لسنا بحاجة إلى ما يبين ولادة الاِمام المهدي ويثبتها تاريخياً بعد أن عرفنا اتفاق كلمة المسلمين على أنّه من أهل البيت، وأنّ ظهوره يكون في آخر الزمان، وعرفنا أيضاً النتيجة التي انتهى إليها البحث في طوائف نسب الاِمام المهدي، وهي أنّه لامجال للشك في كون المهدي الاِمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت عليهم السلام ، وهو محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، وانه حسيني الاَب حسني الاَُم من جهة فاطمة بنت الحسن السبط أُم الاِمام الباقر محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام .
وهذا يعني إنّ البحث عن ولادة الاِمام المهدي وبيان ثبوتها شرعاً بحث غير طبيعي لولا وجود بعض الملابسات التاريخية حول ولادته عليه السلام ، كادعاء عمّه جعفر الكذّاب بعدم وجود خلفٍ لاَخيه العسكري عليه السلام ، وقيام السلطة الحاكمة بتسليم تركة الاِمام العسكري بعد وفاته لاَخيه جعفر الكذاب أخذاً بادعائه الباطل فيما رواه علماء الشيعة الاِمامية الاثني عشرية انفسهم ولم يروه غيرهم قط إلاّ من طرقهم، وفي هذا وحده كفاية للمنصف المتدبر، إذ كيف يروي الشيعة أمراً ويعتقدون بخلافه لو لم يثبت لهم زيف هذا الاَمر وبطلانه ؟!
إنه من قبيل رواياتهم انكار معاوية منزلة علي عليه السلام من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . فانكار معاوية ثابتٌ، ومنزلة علي عليه السلام ثابتة؛ وثبات كلاهما عند الشيعة لايخالجه شكٌّ ؛ لاَنه على نحو اليقين، فكذلك انكار جعفر الكذاب ثابت عندهم، وتصرف السلطة على وفق ادعائه ثابت أيضاً ، وفي مقابل هذا ثبوت ولادة المهدي بالاقرار والعيان ، وما بعدهما من برهان .
ولكن من يقتات على موائد الغرب مع انحرافه ، لايبعد منه استغلال تلك الملابسات ، واثارتها بثوب جديد موشى بالوان (التصحيح).
ولاَجل هذا نقول : إنَّ ولادة أي انسان في هذا الوجود تثبت باقرار أبيه، وشهادة القابلة، وان لم يره أحد قط غيرهما ، فكيف لو شهد المئات برؤيته، واعترف المؤرخون بولادته وصرح علماء الانساب بنسبه، وظهر على يديه ما عرفه المقربون اليه، وصدرت منه وصايا وتعليمات، ونصائح وإرشادات، ورسائل وتوجيهات، وأدعية وصلوات، وأقوال مشهورة، وكلمات مأثورة وكان وكلاؤه معروفين، وسفراؤه معلومين، وانصاره في كل عصر وجيل بالملايين.
ولعمري ، هل يريد من استغل تلك الملابسات ، وأنكر ولادة الاِمام المهدي عليه السلام أكثر من هذا لاثبات ولادته، أم تراه يقول في بلسان الحال للمهدي، كما قال المشركون بلسان المقال لجدّه النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الاَرْضِ يَنبُوعاً ، أوْ تَكُونَ لَكَ جَنّةٌ مِن نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الاَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً، أوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالمَلائِكَةِ قَبِيلاً ، أوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِن زُخْرُفٍ أوْ تَرْقى فِي السَّمَاءِ وَلَن نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إلاَّ بَشَراً رَسُولاً)(1).
اللّهم إنّا لا نرجو هداية من عرف الحق وتمسك بالباطل ؛ لاَن من لايقدر على الانتفاع بضياء الشمس ، فهو على الانتفاع بنور القمر أعجز، وانما نطمح إلى ايصال الحق إلى جاهله ، وتقوية الايمان به عند من ضعف في قلبه ، فنقول :
إخبار الاِمام العسكري بولادة ابنه المهدي عليهما السلام :
ويدل عليه الخبر الصحيح عن محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن إسحاق ، عن أبي هاشم الجعفري قال : « قلتُ لاَبي محمد عليه السلام : جلالتك تمنعني من مسألتك فتأذن لي أن اسألك ؟ فقال : سلْ ، قلتُ : يا سيدي هل لك ولد ؟ فقال : نعم ، فقلتُ : فإنْ حدث بك حدث فأين اسأل عنه ؟ قال : بالمدينة »والخبر الصحيح عن علي بن محمد، عن محمد بن علي بن بلال قال : «خرج إليَّ من أبي محمد قبل مضيه بسنتين يخبرني بالخلف من بعده ، ثم خرج إليَّ من قبل مضيه بثلاثة أيام يخبرني بالخلف من بعده»(2).
والمراد بعلي بن محمد هو الثقة الاَديب الفاضل ابن بندار ، وأما عن محمد بن علي بن بلال فانه من الوثاقة والجلالة أشهر من نارٍ على علم بحيث كان يراجعه من مثل ابي القاسم الحسين بن روح رضي الله عنه ، كما هو معلوم عند أهل الرجال.
شهادة القابلة بولادة الاِمام المهدي عليه السلام :
وهي السيدة العلوية الطاهرة حكيمة بنت الاِمام الجواد وأُخت الاِمام الهادي وعمة الاِمام العسكري عليهم السلام . وهي التي تولّت أمر نرجس أُم الاِمام المهدي عليه السلام في ساعة الولادة(3)، وصرحت بمشاهدة الاِمام الحجة بعد مولده ، وقد ساعدتها بعض النسوة في عملية الولادة، منهن جارية أبي علي الخيزراني التي أهداها إلى الاِمام العسكري عليه السلام فيما صرح بذلك الثقة محمد بن يحيى،ومارية، ونسيم خادمة الاِمام العسكري عليه السلام .ولايخفى ان ولادات المسلمين لايطلع عليها غير النساء القوابل ، ومن ينكر هذا فعليه ان يثبت لنا مشاهدة غيرهن لاُمّه في مولده !هذا وقد أجرى الاِمام العسكري عليه السلام السُنّة الشّريفة بعد ولادة المهدي عليه السلام فعقَّ عنه بعقيقة(4)كما يفعل الملتزمون بالسُنّة حينما يرزقهم الله من فضله مولوداً.
من شهد برؤية المهدي من أصحاب الاَئمة عليهم السلام وغيرهم :
شهد برؤية الاِمام المهدي في حياة أبيه العسكري عليهما السلام وبإذن منه عدد من أصحاب العسكري وأبيه الهادي عليهما السلام ، كما شهد آخرون منهم ومن غيرهم برؤية الاِمام المهدي بعد وفاة أبيه العسكري عليهما السلام وذلك في غيبته الصغرى التي ابتدأت من سنة (260 هـ) إلى سنة (329 هـ) ، ولكثرة من شهد على نفسه بذلك سوف نقتصر على ما ذكره المشايخ المتقدمون وهم: الكليني (ت/329 هـ) الذي أدرك الغيبة الصغرى بتمامها تقريبا، والصدوق (ت/381 هـ) وقد أدرك من الغيبة الصغرى أكثر من عشرين عاماً، والشيخ المفيد (ت/413هـ)، والشيخ الطوسي (ت/460 هـ) ولابأس بذكر اليسير جداً من رواياتهم الخاصة في تسمية من رآه عليه السلام ثم
الاكتفاء ببيان أسماء المشاهدين للاِمام المهدي عليه السلام مع تعيين موارد رواياتهم في كتب المشايخ الاَربعة لاَجل الاختصار . فمن تلك الروايات : ما رواه الكليني في اُصول الكافي بسند صحيح : عن محمد بن عبدالله ومحمد بن يحيى جميعاً؛ عن عبدالله بن جعفر الحميري ، قال : «اجتمعت أنا والشّيخ أبو عمرو رحمه الله عند أحمد بن اسحاق فغمزني أحمد بن اسحاق أن أسأله عن الخلف، فقلت له : يا أبا عمرو إني أُريد أن اسألك عن شيء وما أنا بشاكٍ فيما أُريد أن اسألك عنه ـ إلى أن قال بعد إطراء العمري وتوثيقه على لسان الاَئمة عليهم السلام ـ : فَخَرَّ أبو عمرو ساجداً وبكى ثم قال : سل حاجتك. فقلتُ له : أنت رأيت الخلف من بعد أبي محمد عليه السلام ؟ فقال : إي والله ورقبته مثل ذا ـ وأومأ بيده ـ فقلتُ له : فبقيت واحدة ، فقال لي : هات ، فقلتُ : فالاسم ؟ قال : محرم عليكم أنْ تسألوا عن ذلك ، ولا أقول هذا من عندي ، فليس لي أن أُحلل ولا أُحرم، ولكن عنه عليه السلام ، فإن الاَمرَ عند السلطان : أن أبا محمد مضى ولم يخلف ولداً وقَسَّم ميراثه وأخذه من لاحقّ له فيه، وهو ذا عياله يجولون ليس أحد يجسر أن يتعرف إليهم أو ينيلهم شيئاً، واذا وقع الاسم وقع الطلب، فاتقوا الله وأمسكوا عن ذلك».
ومنها : ما رواه في الكافي بسند صحيح : عن علي بن محمد وهو ابن بندار الثقة، عن مهران القلانسي الثقة قال : قلتُ للعمري : «قد مضى أبو محمد ؟ فقال لي : قد مضى ولكن خلف فيكم من رقبته مثل هذه، واشار بيده»(5) .
ومنها : ما رواه الصدوق بسند صحيح عن أجلاّء المشايخ قال : «حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال : حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري قال : قلتُ لمحمد بن عثمان العمري رضي الله عنه : اني اسألك سؤال ابراهيم ربه جلّ جلاله حين قال : ( رَبِّ أَرِني كَيفَ تُحْيي المَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلكِن لِيَطْمَئنَّ قَلْبي )(6) فأخبرني عن صاحب هذا الاَمر هل رأيته ؟ قال : نعم، وله رقبه مثل ذي واشار بيده إلى عنقه».ومنها : ما رواه الصدوق في كمال الدين قال : «وحدثنا أبو جعفر محمد ابن علي الاَسود رضي الله عنه قال : سألني علي بن الحسين بن موسى بن بابويه رضي الله عنه بعد موت محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه أن اسأل أبا القاسم الروحي أن يسأل مولانا صاحب الزمان عليه السلام أن يدعو الله عزّ وجل أن يرزقه ولداً ذكراً قال : فسألته، فأنهى ذلك، ثم أخبرني بعد ذلك بثلاثة أيام أنه قد دعى لعلي بن الحسين وانه سيولد له ولد مبارك ينفع الله به وبعده أولاد ـ ثم قال الصدوق بعد ذلك ـ قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه : كان أبو جعفر محمد بن علي الاَسود رضي الله عنه ، كثيراً ما يقول لي ـ إذا رآني أختلف إلى مجلس شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه ، وأرغب في كتب العلم وحفظه ـ ليس بعجب أنْ تكون لكَ هذه الرغبة في العلم، وأنت ولدت بدعاء الاِمام عليه السلام »(7).
ومنها : ما رواه الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة عن أجلاء هذه الطائفة وشيوخها قال : «وأخبرني محمد بن محمد بن النعمان والحسين بن عبيدالله، عن أبي عبدالله محمد بن أحمد الصفواني قال : أوصى الشيخ أبو القاسم رضي الله عنه إلى أبي الحسن علي بن محمد السمري رضي الله عنه فقام بما كان إلى أبي القاسم [ السفير الثالث ] فلما حضرته الوفاة، حضرت الشيعة عنده وسألته عن الموكل بعده ولمن يقوم مقامه، فلم يظهر شيئاً من ذلك، وذكر أنّه لم يُؤمر بأن يوصي إلى أحد بعده في هذا الشأن»ولايخفى إن مقام السّمري مقام أبي القاسم الحسين بن روح في الوكالة عن الاِمام تتطلب رؤيته في كل أمر يحتاج اليه فيه، ومن هنا تواتر ما خرج على يد السفراء الاَربعة الذين ذكرناهم في هذه الروايات من وصايا وارشادات وأوامر وكلمات الاِمام المهدي عليه السلام .وهناك روايات أُخرى كثيرة صريحة برؤية السفراء الاَربعة كلٌّ في زمان وكالته للامام المهدي وكثير منها بمحضر من الشيعة وها نحن نشير الى اسماء من رآه عليه السلام وهم :ابراهيم بن ادريس أبو أحمد، وابراهيم بن عبدة النيسابوري، وابراهيم بن محمد التبريزي، وابراهيم بن مهزيار ابو اسحاق الاهوازي، وأحمد بن اسحاق بن سعد الاشعريورآه مرة أُخرى مع سعد بن عبدالله بن أبي خلف الاشعري (من مشايخ والد الصدوق والكليني) ، وأحمد بن الحسين بن عبدالملك أبو جعفر الاَزْدي وقيل الاَوْدي، وأحمد بن عبدالله الهاشمي من ولد العباس مع تمام تسعة وثلاثين رجلاً ، وأحمد بن محمد بن المُطَهَّر أبو علي من أصحاب الهادي والعسكري عليهما السلام ، وأحمد بن هلال أبو جعفر العبرتائي الغال الملعون، وكان معه جماعة منهم: علي بن بلال ، ومحمد بن معاوية بن حكيم، والحسن بن أيوب بن نوح، وعثمان بن سعيد العمري رضي الله عنه إلى تمام أربعين رجلاً ، واسماعيل بن علي النوبختي أبو سهل ، وأبو عبد الله بن صالح، وأبو محمد الحسن بن وجناء النصيبي ، وأبو هارون من مشايخ محمد بن الحسن الكرخي ، وجعفر الكذاب عم الاِمام المهدي عليه السلام رأى الاِمام المهدي عليه السلام مرتين ، والسيدة العلوية الطاهرة حكيمة بنت الاِمام محمد بن علي الجواد عليهما السلام ، والزهري وقيل الزهراني ومعه العمري رضي الله عنه ، ورشيق صاحب المادراي،وأبو القاسم الروحي رضي الله عنه ، وعبد الله السوري، وعمرو الاَهوازي، وعلي بن ابراهيم بن مهزيار الاَهوازي، وعلي بن محمد الشمشاطي رسول جعفر بن ابراهيم اليماني ، وغانم أبو سعيد الهندي، وكامل بن ابراهيم المدني ، وأبو عمرو عثمان بن سعيد العمري رضي الله عنه ، ومحمد بن أحمد الاَنصاري أبو نعيم الزيدي، وكان معه في مشاهدة الاِمام المهدي عليه السلام : أبو علي المحمودي، وعلاّن الكليني، وأبو الهيثم الدِّيناري، وأبو جعفر الاَحول الهمداني، وكانوا زهاء ثلاثين رجلاً فيهم السيد محمد بن القاسم العلوي العقيقي ، والسيد الموسوي محمد بن اسماعيل بن الاِمام موسى بن جعفر عليهما السلام وكان أسنّ شيخ في عصره من ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ومحمد بن جعفر أبو العباس الحميري على رأس وفد من شيعة مدينة قم ، ومحمد بن الحسن بن عبيد الله التميمي الزيدي المعروف بأبي سورة، ومحمد بن صالح بن علي بن محمد بن قنبر الكبير مولى الاِمام الرضا عليه السلام ، ومحمد بن عثمان العمري رضي الله عنه وكان قد رآه مع أربعين رجلاً بإذن الاِمام العسكري عليه السلام ، وكان من جملتهم: معاوية بن حكيم، ومحمد بن أيوب بن نوح، ويعقوب بن منقوش، ويعقوب بن يوسف الضّراب الغساني، ويوسف بن أحمد الجعفري(8).
شهادة وكلاءالمهدي ومن وقف على معجزاته عليه السلام برؤيته:
لقد ذكر الصدوق من وقف على معجزات الاِمام المهدي ورآه من الوكلاء وغيرهم مع تسمية بلدانهم وقد أشرنا إلى بعضهم، وقد بلغوا من الكثرة حدّاً يمتنع معه اتفاقهم على الكذب لاسيما وهم من بلدان شتى، واليك بعضهم :
فمن بغداد : العمري ، وابنه ، وحاجز ، والبلالي ، والعطار .
ومن الكوفة : العاصمي .
ومن أهل الاهواز : محمد بن ابراهيم بن مهزيار .
ومن أهل قم : أحمد بن اسحاق .
ومن أهل همدان : محمد بن صالح .
ومن أهل الري : البسامي ، والاسدي (محمد بن أبي عبدالله الكوفي) .
ومن أهل آذربيجان : القاسم بن العلاء .
ومن أهل نيسابور : محمد بن شاذان .
ومن غير الوكلاء .
من أهل بغداد : أبو القاسم بن أبي حليس ، وأبو عبدالله الكندي ، وأبو عبدالله الجنيدي ، وهارون القزاز ، والنيلي ، وأبو القاسم بن دبيس ، وأبو عبدالله بن فروخ ، ومسرور الطباخ مولى أبي الحسن عليه السلام ، وأحمد ومحمد ابنا الحسن ، واسحاق الكاتب من بني نوبخت وغيرهم .
ومن همدان : محمد بن كشمرد ، وجعفر بن حمدان ، ومحمد بن هارون بن عمران .
ومن الدينور : حسن بن هارون، وأحمد بن أُخَيَّة، وأبو الحسن .
ومن أصفهان : ابن باشاذالة .
ومن الصيمرة : زيدان .
ومن قم : الحسن بن النضر ، ومحمد بن محمد، وعلي بن محمد بن اسحاق، وأبوه، والحسن بن يعقوب .
ومن أهل الري : القاسم بن موسى ، وابنه ، وأبو محمد بن هارون، وعلي بن محمد ، ومحمد بن محمد الكليني ، وأبو جعفر الرفّاء .
ومن قزوين : مرداس ، وعلي بن أحمد .
ومن نيسابور : محمد بن شعيب بن صالح.
ومن اليمن : الفضل بن يزيد ، والحسن بن الفضل بن يزيد ، والجعفري، وابن الاعجمي ، وعلي بن محمد الشمشاطي .
ومن مصر : أبو رجاء وغيره .
ومن نصيبين : أبو محمد الحسن بن الوجناء النصيبي .
كما ذكر أيضاً من رآه عليه السلام من أهل شهرزور، والصيمرة، وفارس
وقابس، ومرو(9) .
شهادة الخدم والجواري والاِماء برؤية المهدي عليه السلام :
كما شاهد الاِمام المهدي عليه السلام من كان يخدم أباه العسكري عليه السلام في داره مع بعض الجواري والاِماء، كطريف الخادم أبي نصر، وخادمة ابراهيم بن عبدة النيسابوري التي شاهدت مع سيدها الاِمام المهدي عليه السلام ، وأبي الاَديان الخادم، وأبي غانم الخادم الذي قال : «ولد لاَبي محمد عليه السلام ولد فسماه محمداً، فعرضه على أصحابه يوم الثالث، وقال : هذا صاحبكم من بعدي، وخليفتي عليكم، وهو القائم الذي تمتد اليه الاعناق بالانتظار، فاذا امتلاَت الارض جوراً وظلماً خرج فملاَها قسطاً وعدلاً».كما شهد بذلك مسرور الطباخ مولى أبي الحسن عليه السلام (10)، وكل هؤلاء قد شهدوا بنحو ما شهد به أبو غانم الخادم في بيت العسكري عليه السلام .
تصرف السلطة دليل على ولادة الاِمام المهدي عليه السلام :
ولد الاِمام الحسن العسكري عليه السلام في شهر ربيع الآخر سنة 232 هـ ، وقد عاصر ثلاثة من سلاطين بني العباس وهم : المعتز (ت/255 هـ) ، والمهتدي (ت/256 هـ) ، والمعتمد (ت/279 هـ) .
وقد كان المعتمد شديد التعصب والحقد على آل البيت عليهم السلام ومن تصفح كتب التاريخ المشهورة كالطبري وغيره ، واستقرأ ما في حوادث سنة ( 257 هـ ) و ( 258 هـ ) و ( 259 هـ ) و ( 260 هـ ) ، وهي السنوات الاَُولى من حكمه، عَلِم مدى حقده على أئمة أهل البيت عليهم السلام .
ولقد عاقبه الله في حياته ، إذ لم يكن في يده شيءٌ من مُلْكِهِ حتى إنّه احتاج إلى ثلاثمائة دينار فلم ينلها ، ومات ميتة سوءٍ إذ ضجر منه الاتراك فرموه في رصاص مذاب باتفاق المؤرخين.
ومن مواقفه الخسيسة أَمْرُهُ شَرَطَته بعد وفاة الاِمام الحسن العسكري عليه السلام مباشرة بتفتيش داره تفتيشاً دقيقاً والبحث عن الاِمام المهدي عليه السلام والامر بحبس جواري أبي محمد عليه السلام واعتقال حلائله يساعدهم بذلك جعفر الكذاب طمعاً في أن ينال منزلة أخيه العسكري عليه السلام في نفوس شيعته، حتى جرى بسبب ذلك ـ كما يقول الشيخ المفيد ـ على مُخَلَّفي أبي محمد عليه السلام كل عظيمة من اعتقال، وحبس، وتهديد، وتصغير، واستخفاف، وذِل.
كل هذا والاِمام المهدي في الخامسة من عمره الشريف، ولايهم المعتمد العباسي العمر بعد أنْ عرف أن هذا الصبي هو الاِمام الذي سيهدّ عرش الطاغوت نظراً لما تواتر من الخبر بأن الثاني عشر من أهل البيت عليهم السلام سيملاَ الدنيا قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً
فكان موقفه من مهدي الاَُمّة كموقف فرعون من نبي الله موسى عليه السلام الذي ألقته أُمّهُ ـ خوفاً عليه ـ في اليمِّ صبياً ، وبعض الشرّ أهون من بعض.
ولم يكن المعتمد العباسي قد عرف هذه الحقيقة وحده وإنّما عرفها من كان قبله كالمعتز والمهدي ؛ ولهذا كان الاِمام الحسن العسكري عليه السلام حريصاً على أن لاينتشر خبر ولادة المهدي إلاّ بين الخلّص من شيعته ومواليه عليه السلام ، مع أخذ التدابير اللازمة والاحتياطات الكافية لصيانة قادة التشيع من الاختلاف بعد وفاته عليه السلام ، إذ أوقفهم بنفسه على المهدي الموعود مرات عديدة وأمرهم بكتمان أمره لمعرفة الطواغيت بأنّه (الثاني عشر) الذي ينطبق عليه حديث جابر بن سمرة الذي رواه القوم وأدركوا تواتره، وإلاّ فأي خطر يهدد كيان المعتمد في مولود يافع لم يتجاوز من العمر خمس سنين ؟! لو لم يدرك أنّه هو المهدي المنتظر التي رسمت الاَحاديث المتواترة دوره العظيم بكل وضوح ، وبينت موقفه من الجبابرة عند ظهوره .ولو لم يكن الامر على ما وصفناه فلماذا لم تقتنع السلطة بشهادة جعفر الكذاب وزعمه بأن أخاه العسكري عليه السلام مات ولم يخلف ولداً ؟
أَمَا كان بوسع السلطة أنْ تعطي جعفراً الكذاب ميراث أخيه عليه السلام من غير ذلك التصرف الاَحمق الذي يدل على ذعرها وخوفها من ابن الحسن عجل الله تعالى فرجه الشريف ؟!
قد يقال : بأنّ حرص السلطة على إعطاء كل ذي حق حقه هو الذي دفعها إلى التحري عن وجود الخلف لكي لايستقل جعفر الكذاب بالميراث وحده بمجرد شهادته !
فنقول : ومع هذا ، فانه ليس من شأن السلطة الحاكمة آنذاك أنْ تتحرى عن هذا الاَمر بمثل هذا التصرف المريب ، بل كان على السلطة ان تحيل دعوى جعفر الكذاب إلى أحد القضاة ؛ لاسيما وان القضية من قضايا الميراث التي يحصل مثلها كل يوم مرات ، وعندها سيكون بوسع القاضي التحقيق واستدعاء الشهود كأُمّ الاِمام العسكري عليه السلام ، ونسائه وجواريه والمقربين اليه من بني هاشم ، ثم يستمع إلى اقوالهم ويثبت شهاداتهم، ثم يصدر الحكم على ضوء ما بيديه من شهادات ، أمّا أنّ تنفرد السلطة بنفسها ويصل الاَمر إلى أعلى رجل فيها ، وبهذه السرعة، ولمّا يدفن الاِمام الحسن عليه السلام ، وخروج القضية عن دائرة القضاء مع أنّها من اختصاصاته، ومن ثم مداهمة الشَرَطة لمن في بيت الاِمام العسكري عليه السلام بعد وفاته مباشرة، كل ذلك يدل على تيقن السلطة من ولادة الاِمام المهدي وإنْ لم تره، لما سبق من علمهم بثاني عشر أهل البيت كما أشرنا إليه؛ ولهذا جاءت للبحث عنه لابعنوان إعطاء ميراث العسكري عليه السلام لمن يستحقه من بعده، وإنّما للقبض عليه والفتك به بعد أن لم يجدوا لذلك سبيلاً في حياة أبيه العسكري عليه السلام .
ولهذا كان الخوف على حياته الشريفة من اسرار غيبته عليه السلام كما مر عليك في إخبار آبائه الكرام عليهم السلام عنها قبل وقوعها بعشرات السنين.
اعترافات علماء الاَنساب بولادة الاِمام المهدي عليه السلام :
لا شك في أنّ الرجوع إلى أصحاب كلّ فن ضرورة، والأولى بصدد ما نحن فيه ، هم علماء الانساب، واليك بعضهم :
1 ـ النسابة الشهير أبو نصر سهل بن عبد الله بن داود بن سليمان البخاري من أعلام القرن الرابع الهجري ، كان حياً سنة ( 341 هـ ) ، وهو من أشهر علماء الانساب المعاصرين لغيبة الاِمام المهدي الصغرى التي انتهت سنة 329 هـ.
قال في سر السلسلة العلوية : «وولد علي بن محمد التقي عليه السلام : الحسن ابن علي العسكري عليه السلام من أُم ولد نوبيّة تدعى : ريحانة ، وولد سنة احدى وثلاثين ومائتين وقبض سنة ستين ومائتين بسامراء ، وهو ابن تسع وعشرين سنة.. وولد علي بن محمد التقي عليه السلام جعفراً وهو الذي تسميه الاِمامية جعفر الكذاب، وإنّما تسميه الاِمامية بذلك ؛ لادعائه ميراث أخيه الحسن عليه السلام دون ابنه القائم الحجة عليه السلام . لاطعن في نسبه».
2 ـ السيد العمري النسابة المشهور من أعلام القرن الخامس الهجري قال ما نصه : «ومات أبو محمد عليه السلام وولده من نرجس عليها السلام معلوم عند خاصة أصحابه وثقات أهله، وسنذكر حال ولادته والاَخبار التي سمعناها بذلك، وامتُحن المؤمنون بل كافة الناس بغيبته، وشره جعفر بن علي إلى مال أخيه وحاله فدفع أنْ يكون له ولد، وأعانه بعض الفراعنة على قبض جواري أخيه »...
3 ـ الفخر الرازي الشافعي ( ت / 606 هـ)، قال في كتابه الشجرة المباركة في أنساب الطالبية تحت عنوان : أولاد الامام العسكري عليه السلام ما هذا نصه: « أما الحسن العسكري الامام عليه السلام فله ابنان وبنتان: اما الابنان، فأحدهما : صاحب الزمان عجل الله فرجه الشريف، والثاني موسى درج في حياة أبيه. وأما البنتان: ففاطمة درجت في حياة أبيها، وأم موسى درجت أيضاً».
4 ـ المروزي الازورقاني (ت / بعد سنة 614 هـ) فقد وصف في كتاب الفخري جعفر ابن الاِمام الهادي في محاولته انكار ولد أخيه بالكذاب، وفيه أعظم دليل على اعتقاده بولادة الاِمام المهدي .
5 ـ السيد النسابة جمال الدين أحمد بن علي الحسيني المعروف بابن عِنَبَه (ت/ 828 هـ) قال في عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب : «أما علي الهادي فيلقب العسكري لمقامه بسُرَّ من رأى، وكانت تسمى العسكر ، وأُمّه أُم ولد ، وكان في غاية الفضل ونهاية النبل ، أشخصه المتوكل إلى سُرَّ من رأى فأقام بها إلى أن تُوفي ، وأعقب من رجلين هما:
الاِمام أبو محمد الحسن العسكري عليه السلام ، وكان من الزهد والعلم على أمر عظيم ، وهو والد الاِمام محمد المهدي صلوات الله عليه ثاني عشر الاَئمة عند الاِمامية وهو القائم المنتظر عندهم من أُم ولد اسمها نرجس .
واسم أخيه أبو عبدالله جعفر الملقب بالكذّاب؛ لادعائه الاِمامة بعد أخيه الحسن».
وقال في الفصول الفخرية (مطبوع باللغة الفارسية) ما ترجمته : «أبو محمد الحسن الذي يقال له العسكري، والعسكر هو سامراء، جلبه المتوكل وأباه إلى سامراء من المدينة، واعتقلهما. وهو الحادي عشر من الاَئمة الاثني عشر، وهو والد محمد المهدي عليه السلام ، ثاني عشرهم».
6 ـ النسابة الزيدي السيد أبو الحسن محمد الحسيني اليماني الصنعاني من أعيان القرن الحادي عشر.
ذكر في المشجرة التي رسمها لبيان نسب أولاد أبي جعفر محمد بن علي الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، وتحت اسم الاِمام علي التقي المعروف بالهادي عليه السلام خمسة من البنين وهم : الاِمام العسكري ، الحسين ، موسى ، محمد ، علي . وتحت اسم الاِمام العسكري عليه السلام مباشرة كتب : (محمد بن) وبازائه : (منتظر الاِمامية).
7 ـ محمد أمين السويدي (ت/1246 هـ) قال في سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب : «محمد المهدي : وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين، وكان مربوع القامة ، حسن الوجه والشَّعر ، أقنى الانف ، صبيح الجبهة».
8 ـ النسابة المعاصر محمد ويس الحيدري السوري قال في الدرر البهية في الانساب الحيدريّة والاَوَيسيّة في بيان أولاد الاِمام الهادي عليه السلام : «أعقب خمسة أولاد : محمد وجعفر والحسين والاِمام الحسن العسكري وعائشة.
فالحسن العسكري أعقب محمد المهدي صاحب السرداب». ثم قال بعد ذلك مباشرة وتحت عنوان : (الامامان محمد المهدي والحسن العسكري) :«الاِمام الحسن العسكري : ولد بالمدينة سنة 231 هـ وتوفي بسامراء سنة 260 هـ.الاِمام محمد المهدي : لم يذكر له ذرية ولا أولاد له أبداً».
ثم علق في هامش العبارة الاخيرة بما هذا نصه : «ولد في النصف من شعبان سنة 255 هـ، وأُمّه نرجس، وُصِفَ فقالوا عنه : ناصع اللون، واضح الجبين، أبلج الحاجب، مسنون الخد، أقنى الاَنف، أشم، أروع، كأنّه غصن بان، وكأنَّ غرّته كوكب دريّ، في خده الاَيمن خال كأنه فتات مسك على بياض الفضّة، وله وفرة سمحاء تطالع شحمة أذنه، ما رأت العيون أقصد منه ولا أكثر حسناً وسكينةً وحياءً».
وبعد، فهذه هي أقوال علماء الانساب في ولادة الاِمام المهدي عليه السلام وفيهم السني والزيدي الى جانب الشيعي، وفي المثل : أهل مكة أعرف بشعابها.
اعتراف علماء أهل السنّة بولادة الاِمام المهدي عليه السلام :
هناك اعترافات ضافية سجلها الكثير من أهل السنة باقلامهم بولادة الاِمام المهدي عليه السلام ، وقد قام البعض باستقراء هذه الاعترافات في بحوث خاصة، فكانت متصلة الازمان ، بحيث لاتتعذر معاصرة صاحب الاعتراف اللاحق لصاحب الاعتراف السابق بولادة المهدي عليه السلام ، وذلك ابتداءً من عصر الغيبة الصغرى للامام المهدي عليه السلام (260 هـ ـ 329 هـ) والى الوقت الحاضر .
وسوف نقتصر على ذكر بعضهم ـ ومن أراد التوسُّع في ذلك فعليه مراجعة الاستقراءات السابقة لتلك الاعترافاتـ وهم :
1 ـ ابن الاَثير الجزري عز الدين (ت/630 هـ) قال في كتابة الكامل في التأريخ في حوادث سنة (260 هـ) : «وفيها توفي أبو محمد العلوي العسكري ، وهو أحد الاَئمة الاثني عشر على مذهب الاِمامية ، وهو والد محمد الذي يعتقدونه المنتظر»(11).
2 ـ ابن خلكان (ت/681 هـ) قال في وفيات الاَعيان : «أبو القاسم محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد المذكور قبله، ثاني عشر الاَئمة الاثني عشر على اعتقاد الاِمامية المعروف بالحجة... كانت ولادته يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين» ثم نقل عن المؤرخ الرحّالة ابن الاَزرق الفارقي (ت/577 هـ) انه قال في تاريخ مَيَّافارقين : «إنَّ الحجة المذكور ولد تاسع شهر ربيع الاَوّل سنة ثمان وخمسين ومائتين ، وقيل في ثامن شعبان سنة ست وخمسين، وهو الاَصح»(12)…؟.
أقول : الصحيح في ولادته عليه السلام هو ما ذكره ابن خلكان أولاً ، وهو يوم الجمعة منتصف شهر شعبان سنة خمس وخمسين ومئتين ، وعلى ذلك اتفق جمهور الشيعة وقد أخرجوا في ذلك روايات صحيحة في ذلك مع شهادة أعلامهم المتقدمين ، وقد اطلق هذا التاريخ الشيخ الكليني المعاصر للغيبة الصغرى بكاملها تقريباً اطلاق المسلمات وقدمه على الروايات الواردة بخلافه، فقال في باب مولد الصاحب عليه السلام : «ولد عليه السلام للنصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين».
وقد روى الصدوق (ت/381 هـ) عن شيخه محمد بن محمد بن عصام الكليني ، عن محمد بن يعقوب الكليني ، عن علي بن محمد بن بندار قال: «ولد الصاحب عليه السلام للنصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين».
والكليني لم ينسب قوله الى علي بن محمد لشهرته وحصول الاتفاق عليه.
3 ـ الذهبي (ت/748 هـ) اعترف بولادة المهدي عليه السلام في ثلاثة من كتبه، ولم نتتبع كتبه الاَخرى.
قال في كتابه العبر : «وفيها [ أي : في سنة 256 هـ ] ولد محمد بن الحسن بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق العلوي الحُسَيْني، أبو القاسم الذي تلقّبه الرافضة الخلف الحجة، وتلقّبه بالمهدي، والمنتظر، وتلقبه بصاحب الزمان، وهو خاتمة الاثني عشر»
وقال في تاريخ دول الاِسلام في ترجمة الاِمام الحسن العسكري : «الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا بن موسى بن جعفر الصادق، أبو محمد الهاشمي الحُسَيْني، أحد أئمة الشيعة الذي تدعي الشيعة عصمتهم، ويقال له : الحسن العسكري، لكونه سكن سامراء، فإنها يقال لها العسكر. وهو والد منتظر الرافضة، توفي إلى رضوان الله بسامراء في ثامن ربيع الاَوّل سنة ستين ومائتين وله تسع وعشرون سنة، ودفن إلى جانب والده.
وأما ابنه محمد بن الحسن الذي يدعوه الرافضة القائم الخلف الحجة فولد سنة ثمان وخمسين، وقيل سنة ست وخمسين».
وقال في سير أعلام النبلاء : «المنتظر الشريف أبو القاسم محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضي بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين بن علي ابن الحسين الشهيد ابن الاِمام علي بن أبي طالب ، العلوي ، الحُسَيْني خاتمة الاثني عشر سيداً».
ما يعنينا من رأي الذهبي في ولادة الاِمام المهدي فقد بيّناه، وأما عن اعتقاده بالمهدي فهو كما في جميع أقواله الاُخرى كان ينتظر ـ كغيره ـ سرابا كما أوضحناه في من يعتقد بكون المهدي (محمد بن عبدالله).
4 ـ ابن الوردي (ت/749 هـ) قال في ذيل تتمة المختصر المعروف بتاريخ ابن الوردي : «ولد محمد بن الحسن الخالص سنة خمس وخمسين ومائتين».
5 ـ أحمد بن حجر الهيتمي الشافعي (ت/974 هـ) قال في كتابه (الصواعق المحرقة) في آخر الفصل الثالث من الباب الحادي عشر ما هذا نصه : «أبو محمد الحسن الخالص، وجعل ابن خلكان هذا هو العسكري، ولد سنة اثنتين وثلاثين ومائتين... مات بسُرَّ من رأى، ودفن عند أبيه وعمه، وعمره ثمانية وعشرون سنة، ويقال : إنّه سُمَّ أيضاً، ولم يخلف غير ولده أبي القاسم محمد الحجة، وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين لكن أتاه الله فيها الحكمة، ويسمى القائم المنتظر، قيل : لاَنّه سُتِرَ بالمدينة وغاب فلم يعرف أين ذهب»
6 ـ الشبراوي الشافعي (ت/1171 هـ) صرح في كتابه (الاتحاف) بولادة الاِمام المهدي محمد بن الحسن العسكري عليهما السلام في ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومئتين من الهجرة.
7 ـ مؤمن بن حسن الشبلنجي (ت/1308 هـ) اعترف في كتابه (نور الابصار) باسم الاِمام المهدي ، ونسبه الشريف الطاهر ، وكنيته ، والقابه في كلام طويل الى أن قال : «وهو آخر الاَئمة الاثني عشر على ما ذهب إليه الاِمامية» ثم نقل عن تاريخ ابن الوردي ما تقدم برقم / 4.
8 ـ خير الدين الزركلي (ت/1396 هـ) قال في كتابه (الاعلام) في ترجمة الاِمام المهدي المنتظر : «محمد بن الحسن العسكري الخالص بن علي الهادي أبو القاسم، آخر الاَئمة الاثني عشر عند الاِمامية.. ولد في سامراء ومات أبوه وله من العمر خمس سنين.. وقيل في تاريخ مولده : ليلة نصف شعبان سنة 552، وفي تاريخ غيبته، سنة 265 هـ»
أقول : ابتداء تاريخ الغيبة الصغرى هو (260 هـ ) باتفاق الشيعة أجمع وسائر من أرخ لتاريخ الغيبة في ما اطلعنا عليه . ولعل ما ورد في الاَعلام من غلط المطبعة؛ لاَن الزركلي لم يكتب سنة الغيبة كتابة بل رقماً، واحتمال الغلط في طباعة الارقام ممكن جداً.
إلى غير هذا من الاِعترافات الكثيرة الاُخرى التي لايسعها البحث .
اعتراف أهل السُنّة بان المهدي هو ابن العسكري عليهما السلام :
هناك اعترافات اُخرى من علماء أهل السنة بخصوص كون المهدي الموعود بظهوره في آخر الزمان انما هو محمد بن الحسن العسكري عليهما السلام الاِمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت عليهم السلام الذين هم أئمة للمسلمين جميعاً لا للرافضة وحدهم كما يدعيه البعض مع الاسف الشديد ، وكأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أوصى (الرافضة) وحدهم بالتمسك بالثقلين كتاب الله وعترته أهل بيته عليهم السلام.
بعض من أنصف وصرح بالحقيقة وهم:
1 ـ محيي الدين بن العربي (ت/638 هـ) : صرح بهذه الحقيقة في كتابه (الفتوحات المكيّة) في الباب السادس والستين وثلاثمائة في المبحث الخامس على ما نقله عنه عبد الوهاب بن أحمد الشعراني الشافعي(ت/973هـ) في كتابه (اليواقيت والجواهر) ، كما نقل قوله الحمزاوي في (مشارق الانوار) ، والصبان في (اسعاف الراغبين) ، ولكن من يدّعي الحفاظ على التراث سوّلت له نفسه حذف هذا الاعتراف من طبعات الكتاب اذ لايوجد في الباب المذكور ـ كما تتبعته بنفسي ـ ما نقله الشعراني عنه ، فقال : «وعبارة الشيخ محيي الدين في الباب السادس والستين وثلاثمائة من الفتوحات : واعلموا أنّه لابدّ من خروج المهدي عليه السلام ، ولكن لايخرج حتى تمتلئ الاَرض جوراً وظلماً فيملؤها قسطاً وعدلاً، ولو لم يكن من الدنيا إلاّ يوم واحد طوّل الله تعالى ذلك اليوم حتى يلي ذلك الخليفة، وهو من عترة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، من ولد فاطمة عليها السلام ، وجدّه الحسين بن علي بن أبي طالب، ووالده حسن العسكري ابن الاِمام علي النقي...».
2 ـ كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي (ت/652 هـ) قال في كتابه (مطالب السؤول) : «أبي القاسم محمد بن الحسن الخالص بن عليّ المتوكل بن القانع بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الزكي بن علي المرتضى أمير المؤمنين بن أبي طالب، المهدي، الحجة، الخلف الصالح، المنتظر عليهم السلام . ورحمة الله وبركاته».
ثم أنشد أبياتاً ، مطلعها :
فهذا الخلفُ الحجّةُ قد أيَّدَه اللهُ *** هذا منهج الحقِّ وآتاهُ سجاياهُ
3 ـ سبط ابن الجوزي الحنبلي (ت/654 هـ) قال في (تذكرة الخواص) عن الاِمام المهدي : «هو محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى الرضا بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، وكنيته أبو عبدالله، وأبو القاسم، وهو الخلف الحجة، صاحب الزمان، القائم، والمنتظر، والتالي، وهو آخر الاَئمة».
4 ـ محمد بن يوسف أبو عبدالله الكنجي الشافعي (المقتول سنة 865 هـ)، قال في آخر صحيفة من كتابه (كفاية الطالب) عن الاِمام الحسن العسكري عليه السلام ما نصه : «مولده بالمدينة في شهر ربيع الآخر، من سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، وقبض يوم الجمعة لثمان خلون من شهر ربيع الاَول سنة ستين ومائتين، وله يومئذٍ ثمان وعشرون سنة، ودفن في داره بسُرَّ من رأى في البيت الذي دُفن فيه أبوه، وخلف ابنه وهو الاِمام المنتظر صلوات الله عليه. ونختم الكتاب ونذكره مفرداً».
ثم أفرد لذكر الاِمام المهدي محمد بن الحسن العسكري عليه السلام كتاباً أطلق عليه اسم : ( البيان في أخبار صاحب الزمان ) وهو مطبوع في نهاية كتابه الاَول (كفاية الطالب) وكلاهما بغلاف واحد، وقد تناول في البيان أُموراً كثيرة كان آخرها إثبات كون المهدي عليه السلام حيّاً باقياً منذ غيبته إلى أن يملاَ الدنيا بظهوره في آخر الزمان قسطاً وعدلاًكما ملئت ظلماً وجوراً.
5 ـ نور الدين علي بن محمد بن الصباغ المالكي (ت/855 هـ) عنون الفصل الثاني عشر من كتابه : (الفصول المهمة) بعنوان : في ذكر أبي القاسم الحجة، الخلف الصالح، ابن أبي محمد الحسن الخالص، وهو الاِمام الثاني عشر.
وقد احتج بهذا الفصل بقول الكنجي الشافعي : «ومما يدلّ على كون المهدي حيّاً باقياً منذ غيبته إلى الآن، وإنّه لا امتناع في بقائه كبقاء عيسى بن مريم والخضر وإلياس من أولياء الله، وبقاء الاعور الدجال، وابليس اللعين من أعداء الله، هو الكتاب والسنة» ثم أورد أدلته على ذلك من الكتاب والسنة، مفصلاً تاريخ ولادة الاِمام المهدي عليه السلام ، ودلائل إمامته، وطرفاً من أخباره، وغيبته، ومدة قيام دولته الكريمة، وذكر كنيته، ونسبه، وغير ذلك مما يتصل بالامام المهدي محمد بن الحسن العسكري عليهما السلام.
6 ـ سليمان بن ابراهيم المعروف بالقندوزي الحنفي (ت/1270 هـ) كان القندوزي رحمه الله من علماء الاحناف المصرحين بولادة الاِمام المهدي عليه السلام وأنّه هو القائم المنتظر، وقد مرت أقواله واحتجاجاته كثيراً في هذا البحث ولابأس بذكر قوله : «فالخبر المعلوم المحقق عند الثقات أن ولادة القائم عليه السلام كانت ليلة الخامس عشر من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين في بلدة سامراء».
ونكتفي بهذا القدر، على أن ما تركناه من اسماء العلماء الذين قالوا بولادة الاِمام المهدي، أو الذين صرحوا بكونه هو المهدي الموعود المنتظر في آخر الزمان هم اضعاف ماذكرناه، وقد أشرنا فيما تقدم الى الاستقراءات السابقة التي اعتنت باعترافاتهم وسجلت اقوالهم.
المصادر :
1- الاِسراء : 17 / 90 ـ 94
2- أُصول الكافي 1 : 328 / 1 باب 76 .
3- كمال الدين 2 : 424 / 1 و2 باب 42. وكتاب الغيبة للشيخ الطوسي: 234 / 204.
4- أُصول الكافي 1 : 330 / 3 باب 77، وكمال الدين 2 : 433 / 14 باب 42.
5- أُصول الكافي 1 : 329 ـ 330 / 1 باب 77 ، كمال الدين 2 : 441 / 14 باب 43 .
6- البقرة : 2 / 260.
7- كمال الدين 2 : 435 / 3 باب 43 / كمال الدين 2 : 502 / 31 باب 45.
8- الكافي 1 : باب 76و77، والارشاد / الشيخ المفيد 2 ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 268 / 232 و 357 / 319. كمال الدين 2 : 445 / 19 باب 43.
9- كمال الدين 2 : 442 ـ 443 / 16 باب 43
10- الكافي 1 : 332 / 13 باب 77، وكمال الدين 2 : 441 / 12 باب 43، والارشاد 2: 354، والغيبة : 246 / 215.
11- الكامل في التأريخ 7 : 274 في آخر حوادث سنة / 260 هـ .
12- وفيات الاعيان 4 : 176 / 562.
وهذا يعني إنّ البحث عن ولادة الاِمام المهدي وبيان ثبوتها شرعاً بحث غير طبيعي لولا وجود بعض الملابسات التاريخية حول ولادته عليه السلام ، كادعاء عمّه جعفر الكذّاب بعدم وجود خلفٍ لاَخيه العسكري عليه السلام ، وقيام السلطة الحاكمة بتسليم تركة الاِمام العسكري بعد وفاته لاَخيه جعفر الكذاب أخذاً بادعائه الباطل فيما رواه علماء الشيعة الاِمامية الاثني عشرية انفسهم ولم يروه غيرهم قط إلاّ من طرقهم، وفي هذا وحده كفاية للمنصف المتدبر، إذ كيف يروي الشيعة أمراً ويعتقدون بخلافه لو لم يثبت لهم زيف هذا الاَمر وبطلانه ؟!
إنه من قبيل رواياتهم انكار معاوية منزلة علي عليه السلام من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . فانكار معاوية ثابتٌ، ومنزلة علي عليه السلام ثابتة؛ وثبات كلاهما عند الشيعة لايخالجه شكٌّ ؛ لاَنه على نحو اليقين، فكذلك انكار جعفر الكذاب ثابت عندهم، وتصرف السلطة على وفق ادعائه ثابت أيضاً ، وفي مقابل هذا ثبوت ولادة المهدي بالاقرار والعيان ، وما بعدهما من برهان .
ولكن من يقتات على موائد الغرب مع انحرافه ، لايبعد منه استغلال تلك الملابسات ، واثارتها بثوب جديد موشى بالوان (التصحيح).
ولاَجل هذا نقول : إنَّ ولادة أي انسان في هذا الوجود تثبت باقرار أبيه، وشهادة القابلة، وان لم يره أحد قط غيرهما ، فكيف لو شهد المئات برؤيته، واعترف المؤرخون بولادته وصرح علماء الانساب بنسبه، وظهر على يديه ما عرفه المقربون اليه، وصدرت منه وصايا وتعليمات، ونصائح وإرشادات، ورسائل وتوجيهات، وأدعية وصلوات، وأقوال مشهورة، وكلمات مأثورة وكان وكلاؤه معروفين، وسفراؤه معلومين، وانصاره في كل عصر وجيل بالملايين.
ولعمري ، هل يريد من استغل تلك الملابسات ، وأنكر ولادة الاِمام المهدي عليه السلام أكثر من هذا لاثبات ولادته، أم تراه يقول في بلسان الحال للمهدي، كما قال المشركون بلسان المقال لجدّه النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الاَرْضِ يَنبُوعاً ، أوْ تَكُونَ لَكَ جَنّةٌ مِن نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الاَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً، أوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالمَلائِكَةِ قَبِيلاً ، أوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِن زُخْرُفٍ أوْ تَرْقى فِي السَّمَاءِ وَلَن نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إلاَّ بَشَراً رَسُولاً)(1).
اللّهم إنّا لا نرجو هداية من عرف الحق وتمسك بالباطل ؛ لاَن من لايقدر على الانتفاع بضياء الشمس ، فهو على الانتفاع بنور القمر أعجز، وانما نطمح إلى ايصال الحق إلى جاهله ، وتقوية الايمان به عند من ضعف في قلبه ، فنقول :
إخبار الاِمام العسكري بولادة ابنه المهدي عليهما السلام :
ويدل عليه الخبر الصحيح عن محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن إسحاق ، عن أبي هاشم الجعفري قال : « قلتُ لاَبي محمد عليه السلام : جلالتك تمنعني من مسألتك فتأذن لي أن اسألك ؟ فقال : سلْ ، قلتُ : يا سيدي هل لك ولد ؟ فقال : نعم ، فقلتُ : فإنْ حدث بك حدث فأين اسأل عنه ؟ قال : بالمدينة »والخبر الصحيح عن علي بن محمد، عن محمد بن علي بن بلال قال : «خرج إليَّ من أبي محمد قبل مضيه بسنتين يخبرني بالخلف من بعده ، ثم خرج إليَّ من قبل مضيه بثلاثة أيام يخبرني بالخلف من بعده»(2).
والمراد بعلي بن محمد هو الثقة الاَديب الفاضل ابن بندار ، وأما عن محمد بن علي بن بلال فانه من الوثاقة والجلالة أشهر من نارٍ على علم بحيث كان يراجعه من مثل ابي القاسم الحسين بن روح رضي الله عنه ، كما هو معلوم عند أهل الرجال.
شهادة القابلة بولادة الاِمام المهدي عليه السلام :
وهي السيدة العلوية الطاهرة حكيمة بنت الاِمام الجواد وأُخت الاِمام الهادي وعمة الاِمام العسكري عليهم السلام . وهي التي تولّت أمر نرجس أُم الاِمام المهدي عليه السلام في ساعة الولادة(3)، وصرحت بمشاهدة الاِمام الحجة بعد مولده ، وقد ساعدتها بعض النسوة في عملية الولادة، منهن جارية أبي علي الخيزراني التي أهداها إلى الاِمام العسكري عليه السلام فيما صرح بذلك الثقة محمد بن يحيى،ومارية، ونسيم خادمة الاِمام العسكري عليه السلام .ولايخفى ان ولادات المسلمين لايطلع عليها غير النساء القوابل ، ومن ينكر هذا فعليه ان يثبت لنا مشاهدة غيرهن لاُمّه في مولده !هذا وقد أجرى الاِمام العسكري عليه السلام السُنّة الشّريفة بعد ولادة المهدي عليه السلام فعقَّ عنه بعقيقة(4)كما يفعل الملتزمون بالسُنّة حينما يرزقهم الله من فضله مولوداً.
من شهد برؤية المهدي من أصحاب الاَئمة عليهم السلام وغيرهم :
شهد برؤية الاِمام المهدي في حياة أبيه العسكري عليهما السلام وبإذن منه عدد من أصحاب العسكري وأبيه الهادي عليهما السلام ، كما شهد آخرون منهم ومن غيرهم برؤية الاِمام المهدي بعد وفاة أبيه العسكري عليهما السلام وذلك في غيبته الصغرى التي ابتدأت من سنة (260 هـ) إلى سنة (329 هـ) ، ولكثرة من شهد على نفسه بذلك سوف نقتصر على ما ذكره المشايخ المتقدمون وهم: الكليني (ت/329 هـ) الذي أدرك الغيبة الصغرى بتمامها تقريبا، والصدوق (ت/381 هـ) وقد أدرك من الغيبة الصغرى أكثر من عشرين عاماً، والشيخ المفيد (ت/413هـ)، والشيخ الطوسي (ت/460 هـ) ولابأس بذكر اليسير جداً من رواياتهم الخاصة في تسمية من رآه عليه السلام ثم
الاكتفاء ببيان أسماء المشاهدين للاِمام المهدي عليه السلام مع تعيين موارد رواياتهم في كتب المشايخ الاَربعة لاَجل الاختصار . فمن تلك الروايات : ما رواه الكليني في اُصول الكافي بسند صحيح : عن محمد بن عبدالله ومحمد بن يحيى جميعاً؛ عن عبدالله بن جعفر الحميري ، قال : «اجتمعت أنا والشّيخ أبو عمرو رحمه الله عند أحمد بن اسحاق فغمزني أحمد بن اسحاق أن أسأله عن الخلف، فقلت له : يا أبا عمرو إني أُريد أن اسألك عن شيء وما أنا بشاكٍ فيما أُريد أن اسألك عنه ـ إلى أن قال بعد إطراء العمري وتوثيقه على لسان الاَئمة عليهم السلام ـ : فَخَرَّ أبو عمرو ساجداً وبكى ثم قال : سل حاجتك. فقلتُ له : أنت رأيت الخلف من بعد أبي محمد عليه السلام ؟ فقال : إي والله ورقبته مثل ذا ـ وأومأ بيده ـ فقلتُ له : فبقيت واحدة ، فقال لي : هات ، فقلتُ : فالاسم ؟ قال : محرم عليكم أنْ تسألوا عن ذلك ، ولا أقول هذا من عندي ، فليس لي أن أُحلل ولا أُحرم، ولكن عنه عليه السلام ، فإن الاَمرَ عند السلطان : أن أبا محمد مضى ولم يخلف ولداً وقَسَّم ميراثه وأخذه من لاحقّ له فيه، وهو ذا عياله يجولون ليس أحد يجسر أن يتعرف إليهم أو ينيلهم شيئاً، واذا وقع الاسم وقع الطلب، فاتقوا الله وأمسكوا عن ذلك».
ومنها : ما رواه في الكافي بسند صحيح : عن علي بن محمد وهو ابن بندار الثقة، عن مهران القلانسي الثقة قال : قلتُ للعمري : «قد مضى أبو محمد ؟ فقال لي : قد مضى ولكن خلف فيكم من رقبته مثل هذه، واشار بيده»(5) .
ومنها : ما رواه الصدوق بسند صحيح عن أجلاّء المشايخ قال : «حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال : حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري قال : قلتُ لمحمد بن عثمان العمري رضي الله عنه : اني اسألك سؤال ابراهيم ربه جلّ جلاله حين قال : ( رَبِّ أَرِني كَيفَ تُحْيي المَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلكِن لِيَطْمَئنَّ قَلْبي )(6) فأخبرني عن صاحب هذا الاَمر هل رأيته ؟ قال : نعم، وله رقبه مثل ذي واشار بيده إلى عنقه».ومنها : ما رواه الصدوق في كمال الدين قال : «وحدثنا أبو جعفر محمد ابن علي الاَسود رضي الله عنه قال : سألني علي بن الحسين بن موسى بن بابويه رضي الله عنه بعد موت محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه أن اسأل أبا القاسم الروحي أن يسأل مولانا صاحب الزمان عليه السلام أن يدعو الله عزّ وجل أن يرزقه ولداً ذكراً قال : فسألته، فأنهى ذلك، ثم أخبرني بعد ذلك بثلاثة أيام أنه قد دعى لعلي بن الحسين وانه سيولد له ولد مبارك ينفع الله به وبعده أولاد ـ ثم قال الصدوق بعد ذلك ـ قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه : كان أبو جعفر محمد بن علي الاَسود رضي الله عنه ، كثيراً ما يقول لي ـ إذا رآني أختلف إلى مجلس شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه ، وأرغب في كتب العلم وحفظه ـ ليس بعجب أنْ تكون لكَ هذه الرغبة في العلم، وأنت ولدت بدعاء الاِمام عليه السلام »(7).
ومنها : ما رواه الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة عن أجلاء هذه الطائفة وشيوخها قال : «وأخبرني محمد بن محمد بن النعمان والحسين بن عبيدالله، عن أبي عبدالله محمد بن أحمد الصفواني قال : أوصى الشيخ أبو القاسم رضي الله عنه إلى أبي الحسن علي بن محمد السمري رضي الله عنه فقام بما كان إلى أبي القاسم [ السفير الثالث ] فلما حضرته الوفاة، حضرت الشيعة عنده وسألته عن الموكل بعده ولمن يقوم مقامه، فلم يظهر شيئاً من ذلك، وذكر أنّه لم يُؤمر بأن يوصي إلى أحد بعده في هذا الشأن»ولايخفى إن مقام السّمري مقام أبي القاسم الحسين بن روح في الوكالة عن الاِمام تتطلب رؤيته في كل أمر يحتاج اليه فيه، ومن هنا تواتر ما خرج على يد السفراء الاَربعة الذين ذكرناهم في هذه الروايات من وصايا وارشادات وأوامر وكلمات الاِمام المهدي عليه السلام .وهناك روايات أُخرى كثيرة صريحة برؤية السفراء الاَربعة كلٌّ في زمان وكالته للامام المهدي وكثير منها بمحضر من الشيعة وها نحن نشير الى اسماء من رآه عليه السلام وهم :ابراهيم بن ادريس أبو أحمد، وابراهيم بن عبدة النيسابوري، وابراهيم بن محمد التبريزي، وابراهيم بن مهزيار ابو اسحاق الاهوازي، وأحمد بن اسحاق بن سعد الاشعريورآه مرة أُخرى مع سعد بن عبدالله بن أبي خلف الاشعري (من مشايخ والد الصدوق والكليني) ، وأحمد بن الحسين بن عبدالملك أبو جعفر الاَزْدي وقيل الاَوْدي، وأحمد بن عبدالله الهاشمي من ولد العباس مع تمام تسعة وثلاثين رجلاً ، وأحمد بن محمد بن المُطَهَّر أبو علي من أصحاب الهادي والعسكري عليهما السلام ، وأحمد بن هلال أبو جعفر العبرتائي الغال الملعون، وكان معه جماعة منهم: علي بن بلال ، ومحمد بن معاوية بن حكيم، والحسن بن أيوب بن نوح، وعثمان بن سعيد العمري رضي الله عنه إلى تمام أربعين رجلاً ، واسماعيل بن علي النوبختي أبو سهل ، وأبو عبد الله بن صالح، وأبو محمد الحسن بن وجناء النصيبي ، وأبو هارون من مشايخ محمد بن الحسن الكرخي ، وجعفر الكذاب عم الاِمام المهدي عليه السلام رأى الاِمام المهدي عليه السلام مرتين ، والسيدة العلوية الطاهرة حكيمة بنت الاِمام محمد بن علي الجواد عليهما السلام ، والزهري وقيل الزهراني ومعه العمري رضي الله عنه ، ورشيق صاحب المادراي،وأبو القاسم الروحي رضي الله عنه ، وعبد الله السوري، وعمرو الاَهوازي، وعلي بن ابراهيم بن مهزيار الاَهوازي، وعلي بن محمد الشمشاطي رسول جعفر بن ابراهيم اليماني ، وغانم أبو سعيد الهندي، وكامل بن ابراهيم المدني ، وأبو عمرو عثمان بن سعيد العمري رضي الله عنه ، ومحمد بن أحمد الاَنصاري أبو نعيم الزيدي، وكان معه في مشاهدة الاِمام المهدي عليه السلام : أبو علي المحمودي، وعلاّن الكليني، وأبو الهيثم الدِّيناري، وأبو جعفر الاَحول الهمداني، وكانوا زهاء ثلاثين رجلاً فيهم السيد محمد بن القاسم العلوي العقيقي ، والسيد الموسوي محمد بن اسماعيل بن الاِمام موسى بن جعفر عليهما السلام وكان أسنّ شيخ في عصره من ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ومحمد بن جعفر أبو العباس الحميري على رأس وفد من شيعة مدينة قم ، ومحمد بن الحسن بن عبيد الله التميمي الزيدي المعروف بأبي سورة، ومحمد بن صالح بن علي بن محمد بن قنبر الكبير مولى الاِمام الرضا عليه السلام ، ومحمد بن عثمان العمري رضي الله عنه وكان قد رآه مع أربعين رجلاً بإذن الاِمام العسكري عليه السلام ، وكان من جملتهم: معاوية بن حكيم، ومحمد بن أيوب بن نوح، ويعقوب بن منقوش، ويعقوب بن يوسف الضّراب الغساني، ويوسف بن أحمد الجعفري(8).
شهادة وكلاءالمهدي ومن وقف على معجزاته عليه السلام برؤيته:
لقد ذكر الصدوق من وقف على معجزات الاِمام المهدي ورآه من الوكلاء وغيرهم مع تسمية بلدانهم وقد أشرنا إلى بعضهم، وقد بلغوا من الكثرة حدّاً يمتنع معه اتفاقهم على الكذب لاسيما وهم من بلدان شتى، واليك بعضهم :
فمن بغداد : العمري ، وابنه ، وحاجز ، والبلالي ، والعطار .
ومن الكوفة : العاصمي .
ومن أهل الاهواز : محمد بن ابراهيم بن مهزيار .
ومن أهل قم : أحمد بن اسحاق .
ومن أهل همدان : محمد بن صالح .
ومن أهل الري : البسامي ، والاسدي (محمد بن أبي عبدالله الكوفي) .
ومن أهل آذربيجان : القاسم بن العلاء .
ومن أهل نيسابور : محمد بن شاذان .
ومن غير الوكلاء .
من أهل بغداد : أبو القاسم بن أبي حليس ، وأبو عبدالله الكندي ، وأبو عبدالله الجنيدي ، وهارون القزاز ، والنيلي ، وأبو القاسم بن دبيس ، وأبو عبدالله بن فروخ ، ومسرور الطباخ مولى أبي الحسن عليه السلام ، وأحمد ومحمد ابنا الحسن ، واسحاق الكاتب من بني نوبخت وغيرهم .
ومن همدان : محمد بن كشمرد ، وجعفر بن حمدان ، ومحمد بن هارون بن عمران .
ومن الدينور : حسن بن هارون، وأحمد بن أُخَيَّة، وأبو الحسن .
ومن أصفهان : ابن باشاذالة .
ومن الصيمرة : زيدان .
ومن قم : الحسن بن النضر ، ومحمد بن محمد، وعلي بن محمد بن اسحاق، وأبوه، والحسن بن يعقوب .
ومن أهل الري : القاسم بن موسى ، وابنه ، وأبو محمد بن هارون، وعلي بن محمد ، ومحمد بن محمد الكليني ، وأبو جعفر الرفّاء .
ومن قزوين : مرداس ، وعلي بن أحمد .
ومن نيسابور : محمد بن شعيب بن صالح.
ومن اليمن : الفضل بن يزيد ، والحسن بن الفضل بن يزيد ، والجعفري، وابن الاعجمي ، وعلي بن محمد الشمشاطي .
ومن مصر : أبو رجاء وغيره .
ومن نصيبين : أبو محمد الحسن بن الوجناء النصيبي .
كما ذكر أيضاً من رآه عليه السلام من أهل شهرزور، والصيمرة، وفارس
وقابس، ومرو(9) .
شهادة الخدم والجواري والاِماء برؤية المهدي عليه السلام :
كما شاهد الاِمام المهدي عليه السلام من كان يخدم أباه العسكري عليه السلام في داره مع بعض الجواري والاِماء، كطريف الخادم أبي نصر، وخادمة ابراهيم بن عبدة النيسابوري التي شاهدت مع سيدها الاِمام المهدي عليه السلام ، وأبي الاَديان الخادم، وأبي غانم الخادم الذي قال : «ولد لاَبي محمد عليه السلام ولد فسماه محمداً، فعرضه على أصحابه يوم الثالث، وقال : هذا صاحبكم من بعدي، وخليفتي عليكم، وهو القائم الذي تمتد اليه الاعناق بالانتظار، فاذا امتلاَت الارض جوراً وظلماً خرج فملاَها قسطاً وعدلاً».كما شهد بذلك مسرور الطباخ مولى أبي الحسن عليه السلام (10)، وكل هؤلاء قد شهدوا بنحو ما شهد به أبو غانم الخادم في بيت العسكري عليه السلام .
تصرف السلطة دليل على ولادة الاِمام المهدي عليه السلام :
ولد الاِمام الحسن العسكري عليه السلام في شهر ربيع الآخر سنة 232 هـ ، وقد عاصر ثلاثة من سلاطين بني العباس وهم : المعتز (ت/255 هـ) ، والمهتدي (ت/256 هـ) ، والمعتمد (ت/279 هـ) .
وقد كان المعتمد شديد التعصب والحقد على آل البيت عليهم السلام ومن تصفح كتب التاريخ المشهورة كالطبري وغيره ، واستقرأ ما في حوادث سنة ( 257 هـ ) و ( 258 هـ ) و ( 259 هـ ) و ( 260 هـ ) ، وهي السنوات الاَُولى من حكمه، عَلِم مدى حقده على أئمة أهل البيت عليهم السلام .
ولقد عاقبه الله في حياته ، إذ لم يكن في يده شيءٌ من مُلْكِهِ حتى إنّه احتاج إلى ثلاثمائة دينار فلم ينلها ، ومات ميتة سوءٍ إذ ضجر منه الاتراك فرموه في رصاص مذاب باتفاق المؤرخين.
ومن مواقفه الخسيسة أَمْرُهُ شَرَطَته بعد وفاة الاِمام الحسن العسكري عليه السلام مباشرة بتفتيش داره تفتيشاً دقيقاً والبحث عن الاِمام المهدي عليه السلام والامر بحبس جواري أبي محمد عليه السلام واعتقال حلائله يساعدهم بذلك جعفر الكذاب طمعاً في أن ينال منزلة أخيه العسكري عليه السلام في نفوس شيعته، حتى جرى بسبب ذلك ـ كما يقول الشيخ المفيد ـ على مُخَلَّفي أبي محمد عليه السلام كل عظيمة من اعتقال، وحبس، وتهديد، وتصغير، واستخفاف، وذِل.
كل هذا والاِمام المهدي في الخامسة من عمره الشريف، ولايهم المعتمد العباسي العمر بعد أنْ عرف أن هذا الصبي هو الاِمام الذي سيهدّ عرش الطاغوت نظراً لما تواتر من الخبر بأن الثاني عشر من أهل البيت عليهم السلام سيملاَ الدنيا قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً
فكان موقفه من مهدي الاَُمّة كموقف فرعون من نبي الله موسى عليه السلام الذي ألقته أُمّهُ ـ خوفاً عليه ـ في اليمِّ صبياً ، وبعض الشرّ أهون من بعض.
ولم يكن المعتمد العباسي قد عرف هذه الحقيقة وحده وإنّما عرفها من كان قبله كالمعتز والمهدي ؛ ولهذا كان الاِمام الحسن العسكري عليه السلام حريصاً على أن لاينتشر خبر ولادة المهدي إلاّ بين الخلّص من شيعته ومواليه عليه السلام ، مع أخذ التدابير اللازمة والاحتياطات الكافية لصيانة قادة التشيع من الاختلاف بعد وفاته عليه السلام ، إذ أوقفهم بنفسه على المهدي الموعود مرات عديدة وأمرهم بكتمان أمره لمعرفة الطواغيت بأنّه (الثاني عشر) الذي ينطبق عليه حديث جابر بن سمرة الذي رواه القوم وأدركوا تواتره، وإلاّ فأي خطر يهدد كيان المعتمد في مولود يافع لم يتجاوز من العمر خمس سنين ؟! لو لم يدرك أنّه هو المهدي المنتظر التي رسمت الاَحاديث المتواترة دوره العظيم بكل وضوح ، وبينت موقفه من الجبابرة عند ظهوره .ولو لم يكن الامر على ما وصفناه فلماذا لم تقتنع السلطة بشهادة جعفر الكذاب وزعمه بأن أخاه العسكري عليه السلام مات ولم يخلف ولداً ؟
أَمَا كان بوسع السلطة أنْ تعطي جعفراً الكذاب ميراث أخيه عليه السلام من غير ذلك التصرف الاَحمق الذي يدل على ذعرها وخوفها من ابن الحسن عجل الله تعالى فرجه الشريف ؟!
قد يقال : بأنّ حرص السلطة على إعطاء كل ذي حق حقه هو الذي دفعها إلى التحري عن وجود الخلف لكي لايستقل جعفر الكذاب بالميراث وحده بمجرد شهادته !
فنقول : ومع هذا ، فانه ليس من شأن السلطة الحاكمة آنذاك أنْ تتحرى عن هذا الاَمر بمثل هذا التصرف المريب ، بل كان على السلطة ان تحيل دعوى جعفر الكذاب إلى أحد القضاة ؛ لاسيما وان القضية من قضايا الميراث التي يحصل مثلها كل يوم مرات ، وعندها سيكون بوسع القاضي التحقيق واستدعاء الشهود كأُمّ الاِمام العسكري عليه السلام ، ونسائه وجواريه والمقربين اليه من بني هاشم ، ثم يستمع إلى اقوالهم ويثبت شهاداتهم، ثم يصدر الحكم على ضوء ما بيديه من شهادات ، أمّا أنّ تنفرد السلطة بنفسها ويصل الاَمر إلى أعلى رجل فيها ، وبهذه السرعة، ولمّا يدفن الاِمام الحسن عليه السلام ، وخروج القضية عن دائرة القضاء مع أنّها من اختصاصاته، ومن ثم مداهمة الشَرَطة لمن في بيت الاِمام العسكري عليه السلام بعد وفاته مباشرة، كل ذلك يدل على تيقن السلطة من ولادة الاِمام المهدي وإنْ لم تره، لما سبق من علمهم بثاني عشر أهل البيت كما أشرنا إليه؛ ولهذا جاءت للبحث عنه لابعنوان إعطاء ميراث العسكري عليه السلام لمن يستحقه من بعده، وإنّما للقبض عليه والفتك به بعد أن لم يجدوا لذلك سبيلاً في حياة أبيه العسكري عليه السلام .
ولهذا كان الخوف على حياته الشريفة من اسرار غيبته عليه السلام كما مر عليك في إخبار آبائه الكرام عليهم السلام عنها قبل وقوعها بعشرات السنين.
اعترافات علماء الاَنساب بولادة الاِمام المهدي عليه السلام :
لا شك في أنّ الرجوع إلى أصحاب كلّ فن ضرورة، والأولى بصدد ما نحن فيه ، هم علماء الانساب، واليك بعضهم :
1 ـ النسابة الشهير أبو نصر سهل بن عبد الله بن داود بن سليمان البخاري من أعلام القرن الرابع الهجري ، كان حياً سنة ( 341 هـ ) ، وهو من أشهر علماء الانساب المعاصرين لغيبة الاِمام المهدي الصغرى التي انتهت سنة 329 هـ.
قال في سر السلسلة العلوية : «وولد علي بن محمد التقي عليه السلام : الحسن ابن علي العسكري عليه السلام من أُم ولد نوبيّة تدعى : ريحانة ، وولد سنة احدى وثلاثين ومائتين وقبض سنة ستين ومائتين بسامراء ، وهو ابن تسع وعشرين سنة.. وولد علي بن محمد التقي عليه السلام جعفراً وهو الذي تسميه الاِمامية جعفر الكذاب، وإنّما تسميه الاِمامية بذلك ؛ لادعائه ميراث أخيه الحسن عليه السلام دون ابنه القائم الحجة عليه السلام . لاطعن في نسبه».
2 ـ السيد العمري النسابة المشهور من أعلام القرن الخامس الهجري قال ما نصه : «ومات أبو محمد عليه السلام وولده من نرجس عليها السلام معلوم عند خاصة أصحابه وثقات أهله، وسنذكر حال ولادته والاَخبار التي سمعناها بذلك، وامتُحن المؤمنون بل كافة الناس بغيبته، وشره جعفر بن علي إلى مال أخيه وحاله فدفع أنْ يكون له ولد، وأعانه بعض الفراعنة على قبض جواري أخيه »...
3 ـ الفخر الرازي الشافعي ( ت / 606 هـ)، قال في كتابه الشجرة المباركة في أنساب الطالبية تحت عنوان : أولاد الامام العسكري عليه السلام ما هذا نصه: « أما الحسن العسكري الامام عليه السلام فله ابنان وبنتان: اما الابنان، فأحدهما : صاحب الزمان عجل الله فرجه الشريف، والثاني موسى درج في حياة أبيه. وأما البنتان: ففاطمة درجت في حياة أبيها، وأم موسى درجت أيضاً».
4 ـ المروزي الازورقاني (ت / بعد سنة 614 هـ) فقد وصف في كتاب الفخري جعفر ابن الاِمام الهادي في محاولته انكار ولد أخيه بالكذاب، وفيه أعظم دليل على اعتقاده بولادة الاِمام المهدي .
5 ـ السيد النسابة جمال الدين أحمد بن علي الحسيني المعروف بابن عِنَبَه (ت/ 828 هـ) قال في عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب : «أما علي الهادي فيلقب العسكري لمقامه بسُرَّ من رأى، وكانت تسمى العسكر ، وأُمّه أُم ولد ، وكان في غاية الفضل ونهاية النبل ، أشخصه المتوكل إلى سُرَّ من رأى فأقام بها إلى أن تُوفي ، وأعقب من رجلين هما:
الاِمام أبو محمد الحسن العسكري عليه السلام ، وكان من الزهد والعلم على أمر عظيم ، وهو والد الاِمام محمد المهدي صلوات الله عليه ثاني عشر الاَئمة عند الاِمامية وهو القائم المنتظر عندهم من أُم ولد اسمها نرجس .
واسم أخيه أبو عبدالله جعفر الملقب بالكذّاب؛ لادعائه الاِمامة بعد أخيه الحسن».
وقال في الفصول الفخرية (مطبوع باللغة الفارسية) ما ترجمته : «أبو محمد الحسن الذي يقال له العسكري، والعسكر هو سامراء، جلبه المتوكل وأباه إلى سامراء من المدينة، واعتقلهما. وهو الحادي عشر من الاَئمة الاثني عشر، وهو والد محمد المهدي عليه السلام ، ثاني عشرهم».
6 ـ النسابة الزيدي السيد أبو الحسن محمد الحسيني اليماني الصنعاني من أعيان القرن الحادي عشر.
ذكر في المشجرة التي رسمها لبيان نسب أولاد أبي جعفر محمد بن علي الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، وتحت اسم الاِمام علي التقي المعروف بالهادي عليه السلام خمسة من البنين وهم : الاِمام العسكري ، الحسين ، موسى ، محمد ، علي . وتحت اسم الاِمام العسكري عليه السلام مباشرة كتب : (محمد بن) وبازائه : (منتظر الاِمامية).
7 ـ محمد أمين السويدي (ت/1246 هـ) قال في سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب : «محمد المهدي : وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين، وكان مربوع القامة ، حسن الوجه والشَّعر ، أقنى الانف ، صبيح الجبهة».
8 ـ النسابة المعاصر محمد ويس الحيدري السوري قال في الدرر البهية في الانساب الحيدريّة والاَوَيسيّة في بيان أولاد الاِمام الهادي عليه السلام : «أعقب خمسة أولاد : محمد وجعفر والحسين والاِمام الحسن العسكري وعائشة.
فالحسن العسكري أعقب محمد المهدي صاحب السرداب». ثم قال بعد ذلك مباشرة وتحت عنوان : (الامامان محمد المهدي والحسن العسكري) :«الاِمام الحسن العسكري : ولد بالمدينة سنة 231 هـ وتوفي بسامراء سنة 260 هـ.الاِمام محمد المهدي : لم يذكر له ذرية ولا أولاد له أبداً».
ثم علق في هامش العبارة الاخيرة بما هذا نصه : «ولد في النصف من شعبان سنة 255 هـ، وأُمّه نرجس، وُصِفَ فقالوا عنه : ناصع اللون، واضح الجبين، أبلج الحاجب، مسنون الخد، أقنى الاَنف، أشم، أروع، كأنّه غصن بان، وكأنَّ غرّته كوكب دريّ، في خده الاَيمن خال كأنه فتات مسك على بياض الفضّة، وله وفرة سمحاء تطالع شحمة أذنه، ما رأت العيون أقصد منه ولا أكثر حسناً وسكينةً وحياءً».
وبعد، فهذه هي أقوال علماء الانساب في ولادة الاِمام المهدي عليه السلام وفيهم السني والزيدي الى جانب الشيعي، وفي المثل : أهل مكة أعرف بشعابها.
اعتراف علماء أهل السنّة بولادة الاِمام المهدي عليه السلام :
هناك اعترافات ضافية سجلها الكثير من أهل السنة باقلامهم بولادة الاِمام المهدي عليه السلام ، وقد قام البعض باستقراء هذه الاعترافات في بحوث خاصة، فكانت متصلة الازمان ، بحيث لاتتعذر معاصرة صاحب الاعتراف اللاحق لصاحب الاعتراف السابق بولادة المهدي عليه السلام ، وذلك ابتداءً من عصر الغيبة الصغرى للامام المهدي عليه السلام (260 هـ ـ 329 هـ) والى الوقت الحاضر .
وسوف نقتصر على ذكر بعضهم ـ ومن أراد التوسُّع في ذلك فعليه مراجعة الاستقراءات السابقة لتلك الاعترافاتـ وهم :
1 ـ ابن الاَثير الجزري عز الدين (ت/630 هـ) قال في كتابة الكامل في التأريخ في حوادث سنة (260 هـ) : «وفيها توفي أبو محمد العلوي العسكري ، وهو أحد الاَئمة الاثني عشر على مذهب الاِمامية ، وهو والد محمد الذي يعتقدونه المنتظر»(11).
2 ـ ابن خلكان (ت/681 هـ) قال في وفيات الاَعيان : «أبو القاسم محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد المذكور قبله، ثاني عشر الاَئمة الاثني عشر على اعتقاد الاِمامية المعروف بالحجة... كانت ولادته يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين» ثم نقل عن المؤرخ الرحّالة ابن الاَزرق الفارقي (ت/577 هـ) انه قال في تاريخ مَيَّافارقين : «إنَّ الحجة المذكور ولد تاسع شهر ربيع الاَوّل سنة ثمان وخمسين ومائتين ، وقيل في ثامن شعبان سنة ست وخمسين، وهو الاَصح»(12)…؟.
أقول : الصحيح في ولادته عليه السلام هو ما ذكره ابن خلكان أولاً ، وهو يوم الجمعة منتصف شهر شعبان سنة خمس وخمسين ومئتين ، وعلى ذلك اتفق جمهور الشيعة وقد أخرجوا في ذلك روايات صحيحة في ذلك مع شهادة أعلامهم المتقدمين ، وقد اطلق هذا التاريخ الشيخ الكليني المعاصر للغيبة الصغرى بكاملها تقريباً اطلاق المسلمات وقدمه على الروايات الواردة بخلافه، فقال في باب مولد الصاحب عليه السلام : «ولد عليه السلام للنصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين».
وقد روى الصدوق (ت/381 هـ) عن شيخه محمد بن محمد بن عصام الكليني ، عن محمد بن يعقوب الكليني ، عن علي بن محمد بن بندار قال: «ولد الصاحب عليه السلام للنصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين».
والكليني لم ينسب قوله الى علي بن محمد لشهرته وحصول الاتفاق عليه.
3 ـ الذهبي (ت/748 هـ) اعترف بولادة المهدي عليه السلام في ثلاثة من كتبه، ولم نتتبع كتبه الاَخرى.
قال في كتابه العبر : «وفيها [ أي : في سنة 256 هـ ] ولد محمد بن الحسن بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق العلوي الحُسَيْني، أبو القاسم الذي تلقّبه الرافضة الخلف الحجة، وتلقّبه بالمهدي، والمنتظر، وتلقبه بصاحب الزمان، وهو خاتمة الاثني عشر»
وقال في تاريخ دول الاِسلام في ترجمة الاِمام الحسن العسكري : «الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا بن موسى بن جعفر الصادق، أبو محمد الهاشمي الحُسَيْني، أحد أئمة الشيعة الذي تدعي الشيعة عصمتهم، ويقال له : الحسن العسكري، لكونه سكن سامراء، فإنها يقال لها العسكر. وهو والد منتظر الرافضة، توفي إلى رضوان الله بسامراء في ثامن ربيع الاَوّل سنة ستين ومائتين وله تسع وعشرون سنة، ودفن إلى جانب والده.
وأما ابنه محمد بن الحسن الذي يدعوه الرافضة القائم الخلف الحجة فولد سنة ثمان وخمسين، وقيل سنة ست وخمسين».
وقال في سير أعلام النبلاء : «المنتظر الشريف أبو القاسم محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضي بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين بن علي ابن الحسين الشهيد ابن الاِمام علي بن أبي طالب ، العلوي ، الحُسَيْني خاتمة الاثني عشر سيداً».
ما يعنينا من رأي الذهبي في ولادة الاِمام المهدي فقد بيّناه، وأما عن اعتقاده بالمهدي فهو كما في جميع أقواله الاُخرى كان ينتظر ـ كغيره ـ سرابا كما أوضحناه في من يعتقد بكون المهدي (محمد بن عبدالله).
4 ـ ابن الوردي (ت/749 هـ) قال في ذيل تتمة المختصر المعروف بتاريخ ابن الوردي : «ولد محمد بن الحسن الخالص سنة خمس وخمسين ومائتين».
5 ـ أحمد بن حجر الهيتمي الشافعي (ت/974 هـ) قال في كتابه (الصواعق المحرقة) في آخر الفصل الثالث من الباب الحادي عشر ما هذا نصه : «أبو محمد الحسن الخالص، وجعل ابن خلكان هذا هو العسكري، ولد سنة اثنتين وثلاثين ومائتين... مات بسُرَّ من رأى، ودفن عند أبيه وعمه، وعمره ثمانية وعشرون سنة، ويقال : إنّه سُمَّ أيضاً، ولم يخلف غير ولده أبي القاسم محمد الحجة، وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين لكن أتاه الله فيها الحكمة، ويسمى القائم المنتظر، قيل : لاَنّه سُتِرَ بالمدينة وغاب فلم يعرف أين ذهب»
6 ـ الشبراوي الشافعي (ت/1171 هـ) صرح في كتابه (الاتحاف) بولادة الاِمام المهدي محمد بن الحسن العسكري عليهما السلام في ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومئتين من الهجرة.
7 ـ مؤمن بن حسن الشبلنجي (ت/1308 هـ) اعترف في كتابه (نور الابصار) باسم الاِمام المهدي ، ونسبه الشريف الطاهر ، وكنيته ، والقابه في كلام طويل الى أن قال : «وهو آخر الاَئمة الاثني عشر على ما ذهب إليه الاِمامية» ثم نقل عن تاريخ ابن الوردي ما تقدم برقم / 4.
8 ـ خير الدين الزركلي (ت/1396 هـ) قال في كتابه (الاعلام) في ترجمة الاِمام المهدي المنتظر : «محمد بن الحسن العسكري الخالص بن علي الهادي أبو القاسم، آخر الاَئمة الاثني عشر عند الاِمامية.. ولد في سامراء ومات أبوه وله من العمر خمس سنين.. وقيل في تاريخ مولده : ليلة نصف شعبان سنة 552، وفي تاريخ غيبته، سنة 265 هـ»
أقول : ابتداء تاريخ الغيبة الصغرى هو (260 هـ ) باتفاق الشيعة أجمع وسائر من أرخ لتاريخ الغيبة في ما اطلعنا عليه . ولعل ما ورد في الاَعلام من غلط المطبعة؛ لاَن الزركلي لم يكتب سنة الغيبة كتابة بل رقماً، واحتمال الغلط في طباعة الارقام ممكن جداً.
إلى غير هذا من الاِعترافات الكثيرة الاُخرى التي لايسعها البحث .
اعتراف أهل السُنّة بان المهدي هو ابن العسكري عليهما السلام :
هناك اعترافات اُخرى من علماء أهل السنة بخصوص كون المهدي الموعود بظهوره في آخر الزمان انما هو محمد بن الحسن العسكري عليهما السلام الاِمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت عليهم السلام الذين هم أئمة للمسلمين جميعاً لا للرافضة وحدهم كما يدعيه البعض مع الاسف الشديد ، وكأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أوصى (الرافضة) وحدهم بالتمسك بالثقلين كتاب الله وعترته أهل بيته عليهم السلام.
بعض من أنصف وصرح بالحقيقة وهم:
1 ـ محيي الدين بن العربي (ت/638 هـ) : صرح بهذه الحقيقة في كتابه (الفتوحات المكيّة) في الباب السادس والستين وثلاثمائة في المبحث الخامس على ما نقله عنه عبد الوهاب بن أحمد الشعراني الشافعي(ت/973هـ) في كتابه (اليواقيت والجواهر) ، كما نقل قوله الحمزاوي في (مشارق الانوار) ، والصبان في (اسعاف الراغبين) ، ولكن من يدّعي الحفاظ على التراث سوّلت له نفسه حذف هذا الاعتراف من طبعات الكتاب اذ لايوجد في الباب المذكور ـ كما تتبعته بنفسي ـ ما نقله الشعراني عنه ، فقال : «وعبارة الشيخ محيي الدين في الباب السادس والستين وثلاثمائة من الفتوحات : واعلموا أنّه لابدّ من خروج المهدي عليه السلام ، ولكن لايخرج حتى تمتلئ الاَرض جوراً وظلماً فيملؤها قسطاً وعدلاً، ولو لم يكن من الدنيا إلاّ يوم واحد طوّل الله تعالى ذلك اليوم حتى يلي ذلك الخليفة، وهو من عترة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، من ولد فاطمة عليها السلام ، وجدّه الحسين بن علي بن أبي طالب، ووالده حسن العسكري ابن الاِمام علي النقي...».
2 ـ كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي (ت/652 هـ) قال في كتابه (مطالب السؤول) : «أبي القاسم محمد بن الحسن الخالص بن عليّ المتوكل بن القانع بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الزكي بن علي المرتضى أمير المؤمنين بن أبي طالب، المهدي، الحجة، الخلف الصالح، المنتظر عليهم السلام . ورحمة الله وبركاته».
ثم أنشد أبياتاً ، مطلعها :
فهذا الخلفُ الحجّةُ قد أيَّدَه اللهُ *** هذا منهج الحقِّ وآتاهُ سجاياهُ
3 ـ سبط ابن الجوزي الحنبلي (ت/654 هـ) قال في (تذكرة الخواص) عن الاِمام المهدي : «هو محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى الرضا بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، وكنيته أبو عبدالله، وأبو القاسم، وهو الخلف الحجة، صاحب الزمان، القائم، والمنتظر، والتالي، وهو آخر الاَئمة».
4 ـ محمد بن يوسف أبو عبدالله الكنجي الشافعي (المقتول سنة 865 هـ)، قال في آخر صحيفة من كتابه (كفاية الطالب) عن الاِمام الحسن العسكري عليه السلام ما نصه : «مولده بالمدينة في شهر ربيع الآخر، من سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، وقبض يوم الجمعة لثمان خلون من شهر ربيع الاَول سنة ستين ومائتين، وله يومئذٍ ثمان وعشرون سنة، ودفن في داره بسُرَّ من رأى في البيت الذي دُفن فيه أبوه، وخلف ابنه وهو الاِمام المنتظر صلوات الله عليه. ونختم الكتاب ونذكره مفرداً».
ثم أفرد لذكر الاِمام المهدي محمد بن الحسن العسكري عليه السلام كتاباً أطلق عليه اسم : ( البيان في أخبار صاحب الزمان ) وهو مطبوع في نهاية كتابه الاَول (كفاية الطالب) وكلاهما بغلاف واحد، وقد تناول في البيان أُموراً كثيرة كان آخرها إثبات كون المهدي عليه السلام حيّاً باقياً منذ غيبته إلى أن يملاَ الدنيا بظهوره في آخر الزمان قسطاً وعدلاًكما ملئت ظلماً وجوراً.
5 ـ نور الدين علي بن محمد بن الصباغ المالكي (ت/855 هـ) عنون الفصل الثاني عشر من كتابه : (الفصول المهمة) بعنوان : في ذكر أبي القاسم الحجة، الخلف الصالح، ابن أبي محمد الحسن الخالص، وهو الاِمام الثاني عشر.
وقد احتج بهذا الفصل بقول الكنجي الشافعي : «ومما يدلّ على كون المهدي حيّاً باقياً منذ غيبته إلى الآن، وإنّه لا امتناع في بقائه كبقاء عيسى بن مريم والخضر وإلياس من أولياء الله، وبقاء الاعور الدجال، وابليس اللعين من أعداء الله، هو الكتاب والسنة» ثم أورد أدلته على ذلك من الكتاب والسنة، مفصلاً تاريخ ولادة الاِمام المهدي عليه السلام ، ودلائل إمامته، وطرفاً من أخباره، وغيبته، ومدة قيام دولته الكريمة، وذكر كنيته، ونسبه، وغير ذلك مما يتصل بالامام المهدي محمد بن الحسن العسكري عليهما السلام.
6 ـ سليمان بن ابراهيم المعروف بالقندوزي الحنفي (ت/1270 هـ) كان القندوزي رحمه الله من علماء الاحناف المصرحين بولادة الاِمام المهدي عليه السلام وأنّه هو القائم المنتظر، وقد مرت أقواله واحتجاجاته كثيراً في هذا البحث ولابأس بذكر قوله : «فالخبر المعلوم المحقق عند الثقات أن ولادة القائم عليه السلام كانت ليلة الخامس عشر من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين في بلدة سامراء».
ونكتفي بهذا القدر، على أن ما تركناه من اسماء العلماء الذين قالوا بولادة الاِمام المهدي، أو الذين صرحوا بكونه هو المهدي الموعود المنتظر في آخر الزمان هم اضعاف ماذكرناه، وقد أشرنا فيما تقدم الى الاستقراءات السابقة التي اعتنت باعترافاتهم وسجلت اقوالهم.
المصادر :
1- الاِسراء : 17 / 90 ـ 94
2- أُصول الكافي 1 : 328 / 1 باب 76 .
3- كمال الدين 2 : 424 / 1 و2 باب 42. وكتاب الغيبة للشيخ الطوسي: 234 / 204.
4- أُصول الكافي 1 : 330 / 3 باب 77، وكمال الدين 2 : 433 / 14 باب 42.
5- أُصول الكافي 1 : 329 ـ 330 / 1 باب 77 ، كمال الدين 2 : 441 / 14 باب 43 .
6- البقرة : 2 / 260.
7- كمال الدين 2 : 435 / 3 باب 43 / كمال الدين 2 : 502 / 31 باب 45.
8- الكافي 1 : باب 76و77، والارشاد / الشيخ المفيد 2 ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 268 / 232 و 357 / 319. كمال الدين 2 : 445 / 19 باب 43.
9- كمال الدين 2 : 442 ـ 443 / 16 باب 43
10- الكافي 1 : 332 / 13 باب 77، وكمال الدين 2 : 441 / 12 باب 43، والارشاد 2: 354، والغيبة : 246 / 215.
11- الكامل في التأريخ 7 : 274 في آخر حوادث سنة / 260 هـ .
12- وفيات الاعيان 4 : 176 / 562.
source : راسخون