق المقصود وتعذر الاطمئنان إليه من قومه بعد ذلك وعزلوه وابعدوه ان لم ينكلوا به أشد النكال (15)
وحيلة اخرى لجأ إليها معاوية للإيقاع بخصومه هي تدبير مؤامرة اغتيال من يرى اغتياله وسيلة ناجحة في القضاء عليه. فعل ذلك مع الأشتر والحسن بن علي وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد.
هذا عدا عن ضربه خصومه ببعضهم فيستغنى ـ على ما يقول العقاد ـ بالوقيعة بينهم عن الايقاع بهم.
ولكن معاوية ـ مع مداهنته وخبثه ـ لم يتردد ، إذا استلزمت مصالحه ذلك من الايقاع بخصومه والتنكيل بهم بشكل من القسوة والغلظة قل أن يجدها المرء إلا في الامويين.
وحوادث بسر بن ابي ارطأة ، والضحاك بن قيس الفهري ، وسفيان بن عوف الغامدي في الاعتداء على ارواح المسلمين بعد صفين ـ مشهورة لدى الكثيرين.
وإلى القارئ طرفا منها.
ذكر ابراهيم بن محمد بن سعيد بن هلال الثقفي في « كتاب الغارات » عن ابن الكنود « قال : حدثني سفيان بن عوف الغامدي قال دعاني معاوية فقال إني باعثك في جيش كثيف ذي أداة. فالزم لي جانب الفرات حتى تمر بهيت فتقطعها فإن وجدت بها جندا فاغر عليهم ، وإلا فامض حتى تغير على الانبار. فإن لم تجد بها جنداً فامض حتى تصل المدائن.
وأعلم أنك إن اغرت على اهل الانبار واهل المدائن فكأنك أغرت على الكوفة. هذه الغارات ـ يا سفيان ـ على العراق ترعب قلوبهم وتفرح كل من له هوى فينا منهم وتدعو إلينا من خاف الدوائر. فاقتل من لقيته ممن ليس هو على مثل رايك. وأضرب كل من مررت به من القرى. وأحرب الاموال فإن حرب الاموال شبيه بالقتل : وهو أوجع للقلب (16).
وروى ابراهيم بن محمد بن سعيد بن هلال الثقفي صاحب « كتاب الغارات » أن معاوية استدعى الضحاك بن قيس الفهري وقال له : « سر حتى تمر بناحية الكوفة وترتفع عنها ما استطعت. فمن وجدته من الاعراب في طاعة علي فأغر عليه ، وإن وجدت له مسلحة أو ضلا فأغر عليها. وإذا أصبحت في بلدة فأمس في أخرى ...
فأقبل الضحاك فنهب الاموال ، وقتل من لقى من الاعراب ، حتى مر بالثعلبية. فاغار على الحاج فأخذ أمتعتهم. ثم أقبل فلقى عمرو بن قيس بن مسعود الذهلي ـ وهو ابن أخي عبد الله بن مسعود صاحب رسول الله ـ فقتله في طريق الحاج وقتل معه ناساً من الصحابة » (17).
واستدعى معاوية بسر بن أبي أرطاة « وكان بسر قاسي القلب فظاً سفاكاً للدماء لا رأفة عنده ولا رحمة. فأمره ان يأخذ طريق الحجاز والمدينة ومكة حتى ينتهي إلى اليمن. وقال له : لا تنزل على بلد أهله على طاعة علي إلا بسطت عليهم لسانك حتى يروا أنهم لا نجاة لهم وإنك محيط بهم. ثم اكفف عنهم وادعهم إلى البيعة. فمن أبى فاقتله ، واقتل شيعة علي حيث كانوا ...
فدخل بسر المدينة ـ وعامل علي عليها أبو أيوب الانصاري صاحب منزل رسول الله ـ فخرج أبو أيوب عنها هارباً. ودخل المدينة فخب في الناس وشتمهم وتهددهم وقال : شاهت الوجوه ... ثم شتم الانصار فقال : يا معشر اليهود وابناء العبيد .. اما والله لاوقعن بكم وقعة تشفي غليل صدور المؤمنين ... فنزل فاحرق دوراً كثيرة .. ثم خرج بسر إلى مكة. فلما قرب منها هرب قثم ابن العباس ـ وكان عامل علي ـ فدخلها بسر فشتم اهلها وأنبهم ..
وقد روى عوانة عن الكلبي ان بسراً ـ لما خرج من المدينة إلى مكة ـ قتل في طريقه رجلا واخذ مالا. وبلغ أهل مكة فخافوه وهربوا. فخرج إبنا عبيد الله بن عباس فذبحهما بسر ، فخرج نسوة من بني كنانة فقالت امرأة منهن هذه الرجال يقتلها فما بال الولدان !!! والله ما كانوا يقتلون في جاهلية ، ولا إسلام ...
وخرج بسر من الطائف فأتى نجران فقتل عبد الله بن عبد المدان وإبنه مالكا. وكان عبد الله هذا صهراً لعبيد الله بن العباس. ثم جمع اهل نجران وقال :
يا معشر النصارى وإخوان القرود. أما والله إن بلغني عنكم ما أكره لأعودن عليكم بالتي تقطع النسل وتهلك الحرث وتخرب الديار ... وأتى صنعاء ... فدخلها وقتل منها قوماً.
وأتاه وفد مأرب فقتلهم. ثم خرج بسر من صنعاء فقتل الناس قتلا ذريعاً. ثم رجع إلى صنعاء فقتل بها مئة شيخ من أبناء فارس (18) ».
وروى أبو الحسن بن أبي سيف المدائني في « كتاب الأحداث (19) » قال : « كتب معاوية نسخة واحدة إلى عماله ـ بعد عام الجماعة ـ أن برئت الذمة ممن روى شيئاً من فضل ابي تراب واهل بيته. فقامت الخطباء في كل كورة ـ وعلى كل منبر ـ يلعنون علياً ويبرؤن منه ...
وكتب معاوية الى عماله الا يجيزوا لاحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة.
وكتب إليهم أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه وأهل ولايته والذين يروون فضائله ومناقبه فأدنوا مجالسهم وقربوهم وأكرموهم ، واكتبوا لي بكل ما يروي كل رجل منهم اسمه واسم أبيه وعشيرته ..
ثم كتب إلى عماله إن الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كل مصر وفي كل وجه وناحية. فاذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة الخلفاء الاولين. ولاتتركوا خبراً يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلا وأتوا بمناقض له في الصحابة ...
فقرئت كتبه على الناس فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها. وجد الناس في رواية ما يجري هذا المجرى حتى أشادوا بذكر ذلك على المنابر.
وألقى إلى معلمي الكتاتيب فعلموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع. حتى رووه وتعلموه كما يتعلمون القرآن ...
ثم كتب إلى عماله نسخة واحدة إلى جميع البلدان : انظروا من قامت عليه البينة أنه يحب عليا وأهل بيته فأمحوه من الديوان واسقطوا عطائه ورزقه. وشفع ذلك بنسخة أخرى : من اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم فنكلوا به ، واهدموا داره ... فظهر حديث كثير موضوع وبهتان منتشر.
ومضى على ذلك الفقهاء والقضاة والولاة. وكان أعظم الناس في ذلك بلية القراء المراؤن والمستضعفون الذي يظهرون الخضوع والنسك فيفتعلون الاحاديث ليحظوا عند ولاتهم ويقربوا مجالسهم ويصيبوا الاموال والضياع والمنازل.
ثم انتقلت تلك الاخبار والاحاديث إلى أيدي الديانين والذين لا يستحلون الكذب والبهتان فقبلوه ... فلم يزل الامر كذلك حتى مات الحسن .. ثم تفاقم الامر بعد قتل الحسين ».
تلك جوانب من أخلاق معاوية ذكرها المؤرخون المسلمون.
أما ما خفي عنا مما ذكره المؤرخون الآخرون فأكثر من ذلك.
وأما ما خفي على المؤرخون ـ من أخلاق معاوية ـ فأكثر من ذلك بكثير. وقد ظهر معاوية في الامثلة التي ذكرناها بأبشع ما يظهر به الانسان من الكذب ومن الانتهازية السياسية. وإلى الخطوط العامة للاوضاع التي ذكرناها ، يشير العقاد بقوله (20) :
« كل شيء في الحياة الانسانية هين إذا هان الخلل في موازين الانسانية. وإنها لأهون من ذلك إذا جاوز الأمر الخلل إلى إنعكاس الاحكام وإنقلابها من النقيض إلى النقيض ... فمن الناس من يحب أن تتغلب المنفعة على الحقيقة أو على الفضيلة لأنه يرجع إلى طبيعته فيشعر بحقارتها إذا غلبت مقاييس الفضائل المنزهة والحقائق الصريحة .. وإنه ليعترف بالرذيلة إذا استطاع أن يلوث الفضيلة التي يمتاز بها عليه ذوو الفضائل البينة.
وإذا لم يرجح من أخبار تلك الفترة إلا الخبر الراجح عن لعن على المنابر بأمر من معاوية لكان فيه الكفاية لإثبات ماعداه مما يتم به الترجيح بين كفتي الميزان ».
وهناك جوانب اخرى تتجلى فيها السياسة الوصولية التي سار معاوية طبقا لمتطلباتها. فلم يكتف « أمير المؤمنين » و « خليفة » رسول الله بضرب المسلمين ببعضهم بشتى الوسائل ، ومختلف المؤامرات للمحافظة على سلطانه بل حالف البيزنطيين ـ أعداء المسلمين والإسلام ـ على حساب المصلحة الإسلامية العليا. فقد عقد معاوية مع أمراء البيزنطيين سلسلة من المعاهدات الرامية إلى تثبيت قواعد ملكه على حساب الاسلام والمسلمين.
ولعل ابشع تلك المعاهدات ـ غير المتكافئة ـ تلك التي عقدها معاوية ـ بمحض الختياره ـ مع الامير البيزنطي كونستان الثاني في عام ٣٩ هـ. فدفع معاوية ـ وفقاً لمستلزمات هذه المعاهدة ـ الجزية للأمير البيزنطي المذكور.
كل ذلك نكاية برابع الخلفاء الراشدين عندما أعلن معاوية العصيان عليه والتمرد على القرآن
لقد مر بنا الحديث عن وجهين من وجوه الكذب المنظم الذي استعمل لتثبيت حكم الامويين ونود أن نذكر ـ في الفقرات القابلة ـ وجهاً ثالثاً من تلك الوجوه؟ واذا كان الوجهان السالفا الذكر قد استندا ـ بالدرجة الاولى ـ إلى جهود معاوية « يعاونه عمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة » فإن الوجه الجديد ـ الذي سنذكره ـ قد استند إلى جهود أبي هريرة دون سائر الناس.
وإذا كان من المستطاع ـ كما ذكرنا ـ أن يقوم الباحث بدراسة مقارنة لهتلر وابن أبي سفيان ـ فيما يتصل ببراعة كل منهما في الدعاية لنفسه واضعاف حجة خصمه ـ فإنه من الممكن كذلك أن يقوم الباحث بدراسة مقارنة بغوبلز ـ وزير الدعاية في العهد النازي ـ وزميله أبي هريرة (21) « وزير » بن أبي سفيان.
وبقدر ما يتعلق الامر بأبي هريرة يمكننا أن نقول : أنه أتقن فن الدعاية للأمويين اتقانا منقطع النظير ، وخدمهم خدمة جليلة في تثبيت ركائز حكمهم في بلاد المسلمين. وقد أظهر أبو هريرة « للمسلمين في زمانه » بأنه أكثر الرواة صلة بالرسول. فأسرف في الرواية عنه من الناحيتين الكمية والنوعية. فقد روى ـ من الناحية الكمية ـ أكثر مما روى غيره من المحدثين (22).
أما من الناحية النوعية فكان أبو هريرة يقول تارة : « سمعت من حبيبي رسول الله » واخرى « أوصاني خليلي محمد » والثالثة : « حدثني الصادق الصدوق » إلخ
ولقد أدى إسرافه في الرواية عن النبي إلى تسرب الشك للمسلمين في صحة ما يرويه فكان يتقي ذلك احياناً بقوله : إن مالا يرويه الناس من حديث الرسول أكثر بكثير مما يرويه لهم ، وبتحذيرهم من سماع غيره من المحدثين ـ لكثرة الكذب على رسول الله آنذاك على حد زعمه ـ احياناً أخرى.
ومما يلفت النظر حقاً أن أبا هريرة لم يلتفت إلى التناقض الذي وقع فيه ، فقد جاء بعض « أحاديثه » مناقضاً لبعض آخر كما سنرى.
ويلوح للباحث إن صحة الحديث ـ عند أبي هريرة ـ تعتمد على « صدقه » في خدمة الامويين.
والشيء الطريف في أحاديث أبي هريرة أنها منصبة على مخاطبة الرعايا المسلمين دون حكامهم الفجرة الطغاة المستهترين.
وكانت تلك الاحاديث ذات اشكال مختلفة :
فمنها ما يحث المسلمين على طاعة حكام السوء.
ومنها ما يشغلهم بأمور ثانوية الأهمية بعيدة عن جوهر الدين.
ومنها ما يوجه انتباههم إلى أمور تافهة ضعيفة الصلة بحياتهم العامة والخاصة.
ومنها ما يتضمن إطراء النبي على سيرة الامويين.
ومنها ما يشير إلى إضعاف حجة من يناؤئهم من المسلمين. وإلى القارئ. أمثلة من ذلك سقناها على سبيل التمثيل لا الحصر :
ذكر الإمام أحمد بن حنبل في مسنده عن أبي هريرة باسانيده المختلفة أن رسول الله قال (23) : « خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم. ثم الذين يلونهم ».
« إذا كانت الدابة مرهونة فعلى المرتهن علفها. ولبن الدر يشرب. وعلى الذي يشربه نفقته ويركب » « امرؤ القيس ـ صاحب لواء الشعراء ـ إلى النار ». « شدة الحر من فيح جهنم فابردوا بالصلاة ». قصوا الشوارب واعفوا اللحى. « خمس من الفطرة : قص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط والاستحداد والختان ».
« إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فإن في أحد جناحيه داء وفي الأخر شفاء ».
« لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ». « لا يشرب الرجل من فم السقاء » « من ابتاع محفلة أو مصراة فهو بالخيار فإن شاء أن يردها وإن شاء يمسكها مسكها » « أصدق بيت قاله الشاعر : ألا كل شيء ماخلا الله باطل. » « ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة. » « لا تسبوا الريح فإنها تجيء بالرحمة والعذاب. ولكن سلوا الله خيرها وتعوذوا به من شرها ».
« انظر إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم ».
« من أدرك ركعة من صلاة الفجر ـ قبل أن تطلع الشمس ـ فقد أدركها. ومن أدرك ركعة ـ من صلاة العصر ـ قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها ».
« اليهود والنصارى لايصبغون. فخالفوا عليهم ».
« غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى » فجرت أربعة انهار من الجنة : الفرات والنيل والسيحان وجيحان ».
« دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تسقها ولم ترسلها فتأكل من خشاش الارض.
« التسبيح للرجال والتصفيق للنساء. » « إذا صلى أحدكم ثم جلس في مصلاه لم تزل الملائكة تقول اللهم اغفر له ، اللهم ارحمه ، مالم يحدث أو يقوم. »
« لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب أو جرس ».
« فضل صلاة الجمعة على صلاة أحدكم وحده خمس وعشرون جزء ».
« من صلى على جنازة فلم يمشي معها فليقم حتى تغيب عنه. ومن مشى معها فلا يجلس حتى توضع ».
« اذا صليتم علي فاسألوا الله لي الوسيلة. قيل يا رسول الله وما الوسيلة؟ قال أعلى درجة في الجنة لا ينالها إلا رجل واحد وأرجوأن أكون أنا هو. »
« الله يحب العطاس ويبغض ـ أو يكره ـ التثاؤب ».
« إذا ولغ الكلب في الاناء فاغسله سبع مرات ».
« إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يتنخمن أمامه ولا عن يمينه. فإن عن يمينه ملكا ولكن ليتنخم عن يساره أو تحت قدمه اليسرى ».
« لا تبتدؤا اليهود والنصارى بالسلام. فإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضياقها ». « من اتخذ كلبا إلا كلب صيد أو زرع أو ماشية نقص من أجره كل يوم قيراط ـ القيراط بقدر جبل أحد ».
« ما يؤمن الذي يرفع رأسه قبل الامام أن يرد الله رأسه رأس حمار ».
« لا يسب أحدكم الدهر فإن الله هو الدهر. ولا يقولن أحدكم للعنب الكرم فإن الكرم هو الرجل المسلم ».
« إذا قلت لصاحبك ـ والإمام يخطب يوم الجمعة ـ اسكت فقد لغوت ».
« ان الرجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة فإذا أوصى حاف في وصيته فيختم له بشر عمله فيدخل النار ».
« وأن الرجل ليعمل بعمل أهل الشر سبعين سنة فيعدل في وصيته فيختم له بخير عمله فيدخل الجنة ».
وحدث أبو هريرة مروان بن الحكم فقال : حدثني حبي أبو القاسم الصادق المصدوق. « إن هلاك أمتي على يدي غلمة سفهاء من قريش ».
« لن يزال على هذا الامر عصابة على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك ».
« من أطاعني فقد أطاع الله. ومن أطاع الامير فقد اطاعني ».
جددوا إيمانكم. قيل يا رسول الله وكيف؟ قال اكثروا من قول لا اله الا الله ».
« رضي الله لكم ثلاثاً. أن تعبدوه ولا تشركوا به أحدا. وأن تنصحوا لمن ولاه الله أمركم. وأن تعتصموا بحبل اله جميعا ولا تفرقوا ».
من قال لا اله الا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. قالها عشر مرات حتى يصبح كتب له بها مئة حسنة ومحى عنه بها مئة سيئة وكانت له عدل رقبة وحفظ بها يومئذ حتى يمسي. ومن قال مثل ذلك حين يمسي كان له مثل ذلك ».
في الجمعة ساعة ما دعا الله فيها عبد مؤمن بشيء إلا استجاب الله له ». « تسحروا فإن السحور بركة ».
« إذا انقطع شسع أحدكم فلا يمشي في النعل الواحدة ». « إذا انتعل احدكم فليبدأ باليمنى. وإذا خلع فليبدأ باليسرى ».
إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت عليه ـ فبات وهو عليها ساخط ـ لعنتها الملائكة حتى تصبح ». « إن الملائكة تجيء يوم الجمعة فتقعد على أبواب المسجد فيكتبون السابق والثاني والثالث والناس على منازلهم حتى يخرج الامام. فإذا خرج الامام طويت الصحف ».
« من حج البيت ولم يفسق ولم يرفث رجع كما ولدته أمه ».
« بينما رجل يمشي على طريق وجد غصن شوك فقال : لأرفعن هذا ولعل الله يغفر لي به. فرفعه فغفر الله له به وأدخله الجنة ».
حدثنا عبد الله حدثني ابي حدثنا اسماعيل عن الجريري عن خالد بن غلاق العيسى قال نزلت على أبي هريرة.
قال : ومات ابن لي فوجدت عليه. فقلت : هل سمعت من خليلك شيئا نطيب بأنفسنا عن موتانا؟ قال نعم.
سمعته يقول : « صغارهم دعاميص الجنة ».
حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا هاشم حدثنا المبارك عن الحسن قال : بينا أبو هريرة يحدث أصحابه إذ أقبل رجل إلى أبي هريرة ـ وهو في المجلس ـ فأقبل وعليه حلة له. فجعل يمس فيها حتى قام على أبي هريرة فقال يا أبا هريرة : هل عندك في حلتي هذه من فتيا؟ فرفع راسه إليه وقال :
حدثني الصادق المصدوق خليل أبو القاسم قال :
« بينا رجل ممن كان قبلكم يتبختر بين بردين ، فغضب الله عليه فأمر الارض فبلعته ».
« ينزل الله كل ليلة إلى السماء الدنيا لنصف اليل الآخر أو لثلث الليل الآخر فيقول :
من ذا الذي يدعوني فأستجيب له؟
من ذا الذي يسألني فأعطيه؟
من ذا الذي يستغفرني فأغفر له حتى يطلع الفجر ».
« أزرة المؤمن من أنصاف الساقين فأسفل من ذلك إلى ما فوق الكعبين فما كان من أسفل من ذلك ففي النار ».
« ان الله يحب العطاس ويكره التثاؤب ».
« تلقون من بعدي اختلافا وفتنة ».
فقال له قائل من الناس : فمن لنا يا رسول الله قال :
عليكم بالأمين وأصحابه ـ يشير إلى عثمان بذلك.
ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة أولاد لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهما الله وإياهم بفضل رحمته الجنة.
يقال لهم ادخلوا الجنة فيقولون : حتى يجيء أبوانا. ثلاث مرات.
فيقولون مثل ذلك. فيقال لهم ادخلوا الجنة أنتم وأبواكم ».
« إن رجلا رأى كلبا ياكل الثرى من العطش فأخذ الرجل خفه فجعل يغرف له حتى رواه فشكر الله له فأدخله الجنة ».
« يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم ـ وهو خمسمائة عام ».
« سألت ربي فوعدني أن يدخل من أمتي سبعين ألفا ـ في الجنة ـ على صورة القمر ليلة البدر.
فاستزدت فزادني مع كل ألف سبعين ألفا. فقلت : أي ربي إن لم يكن هؤلاء مهاجري أمتي !!
قال : إذن أكملهم لك من الاعراب ».
من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وحمد الله ثلاثا وثلاثين وكبر الله ثلاثا وثلاثين ـ فتلك تسع وتسعون. ثم قال ـ تمام المئة ـ لا إله الا الله وحده لا شريك له. له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
غفر الله له خطاياه ».
قال أبو هريرة : قلت للنبي من أسعد الناس يوم القيامة؟
فقال : لقد ظننت ـ يا أبا هريرة ـ أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث :
أسعد الناس بشفاعتي ـ يوم القيامة ـ من قال لا اله الا الله خالصة من قبل نفسه ».
وذكر أبوهريرة أنه سمع حبيبه أبا القاسم يقول : « الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلى رمضان مكفرات مابينهن ما اجتنبت من الكبائر ».
وقال أبو هريرة : « أوصاني خليلي رسول الله بثلاث :
الوتر قبل النوم. وركعتي الضحى ، وصوم ثلاثة أيام من كل شهر.
« صلاة مسجدي هذا أفضل من الف صلاة فيما سواء من المساجد إلا المسجد الحرام » « لا مرأة مومسة مرت بكلب على رأس ركى يلهث قد كاد يقتله العطش فنزعت خفها فأوثقته بخمارها فنزعت له من الماء فغفر لها بذلك ».
المصادر :
1- ابن أبي الحديد. شرح نهج البلاغة ١ / ١٥٠.
2- المصدر نفسه المجلد الاول ص ١٥٠.
3- شرح نهج البلاغة ١ / ١٥٠.
4- العقد الفريد : ٣ / ٢٥٧.
5- بين معاوية ومحمد بن ابي بكر والي الامام على مصر. راجع « شرح نهج البلاغة » لابن أبي الحديد ٢ / ٢٨.
6- بين معاوية والاشتر أثناء مسيره إلى مصر واليا من قبل الامام. راجع ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ٢ / ٢٩. الطبعة الاولى.
7- بين معاوية وشرحبيل بن السمط راجع المصدر السابق المجلد الاول ص ١٣٩ ـ ١٤٠.
8- ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ١ / ١٧٢.
9- من أساليبه في إضعاف حجة خصمه ، شرح نهج البلاغة ١ / ٢١٣.
10- من أساليبه في استمالة أهل الشام : المصدر السابق ١ / ٢٤٨ ـ ٢٥١.
11- من أساليبه في استمالة أهل الشام « شرح نهج البلاغة » ١ / ٢٥٣ ـ ٢٥٤.
12- من أساليبه في استمالة أهل الشام والتنديد بخصومه شرح نهج البلاغة ١ / ٣٦١.
13- المصدر نفسه ص ٣٦١.
14- ابن ابي الحديد : شرح نهج البلاغة ١ / ٣٥٨.
15- العقاد : معاوية بن أبي سفيان ص ٧٠ ـ ٧٢. وقد فعل مثل ذلك مع قيس بن سعد بن عبادة وجرير بن عبد الله البجلي حتى اوقع الريبة منهما في نفس الامام والمقربين إليه وبخاصة الاشتر.
16- شرح نهج البلاغة ١ / ١٤٤.
17- المصدر نفسه ١ / ١٥٤.
18- شرح نهج البلاغة ١ / ١١٧ ـ ١٢٠.
19- من اساليبه في تثبيت مركزه ومقاومة خصومه. المصدر السابق ٣ / ١٥ ـ ١٦.
20- معاوية بن أبي سفيان ص ١١ و ١٦.
21- أنظر شيخ المغيرة أبو هريرة للعلامة المحقق الشيخ محمود أبو رية .
22- وقد أفرد الإمام أحمد بن حنبل في مسنده القسم الاكبر من الجزء الثاني ص ٢٢٨ ـ ٤١ هـ لحديث أبي هريرة.
23- مسند أحمد بن حنبل ج ٢ ص ٢٢٨ ـ ٢٣١ و ٢٤٧ ـ ٢٥٠ و ٢٥٤ - 555 .