سياسة التوزيع التي ينتهجها الامام المهدي (عج) تكون تجسيداً حقيقياً للعدل والقسط، وستكون موضع قبول من الجميع؛ حيث لا يبقى محتاج او محروم، ويحصل الجميع على حاجاتهم بسهولة ويسر، حيث ان سياسة التوزيع قائمة على خطوات وانجازات يكمل بعضها بعضاً وتتظافر لتحقق امنيات الجميع، ومن هذه الخطوات والانجازات:
القسمة المتساوية
تشير الروايات الشريفة الى ان الامام المهدي (عج) يقسم المال بالسوية بين الناس، فلا تفاوت بين انسان وآخر، ولابين طبقة واخرى.
روي عن رسول الله (ص) انه قال: "ابشركم بالمهدي (عج) يبعث على اختلاف من الناس...، فيملأ الارض قسطاً وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الارض، يقسم المال صحاحاً".
قيل له: ما صحاحاً؟
قال (ص): "بالسوية بين الناس ويملأ الله قلوت امة محمد (ص) غناء ويسعهم عدله".
وفي رواية: "يقسم المال بالسوية ويجعل الله الغني في قلوب هذه الامة".
وعن الامام محمد الباقر (ع): "اذا قام مهدينا اهل البيت (ع) قسم بالسوية وعدل في الرعية".
والتقسيم بالسوية له احتمالات عديدة ومنها:
1. التقسيم على الناس جميعاً.
2. التقسيم على العاملين في الجهاز الحكومي.
3. التقسيم على العاملين في الجهاز الحكومي وغيره.
وهذه الاحتمالات جميعها وارادة لان المال سيكون كثيراً في عهد الامام المهدس (عج) وانه يكفي للتقسيم على جميع الناس ويستوعبهم جميعاً.
وعلى جميع الاحتمالات فان تقسيم الاموال سيكون بالتساوي بلا تفاوت ولا تمييز بين عامل وآخر وموظف وآخر، لا ينظر الى المهنة او الاختصاص، فليس لها اي دخل بكمية المال المعطي، فالطبيب كالمهندس وكالعامل وكالقاضي وكالموظف الاداري، فلاجور تعطي لهم بالتساوي لانهم يبذلون طاقتهم لخدمة الانسانية وخدمة الحكومة المهدوية بلا تقصير ولا خلل، وان التفاوت في الذكاء وفي الطاقة الجسدية امر خارج عن ارادتهم، وهذا التساوي في الاجور له فائدته على الجميع، لان الانسان سيتوجه الى الاختصاص الذي يرغب فيه، او الاختصاص الذي يساعده على الابداع وعلى خدمة الحكومة والمجتمع، على عكس ما نلاحظه في واقعنا المعاصر، فالانسان يتوجه الى العمل او الاختصاص الذي يعود له بكثيرة المال الراحة والرفاهية.
وطريقة القسمة المتساوية تساعد على تجاوز كثير من الاخطاء والاشتباهات، وتجعل الانسان متفاعلا مع اختصاصه وعلى ضوء طاقته وقدرته، وقد تدفعه لتقديم خدمة اضافية في اختصاص آخر.
وهذه الطريقة لا ظلم فيها بل هي عين العدل، لان حكومة الامام المهدي (عج) لا تقتصر على هذا العطاء، بل انها تقدم العطاء في مجالات اخرى ولا تبخل على احد في العطاء، وفي هذه الحالة فان كل موظف في الحكومة او كل عامل فيها او في خارجها يمكنه الحصول على ما يحتاجه من المال من الحكومة نفسها.
والاهم من ذلك ان الغني النفس حيث يصل التكامل الى مراحل متقدمة تسمو فيه النفس الانسانية وتتعالى على اثقال الارض، وتتوجه الى المعنويات والمثاليات لتكسب الربح والاوفر وهو رضوان الله تعالى ورضوان الامام المهدي (عج)، ومع هذه المعنويات لا يجد اي انسان غبنا في العطاء والتوزيع بهذه الطريقة المتساوية.
نظام الرواتب والمخصصات
النظام الذي يتبعه الامام المهدي (عج) يختلف عن بقية الانظمة الادارية والاقتصادية المعمول بها في جميع العصور، حيث ان التوزيع سيكون كل اسبوعين مرة، وهنالك عطاء ـ الظاهر انه اكثر من المخصص ـ يوزع في السنة مرتين، اي كل ستة اشهر.
والتوزيع بهذه الصورة مرغوب فيه من قبل الانسان، حيث يحصل على ما يحتاجه كل اسبوعين يستطيع تنظيم مصروفاته على ضوئها وترتيب او ضاعة واحواله دون قلق او اضطراب.
روي عن الامام الباقر (ع) انه قال: "كأنني بدينكم هذا لا يزال موالياً يفحص بدمه ثم لا يرده عليكم الا رجل من اهل البيت (ع)، فيعطيكم في السنة عطاءين، ويرزكم في الشهر رزقين".
العطاء الجديد المتميز
ان عطاء الامام المهدي (عج) عطاء متميز، لم يشابهه احد قبله من قائد او حاكم او رئيس او تاجر، وهذا يعني ان عطاءه غير محدود، وانه لا يرد احداً في الكم والنوع، ولا يبخل عليه بشي، وبالتالي فهو يشبع جميع حاجاته ورغباته.
روي عن رسول الله (ص) انه قال: "...يجمع اليه اموال الدنيا من بطن الارض وظهرها، فيقول للناس: "تعالوا الى ماقطعتم فيه الارحام، وسفكتم فيه الدماء الحرام، وركبتم فيه ما حرم الله عز وجل، فيعطي شيئاً لم يعطه احد كا قبله".
وروى عنه (ص): انه قال: "يكون عند انقطاع من الزمان وظهور من الفتن رجل يقال له المهدي (عج) عطاءه هنيئاً".
العطاء بغير عد
اذا تتبعنا عطاء القادة والحكام والرؤساء والفقهاء وغيرهم وجدنا انه عطاء محدد ومعدود، حيث يامر المعطي باعطاء مبلغ محدد، لطالبه ويسجل هذا العطاء في سجل خاص، وكذا الحال لو خصصت الحكومة مساعدات منح مالية في الاقاليم التابعة لها، فانها ستكون معدود بعدد، وهذا اللون من العطاء لا وجود له في حكومة الامام المهدي (عج) حيث سيكون العطاء بلا عد، وهذه طريقة فريدة في العطاء يختص بها الامام المهدي (عج) كما ورد في الروايات الشريفة.
عن رسول الله (ص) انه قال: "يكون في امتي خليفة يحثي المال حثياً لا يعده عداً".
والحثو: هو الحضن باليدين لكثرة المال.
وفي رواية: "يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعده".
وعنه (ص): "يخرج في آخر الزمان خليفة يعطي المال بغير عدد".
وفي رواية عنه (ص): "يخرج رجل من اهل بيتي عند انقطاع من الزمان وظهور من الفتن يكون عطاؤه حثياً".
وقد يشكل البعض على ذلك العطاء بانه حالة او ظاهرة مثالية لا يساعد عليها الواقع وان كان في ظل حكومة الامام المهدي (عج)، الجواب على ذلك: ان اغلب الناس في ذلك الزمان يعيشون الغني النفسي اولا والمادي ثانياً فلا يطلبون شيئاً من الامام او من حكومته، وبالنتيجة ان المحتاجين للمال سيكونون قله قليله، وهم مهما كثروا فان الاموال كافية لاشباعهم.
التشجيع على طلب الحاجات
روى عن رسول الله (ص) انه قال: "ابشركم بالمهدي (عج) بالمهدي (عج) يبعث في امتي على اختلاف من الناس...فيملأ الارض قسطاً وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الارض يقسم المال صحاحاً بالسوية بين الناس، ويملا الله قلوب امة محمد (ص) غني ويسعهم عدلة، حتى يامر منادياً فينادي، فيقول: من له في المال حاجة؟ فما يقوم من الناس الا رجل واحد..فيقول: انا.
فيقول: اين السدان يعني الخازن، فقل له: المهدي (عج) ان تعطيني مالا.
فيقول له: احث حتى اذا جعله في حجره وابرزه ندم، فيقول: كنت اجشع امة محمد نفساً او عجز عني ما وسعهم، فيرده، فلا يقبل منه.
فيقول: "انا لا ناخذ شيئاً اعطيناه...".
والرواية تدل دلالة واضحة على تشجيع المحتاجين على طلب حاجاتهم احتياطاً في اشباعها، فلعل البعض يتردد في الطلب او ابراز الحاجة، ولكنه سيندفع حينما يجد كرماً ولطفاً ومنادياً ينادي باشباع الحاجات.
والنداء يحفظ للانسان كرامته او ما يسمى ماء وجهه لانه لم يكن ابتداء من طالب الحاجة، وانما استجابة لنداء الحكومة التي يدير شؤونها خير اهل الارض في ذلك الزمان.
اجابة المحتاجين
روي عن رسول الله (ص) انه قال: "ان في امتي المهدي (عج)...فيجي اليه رجل فيقول: يا مهدي (عج) اعطني اعطني، فيحثي له في ثوبه ما استطاع ان يحمله".
وفي رواية: "...فيقوم الرجل فيقوم الرجل فيقول: يا مهدي (عج) اعطني فيقول: خذ".
وفي رواية: "...ياتيه الرجل فيساله فيحثي له".
وهذا الانجاز وغيره من الانجازات يساهم في اشباع حاجات جميع الناس فلا يعقل ان يبقى محتاج او محروم، في ظل حكومة عادلة تعرض خدماتها على الجميع وتستجيب الى طلبات الجميع، وفي ظل مجتمع بتفاضل بالمفاهيم والقيم الصالحة، وينافس على اعمال البر والخير والاحسان.
وهكذا يتنعم الناس بنعمة فريدة من نوعها حيث الرفاهية والرخاء، والغني النفسي الغني المادي.
انتهاء الفقر
قال الامام علي (ع): "اما وجه الصدقات فانما هي لاقوام ليس لهم في الامارة نصيب ولا في العمارة حظ ولا في التجارة مال ولا في الاجارة معرفة قدرة، ففرض الله في اموال الاغنياء ما يقوتهم ويقوم به اودهم".
والظاهر من الروايات ان هذه الاصناف لا وجود لها في حكومة الامام المهدي (عج) ولا وجود للمتاجين للصدقة، فلا يبقى فقير ولا محروم ولا محتاج.
قال رسول الله (ص): "تصدقوا فانه يوشك احدكم ان يخرج بصدقته فلا يجد من يقبلها منه".
وقال (ص): "...وحتى يكثر فيكم المال فيفيض، حتى يهم رب المال من يقبل صدقته، وحتى يعرضه فيقول الذي يعرض عليه لا ارب لي فيه".
وقال ايضاً: "لياتين على الناس زمان يطوف الرجل فيه الصدقة من الذهب، ثم لا يجد احداً ياخذها".
وانتهاء الفقر نتيجة طبيعية للتطبيق العادل في ظل حكومة الامام المهدي (عج) ووصول البشرية الى مراتب متقدمة من الايمان والاخلاص والارتباط بعالم الغيب والدنو من المعنويات والتعالى على اثقال الارض.
والرفاهية التي يتمتع بها الناس في عهد الظهور نتيجة طبيعية لكثرة المال وكثرة الخيرات وتوفر المواد الغذائية والاستهلاكية، وفي ذلك يقول ابن كثير: (وفي زمانه تكون الثمار كثيرة، والزروع غزيرة، والمال وافر، والسلطان قاهر، والدين قائم والعدو راغم، والخير في ايامه دائم".
ووفرة المواد والمال معاً يؤديان الى انحفاض السعر، بالتالي زيادة القدرة الشرائية.
ومن العوامل المؤثرة في الاسعار:
1. قانون العرض والطلب.
2. تدخل الدولة.
3. سياسة التجار.
4. أساليب الاستهلاك.
وهذه العوامل تؤثر متظافرة على الاسعار، وفي اجواء الايمان والسمو والتكامل تنطلق السياسة العادلة ويتوجه الجميع نحو تطبيق القيم الصالحة ومنها اشباع حاجات المحتاجين، وينتهي الطمع والجشع لدي التجار، وتكون علاقات التوزيع والاستهلاك عادلة، وبالتالي تقل قيمة الاسعار.
وحول قانونت العرض والطلب فان المعادلة الاقتصادية تكون كالتالي:
قيمة السلعة = ندرة السلعة * الرغبة في الطلب.
والسلع في ظل حكومة الامام المهدي (عج) متوفرة بشكل واسع، ويكون الطلب عليها قليلاً جداً، بمعني انه طلب طبيعي، وكل سلعة ستكون في متناول اليد لوفرتها وقلة قيمتها النقدية.
والظاهر ان المفاهيم والقيم الاسلامية ستكون حاكمة على جميع العلاقات والممارسات، وحينما تكون المعنويات سائدة في المجتمع فان كثيراً من القوانين الاقتصادية والتجارية ستتغير او لا يعمل بها، ومنها: قوانين مرونة العرض، وقوانين مرونة الطلب.
المقياس العددي لمرونة العرض = الزيادة النسبية في الكمية المعروضة
الزيادة النسبية في السعر
المقياس العددي لمرونة الطلب = الزيادة النسبية في الكمية المطلوبة
النقض النسبي في السعر.
حيث ان السلع متوفرة بشكل واسع، وبالتالي معروضة بشكل واسع، اضافة الى ان الحكومة تقوم بخدمات مجانية، او ان انحفاض السعر يصل الى حد المجان وخصوصاً اذا كان الاخاء هو السائد في العلاقات الاقتصادية وان الانسان يبحث عن الثواب والحصول على الحسنات قبل بتحثه عن المال.
source : www.aban.ir