عربي
Wednesday 24th of July 2024
0
نفر 0

حركة الاسماعيلية في ايران خلال القرن الخامس .

حركة الاسماعيلية في ايران خلال القرن الخامس .

عـرفـت الدعايات الاسماعيلية بجاذبية خاصة , اذ كان بمقدورها ان تستقطب الانسان المتصلب في مـذهبه السني , او حتى المنتمي الى فرق اهل الحديث و تجعله في صفوف الاسماعيلية والباطنية و لـيـس اعتباطا ان نلاحظ تغلغل العقائد الاسماعيلية على صعيدواسع في المراكز التي كان للمذهب السني اليد الطولى فيها, كساوه , و اصفهان , و قزوين ,و غيرها, و ذلك في اواخر القرن الخامس و اوائل القرن السادس و كانت خراسان من اهم مراكز الاسماعيلية , اذ ان بعدها عن بغداد جعلها مكانا مـنـاسبا للباطنية بيد ان عقبات كثيرة قد ظهرت في طريق دعاتهم , اذ جوبهوا بمعارضة شديدة من قبل السامانيين , و بعدهم الغزنويين , ثم السلاجقة في نهاية المطاف .
و هؤلا جميعا ظهروا في بلاد ماوراالنهر والمناطق الجنوبية منها و على الرغم من هذه المعارضة الـشـديـدة , فـان الاسماعيليين قد ارصدوا لانفسهم في هذه المنطقة ,و واصلوا حركتهم في القرن الرابع و نلمس نشاطاتهم المكثفة ايضا في هذه المنطقة و مناطق اخرى غيرها خلال القرن الخامس و نحاول هنا ان نعرض المعلومات المتفرقة حول نشاطاتهم بشكل منظم :.
لـقد لاحظتم فيما تقدم ان السلطة الحقيقية في خراسان كانت بيد الغزنويين في اواخر القرن الرابع و اوائل الـقرن الخامس و هم من اكثر الحكام تشددا ضد الباطنية و الشيعة الاثني عشرية في هذه المنطقة لكننا نشاهد ايضا ان الاسماعيليين لم يتركوانشاطاتهم .
يقول المستوفي : جا رجل تاهرتي
((1363)) من مصر مبعوثا من قبل الحاكم الفاطمي الى السلطان مـحمود, و هو يحمل اليه رسالة و اظهر هذا الرجل الدعوة الباطنية في ايران و استجاب لدعوته عـدد كـبـيـر مـن الناس , و بلغ عمله ذروته , فاحضره السلطان وداراه (و الزمه الحجة بادلة و براهين عقلية و نقلية ) و اطفا نار تلك الفتنة بحنكته وتدبيره ((1364)) )) و نقل العتبي معلومات مفصلة عن هذه الحركة , و قال : ((بلغ السلطان محمودا ان جماعة قد ظهرت و هي مرتبطة بحاكم مـصـر ظاهر دعوتها الرفض , و باطنهاكفر محض )) (فامر السلطان ) بجلب افرادها جميعا الى البلاط حيثما كانوا و لما جلبوا,ربطوهم على الاشجار, و رجموهم في غضون ذلك , قام رجل من اهـل العراق , ينتسب الى الدوحة العلوية , فاعرب عن عزمه على الذهاب الى السلطان محمود حاملا الـيـه رسـالة من حاكم مصر و اخيرا افتي بهدر دم الرجل التاهرتي الذي كان قد ادعى ا نه يحمل رسالة الحاكم المذكور, فقتلوه ((1365)) )).
و جا في مصدر آخر ايضا ((ان سبكتكين قد قطع دابر فساد الباطنية في خراسان
((1366)) ))و سـبكتكين هذا هو والد محمود الغزنوي الذي كان من غلمان الب تكين ـ احد امرا الدولة السامانية ـ ثـم انـفـصـل عـنـهم و بعد مضي فترة على وفاته , اصبح سبكتكين اميرا و بذلك تاسست الحكومة الغزنوية .

و في الفترة الاخيرة من الحكم الساماني , اتهم عبدالملك بن نوح وزيره ابا منصورمحمد بن عزيز, و كـذلـك قـائد جيشه ابا سعيد بكر بن مالك الفرغاني بالقرمطية ,و قتلهما ((1367)) و لعل هذه الـتـهـمـة كانت ذريعة لقتلهما و مصادرة اموالهما (هذاالعمل كان مالوفا عند الغزنويين ) و لكننا لا نستبعد ان الاسماعيليين تغلغلوا ((مرة اخرى ))في صفوف السامانيين الى هذه الدرجة .
و نـقـل مـنهاج سراج معلومات عن وجود القرامطة في هذا العصر, ننقلها فيما ياتي نصا: ((و ظهر اعيان القرامطة والملاحدة في بلاد الطالقان ايام نوح بن منصور و استجاب لهم حشد غفير من الناس و اخضعهم الامير سبكتكين لسلطته ,و شن الحرب عليهم و لقب ناصرالدين )) و واصل عمله فهزم جـيـش ابـي عـلـي سيمجور ذلك الجيش الذي ((كان اكثر اعيان و وجها الولايات فيه قد انتموا الى القرامطة و اقروا بدعوتهم
((1368)) )) و اشار حسن بن الصباح ايضا في ترجمته الى الميول الاسـمـاعـيـلية لسيمجور ((1369)) و كان طبيعيا ان يتخذ السلطان محمود نجل سبكتكين هذا الموقف نفسه حتى انه عندما كان مشغولا في اعماله العسكرية بالهند,قاتل الاسماعيليين الذين كانوا في مولتان مع ا نهم قد تمردوا مرة اخرى في عهده ,و استمروا قرنين من الزمان ((1370)) يقول الـعـتـبي : ((كان ابوالفتح لودى والي مولتان (بين قندهار و لاهور) معروفا بخبث النحلة , و فساد الطوية , و رجس الاعتقاد, و قبح الالحادفبلغ خبره السلطان محمود, فانهضته الحمية على الاسلام والغيرة على الدين الى دفع ضرره , و اجتثاث معرته ((1371)) )).
و هذه الخلفية ادت فيما بعد الى مضاعفة تشددهم على الاسماعيلية و ان العقائد التي كانوا يتمسكون بـها معروفة بمناواتها للشيعة تماما و قد اعلنوا دعمهم لفرقة الكرامية التي عدت من فرق المشبهة , و كانت تمثل خطا في مقابل اهل ((العدل والتوحيد (المعتزلة و الشيعة ((349))))) كما ان الفقه الـذي كـان يحظى بدعمهم هو الفقه الحنفي فحسب وعندما مات محمود, فان الاسماعيلية و سائر الـفـرق الـشيعية قد ابتهجت و اغتبطت و لذلك قال فرخي في رثائه و تعريبه : آه , فالان قد ابتهج القرامطة , و امنوا على ارواحهم من وطاة التشريد و الاعدام
((1373)) .
و كـان للاسماعيلية انفسهم نفوذ عميق في بلاد ماورا النهر و سنلاحظ ا نهم قد تعرضوا للقمع و الابادة في هذه المنطقة مرات كثيرة كما كانوا من قبل يعيشون تحت ضغوط مستمرة .
و عـنـدما افرط محمود في قمعه للاسماعيلية , فان الحاكم الفاطمي في مصر الظاهرلاعزاز دين اللّه بعث اليه رسالة مع خلع كثيرة و قد بادر الحاكم المذكور الى هذا العمل ليخفف ضغوط محمود على الاسماعيليين و لعله يستميله اليه بيد ان ما قام به لا يمكن ان ينسجم مع توجهات محمود الدينية كـما ا نه مرفوض من الوجهة السياسية ذلك ان بعدغزنة عن القاهرة اضعاف بعدها عن العراق و ان حـدوث تقارب سياسي امر متعذر لذلك ارسل محمود تلك الخلع الى الحاكم العباسي القادر , و قال : ((انا الخادم الذي ارى الطاعة فرضا و ارسلت هذه الخلع لترسم فيها ما ترى )) ثم تم احراق الخلع عـلـى بـاب الـنـوبـي , فـخرجت منها سلع كثيرة وزعت على بني هاشم
((1374)) و قام محمود بـهـذاالـعـمـل مـن اجـل دفـع الـتـهـمـة عـن نـفسه , لان المنطقة الشرقية من ايران التي كانت مـحفلاللاسماعيلية يومئذ, ذات ارضية مساعدة على اتهام حكامها او امرائها بمثل هذه النزعة ,كما حـدث ذلـك لسيمجور و انما اخذ محمود هذه النقطة بعين الاعتبار فتصرف كماتقدم و كان يحاول دائمـا ان يدفع هذه التهمة و يحصل على دعم الحكام العباسيين و لذلك عندما توجه التاهرتي مبعوث الـحاكم الفاطمي الى غزنة , امر بارجاعه الى نيسابور لئلا((تتلوث اذيال طهارته بغبار هذه التهمة الـعتبي ((1375)) وهذا يدل على ان اعداه و خصومه لصقوا به مثل هذه التهم , فكان يتشدد كثيرا لاثبات نزاهته و براته منها.
و وردت اليه تعليمات من العاصمة العباسية في السنين الاولى من القرن الخامس تامره بقتل المعتزلة , والـرافـضـة , و الاسـمـاعـيـلـيـة , والـقـرامطة , والجهمية , والمشبهة او ابعادهم و لعنهم على الـمنابر
((1376)) و هو الذي كان يتطلع دائما الى الالقاب و الخلع المهداة من العاصمة العباسية , لـذلـك كان يبذل قصارى جهده في هذا المجال , املا في دعم موقعه المعنوي والسياسي و نلحظ ان القادر العباسي ارسل اليه خلعة نفيسة و ثمينة لم يحظ بها احد من الملوك و السلاطين )).
و كان بغراخان احد ملوك ماورا النهر قد شغله الاسماعيليون ايضا و في ضؤ ما نقله ابن الاثير عن حـوادث سـنة 436 ه , فان بغراخان قد اوقع بجمع كثير من الاسماعيلية ,و ذلك ان خلقا منهم قد جاؤوا الى ماوراالنهر, و دعوا الى طاعة المستنصر باللّه العلوي ,فتبعهم جمع كثير و عندما سمع بغراخان بخبرهم , خاف في البداية ان يسلم منه بعض من اجابهم من اهل تلك البلاد (لان الاسماعيلية كـانـوا يمارسون نشاطهم بشكل تنظيم قوي وسري ((354)))فاظهر لبعضهم ا نه يميل اليهم و يريد الدخول في مذهبهم و تعرف عليهم و على مجالسهم جيدا, ثم امر بقتلهم و كتب الى سائر البلاد بقتل من فيها منهم ,ففعل بهم ما امر و سلمت البلاد منهم
((1378)) .
و على الرغم من قول الخواجه : ((ان اي مجوسي , او يهودي , او نصراني , او رافضي لم يجرا على الـظـهـور فـي الساحة السياسية او المجي عند احد الكبار المتنفذين في ايام محمود, و مسعود, و طـغرل , و الب ارسلان
((1379)) )), فان الحركة الاسماعيلية كانت قد امتدت في اواخر القرن الرابع و اوائل القرن الخامس و اصبحت تشكل خطرا رئيساعلى الحكومة العباسية لاسباب متنوعة و نـقـرا ان الحاكم العباسي المطيع الذي كان العوبة بيد البويهيين يطلب من بختيار نجل معزالدولة ((ان يخمد فتنة القرامطة التي انتشرت في آفاق البلاد و قال له : ينبغي القضا على هؤلا القوم )) و كـان ذلك في اواسط القرن الرابع بيد ان بختيار لم يلق لكلامه بالا مما ادى الى حدوث شقاق بينهما, انتهى بتنصيب بختيارالطائع مكان المطيع ((1380)) )).
بـعد ذلك , كان الفاطميون في مصر يكرون على شتى المناطق و يحكمون قبضتهم عليها باستمرار و نلحظ ان كثيرا من حكام الاطراف يخطبون باسمهم حتى ان العباسيين لم يتمكنوا من المحافظة على سلطتهم الا بمؤازرة البويهيين , ثم السلاجقة من بعدهم و اصبحت حكومتهم منذ اواسط القرن الثاني الـعـوبـة بـيـد الحكام الذين كانوايسيطرون على مختلف الامصار و كان العراق العربي وحده بيد الـعـبـاسـيـيـن حـتـى ظـهورالبويهيين و لكنه ايضا سقط بايديهم و ايدي غيرهم من الحكام فيما بعد
((1381)) .
و فـي المقابل , نجد الفاطميين الذين تاسست حكومتهم اول الامر في المغرب (مراكش ) من قبل ابي عـبـداللّه الـشيعي في اواخر القرن الثالث , قد سيطروا على مصر في القرن الرابع ايضا و تمتعوا بقدرة عظيمة على امتداد القرن الرابع والخامس بخاصة , ان حوزتهم السياسية كانت تتوطد يوما بعد يوم بسبب جهودهم الاعلامية في بث الدعوة الباطنية و ان كثيرا من الذين قويت شوكتهم في مختلف الارجـا, كـانوا اما قد تلقواتعليماتهم الدينية في مصر (كناصرخسرو, و الحسن بن الصباح , و ابي حمزة الاسكاف ((359))), او تاثروا برسل الفاطميين في الحواضر المتنوعة .
و اسـتـطاع الفاطميون ان يسيطروا على قسم مهم من المناطق الاسلامية في القرن الرابع و بلغت قـدرتهم المالية حدا ا نهم بعثوا الى الحاكم العباسي مالا ليصلح به نهرا في الكوفة
((1383)) و لا جرم ان هذا العمل يعد جهدا اعلاميا.
يقول ابن خلدون : ((و في اول المائة الخامسة خطب قرواش بن المقلد امير بني عقيل لصاحب مصر الـحـاكم العلوي في جميع اعماله و هي : الموصل , والانبار, والمدائن ,والكوفة فاستعدالخليفة ان يـعـدل حـركـة قرواش من خلال ارسال الاموال الكثيرة و كان ذلك داعيا في كتابة القادر محضرا بالطعن في نسب العلوية بمصر و شهد فيه الشريف الرضي , والشريف المرتضى , و ابن البطحاوي , و ابـن الازرق , والـزكي , و ابو يعلى , و ابن الاكفاني , و ابن الجزري , و ابو العباس الابيوردي , و ابـوحـامد الاسفراييني , و كثيرغيرهم
((1384)) و في سنة 441 ه ايضا, و في سنة 444 ه كـمـا ذهـب ابـن كثير ((1385)) , نشر محضر آخر مماثل لذلك المحضر, و زيد فيه انتسابهم الى المجوس , واليهود.
و اتـخـذ الـقـادر العباسي هذه الخطوة للحؤول دون نفوذ الاسماعيلية و الا كان واضحا ان نسبهم صحيح كما انشد الشريف الرضي شعرا في صحته
((1386)) و ذكر ابن خلدون ايضا ادلة اخرى حول صحة النسب المذكور ((1387)) , ليس هنا موضع بحثها.
و كانت الخطبة في المدينة و مكة باسم العلويين على امتداد القرن الرابع و استمرت فترة طويلة و كانت تدور بين العباسيين والفاطميين تبعا لقوتهما و ضعفهما
((1388)) .
و نـلاحـظ ايـضـا ان محمود بن صالح مرداس الذي سيطر على حلب في منتصف القرن الرابع كان يـخـطـب بـاسم الفاطميين , ثم ترك ذلك بسبب القدرة المتعاظمة لالب ارسلان و لكنه اعاد الخطبة بـاسـمـهم بعد ثلاث سنين
((1389)) و كانت الخطبة في الموصل , و واسط باسم الفاطميين بعد دخـول طـغرل بك الى بغداد ((1390)) و بلغت قدرة الفاطميين حدا ان الخطبة كانت تقرا باسمهم سـنـة كـاملة في بغداد نفسها, و ذلك في عام 450 ه , حتى فر الحاكم العباسي منها ((1391)) و هكذا كان ديدن المناطق الاخرى و نقرا ان امرا كثيرين قد تاثروا بالفاطميين و سلطتهم في القرن الـرابـع , فكانوا يخطبون باسمهم ((1392)) و نلحظ ان بعض الامرا الشيعة ايضا كانوا يخطبون بـاسـم الـعـبـاسـيين كدبيس بن علي , ثم عدل هذا الامير عنهم الى العلويين المصريين بسبب جور الـعـبـاسـيـيـن ضـد الشيعة و مقابر اهل البيت ((1393)) وهكذا استثمر قدرة العلويين لتعديل الحكام العباسيين في اصرارهم على المذهب السني .
و نـقـل لنا التاريخ ان شرف الدولة (ابو) المكارم بن ابي المعالي صاحب الجزيرة و حلب ,الذي كان رافـضـيا قد اتسعت ممالكه , و دانت له العرب حتى طمع في الاستيلا على بغداد (بعد موت طغرل بك ) لكنه قتل بعد مدة في حربه مع سلمان بن قتلمش السلجوقي
((1394)) و يشير المستوفي الى ان الـحـاكـم الفاطمي طلب من بها الدولة ,الذي كان من اكبر السلاطين البويهيين في اواخر القرن الـرابـع , و كذلك طلب من امراالمناطق الخاضعة للسلطة العباسية ان يخطبوا باسمه فوافق بعضهم على ذلك , ثم صدفواعنه بعد مدة ((1395)) .
هـذه التحركات كانت متعذرة في ايران و صحيح ان البويهيين كانوا شيعة , و ان حكامهم المتاخرين كـانـوا لا يـزالون متمسكين بتشيعهم كجلال الدولة الذي كان ياتي لزيارة مشاهد الائمة الطاهرين مـاشـيـا نحو فرسخ
((1396)) , الا ا نهم لم يميلوا الى حكومة الفاطميين الاسماعيليين ذلك انهم كـانوا امامية اثني عشرية من الوجهة العقيدية كما كانوا غير مستعدين للتنازل لهم حفظا لاستقلالهم من الوجهة السياسية .
امـا في شرق ايران , فكان هذا التحرك غير ممكن , لان هذه المنطقة تعتبر مركز التسنن يومئذ بيد ان جهودا كانت ملموسة في هذا المجال و مارس الاسماعيليون نشاطهم في ايران كما مر بنا سابقا و هـذه الـنـشـاطـات هي التي افضت في نهاية القرن الخامس الى خضوع مساحة شاسعة من المناطق المركزية الايرانية و حتى من محافظتي فارس ,و خوزستان لنفوذ الاسماعيليين و هيمنتهم فجاة و تمكنوا من الصمود مدة طويلة امام اعظم الملوك , و هم السلاجقة , و ادهى الوزرا, و هو نظام الملك الذي قتلوه هو و ابناه الامرا في همدان سنة 440 ه , و هذا الامير هو آقسنقر الذي كان قد اراق دماهم
((1397)) .
و من دعاة الاسماعيلية في بلاد فارس : الشاعر الفارسي ناصر خسرو الذي يعتبرديوانه الشعري اهـم اثـر لـه بـيـن الـفـرس و كان هذا الشاعر احد العاملين في البلاط الغزنوي وعندما استولى السلاجقة على خراسان , توجه الى مصر في اواخر العقد الرابع من القرن الخامس و مكث هناك مدة طـويـلـة تلقى خلالها التعاليم الاسماعيلية و عرض الباحث الروسي ايوانوف بعض المعلومات عن ركونه الى المذهب الاسماعيلي , و هي كلهامشوبة بالحدس والظن و جا بعضها اعتمادا على ما ذكره نـاصر خسرو في آثاره العديدة ويرى ايوانوف ان ناصر خسرو كان شيعيا, و بنى رؤيته هذه على اساس اعتقاده بتشيع البيئة الخراسانية في القرن الخامس (و هذا الاعتقاد ـ طبعا ـ خطا محض ) و على الرغم من ان هذه الرؤية محتملة , بيد ان العمل في البلاط الغزنوي لا ينسجم مع هذه النزعة , الا ان يكون ناصر خسرو قد عمل بالتقية و ما يجدر ذكره هنا هو ان الباطنية كانوا يمارسون بعض النشاطات في خراسان فلا نستبعد تاثره بهم , بما كان عليه من روح خاصة و ذكرايوانوف نماذج من آثـاره تـدل عـلـى اسماعيليته , و يمكن للراغبين مراجعة مصدرهاالمتمثل باشعاره الموجودة في ديوانه المطبوع بطهران (ص 172 ـ 177).
و عندما اكمل ناصر خسرو مرحلته التعليمية في مصر ايام المستنصر باللّه سنة 444 ه , دخل بلخ مـسـقط راسه ثم سافر الى مازندران , و لعل سفرته هذه كانت من اجل الدعوة ومن المؤكد ا نه كان منهمكا بامر الدعوة طول الفترة التي كان فيها هاربا و عرف اخيرا ففرالى الهند و منطقة يمگان ثم وافاه الاجل هناك بعد مدة
((1398)) .
و كـانـت الاحوال التي يعيش فيها, بخاصة مرحلته الاعلامية , عصيبة جدا فقد اقض الغزنويون , و بـعـدهـم الـسـلاجـقـة مضاجع الاسماعيلية , و نغصوا عليهم عيشهم و على الرغم من ان الدعوة الاسـمـاعـيـلـية قد تنامت في ظل تلك الضغوط و المضايقات , و احكم رجالها قبضتهم على مناطق فـسـيـحة , بيد ان تلك الاوضاع الحرجة التي عاشها دعاة الاسماعيلية تركت بصماتها على حركة ناصر خسرو و لذلك لم تبق له آثار كثيرة مع ان العمل السري الشديد للاسماعيلية يمكن ان ينسف هـذا الراي و ينقل مينوي على لسان الحسن بن الصباح في مذكراته (( ان ناصر خسرو الشاعر و الحكيم و الفيلسوف قد نصب حجة لخراسان من قبل الفاطميين و تجول في مناطق ايران المختلفة , و كـان يـدعوا الناس فيها الى الاسماعيلية بيد ا نه لم ير غير النفي والتشريد, و لم يقدم عمل الدعوة الى الامام
((1399)) )).

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

قبول الخلافة
تأملات وعبر من حياة يوسف (ع) - ج 2
أقوال علماء السنة في المذهب الشيعي
الثورة الحسينية اسبابها ومخططاتها القسم الاول
الكمالات المحمدية تصنيف مبتكر في الإعجاز الخلقي
صور التقية في كتب العامة
غزوة بدر تكسر شوكة الكفر والشرك
ما المقصود بليلة الهرير؟
يوم عاشوراء في اللغة والتاريخ والحديث
الشيعة في ألبانيا

 
user comment