التقیة فی اللغة : الحیطة والحذر من الضرر والتوقی منه ، والتقیة والتقاة بمعنى واحد ، قال تعالى : ( إلا أن تتقوا منهم تقاة ) ( 1 ) أی : تقیة ، بالاتفاق ( 2) قال ابن منظور : وفی الحدیث : قلت : وهل للسیف من تقیة ؟ قال : نعم ، تقیة على إقذاء ، وهدنة على دخن ومعناه : إنهم یتقون بعضهم بعضا ، ویظهرون الصلح والاتفاق وباطنهم بخلاف ذلک (3)
وفی الاصطلاح : فقد عرفها جمع من علماء المسلمین بألفاظ متقاربة وذات معنى واحد .فهی عند الشیخ المفید ( ت / 413 ه ) عبارة عن : ( کتمان الحق ، وسترالإعتقاد فیه ، ومکاتمة المخالفین وترک مظاهرتهم بما یعقب ضررا فی الدین والدنیا )(4)
وعرفها الشیخ الأنصاری ( ت / 1282 ه ) ب ( الحفظ عن ضرر الغیر بموافقته فی قول أو فعل مخالف للحق )(5)
وقال السرخسی الحنفی ( ت / 490 ه ) : ( والتقیة : أن یقی نفسه من العقوبة ، وإن کان یضمر خلافه ) (6)وبهذا النحو عرفها آخرون(7)
صلة التقیة بالإکراه :
یتضح من تعریف الشیخ الأنصاری للتقیة أن إکراه الإنسان على الإتیان بشئ مخالف للحق یکون سببا مباشرا من أسباب حصول التقیة ، ویؤیده ما جاء فی قصة عمار بن یاسر وجماعته الذین اتقوا من المشرکین فأجروا کلمة الکفر على ألسنتهم
کرها ، حتى أنزل الله تعالى فیهم قرآنا : ( إلا من أکره وقلبه مطمئن بالإیمان ) ( 8 ) وسیأتی تفصیل ذلک فی مشروعیة التقیة . ولکن یبدو واضحا من خلال مراجعة موارد التقیة فی فقه المذاهب الإسلامیة ، وتدبر أدلتها من القرآن والسنة وسیرة الصحابة وتطبیقات التابعین وغیرهم من المسلمین أنه لا حصر للتقیة على کتمان الحق وإظهار خلافه خوفا على النفس من اللائمة والعقوبة بالإکراه ، لدخول ما إذا کان هذا الکتمان لمصالح أخر فردیة أو اجتماعیة فی مصادیق التقیة وإن لم یکن ثمة إکراه أصلا ، ویؤیده أن الإکراه لم یؤخذ قیدا فی تعریف التقیة اصطلاحا - کما مر - عند بعضهم .الوجه فی تقدیم بحث الإکراه على التقیة : إن نفی الملازمة بین الإکراه والتقیة من وجه کما یفهم من الکلام المتقدم مراعاة لأقسام التقیة لا یعنی نفیها من کل وجه کما لا یعنی عدم الحاجة إلى دراسة الإکراه فی بحث التقیة ، لأنه من أهم وأقوى أسبابها على الاطلاق ، زیادة على ما فی بحث الإکراه من الأمور الباعثة على تقدیمه بحیث لا یمکن معها إغفاله بحال ، وسوف نشیر إلى بعضها وهی :
1- إن جمیع التفصیلات الفقهیة الواردة فی فقه المذاهب العامیة الأربعة بشأن التقیة إنما هی مبحوثة عندهم فی کتب الإکراه غالبا ، ولم نجد فی جمیع مصادرهم الفقهیة التی رجعنا إلیها کتابا أو بابا بعنوان التقیة ، ومن هنا قد یشتبه الأمر على بعضهم
بأن فقهاء العامة لم یتناولوا التقیة وأحکامها ، وربما یزعم - وهو لیس ببعید - بأن جمیع ما سنذکره من صور التقیة فی الفقه العامی - کما فی الفصل الأخیر من هذا البحث - لا علاقة له بالتقیة ، لأنه من الإکراه ! ! ورفع مثل هذا الاشتباه لا یکون إلا ببیان العلاقة بین الاثنین وأنها علاقة السبب بالمسبب والعلة بالمعلول .
2- إن فهم أحکام التقیة وبعض أقسامها متوقف على فهم الإکراه ومعرفة أرکانه ومقوماته وأقسامه وحالاته وصوره بحیث لو لم تبحث هذه الأمور قبل التقیة لاضطررنا إلى ذکرها ثانیة مع توزیعها على أغلب مباحث التقیة الآتیة ، ولا یخفى ما فی ذلک من تشتیت لأطراف البحث وتضییع لفائدته ، زیادة على ما یسببه ذلک من إرباک فی المنهج العلمی الذی حرصنا على أن یکون دقیقا وسلیما .
3- اشتراک التقیة بمعناها العام بأکثر مقومات الإکراه وأرکانه بمعناها الإکراهی الخاص بجمیعها مع فارق التسمیة ، ومنه یعلم أن الملاک بین الاثنین واحد ، ولا شک أن هذا لا یتضح مع إهمال بحث الإکراه ، إلى غیر ذلک من الأمور الآخر التی طوینا عنها صفحا . إذن ، فلنقف هنیهة عند الإکراه ، لنتعرف على معناه لغة واصطلاحا ، مع بعض خصوصیاته المهمة وأقسامه وحالاته ، لکی تتضح بذلک العلاقة بینه وبین التقیة مع وحدة الملاک بینهما .
تعریف الإکراه :
أصل الإکراه لغة : مأخوذ من الفعل ( کره ) ، والاسم : ( الکره ) ویراد به کل ما أکرهک غیرک علیه ، بمعنى : أقهرک علیه ، وأما ( الکره ) فهو المشقة ، یقال : قمت على کره ، أی : على مشقة .والفرق بین ( الکره ) ، و ( الکره ) أن الأول هو فعل المضطر ، بینما الثانی هو فعل المختار (9)
وأما فی الاصطلاح : فقد عرفه التفتازانی بأنه : ( حمل الغیر على أن یفعل ما لا یرضاه ، ولا یختار مباشرته لو خلی ونفسه )(10)
کما عرفه عبد العزیز البخاری الحنفی بقوله ، هو : ( حمل الغیر على أمر یمتنع عنه بتخویف یقدر الحامل على إیقاعه ، ویصیر الغیر خائفا به )(11)
وعند السرخسی الحنفی ، هو : ( اسم لفعل یفعله المرء بغیره ، فینتفی به رضاه ، أو یفسد به اختیاره )(12)
ولعل أوجز تعریف للإکراه هو ما نجده عند الشیخ الأنصاری رحمه الله ، إذ عرف الإکراه بأنه ( حمل الغیر على ما یکرهه )(13)
ومن کل ما تقدم یعلم اتفاق الفریقین على کون الإکراه حالة من حالات الإجبار على النطق بشئ أو فعل شئ من غیر رضا المکره ولا باختیاره . ومع هذا فقد لا یتحقق الإکراه فی الواقع وإن توفرت بعض مقوماته ، وهذا ما یستدعی التعرف على ما یتقوم به الإکراه من أرکان ، وهو ما سنتناوله تحت عنوان :
أرکان الإکراه :
لا خلاف بوجود أربعة أرکان أساسیة یتقوم بها الإکراه ، فإن توفرت واجتمعت کلها تحقق الإکراه ، وأما لو تخلف رکن منها ، فلا إکراه ، وهی :
الأول : المکره : وهو من یصدر منه التهدید والوعید ، ویشترط فیه أن یکون قادرا على تنفیذ تهدیده ووعیده بحق من یکرهه ، وإلا فمع عجزه عن ذلک یسقط الإکراه . ولا یشترط فی المکره أن یکون سلطانا أو حاکما جائرا ، بل یکفی أن یکون قادرا متمکنا على تنفیذ وعیده وتهدیده ، کما لا یشترط أن یکون المکره کافرا ، لأن العقل یحکم بلزوم حفظ النفس من الهلکة ، سواء کانت على أیدی بعض المسلمین أو الکفار ، وأنه لا فرق - بحکم العقل - فی ضرورة تجنب الضرر شخصیا کان أو نوعیا ، من أی جهة کان .
الثانی : المکره : وهو من یقع علیه التهدید والوعید ، ویشترط هنا أن یکون المکره متأکدا أو ضانا بحصول الضرر على نفسه أو ماله أو عرضه أو على إخوانه أو دینه (لثبوت التقیة عند الخوف الشخصی کما لو خاف المکره على نفسه أو عرضه أو ماله ، وکذلک عند الخوف النوعی کالخوف على الدین أو الوطن أو العشیرة ونحو ذلک) فیما لو لم یأتمر بأمر المکره .
کما یشترط به أیضا أن یکون عاجزا عن دفع ما یتهدد به ، بطریق الهرب أو الاستغاثة ، أو المقاومة ونحو ذلک ، وأما لو لم یکن عالما ولا ظانا بذلک ، أو کان قادرا على دفع ما هدد به فلا شک بأن ما یأتی به من قول أو فعل مخالف للحق بذریعة الإکراه علیه یکون محرما ویعاقب علیه ، لعدم تحقق الإکراه بتخلف هذا الرکن من أرکانه .
الثالث : المکره به : وهو نوع الضرر المتوعد به المکره ، سواء کان ذلک الضرر متعلقا بنفسه أو ماله أو عرضه أو إخوانه المؤمنین ، أو دینه .
وسواء کان ذلک الضرر مادیا کالضرب المبرح أو قطع الأطراف مثلا ، أو معنویا کالإهانة والتشهیر ونحوهما . هذا ، وأما لو لم یتصل الضرر بنفس المکره ولا بماله ولا بعرضه ، ولا بإخوانه ، ولا بدینه ، ولا بمن تربطه معهم حتى صلة الإسلام ، کما لو أکره على أمر ، فإن لم یفعل قتلوا مشرکا ، فهنا لا إکراه ، لعدم تحقق الرکن الثالث .
الرابع : المکره علیه : وهو نوع ما یراد تنفیذه من المکره ، سواء کان کلاما أو فعلا . ویشترط فیه أن لا یکون الضرر الناتج عنه أکبر من الضرر المتوعد به المکره ، وکذلک أن یکون مما یحرم تعاطیه على المکره .
ومثاله : أن یکره الإنسان على ارتکاب جریمة الزنا ، وإلا أخذت بعض أمواله ، أو أن یشهد زورا على برئ ، وإلا فصل من وظیفته ، ففی مثل هاتین الصورتین ونظائرهما لا یجوز الإقدام على التنفیذ ، لاختلال الرکن الرابع من أرکان الإکراه .
کما یشترط أیضا فی هذا الرکن أن یکون الإتیان به منجیا من الضرر بمعنى أن یحصل من إتیان المکره علیه الخلاص من الشر المتوعد به ، وأما لو علم المکره بأنه لا نجاة له مما هدد به حتى مع الإتیان بما أمر فلا إکراه هنا ،ومثاله : أن یقول المکره للمکره : أعطنی دارک وإلا أخذتها منک بالقوة . أو أقتل نفسک وإلا قتلتک ، ونحوه .
أنواع الإکراه :
الإکراه فی جمیع صوره على نوعین ، وهما :
النوع الأول : الإکراه على الکلام المخالف للحق . وهذا النوع لا یجب به شئ عندهم ، فکل ما أکره علیه المسلم فله ذلک ، وله أمثلة کثیرة جدا ، أشدها : التلفظ بکلمة الکفر ، وهنا یجب الالتفات إلى نقطة فی غایة الأهمیة فی مسألة الإکراه على اللفظ المخالف
للحق ، ونعنی بها صلة الألفاظ بأفعال القلوب التی لا سبیل للمکره إلى علمها فی قلب المکره ، وعلیه فلا یصح التجاء المکره إلى شئ منها قط ، کما لو أکره على کلمة الکفر ، أو على الإعتقاد بعقیدة فاسدة ، أو إنکار کل ما ثبت أنه من الدین إنکارا قلبیا لا لفظیا . فمثل هذه الأمور ونظائرها یجب الاحتراز فیها جدا ، بحیث لا یتعدى النطق باللفظ إلیها ، لأنها مما لا یصح فیه الإکراه ، فغایة الأمر : إن المکره یرید التخلص من الشر بإتیان اللفظ المخالف للحق ، لا أن یؤمن بما یتلفظ به حقیقة .وقد أشار القرآن الکریم إلى هذا المعنى صراحة فی قوله تعالى : ( لا یتخذ المؤمنون الکافرین أولیاء من دون المؤمنین ومن یفعل ذلک فلیس من الله فی شئ ویحذرکم الله نفسه وإلى الله المصیر ) ( 14 ) . ومما یلحظ هنا هو أن التحذیر الشدید الوارد فی الآیة المبارکة قد جاء مباشرة بعد تشریع التقیة فی الآیة نفسها ،
ثم أکده تعالى بقوله الکریم : ( قل إن تخفوا ما فی صدورکم أو تبدوه یعلمه الله ویعلم ما فی السماوات وما فی الأرض والله على کل شئ قدیر ) ( 15 ) . وکل هذا التحذیر قد جاء فی سیاق واحد بعد تشریع التقیة ، لئلا یتحول إنکار المؤمن للحق بفعل الإکراه إلى إنکار قلبی کما یریده من أکرهه ، لأن الواجب أن یبقى القلب مطمئنا بالإیمان .
وفی هذا الصدد قال الفخر الرازی فی تفسیره : ( إنه تعالى لما نهى المؤمنین عن اتخاذ الکافرین أولیاء ظاهرا وباطنا واستثنى عنه التقیة فی الظاهر ، أتبع ذلک بالوعید على أن یصیر الباطن موافقا للظاهر فی وقت التقیة ، وذلک لأن من أقدم عند التقیة على إظهار الموالاة ، فقد یصیر إقدامه على ذلک الفعل بحسب الظاهر سببا لحصول تلک الموالاة فی الباطن ، فلا جرم بین تعالى أنه عالم بالبواطن کعلمه بالظواهر ، فیعلم العبد إنه لا بد أن یجازیه على ما عزم علیه فی قلبه )(16)
هذا ، ومن الجدیر بالإشارة إن الإکراه اللفظی قد لا یکون هکذا فی جمیع صوره ، فلو أکره المرء المسلم على الطلاق مثلا ، وکانت نیته موافقة للفظه فلا یکون بهذا خارجا عن ربقة الإسلام ، بخلاف ما لو أکره بالقتل على سب النبی صلى الله علیه وآله وسلم وسبه بکل رضا وارتیاح ، فهو بهذا سیکون کافرا بلا خلاف .
النوع الثانی : الإکراه على الفعل المحظور لا شک أن الشریعة لم تبح جمیع الأفعال المحظورة بلا قید أو شرط ، لأن الأفعال المحرمة - فی نظر الشریعة الغراء - على نحوین :
أحدهما ، تسوغ معه التقیة حال الإکراه علیه ، وأمثلته کثیرة کالتقیة فی السرقة ، أو إتلاف مال الغیر ، أو الإفطار فی شهر رمضان ، أو تأخیر الصلاة ، أو الامتناع عنها إذا اقتضى الإکراه ذلک ، أو شرب الخمر - على خلاف فیه ، ونحوها من الأمور التی یجوز ارتکابها عند الإکراه علیها .
والآخر ، لا تسوغ معه التقیة مطلقا وفی جمیع الأحوال مهما بلغت درجة الإکراه علیه ، کالإقدام مثلا على قتل مسلم برئ بحجة الإکراه ،فهنا لو أقدم المکره على القتل فلولی الدم القصاص بلا خلاف بین سائر فقهاء الشیعة ، وأحادیثهم المرویة عن النبی صلى الله علیه وآله وسلم وعترته علیهم السلام صریحة بهذا کل الصراحة ، وأیدهم على هذا أکثر فقهاء المذاهب سوى الأحناف کما سیأتی بیانه فی مکان آخر فی هذا البحث .
ومما یجب التنبیه علیه هنا ، هو أن التقیة لیست واجبة شرعا فی جمیع حالات الإکراه ، فهی قد تکون واجبة ، أو محرمة ، أو مباحة ، أو مندوبة ، أو مکروهة بحسب الأحکام التکلیفیة الخمسة ، ولکن لیس لأحکامها ضابط معین بحیث لا یمکن تجاوزه فی جمیع حالات الإکراه ومن أی مکره ، کما أشرنا إلى ذلک فیما تقدم .
نعم یستثنى من ذلک ما نص علیه الدلیل المعتبر ، وأما ما لا نص فیه من صور الإکراه فیترک تقدیر الإقدام على التقیة فیه لمن یحمل علیها قسرا ، مع مراعاة اجتناب أصعب الضررین ، وسیأتی المزید من التوضیح فی بیان حکم ما یکره علیه ، مع صلة بعض القواعد الفقهیة بهذا البیان .
حکم ما یکره علیه :
إن من الثوابت التی لا یشک بها أحد هو أن الدین الإسلامی دین الیسر ورفع الحرج ، إذ أباحت الشریعة الإسلامیة للمضطر والمکره ارتکاب المحظور شرعا ، کل ذلک من أجل أن یعیش الإنسان حیاة حرة کریمة بعیدة عن کل ما یتلفها أو ینتقص من
کرامتها وقدرها ، حتى ولو أدى ذلک إلى ارتکاب المحرمات ، أو المساس بحقوق الآخرین التی صانتها الشریعة الإسلامیة نفسها وبأروع ما یکون .
ومن هنا انطلق فقهاء المذاهب الإسلامیة لیقعدوا بعض القواعد الفقهیة المعبرة عن یسر هذا الدین العظیم وروحه السمحة ، ومن بین تلک القواعد الفقهیة المتفق علیها ، قاعدة الضرر یزال ، وقاعدة الضرورات تبیح المحظورات ، وغیرهما من القواعد الفقهیة المتفرعة عن قاعدة ( لا ضرر ولا ضرار )(17)
وقد استمدوا هاتین القاعدتین من أصول التشریع الإسلامی : قرآنا وسنة .
والسؤال المهم هنا ، هو : هل أن الشریعة الإسلامیة أباحت للمکره أو المضطر کل محرم - مهما کان - بسبب ذلک الإکراه أو الاضطرار . وبعبارة أخرى : هل أن حدیث الرفع المشهور عند جمیع المذاهب الإسلامیة ) ( 18) ، یجری على کل إکراه ، أو أن له حدودا ثابتة لا یمکن تجاوزها بحال ؟
والواقع ، إن الإجابة المفصلة على هذا التساؤل المهم جدا فی بیان حکم ما یکره علیه ، لا یمکن أن تتم ما لم یعرف قبل ذلک نوع الضرر المهدد به المکره ، مع معرفة الآثار السلبیة الناجمة عن تنفیذ المکره للنطق أو الفعل الذی أکره علیه .
بمعنى ، أن تکون هناک معرفة بحجم الضرر المهدد به المکره ، مع معرفة المحرم الذی یراد تنفیذه کرها ، لکی تجری عملیة موازنة بین الضررین ، حتى یرتکب أخفهما حرمة فی الشریعة . وفی المسألة صور کثیرة جدا ، إذ قد یکون الإکراه ، على قتل مسلم ، أو زنا ، أو قطع بعض الأطراف ، أو شرب خمر ، أو قذف مؤمن ، أو شهادة زور ، أو سرقة مال ، ونحوها . وقد یکون التهدید والوعید ، بالقتل ، أو التعذیب ، أو السجن ، أو النفی ، أو الإهانة ، أو التشهیر ، أو الغرامة المالیة ، أو هتک العرض ، أو تهدیم الدار ، أو الفصل من الوظیفة ، وغیرها .وهذه الصور الکثیرة یمکن جمعها فی ثلاث صور لا رابع لها وهی :
الصورة الأولى : أن یکون الضرر المهدد به المکره تافها وحقیرا ، بینما یکون المحرم المراد ارتکابه عظیما وجسیما .
الصورة الثانیة : عکس الأولى .
الصورة الثالثة : یتساوى فیها الأمران .
وهذا - مع قربه من الإجابة على التساؤل السابق - إلا إنه لا یکفی فی ذلک ، لوجود جوانب أخر ذات صلة وثقى بتحدید الجواب ، ویأتی فی مقدمتها ، اختلاف الناس وتفاوت رتبهم ودرجاتهم ، فالإمام لیس کالمأموم ، والرئیس یختلف عن المرؤوس ، والعالم لیس کالجاهل ، والفقیه لیس کالمقلد ، والنابه الذکی لیس کالخامل الغبی .
ولا شک أن هذا الاختلاف فی رتب الناس ودرجاتهم یؤثر سلبا أو إیجابا فی تقدیر موقف المکره نفسه أولا ، مع تأثیره المباشر أیضا فی تقدیر الأفعال أو الأقوال المطلوبة منه ثانیا ، وفی تقدیر الأمور المخوف بها ثالثا . إذ قد ( یکون الشئ إکراها فی شئ دون غیره ، وفی حق شخص دون آخر )(19)
فقد یرى بعضهم فی نوع الضرر المهدد به ما یبرر له ارتکاب المحرم ، لأجل التخلص من ذلک الضرر بأیة وسیلة .
ویرى الآخر فی ارتکاب المحرم البسیط عند الإلجاء القهری إلیه خطرا جسیما على العقیدة الإسلامیة برمتها ، بناء على موقعه الدینی الرفیع مثلا ، فتراه یقدم على التضحیة بکل غال ونفیس ولا یتقی من أحد .
هذا زیادة على أن الاختلاف المذکور له تأثیره المباشر فی مسألة التخلص من التقیة باستخدام التوریة ، فیخدع بها المکره ویخلص نفسه بها من شره .
دور القواعد الفقهیة فی بیان حکم ما یکره علیه :
حاول الفقهاء أن یجدوا الإجابة العامة الشافیة للتساؤل السابق من خلال قواعدهم الفقهیة المسلمة الصحة الخاصة بالضرر وکیفیة التعامل معه وإزالته ، وسوف نشیر إلى أهم تلک القواعد على النحو الآتی :
قاعدة : یرتکب أخف الضررین لدفع أعظمهما : صلة القاعدة بالإکراه والتقیة :
تصب هذه القاعدة فی رافد الإجابة على التساؤل السابق حول حدیث الرفع ، لأنها تفیدنا فی معرفة حکم ما یکره علیه الإنسان ، وقد مر ورود لفظ ( الإکراه ) فی الحدیث صراحة .
ویتوقف هذا على بیان صلة القاعدة بالإکراه والتقیة ، إذ قد یقع الإنسان بین ضررین وهو مضطر إلى أحدهما ، فیرتکب أخفهما لدفع أعظمهما بموجب القاعدة وحینئذ لا إکراه فی المقام ولا تقیة من أحد ! ! ولکن القاعدة لم توضع لأجل هذا فحسب
، بل هی عامة تنطبق على موارد الضرر کافة ومن بینها الضرر الناتج بفعل الإکراه الذی لا خلاص منه إلا بالتقیة شأنها بذلک شأن القواعد الفقهیة الأخرى الآتیة الخاصة بالضرر .
وتوضیح ذلک یتم من خلال معرفة أقسام الضرر تبعا لأسبابه ، وهی :
1- الضرر الناتج من نفس المتضرر ، وهو ما یعبر عنه بالضرر الحاصل من سوء الاختیار کموارد تعجیز الإنسان نفسه مثلا .
2- الضرر الناتج بفعل العامل الطبیعی کالزلازل ونحوها .
3- الضرر الناتج من شخص آخر ، ویعبر عن الضررین الأخیرین بالضرر الحاصل من غیر سوء الاختیار .
ومن الواضح أن الإکراه لا یکون إلا من الغیر کما تقدم فی أرکانه ، وهذا یعنی صلة الضرر الأخیر بالإکراه إذا کان من ظالم ، لأن الضرر الحاصل من الغیر قد یکون بإکراه وقد لا یکون .
على أن بعض فقهائنا الأعلام أدخل موارد التقیة حتى فی الضرر الناتج عن سوء الاختیار ، کما نجده صریحا فی تقریرات بحث السید الخوئی الأصولیة ( 20 ) ، إذ ورد فیها القول بصحة تعجیز الإنسان نفسه فی موارد التقیة .
وبما أن القاعدة لم تختص بمورد ضرری معین کما هو حال القواعد الفقهیة الأخرى ، بل ناظرة إلى مطلق الضرر فتکون صلتها بالإکراه والتقیة واضحة جدا .وهذه القاعدة الفقهیة لا خلاف فی صحتها عند جمیع الفقهاء ، وهی منسجمة تماما مع روح التشریع الإسلامی ومرونته ، وجاریة على وفق مقتضیات العقل السلیم ، فهی على ما یقول السید الخوئی قدس سره : ( من القضایا التی قیاساتها معها ، فلا تحتاج إلى برهان أو مؤنة الاستدلال )(21)
وفیها یقول الندوی : ( إذا اجتمع للمضطر محرمان کل منهما لا یباح بدون الضرورة ، وجب تقدیم أخفهما مفسدة وأقلهما ضررا ، لأن الزیادة لا ضرورة إلیها فلا یباح ) (22)
وقال الزیلعی : ( الأصل فی جنس هذه المسائل : إن من ابتلی ببلیتین ، وهما متساویتان یأخذ بأیهما شاء ، وإن اختلفتا یختار أهونهما ، لأن مباشرة الحرام لا تجوز إلا للضرورة ، ولا ضرورة فی حق الزیادة )(23)
وفی هذا الصدد ، یقول الغزالی : ( وارتکاب أهون الضررین یصیر واجبا بالإضافة إلى أعظمهما ، کما یصیر شرب الخمر واجبا فی حق من غص بلقمة - أی : ولم یجد ماء - ، وتناول طعام الغیر واجبا على المضطر فی المخمصة ، وإفساد مال الغیر لیس حراما لعینه ، ولذلک لو أکره علیه بالقتل وجب أو جاز )(24)
وقد صیغت هذه القاعدة بألفاظ أخرى فی کتب القواعد الفقهیة وغیرها ، ومن تلک الصیاغات ما تجده فی شرح القواعد الفقهیة إذ وردت بهذه الصیغة : ( إذا تعارضت مفسدتان روعی أعظمهما ضررا بارتکاب أخفهما ) ( 25 ) وهی نفسها عند ابن نجیم الحنفی ( 26 ) ونظیرها عند آخرین (27)
هذا ، وقد فرع فقهاء العامة على هذه القاعدة جملة من الفروع ، نذکر منها ما ذکره الشیخ الزرقا من فروع هذه القاعدة وهی :
أ - تجویز السکوت على المنکر إذا کان یترتب على إنکاره ضرر أعظم .
ب - تجوز طاعة الأمیر الجائر إذا کان یترتب على الخروج علیه شر أعظم (28)
قاعدة : الضرورات تقدر بقدرها : صلة القاعدة بالإکراه والتقیة :
إن من أوجه الاتفاق بین الضرورة والإکراه - کما سیأتی - هو أن مفهوم الضرورة العام یعنی تحققها بمجرد حلول خطر لا یندفع إلا بمحظور ، وعلیه سیکون الإکراه داخلا بهذا المفهوم العام .وإذا اتضحت صلة الضرورة بالإکراه اتضحت صلتها بالتقیة أیضا على أن فی أحادیث أهل البیت علیهم السلام ما یؤکد هذه الصلة أیضا .ففی حدیث الإمام الباقر علیه السلام : التقیة فی کل ضرورة وصاحبها أعلم بها حین تنزل به (29)
وما تعنیه هذه القاعدة ، هو أن ما تدعو إلیه الضرورة من المحظورات إنما یرخص منه القدر الذی تندفع به الضرورة فحسب ، فإذا اضطر الإنسان لمحظور لأی سبب مسوغ کالإکراه ، أو المخمصة ونحوهما ، فلیس له أن یتوسع فی المحظور ، بل یقتصر منه على قدر ما تندفع به الضرورة فقط .ومن ثمرات هذه القاعدة کما صرح به الشیخ الزرقا : إنه من أکره على الیمین الکاذبة فإنه یباح له الإقدام على التلفظ مع وجوب التوریة والتعریض فیها إن خطرت على باله التوریة والتعریض (30)
وهناک قواعد أخرى تصب فی هذا الاتجاه أیضا ، سنکتفی بذکرها دون شرحها لأجل الاختصار ، وهی :
قاعدة : الضرر الأشد یزال بالضرر الأخف :
وقد ذهب الشیخ الأنصاری إلى أبعد من هذه القاعدة فی حال التقیة ، إذ جوز التقیة للمکره فی صورة إزالة الضرر عن نفسه حتى مع کون الضرر على الغیر أشد ما لم یصل إلى حد القتل ، فقال فی حدیثه عن قاعدة لا ضرر - الآتیة : ( اتفقوا على أنه یجوز للمکره الإضرار على الغیر بما دون القتل ، لأجل دفع الضرر عن نفسه ، ولو کان أقل من ضرر الغیر )(31)
وهذا ما لم یوافقه علیه جملة من کبار الفقهاء المعاصرین آخذین بهذه القاعدة (32)
قاعدة : لا ضرر ولا ضرار : وفی هذه القاعدة قسم السید الخوئی قدس سره ، والسید السیستانی الضرر إلى أنواعه المتقدمة مع بیانهما وأسبابه التی ذکرناها سابقا ، ومن مراجعتها تعلم صلة هذه القاعدة بالتقیة فضلا عن اتفاقهم على إدخال الضرر الناتج عن إکراه فی موجب هذه القاعدة .
قاعدة : الضرورات تبیح المحظورات : وهذه القاعدة متفرعة عن قاعدة لا ضرر المتقدمة کما نجده فی قاعدة لا ضرر للسید السیستانی وغیره ، ومن أوضح تطبیقاتها عندهم جواز التلفظ بکلمة الکفر فی حال الإکراه علیها (33)
ولا یخفى بأن ما جوزوه لا یکون إلا فی حال التقیة ، وهذا هو معنى صلة القاعدة بموضوع البحث ، وهو التقیة ، على أن الشیخ الأنصاری صرح فی بحث التقیة بما یفید المقام جدا وسوف نذکر نص کلامه فی الحدیث عن صلة حدیث الرفع بالتقیة ، فلاحظ .
وبما أن صلة هذه القواعد بالتقیة صلة وثیقة جدا ، بل هی صلة الضرورة بالإکراه ، ومن هنا لا بد من التعرض للعلاقة القائمة بین الضرورة والإکراه ، تحت عنوان :
الفرق والاتفاق بین الضرورة والإکراه :
أولا : الفرق بین الضرورة والإکراه : ویلاحظ هنا أن الفرق الأول بینهما ، هو أن فی الإکراه یدفع المکره إلى إتیان المحظور من قبل شخص آخر بقوة الإکراه .
وأما فی الضرورة فلا یدفع المرء إلى ارتکاب المحظور أحد ، وإنما یکون المرء المضطر فی ظرف خاص صعب یقتضی الخروج منه ارتکاب المحظور ، لکی ینقذ نفسه أو عائلته من الهلاک المحتم ، کالاضطرار إلى أکل لحم المیتة فی حالة الجوع الشدید مع عدم وجود ما یؤکل غیره .
والفرق الآخر هو أن امتناع المکره عن تنفیذ ما أکره علیه قد یکون فی بعض صور الإکراه واجبا علیه کما فی الإکراه على القتل مثلا . وأما فی حالة الاضطرار إلى ارتکاب المحرم لسد الرمق بعد الوقوع فی مخمصة فالامتناع عنه حرام یعاقب علیه
ثانیا : الاتفاق بین الضرورة والإکراه : یمکن القول بأن الفرق الأخیر یعد من حیثیة أخرى اتفاقا بین الضرورة والإکراه ، لأن کلا منهما یهدف إلى صیانة النفوس من التلف . وهذا لا یعنی انعدام الصلة بینهما إلا فی هذه الحیثیة ، بل هناک جوانب اتفاق بین الضرورة والإکراه .
منها : إن الفاعل فیهما لا یجد سبیلا للخلاص من الشر المحدق به غیر ارتکاب المحظور . ومنها : أیضا اتفاقهما من جهة ترتب الآثار على نفس الفاعل .
ومن نقاط الاتفاق الواضحة بینهما هو أن الضرورة تجعل المحظور مباحا کما مر فی قاعدة ( الضرورات تبیح المحظورات ) ، وکذلک الحال مع الإکراه ، إذ یبیح ارتکاب بعض المحرمات ، ومنها المساس بحقوق الآخرین . وعلى هذا الوجه یدخل الإکراه فی مفهوم الضرورة العام الذی یعنی تحققها بمجرد حلول خطر لا یندفع إلا بمحظور(34)
ومن هنا یتبین عدم الفرق بینهما من جهة الملاک ، لأن ملاکهما واحد ، وهو رفع الضرر الأهم بارتکاب ترک المهم (35)
ولهذا علل بعض فقهاء القانون الوضعی انتفاء المسؤولیة فی حالة الضرورة بفکرة الإکراه ، لأن من یکون فی حالة ضرورة هو مکره على الفعل الذی یخلصه منها ، وکثیر منهم قرن أحدهما بالآخر(36)
وبهذا العرض الموجز عن الإکراه وصلته بالضرورة والتقیة ، نعود إلى الحدیث عن التقیة لنتعرف أولا على أصولها ومصادرها التشریعیة عبر بیان أدلتها من القرآن الکریم والسنة المطهرة ، ودلیل العقل والإجماع .
المصادر :
1- سورة آل عمران : 3 / 28
2- تاج العروس 10 : 396 وسیأتی اتفاق المفسرین على تفسیر ( التقاة ) بالتقیة
3- لسان العرب 15 : 401 . وانظر : المصباح المنیر / الفیومی 2 : 669 ، وأساس البلاغة / الزمخشری : 686 مادة ( وقی )
4- تصحیح الإعتقاد / الشیخ المفید : 66
5- التقیة / الشیخ الأنصاری : 37 ./ القواعد الفقهیة / البجنوردی 5 : 44 . والقواعد الفقهیة / ناصر مکارم الشیرازی 3 : 13
6- المبسوط / السرخسی الحنفی 24 : 45
7- راجع تعریف التقیة عند ابن حجر العسقلانی فی فتح الباری بشرح صحیح البخاری 12 : 136 . وعز الدین عبد العزیز بن عبد السلام السلمی فی قواعد الأحکام فی مصالح الأنام 1 : 107 . والآلوسی فی روح المعانی 3 : 121 . والمراغی فی تفسیره 3 : 137 . ومحمد رشید رضا فی تفسیر المنار 3 : 280 وغیرهم
8- سورة النحل : 16 / 106
9- لسان العرب / ابن منظور 12 : 80 کره
10- التلویح على التوضیح / سعد الدین التفتازانی 2 : 196 طبعة مصر / 1322 ه
11- کشف الأسرار عن أصول البزدوی / عبد العزیز البخاری 4 : 1503 طبعة دار الخلافة
12- المبسوط / السرخسی 24 : 38 من کتاب الإکراه
13- المکاسب / الشیخ الأنصاری 3 : 311 فی الحدیث عن شرط الاختیار من شروط المتعاقدین ، تحقیق مجمع الفکر الإسلامی ، لجنة تحقیق التراث ، ط 1 ، قم / 1418 ه
14- سورة آل عمران : 3 / 28
15- سورة آل عمران : 3 / 29
16- التفسیر الکبیر / الفخر الرازی 8 : 15
17- الأشباه والنظائر / السیوطی : 173 القاعدة الرابعة ، طبعة دار الکتاب العربی / قاعدة لا ضرر / السید السیستانی 1 : 158
18- سیأتی ذکر الحدیث فی أدلة التقیة من السنة النبویة
19- الأشباه والنظائر / السیوطی : 370
20- محاضرات فی أصول الفقه / محمد إسحاق الفیاض 4 : 243 ، مبحث الإجزاء ، فی مسألة حکم الأضرار بسوء الاختیار
21- مصباح الأصول 2 : 562 فی التنبیه السابع من تنبیهات قاعدة لا ضرر ، المسألة الأولى
22- القواعد الفقهیة / علی أحمد الندوی : 225 ، دار القلم ، دمشق / 1412 ه
23- الأشباه والنظائر / ابن نجیم الحنفی : 89
24- المستصفى / الغزالی 1 : 89 دار الکتب العلمیة / 1403 ه
25- شرح القواعد الفقهیة / أحمد بن محمد الزرقا : 201 القاعدة رقم 28 ، ط 2 ، دار القلم ، دمشق / 1409 ه
26- الأشباه والنظائر / ابن نجیم الحنفی : 89
27- کالغزالی فی إحیاء علوم الدین 3 : 138 . والقرانی المالکی فی الفروق 4 : 236 والفرغانی الحنفی فی فتاوى قاضیخان 3 : 485 ، مطبوع بهامش الفتاوى الهندیة
28- شرح القواعد الفقهیة : 201 فی شرح القاعدة رقم 28
29- أصول الکافی 2 : 219 / 13 باب التقیة ، من کتاب الإیمان والکفر
30- شرح القواعد الفقهیة / أحمد بن محمد الزرقا : 188 فی شرح القاعدة رقم 21
31- رسائل الشیخ الأنصاری : 298 ، فی آخر البحث عن أصل الاشتغال
32- القواعد الفقهیة / ناصر مکارم الشیرازی 1 : 89 فی قاعدة التقیة / مصباح الأصول ( تقریرا لبحث السید الخوئی ) 2 : 562
33- قاعدة لا ضرر / السید السیستانی 1 : 158 . والأشباه والنظائر / السیوطی : 92 - 93
34- الضرورة فی الشریعة الإسلامیة والقانون الوضعی / الدکتور محمد محمود عبد العزیز الزینی : 59 ، مؤسسة الثقافة الجامعیة الإسکندریة / 1993 م
35- راجع القواعد الفقهیة / ناصر مکارم الشیرازی 2 : 19
36- راجع الإحکام العامة فی قانون العقوبات / الدکتور السعید مصطفى السعید : 417 ، وشرح قانون العقوبات - القسم العام / الدکتور محمود المصطفى : 326 نقلا عن الضرورة للدکتور محمد محمود الزینی : 223