من الآيات القرآنية الكريمة الّتي كان يردّدها الإمام الحسين (عليه السّلام) في يوم عاشوراء كلّما استقبل صحابياً من أصحابه أو فرداً من أهل بيته ، وهو يستأذنه للقتال ، هذه الآية : ( مِنَ المؤمنينَ رجالٌ صَدَقوا ما عاهدُوا اللَّهَ عليهِ فمنهم مَنْ قَضى نَحبَهُ ومنهم مَنْ يَنتظرُ وما بَدَّلوا تَبدِيلاً )(1) .
وكأنّه بذلك كان يريد أن يقارن بين هؤلاء الذين ثبتوا معه وبين أولئك الّذين حاربوه .
فالذين حاربوه كانوا قد عاهدوه من خلال رؤسائهم وفعّالياتهم ، ومن خلال الأفراد الذين بايعوا مسلم بن عقيل في الكوفة باسمه ، وعاهدوه على أن ينصروه ويواجهوا الحكم الظالم معه ، وأن يكونوا الجنود المجنّدة في موقفه من ذلك الحكم الظالم .
ولكن خوّفهم الطغاة ، واستيقظت نقاط ضعفهم في داخلهم ، ونقضوا عهد الله من بعد ميثاقه ، وأخذوا يقطعون ما أمر الله به أن يوصل ، ومشوا في خطّ الفساد في الأرض ، فانطبقت عليهم الآية الكريمة : ( الذينَ يَنْقُضونَ عَهدَ اللهِ مِنْ بعدِ ميثاقهِ ويقطعونَ ما أمَر اللَّهُ بهِ أنْ يوصَلَ ويُفسِدونَ في الأرضِ أُولئكَ هم الخاسِرون )(2) .
لأنّ الله سبحانه وتعالى جعل العهد في كلّ موقعٍ يعاهد فيه إنسانٌ إنساناً ؛ سواء كان عهداً بين القيادة والنّاس ، أو كان عهداً بين النّاس أنفسهم ، أو بين القادة أنفسهم ، فإنّ هذا العهد يمثّل عهد الله ؛ لأنّ الله أمر بأن يفي الناس بعهودهم في قوله تعالى : ( وأوفوا بالعهد إنّ العهدَ كان مسؤولاً )(3) .
وهكذا أعطى هؤلاء العهد من أنفسهم أمام الله على أساس أن ينصروا الإمام الحسين (عليه السّلام) ، وألزموا أنفسهم بأن يصلوا ما أمَرَ الله به أن يوصَل ، وهم أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجسَ وطهّرهم تطهيراً ، وقد كان الحسين (عليه السّلام) هو البقية الباقية من أهل البيت آنذاك .
لقد انطلقوا وقطعوا ما أمر الله به أن يوصل ، وأفسدوا في الأرض ، باعتبار أنّ كلّ فئةٍ تساند ظالماً ، وتقاتل معه وتنضمّ إليه تكون من فئة المفسدين في الأرض ؛ لأنّ حكم الظالم يمثّل حكم الفساد في الأرض ، وأوضاع الظالم تمثّل أوضاع الفساد في الأرض .
والحسين (عليه السّلام) هنا أراد أن يقول : أيّها الناس ، قارنوا الموقف بين المعسكرين ، بين معسكر النار والظلم في الأرض ، وبين المعسكر الّذي انضمّ إلى الإمام الحسين (عليه السّلام) .
وقد تحدّث الله عنهم في كتابه المجيد ، في قوله : ( أفَمَن يعلمُ أنّ ما أُنْزِلَ إليك من ربّك الحقُّ كَمنْ هو أعمى إنّما يتذكّرُ أُولُو الألباب * الذينَ يُوفونَ بعهدِ اللـهِ ولا ينقُضون الميثاقَ * والذين يَصِلُونَ ما أمر اللَّهُ به أن يُوصَلَ ويخشونَ ربّهم ويخافونَ سوءَ الحساب )(4) .
الالتزام بالحسين (عليه السّلام) إماماً
وهكذا أراد الإمام الحسين (عليه السّلام) تركيز هذه القيمة الإسلاميّة من خلال الناس الذين وقفوا معه واتّبعوه ، وصدقوا ما عاهدوا الله عليه ؛ ذلك إنّهم عندما جاءتهم المشاكل ، وأراد منهم الآخرون تغيير موقفهم رفضوا التبديل ، وأصروا على البقاء مع الإمام الحسين (عليه السّلام) حتّى عندما وقف الحسين (عليه السّلام) ليحلّهم من بيعته ؛ إذ قال لهم : (( إنّي قد أذِنتُ لكُم فانطلِقوا جَميعاً في حلٍّ ، ليسَ عليكُم حَرَجٌ منّي ولا ذِمام ، هذا الليلُ قد غَشِيَكم فاتّخِذُوه جَمَلاً ))(5) .
ولكنّهم لم يغيّروا ولم يبدّلوا ، بل قالوا : لا نتخلّى عنك يابن رسول الله حتّى لو قُتلنا وقُطّعنا وأُحرقنا ؛ لأنّنا ننطلق في الوقوف والالتزام بخطّك من خلال كونك ولي الله وابن وليّه ، ومن خلال كونك إمام هذا الدين وقائد المسلمين .
قالوا له : يابن رسول الله ، لقد التزمنا بالإسلام بكلّ أحكامه ومفاهيمه ، والتزمنا بقيادتك على أساس أنّها القيادة الإسلاميّة الّتي ركّزها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بقوله : (( حُسينٌ مِنّي وأنا من حُسين ))(6) ، وبقوله : (( الحسنُ والحُسينُ سَيّدا شبابِ أهلِ الجنّة ، وإنّهما إمامان قاما أو قعدا ))(7) . فالتزمنا قيادتك ؛ لأنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أراد لنا أن نلتزم قيادتك في إمامتك .
ـــــــــــــ
(1) سورة الأحزاب / 23 .
(2) سورة البقرة / 27 .
(3) سورة الإسراء / 34 .
(4) سورة الرعد / 19 - 21 .
(5) الإرشاد 2 / 91 .
(6) الإرشاد 2 / 127 .
(7) بحار الأنوار 36 / 289 .
الصفحة (2)
وحين صرختَ : (( إنّي لم أخرُجْ أشِراً ولا بَطِراً ، ولا مفسداً ولا ظالماً ، وإنّما خرجتُ لطلب الإصلاح في أمّة جَدّي ))(1) ، وحدّدت طبيعة ثورتك الإصلاحية كونها تسعى لإصلاح ما أفسده الظالمون والمنحرفون من الواقع الإسلامي الّذي تحرّك في أُمّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، سرنا معك ؛ لأنّ رسول الله أراد منّا أن نُصِلح اُمور أمتّنا أيضاً ، فلست وحدك المسؤول عن ذلك ، بل نحن أيضاً مسؤولون عن دعم حركة الإصلاح وتقويتها ؛ بالانطلاق معك تثبيتاً لموقفك ؛ لأنّ كلّ مسلم ومؤمن مسؤول عن طلب الإصلاح في أُمّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ؛ لأنّ رسول الله قال للأُمّة كلّها : (( كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتهِ ))(2) .
الإصلاح مسؤولية الجميع
إنّ الإصلاح في أُمة رسول الله هو مسؤولية كلّ فرد من أفراد هذه الأُمّة ، كلٍّ بحسب دوره وإمكاناته في كلِّ المجالات ؛ لذا قالوا له : يابن رسول الله ، لقد قلت : (( أُريدُ أن آمرَ بالمعروفِ وأنهى عن المنكَر )) ؛ لأنّك رأيت المعروف الّذي يتمثّل في طاعة الله في كلّ قضايا الإنسان والحياة يُترَك ، ورأيت أنّ الناس يتركون طاعة الله في عباداتهم ومعاملاتهم ، وفي حربهم وسلمهم , وفي كلِّ علاقاتهم ، ورأيت المنكر وهو كلّ ما حرّمه الله وأنكر أن يُفْعَل قد عمّ ؛
فالناس يرتكبون المحرّمات ويلتزمون الظالمين ويدعمون المنحرفين ، ولا يرفعون في وجوههم صوتاً ؛ لذلك قلت : (( أُريدُ أن آمرَ بالمعروفِ وأنهى عن المنكَر )) ، وكنّا يابن رسول الله معك ؛ لأنّ الله حمّل كلّ مسلم مسؤولية أن يأمر بالمعروف وأن ينهى عن المنكر ؛ ولأنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) حذّر المسلمين من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأنذرهم أنّهم في هذه الحال سيقعون في مصائب كثيرة وبلايا عديدة ، وقال في ما قال : (( لتَأمُرُنَّ بالمعروفِ ولتَنهُنَّ عن المنكر أو ليُسَلِّطَنَّ اللَّهُ شرارَكُم على خياركُم فيدعو خياركُم فلا يُستجابُ لهم ))(3) .
وأمر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) هذا موجّه للجميع ؛ ولهذا فنحن مأمورون بأن نأمر بالمعروف وأن ننهى عن المنكر ، كما أنت يابن رسول الله مأمور بذلك .
مأمورون بأن ندعم الذين يأمرون بالمعروف إذا كانوا في موقع القيادة أو المسؤولية ، وأن نثور معهم على الظّلم إذا ثاروا ، وأن نكون معهم في خطّ العدل ، وقد قلتَ : (( فمَنْ قبلني بقبول الحقّ فالله أولى بالحقّ ))(4) .
الانقياد للحقّ
لم تُرِد للناس أن تقبلك لشخصك ، إذ قلتَ لهم : أيّها الناس، اقبلوا الحق ، فإذا قبلتم الحق ورأيتم أنّي على الحقّ فاقبلوني ، وإذا قبلتموني باسم الحقّ فهذا من مسؤولياتكم وواجباتكم أمام الله . إنّما أنتم تقبلون الحقّ الّذي هو أمر الله (سبحانه وتعالى) وصنعه ، فمَنْ قَبِلني بقبولِ الحقّ فاللَّهُ أولى بالحقّ ، إنّ الله هو الّذي يكافئ مَنْ يقبل الحقّ .
لقد قال الإمام الحسين (عليه السّلام) ذلك ؛ لأنّه قيادة تريد للناس أن لا تلتزم بشخصها ، بل بالحقّ الّذي تمثّله في شخصيتها وفي واقعها .
لقد قلت ذلك يابن رسول الله ، ونحن معك فيه . لقد قالها أصحاب أبي عبد الله لأبي عبد الله بموقفهم ، وإن لم يتفوّهوا بها بألسنتهم ، قالوا يابن رسول الله لقد قبلنا بالحق الّذي رأيناك إمامه ؛ لذا سنقبلك لأنّ الحقّ يتجسّد فيك والقيادة كذلك ؛ لأنّ رضاك رضا الله , وسخطك سخط الله ؛ ولأنّك لا تنحرف عن طريق الله كما لم ينحرف عنه جدُّك وأبوك وأخوك ؛ لأنّ الحق عنوان شخصياتكم ودعوتكم وحركتكم .
الثبات في موقع الحقّ
هذا ما قالوه له ، ولقد ثبتوا على القول عندما جاءتهم كلّ التهاويل ، وتجمّعت العساكر الكثيرة في وضع غير متكافئ ، وكانت جماعة الحسين (عليه السّلام) من سبعين إلى ثلاثمئة رجل على اختلاف الأخبار ، بينما كانت جماعة ابن زياد أربعة آلاف رجل على أقل تقدير ، وهناك إحصاء يقول : إنّهم كانوا ثلاثين ألفاً ، فلم يكن هناك أيّ نوع من أنواع التوازن بين هذه الفئة القليلة وتلك الفئة الكثيرة .
ووقفت جماعة ابن زياد تستعرض قوَّتها ، وتعمل على هزّ قوّة أولئك المؤمنين السائرين مع الحسين (عليه السّلام) ، ولكنّهم لم يُفْلِحوا في إسقاط عزيمتهم ، وبقيت هذه القلّة ثابتةً في مواقعها ، وبدأت تتحرّك في الخطّ الإسلامي الّذي انفتح على الله فانفتح على الحسين (عليه السّلام) من خلال الله ، والذي انفتح على شريعة الله
ــــــــــــــ
(1) بحار الأنوار 44 / 329 .
(2) مسند أحمد 2 / 54 .
(3) بحار الأنوار 90 / 378 .
(4) مناقب آل أبي طالب 3 / 241 .
الصفحة (3)
فانفتح على الثورة في خطِّ هذه الشريعة ، وهكذا وقفوا ، وكانوا يستأذنون الحسين (عليه السّلام) في القتال .
وكان الحسين يستقبل كلَّ واحد منهم بهذه الآية : ( مِنَ المؤمنينَ رِجالٌ صَدقوا ما عاهدوا اللَّهَ عليه ) , صدقوا بالكلمة وبالموقف , ( فمنهُم من قَضى نحبَه ) ، ويشير الإمام الحسين (عليه السّلام) إلى الذين استشهدوا معه : ( ومنهم مَن يَنتظرُ ) , ويشير إلى الذين يتحرّكون في خط الشهادة : ( وما بَدّلوا تَبديلاً )(1) .
وتلك هي قصة المجاهدين مع الحسين (عليه السّلام) .
إنّ علينا أن نتساءل : هل هناك عهد بيننا وبين الله أم لا ؟ هل هناك عهد بيننا وبين الحسين (عليه السّلام) عبر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أم لا ؟ تلك هي المسألة .
الإنسان المسلم والصفة الإسلاميّة
عندما ندرس المسألة بصفتنا مسلمين سنجيب عن تلك الأسئلة بسهولة ، لا بالصفة العائلية أو الإقليمية أو القومية أو غير ذلك من الصفات الطارئة ؛ لأنّ الصفة الإسلاميّة هي الّتي تحدّد المواقف الإقليمية والقومية للمسلمين .
إنّ العائلية والقومية والإقليمية والوطنية رموز قد تتحرّك مع الإنسان في الدنيا ، أمّا في يوم القيامة ( فإذا نُفِخَ في الصورِ فَلا أنسابَ بَينهُم يَومئذٍ ولا يتساءَلون ) (2) .
فيُسأل الإنسان عن موقفه من ربّه , ومن رسوله , وكتابه وشريعته . وهكذا علينا تأكيد صفتنا الإسلاميّة الّتي يجب أن تحدِّد صفاتنا الأُخرى على ضوء الإسلام .
الشهادة التزامٌ بالعهد
إنّ قول : أشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمداً رسول الله , معناه الالتزام بعهد الله ؛ لأنّ قول : ( أشهد أن لا إله إلاّ الله ) يعني : يا ربّ , إنّي ألتزم بوحدانيتّك في الأُلوهية , ولا ألتزم بغيرك إذا كان ذلك يبعدني عن التزامي بك . وقول : ( أشهد أن محمداً رسول الله ) يعني : الالتزام برسول الله (صلّى الله عليه وآله) من خلال الرسالة التي حملها من الله ؛ لأنّ طاعته من طاعة الله ، ( من يُطِع الرّسولَ فَقد أطاعَ اللَّهَ )(3) .
فالتزام عهد الله هو في توحيده وعدم الشرك به في شيء ، وفي العقيدة بعدم الاعتقاد بوجود إله غيره ، وفي العبادة بعدم إطاعة أيِّ مخلوق أو شيء إلاّ في ما يتّفق مع طاعته ، هذا هو الالتزام برسول الله الّذي أرادنا الله أن نطيعه في ما يأمر .
إذاً ، نحن في عهدٍ مع الله ومع رسوله ، وفي عهدٍ مع الحسين باعتباره سار في خطّ الالتزام بعهد الله ورسوله ؛ ولأنّنا في احتضاننا للحسين (عليه السّلام) في كلّ سنة في مجالس عاشوراء نعبّر عن الالتزام بثورته .
ولكن لنتساءل : هل صدقنا الله عهده أم نقضناه ؟
إنّ مَنْ يلتزمون بغير الإسلام خطاً للعقيدة وللشريعة وللحياة هم ممّن نقض عهد الله ؛ لأنّ الله أراد أن نلتزم بشريعته ، فالالتزام بأيّة شريعة أُخرى هو مخالف لالتزامنا ذاك ، والالتزام بقيادة لا تعبّر عن شريعة الله وأمره ومنهجه هو التزامٌ بغير عهد الله .
وهكذا عندما نسيء إلى مَنْ أراد الله لنا أن نحسن إليهم ونرحمهم , ونعزّزهم ونحترمهم ، نكون ممّن يقطع ما أمر الله به أن يوصل ، وعندما نخذل العادلين ، ونلتزم جانب الظالمين ؛ بتسويغ ظلمهم ، ومهاجمة العادلين في عدلهم .
عندما نخذل الصادقين ونتّبع الكاذبين ، عندما نسكت عن الحقّ ونحن قادرون على أن نتكلّم به ، فنحن نخون عهد الله عندما نكون مع الذين ينقضون عهد الله ، إنّما نسوّغ لهم ظلمهم وفسادهم ، ونكون في غير خطّ عهد الله .
هذا الوعي لمسألة أنّ بيننا وبين الله عهداً من الأمور الّتي لا بدّ أن يعيشها المرء في كلّ حياته الخاصة والعامة ، وفي كلّ المجالات الّتي يتحرّك فيها ، وقد قال الله سبحانه وتعالى لليهود من بني إسرائيل ، عندما أرادوا منه أن يعطيهم ما وعدهم به : ( وأَوفوا بعَهْدي أُوفِ بعَهدِكُم )(4) ؛ إذ ليس من المعقول أن ألتزم بعهدي مع إنسان لم يلتزم بذاك العهد .
عهد الله بالجنّة
لقد أعطانا اللهُ العهدَ أن ندخل الجنّة إذا سرنا في الطريق الحقّ .
ــــــــــــــــ
(1) سورة الأحزاب / 23 .
(2) سورة المؤمنون / 101 .
(3) سورة النساء / 80 .
(4) سورة البقرة / 40 .
الصفحة (4)
المسألة ليست مسألة تمنّيات ولكنّها مسألة مواقف ، والله عندما أرسل رسولَه إنمّا أرسله من أجل أن يغيّر العالم ، ومن أجل أن يغيّر الإنسان ليتحرّك من خلال الحقّ والخير والعدل .
وإذا لم نستطع أن نغيّر الواقع ، فعلينا أن نعمل من أجل إرباك الخطط الّتي تسعى لأن تفرض علينا ما لا نريده ، وأن نتابع السير حتّى لا يُشرِعن الآخرون ظلمنا وعبوديتنا ؛ لأنّ المجتمع الّذي يسترخي أمام قوّة الأقوياء ، سوف تسحقه أقدام أُولئك الأقوياء .
لا يكفي أن يكون لدينا تاريخ مشرق يرتبط به واقعنا الحاضر ، بل يجب أن نعرف : هل إنّ هذا الواقع الحاضر يتحرّك في خطّ ذلك التاريخ أو ينحرف عنه ؟
(( إنّ المؤمنَ لا يُلدغُ مِن جُحرٍ مَرّتين ))(1) ، ولقد لُدِغنا في كثير من المواقع أكثر من مرّة ، فعلينا أن نعرف طبيعة ما هناك من عقارب ومن جحور تختبئ فيها العقارب ، وطبيعة ما هناك من غطاء يمكن أن يحجب عنّا بعض الأفاعي والعقارب .