عربي
Wednesday 24th of July 2024
0
نفر 0

استمرار حكومة العلويين في طبرستان .

التشيع في القرن الرابع .

استمرار حكومة العلويين في طبرستان .

خـبت جذوة الحركة الشيعية ردحا من الزمن بعد استشهاد محمد بن زيد في اشتباكه مع السامانيين , الـى ان قـام الـناصر الكبير المعروف بالاطروش بدعوة اهالي جيلان و الديلم سنة 287 هـ ((و اجتمع حوله قرابة الف الف رجل منهم ((1075)) )) على حد تعبيرالمرعشي و انهزم في مواجهة حدثت بينه و بين خصومه , ثم انتصر في مواجهة اخرى ومع هذا, عاد الى جيلان و ظلت طبرستان خـاضـعة للحكم الساماني ((و انهمك الشخص المذكور في طلب العلم بجيلان ((1076)) )) على امـتـداد اربع عشرة سنة , حتى جاالى طبرستان مع الديلميين , و طرد الوالي الساماني منها و احكم قـبضته على هذه المنطقة باسرها, فسا ذلك احمد بن اسماعيل الساماني و عزم على قمعه و تحرك عـلـى راس جـيـش قـوامـه اربـعـون الـفـا, لـكـنـه قتل في الطريق على يد احد غلمانه , فظلت حكومة طبرستان قائمة بيد العلويين .
و يـبـدو من الضروري هنا ذكر عدد من الملاحظات : الاولى : كانت الحكومة الشيعية العلوية في طـبـرسـتان بمجملها حكومة عادلة للغاية و بغض النظر عن بعض الفترات المتقطعة التي اسا فيها بعض الحكام الى الناس , بيد ان اشخاصا مثل الحسن بن زيد,و اخيه محمد, و الناصر الكبير كانوا من الـعلما الابرار, و في الوقت نفسه كانواعدولاو تحدثنا سابقا عن الحسن بن زيد و نشير فيما ياتي الى ناصر الاطروش .
قال ابن خلدون عنه : ((و كان الاطروش عادلا حسن السيرة لم ير مثله في ايامه
((1077)) )) و قال المرعشي : ((كان يعامل الناس بالعدل والانصاف , و يعفو عن السيئات )) ((1078)) .
و قـال كـاتـب آخـر مـشيرا الى الحكومة الزيدية العادلة في طبرستان : ((اثنى عليهاالمؤرخون المنصفون
((1079)) )).
و كـتـب مـؤرخ روسي قائلا: ((تذكر مصادرنا ا نها لم تشهد حاكما عادلا كحسن الاطروش في طبرستان و جيلان
((1080)) )) والطريف ان النماذج الاخرى للحكومة العلوية تماثل ما ذكرناه .
و قال المقدسي : ((والعلوية على ((صعدة )), و هم اعدل الناس
((1081)) )).
و قال عن حكومة القرامطة
((1082)) التي واجهت اكثر الطعون والشتائم من المؤرخين ـ و نحن لا نـبـغـي الـدفـاع عـنـهـا طـبـعـا : ((الاحـسـا مـستقر القرامطة من آل ابي سعيد ثم نظر و عـدل ((1083)) )) و قـال ابـن العماد الحنبلي في المعز لدين اللّه الفاطمي بمصر: ((كان مظهرا لـلـتـشـيـع , مـعـظـمـا لـحـرمـات الاسـلام حـلـيـمـا و قورا, حازما سريا, يرجع الى عدل و انصاف ((1084)) )).
و قـيـل فـي الـقـاضـي الـفـاطـمـي نـعـمـان : انـه تـمـتع بالرئاسة العظمى التي كان اهلا لها, لاقامته الحق
((1085)) .
و جا ان شيعة طبرستان , و جيلان كانوا على المذهب الزيدي .
و قـال الـقاضي نوراللّه : ((كان اهالي جيلان على المذهب الزيدي الجارودي منذ زمن ناصر الحق الـذي سـبب اسلامهم , حتى ظهور الملك المغفور له صاحبقران ثم اعتنق سلاطينهم مع اكثر اهالي لاهـيـجـان مذهب الامامية الناجية
((1086)) )) و ذكرنا سابقاادلة على زيدية الحسن بن زيد او امـاميته و يبدو ان التشيع الامامي كان موجودا في الديلم منذ البداية ((1087)) و لكنا نرى ان هذا الـمـوضوع لا يزال جديرا بالبحث والدراسة اذ لا نستطيع ان نعتبر هؤلا الاشخاص زيديين مائة بـالـمـائة تـعـويلا على انتشار المذهب الزيدي في تلك المنطقة و في الوقت نفسه , نلحظ ان اكثر الاحتمالات المذكورة تذهب الى زيديتهم و ننقل فيما ياتي ما قيل عن عقيدة الناصر الكبير فقد جافي غاية الاختصار ما نصه : ((ابو محمد الناصر الكبير امام الزيدية احد ائمتهاالكبار ((1088)) )).
والـدلـيـل الاخـر هـنـا هـو ان ابـن الـنـاصر الكبير كان امامي المذهب و عاتب اباه بسبب مذهبه الزيدي
((1089)) و قال ابن خلدون ايضا: ((كان الاطروش زيدي المذهب , وجميع الذين اسلموا على يده كلهم على مذهب الشيعة ((1090)) )).
و نـص القزويني في مدوناته على زيدية الدعاة الثلاثة : الحسن , و محمد, والناصرالكبير, و ذلك اعتمادا على كلام ابن خلدون
((1091)) و لو فرضنا ان الناصر الكبير,كان زيديا, فان الذي يلوح لنا هو وجود الاختلافات بين افكاره و افكار القاسم بن ابراهيم الذي كان قد جمع الزيدية حوله في شمال ايران و لذلك نقل ان فرقتين من الزيدية قد ظهرتا : الاولى : الناصرية , و الاخرى : القاسمية و عندما استولى الزيدية على اليمن سنة 284 ه ق , فانهم انتهجوا خط القاسمية ((1092)) .
و عـلـى عكس هذا الراي , نرى ان المرحوم الميرزا عبداللّه الافندي ذكر عددا من الادلة لاثبات امـامـية الناصر بخاصة , اذا نظرنا الى كتاب نقل عنه , وهو بعنوان : ((انساب الائمة ومواليدهم ـ عـلـيـهم السلام ـ الى صاحب الامر)) و هذا ما يدعم القول باماميته ثم نقل عن الشيخ البهائي قوله : ((ان المحققين من علمائنا يعتقدون ان ناصر الحق تابع في دينه للامام جعفر الصادق ـ عليه السلام ـ كـمـا يـظـهـر من تاليفاته و انه لما كان يدعوالفرق المختلفة في المذاهب الى نصرته , اظهر بعض الامـور الـتـي تـوجب ائتلاف القلوب ))و واصل الشيخ البهائي كلامه فذكر استدلال ناصر الحق لاثبات وجود الامام المهدي ـعليه السلام
((1093)) .
و يـرى المرحوم الخوانساري ايضا ان الاطروش كان اماميا والدليل الاخر على هذاالموضوع انه رافق الامام العسكري ـ عليه السلام ـ مدة طويلة , كما نقل ذلك ابن اسفنديار
((1094)) .
و تـطـرقـت اكـثـر المصادر الى جهوده في اسلام عدد كبير من الديلميين و ليس الناصرالكبير فحسب , بل هذا هو داب غيره من الدعاة ايضا و افضل عطا قدمته الحركة العلوية , بعامة , هو انتشار الاسلام في هذه المنطقة .
يـقـول ابن خلدون : اقام فيهم (اهل طبرستان ) ثلاث عشرة سنة , يدعوهم الى الاسلام ))و يضيف قائلا : فاسلم على يديه خلق كثير و بنى لهم المساجد
((1095)) .
و يـقـول ابـن عـنبة : ((اقام في الناس اربع عشرة سنة يدعوهم الى الاسلام و اسلم على يده خلق كثير
((1096)) و اثنى المسعودي ايضا على وعي الاطروش و فهمه مشيرا الى رجوع الناس من المجوسية الى الاسلام بسببه ((1097)) .
يـبـدو ان اكـثـر نـفوذ العلويين كان في الديلم , و جيلان و ان العدد الكبير من الناس الذين تشيعوا بـواسـطـتـهم كانوا من اهالي تلك المنطقتين و في الوقت نفسه كان لحركتهم في المناطق الاخرى كطبرستان والري تاثير بالغ ايضا و كانت الطالقان الواقعة بين قزوين و ابهر, و كذلك قزوين نفسها (حيث يسكن الشيعة فيها ـ عادة ـ بشكل محدود((75))) من المدن التي تاثرت بتشيع طبرستان و مع هذا كان السنة موجودين في بعض مدن طبرستان كجرجان , و ساري , و آمل قبل قدوم العلويين الـيـها,كما كان الشيعة فيها ايضا و تحدث المقدسي عن المذاهب الاسلامية في فومن , وجرجان , و قـسم من طبرستان خلال القرن الرابع , و ذكر المذهب الحنفي , والحنبلي ,والشافعي , و النجارية , والـكرامية و واصل كلامه قائلا: ((و للشيعة بجرجان و طبرستان جلبة
((1099)) )) و قال في مـوضـع آخر من كتابه : ((و نواحي الديلم شيعة , و اكثرالجبل سنة ((1100)) )) و يعود وجود المذهب السني في تلك المناطق الى تغلغل السامانيين فيها غالبا خلال السنين الاخيرة من القرن الثالث و كانوا متشددين في تسننهم للغاية ((1101)) فلابد ان يكون مجيئهم الى طبرستان باعثا على اتساع نـطـاق المذهب السني فيها لذلك قال احد الكتاب في هذا المجال : ((عندما استولى اسماعيل الساماني على طبرستان اعاد المذهب السني اليها ((1102)) )) و اشار المقدسي ايضاالى الصراع القائم بين الشيعة المتطرفين و السنة السامانيين آنذاك ((1103)) .
و اسـتمرت حكومة العلويين مدة بعد ظهور ناصرالحق سنة 301 ه و لما حانت سنة304 ه توفي نـاصـرالـحـق فانتقلت الحكومة الى ابن عمه الحسن بن القاسم و بعد مضي فترة على حكومته نشب صـراع بينه و بين ابنا الاطروش , و كان ذلك بمشاركة حكام الديلم
((1104)) والحسن بن القاسم كما قال ابن اسفنديار ((سيد حسن السيرة ,عادل , عالم لم يرالناس في طبرستان امنا و رخا و عدلا كـمـا راوا فـي عـهـده و كان افضل من السادة الاخرين كفاة و سياسة ((1105)) )) و انتهت تلك الـصراعات بسيطرة آل زيار على مقاليد الامور في هذه المنطقة بيد ان العلويين احتفظوا بنفوذهم فـيـهـا و نـقـل احـد الـكـتاب ان المصادر التاريخية تتحدث مرارا عن احفاد الاطروش بوصفهم حـكـام المنطقة في عصر البويهيين و آل زيار ((1106)) و نص المقدسي على ان الجيل لم يطيعوا احدا الا ابنا الداعي الاول والثاني , الذين ينحدرون من ((صعدة ((1107)) )).
و نقل ابن خلدون عن بعض الكتب التاريخية المتاخرة ان الحسن بن القاسم (الداعي الصغير) عندما بـويـع بـعـد مـوت نـاصر الاطروش , ادعى جعفر بن الناصر بالحكومة , لكنه لحق بدماوند بعد ان تـوطـدت اركـان حـكومة الداعي الصغير في طبرستان و قبض عليه هناك و اشخص الى علي بن وهـشـودان ملك الديلم , فحبسه و بعد مدة اطلق فملك طبرستان (كان الداعي الصغير يومئذ حاكما عـلـى الري , و قزوين ) و لما ظهر ما كان بن كالي , بايع الداعي الصغير, ثم اصطدم بنائب جعفر بن الاطروش , وهو الحسن بن احمد بن الاطروش , و حبسه بجرجان عند اخيه ابي علي ليقتله , فقتله الـحـسـن ونـجـاو بايعه القواد بجرجان ثم حاربه ما كان فانهزم الحسن الى آمد و مات بها و بويع بـعـده اخـوه مـحمد بن احمد بن الاطروش , فتغلب على اسفار بن شيرويه في ساري و عندماغلب مـرداويـح عـلى الري , ثم على طبرستان , بايع محمدا هذا و لما مات , خلفه اخوه الثائر و في سنة 336 هــ اشـتـبـك الثائر مع ركن الدولة البويهي , و هزم , ففر الى جبال الديلم و كان ملوك الديلم يـخـطـبـون له حتى سنة 355 ه و بعد موته بويع احد العلويين و اسمه الحسين بن جعفر الملقب بالناصر لكنه لم يستمر و انقرض ملك الفاطميين في جبال الشمال
((1108)) .
بيد ان مانقله المرعشي يختلف عما تقدم فهو يقول : ((عند ما مات ابو الحسين بن الناصر الكبير, بايع الـناس ولده ابا علي محمدا و هو الذي طعن علي بن حسين كاكي بعد ان قبض الاخير عليه ثم حكم جـرجان ثانية و بعد وفاته , بويع اخوه ابو جعفر بن ابي الحسين و قتل ابو جعفر على يد ما كان بن كاكي ثم بايع ما كان ابن عم ابي جعفر, وهو اسماعيل بن ابي القاسم بن الناصر الكبير, لكنه سم من قبل ام ابي جعفر و مات وقال المرعشي : فغضب السادات بعد ذلك و كانوا يخرجون في كل مدة لكن خـروجـهـم لـيـس لـه وقـع كـبـيـر الـى ان نـهـض الـثائر باللّه مع ابن اخ الناصر الكبير سنة 350هـ
((1109)) و بعد ان هزم الجيش البويهي , توجه تلقا جيلان , ثم سيطر عليه غلامه عمير, و خذله الناس , و انتهى امره )) و قال المرعشي ايضا: ((و لم يخرج علوي آخر حتى عصر السيد قوام الدين الحسيني ((1110)) )).
و قصد العلويون منطقة طبرستان , والديلم ـ كما مر بنا ـ لانهم جربوهما خلال تلك المدة الطويلة , فـوجـدوهـمـا افـضل مامن لهم , كما لقوا فيهما الاكرام من لدن الولاة والحكام
((1111)) و كانوا يـحـظـون بـالاحترام المستمر, و ظلوا اوجه شريحة في المجتمع الشمالي في ايران , مع انتشار التشيع بين الناس .
يـقـول الـقـاضـي نوراللّه في طبرستان : (( و كان اكثر اهالي طبرستان شيعة و لم يكن في بعض مـناطقها, كمل , سني قط
((1112)) )) لكن هذا الراي يبدو مستبعدا بخاصة , ان الطبري المعروف كـان آمليا سنيا الى آمل مبهم غامض , اذ يندر جدا ان يكون شخص آملي سنيا ((1113)) )).
المناطق الشيعية في القرن الرابع .
الـمـعـنـا سابقا الى بعض المراكز الشيعية في القرن الثالث و كانت قم احد هذه المراكزالتي نص الـجـغـرافيون في القرن الرابع على تشيعها
((1114)) و من الواضح ان اشارة هؤلا الجغرافيين ـ الـذيـن كـان بعضهم سنيا متعصبا ـ يمكن ان تكون معلما ـ في الاقل ـعلى الاكثرية الشيعية في هذه المدينة (ان لم نقل على تشيع اهلها جميعهم ) و لعل مدناكثيرة كان الشيعة يسكنون في نقاط منها.
يـقول الاصطخري في منطقة من مناطق فارس تدعى خرة : ((اهل خرة هم شيعة
((1115)) ))و يـرى ان هـذه الـمـنطقة هي من مناطق سابور ((1116)) و جملة القول , ان محافظة فارس تعد من الـمـراكـز الرئيسة للشيعة بسبب وجود الحكومة البويهية فيها و لا يمكننا ان نحسب التشيع كله مقصورا على خرة او فيروزآباد يضاف الى ذلك , ان الارضية كانت موجودة في هذه المنطقة من قبل و لـعل مرقد السيد احمدبن الامام موسى الكاظم في شيراز آية بارزة على تغلغل الفكر الشيعي في هـذه الـمـديـنة التي كانت احدى الحواضر الاسلامية ((1117)) و تمصرت شيراز بعد الاسلام يقول المقدسي في مناطق فارس : ((المعتزلة والشيعة بلارجان و ساحل البحركثير ((1118)) )).
و مـن الـمـنـاطـق الـشـيـعـيـة فـي ايـران خـلال الـقـرن الرابع , ارجا من محافظة كرمان و يـعـرض الاصـطـخـري مناطق الشيعة في هذه العبارة : ((والغالب على اهل الرودبار و قوهستان ابي غانم والبلوص والمنوجان , التشيع
((1119)) )).
و ذكر معجم البلدان بعض المراكز التي تعرف برودبار في ايران , والعراق , و لم يشر الى منطقة فـي كـرمـان بـهـذا الاسـم بيد ان الذي نستخلصه من كلام الاصطخري هو ان البحريحد الجبال المعروفة بقفص من الجنوب و تقع جيرفت , و رودبار, و قوهستان ابي غانم في شمالها اما البلوص , و مـنوجان فهي في الطرف الغربي من هذه الجبال (و هي المناطق الكائنة بين فارس , و كرمان على حد تعبير الحموي ((97))).
و جـا فـي حـدود العالم حول الموقع الجغرافي لهذه المنطقة : ((تقع بين جيرفت ,و منوجان ارض جـبـلـية عامرة , و نعمتها وافرة و هي تعرف بقوهستان ابي غانم و في غربها قرية تسمى رودبار
((1121)) )).
و من الواضح ان المنطقة الشيعية في محافظة كرمان منطقة متصلة و فسيحة و اشارالمقدسي الذي كـان يـعيش في القرن الرابع الى المناطق الشيعية ايضا, قائلا : و الغالب على رودبار, و قوهستان , والبلوص , والمنوجان التشيع
((1122)) )).
و قال المقدسي عن المذاهب الموجودة في خوزستان : ((و مذاهبهم مختلفة اكثر الاقليم معتزلة , اما العسكر فكلهم و اكثر اهل الاهواز, و رام هرمز, والدورق , و بعض اهل جنديسابور و اما السوس و اجنادها, فحنابلة و نصف الاهواز شيعة
((1123)) )).
و يـسـمى الشيعة في هذه المنطقة : المروشيين او الروسيين , كما في خبرالمقدسي و تعطي معنى الـعنا والاعانة و لعل الشيعة عرفوا بهذا اللقب هناك لان مذهبهم هو مذهب الشريحة المضطهدة امام الـمذهب السني السائد الحروب بينهما
((1124)) )).

و ((1125)) و مـن الـمدن الاخرى التي يكثر فيها الشيعة ايرانشهر في الشمال الشرقي من ايران كـانـت نـيـسـابـور مـن مدن خراسان التي عاشت العصبيات بين الشيعة والكرامية على حد تعبير الـمـقـدسـي ((1126)) و ذكـر هـذا الـشخص اجمالا ان اولادعلي على غاية الرفعة عند اهل خـراسـان ((1127)) و كـان اهل الرقة شيعة , كما عبرعنهم ((1128)) و الرقة احدى مناطق خراسان و هذه هي غير الرقة الكائنة في العراق , و تحدث عنها الحموي و نقل عنها ايضا ان قافلة الحج عندما و صلت من خراسان , كان اهل الرقة يبحثون عن كتاب لفقيه امامي , و هو المتمسك بحبل آل الرسول لابن عقيل ((1129)) , و هذا معلم على وجود ممتد نسبيا للتشيع هناك و جملة القول ان الـتـشـيـع في خراسان خلال القرن الرابع تعرض الى محن مختلفة و هو ما ذكره الخوارزمي في رسـالته المعروفة الى شيعة نيسابور بيد انه لا يعني عدم انتشار التشيع في تلك الديار و في الوقت نـفـسه , لا نتفق مع ايوانوف اذ ذهب الى ان التشيع في خراسان و آسية المركزية كان منتشرا ابان الـقـرن الـرابـع , ان مـدن بـلـخ , و سـمرقند, و مرو,و سائر المدن كانت من المراكز الرئيسة للتشيع ((1130)) و نرى ذلك مبالغة و اغراقا.
و يدل الفهرس الذي عرضه المقدسي عن الحواضر الشيعية في الوطن الاسلامي خلال القرن الرابع على ان هذا القرن كان قرن انتشار التشيع .
و نـنقل فيما ياتي عبارات مقتضبة من كتابه في هذا الحقل جا في موضع منه : ((اكثرقضاة اليمن , و مـكـة , و صـحـار مـعـتـزلـة و شيعة
((1131)) )) ((و كان التشيع في الجزيرة العربية واسعا جـدا ((1132)) )) و ورد فـي اهل البصرة : و اكثر اهل البصرة قدرية , وشيعة , و معتزلة , ثم حـنـابـلـة ((1133)) و بـالـكـوفـة الـشـيـعـة الا الكناسة ((1134)) وبالموصل ايضا جلبة للشيعة ((1135)) و اهل نابلس , و القدس , و اكثر عمان شيعة ((1136)) والناس في اعلى قصبة الـفسطاط, و اهل صندفا شيعة ((1137)) و اهل الملتان في ارض السند شيعة ((1138)) يثنون فـي الاذان والاقـامـة ((1139)) و لعل الشيعة في هذه المدينة هم من الاسماعيلية الذين حاربهم السلطان محمود,لكنهم بقوا بعده مدة مديدة .
تدل هذه العبارات على امتداد التيارات الشيعية في ارجا الوطن الاسلامي ابان القرن الرابع الهجري .
و جا في شعر لابن سكرة ان شيعة قم , و قاشان , و الكرج كانوا يظهرون في الاعيادبثياب بيضا و قلوب سودا
((1140)) .
و مـن الـواضـح ان الـمذهب الشيعي انتشر في انحا مختلفة من الشرق و الغرب خلال هذا القرن و طـبيعيا لم تكن هناك حكومة خاصة يديرها الشيعة الامامية و لكن ظهرت الافكار الامامية , و كذلك الاسـمـاعيلية , و الزيدية في اكناف العالم الاسلامي من خلال الحكومات التي شكلها الاسماعيليون , والـزيـديـون يـقـول الـمقريزي مشيرا االى الحكومة البويهية , و الفاطمية : ((فانتشرت مذاهب الـرافضة في بلاد المغرب , و مصر, و الشام ,و ديار بكر, و الكوفة , و البصرة , و بغداد, و جميع الـعـراق , و بلاد خراسان و ماوراالنهر, مع بلاد الحجاز, و اليمن , والبحرين و كانت بينهم و بين اهل السنة من الفتن والحروب و المقاتل ما لا يمكن حصره
((1141)) )).
ان الـحـواضـر الـتي ذكرت في هذا القسم بوصفها حواضر شيعية , هي الحواضر التي كان الشيعة يؤلفون اكثرية السكان فيها و كان الشيعة يسكنون بنسبة كبيرة ايضا في كثير من الامصار الاخرى , بـما فيها الامصار المشهورة بنزعتها السنية كقزوين و من هؤلا الشيعة آل جعفر, و هم من سلالة جـعـفر بن ابي طالب , و كثير منهم كانوا في عداد علماالشيعة , و ان كان بعضهم يفتي على المذهب الحنفي تقية لكنهم كانوا يعدون من فقهاالامامية غالبا اعتبارا من القرن الرابع فصاعدا
((1142)) .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

واقع ﺍﻏﺘﻴﺎﻝ ﻋﺎﺋﺸﺔ
خالد بن ولید يقتل الصحابي مالك بن نويرة طمعاً في ...
الغلاة في نظر الإمامية
قبول الخلافة
تأملات وعبر من حياة يوسف (ع) - ج 2
أقوال علماء السنة في المذهب الشيعي
الثورة الحسينية اسبابها ومخططاتها القسم الاول
الكمالات المحمدية تصنيف مبتكر في الإعجاز الخلقي
صور التقية في كتب العامة
غزوة بدر تكسر شوكة الكفر والشرك

 
user comment