من الواضح والمعروف ما کان عليه حال الشيعة في أيام بني أمية بالشام وما قاسوه من القتل والصلب، ثم ما كان من حالهم في الدولة العباسية، وخصوصًا في أيام المنصور والرشيد والمتوكل، من الاضطهاد والقتل، فحملهم ذلك على الفرار إلى أطراف المملكة الإسلامية، فهاموا على وجوههم شرقًا وغربًا .
وكان فيمن جاء منهم نحو الغرب إدريس بن عبد الله بن الحسن المثنى، أخو محمد بن عبد الله الذي بايعه المنصور ثم نكث بيعته.
فأتى إدريس مصر وهي يومئذ في حوزة العباسيين، فاستخفى في مكان أتاه إليه بعض الشيعة سرًّا، ومنهم صاحب البريد فحمله إلى المغرب في أيام الرشيد، فتلقاه الشيعة هناك وبايعوه، فأنشأ دولة في مراكش عرفت بالدولة الإدريسية من سنة ١٧٢–٣٧٥ﻫ، على أن هؤلاء لم يسموا أنفسهم خلفاء.
أما ظهور الشيعة وتغلبهم وارتفاع شأنهم حقيقة فالفضل فيه للدولة الفاطمية، نسبة إلى فاطمة بنت النبي صلی الله عليه وآله وسلم؛ لأن أصحابها ينتسبون إليها، وتسمى أيضًا الدولة العبيدية نسبة إلى مؤسسها عبيد الله المهدي.
وكان شأن الشيعة قد بدأ بالظهور في المشرق على يد بني بويه في أواسط القرن الرابع للهجرة.
ولما تغلب البويهيون على بغداد كانت الدولة الفاطمية قد اشتد ساعدها في المغرب وهمت بفتح مصر.
وكان آل بويه يغالون في التشيع، ويعتقدون أن العباسيين قد غصبوا الخلافة من مستحقيها، فأشار بعضهم على معز الدولة البويهي أن ينقل الخلافة إلى العبيديين أو لغيرهم من العلويين، فاعترض عليه بعض خاصته قائلًا: «ليس هذا برأي. فإنك اليوم مع خليفة تعتقد أنت وأصحابك أنه ليس من أهل الخلافة، لو أمرتهم بقتله لقتلوه مستحلين دمه، ومتى أجست بعض العلويين خليفة كان معك من تعتقد أنت وأصحابك صحة خلافته، فلو أمرهم بقتلك لقتلوك، فرجع معز الدولة عن عزمه».(1)
على أن الشيعة اعتزت في الشرق بهذه الدولة، وأحيا البويهيون كثيرًا من الاحتفالات الدينية الشيعية، ومنها عاشوراء تذكار مقتل الحسين عليه السلام (2)
وحملوا الخليفة على أن يخطب لعضد الدولة في بغداد، أي: أن يذكر اسمه في الخطبة. فخطب له وهو أول من خطب له فيها. فوقع التحاسد بين الأتراك والديلم هناك، ونشأت الفتن بين السنة والشيعة من ذلك الحين، والترك يمثلون السنة والديلم أو الفرس يمثلون الشيعة. فحمل الأتراك أهل بغداد على الاحتفال ببعض الأعياد عكس احتفال الشيعة نكايةً بهم. (3)
الشيعة في مصر
على أن ظهور الشيعة في الشرق هون على الدولة العبيدية فتح مصر والانتقال إليها، وكانت قصبتها قبلًا مدينة المهدية بإفريقية وخلفاؤها ينتسبون إلى الحسين بن علي، وللمؤرخين في انتسابهم إليه أقوال متناقضة، فالذين يتعصبون للعباسيين ينكرون ذلك عليهم. ويغلب في اعتقادنا صحة انتسابهم إليه، وأن السبب في وقوع الشبهة طعن العباسيين فيه تصغيرًا لشأنهم.(4)
والمصريون كانوا يحبون عليًّا من صدر الإسلام، وكانوا من حزبه يوم مقتل عثمان، ولكن قلما كان لهم شأن في الشيعة العلوية؛ لأن العلويين استنصروا أولًا أهل العراق وفارس كما تقدم. فلما قامت الدولة العباسية وتأثرهم المنصور بالقتل والحبس، وقتل محمد بن عبد الله الحسني وبعض أهله وفر سائر العلويين من وجه الدولة العباسية، كان في جملتهم علي بن محمد بن عبد الله، فجاء مصر بأمر دعوته بعض رجال الشيعة، لكنه ما لبث أن حمل إلى المنصور واختفى.(5)
وكان حال الشيعة العلوية بمصر يتقلب بين الشدة والرخاء، يتقلب أحوال الخلفاء في بغداد، فإن تولى خليفة يكره العلويين ضيق على الشيعة واضطهدهم والعكس بالعكس، فلما تولى المتوكل واضطهد الشيعة العلوية كتب إلى عامله بمصر بإخراج آل أبي طالب إلى العراق فأخرجهم سنة ٢٣٦ﻫ، ولما قدموا إلى العراق أرسلوهم إلى المدينة واستتر من بقي في مصر على رأي العلوية؛ لأن عمال المتوكل كانوا يبالغون في إظهار الكره للشيعة تزلفًا للخليفة - يحكى أن رجلًا من الجند اقترف ذنبًا أوجب جلده. فأمر يزيد بن عبد الله عامل مصر يومئذ بجلده، فأقسم الرجل عليه بحق الحسن والحسين إلا عفا عنه فزاده تلاتين ضربة.
ورفع صاحب البريد إلى المتوكل ذلك الخبر، فورد كتابه إلى العامل أن يضرب الجندي المذكور مائة سوط فضربه، وتتبع يزيد المشار إليه آثار العلويين، فعلم برجل منهم له دعاة وأنصار، فقبض عليه وأرسله إلى العراق مع أهله وضرب الذين بايعوه.
ولما تولى المنتصر بن المتوكل سنة ٢٤٧ﻫ كتب إلى عامله بمصر أن لا يضمن علوي ضيعة ولا يركب فرسًا ولا يسافر من الفسطاط إلى طرف من أطراف مصر، وأن يمنعوهم من اتخاذ العبيد إلا العبد الواحد، وإذا كان بينهم وبين أحد الناس خصومة قبل قول خصمه فيه بغير أن يطالب ببينة. فقاسى العلويون عذابًا شديدًا بسبب ذلك.
ولما استقل أحمد بن طولون بإمارة مصر سنة ٢٥٤ﻫ اضطهد الشيعة؛ لأنه تركي ولأنه على رأي الخليفة العباس، فاقتص آثار العلويين وحاربهم مرارًا.
حتى إذا ضعف أمر بني طولون بمصر واختلت أحوال الدولة العباسية في بغداد وتغلب آل بويه عليها في القرن الرابع للهجرة أخذ حزب الشيعة ينتعش ويتقوى. فلما جاءهم جند المعز لدين الله الفاطمي سنة ٣٥٨ﻫ بقيادة جوهر الصقلي كانت الأذهان متأهبة لقبول تلك الدعوة، ففتح جوهر مصر على أهون سبيل، وخطب فيها للعلويين وأقام شعارهم وأزال شعار العباسيين، وبنى مدينة القاهرة وانتقل إليها مولاه المعز لدين الله، وتوالى من دولة الفاطميين بمصر عشرة خلفاء، وجملة خلفائهم منذ أنشأوا دولتهم في أفريقية إلى انقضائها بمصر ١٤ خليفة حكموا من سنة ٢٩٧–٥٦٧ﻫ، وانتقلت مصر منهم إلى الأكراد الأيوبيين.
سياسة الدولة الفاطمية
إن الفاطميين من جملة الدول الإسلامية التي قلدت الدول العباسية في نظام حكومتها وسائر شؤونها. إلا ما يتعلق منها بالدين، فإنهم أيدوا كل ما يوافق مذهب الشيعة من إيثار العلويين وتقديمهم والعمل بأقوال أئمتهم، فألف يعقوب بن كلس وزير العزيز بالله الفاطمي كتابًا يتضمن الفقه على ما سمعه من المعز لدين الله وابنه العزيز بالله، وبوبه على أبواب الفقه فبلغ حجمه نصف حجم صحيح البخاري، وهو يشتمل على فقه الطائفة الإسماعيلية. وقد بذلت الدولة الفاطمية جهدها في نشر هذا الفقه بين المسلمين، حتى كان الوزير المشار إليه يجلس بنفسه لقراءة هذا الكتاب على الطلبة، وبين يديه خواص الناس وعوامهم وسائر الفقهاء والقضاة والأدباء، وجعله مرجع القضاء في الفتوى، وأفتى الناس به ودرسوه في الجامع العتيق (جامع عمرو)، وعمل الخلفاء على ترغيب الناس في حفظه بالبذل والعطاء، فأجرى العزيز بالله على ٣٥ رجلًا من الفقهاء يحضرون مجلس الوزير، ويلازمونه أرزاقًا تكفيهم، فضلًا عما كان يصلهم من مال العزيز بالله في الصلات السنوية، وأمرهم ببناء دار إلى جانب الجامع الأزهر، وكان يخلع عليهم في عيد الفطر ويحملهم على البغال ترغيبًا لهم في نشر فقه الشيعة وتعاليمهم، وأجلسوا أناسًا في قصر الخلافة لقراءة علوم أهل البيت على الناس؛ لأنه بانتشار ذلك المذهب تتأيد تلك الدولة، لارتباط السياسة بالدين كما قدمنا. وتعقبوا من يطالع غير ذلك الكتاب وشددوا في عقابه، فاتفق أنهم عثروا على رجل وجدوا عنده كتاب الموطأ لمالك، فضربوه وطافوا به في المدينة.
وكان يعقوب الوزير المذكور يهوديًّا وأسلم، وخدم الدولة الفاطمية خدمات جزيلة في تأييد دعوتهم كما رأيت، فلا عجب إذا عاده العزيز في مرضه وقال له: «وددت لو أنك تباع فأبتاعك بملكي».(6)
ومشى سائر الخلفاء الفاطميين على هذه الخطة في نشر مذهب الشيعة، فأنشأ العزيز والحاكم دور الكتب للمطالعة والنسخ لنشر كتبهم، ولما تولى الخليفة الظاهر سنة ٤١١ﻫ، أخرج من كان في مصر من الفقهاء المالكية وغيرهم. وشددوا الأوامر على الناس أن يحفظوا كتاب «دعائم الإسلام»، و«مختصر الوزير»، وجعلوا لمن حفظ ذلك مالًا ومن مقتضيات فقه الدولة الفاطمية في المواريث توريث ذوي الأرحام، فالبنت عندهم إذا انفردت استحقت المال بأجمعه٨ تأييدًا لحقهم في وراثة الخلافة؛ لأنهم ينتسبون إلى فاطمة بنت النبي وهي منفردة بالإرث. (7)
أدوار الدولة الفاطمية
مرت الدولة الفاطمية في ثلاثة أدوار تشبه الأدوار التي مرت بها الدولة العباسية، فقد رأيت أن نفوذ الكلمة في الدولة العباسية كان في أوائلها مشتركًا بين العرب والفرس، ثم صار إلى الفرس ثم إلى الأتراك. والفاطميون عرب قامت دولتهم بالعرب والبربر، فكان النفوذ في أولها مشتركًا بين هذين العنصرين، ثم صار إلى البربر ثم إلى الأتراك.
والبربر قوم أشداء، مساكنهم في شمال أفريقية، وقد نصروا الشيعة العلوية في المغرب كما نصرها الفرس في المشرق، وهم قبائل شتى مثل قبائل العرب الرحل، وقد قاسى المسلمون في إخضاعهم عذابًا شديدًا؛ لأنهم ارتدوا عن الإسلام اثنتي عشرة مرة وثبوا فيها كلها على المسلمين، ولم يثبت إسلامهم إلا في أيام موسى بن نصير في أواخر القرن الأول. ولما نقم الناس على بني أمية لتعصبهم على غير العرب كان البربر في جملة الذين خرجوا عليهم وتطاولوا للفتك بهم.
وقد سرهم ذهاب دولة الأمويين، ولكن ساءهم انتقالها إلى الأندلس على مقربة منهم؛ لأنهم كانوا يكرهونهم للعصبة فنصروا العلويين نكاية فيهم - إلا من اصطنعهم الأندلسيون بالمال، وللبربر فضل كبير في نشر الإسلام في أواسط أفريقية، مثل فضل الأتراك في نشره في أواسط آسيا، إلى الهند والصين؛ لأن البربر لما ثبت الإسلام فيهم نهضوا لفتح ما وراء بلادهم في أفريقية الغربية فنشروا الإسلام هناك.
فلما قامت الدولة الفاطمية في المغرب كان البربر من أنصارها، لا سيما قبائل كتامة وهوارة وهما من قبائل صنهاجة فأخذوا بيد الفاطميين منذ قيامهم على أيام عبيد الله المهدي أول خلفائهم في أواخر القرن الثالث للهجرة. فلما تأيدت دولتهم اتخذ خلفاء الفاطميين بطانتهم منهم وجعلوهم من أهل الدولة وأول من فعل ذلك أبو عبد الله الشيعي، وظلوا كذلك في خلافة ابنه القائم بأمر الله «سنة ٣٢٢ﻫ»، ثم المنصور بنصر الله «سنة ٣٣٤ﻫ» ثم المعز لدين الله «سنة ٣٤١ﻫ»، وساعدوهم في تملك المغرب كله وإخراجه من البيعة العباسية. وفي أيام المعز لدين الله فتح الفاطميون مصر وبنوا القاهرة ونقلوا دولتهم إليها.
فلما أفضت الخلافة إلى العزيز بالله بن المعز سنة ٣٦٥ﻫ، أراد التشبه بالعباسيين فاصطنع الأتراك والديلم واستكثر منهم وقدمهم وجعلهم خاصته، كأنه خاف على حياته من البربر. فقامت المنافسة بين البربر والأتراك وعظم التحاسد حتى توفي العزيز بالله وخلفه الحاكم بأمر الله سنة ٣٨٦، وكان يقدر فضل البربر، فقدمهم وقربهم فاشترطوا أن يتولى أمورهم ابن عمار الكتامي (من البربر)، فولاه الوساطة وهي كالوزارة عندهم. فاستبد في أمور الدولة وقدم البربر وأعطاهم وولاهم وحط من قدر الغلمان الأتراك والديلم الذين اصطنعهم العزيز. فاجتمعوا إلى كبير منهم اسمه برجوان وكان صقلبيًّا وقد تاقت نفسه إلى الولاية، فأغراهم بابن عمار حتى وضعوا منه فاعتزل الوساطة وتولاها برجوان، فقدم الأتراك والديلم واستخدمهم في القصر. ثم بدأ للحاكم أن يقتل ابن عمار فقتله وقتل كثيرًا من رجال دولة أبيه وجده، فتضعضع البربر وقوي الأتراك.
ولما مات الحاكم وخلفه ابنه الظاهر لإعزاز دين الله سنة ٤١١ﻫ أكثر من اللهو والقصف ومال إلى الأتراك، والمشارقة، فانحط جانب البربر وما زال قدرهم يتناقص حتى كاد يتلاشى. فلما ملك المستنصر سنة ٤٢٧ﻫ بعد الظاهر وكانت أمه أمة سوداء استكثرت في جنود ابنها من العبيد أبناء جلدتها، حتى بلغوا ألف عبد أسود، وكان هو يستكثر من الأتراك فأصبح الجند طائفتين كبيرتين تتنافسان وتتسابقان إلى الاستئثار بالنفوذ، وآل التنافس إلى حرب شقيت بها مصر واضطر الخليفة إلى استنصار رجال دولته في الشام، فأتاه أمير الجيوش بدر الجمالي من سوريا وهو أرمني الأصل فقتل الكثير من أهل الدولة وأقام بمصر جندًا من الأرمن، وصار من حينئذ معظم الجيش منهم وذهب نفوذ البربر وصاروا من جملة الرعية، ولم يبق لهم شأن في الدولة بعد أن كانوا وجوهها وأكابر أهلها.(8)
وكان السلاجقة في أثناء ذلك قد غلبوا على العراق وفارس، وذهبت دولة آل بويه وضعف أمر الشيعة هناك، وولى السلاجقة مماليكهم وقوادهم (الأتابكة) على الولايات، واستقل كل منهم بولايته كما تقدم، ومنهم نور الدين زنكي في الشام. وكان في جملة قواد نور الدين جماعة من الأكراد، منهم نجم الدين أيوب وأخوه أسد الدين شيركوه، وقد بلغا عنده منزلة رفيعة، وكانت خلافة مصر قد أفضت سنة ٥٥٥ﻫ إلى العاضد بن يوسف، وكان ضعيف الرأي، وقد غلب وزراؤه على دولته وتنافسوا على الاستئثار بالنفوذ، وطال تنافسهم حتى أخربوا البلاد والخليفة لا يستطيع عملًا.
وكان في جملة المنافسين وزير اسمه شاور، قد غلب على أمره فذهب إلى نور الدين زنكي واستنجده على رجل آخر كان ينافسه في الوزارة وهو ضرغام، فاغتنم نور الدين تلك الفرصة للاستيلاء على مصر، وأنجده بأسد الدين شيركوه في جند من المماليك، فرد الوزارة إلى شاور وصار هذا يدفع ثلث خراج مصر إلى نور الدين.
وكانت الحروب الصليبية في تلك الأثناء قد احتدمت، فزاد تداخل نور الدين في شؤون مصر ونائبه فيها شيركوه، ومعه ابن أخيه يوسف بن نجم الدين، وهو صلاح الدين الأيوبي الشهير. ومات شيركوه بمصر سنة ٥٦٤ﻫ فخلفه صلاح الدين في منصب النيابة وهي الوزارة.
وكان صلاح الدين من أهل المطامع الكبرى، فلما قبض على أزمة النيابة، وهي كالوزارة، ورأى ضعف الخليفة أراد مصر لنفسه وليس لأميره نور الدين.
فلما مات العاضد آخر الخلفاء الفاطميين، خطب صلاح الدين بالقاهرة للخليفة العباسي ونقل حكومة مصر من الشيعة إلى السنة، وقبض على أزمة الأحكام، واستفحل أمر الصليبيين في تلك الأيام فتولى صلاح الدين أمر حربهم وقام بأعمال لا يزال التاريخ يردد صداها إلى اليوم، أهمها استرجاع بيت المقدس ومد سلطته على الشام وغيرها. وأنشأ الدولة الأيوبية، وهي سنية المذهب، فعادت مصر إلى ظل الدولة العباسية من حيث البيعة فقط.
وعمد صلاح الدين ومن خلفه من أهله إلى الاستكثار من المماليك الأتراك والجراكسة للجندية، على جاري العادة في تلك الأعصر، حتى إذا كثروا استبدوا بشؤون الحكومة وطمعوا في السلطة.
فلما ضعف أمر الدولة الأيوبية قبضوا هم على أزمة الحكومة وأنشأوا بمصر دولتين، عرفتا بدولتي السلاطين المماليك وهما المماليك البحرية والمماليك البرجية، حكمت الأولى من سنة ٦٤٨–٧٩٢ﻫ، والثانية من سنة ٧٨٤–٩٢٣ﻫ وكانتا تبايعان للخليفة العباسي وهو مقيم في بغداد.
فلما جاء التتر واحتلوا بغداد سنة ٦٥٦ﻫ وقتلوا الخليفة (المستعصم) فر من بقي من بني العباس، والتجأوا إلى سلاطين مصر على عهد الملك الظاهر بيبرس، فاختار واحدًا منهم قلده الخلافة وبايعه، وبهذا انتقت الخلافة العباسية إلى القاهرة، وظل خلفاء العباسين والبيعة لهم حتى جاء السلطان سليم الفاتح العثماني وفتح مصر سنة ٩٢٣، وكان الخليفة العباسي عامئذ المتوكل على الله آخر خلفائهم، فبايع للسلطان سليم وسلم إليه الآثار النبوية، فانتقلت الخلافة من العباسيين إلى العثمانيين من ذلك الحين.
المصادر :
1- ابن الأثير ١٧٧ ج٨.
2- ابن الأثير ٢١٦ ج٨.
3- ابن الأثير ٦٥ ج٩.
4- المقريزي ٣٤٩ ج١.
5- المقريزي ٣٣٨ ج٢.
6- ابن الأثير ٣٢ ج٩.
7- المقريزي ٣٥٥ ج١.
8- المقريزي ١٢ ج٢.