خير البشر فمن أبى فقد كفر :
السؤال : ما معنى : " علي خير البشر ، فمن أبى فقد كفر " (5) ، هل صحيح من أبى ذلك فقد كفر ؟
____________
1- المصدر السابق 4 / 57 .
2- الأغاني 11 / 282 .
3- المصدر السابق 11 / 283 .
4- المصدر السابق 11 / 281.
5- علل الشرائع 1 / 142 ، تاريخ بغداد 7 / 433 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 372 ، إعلام الورى 1 / 319 ، ينابيع المودّة 2 / 78 .
|
الصفحة 82 |
|
الجواب : الكفر لغةً بمعنى الستر { يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ }(1) أي يسترها ويغفرها ، ويأتي الكفر بمعنى الجحود أيضاً وبمعان أُخرى ، والكفر اصطلاحاً : بمعنى الإلحاد بالله ، أو عدم الإيمان بخاتم الأنبياء ، وهذا يعني أنّه يستر على الحقّ ، فإنّ الله هو الحقّ .
ثمّ من الحقّ الثابت نبوّة خاتم الأنبياء محمّد (صلى الله عليه وآله) ، فمن لم يؤمن به فقد كفر ، وقد ثبت بقول الله ورسوله بالنصوص القرآنية والروائية أنّ أمير المؤمنين علي (عليه السلام) هو خير البشر بعد رسول الله ، فإنّ الرسول هو أشرف خلق الله ، وعلي (عليه السلام) بنصّ آية المباهلة هو نفس الرسول (صلى الله عليه وآله) ، فيكون أشرف خلق الله بعد رسوله ، فهو خير البشر ، ومن أبى عن هذا الحقّ فقد كفر ، وستر ما هو الحقّ ، فهو كافر بحقّ الإمام والإمامة والخلافة الحقّة ، كما أنّ من لم يؤمن برسول الله فهو كافر بحقّ النبيّ والنبوّة ، كما أنّ من لم يؤمن بالله فهو كافر بحقّ الله والتوحيد ، فيكون بهذا المعنى من الكفر في العقيدة الصحيحة والتامّة .
فإنّ الإمامة والإيمان بالولاية من العقيدة السليمة والتامّة بصريح القرآن الكريم ، وآية الإكمال { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } (2) ، وشأن نزولها كما عند المفسّرين هو قضية الغدير الثابت متواتراً ، فمن أبى فقد كفر بأصل من أُصول الدين الإسلامي ، وهي الإمامة الحقّة .
ويحتمل أن يكون الكفر في الحديث الشريف من الكفر العملي ، فإنّ قول علي خير البشر من الولاية ، وأعظم نعمة هي نعمة الولاية { وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي } ، والولاية لها شعب ، منها : الحُبّ المقارن مع الطاعة ، فيلزمهما العمل الصالح ، فمن أبى الولاية ومظاهرها وشعائرها ، ومقولاتها ومعانيها ،
____________
1- التحريم : 8 .
2- المائدة : 3 .
|
الصفحة 83 |
|
ومنها " علي خير البشر " فقد كفر وجحد بنعمة الله ، فهو كافر في مقام العمل .
( أبو الصادق . فلسطين . سنّيّ . 20 سنة . هندسة تحكّم )
مصادر حديث علي وشيعته هم الفائزون :
السؤال : أين أجد حديث الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) ـ والذي روته أُمّ سلمة : " علي وشيعته هم الفائزون يوم القيامة " ـ في كتب السنّة والشيعة ؟
الجواب : لا يخفى عليك أنّ هذا الحديث ورد بعدّة ألفاظ ، وبأسانيد مختلفة ـ عن أُمّ سلمة ، وابن عباس ، وجابر الأنصاريّ ، وغيرهم ـ ولكن مضمونها واحد ، وهو : أنّ علياً (عليه السلام) وشيعته هم الفائزون يوم القيامة (1) .
كما لايخفى عليك أيضاً ، أنّ هذا الحديث ورد في مصادر كثيرة للفريقين .
( ... . ... . ... )
معنى حبّه حسنة لا تضرّ معها سيئة :
السؤال : أُودّ الاستفادة إذا سمحتم لي ، يقال في الإمام علي (عليه السلام) : إنّ حبّه حسنة لا تضرّ معها سيئة .
ما هو المقصود بذلك ؟ هل يعني أنّه يكفي محبّة الإمام (عليه السلام) بدون صلاة ؟ وهذا من المنظور السطحي ، أم محبّة الإمام مقرونة بالأعمال الحسنة ،
____________
1- الأمالي للشيخ الصدوق : 524 ، الإرشاد 1 / 41 ، شواهد التنزيل 2 / 467 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 333 ، أنساب الأشراف : 182 ، ينابيع المودّة 1/ 173 و 197 و 2 / 78 و 245 و 312 ، الدرّ المنثور 6 / 379 ، فتح القدير 5 / 477 ، نور الأبصار : 119 ، المعجم الأوسط 6 / 354 ، مجمع الزوائد 10 / 21 ، نظم درر السمطين : 92 ، كنز العمّال 13 / 156 ، الصحاح 1 / 397 ، النهاية في غريب الحديث 4 / 106 ، لسان العرب 2 / 566 ، تاج العروس 2 / 209.
|
الصفحة 84 |
|
وليست السيئة ؟
الجواب : لقد استفاضت الأخبار عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : " حبّ علي حسنة لا تضرّ معها سيئة ، وبغضه سيئة لا ينفع معها حسنة " (1) .
وهناك عدّة تأويلات ذكرت لهذا الخبر :
منها : عن الشهيد الثاني (قدس سره) : " حمله على المحبّة الحقيقيّة الكاملة ، وهي توجب عدم ملابسة شيء من الذنوب البتة ، لأنّ المحبّ الحقيقيّ يؤثر رضا المحبوب كيف كان .
ولاشكّ أنّ رضا علي (عليه السلام) في ترك المحرّمات والقيام بالواجبات ، فمحبّة علي الحقيقيّة تؤثّر لأجل ذلك ، فلا يفعل ما يوجب النار فيدخل الجنّة ، ومن خالف هوى محبوبه فمحبّته معلولة " (2) .
ومنها : عن علي بن يونس العامليّ (قدس سره) : " إنّ من أحبّ علياً لا يخرج من الدنيا إلاّ بتوبة تكفّر سيئاته ، فتكون ولايته خاتمة عمله ، ومن لم يوفّق للتوبة ابتلى بغمّ في نفسه ، أو حزن في ماله ، أو تعسير في خروج روحه ، حتّى يخرج من الدنيا ولا ذنب له يؤاخذ به " (3) .
ومنها : عن الشيخ المفيد (قدس سره) : " إنّ الله تعالى آلى على نفسه أن لا يطعم النار لحم رجل أحبّ علياً (عليه السلام) ، وإن ارتكب الذنوب الموبقات ، وأراد الله أن يعذّبه عليها ، كان ذلك في البرزخ ، وهو القبر ومدّته ، حتّى إذا ورد القيامة وردها وهو سالم من عذاب الله ، فصارت ذنوبه لا تضرّه ضرراً يدخله النار " (4) .
ومنها : عن بعض الأعاظم ، نقله الشيخ الماحوزيّ : " إنّ محبّة علي (عليه السلام)
____________
1- ينابيع المودّة 2 / 75 و 292 ، فردوس الأخبار : 347 .
2- رسالة في العدالة : 227 .
3- الصراط المستقيم 1 / 199 .
4- الأربعين : 105 عن الإرشاد .
|
الصفحة 85 |
|
توجب الإيمان الخاصّ ، والتشيّع بقول مطلق ، وحينئذ لا يضرّ معه سيئة ، لأنّ العصيان في غير الأُصول الخمسة لا يوجب الخلود في النار ، بل المفهوم من أخبارنا الواردة عن أئمّتنا (عليهم السلام) : إنّ ذنوب الشيعة الإمامية مغفورة " (1) .
ومنها : عن ابن جبر (قدس سره) : " لمّا كان حبّه هو الإيمان بالله تعالى وبغضه هو الكفر استحقّ محبّه الثواب الدائم ، ومبغضه العذاب الدائم ، فإن قارن هذه المحبّة سيئة استحقّ بها عقاباً منقطعاً ، ومع ذلك يرجى له عفو من الله تعالى ، أو شفاعة من الرسول (صلى الله عليه وآله) ، وكلّ شيء قلّ ضرره بإضافته إلى ما كثر ضرره ، جاز أن يقال : إنّه غير ضارّ ، كما يقال : لا ضرر على من يحبّ نفسه في مهلكة ، وإن تلف ماله .
فحبّه (عليه السلام) يصحّح العقيدة ، وصحّة العقيدة تمنع من الخلود ، فلا تضرّ سيئته كلّ الضرر ، وبغضه يفسدها ، وفسادها يوجب الخلود ، ويحبط كلّ حسنة " (2) .
ومنها : عن الشيخ الطريحي : " الظاهر أنّ المراد بالحبّ الحبّ الكامل المضاف إليه سائر الأعمال ، لأنّه هو الإيمان الكامل حقيقة ، وأمّا ما عداه فمجاز ، وإذا كان حبّه إيماناً وبغضه كفراً ، فلا يضرّ مع الإيمان الكامل سيئة ، بل تغفر إكراماً لعلي (عليه السلام) ، ولا تنفع مع عدمه حسنة إذ لا حسنة مع عدم الإيمان " (3) .
هذه بعض التأويلات وبها نكتفي .
( نور . دبي . 24 سنة . طالب )
السؤال : من هو أوّل من وضع علامة على قبر أمير المؤمنين (عليه السلام) ؟ ومن هو
____________
1- الأربعين : 105 .
2- نهج الإيمان : 449 .
3- مجمع البحرين 1 / 442 .
|
الصفحة 86 |
|
نصب الضريح وبنى القبة ؟
الجواب : بعد شهادة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بالكوفة تولّى الإمامان الحسن والحسين (عليهما السلام) تغسيله وتكفينه ودفنه في الغريّ ، وقد عفّيا موضع قبره (عليه السلام) بوصية كانت منه إليهما ، لما كان يعلمه من عدواة بني أُمية له ، وما ينتهون إليه من سوء نيّاتهم .
فلم يزل قبره (عليه السلام) مخفيّاً حتّى دلّ عليه الإمام الصادق (عليه السلام) في زمن الدولة العباسيّة ، وحينها أخذت الشيعة تأتي إلى زيارته (عليه السلام) .
وقال ابن الدمشقي : " وقيل : إنّ الرشيد خرج يوماً إلى الصيد ، فأتى إلى موضع قبره الآن ، فأرسل فهداً على صيد ، فتبع الفهد الصيد إلى موضع القبر ، فوقف ولم يتجاوزه ، فعجب الرشيد من ذلك ، فحضر إليه رجل وقال : يا أمير المؤمنين مالي من كرامة إن دللتك على قبر علي بن أبي طالب ؟
قال : كلّ كرامة .
قال : هذا قبره .
قال : من أين علمت ذلك ؟
قال : كنت أخرج إليه مع أبي فيزوره ، وأخبرني أنّه كان يجيء مع جعفر الصادق فيزوه ، وإنّ جعفراً كان يجيء مع أبيه محمّد الباقر فيزوره ، وأن محمّداً كان يجيء مع علي بن الحسين فيزوره ، وأنّ الحسين أعلمهم أنّ هذا قبره .
فتقدّم الرشيد بأن يحجّر ويبنى عليه ، فكان أوّل من بنى عليه هو ، ثمّ تزايد البناء " (1) .
وحكم الرشيد بين سنة 170 ? ـ 193 ? .
____________
1- جواهر المطالب 2 / 114 .
|
الصفحة 87 |
|
ولكن السيّد ابن طاووس يذهب إلى أنّ أوّل من وضع صندوقاً على قبر أمير المؤمنين علي (عليه السلام) هو داود بن علي العباسيّ ، المتوفّى 133? (1) .
والظاهر أنّ أوّل من بيّن قبر الإمام (عليه السلام) هو الإمام الصادق (عليه السلام) ، وأوّل من وضع ضريحاً ـ صندوقاً ـ على قبره (عليه السلام) هو داود بن علي العباسيّ ، وأوّل من أمر ببناء قبّة على قبره (عليه السلام) هو هارون الرشيد .
( السيّد الموسوي . ... . ... )