أدركت المرأة اليوم بذكائها الفطري ، و بإحساس خاص بها ، أنها غير قادرة على منافسة الرجل من حيث قوته البدنية ، و أنها إذا أرادت أن تنزل إلى ميدان العمل ، فلن تكون قادرة على منازلة الرجل ، و مصارعته في ذلك الميدان ، كما أنها وضعت إصبعها على نقطة ضعف الرجل ، ألا و هو حبه للمرأة الذي جعل منه عاشقاً طالباً.
و هكذا ، و بعد أن عرفت المرأة مقامها عند الرجل ، و عرفت نقطة ضعفه أمامها ، أخذت تتوسل بتجميل نفسها و اقتناء الحلي و وسائل الزينة ، لكي تستولي على قلب الرجل ، و راحت أيضاً تتوسل بالتباعد عن الرجل ، بحيث لايصل إليها بسهولة . فقد أدركت أيضاً أنها ينبغي أن لاتكون في متناول يده مجاناً ، بل عليها أن تزيد من رغبته فيها ، و من ثم ترفع قيمتها في نظره .
و من هنا نجد أنَّ هناك نوعين من النساء ، النوع الذي يفضل الزينة و المكياج و الثياب القصيرة المثيرة ، و النوع الذي يفضل التعفف و الحياء و التستر ، كطريقة لرفع قيمتها عند الرجل و إلى المحافظة على مركزها عنده.
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------
و الإسلام الذي جاء هدىً و رحمة للعالمين ، جنب المرأة عناء التفكير في ذلك ، ففرض عليها الحجاب و حجاب المرأة في الإسلام ، يعني أنَّ على المرأة ، أن تستر بدنها عند اختلاطها بالرجل ، و أن لا تتبرج ، و تتزين ، و هذا ما تقوله الآيات الخاصة ، و تستند إليه فتاوى الفقهاء.
----------------------------------------------------------------------------------------------------------
ولكن قليلو العقول ، محبو الجمال ـ كما يسمون أنفسهم ـ اعترضوا على وجود الحجاب ، و قدموا العديد من الانتقادات و التعليقات عليه ، و أول نقد يوجه إلى حجاب المرأة ، هو أنه لا يستند إلى دليل معقول ، حيث يقولون أنَّ منشأ الحجاب ، إما أن يكون فقدان الأمن ، الذي كان يعاني منه الأقدمون في الماضي ، و الذي كان يتجلى بالغارات التي تقوم بها القبائل على بعضها البعض ، و هو غير موجود في هذا الزمان ، و إما أن يكون الرغبة في الترهب و الزهد ، و هي فكرة باطلة ، و غير صحيحة ، و إما أن يكون أنانية الرجل ، و حبه للتسلط و الاستحواذ ، و هذه بالطبع من الرذائل التي تجب مكافحتها .
و النقد الآخر الذي يوجه إلى الحجاب ، هو أنه يسلب المرأة حريتها ، و حقها الطبيعي كإنسان ، و لذلك فهو يعتبر إهانة إلى كرامة المرأة الإنسانية ، فإجبار المرأة على ارتداء الحجاب نقض لحق الإنسان في الحرية.
و للرد على ذلك لابد من التنويه بأن هناك اختلافاً كبيراً بين أن تُحبس المرأة في البيت ، أو أن يطلب منها الستر إذا أرادت مواجهة رجل أجنبي ، فحبس المرأة أو احتجازها لاوجود له في الإسلام ، أما الحجاب فهو واجب ملقى على عاتق المرأة ، يُطلب منها بموجبه أن تكون متسترة بصورة خاصة عند تعاملها مع الرجل ، و هو أمر لايتعارض مع كرامة المرأة ، و لاهو اعتداء على حقوقها الطبيعية التي أقرها الله لها ، فإذا اقتضت رعاية بعض الشؤون الاجتماعية الخاصة وضع بعض القيود على الرجل أو المرأة ، بحيث يلزمهما أن يسلكا سلوكاً معيناً للحفاظ على هدوء الآخرين و راحة أعصابهم ، و عدم الإخلال باتزانهم الأخلاقي ، فإننا لايمكن أن نطلق على تلك القيود اسم ( الحبس ) أو ( الاستعباد ) أو ( أنه ضد الحرية وكرامة الإنسان ).
إنما الأمر على العكس من ذلك ، إذ أنَّ حجاب المرأة ضمن الحدود التي حددها الإسلام ، يرفع من مقامها ويزيد في كرامتها و يوجب احترامها . إن شرف المرأة يقتضي أن تكون عند خروجها من الدار على وقار و احتشام ، و أن لا يكون في ملبسها و مظهرها ، ما يبعث على التهيج و الإثارة عن قصد ، بحيث تكون و كأنها تدعو الرجال إليها ، ذلك أنه يمكن للمرأة أن ترتدي ملابس معينة أو تمشي مشية معينة ، بحيث أنَّ ذلك ينطق دون كلام مسموع فيقول ، اتبعني ، تحرش بي ، اعترضني و غير ذلك.
أتقتضي حرية المرأة و كرامتها أن تكون على ذلك الشكل القبيح ، و هل إذا كانت المرأة بسيطة تروح وتجيء بهدوء ، لاتشرد الأذهان ، و لاتجتذب إليها نظرات الرجال الحارقة ، فهل يحط ذلك من كرامة المرأة ؟ ، و هل يكون ذلك ضد مصلحتها و مصلحة المجتمع ؟ ، ثم لو توقفنا عند هذا الحد ، و سألنا الرجل الذي تعاني المرأة من أجله ، أي صنف من النساء تفضل؟ ، فلن تصدق الإجابة ، و هذا ما نشرته إحدى المجلات الأوربية ، عندما وجهت إلى قرائها سؤالاً بسيطاً ، وهو : هل تفضل أيها الرجل المرأة الشرقية أم الغربية ؟ ، فكان جواب أحد الشباب ما يلي : ( إنَّ المرأة الشرقية التي كانت حتى وقت قريب تختفي وراء الحجاب و النقاب و البرقع شديدة الجاذبية بذاتها ، و كانت هذه الجاذبية تمنحها الكثير من القوة ، ولكن على أثر المساعي الكبيرة ، التي قامت بها المرأة الشرقية لتتساوى مع أختها الغربية ، ينزاح الحجاب عنها شيئاً فشيئاً ، و تتضاءل كذلك جاذبيتها شيئاً فشيئاً مع زوال حجابها ).
و هكذا نجد أنَّ الرجل على العكس مما يجري عليه الظن يشعر في أعماق ذاته بالنفور من المرأة المبتذلة ، و غير المحتشمة الميسورة للجميع . فهو لن يختارها أبداً ، و إن اختارها فإنها لن تحتل من نفسه منزلة الزوجة الكريمة ، ذلك لأنه يجدها لقمة مبتذلة له و لغيره على سواء . و هذا ما لا يرضاه في قرارة نفسه لفتاة ، يود أن تكون خالصة له ، كما تود هي أن يكون خالصاً لها.
و هذا ما دفع أحد المعجبين للقول : ( المرأة القوية الشخصية القادرة ، أن تقول لا ، و التي تستطيع أن تضع حداً لكل متطاول ، و التي تجبر الآخرين على احترامها ، تستحق أن أقف لها في طابور من ألف شخص كي أعبر لها عن إعجابي بها ) . وف ي الختام أقول ، صدقيني يا أختي المؤمنة ، كل هذه الأمور التافهة التي نشغل بالنا ، و تفكيرنا بها هي من صنع أعداء الإسلام ، فهم يريدون أن تعيش نساؤنا بعيدة عن وعي الذات ، و تحمل المسؤولية ، فالتزمي ـ رعاك الله ـ بأقوال الله ، و لاتنخدعي بالشعارات التي يطلقها أعداء الله و أعداء الإنسانية ، فهم يريدون القضاء على حياءك و عفتك و كرامتك ، فهم لا ينظرون إلى إنسانيتك ، بل يسعون وراءك لأجل إشباع غرائزهم ، فلا تنخدعي بكلماتهم المسمومة ، و تذكري دوماً قول الشاعر:
يـا ابنتي إن أردت آية حُســن وجمالاً | يزين جسـماً و عـقلا | |
فـانـبـذي عـادة الـتـبرج نـبـذاً | فجمال النفوس أسمى و أغلى | |
والبسي من عفاف نفسك ثوباً | كل ثـوبٍ سـواه يـفنى و يـبلى |