((ان مـا نـجـده فـي حـلب , و حران , والكوفة , وكرخ بغداد, و مشاهد الائمة , و مشهد,و قم , و كـاشـان , و آوه , و سـبـزوار, و جرجان , و استرآباد, و دهستان جربادقان , و مازندران كلها, و بعض مناطق طبرستان , والري , و نواح كثيرة منها, و بعض احيا قزوين و ضواحيها, و بعض احيا خرقان , هو ان اهل هذه المدن جميعهم شيعة اصولية امامية ((1442)) )).
و مـن الطريف ان اعلى المناصب الادارية في عصر الاتراك السلاجقة كالوزارة و جباية الضرائب و شؤون الحسابات كان يتولاها الشيعة غالبا, لا سيما الشيعة المنحدرون من قم ,و آوه , و كاشان و نقل الرازي اسما عدد منهم ممن كان معاصرا له او قريبا من عصره و من هؤلا: مجدالملك , و الوزير الـمحترم سعدالملك آوى , و مشيرالسلطنة شرف الدين ابوطاهر مهيسه اي القمي الذي كان وزيرا للسلطان سنجر و الخواجه علي بنكدان وزير ملوك الديلم , و اوحد الدين مهيسه اي وزير فارس و معين الدين ابو نصر كاشي وزيرالمحتشم وكمال ثابت القمي مسؤول المالية عند مسعود السلجوقي و ملكين ابو فخر القمي , وشمس الدين محمد بنيمان التفرشي , و كانا من مسؤولي الشؤون المالية و الحسابات المحترمين ((1443)) و لم يطق السنة هذا الامر و لذا قال الراوندي في هذه المرحلة : ((و نشا الدمار في العالم من الماجورين والغمازين و الملاحدة الظالمين , اذ تطاولوا على ائمة الدين و اتـهـمـوهـم و ظـهر التعصب والحسد بين الائمة و انضم الى جيش السلطان هؤلا الماجورون الـمـلاحـدة مـن قم , و كاشان , و آبه , و طبرش , والري , و فراهان , و مناطق قزوين , و ابهر, و زنجان و كانوا اما من الرافضة , او من الاشاعرة ((1444)) )) و نقل في موضع آخر ابياتا لشمس الدين لاغري , يقول فيها و تعريبها : ايها الملك ان اماكن الباطنية هي قم , و كاشان , و آبه , و طبرش احفظ كرامة الخلفا الاربعة , و اسجر النار في هذه المدن الاربع و احرق فراهان و مصلحگاه , حتى يصبح ثوابك ستة اضعاف ((1445)) .
و ذكر ابو المعالي الشيعة الامامية ايضا, و قال في مناطقهم : ((هم فرقة و ليس هناك اكثر منهم بين فرق الشيعة و عددهم كبير جدا في العراق و مازندران و كذلك في خراسان ((1446)) )).
و كانت طوس في خراسان ـ و هي تتشرف بوجود مرقد الامام الرضاـ عليه السلام ـ من النقاط التي انـتـشـر فيها التشيع و قال الخوانساري نقلا عن تلخيص الاثار: ((و اهل قرية سناباد القريبة من طوس شيعة , بالغوا في تزيين قبر الامام الرضا ـ عليه السلام ((1447)) مع ان الشيعة كانوا يلعنون على المنابر في خراسان ايام السلاجقة ((1448)) )).
و اسـتـعـرض الـرازي في نص آخر المناطق السنية بشكل ضمني و ارى ان ذكرها هنايمكن ان يـسـاعـدنا كثيرا في هذا البحث لذا ننقل فيما ياتي عباراته التي تعتبر متممة للجغرافية الدينية في ايـران خلال القرن السادس و ذكرت في هذا الحقل ايضا المناطق التي كان يقطنها الزيدية و هذا ما يفيد في تحديد النطاق الذي كان يعيش فيه الشيعة الزيدية .
((لـكـل طائفة من هذه الطوائف (الشيعية والسنية المختلفة ) غلبة في مكان ما فالزيدية يقيمون في الـيـمـن والطائف و مكة التي تعد دار الملك في الاسلام , و كذلك في الكوفة حرم اميرالمؤمنين , و اكثر مناطق جيلان , و جبال الديلم و بعض مناطق المغرب و جعلواالخطبة والسكة باسم ائمتهم , و هم الفاطميون العلما الزهاد الشجعان الذين قاموابالسيف و لم يخطبوا باسم الخليفة و السلطان , و لم يسكوا النقود باسمه , الا في الكوفة القريبة من عاصمة الحكم و ياخذون في مكة اموالا كثيرة سنويا و تصل اليهم الخلع و كان قضاتهم و فقهاؤهم و علماؤهم كافة يفتون على مذهبهم )).
امـا الـحـنـفـيـون فيكثرون في خراسان من نيسابور الى اوزكند (قصبة في بلاد ماوراالنهر)و سـمـرقند, و حدود تركستان و غزنين و ماوراالنهر و هم ذوو توجه واحد, و يقرون بالتوحيد والـعـدل و عـصـمة الانبيا و يعترفون بمنزلة اهل البيت و فضل الصحابة ,و يعتقدون بالجزا على الاعمال ((1449)) .
و امـا الـمـعـتـزلـة فهم يعيشون في خوارزم يقتدون بابي حنيفة في الفقه , و بمذهب اهل البيت في الاصول لكنهم يخالفون هذا المذهب في الامامة والوعيد علما بان الحنفيين يقيمون في العراق ايضا و لهم الغلبة هناك و اما الشافعية , فنجدهم في مناطق آذربايجان حتى بوابة الروم , و همدان , و اصفهان , و ساوه , و قزوين , و امثال هذه المدن و الناس مابين مشبهة , و اشاعرة , و كلابية , و حنابلة و اكثر الموجودين في لرستان , و خوزستان , وكره , و كربايكان (گلبايگان ), و هروكرد(بروجرد), و نهاوند, و تلك الحدود, هم مشبهة ومجسمة و اغلب القاطنين في حدود الشام زيدية و اسماعيلية )).
و مـن الحواضر السنية في راي الرازي ايضا: ((دركنده , باطان , شهرستان (محلا ت في الري ), قـزويـن , هـمدان , آمل , طبرستان , مزدقان , اصفهان , آذربايجان , ابهر وزنجان ((1450)) , لار, بـروجـرد ((1451)) , كـلان آمـل , اهـواز, خـوزسـتـان , طـوس ,اردبـيـل , سـاوه , نهاوند, كـره ((1452)) و لـم يـكـن شيعي في اسدآباد قط, كما لم يكن فيهاحنفي فاهلها كلهم مجبرة و مشبهة و لا نشم رائحة التشيع في سكزي (من توابع سجستان او جبل في زابلستان ((430))) و كانت خوي من المناطق السنية ايضا ((1454)) .
و قال افضل الدين في كرمان بوصفها منطقة سنية : (( انها مطهرة من التشبيه , و التعطيل ,والزندقة , و الـرفض , والاعتزال , و الجبر, والقدر اهلها يوحدون اللّه , و يقرون بمحمد ـصلى اللّه عليه و آلـه ـ رسـولا بـالـحق و لا يسيئون الى الصحابة الاربعة , و يقدمون ابابكرالصديق , ثم عمر, ثم عـثـمان , ثم عليا و مذهبهم هو مذهب الامام الاعظم ابي حنيفة , والامام المطلق الشافعي لا يزيدون على هذا شيئا ((1455)) )).
و قـال فـي الـمـناطق الزيدية ايضا: ((لهم في الري مدارس معروفة و يدين بالمذهب الزيدي فقها كثيرون و هذا المذهب ظاهر و معروف في ارجا شتى كجبال جيلان ,و الديلم , و اليمن , والطائف , و مـكة حرم اللّه و لا يعمل الزيدية بالتقية ((1456)) و اكثراهل الكوفة على هذا المذهب و هو مذهب السيد حسن امير مكة و لهم علم ابيض ((1457)) )).
ان وجود السادة في الامصار المختلفة مؤشر على وجود التشيع فيها و قد تحدثنا عن ذلك في موضع آخر من هذا الكتاب و قلنا: ان السادة , بعامة , هم شيعة او زيدية في الاقل و هذه نفسها نزعة شيعية ايـضـا, و لو في الحد الادنى من التشيع و ان السادة الحسنيين ,عادة , زيديون , مع اننا لا نستطيع ان نعمم هذه النظرة و لعل الباعث على هويتهم الزيدية هو قيام الانتفاضات التي نهض بها آل الحسن تبعا لزيد بن علي ـ عليه السلام و يشكل آل الحسن , في الحقيقة , النواة الاصلية لقادة الزيدية .
و يـعرض المرحوم عبدالجليل الرازي فهرسا باسما السادة الذين كان بعضهم سنيا,و هم ينتشرون فـي مدن مختلفة و هذا نفسه دليل على حجم تغلغل التشيع في تلك المدن ,و كذلك على سبب انتشار الـتـشـيع فيها و من المؤسف اننا لا نمتلك فهرسا منظما باسماالاسر الكبيرة من السادات في المدن الـمـخـتلفة كي نتمكن من رسم صورة دقيقة لوضع الشيعة في ضوئه و ليس في ايدينا معلومات عن وضـعـهم المعاشي ايضا حتى يستبين الموضوع جيدا و نجتزئ هنا بما عرضه المرحوم الرازي و للقرا ان ينعموا النظر فيه , ويتخذوه دليلا للتعرف الافضل على الجغرافية الدينية للشيعة في القرن الخامس و السادس .
((النقيب الطاهري الموسوي بفضله و عدته و جاهه و حرمته و السيد ابو طاهرالجعفري , العالم الـزاهد الشاعر ثم بيت السيد ابي هاشم علا الدولة الذين ما برح الحكم بايديهم و اسرة السيد نقيب جمال الدين شرفشاه الحسيني بوه و السيد طباطبا الحسيني بعلمه و منزلته في اصفهان و السيد قوام الـشرف الحسيني بدرجته التامة و حرمته العظيمة في اصفهان ايضا ثم بيت السيد الزكي بالري , و قـم , و كـاشان و نجله السيد الاجل المرتضى ذوالفخرين ابوالحسن علي بن المطهر بن علي و تاج الدين , و الامير شمس الدين ابوالفضل الرضوي بقم ثم بيت السيد ابي طاهر الجعفري بقزوين و من المتقدمين المتملكين و الرؤسا و السادات في الري و قزوين : السيد ابو القاسم دوكيس جا الى الري قـادمـا مـن كـلار و كـجور و اصبح اميرا و ملكا فيها و سادات نيسابور و نقباؤها مع صولتهم و شـوكـتهم كالسيد الاجل ذخر الدين و اسرته , و غيرهم و من سادات سبزوار:السيد عزالدين و ولـده عـمـادالـدين , الملك العالم المرضي المعروف و سادات جرجان كالسيد المنتهي نورالدين , و نـاصـرالـديـن و غـيرهما و من سادات استرآباد: السيد نظام الدين ناصر بن ظفر, و السيد الامام صـدرالـديـن الـسـمـرقندي و السادة الساكنون في حدودفارس و كرمان كالسيد قوام اشرف بن الناصرلدين اللّه و يطول بنا المقام لو اردنا ان نفصل في اسما و القاب السادة القاطنين في خراسان , و سمرقند, و ماوراالنهر)).
و يواصل الرازي حديثه فيقول : ((والعلوي الاصيل لا يكون الا اماميا, و لا يمكن ان يكون غير ذلك و الا فهو زيدي ((1458)) )).
و كـانـت اجـزا من خراسان في عداد المناطق الشيعية على امتداد القرن الخامس و السادس , حتى يـسـتـشف من بعض الوثائق ان التشيع كان في اتساع آنذاك و ترتبط هذه المسالة بحساسية الشيعة حـيـال مـشـهـد الامـام علي بن موسى الرضا ـ عليه السلام ـ الذي كان يمثل مسرحا للاصطدامات والاشـتـباكات الموسمية بين الشيعة و السنة في كل سنة و نلحظ وثيقة تعود الى سنة 579 ه قد اشارت الى المناطق الشيعية في ذلك العصر ومن الثابت ان سابقتها تقدر بقرن واحد في الاقل , حتى ان الـشـيـعة كانوا اكثرية في بعض المناطق و ثمة رسالة عنوانها: رسالة الهنود في اجابة دعوى الـعـنود, كتبها الامير السيد بهاالدين الحسن بن المهدي و وردت فيها موضوعات مختلفة و مما جا فـيـهـا: ((و لم يبق في خراسان انسان الا و له يد و لسان و سيف و الا و التشيع ديدنه و دينه , و قرينه و خدينه , الى ماتركنا الالمام بذكره من افراد الحجاز والشام ونواحيها و آحاد مدن خراسان والـعـراق و مـاتضمنه و تحويها, و هلم جرا الى طبرستان روضة الدنيا و غديرها تجدهم و من التشيع في رؤسهم نخوة , فما اكثر الشيعة و ما اقواهم و ابسط ايديهم و ما اعلاهم ((1459)) )).