هذا هو حالهم رغم زعمهم الاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله (ص) مع تضييعهم لفريضة الإمامة التي شرعها الله تعالى لخلافة النبوة في حفظ الدين وسياسة الرعية وإقرارهم بوجوبها وفرضها فرض العين على كل مسلم ، , وان عقدها لمن يقوم بها في الأمة واجب بالإجماع وإن شذ عنهم الأصم , واشترطوا في أهل الإمامة سبعة شروط وهي:
الأول : العدالة على شروطها الجامعة
الثاني : العلم المؤدي إلى الاجتهاد في النوازل والأحكام
الثالث : سلامة الحواس من السمع والبصر واللسان
الرابع : سلامة الأعضاء من نقص يمنع عن استيفاء الحركة وسرعة النهوض
الخامس : الرأي المفضي إلى سياسة الرعية وتدبير المصالح
السادس : الشجاعة والنجدة المؤدية إلى حماية البيضة وجهاد العدو
السابع : النسب وهو أن يكون من قريش لورود النص فيه وانعقاد الإجماع عليه
والمدقق في هذه الشروط وأكثر منها يجد أنها لا تتوفر إلا في رجال من أهل بيت النبوة رفعهم الله فوق درجة العدالة , فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا , واصطفاهم من بين خلقه بسابق علمه وحكيم قدرته من سلالة الأنبياء وأبناء الأنبياء من ذرية آدم ونوح وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين , ثم أورثهم الكتاب فجعلهم باب مدينة العلم النبوي وتراجمة وحي الله وحملة كتاب الله وأوصياء نبي الله (ص) الذي أوصى الامة بهم قائلا : يوشك ان أدعى فاجيب وإني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ابدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي وقد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض , آخرهم هو الإمام الهادي المهدي عليه السلام الذ قال فيه جده المصطفى (ص) المهدي من عترتي من ولد فاطمة , وهل قريش إلا ذرية إبراهيم وآل محمد على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة والسلام ، أول من سكن مكة وجاور بيت الله الحرام واستجاب الله فيهم دعوة ابراهيم عليه السلام (( ربنا انى اسكنت من ذريتى بواد غير ذى زرع عند بيتك الحرام ، ربنا ليقيموا فاجعل أفئدة من الناس تهوى اليهم ))
لكن القوم كانوا قد أعرضوا عن آل بيت رسول الله وائمة الهدى )ص( ، ولم يرضوا بهم أئمة وقادة , لذلك لا أكون مبالغا إذا قلت أن منهم من سيحارب الإمام المهدي عند ظهوره وسيتأول عليه كتاب الله كما تأوله من قبل الخوارج على أمير المؤمنين عليه السلام ورموه بالكفر , بل سيقفون في الخندق المواجه له مع السفياني وجنده
يقول الله تعالى :
"أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ" البقرة الشريفة - الاية الكريمة رقم 246
عن الباقر عليه السلام ان بني إسرائيل بعد موسى عملوا بالمعاصي وغيروا دين الله وعتوا عن امر ربهم وكان فيهم نبي يأمرهم وينهاهم فلم يطيعوه ، وروي انه ارميا النبي فسلط الله عليهم جالوت وهو من القبط فأذاهم وقتل رجالهم وأخرجهم من ديارهم وأخذ أموالهم واستعبد نساءهم ففزعوا إلى نبيهم وقالوا سل الله أن يبعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله وكانت النبوة في بني إسرائيل في بيت والملك والسلطان في بيت آخر ولم يجمع الله لهم النبوة والملك في بيت واحد فمن ذلك قالوا إبعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله فقال لهم نبيهم هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا وكان كما قال الله تعالى فلما كتب عليهم القتال تولوا الا قليلا منهم وقالوا نحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال وكانت النبوة في ولد لاوي والملك في ولد يوسف وكان طالوت من ولد ابن يامين اخي يوسف لأمه ولم يكن من بيت النبوة ولا من بيت المملكة قال لهم نبيهم ان الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم وكان أعظمهم جسما وكان شجاعا قويا وكان أعلمهم الا أنه كان فقيرا فعابوه بالفقر فقالوا لم يؤت سعة من المال .