عربي
Saturday 27th of April 2024
0
نفر 0

التمهيد للظهور (الآليات والنتائج)

 التمهيد للظهور (الآليات والنتائج)


أنّ غاية كل مؤمن ان يلتحق بركب المسيرة الالهية التي يقودها الانبياء والاوصياء ومن هو اجدر بقيادة هذه المسيرة غير وليّ الله الاعظم (الامام الحجةعج)ولئن ظفرنا بشرف الالتحاق بهذه المسيرة فهذا ما نبغ .

ان العقيدة بالامام المهدي عجّل الله تعالى فرجه يجب ان تخلق تطورا في حياة الانسان الرسالي على اساس العقيدة به وعلى اساس قبوله او رفضه لما يقوم به الانسان الرسالي في هذه الحياة.

الانبياء(ع) والامام (عج) ووحدة الهدف:

قال تعالى في كتابه العزيز:( لقد ارسلنا رسلنا بالبينات وانزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وانزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب ان الله قويّ عزيز) سورة الحديد اية25

هذه الاية تشير الى هدف ارسال الانبياء ومناهجهم بصورة دقيقة، فلقد كانوا مسلّحين بثلاث وسائل وهي الدلائل الواضحة واالكتب السماوية ومعيار قياس الحق والباطل وهذه الاسلحة هي بهدف ان تكون الافكار والمفاهيم التي جاء بها الانبياء فاعلة ومؤثرة وتحقق هدفها المنشود وهو (ليقوم الناس بالقسط) اي ان يتربّى الناس على العدل والقسط بحيث يصبحون واعين له داعين اليه سائرين في هذا الاتجاه بأنفسهم. فالقسط هي الغاية المنشودة التي بعث الله بها الانبياء وختم الوصاية والاوصياء بخاتمهم المنتظر صلوات الله وسلامه عليه وكما ورد في الدعاء (السلام على بقية الله في بلاده وحجته على عباده المنتهي اليه مواريث الانبياء ولديه موجود اثار الاصفياء) , وحديث الرسول محمد(ص) وهو خاتم الانبياء تشير الى هذه الغاية (المهدي منا اهل البيت ... يملاء الارض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا )

وبهذا يتبين أنّ برنامج عمل الامام نازل من السماء وخطة عمله نشرالعلم واقامة العدل على الارض برمّتها.

سمات التابع للامام(عج) زمن الغيبة

الثابت عند كل المسلمين على اختلاف مذاهبهم بانه على يد هذه الشخصية العظيمة يمتد نور الاسلام على العالم كله ويتحقق على يديه قول الله جلّ من قائل(هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) ولقد جاء عن الامام علي(ع) انه سأل اصحابه تعقيبا على هذه الآية : أظهر ذلك بعد؟ قالوا نعم ، قال الامام علي(ع): ((كلا فوالذي نفسي بيده حتى لا تبقى قرية الا وينادى فيها بشهادة لا اله الا الله بكرة وعشيا)).

من جانب آخر نجد أنّ هنالك روايات كثيرة تحث المؤمنين في زمان الغيبة الى الارتباط الوثيق بالنبي او امام الزمان رغم كونه غائبا عن الانظار. ففي حديث للرسول محمد(ص) يقول:(ياليتني قد لقيت اخواني ،فقال له بعض الصحابة أولسنا اخوانك ؟ آمنّا بك وهاجرنا معك وتنتظر جماعة اخرين هم اخوانك فقال (ص): قد آمنتم وهاجرتم وياليتني قد لقيت اخواني. انتم اصحابي ولكن اخواني الذين يأتون من بعدكم يؤمنون بي ويحبّوني وينصروني ويصدّقوني وما رأوني ). الانسان في زمن الغيبة منحه الرسول(ص) مكانة مهمة و هي مكانة الاخ لشخص الرسول الاعظم صلوات الله عليه وعلى اله . وكما يروى عن الامام السجاد (ع) في حديث له مع ابي خالد الكابلي : (تمتد الغيبة بولي الله الثاني عشر من اوصياء رسول الله. ان اهل زمان غيبته القائلون بأمامته المنتظرون لظهوره افضل من اهل كل زمان)

ان هذه الافضليّة مطلقة حتى لزمان الانبياء السلف لانّ الشريعة شريعة خاتمة والنبي هو الخاتم والاوصياء هم الخاتمون وهذه الامة هي الخاتمة والشاهدة على باقي الأمم،والملاحظ ان الامام السجاد (ع) يعطي تبريرا لأفضليتهم هذه فيقول (لانّ الله تعالى ذكره اعطاهم من العقول والافهام والمعرفة ما صارت الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة)،

لذا بات لزاما على كل فرد واع ان يعيش زمان الغيبة وان يعي طبيعة العلاقة مع صاحب الامر صلوات الله وسلامه عليه وماهي وظيفته تجاهه ليحظى بوسام الاخوّة التي منحها الرسول(ص) لجماعة من المؤمنين في هذا الزمان.

طبيعة العلاقة بيننا وبين الامام الحجّة:

ان الذي يميّز هذا الامام(عج) هو أنه الامام الحي الذي يعيش على هذه الارض ويعيش مع آمال والام الناس ويشاركهم احزانهم وافراحهم وانه يرعى شؤون الامة صغيرها وكبيرها حتى انه ورد في احدى رسائله للشيخ المفيد رحمه الله انه قال :( لا يعزب عنّا شئ من انباءكم الا نحيط علما بأخباركم ولولا هذه الرعاية لنزل بكم اللأواء واصطلمتكم الاعداء).

اذا يجب فهم وادراك ماهيّة العلاقة مع هذا الامام الحي كي نبادله هذا الاهتمام من قبل شخصه الشريف .

ويمكننا ان نصنّف هذه العلاقة الى ثلاثة انواع :

1- علاقة القيادة:

انّ الحديث عن الامام المهدي صلوات الله وسلامه عليه من اهم الاحاديث التي يجب ان تحتل الجزء الاكبر عند كل من يعي حقيقة وجود الامام وفاعليته في الساحة، فهو الامام الحي وهو القائد وهو صاحب الامر صلوات الله وسلامه عليه.

والانسان عليه ان يعيش هذه القيادة وأن يتحسسها فهو حين يخاطب وليّ امره يجب ان يكون خطاب المقود للقائد او المرؤوس للرئيس، وكما ورد عن الرسول(ص) انه قال: (طوبى لمن ادرك قائم اهل بيتي وهو مقتد به قبل قيامه يأتم به وبأئمة اهل الهدى من قبله).

انّ مجرد الايمان والاعتقاد بوجوده (عج) يخلق لدى المؤمنين :

أولا- الامل والطموح ويهوّن لديهم المصاعب ويزيل همومهم فأنّ المؤمنين الصادقين لم يعرفوا الهزيمة في صراعهم مع اهل الباطل وحتى لو هزموا عسكريا فأنّ هذه الهزيمة لن تنال من معنويّاتهم ما دام هناك في هذا العالم( امام قائد) لا بدّ من ان يظهر وياخذ بثأر كل المظلومين .

ثانيا- الامتثال الكامل لاوامر القائد والاّ يقعون في مأزق خطير, وأجلى مثال بهذا الصدد ما يروي لنا التاريخ ما حدث في( معركة أحد) حيث انه بعد ان رسم النبي الاكرم (ص)-وهو القائد- الخطّة للمعركة وكان من ضروراتها سدّ بعض الثغرات التي تطلّ على ارض المعركة وكادت المعركة تنتهي بانتصار المسلمين لولا انّ اكثر الرماة الذين أمروا ان يسّدوا الثغرة الواقعة خلف الجبل عصوا امر قائدهم وتركوا اماكنهم مما ادّى الى مباغتة المشركين وقتل جميع من ثبت في مكانه لانه لم يعص أمر الرسول(ص)، لقد أدّى ذلك الى تعريض حياة الرسول(ص) للخطرحيث انه لمّا جرح الرسول(ص) قام المنافقون بدور تثبيطي للعزائم بأشاعة انّ القائد قد قتل مما زعزع همّة الكثير من المقاتلين المسلمين. فهذه الواقعة تظهر خطورة وأهمية سلامة القائد ووجوده بين جنوده.

ثالثا- اليقين بأنه هو خليفة الله في الارض وهوالسبب المتصل بين الارض والسماء وانه حجة الله في كل عصر ولولاه لساخت الارض بأهلها وكما ورد عن الامام العسكري(ع) (ولولا والاوصياء من ولده لكنتم حيارى كالبهائم لا تعرفون فرضا من الفرائض) .

أنّ المؤمنين الذين يستشعرون حضور الامام في زمن الغيبة منحهم الامام السجاد (ع) سمة الافضلية على اهل كل زمان، حيث يذكر ذلك لابي خالد الكابلي :(تمتد الغيبة بولي الله الثاني عشر من اوصياء رسول الله ،انّ اهل زمان غيبته القائلون بأمامته المنتظرون لظهوره افضل من اهل كل زمان لان الله تعالى ذكره اعطاهم من العقول والافهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة وجعلهم الله في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله ،اولئك المخلصون حقا وشيعتنا صدقا والدعاة الى دين الله سرا وجهرا).

2- علاقة التربية

أنّ العقيدة بالامام المهدي(عج) يجب ان تخلق تطوّرا في البرنامج اليومي لحياة الانسان الرسالي،فيكون احساسه بقضية الامام المهدي(عج) عالي المستوى في الفكر والممارسة من خلال تربية النفس واعدادها عقائديا وفكريا وسلوكيا .

أما أهم ّ الاسس التربوية التي يجب مراعاتها حتى يصدق عليه صلة التربية مع الامام هي :

أ- التقوى

ان قواعد البناء الانساني انما تنهض على التقوى والاستقامة وكما جاء في الاية الكريمة (ولو ان اهل القرى امنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والارض).أي ان من آثارايمان الانسان وتقواه هو افتتاح ابواب البركات الاهية ، وهناك حقيقة اخرى يؤكد عليها القران بخصوص التقوى في سورة البقرة(ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين) ،انّ الله سبحانه وتعالى يؤكد على حقيقة ان القرآن هدى للمتقين بالخصوص وليس لكل الناس وهنا التقوى تعني الاستقامة الباحثة ابدا عن النور في طريق الله والمتقين هم الذين يشعرون بمسؤوليتهم الفكرية والاجتماعية تجاه العقيدة والحياة فهم يحتاجون الهداية من موقع المواجهة الحادة للمشاكل الصعبة التي تعترضهم في قضايا الصراع فيقفون امامها موقف الجاد الذي لا يعيش حالة الامبالاة والاسترخاء الفكري.

ب- محاسبة النفس

ان المتقين هم الذين يخافون الله ويحبونه بأخلاص وايمان فيشعرون من خلال ذلك بالمسؤولية التي تتحول الى مراقبة ومحاسبة في الفكر والعمل.

أنّ المحاسبة هي اولى خطوات التقوى ولقد ورد عن الامام الكاظم (ع) قوله (ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم فأن عمل حسنا استزاد وأن عمل سيئل استغفر الله)، فكلمة ليس منّا استبعاد ذلك الشخص عن حظيرة المسلمين , ولقد كان رسول الله (ص) يطوف في الاسواق وينادي (ايها الناس حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا وزنوها قبل ان توزنوا) . ينقل عن السيد الطباطبائي قدّس سره الشريف انه كان دؤوبا في وصيته لتلاميذه :" كل واحد منكم لما يتوسد الوسادة يوميا في الليل يتذكر ما عمله في النهار فأن كان خيرا يستزيد ولا يكتفي واذا العكس فعليه ان يستغفر الله ويتوب" .

ج- ايجاد القدوة الصالحة

انّ الانسان عندما يريد ان يحسّن اخلاقه وسلوكه وعلاقاته وطريقة معاملته للاخرين فلا بدّ ان يكون لديه برنامج ما ليسير عليه وان تكون له أسوة وقدوة يحتذي به ويتبعه ، فالذي يسعى لتطوير المجتمع فكريا وسلوكيا لا بدّ ان تكون لديه علاقة مع امام او مع حجة وبتعبير اخر لابدّ ان يكون هذا الامام كالضوء لاتباعه يسيرون باتجاهه وعلى اساس قبوله ورفضه لما يقوم به هؤلاء الاتباع في هذه الحياة.هذا على الصعيد العام اما على الصعيد الخاص لابد ان يكون لنا قدوة ممن حولنا كأن يكون مرجعا أوعالما كبيرا , فمن الطبيعي ان الانسان ينظر الى حركات وسكنات تلك الشخصيّة ليتعلم منه ويتخذ منه قدوة له.

د- الحرص على تربية الابناء التربية الرسالية

حين يضع الاب الرسالي في ذهنه حقيقة انه لو لم يدرك دولة الامام المهدي عليه السلام ليكون ناصرا له فلعل اولاده سيدركونه وهذا مدعاة لان يكون حريصا على اختيار الزوجة الصالحة والواعية لينجب اولادا يوليهم تربية ايمانية واعية في كل مراحل النمو من الطفولة وحتى البلوغ وخاصة مرحلة الطفولة مصداقا للحقيقة التي تقول في ان الوضع الروحي والسلوكي والخلقي للناس في كل عصر انما هو حصيلةالبذور التي نثرت في ادمغتهم ايام الطفولة وبذلك يكون كل منهم مؤهلا ان يكون جنديا من جنود الامام صلوات الله وسلامه عليه.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

مناظرة الشيخ المفيد مع رجل من المعتزلة في علة ...
في رحاب بقية الله: المهدوية عقيدة النجاة
المهدوية في الكتب والشرائع السماوية
الأدیان الثلاثة والبشائر بالمهدی علیه السّلام
قصة بناء مسجد جمكران
علل الغيبة
الانحراف العقائدي عن القضية المهدوية
مشاهدة الإمام الغائب عليه السلام عند شهادة والده ...
نظرة في احاديث المهدي
بعض الاعمال في عصر الانتظار

 
user comment