(( ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين ))
صدق الله العلي العظيم
تمر الأمة الاسلامية هذه الايام بمنعطف خطير ربما كان هو الاخطر في تاريخ حياتها منذ ان اشرق فجر الإسلام قبل أربعة عشر قرنا على يد خاتم الانبياء والمرسلين سيدنا ومولانا ابي القاسم محمد (صلى الله عليه وآله) .
وبنظرة سريعة لحال أمة القرآن والأرض التي نمت عليها حضارتهم الإسلامية الخاتمة والتي كانت يوما ما قبلة الامم ومنبر العلم لكل شعوب الارض , نجد أن هذه البلاد التي كانت تحيى يوما في أرقى درجات العزة والكرامة والحرية والتقدم والرفاهية بما من الله به عليها من ثروات وخيرات في باطن الارض وفوقها وموقع جغرافي متميزفي مركز العالم جعلها ملتقى اتصالاته ومركز انطلاقه , قد أمست مرتعا لعصابات السلب والنهب ومصاصي الدماء المدعومين بقوى الشر والطغيان والاستكبار العالمي , فاستباحوا ديارها ونهبوا ثرواتها وخيراتها ودنسوا مقدساتها حتى رسولها الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم لم يسلم من الطعن والتطاول على ذاته الشريفة المقدسة .
يحدث هذا فى امة خرجت جيوشها يوما تثار لإمرأة أن جذب يهودي ثوبها فصاحت .. وامعتصماه ... فأجابها الخليفة .. لبيك يا إمرأة !!! .
وهنا تنكشف لنا حقائق اخرى اكثر مرارة وهي :
أن هذه القوى الشيطانية المتغطرسة قد وعت دروس الماضي القريب وتعلمت من تجاربها السابقة فكبلت ابناء الامة الاسلامية ورجالها بقيود حديدية حريرية , هم من قدمها لهم وأعانهم عليها بعد أن زينوا لهم حب الدنيا وكراهية الموت وإن كان في سبيل الله أو دفاعا عن مقدساتهم وأعراضهم , فتركوا كتاب الله وراء ظهورهم واتخذوه مهجورا فلم يبق لهم من القرآن إلا رسمه ومن الاسلام إلا اسمه يسمون به وهم ابعد الناس عنه , ولم يقنع الشيطان الاكبر وحلفه بما حققوه من مكاسب ومطامع , وان مكرهم لتزول منه الجبال ، فاستقطب إلى معسكره علماء الضلالة وفقهاء الفتنة الذين لا يخلو منهم زمان ولا مكان فرفعهم إلى جنبه وأجلسهم إلى جواره ونفخ فيهم من روحه بما يمتلك من خزائن عامرة وآلة إعلامية كاسحة لانجاز مخططاته المشؤومة في بلاد المسلمين , فغرروا بابناء الامة وخيرة شبابها وزجوا بهم في حرب مريرة على أرض أفغانستان المسلمة تحت شعار براق هو (( الجهاد الاسلامي في مواجهة الالحاد الكافر )) ولم يتبادرإلى ذهن هؤلاء الذين تركوا ديارهم وذراريهم من خلفهم وجاءوا من شتى البلاد الاسلامية للجهاد في سبيل الله , إنما هم يقومون بحرب بالوكالة عن الجيش الامريكي وحلف الناتو للقضاء على العدو اللدود والخصم الاوحد لامريكا وهو روسيا وحلف وارسو , وبعد أن أنجز المجاهدون المهمة على الوجه الاكمل , جاءت المكافاة من الشيطان الأكبر , فشن حربا شعواء على أرض أفغانستان فأمطروها بالصواريخ والقنابل الفتاكة فجعل عاليها سافلها وهدم البلاد فوق رؤوس أهلها من النساء والأطفال والشيوخ ومن استطاع الهرب منهم لجأ إلى الكهوف والمغارات ومن عاد الى بلاده وجد ابواب السجون والمعتقلات مفتحة أمامه , ومن وقع في الاسر اقتيد إلى جوانتانامو !! .
ولم يتوقف المخطط ولم يع المسلمون الدرس ويتعلموا من تحاربهم السابقة القريبة فتعود الأفعى الأمريكية مرة أخرىوتبث سمومها بين ابناء أمة الاسلام فتضرب على أوتار خلافات مذهبية وطائفية بالية كانت قد اندثرت منذ قرون بين طائفتين عظيمتين هما عصب الامة الإسلامية , ومرة أخرى يقف الأخوة المجاهدون في مواجهة إخوانهم في بلاد الرافدين , لكن هذه المرة تحت شعار (( الجهاد الاسلامي في مواجهة الرافضة )) ويعنون بهم شيعة أهل البيت عليهم السلام , فيشتبك الطرفان في حرب طاحنة أتت على الأخضر واليابس وأفنت خيرة الشباب والابناء , حرب يراد لها أن تنتقل إلى دول الجوار وسائر البلاد الاسلامية فيثب الجار على جاره والأخ على اخيه راجيا بذلك وجه الله تعالى كما أخبرهم بذلك علماء الضلالة وفقهاء الفتنة .
ومن العجيب أن يتوجه هؤلاء إلى الله تعالى ويرفعوا إليه اكف الضراعة ربنا اكشف عنا العذاب إنا راغبون , بل ويسالونه أن يظهر لهم مهدي هذه الامة الذي يملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ليقطع دابر المتكبرين ويجتث اصول الظالمين وهم لا يعلمون من منهم سيكون من أتباعه ومن منهم سيقف مع أعدائه , من منهم سيمد له يده بالبيعه فيقبلها ومن منه سيمده له فيقطعها , هل هم الذين لزموا آبائه واجداده من أئمة أهل بيت النبوة ولم يرتضوا بغيرهم بدلا ولم يبغوا عنهم حولا , أم الذين عادوهم وحاربوهم وصدوا الناس عن موالاتهم واتباعهم والتمسك بهم والتلقي عنهم , فمن الثابت المتواتر عند كافة المسلمين أن عند ظهور حجة الله ووليه الإمام الهادي المهدي عليه السلام يخرج عليه رجل أبرص قرشي يدعي الاسلام وهو السفياني في جيش جرار من مائة الف مسلم على اقل الروايات ذكرا ، لقتال الإمام المهدي المنتظر عليه السلام وهو يومئذ بمفرده إلا من نفر من اصحابه بعدد أهل بدر
يقول الله تعالى : (( هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من رؤوسهم الحميم ))
فلمسلم أن يسال اي الفريقين أحق بالأمن ؟ وفي اي المعسكرين سيكون مقامه وموقفه ؟
" بنفسي انت من مغيب لم يخل منا , بنفسي انت من نازح ما نزح عنا , بنفسي انت أمنية شائق يتمنى من مؤمن ومؤمنة ذكرا فحنا "
ان تدبر قول رسول الله (ص) عن وليه (عليه السلام ( يملا الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا يعني أن العدل في دولة الإمام المهدي عليه السلام سوف يعم كل بني الإنسان على الأرض وليس المسلمون خاصة بل إنه ليمتد ويشمل حتى ينعم به الطير في الهواء والحيتان في البحار , فعند الظهور المبارك يخاطب الإمام المهدي عليه السلام جميع أهل الديانات السماوية انطلاقاً من عالمية ثورته ويدعوهم إلى تحقيق الأهداف السماوية التي جاء بها انبياء الله ورسله الكرام , وهذا يعني أنه سيكون له من الأصحاب والأعوان من كان يظن أنه ليس منه من العرب والعجم وغيرهم , تماما كما كان من اصحاب رسول الله (ص) الذي آمنوا به وايدوه ونصروه ولم يرتابوا فيه ولا فيما آتاهم به , فهل يوجد بيننا من هم على نفس الدرجة من صلابة الإيمان وصفاء العقيدة والاخوة والمحبة في الله والتراحم والتسامح ولين الجانب التي كانت لاصحاب الرسول الأكرم (ص) ؟
إن عدم ظهور الإمام المهدي المنتظر حتى اليوم يرجع سببه إلى المسلمين أنفسهم بما قدمت ايديهم !
فمنهم من مزقتهم خلافاتهم وكثرة انشقاقهم على انفسهم وتعصبهم لما يرونه حقا في دين الله , ,قذفهم لكل من خالفهم بالكفر والشرك والضلال , فتفرقوا إلى جماعات وفرق شتى وانكسرت شوكتهم فسهل على أعدائهم قهرهم واستعبادهم من حيث لا يشعرون أو يشعرون !