عربي
Thursday 26th of December 2024
0
نفر 0

أقوال شاذة :

أقوال شاذة :

وحفلت بعض مصادر التاريخ والاخبار بصور مختلفة لتسمية الامام الحسين ( ع ) لا تخلو من التكلف والانتحال وهي:

1 - ما رواه هانئ بن هانئ عن علي ( ع ) قال : لما ولد الحسن جاء رسول الله ( ص ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : سميته حربا ، قال : بل هو حسن ، فلما ولد الحسين قال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : سميته حربا ، قال : بل هو حسين ، فلما ولد الثالث جاء النبي صلى الله عليه وآله فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : حربا ، فقال بل هو محسن ( 2 ).

وهذه الرواية - فيما نحسب - لا نصيب لها من الصحة وذلك:

أ - أن سيرة أهل البيت ( ع ) قامت على الالتزام بحرفية الاسلام


( 1 ) أسد الغابة 2 / 11 ، وفي تاريخ الخلفاء ( ص 188 ) روى عمران بن سليمان قال : الحسن والحسين اسمان من اسماء أهل الجنة ، ما سمعت العرب بهما في الجاهلية.

( 2 ) نهاية الارب 18 / 213 ، الاستيعاب المطبوع على هامش الاصابة 1 / 368 ، تهذيب التهذيب 2 / 296 ، مسند أحمد بن حنبل . ( * )

[32]

وعدم الشذوذ عن أي بند من أحكامه ، وقد كره الاسلام تسمية الانباء بأسماء الجاهلية التي هي رمز للتأخر والانحطاط الفكري ، مضافا إلى أن هذا الاسم على لجد الاسرة الاموية التي تمثل القوى الحاقدة على الاسلام والباغية عليه ، فكيف يسمي الامام ابناءه به ؟ ! !.

ب - إن اعراض النبي ( ص ) عن تسمية سبطه الاول به مما يوجب ردع الامام عن تسمية بقية أبنائه به.

ج - إن المحسن باتفاق المؤرخين لم يولد في حياة الرسول ( ص ) وإنما ولد بعد حياته بقليل ، وهذا مما يؤكد انتحال الرواية وعدم صحتها.

2 - روى احمد بن حنبل بسنده عن الامام علي ( ع ) قال : لما ولد لي الحسن سميته باسم عمي حمزة ، ولما ولد الحسين سميته باسم أخي جعفر فدعاني رسول الله ( ص ) فقال : إن الله قد أمرني أن أغير اسم هذين فسماهما حسنا ، وحسينا " ( 1 ) . وهذه الرواية كسابقتها في الضعف فان تسمية السبطين بهذين الاسمين وقعت عقيب ولادتهما حسب ما ذهب إليه المشهور ولم يذهب أحد إلى ما ذكره أحمد .

3 - روى الطبراني بسنده عن الامام علي ( ع ) أنه قال : لما ولد الحسين سميته باسم أخي جعفر فدعاني رسول الله ( ص ) وأمرني أن أسميه حسينا ( 2 ) ، وهذه الرواية تضارع الروايتين في ضعفها فان الامام أمير المؤمنين عليه السلام لم يسبق رسول الله ( ص ) في تسمية سبطه وريحانته وهو الذي أسماه بذلك حسب ما ذهب اليه المشهور وأجمعت عليه روايات أهل البيت ( ع ).


( 1 ) مسند الامام أحمد بن حنبل.

( 2 ) المعجم الكبير للطبراني . ( * )

[33]

ثالثا : العقيقة :

وبعدما انطوت سبعة أيام من ولادة السبط أمر النبي ( ص ) أن يعق عنه بكبش ، ويوزع لحمه على الفقراء كما أمر أن تعطى القابلة فخذا منها ( 1 ) ، وكان ذلك من جملة ما شرعه الاسلام في ميادين البر والاحسان إلى الفقراء.

رابعا : حلق رأسه :

وأمر النبي ( ص ) أن يحلق رأس وليده ، ويتصدق بزنته فضة على الفقراء ( 2 ) فكان وزنه - كما في الحديث - درهما ونصفا ( 3 ) وطلى رأسه بالخلوق ( 4 ) ونهى عما كان يفعله أهل الجاهلية من اطلاء رأس الوليد بالدم ( 5 ).


( 1 ) مسند الامام زيد ( ص 468 ) ، تحفة الازهار وزلال الانهار ، وجاء في الذرية الطاهرة عن عائشة أن رسول الله ( ص ) عق عن الحسن والحسين شاتين شاتين ، وذبح عنهما يوم السابع ، وقال : اذبحوا على اسمه فقولوا : " بسم الله اللهم لك وإليك هذه عقيقة فلان " وروى هذه الرواية الحاكم في المستدرك 4 / 237 ، وطعن بها شمس الدين الذهبي في تلخيص المستدرك 4 / 237 وقال : إن راويها سوار وهو ضعيف ، وذهب مشهور الفقهاء إلى استحباب ذبح شاة واحدة في العقيقة.

( 2 ) الرياض النضرة ، صحيح الترمذي ، نور الابصار.

( 3 ) دعائم الاسلام 2 / 185.

( 4 ) الخلوق : طيب مركب من زعفران وغيره ( 5 ) البحار 10 / 68 . ( * )

[34]

خامسا : الختان :

وأوعز النبي ( ص ) إلى أهل بيته باجراء الختان على وليده في اليوم السابع من ولادته ، وقد حث النبي ( ص ) على ختان الطفل في هذا الوقت المبكر لانه أطيب له وأطهر ( 1 ).

رعاية النبي للحسين :

وتولى النبي ( ص ) بنفسه رعاية الحسين ، واهتم به اهتماما بالغا فمزج روحه بروحه ، ومزج عواطفه بعواطفه ، وكان - فيما يقول المؤرخون -:

يضع ابهامه في فيه ، وأنه أخذه بعد ولادته فجعل لسانه في فمه ليغذيه بريق النبوة وهو يقول له:

" إيها حسين ، إيها حسين ، أبى الله إلا ما يريد هو - يعني الامامة - فيك وفي ولدك . . . " ( 2 ).

وفي ذلك يقول السيد الطباطبائي :

ذادوا عن الماء ضمآنا مراضعه *** من جده المصطفى الساقي أصابعه

يعطيه إبهامه آنا وآونة *** لسانه فاستوت منه طبائعه

غرس سقاه رسول الله من يده *** وطاب من بعد طيب الاصل فارعه


( 1 ) جواهر الاحكام كتاب النكاح ، وجاء فيه أن رسول الله ( ص ) قال : " طهروا أولادكم يوم السابع فانه أطيب وأطهر ، وأسرع لنبات اللحم ، وأن الارض تنجس من بول الاغلف أربعين يوما . . . ".

( 2 ) المناقب 3 / 50 . ( * )

[35]

لقد سكب الرسول ( ص ) في نفس وليده مثله ومكرماته ليكون صورة عنه ، وامتدادا لحياته ، ومثلا له في نشر أهدافه وحماية مبادئه.

تعويذ النبي للحسنين :

وبلغ من رعاية النبي ( ص ) لسبطيه ، وحرصه على وقايتهما من كل سوء وشر أنه كان كثيرا ما كان يعوذهما فقد روى ابن عباس قال:

" كان النبي ( ص ) يعوذ الحسن والحسين قائلا : " أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة " ويقول : " هكذا كان ابراهيم يعوذ ابنيه اسماعيل واسحاق " ( 1 ).

ويقول عبد الرحمان بن عوف:

قال لي رسول الله ( ص ):

" يا عبد الرحمان : ألا أعلمك عوذة كان ابراهيم يعوذ بها ابنيه اسماعيل واسحاق ، وأنا أعوذ بها ابني : الحسن والحسين . . . كفى بالله واعيا لمن دعا ، ولا مرمى وراء أمر الله لمن رمى . . . " ( 2 ).

ودل ذلك على مدى الحنان ، والعطف الذي يكنه ( ص ) لهما ، وأنه كان يخشى عليهما من أن تصيبهما عيون الحساد فيقيهما منها بهذا الدعاء.

ملامحه:

وبدت في ملاح الامام الحسين ( ع ) ملامح جده الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله فكان يحاكيه في أوصافه ، كما كان يحاكيه في أخلاقه


( 1 ) ذخائر العقبى ( ص 134 ) مشكل الآثار.

( 2 ) ذخائر العقبى ( ص 134 ) . ( * )

[36]

التي امتاز بها على سائر النبيين ، ووصفه محمد بن الضحاك فقال : " كان جسد الحسين يشبه جسد رسول الله ( ص ) " ( 1 ) ، وقيل : إنه كان يشبه النبي ( ص ) ما بين سرته إلى قدميه ( 2 ) وقال الامام علي ( ع ):

" من سره أن ينظر إلى أشبه الناس برسول الله ( ص ) ما بين عنقه وثغره فلينظر إلى الحسن ، ومن سره أن ينظر إلى أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وآله ما بين عنقه إلى كعبه خلقا ولونا فلينظر إلى الحسين ابن علي . . . " ( 3 ).

لقد بدت على وجهه الشريف أسارير الامامة فكان من أشرق الناس وجها ، فكان كما يقول أبوكبير الهذلي:

وإذا نظرت إلى أسرة وجهه برقت كبرق العارض المتهلل ووصفه بعض المترجمين له بقوله : " كان أبيض اللون ، فاذا جلس في موضع فيه ظلمة يهتدى اليه لبياض حسنه ونحره " ( 4 ) ويقول آخر : " كان له جمال عظيم ، ونور يتلالا في جبينه وخده ، يضئ حواليه في الليلة الظلماء وكان أشبه الناس برسول الله ( ص ) " ( 5 ) ، ووصفه بعض الشهداء من


( 1 ) المعجم الكبير للطبراني من مصورات مكتبة الامام أمير المؤمنين العامة.

( 2 ) المنمق في أخبار قريش ( ص 535 ) ، خطط المقريزي 2 / 285 الافادة في تاريخ الائمة السادة من مصورات مكتبة الامام الحكيم العامة.

( 3 ) المعجم الكبير للطبراني.

( 4 ) الافادة في تاريخ الائمة السادة.

( 5 ) محاضرات الاوائل والاواخر لعلي درة الحنفي ( ص 71 ) وفي مصابيح السنة 2 / 202 عن أنس قال : لم يكن أحد أشبه بالنبي ( ص ) من الحسن بن علي ، وقال في الحسين : كان أشبههم برسول الله ( ص ) وفي أنساب الاشراف ج 1 ق 1 : ان الحسين كان يشبه النبي ( ص ) . ( * )

[37]

أصحابه في رجز كان نشيدا له في يوم الطف يقول:

له طلعة مثل شمس الضحى *** له غرة مثل بدر منير هيبته:

وكانت عليه سيماء الانبياء ، فكان في هيبته يحكي هيبة جده التي تعنو لها الجباه ، ووصف عظيم هيبته بعض الجلادين من شرطة ابن زياد بقوله:

" لقد شغلنا نور وجهه ، وجمال هيبته عن الفكرة في قتله ".

ولم تحجب نور وجهه يوم الطف ضربات السيوف ، ولا طعنات الرماح ، فكان كالبدر في بهائه ونضارته وفي ذلك يقول الكعبي:

ومجرح ما غيرت منه القنا حسنا *** ولا أخلقن منه جديدا

قد كان بدرا فاغتدى شمس الضحى *** مذ ألبسته يد الدماء برودا

ولما جئ برأسه الشريف إلى الطاغية ابن زياد بهر بنور وجهه فانطلق يقول:

" ما رأيت مثل هذا حسنا ! ! ".

فانبرى إلى أنس بن مالك منكرا عليه قائلا:

" أما أنه كان أشبههم برسول الله ؟ " ( 1 ).

وحينما عرض الرأس الشريف على يزيد بن معاوية ذهل من جمال هيبته وطفق يقول:

" ما رأيت وجها قط أحسن منه ! ! ".


( 1 ) أنساب الاشراف للبلاذري ج 1 / ق 1 ، مخطوط بمكتبة الامام أمير المؤمنين ( ع ) العامة.

[38]

فقال له بعض من حضر:

" إنه كان يشبه رسول الله ( ص ) " ( 1 ).

لقد أجمع الرواة أنه كان يحاكي جده الرسول ( ص ) في أوصافه وملامحه وأنه كان يضارعه في مثله وصفاته ، ولما تشرف عبد الله بن الحر الجعفي بمقابلته امتلات نفسه اكبارا وإجلالا له وراح يقول:

" ما رأيت أحدا قط أحسن ، ولا أملا للعين من الحسين . . " لقد بدت على ملامحه سيماء الانبياء وبهاء المتقين ، فكان يملا عيون الناظرين إليه ، وتنحني الجباه خضوعا وإكبارا له.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

حالة العالم قبل البعثة المحمدية
مناظرة هشام مع ضرار
ابو طالب (علیه السلام)
المذهب الحنبلي
المقال الذي سبب أزمة فى مصر
أقوال شاذة :
مقام الإمام المهدي عليه السلام عند الله تعالى:
المتعة ؛ سنة في زمن الرسول(ص) و أبي بکر ـ (الحلقة ...
الأزارقة
زياد ابن أبيه.. أحد رمـــوز الإرهاب الأموي

 
user comment