مولود وغائب متّفق عليه عند الشيعة :
السؤال : هل هناك دليل من القرآن والسنّة على اختفاء الإمام الحجّة ؟ بارك الله بكم .
الجواب : تارة نبحث عن أصل فكرة المنقذ للبشرية ، وأنّه في آخر الزمان يخرج منقذ للبشرية ، ينقذها من الظلم والجور ، فهذا ممّا اتفقت عليه جميع الأديان .
وتارة نبحث عن أنّ المنقذ هو المهديّ المنتظر (عليه السلام) ، مع غضّ النظر عن أنّه ولد أو لا ، فهذا ممّا اتفق عليه جميع المسلمين .
وتارة نبحث عن المنقذ بأنّه الإمام محمّد بن الحسن العسكريّ ، وأنّه ولد وغاب ، فهذا ممّا اتفق عليه الشيعة الإمامية ، وفي كتبهم من ذلك روايات كثيرة جدّاً ، تصل إلى حدّ التواتر .
(... . ... . ... )
السؤال : يشغل بالي كثيراً هذا السؤال ، وهو : من هو الدجّال ؟ وفي أيّ زمان يخرج ؟ وهل الدجّال فرداً أم جماعةً ؟ ألا نستطيع أن نعتبر أمريكا هي الدجّال ؟
الجواب : هناك اتجاهان في تفسير الدجّال ، أحدها يؤكّد أنّ الدجّال هو ابن صائد ، الذي أكّدته روايات أهل السنّة ، وأيّدته بعض المرويّات عند الإمامية ، ولعلّها اعتمدت على تلك الروايات العامّية .
ثانيها : يذهب إلى أنّ الدجّال رمز يرمز إلى الظلم والكفر والطغيان ، ومع هذا الاتجاه ، يمكنك أن تجعل أي مصداق من مصاديق الكفر والضلال في نطاق مفهوم الدجّال ، وفي المقام بحث واسع لا يسعنا التطرّق إليه .
ولا عليك أن تكلّف نفسك في البحث عن مصداق الدجّال ، أهو الحقيقيّ
|
الصفحة 274 |
|
الذي اسمه ابن صائد ، أو هو المجازي الذي يعني كلّ كفر وضلال ، فإنّ تكليفنا جميعاً هو الاعتقاد الحقّ بوجود المهديّ (عليه السلام) وولادته ، وهو ابن الحسن العسكريّ (عليه السلام) .
وظهوره بعد أن يأذن الله تعالى له بالظهور ، والتسليم لهذا الأمر والانتظار له، وتهذيب النفس وتهيئتها لاستقباله (عليه السلام) ، ومعايشة فكرة الظهور في كلّ لحظة من لحظات حياتنا . هذه هي المطالب الشريفة التي يجب التمسّك بها .
( عبد المنعم إسماعيل . السعودية . 19 سنة . طالب ثانوية )
السؤال : ما هو دليل حياة الإمام المنتظر (عليه السلام) من القرآن ؟
الجواب : إنّ حياة الإمام المهديّ (عليه السلام) في القرآن تثبت بالرجوع إلى الآيات القرآنية التي تثبت وجوب الإمام في كلّ عصر ، فإثبات وجوب الإمامة لا يعني في وقتٍ دون وقت ، فإنّ ذلك يمتد حتّى إلى عصرنا الذي نحتاج فيه الإمام ، لنفس الغرض الذي نثبته في كلّ عصر .
1 ـ قال تعالى : { إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } (1) .
روي عن ابن عباس أنّه قال : لمّا نزلت الآية ، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " أنا المنذر وعلي الهادي من بعدي ، فقال : يا علي بك يهتدي المهتدون " (2) .
فهل الهادي لزمانٍ دون زمان ، وعصرٍ دون عصر ؟
عن الإمام الباقر (عليه السلام) في قول الله تعالى : { إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ }، قال : " رسول الله المنذر ، وعلي الهادي ، والله ما ذهبت منّا ، وما زالت فينا إلى الساعة " (3) .
ممّا يدلّ على أنّ هذه الآية مستمرة إلى قيام الساعة ، ففي كلّ عصر هادٍ من أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) ، ومنهم الإمام المهديّ (عليه السلام) حتّى عصرنا هذا وما بعده ،
____________
1- الرعد : 7 .
2- المسترشد : 359 ، شرح الأخبار 2 / 272 و 350 ، مناقب آل أبي طالب 2 / 280 ، الصراط المستقيم 2 / 10 ، فتح الباري 8 / 285 ، تفسير أبي حمزة الثمالي : 215 ، تفسير فرات الكوفي : 206 ، التبيان 6 / 223 ، مجمع البيان 6 / 15 ، خصائص الوحي المبين : 140 ، جامع البيان 13 / 142 ، شواهد التنزيل 1 / 382 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 359 ، بشارة المصطفى : 377 .
3- بصائر الدرجات : 50 ، تفسير العيّاشيّ 2 / 204 .
|
الصفحة 275 |
|
إذ لا يخلو زمان عن إمامٍ هادٍ .
وعن محمّد بن مسلم قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عزّ وجلّ : { إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } ، فقال : " إمام هاد لكلّ قومٍ في زمانهم " (1) .
وعن الإمام الصادق (عليه السلام) في حديث طويل : " ولم تخل الأرض منذ خلق الله آدم من حجّة لله فيها ، ظاهر مشهور ، أو غائب مستور ، ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجّة لله فيها ، ولولا ذلك لم يعبد الله " .
قال سليمان ـ راوي الحديث ـ فقلت للصادق (عليه السلام): فكيف ينتفع الناس بالحجّة الغائب المستور ؟ قال (عليه السلام): " كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب " (2) .
2 ـ قوله تعالى : { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } (3) .
وإيصال القول أي تبليغهم بآيات الله وأحكامه ، وهذه لا يقوم بها إلاّ الإمام، وفي زماننا هو الإمام المهديّ (عليه السلام) ، فلابدّ من وجوده ، ليتمّ مصداق هذه الآية .
عن الإمام الصادق (عليه السلام) في قوله : { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ } قال : " إمام بعد إمام " (4) .
3 ـ قوله تعالى : { إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً } (5) .
فهل هذه الآية لزمانٍ دون زمان ؟ أم هي متصلة إلى أن تقوم الساعة ؟ فمن هو خليفة الله في الأرض في زماننا هذا ؟ لابدّ أن يكون ذلك الخليفة هو الإمام ، والإمام اليوم هو الإمام المهديّ (عليه السلام) ، فهو حيّ بمقتضى هذه الآية .
4 ـ قوله تعالى : { يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ } (6) .
فإتمام النور بالتبليغ إلى الله تعالى ، فهل هذا لزمان دون زمان ؟ فمن هو الذي يتمّ نور الله في هذا الزمان ؟ إنّه الإمام المهديّ (عليه السلام) الذي يعيش في زماننا هذا .
عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال : " لم تخلو الأرض منذ كانت من حجّة عالم ،
____________
1- الإمامة والتبصرة : 132 ، كمال الدين وتمام النعمة : 667 ، ينابيع المودّة 1 / 297 .
2- الأمالي للشيخ الصدوق : 253 ، كمال الدين وتمام النعمة : 207 ، ينابيع المودّة 1 / 75 .
3- القصص : 51 .
4- بصائر الدرجات : 535 ، الأمالي للشيخ الطوسيّ : 294 ، تفسير القمّيّ 2 / 141 .
5- البقرة : 30 .
6- الصف : 8 .
|
الصفحة 276 |
|
يحيي فيها ما يميتون من الحقّ " ، ثمّ تلا هذه الآية : { يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ } (1) .
5 ـ قوله تعالى : { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا ... } .
فنقول : هل إنّ ليلة القدر كانت في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ أم حتّى من بعده .
فإذا كانت ليلة القدر مستمرة وتنزل الملائكة والروح فيها في كلّ عام فعلى من تنزل في زماننا هذا ؟ لابدّ من نزولها على خليفة رسول الله ، وهو الإمام المعصوم ، الذي هو إمامنا المهديّ (عليه السلام) .
عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال : " كان علي (عليه السلام) كثيراً ما يقول : اجتمع التيمي والعدوي عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يقرأ { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ } بتخشّع وبكاء ، فيقولان: ما أشدّ رقّتك لهذه السورة ؟
فيقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لما رأت عيني ووعى قلبي ، ولما يرى قلب هذا من بعدي .
فيقولان : وما الذي رأيت وما الذي يرى ؟ قال : فيكتب لهما في التراب { تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ } قال : ثمّ يقول : هل بقي شيء بعد قوله : { كُلِّ أَمْرٍ } ؟ فيقولان : لا ، فيقول : هل تعلمان مَن المنزل عليه بذلك ؟ فيقولان : أنت يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فيقول : نعم .
فيقول : هل تكون ليلة القدر من بعدي ؟ فيقولان : نعم ، فيقول : فهل ينزل ذلك الأمر فيها ؟ فيقولان : نعم ، فيقول : إلى من ؟ فيقولان : لا ندري ، فيأخذ برأسي ، ويقول : إن لم تدريا فادريا ، هو هذا من بعدي ... " (2) .
ممّا يدلّ على أنّ ليلة القدر مستمرة ، ونزول الروح في هذه الليلة من كلّ عام على الإمام المعصوم ، وهو الإمام المهديّ ، فالإمام (عليه السلام) حيّ بمقتضى هذه الآية .
____________
1- كمال الدين وتمام النعمة : 221 .
2- الكافي 1 / 249 .
|
الصفحة 277 |
|
( محمّد إبراهيم الإبراهيم . الكويت . 25 سنة . دبلوم )