عربي
Saturday 23rd of November 2024
0
نفر 0

الطب قبل الاسلام

کل ما وصل الينا من علوم الطب في عصر ما قبل الاسلام او قل الجاهلية كانت تعتمد على بعض النباتات ، وبالعسل وحده ، او مع مواد اخرى : شرباً تارة ، وعجائن ولصقات اخرى. وبالحجامة ، والفصد ، والكي ، وبتر الاعضاء بالشفرة المحماة بالنار ... هذا بالاضافة الى معالجاتهم بالرقى والعزائم ، والاذكار التي تطرد الجن والارواح الشريرة.
ويقول البعض : انهم كانوا يعالجون الجراح المتعفنة والدماميل بمواد ضد العفونة ، ويعالجون الامراض المسرية بالحجر الصحي ، ويعالجون الجراح بالفتائل والتضميد (١).
ويقول الدكتور جواد علي : (٢) « وقد عرف الجاهليون ايضا طريقة تغطية بعض العيوب ، او الاصابات التي تلحق بأعضاء الجسم بالوسائل الصناعية ، فشدوا الاسنان ، وقووها بالذهب ، وذلك بصنع اسلاك منه تربط الاسنان ، او بوضع لوح منه في محل الاسنان الساقطة (٣) واتخذوا انوفا من ذهب لتغطية الانف المقطوع ، كالذي روى عن عرفجة بن اسعد (او الضحاك بن عرفجة او طرفة بن عرفجة ) من انه اتخذ انفا من ذهب (بأمر من النبي صلی الله عليه وآله وسلم).
وكان قد اصيب انفه يوم الطلاب في الجاهلية . ولعل هذه القضية من الامور المسلمة تاريخيا كما يعلم من مراجعة كتب الحديث والتاريخ (4) .. وان كان البعض يرى : ان ذلك لا يرتبط بالطب ، وانما بفن الصياغة ... ولكنه على اي حال يعبر عن تطور ما في توجهات الناس آنئذ حتى ليفكرون بتغطية بعض العيوب بطرق ، ووسائل كهذه ...
وقد عرف الجاهليون الطب البيطري ايضا ، فكانوا يعالجون الحيوان بالكي بالنار ، وجب سنام الابل ، اذا اصيب بالدبرة. وقد كان العاص بن وائل بيطاراً كما يقولون (5).
وكانوا ينقون رحم الفرس او الناقة من النطف ، ويخرجون الولد من بطن الفرس ، أو الناقة ، ويعبر عن ذلك بلفظ ( مسى ) (6).
واما عن الامراض التي كانوا يعرفونها ، والنباتات التي كانوا يستعملونها ، فهي كثيرة ، ولسنا في صدد استقصائها. وقد ذكر اسعد علي في كتابه : « المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام » نبذة عن تلك الامراض ومعالجاتها ، فليراجعها من اراد ...
ثم ان هذا الذي ذكرناه انما هو بالنسبة للطب عند الحضريين ، أما طب البادية فقد كان تقليديا موروثا عن مشايخ الحي وعجائزه ...
منزلة الطب في الجاهلية :
وقد ذكر ابو حاتم : انه قد كان في زهير بن جناب عشر خصال لم يجتمعن في غيره ، من اهل زمانه : كان سيد قومه ، وشريفهم ، وخطيبهم ، وشاعرهم ، ووافدهم الى الملوك ، وطبيبهم ـ والطب عندهم شرف ـ وحازى قومه ـ والحزاة الكهان ـ وكان فارس قومه ، وله البيت فيهم ، والعدد منهم ... (7).
اطباء العرب في الجاهلية :
لم يكن في العرب قبل ظهور الاسلام توجه او اندفاع نحو الطب ، ولذلك ، فانهم لم يكن لهم حضارة طبية ذات قيمة تذكر ، نعم قد ظهر فيهم عدد محصور من الاطباء لم يكن لهم نبوغ مميز ، ولا اشتهر عنهم ابداعات او منجزات تذكر في هذا المجال ...
وقد عرف من هؤلاء الاطباء ، الذين عاش بعضهم الى ما بعد ظهور الاسلام.
١ ـ ابن حذيم : من تيم الرباب ، وقد زعموا : انه اطب العرب ، حتى قيل : اطب في الكي من ابن حذيم ... (8).
وهذه الكلمة كما ترى تدل على انه انما اشتهر بالكي اكثر من غيره من سائر المعالجات التي كانت معروفة آنذاك ... وليس لدينا ما يدل على براعة ما ، له في سائر فروع الطب وفنونه ...
٢ ـ الحارث بن كلدة ، بن عمرو ، بن علاج : قال ابو عمر : توفي في اول الاسلام : ولم يصح اسلامه. وتعلم الطب من رجل جنديشابوري : ويقال : انه عالج سعد بن ابي وقاص بأمر من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، او بمراجعة سعد له ، بعد ان امره (صلی الله عليه وآله وسلم) بمراجعته (9)
ويقول البعض : كان النبي (صلی الله عليه وآله وسلم) يأمر من كانت به علة ان يأتيه ، فيسأله عن علته (10).
ونسب اليه كتاب المحاورة في الطب بينه وبين كسرى ، ولعله هو الذي ذكره ابن ابي اصيبعة ، وابن عبد ربه ، وغيرهما (11).
٣ ـ النضر بن الحارث ، بن كلدة ، بن عبد مناف ، بن عبد الدار ، يقال : انه سافر الى البلاد ، ورأى العلماء. ويذكر : انه كان له معرفة بالطب (12).
٤ ـ ابن ابي رمثة : كان طبيبا على عهد الرسول ، يزاول اعمال اليد ، وصناعة الجراح (13).
٥ ـ الشمردل بن قباب ، من نجران ، وقد اسلم على يد النبي (صلی الله عليه وآله وسلم) وله كلام معه حول ممارسته لهذه الصناعة (14).
٦ ـ ضماد بن ثعلبة : كان صديقا للنبي (صلی الله عليه وآله وسلم) في الجاهلية ـ كما يقال ـ وكان يتطبب ، ويرقى : ويطلب العلم ، ويداوي من الريح (15).
٧ ـ زهير بن جناب. الذي كان طبيب قومه ، وقد تقدم ذكره.
٨ ـ وثمة نفر من قبيلة انمار ، كانوا يزاولون الطب في زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (16).
٩ ـ وكان العباديون ايضا معروفين بالطب (17) ، ولعله بعامل تنصرهم ، كما قيل (18).
النساء والطب :
ويذكر هنا : ان بعض النساء اللواتي ادركن الاسلام ، كن يزاولن مداواة الجرحى ، وتمريض المرضى. ونعتقد : ان مهمتهن هذه كانت الى التمريض اقرب ، ولسوف يأتي ذكر اسماء طائفة منهن ممن عاش في زمن النبي (صلی الله عليه وآله وسلم) في القسم الثاني من هذا الكتاب ، في الفصل الخامس ، حين الكلام على تمريض المرأة للرجل ... فالى هناك.
المصادر :
1- تاريخ طب در ايران ج ٢ ص ١١٨.
2- المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام ج ٨ ص ٤١٥.
3- المعارف لابن قتيبة : ص ٨٢ ونزيد نحن : مسند احمد ج ١ ص ٧٣ والتراتيب الادارية ج ٢ ص ٦٥ و ٦٩ عن الترمذي وسنن ابي داود.
4- مسند احمد ج ٥ ص ٢٣ ، وسنن ابي داود ج ٤ ص ٩٢ وسنن الترمذي ج ٤ ص ٢٤٠ ، وسنن النسائي ج ٨ ص ١٦٤ وطبقات ابن سعد ج ٧ ص ٣٠ ، والعقد الفريد ج ٦ ص ٣٥٤ ، والاصابة ج ٢ ص ٢٢٣ وج ٣ ص ٢٠٧ و ٤٧٤ عن ابن مندة والتراتيب الادارية ج ٢ ص ٦٥.
5- المعارف لابن قتيبة ص ٢٥٠ ، وتاريخ التمدن الاسلامي المجلد الثاني ص ٢٤ والمفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام ج ٨ ص ٤١٧.
6- المفصل في تاريخ العرب ج ٨ ص ٤١٧ عن تاج العروس ٣٤٢.
7- المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام ج ٨ ص ٣٨٩.
8- تاريخ التمدن الاسلامي ، المجلد الثاني ص ٢٢ ، والمفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام ج ٨ ص ٣٨٦ عن بلوغ الارب ج ٣ ص ٣٣٧.
9- تاريخ الحكماء للقفطي : وعيون الانباء ط سنة ١٩٦٥ ص ١٦١ ، وهامش الاشتقاق لابن دريد ص ٣٠٥ ، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري ص ٩٢ ، والاصابة ج ١ ص ٢٨٨ والاستعياب بهامشها ج ١ ص ٢٨٩ ، والطب النبوي لابن القيم ص ٧٥ وطبقات ابن سعد ج ٥ ص ٣٧٢. والترجمة الفارسية لطبقات الاطباء والحكماء لابن جلجل ص ١٢٤ ، والتراتيب الادارية ج ١ ص ٤٥٦ / ٤٥٧ عن سنن ابي داود وغيره ، وكنز العمال ج ١٠ ص ١٤ و ٤٦ / ٤٧ عن ابي داود ، والحسن بن سفيان ، وابي نعيم. والمفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام ج ٨ ص ٣٨٢ عن بعض من تقدم ، وعن : بلوغ الارب ج ٣ ص ٣٢٨ وشرح ديوان لبيد ص ١٠٢ واخبار الحكماء ص ١١١ وطبقات الاطباء لابن صاعد ص ٢٧ ، وطبقات الاطباء لابن جلجل ص ٥٤.
10- طبقات ابن سعد ج ٥ ص ٣٧٢ والتراتيب الادارية ج ١ ص ٤٥٦ / ٤٥٧ عنه وعن ابن طرخان.
11- عيون الانباء ص ١٦٢ والعقد الفريد ج ٦ ص ٣٧٣ وعن بلوغ الارب ج ٣ ص ٣٢٨ والتراتيب الادارية ج ٢ ص ٣٥٩.
12- وزعم في عيون الانباء ص ١٦٧ : انه ابن الحارث بن كلدة الثقفي. وليس كذلك لان هذا من قريش من بني عبد الدار ، وقد امر (صلی الله عليه وآله وسلم) بقتله يوم بدر .. راجع : نسب قريش لمصعب ص ٢٥٥ ، والاشتقاق ص ١٦٠ ، وسيرة ابن هشام ج ١ ص ٣٢٠ وج ٢ ... وغير ذلك.
13- التراتيب الادارية ج ١ ص ٤٦٢ و ٤٦٤ وطبقات الاطباء والحكماء ( الترجمة الفارسية ) ص ١٢٨ وهوامشها ، ومسند احمد ج ٤ ص ١٦٣ ، وتهذيب التهذيب ج ١٢ ص ٩٧ وتاريخ الحكماء ص ٤٣٦ ، وعيون الانباء ص ١٧٠ ولسان العرب ج ٦ ص ٢٣٢ ، وتاريخ التمدن الاسلامي ، المجلد الثاني ص ٢٤ ، والمفصل ج ٨ ص ٣٨٦ عن بعض من تقدم وعن ابن جلجل ص ٥٧ ، وابن صاعد ص ٤٧.
14- الاصابة ج ٢ ص ١٥٦ ، ولسان الميزان ج ٤ ص ٤٧٨.
15- التراتيب الادارية ج ١ ص ٤٦٢ ، والاصابة ج ٢ ص ٢٠٢ ، والاستيعاب بهامشها ج ٢ ص ٢٠٩ ، والمفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام ج ٨ ص ٣٨٦ عنهما وعن : نهاية الارب ج ١٨ ص ٧ وج ١٧ ص ٣٥٠.
16- موطأ مالك ج ٣ ص ١٢١ ، وطبقات الاطباء والحكماء لابن جلجل ( الترجمة الفارسية ) ص ١٢٤ والهوامش في ص ١٢٦ ، والمفصل ج ٧ ص ٢٧٦ عن ابن جلجل ص ٥٤.
17- المفصل في تاريخ العرب ج ٨ ص ٤١٢ عن الفاخر ص ٥٨.
18- المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام ج ٨ ص ٤١٢ ولم نستطع ان نتحقق اسم الطبيب الذي جيء به لمداواة عمر حين طعن فسقاه النبيذ ثم اللبن ، فخرجا من جرحه ...

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الاخلاق فی البیت
الطب قبل الاسلام
التقیة والإکراه
صفات الشيعة
السكر الابيض او كما يقولون السم الابيض واضراره ...
هواية التفكير الإيجابي-2
الشيخ حسين آل عصفور
المشروبات الغازية
فيما نذكره من صلاة ركعتين لكل ليلة من رجب
الاخلاق فی البیت

 
user comment