عربي
Thursday 9th of May 2024
0
نفر 0

اسباب مطاردة اهل البيت

 

 اسباب مطاردة اهل البيت
تمت مطاردة اهل البيت الطاهرين طوال التاريخ السياسي الاسلامي لغايات کثيرة منها :
1 ـ اصرار المطارِدين على اجبار اهل البيت للتخلي عن خصوصيتهم التي خصهم الله بها من دون المسلمين .
2 ـ وبنفس الوقت تأويل هذه الخصوصية واخراجها عن معانيها ووظائفها .
3 ـ ايجاد خصوصيات وضعية منافسة للخصوصية الالهية لسلب معاني ووظائف خصوصية اهل البيت .
4 ـ نظرية عدالة كل الصحابة جاءت كخصوصية وضعية اريد منها ان تقوم بسلب خصوصية اهل البيت الكرام .
5 ـ ولو ان اهل البيت الكرام عطلوا خصوصيتهم وقبلوا الامر الواقع فانهم لن يتركوا وهم بحالة مطاردة مستمرة . لماذا ؟
6 ـ لان السلطة فاتنة جميلة تزوجها الحكام بالاكراه وسلبوها من زوجها الشرعي ، فملكوا الجسد ، اما قلب الزوجة وروحها ، فمع زوجها الشرعي تحلم بهذا الزوج علناً وهي بقبضة الحكام ، فشبت في قلوب الحكام طوال التاريخ غيرة مجنونة ، وقادتهم هذه الغيرة الى افاعيل مخزية .

خصوصية القرابة الطاهرة

البطن الهاشمي خير بطون الناس عامة ، وخير بطون العرب خاصة بالنص الشرعي . وبيت عبد المطلب هو ايضا خير بيوت الناس عامة ، وخير بيوت العرب خاصة ، وبالنص الشرعي ايضا (1) وهو هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب (2) .
وآل محمد هم افضل الآل ، وقد افترض الله مودتهم بالكتاب ، وجعل الصلاة عليهم ركناً من اركان الصلاة ، وهذا معنى قول الشافعي :
يا أهل بيت نبي الله حبكم * فرض من الله في القرآن انزله كفاكم من عظيم الفخر انكم * من لم يصل عليكم لا صلاة له (2)
واهل بيت محمد هم دسمة هذه الامة ، وهم الشجرة التي يتداوى بها ، وهم العترة ( وعترة الرجل هم نسله ورهطه الاقربون ) (4) .
وقد طهر الله اهل بيت نبيه واذهب عنهم الرجس ، وآية التطهير لا تخفى على اي مسلم ، وبفضله تعالى وجهادهم في سبيل الله تقدموا على ما سواهم ، فهم المرجعية الشرعية للمسلمين وللدين ، ومنهم القيادة السياسية ، وهذا مجد لا يضاهيه مجد ، وشرف يقصر عنه كل شرف ، وخصوصية لآل محمد .

ما هي الغاية من هذه الخصوصية ؟

الغاية الشرعية من خصوصية القرابة حقيقة انها تشريف ، ولكنها بجوهرها تكليف لها معنى ولها وظائف .
فمعناها : انها نقطة ارتكاز للمسلمين ، فبهم تكتمل الدائرة ويتحدد مركزها ، فيستقطبون الامة كلما تفرقت ، فتقدم لهم الحل بالتأثير على نقطة الارتكاز الالهية فلا يذهب المسلمون لا للشرق ولا للغرب ، ولا للشمال ولا للجنوب ، انما يذهبون للقرابة الطاهرة ، ويتجمعون حولها فتجمعهم ، وهي بنفس الوقت مرجعية للدين ، ومرجعية للمسلمين ، فتبين الدين للمسلمين ولغير المسلمين ، وتسمع من المسلمين ثم تقدم الفهم الامثل لهذا الدين والموافق تماما للمقصود الالهي .

وظائف القرابة الطاهرة

1 ـ نقطة ارتكاز واستقطاب .
2 ـ مرجعية للدين لبيانه للناس عامة وللمسلمين خاصة .
3 ـ ثقل اصغر ، والقرآن هو الثقل الاكبر ، والعترة هم الثقل الاصغر ، والهداية لا تدرك الا بالثقلين ، والضلالة لا يمكن تجنبها الا بالتمسك بهذين الثقلين معا . فلو تمسكت الامة بالقرآن الكريم وحده وتركت العترة الطاهرة فستضل حتما . لماذا ؟ لان القرآن هو الدواء ، والعترة هي الطبيب ، والطب عملية اختصاصية (5) .
4 ـ قيادة سياسية للامة . فعندما تكون القيادة السياسية بعترة محمد تطيب نفوسهم جميعا بها لانها الحل الجذري الذي يقطع دابر الخلاف ، ويجلب الاستقرار ، ويميت الطمع والتنافس عليها . وقد تكفل الشرع الحنيف ببيان لمن منهم تكون هذه القيادة ، وكيف تنتقل .

لماذا اعطيت القرابة الطاهرة هذه الخصوصية ؟

لماذا اختار الله محمداً للرسالة ولم يختر ابا سفيان ؟ هذا فضل الله يؤتيه من يشاء . لماذا فضل الله بعض النبيين على بعض ؟ هذا فضل الله . لماذا اختار محمداً من بني هاشم ولم يختره من بني عدي او بني تيم أو بني امية ؟ هو الذي بيده الفضل يؤتي فضله من يشاء . ولكن باستقرائنا العميق لتاريخ الاسلام يمكن ان نجد بعض التعليلات لهذا الاختيار .

تعليلات

1 ـ لقد بين الله سبحانه وتعالى ان قرابة محمد هم خير الناس وافضلهم ، ومن مصلحة العباد ان يقودهم الافضل والاحسن . وقد وثقنا هذه الناحية قبل قليل .
2 ـ الانذار الصادر عن بني هاشم والموجه لبطون قريش كلها عندما همت بقتل محمد ، اذ انذرهم ابو طالب قائلا ( والله لو قتلتموه ما ابقيت منكم احداً حتى نتفاني واياكم ) واثبت لهم انه قد هم بقتل زعماء قريش عندما اشيع بأن محمداً قد قتل .
3 ـ ان كل بطون قريش قررت مقاطعة بني هاشم ، وكتبوا كتاباً بأن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم ولا يخالطوهم . وتم حصر الهاشميين في شعاب ابي طالب ثلاث سنوات ، وانحاز بنو عبد المطلب بن عبد مناف الى ابي طالب في شعبه . وقطعت عنهم قريش الميرة والمادة ، فكانوا لا يخرجون الا من موسم الى موسم ، وسمعت اصوات صبيانهم من وراء الشعب ، ولقريش مطلب واحد وهو ان يسلم الهاشميون محمداً لقريش لقتله ، او يخلي الهاشميون بين قريش وبين محمد . ولكن الهاشميين ابوا ذلك ، ودافعوا عن محمد بأرواحهم وأموالهم واولادهم واستقرارهم .
4 ـ لما فشل الحصار ، وخوفاً من القرابة الطاهرة اضطرت قبائل قريش ان تختار من كل قبيلة رجلاً تعبيراً عن اشتراكها بقتل محمد يضيع دمه بين القبائل ولا يقوى الهاشميون على المطالبة بدمه ، وتحرك مندوبوا القبائل فعلا ليقتلوا النبي ، ولكن الله نجاه .
5 ـ والقرابة الطاهرة في الجاهلية هي ناصية قريش ولا تقطع الامور دون مشورتهم .
6 ـ وهم وسيلة النجاة بالنص الشرعي ، وهم الامان بالنص الشرعي ، لهذه الاسباب مجتمعة ومنفردة بالاضافه الى الفضل الالهي اعطيت القرابة الطاهرة هذه الخصوصية بالاضافة الى الاعداد الرباني لعمدائهم من الناحية العملية والتربوية .

تحولت هذه الخصوصية الى حجة سياسية طوال التاريخ

قال ابو بكر الصديق مخاطبا الانصار ( الناس تبع لنا ، ونحن عشيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ) .
وقال عمر الفاروق مخاطبا الانصار ( انه والله لا ترضى العرب ان تؤمركم ونبيها من غيركم ، ولكن العرب لا ينبغي ان تولى هذا الامر الا من كانت النبوة فيهم .. لنا بذلك على من خالفنا من العرب الحجة الظاهرة والسلطان المبين ، من ينازعنا سلطان محمد وميراثه ونحن اولياؤه وعشيرته الا مدل بباطل او متجانف لاثم او متورط في هلكة ) (6) .
قال بشير بن سعد مخاطباً الانصار ومعقبا على قول الفاروق والصديق ( ان محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجل من قريش ، وقومه احق بميراثه وتولي سلطانه ، وايم الله لا يراني الله انازعهم هذا الامر ابداً ، فاتقوا الله ولا تنازعوهم ولا تخالفوهم ) (7) .
فسلم الانصار وقالوا : لا نبايع الا عليا ، وعلي غائب مشغول واهل البيت بمصابهم . وبايعت الاكثرية الحاضرة في سقيفة بني ساعدة ابا بكر الصديق وخرج كخليفة ، وخرج عمر كنائب للخليفة ، وخرج ابو عبيدة كنائب ثان للخليفة ، وخرج الذين بايعوه كجيش للخليفة (8) .
فوجيء الإمام عليّ بما جرى ، وطلب منه نائب الخليفة وولي عهده عمر بن الخطاب ان يبايع ابا بكر كخليفة للمسلمين ، فقال علي مخاطبا ابا بكر وعمر ( انا احق بهذا الامر منكم ، لا ابايعكم وانتم اولى بالبيعة لي ، اخذتم هذا الامر من الانصار واحتججتم عليهم بالقرابة من النبي ، وتأخذونه منا اهل البيت غصبا ؟ الستم زعتم للانصار انكم اولى بهذا الامر منهم لما كان محمد منكم ، فاعطوكم المقادة وسلموا اليكم الامارة . وانا احتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الانصار . نحن اولى برسول الله حياً وميتاً ، فأنصفونا ان كنتم تؤمنون والا فبوءوا بالظلم وانتم تعلمون ) .
فقال له عمر : انك لست متروكاً حتى تبايع . فقال له علي ( احلب حلبا له شطره ، واشدد له اليوم امره يردده عليك غدا .. الله الله يا معشر المهاجرين لا تخرجوا سلطان محمد في العرب عن داره وقعر بيته الى دوركم وقعور بيوتكم ، ولا تدفعوا اهله عن مقامه في الناس وحقه ، فو الله يا معشر المهاجرين لنحن احق الناس به ، لانا اهل البيت ونحن احق بهذا الامر ما كان فينا القارىء لكتاب الله الفقيه في دين الله ، العالم بسننن رسول الله ، المضطلع بأمر الرعية ، المدافع عنهم الامور السيئة ، القاسم بينهم بالسوية . والله انه لفينا فلا تتبعوا الهوى فتضلوا عن سبيل الله فتزدادوا من الحق بعداً ) . فقال بشير بن سعد الانصاري : ( لو كان هذا الكلام سمعته الانصار منك يا علي قبل بيعتها لابي بكر ما اختلف عليك اثنان ) (9) .
ولما ماتت فاطمة عليها السلام ارسل علي الى ابي بكر ان اقبل الينا ، فاقبل ابو بكر حتى دخل على علي وعنده بنو هاشم . فحمد الله واثنى عليه ثم قال ( اما بعد يا ابا بكر ، فانه لم يمنعنا ان نبايعك انكاراً لفضيلتك ولا نفاسة عليك ، ولكنا كنا نرى ان لنا في هذا الامر حقاً ، فاستبددت به علينا ، ثم ذكر قرابته من رسول الله ، فلم يزل بذكر حتى بكى ابو بكر ) فقال ابو بكر ( لقرابة رسول الله احب الي من قرابتي ) .
اتى المغيرة بن شعبة فقال ( الرأي يا ابا بكر ان تلقوا العباس فتجعلوا له في هذه الامرة نصيبا ، وتكون لكما الحجة على علي وبني هاشم ) فانطلق ابو بكر وعمر وابو عبيدة والمغيرة الى العباس . ومما قاله ابو بكر للعباس ( ... وقد جئناك ونحن نريد ان نجعل لك في هذا الامر نصيباً ... ) الى ان قال ( على رسلكم يا بني عبد المطلب ، فان رسول الله منا ومنكم ) فأجابه العباس على كل النقاط التي اثارها الى ان قال ( واما قولك ان رسول الله منا ومنكم ، فانه قد كان من شجرة نحن اغصانها وانتم جيرانها ) (10) .
وقد آلت الامور الى الفاروق ، لان ابا بكر اوصى به ، ولانه من قريش عشيرة النبي ، ثم آلت الى عثمان لنفس الاسباب ، فقد اوصى له عمر عملياً ، ولانه ايضا من قريش . وآلت الامور الى علي لانه الولي ، ولان الناس بايعوه ، كذلك الحسن عليه السلام ، وعندما غصب معاوية الامر بالقوة كان من مبررات حكمه انه من قريش ومن اقارب النبي ، فهاشم وعبد شمس اخوة ، فسنده الظاهري القربى والغصب ، وهكذا سند الحكم الاموي كله ، وجاء بنو العباس وقد تسلحوا بالقرابة ، وضربوا على وتر الآلام التي لحقت بأهل البيت كمقتل الائمة علي والحسن والحسين والذرية الطاهرة ، ثم تسلموا بالقوة فغلبوا وحكموا .
فالحكم من بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وحتى سقوط آخر خلفاء بني العباس قام في جانب منه على قاعدة ان الائمة من قريش ، وقريش هي قرابة النبي ، وانت تلاحظ ان القرابة من النبي يحرم منها اهل البيت ، ويستفيد منها الابعدون .

معاملة الحكام للقرابة الطاهرة من الناحية السياسية

مشى عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ في جماعة واخرجوا علياً غير عادي غير عابئين ببكاء فاطمة الزهراء وجاء به الى ابي بكر فقالوا له ( بايع ) فقال علي ( ان لم افعل فمه ؟ ) قالوا ( اذاً نضرب عنقك ) قال علي ( تقتلون عبد الله واخا رسوله ؟ ) فقال عمر للخليفة ابي بكر ( الا تأمر فيه بأمرك ؟ ) فقال ابو بكر ( لا اكرهه على شيء ما كانت فاطمة الى جانبه ) فلحق بقبر رسول الله يصيح ويبكي وينادي ( يا ابن ام ان القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني ) ونادت فاطمة بأعلى صوتها ( يا ابت ، يا رسول الله ، ماذا لقينا بعدك من الخطاب وابن ابي قحافة ) .
وتخلف قوم عن بيعة ابي بكر ، وكانوا في بيت علي ، فبعث ابو بكر اليهم عمر فناداهم وهم في دار علي فأبوا ان يخرجوا ، فدعا بالخطب وقال ( والذي نفس عمر بيده لتخرجن او لاحرقن الدار على من فيها ) فقيل ( يا ابا حفص ان فيها فاطمة ) فقال ( وان ) (11) وخرجوا ولم يحرق الفاروق بيت فاطمة ، وماتت فاطمة ودفنت ليلاً ، لانها اوصت ان لا يصلي عليها ابو بكر . وبعد موتها بايع علي ابا بكر واوصى ابو بكر لعمر ، وخلال حياتهما كانا يقدمان اهل البيت عند توزيع العطايا . فقد بدأ عمر بمحمد وآله ، ثم
ابو بكر وآله ، ثم عمر وآله ، كما يروى البلاذري في فتوح البلدان ، وكانا يستشيران الإمام علي ويرجعان اليه (12) وعصر ابي بكر وعمر في جانب من جوانبه عصر ذهبي لاهل البيت .
وجاء الامويون فحاربوا علياً ، وسموا الحسن ، وقتلوا الحسين ، وابادوا ابادة كاملة من حضر معه من اهل البيت ، ومنعوهم من ان يشربوا من ماء الفرات ، وتاريخ الاشراف للبلاذري يروي هذه المحنة ، وصبوا كل غضبهم على من يحب اهل بيت محمد ، وبعد ان استولى معاوية على الحكم كتب الى جميع عماله في جميع الآفاق بأن يلعنوا علياً في صلواتهم وعلى منابرهم كما يقول العقاد في ميزانه ص 16 .
ولم يقف الامر عند ذلك ، بل كانت مجالس الوعاظ في الشام تختم بشتم علي ، كما يروي ابن عساكر ( ج 3 ص 407 ) وبالتالي ، فلم يجيزوا لاحد من شيعته واهل بيته شهادة ، ومحوا من الديوان كل من يظهر حبه لعلي واولاده ، وان يسقطوا عطاءه ورزقه (13) .
وجاء بعدهم العباسيون . يقول ابو بكر الخوارزمي ( والجملة ان هارون مات وقد حصد شجرة النبوة واقتلع غرس الامامة ) (14) .
ثم ها هو المنصور في ثورة غضبه يقول وقد عزم على قتل الامام جعفر الصادق : ( قتلت من ذرية فاطمة الفا او يزيدون ، وتركت سيدهم ومولاهم جعفر بن محمد ) (15) ثم قال مشافهة للامام الصادق ( لاقتلنك ولاقتلن اهلك حتى لا ابقي على الارض منك قامة سيف ، ولاضربن المدينة حتى لا اترك فيها جداراً قائماً ) (16)
ويقول الطبري في تاريخه ( ان المنصور هذا ترك خزانة رؤوس ميراثاً لولده المهدي كلها من العلويين ، وقد علق بكل رأس ورقة كتب فيها ما يستدل به على صاحبه ، ومن بينها رؤوس شيوخ وشبان واطفال ) (17) والمنصور هو الذي كان يضع العلويين في الاسطوانات ويسمرهم في الحيطان ، كما ذكر اليعقوبي في تاريخه ، ويتركهم يموتون في المطبق جوعاً ، وتقتلهم الروائح الكريهة ، حتى لم يكن لهم مكان يخرجون اليه لازالة الضرورة . وكان يموت احدهم ويترك حتى يبلى من غير دفن ثم يهدم المطبق على من تبقى منهم احياء وهم في اغلالهم (18) .
واما الرشيد فقد اقسم على استئصالهم وكل من تشيع لهم ، واشتهر عنه قوله ( حتام اصبر على آل بني طالب والله لاقتلنهم ولاقتلن شيعتهم ولأملقن ولأملغن ) (19) وكان شديد الوطأة على العلويين يتبع خطواتهم ويقتلهم (20) .
كتب المنصور يوماً الى الامام الصادق عليه السلام ( لم لا تغشاني كما تغشاني الناس ؟ ) فأجابه الصادق ( ليس لنا ما نخافك من اجله ، ولا عندك من امر الآخرة ما نرجوك له ، ولا انت في نعمة فنهنيك ، ولا تراها نقمة فنعزيك ، فما نصنع عندك ؟ ) فكتب المنصور اليه ، ( تصحبنا لتنصحنا ) فأجابه الامام ( من اراد الدنيا لا ينصحك ، ومن اراد الآخرة لا يصحبك ) (21) .

نوعا القرابة

1 ـ القرابة القريبة لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم وهم فاطمة وعلي وحسن وحسين ونسلهم لاحقتهم خصوصية القرابة ، جرت عليه كل الويلات والمآسي ، وتلك مكافأة على موقف ابي طالب نحو الاسلام ونبي الاسلام ، وعلى موقف علي في حروب الاسلام مع اعدائه ، فعليهم الغرم كله والغنم لسواهم .
2 ـ القرابة البعيدة من رسول الله ، فقد حكموا لانهم من عائلة النبي ( قريش ) فأخذوا الغنم كله ، وخصوا القرابة القريبة بالغرم كله .

عزل العترة الطاهرة

النتيجة المنطقية ان عزل الامام بعد وفاة فاطمة ، وتجلت رغبة عزل الامام عن بني هاشم بمحاولة اجتذاب العباس الى السلطه واغرائه ببعض الامر له ولعقبه . لكن العباس رفض ذلك رفضا قاطعا ، ورد رداً حاسماً على السلطة الراشدة . ومع الايام عزلت القرابة القريبة الطاهرة عن بني هاشم وعن آل البيت وعن الناس لانه وبالمعيار الموضوعي ، فاذا قدر للشخص العادي ان يختار بين السلطة وبين خصومها ، فانه سيختار جانب السلطة لانها هي الجانب القوي المالك لزمام الامور . فكانت اغلبية الامة مع الحكام . واقليتها مع اهل البيت ، او كما عبر الشاعر ( القلوب مع اهل البيت والسيوف عليهم ومع اعدائهم ) . فعمرو بن سعد بن ابي وقاص الذي قاد جيش الخليفة ضد الحسين واهل البيت في كربلاء صلى الصبح وقال ( اللهم صل على محمد وآل محمد ) وبعد ان انهى الصلاة قام بقتل الموجودين من اهل بيت محمد ، ولم يكتف بقتلهم بل قطع رؤوسهم كلهم ، كما يجمع على ذلك ثقات المؤرخين ، وسلبوا اهل البيت حتى لباسهم وهم اموات . وتحركت الخيول فوطئت جثة الحسين وجثة من معه من اهل البيت تقرباً الى ابن زياد والى يزيد بن معاوية . ولله في خلقه شؤون . وتلك ثمرة من ثمرات المقولة ( لا ينبغي ان يجمع الهاشميون النبوة مع الملك ) .

تأويل الخصوصية

ما ثبته الله لن يهزه البشر ، وما وضعه الخالق لن يغيره المخلوق ، ادرك الحكام ان خصوصية اهل البيت لن تتغير مهما فعلوا بهم . فالصلاة عليهم مفروضة وطهارتهم واردة في القرآن الكريم ، وولايتهم على الامة ثابتة ، والنصوص بفضلهم آخذة بالاعناق . وحتى لو تم ابادة اهل البيت ابادة تامة فان هذه الخصوصية ستبقى شبحا يلاحق الحكام ليلاً نهاراً . ومن هنا لا بديل عن تأويل هذه الخصوصية .
المصادر :
1- راجع الطبقات لابن سعد ، وراجع السيرة الحلبية ، وراجع كنز العمال ، وقد نقل عن الحاكم في مستدركه والبيهقي في سننه وعن الطبراني وعن ابن عساكر .
2- راجع الطبقات لابن سعد ج 1 ص 75 ، وراجع السيرة الحلبية .
3- راجع ابن حجر في تفسير آية : ( ان الله وملائكته يصلون على النبي ) في صواعقه المحرقة ص 88 ، وراجع النبهاني ص 99 من الشرف المؤيد وهي مرسلة عن الشافعي ، ارسال المسلمات كما يقول الامام شرف الدين .
4- راجع مختارات الصحاح ص 31 و 185 و 70 وص 410 وراجع المعجم الوسيط ص 21 ج 1 ص 588 ج 2 .
5- راجع ج 1 ص 44 من كنز العمال ، وقد نقله عن النسائي والترمذي عن جابر عن رسول الله واخرجه الترمذي عن زيد بن ارقم ، واخرجه الامام احمد من حديث زيد بطريقين صحيحين في اول ص 182 وفي اخر ص 189 ج 5 من مسنده ، واخرجه ايضا عن ابن ابي شيبة وابو يعلي ، وابن سعد عن ابي سعيد ، وراجع الحديث 945 ج 1 ص 47 ، من كنز العمال ، واخرجه الحاكم في مستدركه ج 3 ص 148 وقال : هذا حديث صحيح الاسناد على طريق الشيخين ، ولم يخرجاه واخرجه الذهبي معترفاً بصحته على شرط الشيخين ، راجع تلخيص المستدرك للذهبي .
6- راجع الامامة والسياسة لابن قتيبة ص 84 .
7- راجع تاريخ الطبري ج 3 ص 197 ـ 198 .
8- راجع كتابنا النظام السياسي في الاسلام ص 120 وما فوق .
9- راجع الامامة والسياسة ص 11 ـ 12 .
10- راجع الامامة والسياسة ص 14 ـ 16 .
11- راجع الامامة والسياسة لابن قتيبة ص 12 ، والعقد الفريد لابن عبد ربه المالكي ج 4 ص 259 و 260 ، وشرح النهج لعلامة المعتزلة ابن ابي الحديد ج 1 ص 134 وج 2 ص 19 ، وراجع تاريخ الطبري ج 3 ص 202 ، وراجع انساب الاشراف للبلاذري ج 1 ص 586 ، وملحق المراجعات تحقيق حسين راضي ص 261 .
12- راجع الاستيعاب بهامش الاصابة ج 3 ص 39 . وذخائر العقبي ص 81 و 82 ، وتذكرة الخواص للجوزي الحنفي ص 144 ـ 148 ، وكفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 192 ، والمناقب للخوارزمي ص 38 .. الخ .
13- راجع معاوية بن ابي سفيان في الميزان لعباس العقاد ص 16 ، وراجع شيخ المضيرة للشيخ محمود ابو رية ص 180 .
14- راجع معاوية بن ابي سفيان في الميزان لعباس العقاد ص 16 ، وراجع شيخ المضيرة للشيخ محمود ابو رية ص 180 .
15- رسائل ابي بكر الخوارزمي ص 178 .
16- الحياة السياسية للامام الرضا ص 87 .
17- راجع مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 357 ، والبحار ج 47 ص 178 .
18- راجع تاريخ الطبري ج 10 ص 446 وراجع النزاع والتخاصم للمقريزي ص 52 .
19- الحياة السياسية للامام الرضا ص 88 .
20- الاغاني للاصفهاني ج 5 ص 225 .
21- العقد الفريد ج 2 ص 80 وراجع كشف الغمة في اموال الصادق لابن حمدون ج 2 ص 208 وراجع المحاضرة التي القاها الشيخ محمد باقر بمناسبة مولد الامام الصادق في المؤتمر الدولي المنعقد في دمشق بتاريخ 26 / 9 / 91 ـ 28 / 9 / 91 وقد نشرت البحوث في كتاب يقع على صفحة 494 .
 

source : راسخون
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

المعاد لکل العباد
تزويج الله لوليه وخليفة نبيه
اقتناع النبي الشخصي بالنبوة
نشوء وتطوّر مناهج التفسير
قنوت الإمام الحسين بن علي ع
قاعدة إتباع عموم الفكرة
هل يمكن تعريف القرآن؟
صور حديثة لوادي الغدير
المنزلة العالية
الأسس التي تضمنها قوله تعالى (آمنا به، كلُّ من ...

 
user comment