* د. رضا نجاد
أيتها المرأة، وأيتها السيدة، وأيتها الزوجة، وأيتها الأم التي خضعت لأهوائها ورغباتها من أجل بضعة مثاقيل من معدن ثمين أو من أجل بضعة أمتار من قماش فاخر، ما الذي جعلك لا تدركين هل ذلك المعدن أو القماش أكثر أهمية أم تربية الأولاد وتربية سليمة وملء أرجاء البيت بالمودة والرحمة؟ ولو أنك أدركت مدى أهمية وقدسية أحد هذين الجانبين ووعيت أرجحية أحدهما على الآخر لخرجتِ قطعاً من مبدأ الشك وسلَّمتِ بأصل البراءة.
أريد أن أسترعي انتباه المرأة إلى مسألة كبرياء كل من الرجل والمرأة، وهي أن لكل من الرجال والمرأة كبرياؤه. وأكثر ما يعنيه كبرياء المرأة هو جمالها ومقدرتها على اجتذاب الرجل. وأما كبرياء الرجل فيتلخص في رغبته في التفوق والنجاح في الحياة. ومن جملة ما يجرح كبرياء الرجل هو أن تقول له المرأة ما يوحي له بفشله في الحياة. ولو أن المرأة خاطبت زوجها بعبارات القبح والجمال لما أعارها أهمية كبيرة لأنها لم تنل من أسباب نجاحه. ومن هنا يجب على المرأة أن تتحرز بشدة من الكلمات التي تجرح كرامة الزوج وتوحي له بعدم الكفاءة وعدم المقدرة على ايجاد حياة أفضل. وهذا مصداق واضح على قول الرسول (ص): (أيما امرأة قال لزوجها: ما رأيت من وجهك خيراً قطّ فقد حبط عملها).
أما بالنسبة إلى كبرياء المرأة فهو جمالها ولو قال الزوج لزوجته: إنك قبيحة لشعرت على الفور بانهيار كرامتها ولذهبت بها الظنون إلى فشلها في الحياة ولتصورت وجود امرأة أخرى في حياته. وفي ضوء هذه الرؤى يأمر الاسلام الرجل بالتعبير عن محبته لزوجته. وقد ثبت بأن الرجل إذا أعرب للمرأة عن محبته لها تشعر بالطمأنينة. وبالعكس إذا أعربت المرأة عن حبها للرجل لا يأبه لها كثيراً حتى وإن كانت صادقة، وإنما يحب الرجل من المرأة أن تقول لقد فعلت خيراً عندما اشتريت الجهاز الفلاني، أو أنها تشعر بالراحة لمدى التطور الحاصل في حياتهما المشتركة، أو أن هذا الموضع من الدار أصبح أفضل بفضل ما جرى فيه من بناء وترميم؛ لأن كلامها هذا ينطوي على نوع من التشجيع للرجل وإعلاناً عن نجاحه في الحياة ووصوله إلى الحياة التي يصبو إليها. والمرأة الذكية متى ما كانت بحاجة إلى شيء معين يمكنها أن تعرضها على زوجها بدون أن تجرح كرامته، كأن تقول له مثلاً ـ إذا كانت بحاجة إلى غسالة ـ : لو كان لديّ غسالة لكنتُ أكثر راحة، ولكان لديّ وقت أكثر أتفرغ فيه لشؤون الأولاد.
إذا كان الرجل مواظباً على امرأته ويقول لها لماذا فعلت هذا ولماذا كنت كذا، فتلك دلالة على محبته لها وتعلقه بها.
ذكرنا أن كبرياء المرأة بجمالها، والرجل مغرور بكماله. وهذا يعتبر بمثابة امتياز للمرأة وذلك لأن الرجل يفتن بجمال المرأة؛ بمعنى أنه يفتتن بشيء زائل، وشغف المرأة بكمال الرجل شغف بشيء ثابت لا زوال له. ولهذا السبب يلاحظ عدم الوفاء عند الرجال أكثر من النساء، ولهذا السبب نفسه تكون العفة والشرف لدى النساء أكثر، ويكون لفسقها إثم أكبر من إثم الرجل على فسقه.
على الرغم من أن الشهرة الشائعة بأن بعض الأعمال كالخياطة والتطريز والطبخ والتجميل والتوليد تعتبر أعمالاً خاصة بالنساء، إلا أن أفضل مَن يجيدون الخياطة والتطريز والطبخ والتجميل والتوليد هم الرجال. وهذه الظاهرة تجعل المرأة التي يحترف زوجها واحدة من هذه الأعمال تتجنب التفاخر بزوجها أمام النساء الأخريات، وكأن الرجل يجب أن يجيد أعمالاً بعيدة عن أعمال المرأة مثلما أن الزوج لا يروق له أن تمارس زوجته عملاً رجالياً حتى وإن كان دقيقاً مثل التسبيح بالمسبحة مثلاً أو غيره من الأعمال الأخرى الثقيلة كالحمالة وقيادة الشاحنات والعجلات الضخمة بل وحتى ركوب الخيل. وأما إذا داعبت الزوجة الأطفال فذلك أمر يدل على عمق عطفها وهو أمر محمود وجدير بالثناء. وعلى هذا الأساس فإن المرأة تفهم الرجولة في ضوء مقدرة الرجل على التمييز بين ما هو رجولي وما هو أنثوي. والرجل يفهم الأنوثة في ضوء اختلاف صفات وسجايا المرأة عن الرجل.
الاسلام لا يجيز للمرأة أن تطلب من زوجها ما لا طاقة له على توفيره لها. ولكن يجب على المرأة أن تطلب من الرجل بين الحين والآخر شيئاً في حدود طاقاته وإمكاناته. لأن مثل هذا الأمر يعد كأسلوب لإيجاد الألفة والمحبة ويؤدي إلى توطيد أواصر الرحمة. وفضلاً عن ذلك فإن شعور الرجل بحاجة المرأة إليه يرضي طموحه ويرى فيه نوعاً من الاعتبار لشخصه ولاهتمام المرأة به. ونستنتج في ضوء ما مرّ أعلاه أن المرأة الذكية تعرف كيف ومتى تطلب من الرجل بعض المال لنفقاتها الخاصة.