في عاصمة الخلافة
عن احد المواقع
ابتهاجاً بقتل ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسبي ذرّيتِهِ وحملِ رؤوسِ قَتْلاهم إلى دمشق عاصمة الخلافة، فقد أمر الخليفة يزيد بتزيينِ العاصمةِ وتعليقِ الزِّينةِ وتسييرِ مجاميعَ مِنَ الرّاقصاتِ في الشّوارعِ وهُنّ يرقُصْنَ على أنغامِ الطّبول والدّفوف . قال عامر الشعبي: وأضاف يزيد على تلك الابيات بيتين هما: وقد رافقَ وصول سبايا آل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى دمشق أيضاً حملة إعلاميّة مضلِّلة، تقول: إنّ اُولئك السّبايا خوارج خرجوا على الخليفة الشرعي يزيد فقتلهم وجيء بنسائهم وأطفالهم، وأشاعوا ذلك بين الجماهير، وأمروها بإظهار معالم الزِّينة والفرح، وقد صدّق بعض الناس ذلك حتّى أنّ المؤرِّخين رووا الواقعة التالية : ثمّ قال عليّ بن الحسين (رحمه الله) :(( ويلك يا يزيد، إنّك لو تدري ما صنعتَ وما الّذي ارتكبتَ من أبي وأهل بيتي وأخي وعمومتي إذاً لهربتَ في الجبالِ وفَرَشتَ الرّمادَ، ودعوت بالويلِ والثُّبورِ، أن يكونَ رأسُ الحسين بن فاطمة وعليّ (رضي الله عنه) منصوباً على باب المدينة وهو وديعة رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) فيكم، فأبشر بالخزي والندامة غداً إذا جُمِعَ الناسُ ليوم لا ريبَ فيه)) . مُنحنياً على ثنايا أبي عبدالله سيِّدِ شبابِ أهلِ الجنّةِ تَنكُتُها بِمِخْصَرَتِكَ، وكيفَ لا تقول ذلك، وقد نكأتَ القُرحةَ، واسْتأصَلْتَ الشأفَةَ، بإراقَتِكَ دماءَ ذرّية محمّد (صلّى الله عليه وآله) ونجومِ الأرضِ مِن آلِ عبدالمطلب، وتهتفُ بأشياخِكَ، زَعمتَ أنّكَ تُناديهم، فَلَتَرِدَنَّ وَشيكاً مَوْرِدَهُم وَلَتَوُدَّنَّ أنّكَ شُلِلْتَ وَبَكُمْتَ، ولم تَكُنْ قُلتَ ما قُلْتَ، وفَعَلْتَ ما فَعَلْت . وهكذا عاشت المدينـة الحُزنَ والغضبَ، حتّى أعلنت ثورتَها، ورفضها للحكم الأموي بقيادة عبدالله بن حنظلة، ودفعت الثمنَ باهِظاً بحبِّ الحسين والولاءِ لأهلِ البيت(عليهم السلام) .
واجتاز موكبُ السّبايا والرّؤوسِ شوارعَ المدينة، حتّى وصل إلى بلاط يزيد، الّذي كان مَزْهوّاً بقتله للحسين، وقد وضع على رأسه تاجاً مُكلّلاً بالدُّرِّ والياقوت. ودعا إليه (أشرافَ أهلِ الشّام وأجلسَهُم حوله) .
ثمّ جيء برؤوس الشُّهداء يتقدّمها رأسُ الحسـين (عليه السلام)، وكان بِيَدِ يزيد قضيبٌ فجعل يضربُ به فَمَ الحسين (عليه السلام)، (فقال رجلٌ من أصحابِ رسول الله (صلى الله عليه وآله) يُقال له أبو بَرزة الأسلمي: أتنكتُ بقضيبكَ في ثغرِ الحسين ؟ أما لقد أخذَ قضيبُكَ مِن ثغرِهِ مَأخذاً لربّما رأيتُ رسولَ الله (صلى الله عليه وآله) يرشفُهُ، أما إنّكَ يا يزيد تجيء يوم القيامة وابنُ زياد شفيعك، ويجيء هذا يوم القيامة ومحمّد (صلى الله عليه وآله) شفيعه، ثمّ قام فَوَلَّى) .
لقد قُتل عددٌ من آل اُميّة وهم مُشركون في واقعة بدر كما هو معلوم، وظلّ الحقد يغلي في قلوب أفراد هذه الاُسرة حتّى وصل الامر إلى يزيد الّذي ما أن وضع رأس الحسـين (عليه السلام) أمامه حتّى تمثّل بأبيات شاعر من مشركي قريش هو ابن الزّبعرى يتحسّر فيه على قتلى المشركين ببدر وهي:لَـيْتَ أشـياخي بِبَدْر
لأهـلّـوا واسـتَهَلّوا فـرحا ثـمّ قـالوا يـا يزيد لا تُشَل شَهدوا جَزعَ الخزرج مِن وقعِ الاسللـعبت هـاشِمُ بـالمُلْكِ
لَـستُ مِن خندف إن لم أنتَقِم مِـن بـني أحمدَ ما كانَ فعل فَلا خَـبرٌ جـاءَ ولا وحيٌ نزل
( اُتيَ بحرمِ رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) حتّى اُدخلوا مدينة دمشق من باب يُقالُ له باب توماء، ثمّ اُتي بهم حتّى وقفوا على درج باب المسجد حيث يُقام السّبي، وإذا بشيخ قد أقبلَ حتّى دنا منهم وقال: الحمد لله الّذي قَتَلَكُم وأهلَكَكُم وأراح الرِّجالَ مِن سَطْوَتِكُم وأمْكَنَ أميرَ المؤمنين منكم .
فقال له عليّ بن الحسين: ((يا شيخ ! هل قرأت القرآنَ ))؟ فقال: نعم، قد قرأتُهُ . قال :(( فعرفتَ هذه الآية: ( قُل لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلّا الْمَوَدّةَ فِي الْقُرْبَى ) ))؟ قال الشيخ: قد قرأتُ ذلك . قال عليّ بن الحسين (رضي الله عنه) :(( فنحنُ القُربى يا شيخ، قال: فهل قرأتَ في سورة بني إسرائيل: (وَآتِ ذَا ا لْقُرْبَى حَقَّهُ ) ))؟ قال الشيخ: قد قرأتُ ذلك . فقال عليّ (رضي الله عنه) :(( نحنُ القُربى يا شيخ، ولكن هل قرأتَ هذه الآية: ( وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَنِمْتُم مِن شَيْ ءٍ فَأَنّ للّهِ ِ خُمُسَهُ وَلِلرّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى ) ؟ قال الشيخ: قد قرأتُ تلك . قال عليّ :(( فنحن ذو القربى يا شيخ، ولكن هل قرأتَ هذه الآية: ( إِنّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيراً ) ))؟ قال الشيخ: قد قرأتُ ذلك . قال عليّ:(( فنحنُ أهل البيت الّذين خُصِّصنا بآية الطّهارة)).
فبقي الشيخ ساعة ساكتاً نادماً على ما تكلّمه ثمّ رفع رأسه إلى السماء وقال: اللّهمّ إنِّي تائبٌ إليك ممّا تكلّمتُهُ، ومِن بُغض هؤلاء القوم، اللّهمّ إنِّي أبرأُ إليكَ مِن عَدُوِّ محمّد وآل محمّد مِنَ الجِنِّ والانس).
ولنعد إلى مجلس يزيد لنشاهد ما وقع فيه عندما اُوقف عليّ بن الحسين مع السبايا بين يدي يزيد، فقال له يزيد :(أراد أبوك وجدّك أن يكونا أميرين، فالحمد لله الّذي أذلّهما وسفك دماءهما، فقال عليّ بن الحسين :(( يا ابنَ معاوية ! وهند وصَخر، لم يَزلْ آبائي وأجدادي فيهم الإمرة مِن قَبلِ أن تولدَ، ولقد كان جدِّي عليّ ابن أبي طالب (رضي الله عنه) يوم بدر واُحُد والأحزاب في يدهِ رايةُ رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)، وأبوك وجدّك في أيديهما راياتُ الكفّار))، ثمّ جعل عليّ بن الحسين يقول:مـاذا تـقولون إذ قالَ النبيّ
بـعترتي وبـأهلي بـعد مُنْقَلبي مـنهم اُسارى ومنهم ضُرِّجوا بدم
ما كان هذا جزائي إذ نصحتُكُم أنْ تُـخْلِفوني بسوء في ذوي رحمي لكم مـاذا فـعلتُم وأنـتُمْ آخِـرُ الاُمم
فالتفتَ حبر من أحبار اليهود وكان حاضراً فقال ليزيد :
مَنْ هذا الغلامُ يا أمير المؤمنين ؟ فقال: هذا صاحبُ الرّأسِ هو أبوه، قال: ومَنْ هوَ صاحبُ الرّأسِ يا أمير المؤمنين ؟ قال:الحسين بن عليّ بن أبي طالب، قال فمَنْ اُمّه ؟ قال: فاطمة بنت محمّد (صلى الله عليه وآله)، فقال الحبر: يا سبحانَ الله، هذا ابنُ بنتِ نبيِّكم قتلتُموه في هذه السِّرعةِ ؟ بِئْسَ ما خلفتُموهُ في ذُرِّيّتِهِ، واللهِ لو خلّف فينا موسى بن عمران سِبْطاً مِن صُلبِهِ لكنّا نعبدُهُ مِن دون الله، وأنتم إنّما فارقكم نبيِّكم بالامس فوثبتُم على ابن نبيِّكم فقتلتُموه، سوأةً لكم مِن اُمّة، فأمرَ يزيد به فَوُجِئَ بحلقِهِ ثلاثاً، فقام الحبر وهو يقول: إنْ شِئتُم فاقتلوني، وإنْ شِئتُم فَذَروني، إنِّي أجدُ في التوراة: مَن قَتَلَ ذرّيةَ نبي، فلا يزالُ مغلوباً أبداً ما بقي، فإذا ماتَ يُصـليه اللهُ نارَ جَهنّم).
وقد روى المؤرِّخون خطبة للعقيلة زينب بنت عليّ (عليه السلام) خاطبت بها يزيد وهو في بلاطه ينفِّسُ عن أحقاده برؤيته أبناء رسول الله (صلى الله عليه وآله) مكبّلين بالقيود والأصفاد يلبسون الرّثّ من الثِّياب وهي :
(الحمدُ لله ربّ العالمين وصلّى الله على رسوله وآله أجمعين، صدق الله سبحانه حيث يقول:( ثُمّ كَانَ عَاقِبَةَ الّذِينَ أَسَاءُوا السّوءى أَن كَذّبُوا بِآيَاتِ اللّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ)، أظننتَ يا يزيدُ أ نّكَ أخَذتَ علينا أقطارَ الارضِ وآفاقَ السّماء، فأصبحنا نُساقُ كما تُساقُ الاُسارى، أنّ بنا على اللهِ هَواناً وبك عليه كرامة وأنّ ذلك لِعظمِ خَطَرِكَ عنده ؟ فشمختَ بأنفِكَ ونظرتَ في عِطفِكَ، جَذلان مسروراً، حين رأيتَ الدُّنيا لكَ مُسْتَوْسِقة والاُمورُ مُتّسِقة، وحين صفا لكَ ملكُنا وسُلطانُنا، فمهلاً مهلاً، أنسيتَ قولَ الله تعالى: ( وَلاَ يَحْسَبَنّ الّذِينَ كَفَرُوا أَنّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ).
أمِنَ العَدْلِ يا ابنَ الطُّلَقاءِ، تَخديرُكَ حَرائِرَكَ وإماءَكَ، وسوقُكَ بناتِ رسول الله سبايا، قد هُتِكَتْ سُتُورُهُنّ، واُبدِيَتْ وُجُوهُهُنّ، تحدو بهنّ الاعداءُ مِن بلد إلى بلد، ويَسْتَشْرِفُهُنّ أهلُ المناهلِ والمعاقلِ، ويتصفّحُ وُجُوهَهُنّ القريبُ والبعيدُ، والدّنِيُّ والشّريفُ، ليسَ مَعَهُنّ مِن حُماتِهِنّ حميٌّ ولا مِن رِجالهنّ وليٌّ، وكيفَ يُرتجى مُراقبةُ مَنْ لفظ فوهُ أكبادَ الازكياء، ونبتَ لحمُهُ مِن دماءِ الشُّهداء، وكيفَ يُستبطَأُ في بُغْضِنا أهلَ البيتِ مَن نظرَ إلينا بالشَّنَفِ والشَّنَآنِ، والاحنِ والاضغانِ، ثمّ تقول غيرَ مُتأثِّم ولا مُسْتَعْظِم :لأهلّوا واستهلّوا فَرَحا ثمّ قالوا يا يزيد لا تُشَل
اللّهمَّ خُذْ لنا بِحَقِّنا،وانتَقِمْ مِمَّن ظَلَمَنا، واحلُلْ غَضَبَكَ بِمَنْ سَفَكَ دِماءَنا، وقَتَلَ حُماتَنا .
فوَالله ما فريتَ إلاّ جِلْدَك، ولا حَزَزْتَ إلاّ لَحْمَكَ، ولَتَرِدَنَّ على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بما تحمّلتَ مِن سفكِ دماءِ ذرِّيّته وانتهكتَ مِن حُرمَتِهِ في عترتِهِ ولُحْمَتِهِ، حيث يجمعُ الله شملَهُم، ويلمُّ شَعثَهُم، ويأخذُ بحقِّهم (وَلاَ يَحْسَبَنّ الّذِينَ كَفَرُوا أَنّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) .
وحسبُكَ باللهِ حاكماً، وبمحمّد (صلّى الله عليه وآله) خصيماً، وبجبرئيلَ ظهيراً، وسيعلمُ مَنْ سَوَّلَ لَكَ ومَكَّنَكَ مِن رقابِ المسلمين بئسَ للظّالمين بدلاً، وأيّكم شرٌّ مكاناً، وأضعفُ جنداً .
ولئن جرَّتْ عَلَيَّ الدّواهي مُخاطَبَتَكَ، إنِّي لاستصغِرُ قَدْرَكَ وأستَعْظِمُ تَقْريعَكَ، وأستكْثِرُ توبيخَكَ، لكنِ العيونُ عَبْرى، والصّدورُ حَرّى .
ألا فالعجبَ كلَّ العجبِ، لِقَتلِ حزبِ اللهِ النُّجَباءِ، بحزبِ الشّيطانِ الطُّلَقاء، فهذه الأيدي تنطفُ مِن دمائِنا، والأفواهُ تتحلّبُ مِن لُحومِنا، وتلكَ الجثثُ الطّواهِرُ الزّواكي تنتابها العواسِلُ، وتُعفرها اُمّهاتُ الفراعِلُ، ولئن اتّخذتنا مَغنماً، لَتَجِدَنّا وشيكاً مغرماً، حين لا تَجِدُ إلاّ ما قدّمَتْ يَداكَ، وما ربُّك بظـلاّم للعَبيد، وإلى اللهِ المُشتكى وعليهِ المُعَوّل .
فكِدْ كَيدَكَ، واسْعَ سَعْيَكَ، وناصِبْ جُهْدَكَ، فوَالله لا تمحو ذِكْرَنا، ولا تُميتُ وحيَنا، ولا يَرحَضُ عنكَ عارُها، وهل رأيُكَ إلاّ فَنَدٌ، وأيّامُك إلاّ عَدَدٌ، وجمعك إلاّ بَدَدٌ، يومَ يُنادي المنادي ألا لَعنةُ اللهِ على الظّالمين.
والحمدُ للهِِ رَبِّ العالمين، الّذي خَتَمَ لأوّلِنا بالسّعادةِ والمغفرةِ، ولآخرِنا بالشّهادةِ والرّحمة، ونسألُ الله أن يُكمِلَ لهم الثّوابَ، ويوجِبَ لهم المزيدَ، ويُحسِنُ علينا الخلافةَ، إنّهُ رحيمٌ وَدودٌ، وحسبنا الله ونِعْمَ الوكيل).
لقد روى بعض المؤرِّخين بدوافع مختلفة منها الطّمع بما في أيدي حكّام الجور، أو الخوف من ذكر الحقائق، رووا روايات حاولوا بها تسويغ ما فعله يزيد من قتله ريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحسين بن عليّ وأهل بيته وأصحابه النّجباء، وزعموا أنّ يزيد قد لعنَ عُبيدَالله بن زياد، وأنّه كان يرضى منه بأقلّ مِن قتل الحسين، وما إلى ذلكَ مِن كلام سخيف يكذِّبه ما صدرَ مِن يزيد بعد قتل الحسين (عليه السلام).
فإذا كان يزيد متألِّماً لقتلِ الحسين لماذا إذن أرسلَ رسالةً إلى عُبيدالله يأمرهُ بحملِ نساءِ الحسين وصبيته إلى بلاد الشّام مكبّلين بالقيود؟ ولماذا أقام الاحتفالات وملأ شوارع دمشق بالرّاقصات العازِفات على الدّفوف والصّـنوج ؟ ولماذا وضعَ رأسَ الحسين أمامه في طست وجعلَ يضربُ فَمَهُ الشّريفَ بقضيب كان في يده ؟ ولماذا تمثّل بأبيات عبدالله بن الزّبعرى، وأظهر تشفِّيه من رسول الله محمّد (صلى الله عليه وآله) في قتله لذرِّيّته الطّاهرة ؟ كما ذكرنا ذلك نقلاً عن أوثقِ المصادر في هذا الكتاب ؟
وعلى أيّةِ حال فقد استقرّ السجّاد، ومَنْ صاحَبَهُ مِن بقايا الفاجعة فترة في الشّام، ثمّ سلكوا طريق العودة إلى المدينة، واتّخذت رؤوس الشُّهداء طريقَها إلى كربلاء لِترقُدَ إلى جِوار الأجساد .
دخلَ السجّاد (عليه السلام) المدينةَ وقد سبقه نبأ الفاجعةِ، فَضَجّتِ المدينة بأهلِها، واتّشحت بوشاحِ الحزن، والغضبِ وهي تسمع صوت الناعي ( بِشْرِ بنِ حَذْلَم ) يُردِّد :يا أهلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لكم بها قُتِلَ الحُسينُ فأدمعي
الجِسمُ منهُ بكربلاءَ مُضَرَّجٌ والرأسُ منهُ على القَناةِ يُدارُ مِدْرارُ