آمن أهل الأديان الثلاثة: اليهودية، النصرانية، وخاتم الأديان: الإسلام.. بظهور المنقذ العظيم الذي سينشر العدل والرخاء بظهوره في آخر الزمان؛ فقد آمن اليهود بمجيء المنقذ الذي يخرج في آخر الزمان، فيُقيم ما فسد من أخلاق الناس، ويُصلح ما غيّرته القوانين والأنظمة البشرية من طباع المجتمع. كما آمن النصارى بعودةِ عيسى عليه السلام وجاءت بذلك البشارة في أناجيلهم(28)، فوافقوا بذلك العقيدةَ الإسلاميّة في عودة عيسى عليه السلام، الذي أخبر رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم في أحاديث كثيرة عن عودته، وأنّه سيقتدي في صلاته بالإمام المهدي عليه السلام، ويُعينه على أداء مهمّته العظمى في نشر العدل في أرجاء البسيطة.
عالميّة الاعتقاد بالمهديّ المنتظر عليه السلام
لم يقتصر الإيمان بالمنقذ على أتباع الأديان السماويّة الثلاثة، بل شاركهم في ذلك الزرادشتيّون الذين ينتظرون عودة بهرام شاه، والهنود الذين يعتقدون بعودة فيشنو، والمجوس الذين يؤمنون بحياة أُشيدر، والبوذيّون الذين ينتظرون ظهور بوذ(29) كما نجد التصريح من مفكّري الغرب وفلاسفته بأنّ العالم في انتظار المصلح العظيم الذي سيأخذ بزِمام الأمور، ويوحّد الجميع تحت راية واحدة وشعار واحد.(30)
الاتّفاق بين المسلمين على أصل قضيّة المهدي عليه السلام
لا خلاف بين المسلمين في أنّ لهذه الأمّة مهديّاً، وأنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد أخبر به وبشَّر به وذكر له أسماء وصفات وألقاباً، وبيّن أنّ المهدي من أهل بيته، وأنّه يملأ الأرض عدلاً، وأنّه يخرج مع عيسى عليه السلام، وأنّه يؤمّ هذه الأمّة ويصلّي عيسى خلفه. والروايات الواردة في كتب الحديث في هذا الموضوع تفوق حدّ التواتر، وقد ألّف علماء المسلمين في قضيّة المهدي المنتظر عليه السلام كتباً خاصّة(31)، وعدّوا الإيمان بالمهديّ من ضرورات الدِّين، خاصّة بعد أن رَوَوا عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: مَن شكّ في المهديّ فقد كفر.(32)
بشارات الأسفار بالإمام المهدي عليه السلام
البشارة باقتراب ملكوت السماوات
وردت في كتب الأسفار بشارات عديدة بمجيء النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وسلّم، وبظهور الإمام المهدي عليه السلام، ومن تلك البشارات ما جاء في الأناجيل من أنّ السيّد المسيح عليه السلام كان يأمر حواريّيه بأن يُعلنوا للناس اقترابَ ملكوت السماوات. جاء في إنجيل متّى (... اذهبوا بالحري إلى خِرافِ بيت إسرائيل الضالّة، وفيما أنتم ذاهبون، اكرزوا قائلين: إنّه قد اقترب ملكوت السماوات.(33)
وجاء في إنجيل لُوقا ( وأيّة مدينة دخلتموها وقَبِلوكم، فكُلوا ممّا يُقدَّم لكم، واشفُوا المرضى الذين فيها، وقولوا لهم: قد اقترب منكم ملكوت السماوات).(34)
وكان عيسى عليه السلام يُعلّم تلاميذه وأتباعه أن يقولوا في صلاتهم) أبانا الذي في السماوات، ليتقدّس اسمُك، ليأتِ ملكوتك).(35)
ولو كان ملكوت السماوات قد تحقّق في عهد عيسى المسيح عليه السلام، لكان تعليمه هذا الدعاءَ لتلاميذه في صلاتهم لغواً وعبثاً، ولكان دعاؤهم (لِيأتِ ملكوتك) بلا معنى.