عربي
Saturday 23rd of November 2024
0
نفر 0

مفهوم البَدَاء في عالم الخلق والتكوين

مفهوم البَدَاء في عالم الخلق والتكوين

مفهوم البَدَاء في عالم الخلق والتكوين

هاشم الموسوي

إنّ من المسائل الفكرية التي أثير حولها الجدل والحوار ، بين الفكر الإسلامي الأصيل والفكر اليهودي المحرّف ، هي مسألة حدوث النسخ في الشرائع الإلهية ، سواء باستبدال شريعةٍ مكان شريعة أخرى ، أو باستبدال حكم مكان حكم آخر في الشريعة ذاتها.

وكما وقع الخلاف في مسألة النسخ والتبديل في التشريع والأحكام ، وقع الجدال أيضاً في قُدرة الله  تعالى على التغيير والتبديل في عالم التكوين ، والخلائق .

فهاتان مسألتان عقيديّتان ، مسألة النسخ التشريعي ، والنسخ التكويني ( البَدَاء ) ، قد دار الحوار والجدل فيهما بين الفكر اليهودي المحرّف ، وبين ما جاء به القرآن ونطق به الرسول الأمين (ص) ، من أنّ النسخ في الشرائع هو سنة إلهية ، وأنّ التغيير والتبديل في الأحكام ظاهرةٌ طبيعية في الشرائع ، كما أنّ التغيير والتبديل كائنٌ في عالم الخلق والتكوين الذي سمّي بـ (البَدَاء) .

استعمل مصطلح ( البَدَاء ) في مدرسة أهل البيت ( عليهم السلام ) للدفاع عن الفهم الإسلامي مقابل اليهودي ، والفكر الفلسفي المتأثّر بالفلسفة اليونانية ، وبعض المدارس الكلامية : كمدرسة المعتزلة .

 أثار هذا المصطلح شبهةً فكريةً عقيديةً لدى البعض من الكتّاب ، وأصحاب الآراء ، والمذاهب العقيدية ، في الصف الإسلامي ، ولم تقف حدود هذه الشبهة عند الاستفهام والمناقشة والرد العلمي ! بل أسيء فهم المصطلح ، وأضيف إلى إساءة الفهم تصوّرات ناشئةٌ عن روح الخلاف والمواجهة القَبْلية ، بين هذه المدرسة وبين مدارس فكرية أخرى .

ففُهم القول بالبَداء بأنّه قولٌ بتغيّر علم الله لخفاء المصالح عليه ، وبالتالي نسبة الجهل إليه . سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً .

وهكذا ، تدخّل النزاعُ والخلافُ في تشويه الحقيقة ، وتحويل الموقف من خلافٍ بين الفكر الإسلامي ـ الذي قادته أئمّة أهل البيت ( عليهم السلام ) ـ وبين الفهم اليهودي المحرّف وبعض الاتجاهات الفلسفية والكلامية المنحرفة ، إلى تهمةٍ فكريةٍ تُلصقُ بأتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) ، وفهمهما لهذه المسألة .

ولإيضاح هذه المفردة العقيدية ، وبيان الفهم التوحيدي في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) ، نعرّف ولو بإيجاز ، بمعنى البَداء ، ونشأة المصطلح ، ونسبة البَداء إلى الله سبحانه .

البَداء في اللغة :

بدا الشيء بدواً وبداءً ، أي : ظهر ظهوراً ، قال الله تعالى : ( وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ) .

( البَدَاء : ظهور الرأي بعد أن لم يكن ، واستصوابُ شيءٍ عُلم بعد أن لم يُعلم . ويقال : بدا لي في الأمر بَداء ، أي ظهر لي فيه رأي آخر ) .

البَدَاء في الاصطلاح :

وإذا كان هذا معنى البَداء في اللغة ، فلنتابع استعمال كلمة ( البَدَاء ) ونسبتها إلى الله سبحانه بلسان الشريعة ومصطلحه ، وإذا شِئنا مثل هذا التحقيق فسنجد أنّ الرسول الكريم محمداً ( ص ) هو أوّل من نسب ( البَدَاء ) إلى الله سبحانه ، في الحديث الآتي ـ الوارد في البخاري ـ :

 عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أنّه سمع رسول الله ( ص ) يقول : ( إنّ ثلاثة في بني إسرائيل : أبرصٌ ، وأقرعٌ ، وأعمى ، بدا لله أن يبتليهم  ، فبعث إليهم ملك ، فأتى الأبرص ، فقال : أيَّ شيء أحبّ إليك ؟ قال : لونٌ حَسن ، وجلدٌ حَسن ؛ قد قذّرني الناس .

 قال : فمسحه فذهب عنه ، فأُعطيَ لوناً حَسناً ، وجلداً حسناً . فقال : أيُّ المال أحبّ إليك ؟ قال : الإبل ـ أو قال : البقر ، هو شكَّ في ذلك : أنّ الأبرص والأقرع : قال أحدهما الإبل  ، وقال الآخر البقر ـ فأعطي ناقة عَشراء ، فقال : يُبارَكُ لك فيها .

وأتى الأقرع ، فقال : أيَّ شيءٍ أحبّ إليك ؟ قال : شعراً حسناً . قال : فأيّ المال أحبّ إليك ؟ قال : البقر . قال : فأعطاه بقرةً حامل ، وقال : يُبارَكُ لك فيها .

وأتى الأعمى ، فقال : أيّ شيءٍ أحبّ إليك ؟ قال : يردّ الله إلي بصري ، فأُبصِر به الناس . قال : فمسحه فرد الله إليه بصره ، قال : فأيّ المال أحبّ إليك ؟ قال : الغنم ، فأعطاه شاة والداً .

 فأنتج هذان وولد هذا ، فكان لهذا وادٍ من إبل ، ولهذا وادٍ من بقر ، ولهذا وادٍ من الغنم ، ثمّ إنّه أتى الأبرص في صورته وهيئته  ، فقال : رجلٌ مسكين  ، تقطعت بي الحبال في سفري ، فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثمّ بك ، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال ، بعيراً أتَبَلّغُ عليه في سفري .

 فقال له : إنّ الحقوق كثيرة ! فقال له : كأنّي أعرفك ، ألم تكن أبرصَ يقذِّرُك الناس فقيراً فأعطاك الله ؟ فقال : لقد ورثتُ لكابرٍ عن كابرٍ ! فقال : إن كنت كاذباً فصيّرك الله إلى ما كنت . 

وأتى الأقرع في صورته وهيئته ، فقال له مثل ما قال لهذا ، فردّ عليه مثل ماردّ عليه هذا ، فقال : إن كنتَ كاذباً فصيّرك الله إلى ما كنت .

وأتى الأعمى في صورته ، فقال : رجلٌ مسكين وابن سبيل ، وتقطعت بي الحبال في سفري ، فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثمّ بك ، أسألك ـ بالذي ردّ عليك بصرك ـ : شاةً أتَبَلّغُ بها في سفري . فقال : قد كنت أعمى فردّ الله بصري ، وفقيراً فقد أغناني ، فخذ ما شئت ، فو الله لا أُجهدك اليوم بشيءٍ أخذته لله ، فقال : أمسك مالك ، فإنّما ابتليتم ، فقد رضي الله عنك ، وسخط على صاحبيك ) .

وروي عن أبي موسى الأشعري أنّ النبي ( ص) قال : ( يجمع الله ( عزّ وجلّ ) الأُمم في صعيد يوم القيامة ، فإذا بدا لله ( عزّ وجل ) أن يصدع بين الخلق ، مَثل لكل قوم ما كانوا يعبدون .... ) .

وبذا نفهم أنّ الرسول الهادي ( ص ) هو أوّل من استعمل كلمة البَدَاء ، وأضاف معناها إلى الله سبحانه .

ولنستمع إلى الشيخ المفيد وهو يوضّح معنى البَداء ، الذي آمنت به الإمامية واعتقدته ، قال :

 ( أقول في معنى البَداء ما يُقوله المسلمون بأجمعهم في النَّسخ وأمثاله ؛ من الإفقار بعد الإغناء ، والإمراض بعد الإعفاء ، والإماتة بعد الإحياء .

 وما يذهب إليه أهل العدل خاصة : من الزيادة في الآجال والأرزاق ، والنقصان منها بالأعمال ، فأمّا إطلاق لفظ البَداء فإنّما صُرت إليه بالسمع الوارد عن الوسائط بين العباد وبين الله (عزّ وجلّ ) .

 ولو لم يرد به سمعٌ أعلمُ صحّته ما استجزت إطلاقه ، كما أنّه لو لم يرد علي سمعٌ بأنّ الله تعالى يغضب ويرضى ، ويحب ويعجب ، لما أطلقت ذلك عليه سبحانه ، ولكنّه جاء السمع به ، فصرت إليه على المعاني التي لا تأباها العقول ، وليس بيني وبين كافّة المسلمين في هذا الباب خِلاف ، وإنّما خالف من خالفهم في اللفظ دون ما سواه ، وقد أوضحت من علّتي في إطلاقه بما يقصر معه الكلام ، وهذا مذهب الإمامية بأسره ، وكل من فارقها في المذهب ينكره  ـ على ما وصفت من الاسم دون المعنى ـ ولا يرضاه ) .

إلاّ أنّ إساءة فهم المصطلح قد جرّت إلى حوارٍ طويلٍ بين الشيعة الإمامية والذين اختلفوا معهم من الفرق الإسلامية ، كالأشاعرة وغيرهم ، خلافاً لفظياً في استعمال هذا المصطلح ، هذا المصطلح الذي بني على أساس استعمال الرسول الكريم محمّد ( ص ) له .

 أمّا دلالته ومعناه :

 ( فإنّ الرأي الإمامي انطلق في فهمه من الردّ على الفكر اليهودي المحرّف الذي يذهب إلى أنّ يدَ الله مغلولة : ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ ) ، وهو غير قادر أن يُحدث شيئاً في الخلق بعد أن فَرَغ منه وخلقه ، واتخذ طابعه النهائي ، فرفضوا الإيمان بقدرة الله على التغيير في الخلق ما يشاء ، وكما رفضوا الإيمان بقدرة الله على التغيير في الخلق ، رفضوا أيضاً النسخ في التشريع ؛ كأساسٍ عقيدي لرفض الإيمان بنبوّة محمّد ( ص ) ، القائمة على أساس نسخ الشرائع السابقة ووجوب إتباع شريعة القرآن ) .

وقد استدلّ الشيعة الإمامية بالحديث النبوي الآنف الذكر على استعمال المصطلح لفظاً ومعنى، وعلى الآيتين الكريمتين آية النسخ والتكوين : (يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) .

والنسخ هو بَدَاءٌ تشريعي ، أي : تغيير في التشريع . والمحو هو بَدَاء تكويني أي : تغيير في التكوين ، إذ لا ينسخ إلاّ ما هو كائن ومثبّت في عالم التحقّق التكويني .

وهكذا يتضح أنّ الشيعة الإمامية استعملت مصطلح البَداء بعد أن استعمله الرسول الكريم محمّد ( ص ) ، وفهمته بأنّه مرادف للمحو ، والنسخ ، والتغيير ، وقد قال الله تعالى : ( إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) ، [ الرعد : 11 ] .

فقد أوضح سبحانه أنّه يمحو ، ويغيّر أوضاع الناس ، الاجتماعية ، والاقتصادية ، والسياسية ، والبلاء الشخصي ..إلخ ، إذا ما غيّروا ما بأنفسهم .

وجاء في الحديث الشريف : أنّ الله سبحانه يبسط الرزق ويُنسىء في الأجل لمن يصل رَحِمه . فأوضح بذلك أن التبديل والتغيير متوقف عل فعل هذا المعروف ، وذلك هو مصداق البداء الذي قالت به الإمامية .

روى أبو هريرة عن النبي ( ص ) قال : ( سمعت رسول الله ( ص ) يقول : من سرّه أن يُبسَط له في رزقه ، وأن يُنسَأ له في أثره ، فليصل رحمه ) .

ولنقرأ جملة من بيانات الإمام الصادق ( عليه السلام ) لمفهوم البداء ، وتفسيره للآية التي تحدّثت عنه .

 عن منصور بن حازم ، قال : ( سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) : هل يكون اليوم شيءٌ لم يكن في علم الله تعالى بالأمس ؟ قال : لا ، مَن قال هذا ، فأخزاه الله ! قلت : أرأيت ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة ، أليس في علم الله ؟ قال : بلى ، قبل أن يخلق الخلق ) .

وروي عنه قوله ( عليه السلام ) : ( من زعم أنّ الله ( عزّ وجلّ ) يبدو له في شيء لم يعلمه أمس فابرؤوا منه ) .

وعن عبد الله بن سنان ، أنّ الإمام الصادق (عليه السلام ) قال : ( ما بدا لله في شيءٍ إلاّ كان في علمه قبل أن يَبدو له ) .

وعنه ( عليه السلام ) أنّه قال : ( من زعم أنّ الله بدا له في شيء بداء ندامةٍ ، فهو عندنا كافرٌ بالله العظيم ) .

وعن ميسر بن عبد العزيز ، قال ، قال لي أبو عبد الله الصادق : ( يا ميسر ، ادع ، ولا تقل إنّ الأمر قد فرغ منه ... ) .

وقال ( عليه السلام ) : ( إنّ الله ـ عز وجل ـ لَيَدفع بالدعاء الأمر الذي علمه أن يُدعى له فيستجيب ، ولو لا ما وفق العبد من ذلك الدعاء لأصابه منه ما يجثه من جديد الأرض ) . ثمّ أوضح معنى البداء بقوله ( عليه السلام ) : (  إنّ الله لم يبدُ له من جهل ) .

وقد تحـدّث القرآن عن البَداء كمعنى ومفهوم دون أن يستعمل لفظه في موارد كثيرة من آيه وبيّاناته ، كقوله تعالى : ( ... لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ * يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) . [ الرعد : 38 ، 39 ] .

وكقوله تعالى : ( ما نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ  ) ، [ البقرة : 106 ] .

وقوله تعالى : ( َيسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) ، [ الرحمن : 29 ] .

وقوله تعالى : ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ... ) ، [ المائدة : 64 ] .

وقوله تعالى : ( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ) ، [ الأنعام : 2 ] .

وقوله تعالى : ( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاء الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) ، [ الصافات : 102 - 107 ] .

 ( إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ... )  ، ( الرعد : 11 ) .

( لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ ... ) ، [ الروم : 4 ] .

 ( وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ  ) ، [ الأنبياء : 83 ، 84 ] .

(  وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ{89} فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ) ، [ الأنبياء 89  ، 90 ] .

( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ....) ، [ النمل : 62 ] .

(  يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ * الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ) ، [ الأنفال : 65 – 66 ] .

وهكذا يتحدّث القرآن عن التغيير والتبديل بسبب الدعاء المخلص لله ، أو بسبب ضعف المؤمنين الصادقين ورحمته بهم وعلمه بضعفهم الذي انكشف فيهم بعد التكليف الأوّل ، وهو سبحانه عالم بكل ذلك قبل أن يكلّف المقاتلين المؤمنين بمقاتلة الكافرين الذين يفوقونهم عشرة أضعاف عددهم .

وقد فسّر الإمام جعفر الصادق (عليه السلام ) وأوضح معنى البَداء الذي ورد في الآيات ، فقد فسر قول الله تعالى : ( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ ) ، [ الأنعام : 2 ] :

 ( قال : الأجل المقضي ، هو المحتوم الذي قضاه الله وحتمه ، والمسمى هو الذي فيه البَداء ، يقدم ما يشاء ، ويؤخر ما يشاء ، والمحتوم ليس فيه تقديم ولا تأخير ) .

وفسّر الصادق (عليه السلام ) قول الله (عزّ وجل ) : ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ ... ) ، [ المائدة : 64 ] ، فقال : ( لم يعنوا أنه هكذا ، ولكنهم قالوا : قد فرغ من الأمر ، فلا يزيد ولا ينقص ) ، فقال الله ( جلّ جلاله ) تكذيباً لهم : ( غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ... ) [ المائدة : 64 ] . ألم تسمع الله (عزّ وجل ) يقول : ( يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) ، [ الرعد : 39 ] .

وفسّر قوله تعالى : ( يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ... ) بقوله : ( وهل يمحو الله إلاّ ما كان ، وهل يثبت إلاّ ما لم يكن ) .

وفسّر قصة أمر الله لإبراهيم بأن يذبح ولده إسماعيل ، وتبديل ذلك الأمر وفديهِ بذبحٍ عظيم ، فسّره بأنّه من أوضح مصاديق البَداء بقوله : ( ما بدا لله بَدَاءٌ كما بدا له في إسماعيل أبي ، إذ أمر أباه بذبحه ، ثمّ فداه بذبح عظيم ) .

البداء في تحليل العلماء :

وقد تناول علماء أهل البيت ( عليهم السلام ) مفهوم البَداء بالدراسة والتحليل ، فكشفوا غوامضه العقيدية ، وأوضحوا محتوى الفكرة ومضمون المصطلح ، نذكر من ذلك البيان: حديث الشيخ الصدوق عن البَداء ، الذي أوضح لنا معناه كما أوضح أنّ البلاء هو ردّ على الفهم اليهودي المحرّف ، فقال ( رحمه الله ) :

 ( ليس البَداء كما ظنه جهّال الناس بأنّه بداء ندامةٍ ـ تعالى الله عن ذلك ـ ، ولكن يجب علينا أن نقرّ لله ( عزّ وجل ) بأنّ له البَداء ، معناه أنّ له أن يبدأ بشيءٍ من خلقه فيخلقه قبل شيءٍ ، ثمّ يعدم ذلك الشيء ويبدأ بخلق غيره ، أو يأمر بأمرٍ ، ثمّ ينهى عن مثله ، أو ينهى عن شيءٍ ثمّ يأمر بمثل ما نهى عنه .

 وذلك مثل : نسخ الشرايع  ، وتحويل القبلة ، وعدّة المتوفّى عنها زوجها ، ولا يأمر الله عباده بأمرٍ في وقتٍ ما إلاّ وهو يعلم أنّ الصلاح لهم في ذلك الوقت في أن يأمرهم بذلك ، ويعلم أنّ في الوقت أمرهم بما يصلحهم ، فمن أقرّ لله ( عزّ وجل ) بأنّ له أن يفعل ما يشاء ، ويعدم ما يشاء ، ويخلق مكانه ما يشاء ، ويقدم ما يشاء ، ويؤخر ما يشاء ، ويأمر بما شاء كيف شاء فقد أقر بالبَداء ، وما عظم الله ( عزّ وجل ) بشيءٍ أفضل من الإقرار بأنّ له الخلق والأمر ، والتقديم ، والتأخير ، وإثبات ما لم يكن ، ومحو ما قد كان .

والبَداء هو ردٌّ على اليهود ؛ لأنّهم قالوا : إنّ الله قد فرغ من الأمر . فقلنا : إنّ الله كل يوم هو في شأن ، يُحيي ويميت ويرزق ويفعل ما يشاء، والبَداء ليس من ندامة ، وإنّما هو ظهور أمر .

 يقول العرب : بدا لي شخص في طريقي ، أي ظهر ، قال الله ( عزّ وجل ) : ( وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ  ) ، [ الزمر : 47 ] . أي ظهر لهم ، ومتى ظهر لله ـ تعالى ذكره ـ من عبدٍ صلة لرحمه زاد في عمره ، ومتى ظهر له منه قطيعة لرحمه نقص من عمره ، ومتى ظهر له من عبدٍ إتيان الزنا نقص من رزقه وعمره ، ومتى ظهر له منه التعفّف عن الزنا زاد في رزقه وعمره ) .

وتحدث السيد الداماد في نبراس الضياء ، وهو من فلاسفة الشيعة وعلمائهم البارزين في القرن الحادي عشر ، تحدث عن البَداء فقال :

 ( البَداء منزلته في التكوين منزلة النسخ في التشريع ، فما في الأمر التشريعي والأحكام التكليفية نسخٌ فهو في الأمر التكويني والمكوّنات الزمانية بداءٌ ، فالنسخ كأنّه بداء تشريعي ، والبَداء كأنّه نسخ تكويني .

ولا بداء في القضاء ، ولا بالنسبة إلى جانب القدس الحق ... وإنّما البَداء في القدر ، وفي امتداد الزمان الذي هو أفق التقضّى والتجدد ...

وكما حقيقة النسخ عند التحقيق انتهاء الحكم التشريعي وانقطاع استمراره ، لا رفعه وارتفاعه من وعاء الواقع ، فكذا حقيقة البَداء عند الفحص البالغ انبتات استمرار الأمر التكويني وانتهاء اتصال الإفاضة .

ومرجعه إلى تحديد زمان الكون ، وتخصيص وقت الإفاضة ، لا أنّه ارتفاع المعلول الكائن عن وقت كونه ، وبطلانه في حد حصوله ) .

وتحدث العلامة المجلسي عن البَداء ، وعن أصالة الفكر الإمامي ودفاعه عن عقيدة التوحيد بتثبيت مفهوم البَداء ، فقال :

 ( فنقول – وبالله التوفيق - : إنّهم إنّما بالغوا في البَداء رداً على اليهود الذين يقولون : إنّ الله خلق الموجودات دُفعة واحدةً على ما هي عليه الآن : معادن ، ونباتاً ، وحيواناً ، وإنسان ، ولم يتقدم خلق آدم على خلق أولاده ، والتقدم إنّما يقع في ظهورها من الفلاسفة ، وعلى بعض الفلاسفة القائلين بالعقول والنفوس الملكية ، وبأنّ الله تعالى لم يؤثّر حقيقة إلا في العقل الأوّل ، فهم يعزلونه تعالى عن ملكه ، وينسبون الحوادث إلى هؤلاء ، فنفوا ذلك ، وأثبتوا أنّه تعالى كل يوم في شأن ، من إعدام شيء ، وإحداث شيء آخر ، وإماتة شخص ، وإحياء آخر إلى غير ذلك ، لئلا يترك العباد التضرع إلى الله ومسألته وطاعته ، والتقريب إليه بما يصلح أمور دنياهم وعُقباهم ، وليرجعوا عند التصدّق على الفقراء ، وصلة الأرحام ، وبر الوالدين ، والمعروف والإحسان ، ما وعدوا عليها من : طول العمر ، وزيادة الرزق ، وغير ذلك ) .

وتحدث المرجع الديني السيد أبو القاسم الخوئي ( قدس سره ) عن البَداء ، وعن قدرة الله ومشيئته وعلمه سبحانه ، فقال :

 ( لا ريب في أنّ العالم بأجمعه تحت سلطان الله وقدرته ، وأنّ وجود أيّ شيءٍ من الممكنات منوطٌ بمشيئته تعالى ، فإنّ شاء أوجده ، وإنّ لم يشأ لم يوجده ، ولا ريب ـ أيضاً ـ في أنّ علم الله سبحانه قد تعلّق بالأشياء كلّها منذ الأزل ، وأن الأشياء بأجمعها كان لها تعيّن علمي في علم الله الأزلي ، وهذا التعيّن يعبر عنه بـ ( تقدير الله ) تارةً ، وبـ ( قضائه ) تارةً أخرى ...

فمعنى تقدير الله تعالى للأشياء وقضائه بها : أنّ الأشياء جميعها كانت متعيّنة في العلم الإلهي منذ الأزل على ما هي عليه من أنّ وجودها معلّق على أنّ تتعلّق المشيئة به ، حسب اقتضاء المصالح والمفاسد التي تختلف باختلاف الظروف والتي يحيط بها العلم الإلهي ) .

ثمّ أوضح بعد ذلك موقف الفكر اليهيودي المنحرف من قدرة الله تعالى ، فقال : ( وذهب اليهود إلى أنّ قلم التقدير والقضاء حينما جرى على الأشياء في الأزل استحال أن تتعلّق المشيئة بخلافه ، ومن أجل ذلك قالوا : يد الله مغلولة عن القبض والبسط ، والأخذ والإعطاء ؛ فقد جرى فيها قلم التقدير ، ولا يمكن فيها التغيير ) .

وهذا القسم هو الذي يقع فيه البداء : ( يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ )[ الرعد : 39 ] ، ( لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ ) [ الروم : 4 ] .

ثمّ أوضح رأي الشيعة الإمامية في البداء بقوله : ( موقع البَداء عند الشيعة الإمامية  : ثمّ إنّ البَداء الذي تقول به الشيعة الإمامية إنّما يقع في القضاء غير المحتوم ، أمّا المحتوم منه فلا يتخلّف ، ولا بدّ من أنّ تتعلّق المشيئة بما تعلّق به القضاء ) .

ثمّ استدلّ لذلك بتفسير أئمّة أهل البيت ( عليهم السلام ) : الإمام الباقر ، والصادق ، والكاظم ( عليهم السلام ) ، لقول الله ( عزّ وجل ) : ( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) [ الدخان : 4 ] :

( أي : يقدّر الله كل أمر من الخلق ومن الباطل ، وما يكون في تلك السنة ، وله فيه البَداء والمشيئة ، يقدّم ما يشاء ، ويؤخّر ما يشاء ، من الآجال ، والأرزاق ، والبلايا ، والأعراض والأمراض ، ويزيد وينقص ما يشاء ... ) .

ثمّ يلخّص رأي الشيعة الإمامية بقوله : ( وخلاصة القول : أنّ القضاء الحتمي المعبّر عنه باللوح المحفوظ وأمّ الكتاب ، والعلم المخزون عند الله ، يستحيل أنّ يقع فيه البَداء ، وكيف يتصور فيه البَداء ؟ ) .

وأنّ الله  ـ سبحانه ـ عالمٌ بجميع الأشياء منذ الأزل ، لا يعزب عن علمه مثقال ذرةٍ في الأرض ولا في السماء .

روى الصدوق في ( كمال الدين ) بإسناده ، عن أبي بصير أو سماعة عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : ( من زعم : أنّ الله ( عزّ وجل ) يبدو له في شيءٍ لم يعلمه فابرأوا منه ) .

وروى العياشي ، عن ابن سنان ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) : ( أنّ الله يقدّم ما يشاء ويؤخّر ما يشاء ، ويمحو ما يشاء ويُثبت ما يشاء وعنده أمّ الكتاب . وقال : فكل أمرٍ يريده الله فهو في علمه قبل أن يصنعه ، ليس شيء يبدو له إلا وقد كان في علمه ، إنّ الله لا يبدو له من جهل ) .

ثمّ أوضح بعد ذلك لماذا البحث في مسألة البَداء ، فقال : ( فالقول في البَداء هو الاعتراف الصريح بأنّ العالم تحت سلطانه وقُدرته ، في حدوثه وبقائه ، وأنّ إرادة الله نافذةٌ في الأشياء أزلاً وأبداً ...

والقول بالبَداء يوجب انقطاع العبد إلى الله وطلبه إجابة دعائه منه ، وكفاية مهمّاته وتوفيقه للطاعة وإبعاده عن المعصية ، فإنّ إنكار البَداء والالتزام بأنّ ما جرى به قلم التقدير كائنٌ لا محالة ـ دون استثناء ـ يلزمه يأس المعتقِد بهذه العقيدة عن إجابة دعائه ...

والسر في هذا الاهتمام : أنّ إنكار البَداء يشترك بالنتيجة مع القول بأنّ الله غير قادرٍ على أن يغيّر ما جرى عليه قلم التقدير . تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ) .

وجرياً على هذه القاعدة ، ناقش الخواجه نصير الدين الطوسي الفلاسفة الذين نَفوا علم الله بالجزيئات بقوله : ( وتغيّر الإضافات ممكن ) .

وعلّق الشارح ـ العلاّمة الحلّي  ـ على ذلك بقوله :

 ( أقول : هذا الجواب عن اعتراض الحكماء القائلين بنفي علمه تعالى بالجزيئات الزمانية . وتقرير الاعتراض : أنّ العلم يجب تغيّره عند تغيّر المعلوم وإلاّ لانتفت المطابقة ، لكنّ الجزيئات الزمانية متغيّرة ؛ فلو كانت معلومة عند الله تعالى ، لزم تغيّر علمه تعالى ، والتغير في علم الله تعالى محالٌ .

 وتقرير الجواب : أنّ التغيّر هذا إنّما هو في الإضافات لا في الذات ، ولا في الصفات الحقيقية ... ) .

وهكذا يتضح الرأي الإمامي في مفهوم البَداء ، وتتحدّد معالمه الأساسية ، من خلال ما بينه أئمّة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وعرضه ، وناقشه ، علماء ومتكلمو الإمامية .

فهو لا يعني تغيّر علم الله تعالى ، ولانقض إرادته ؛ بأنّ علمه سابق لما سيكون وسيحدث من تغيير موقوف على تغيير المصالح والأوضاع البشرية ، كأن يغيّر الإنسان ما بنفسه من سوء أو خير ، فيغيّر الله ويحدث له وضعاً آخر ، أو يحدث الإنسان طاعةً ، كالدعاء ، أو الصدقة ، أو البر والإحسان ، فيدفع الله عنه السوء والمكروه ، وينجز له طَلِبته .

فأنّ الأمر لا يخرج من يد الله ومشيئته ، واستدلّوا لذلك بقوله تعالى : ( يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) [ الرعد : 39 ] ، ( مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا  ...) [ البقرة : 106 ] .

وبقوله : ( لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ ) [ الروم : 4 ] ، ( إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) ، [ الرعد : 11 ] .

ــــــــــــــــ

المصدر : التشيع ( نشأته ، معالمه ) ، مفهوم البَداء في عالم الخلق والتكوين

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

هل المعاد إعادة للمعدوم؟
الإمامة والخلافة بإختصار
كتاب الغيبة
عُبادة بن الصامت
موقف القرآن من مسألة : (الحتمية) و (استقلال ...
مرجعية المسلمين بعد النبي صلی الله عليه وآله وسلم
مقدمة عامة في نبوة النبي محمد
الوضع النفسي لدي المراهق
هل أن الإمامة أصل قرآني (2)
طبیعة التدخّل الإلهی

 
user comment