عناية الإسلام بالجانب التربوي والأخلاقي بين الزوجـين
أولاً : جانب التربية :
لقد أولى الإسلام عنايته الفائقة لجانب التربية في الاُسرة ، ويتضح لنا ذلك من خلال جملة من التعاليم التربوية العالية التي طلب من الزوجين مراعاتها والعمل بها ، وسوف نشير هنا إلى أبرزها :
أ ـ الحب المتبادل :
الحبُّ المتبادل يشكّل سوراً عاطفياً يحيط بأفراد الاُسرة ، ويشيع أجواء الاُلفة والودّ فيما بينهم ، وقد أبرزت الدراسات الاجتماعية الحديثة أهمية الحب المتبادل بين الزوجين ، وأطلقت عليه مصطلح « الوظيفة العاطفية ».
ولقد سبق الإسلام الدراسات الاجتماعية الحديثة ، فأكد على أهمية الحب المتبادل بين أفراد العائلة ، وحدّد العوامل التي تورث المحبّة وتساعد على
____________
1) اُصول الكافي 2 : 447 ـ 448 | 1 باب تفسير الذنوب من كتاب الإيمان والكفر.
( 52 )
استمرارها كالاحسان والخلق الحسن والبشر وطلاقة الوجه.
قالرسولالله صلى الله عليه وآله وسلم : « جُبلت القلوب علىحبِّ من أحسن إليها ، وبغض من أساء إليها » (1) ، وقال الإمام الصادق عليه السلام : « حسن الخُلق مجلبة للمودّة » (2) ، وقال الإمام الباقر عليه السلام : « البشر الحسن وطلاقةُ الوجه مكسبةٌ للمحبّة وقربة إلى الله ، وعبوس الوجه وسوء البشر مكسبة للمقت وبُعد من الله » (3).
وثمة عوامل رئيسة دينية وخلقية وحتى اقتصادية ، تورث المحبة ، حصرها الإمام الصادق عليه السلام بثلاثة خصال ، فقال : « ثلاثةٌ تورثُ المحبَّة : الدِّينُ ، والتواضع ، والبذل » (4).
ب ـ المعاشرة بالمعروف :
لقد حثّت تعاليم الإسلام الزوجين على حسن المعاشرة فيما بينهما ؛ وذلك لأنها ركيزة أساسية لدوام المحبّة والاُلفة ، قال أمير المؤمنين عليه السلام : « بحسن العشرة تدوم المودّة » (5) ، وقال أيضاً : « بحسن العشرة تدوم الوصلة » (6).
وفي هذا السياق نجد توصيات خاصة للزوج بصفته قيماً على الزوجة قد ملّكه الله تعالى عصمتها وجعلها تحت قيمومته تحثه على العشرة الحسنة معها ، قال تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمعرُوفِ ) (7)، وقد ورد في توصيات الإمام
____________
1) تحف العقول : 37 من مواعظ النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
2) تحف العقول : 356.
3) تحف العقول : 296.
4) تحف العقول : 316.
5) غرر الحكم ح 4200 و 4270.
6) غرر الحكم ح 4200 و 4270.
7) سورة النساء : 4 | 19.
( 53 )
علي عليه السلام التربوية لابنه الإمام الحسن عليه السلام : « .. ولا يكن أهلك أشقى الخلق بك.. » (1) ، الإمام الصادق عليه السلام أبعد من ذلك في تأكيده على الزوج بضرورة العشرة الحسنة مع زوجته ، والتطبع بها وإن لم تكن له طبعاً ، الأمر الذي يكشف لنا عن أهميتها التربوية العالية ، قال عليه السلام : « إنَّ المرء يحتاج في منزله وعياله إلى ثلاث خلال يتكلفها وإن لم تكن في طبعه ذلك : معاشرة جميلة ، وسعة بتقدير ، وغيرة بتحصّن » (2).
ونجد بالمقابل أنّ السُنّة المطهّرة تحثُّ النساء على حسن العشرة مع الرجال ، وتعتبر ذلك بمثابة الجهاد لهنَّ ، قال الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم : « جهاد المرأة حسن التبعل لزوجها » (3).
ثم إن من دواعي العشرة الحسنة التسامح والتساهل بين الزوجين ، وخاصة في الاُمور العادية التي قد تصدر بصورة عفوية قال أمير المؤمنين عليه السلام : « من لم يتغافل ولا يغضّ عن كثير من الاُمور تنغّصت عيشته » (4).
جـ ـ الشعور بالمسؤولية :
لقد أكد القرآن على مسؤولية الإنسان بصورة عامة ، فقال : ( وقفُوهُم إنَّهُم مسؤُولونَ ) (5). كما أكدت السيرة النبوية على شمول هذه المسؤولية للرجل والمرأة معاً في محيطهما العائلي ، قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « ألا كلكم راعٍ وكلكم
____________
1) نهج البلاغة ، ضبط صبحي الصالح : 403 كتاب 31.
2) تحف العقول : 322 من حديث الإمام الصادق عليه السلام المعروف بـ « نثر الدرر ».
3) تحف العقول : 322.
4) تحف العقول : 60 من مواعظ النبي صلى الله عليه وآله وسلم. 5) سورة الصافات : 37 | 24.
( 54 )
مسؤول عن رعيته ، فالأمير الذي على النّاس راعٍ وهو مسؤول عن رعيته ، والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم » (1). من كلِّ ذلك يظهر لنا بأنّ الإسلام يحثُّ الزوجين على الشعور بالمسؤولية الإنسانية بصفة عامّة وعلى المسؤولية الاُسرية بصفة خاصة.
د ـ الانصاف والعدل :
الانصاف من العوامل التربوية التي تديم المحبة وتوجب الأُلفة بين الزوجين ، يقول أمير المؤمنين عليه السلام : « الانصاف يستديم المحبّة » (2) ، ويقول أيضاً : « الانصاف يرفع الخلاف ويوجب الائتلاف » (3) ، ومن يطالع كتابه عليه السلام الذي أرسله إلى الأشتر لما بعثه إلى مصر ، يجد أنه يشير فيه صراحة إلى أن عدم الانصاف يؤدي إلى الظلم : « ... أنصف الله وأنصف الناس من نفسك ، ومنخاصة أهلك ، ومن لك فيه هوى من رعيتك ، فإنّك إلاّ تفعل تظلم.. » (4).
وهناك دعوة ملحة للعدل بين النساء لمن يتزوج بأكثر من امرأة وتحذير من مغبة الظلم لهما أو لإحداهما ، ورد ذلك في آخر خطبة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم التي تضمنت تعاليم تربوية عديدة منها ـ في ما يتصل بهذه الفقرة ـ قوله : « .. ومن كانت له امرأتان فلم يعدل بينهما في القسم من نفسه وماله ، جاء يوم القيامة
____________
1) تنبيه الخواطر 1 : 6.
2) غرر الحكم ح 1076.
3) غرر الحكم ح 1702.
4) تحف العقول : 127.
( 55 )
مغلولاً مائلاً شقه حتى يدخل النار » (1).
هـ ـ تقسيم العمل وبيان الأدوار :
وهما من الأساليب الناجحة في إدارة أمور الاُسرة ، فالرجل عليه العمل والكسب خارج البيت لتوفير سبل العيش الكريم للعائلة ، والمرأة تضطلع بمهمة إدارة المنزل ورعاية الأطفال.
وتروي لنا مصادرنا التراثية حالة التعاون وتقسيم العمل الرائعة بين فاطمة الزهراء والإمام علي عليهما السلام ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « كان أمير المؤمنين يحطب ويستقي ويكنس ، وكانت فاطمة تطحن وتعجن وتخبز » (2).
لقد قامت فاطمة عليها السلام بأداء واجباتها المنزلية خير قيام ، وخير شاهد على ذلك ما أفاده زوجها أمير المؤمنين عليه السلام بحقها عندما قال لرجل من بني سعد : « ألا أحدّثك عني وعن فاطمة ، إنّها كانت عندي ، وكانت من أحب أهله إليه ـ أي للرسول صلى الله عليه وآله وسلم ـ وإنّها استقت بالقربة حتى أثّرت في صدرها ، وطحنت بالرحى حتى مجلت يداها ، وكسحت البيت حتى اغبرّت ثيابها ، وأوقدت النار تحت القدر حتى دكنت ثيابها ، فأصابها من ذلك ضمار شديد » (3).
ثم إنَّ الإسلام لا يحرّم العمل على المرأة ، كما يزعم بعض الناس ، بل يفضل ان تعمل المرأة في بيتها صيانةً لها ، والإسلام يُشجع المرأة أن تزاول الاعمال المنزلية لكي تساهم في دعم اقتصاد العائلة وتخفف العبء عن كاهل الزوج عند الضرورة ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « مروا نساءكم بالغزل ، فإنّه خير لهنَّ
____________
1) عقاب الأعمال ، للصدوق : 333 | 1 باب يجمع عقوبات الأعمال.
2) تنبيه الخواطر 2 : 79.
3) علل الشرائع ، للصدوق : 366 باب 88 علة تسبيح فاطمة عليها السلام.
( 56 )
وأزين » ، ويقول أيضاً : « المغزل في يد المرأة الصالحة كالرمح في يد الغازي المريد وجه الله » (1).
د ـ عدم إلحاق الضرر :
فقد ورد في الحديث تحذير شديد للزوجين من العواقب المترتبة على إلحاق الضرر من قبل أحدهما بالآخر ، قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « من كان له امرأة تؤذيه لم يقبل الله صلاتها ولا حسنة من عملها حتى تعينه وترضيه وإن صامت الدهر.. وعلى الرجل مثل ذلك الوزر إذا كان لها مؤذياً ظالماً » (2).
ومن الخطابات الموجهة للزوجة خاصة ، قول الإمام الصادق عليه السلام : « ملعونة ملعونة امرأة تؤذي زوجها وتغمّه ، وسعيدة سعيدة امرأة تكرم زوجها ولا تؤذيه ، وتطيعه في جميع أحواله » (3).
ومن الخطابات الموجّهة للزوج في هذا الصدد قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « ومن أضرَّ بامرأة حتى تفتدي منه نفسها ، لم يرضَ الله تعالى له بعقوبة دون النار ؛ لأنَّ الله تعالى يغضب للمرأة كما يغضب لليتيم » (4).
والملاحظ أن السيرة النبوية في الوقت الذي توصي فيه الرجال بالرِّفق وعدم إلحاق الضرر بالنساء ، كما قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « أوصيكم بالضعيفين : النساء وما ملكت أيمانكم » (5) ، كذلك توصي النساء بالرفق بالازواج وعدم
____________
1) مكارم الأخلاق : 238.
2) وسائل الشيعة 14 : 116 | 1 باب 82.
3) بحار الأنوار 103 : 253 عن كنز الفوائد للكراجكي : 63.
4) عقاب الأعمال ، للصدوق : 334 باب يجمع عقوبات الأعمال.
5) تحف العقول : 120 من وصايا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
( 57 )
تكليفهم فوق طاقتهم وبما يشق عليهم ، بدليل قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « .. ألا وأيّما امرأة لم ترفق بزوجها ، وحملته على ما لا يقدر عليه وما لا يطيق ، لم يقبل منها حسنة ، وتلقى الله وهو عليها غضبان » (1).
ز ـ الخدمة المتبادلة :
فمن المؤكد أن الإسلام يدعو المسلمين إلى إسداء الخدمة ومدّ يد العون لبعضهم البعض ، فعن أبي المعتمر قال : سمعتُ أمير المؤمنين عليه السلام يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « أيّما مسلم خدم قوماً من المسلمين إلاّ أعطاه الله مثل عددهم خدَّاماً في الجنّة » (2).
وإلى جانب هذا التوجه العام ، فإنه يدعو الزوجين إلى خدمة بعضهما البعض بما يعود بالنفع عليهما وعلى عموم أفراد العائلة ويرتب على هذه الخدمة مهما كانت بسيطة الثواب العظيم ، فعن ورّام بن أبي فراس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « أيّما امرأة خدمت زوجها سبعة أيّام ، أغلق الله عنها سبعة أبواب النّار وفتح لها ثمانية أبواب الجنة تدخل من أيّها شاءت ». وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « ما من امرأة تسقي زوجها شربة من ماء إلاّ كان خيراً لها من عبادة سنة.. » (3).
وتعتبر فاطمة الزهراء عليها السلام القدوة الحسنة في التوفر على خدمة الزوج وأداء حقوقه ، فعلى الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي مرَّ بها الإمام علي عليه السلام
____________
1) تنبيه الخواطر 2 : 262.
2) اُصول الكافي 2 ، 207 | 1 باب في خدمة المؤمن من كتاب الإيمان والكفر.
3) وسائل الشيعة 14 : 123 | 2 باب استحباب خدمة الزوجة لزوجها من كتاب النكاح.
( 58 )
فان فاطمة عليها السلام وقفت إلى جانبه ، ولم تكلفه فوق طاقته ، وكانت تخدمه باخلاص ، وقد شهد بحقها واعترف بخدمتها فقال عليه السلام : « لقد تزوجت فاطمة ومالي ولها فراش غير جلد كبش ، كنّا ننام عليه باللّيل ، ونعلف عليه النّاقة بالنهار ، ومالي خادم غيرها » (1).
هذا فضلاً عن أن تعاليم الإسلام تحثُّ الرجل على خدمة امرأته وعياله ، قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « إذا سقى الرجل امرأته أُجر » (2) ، وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « إنَّ الرجل ليؤجر في رفع اللقمة إلى في امرأته » (3) ، وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « .. لا يخدم العيال إلاّ صدّيق أو شهيد أو رجل يريد الله به خير الدنيا والآخرة » (4).
ح ـ الرّضا والموافقة :
فقد وردت روايات عديدة تحثُّ الزوجين على كسب رضا أحدهما للآخر والحصول على موافقته ، وفي هذا الصدد يقدّم الإمام الصادق عليه السلام توصياته التربوية القيمة لكلٍّ من الزوجين والتي تتضمن الإشارة إلى الأساليب التي يجب أن يتبعها كل واحد منهما لكسب رضا وموافقة شريكه ، قال عليه السلام : « لا غنى بالزوج عن ثلاثة أشياء فيما بينه وبين زوجته ، وهي : الموافقة ليجلب بها موافقتها ومحبّتها وهواها ، وحسن خلقه معها ، واستعماله استمالة قلبها بالهيئة الحسنة في عينها وتوسعته عليها. ولا غنى بالزوجة فيما بينها وبين زوجها الموافق لها عن ثلاث خصال ، وهنَّ : صيانة نفسها عن كُلِّ دنسٍ حتى
____________
1) تنبيه الخواطر 2 : 12.
2) كنز العمال 16 : 275 | 44435.
3) المحجّة البيضاء 3 : 70 كتاب آداب النكاح ، الفائدة الخامسة.
4) بحار الأنوار 104 : 132 باب فضل خدمة العيال ، عن جامع الأخبار : 102.
( 59 )
يطمئن قلبه إلى الثقة بها في حال المحبوب والمكروه ، وحياطته ليكون ذلك عاطفاً عليها عن زلَّة تكون منها ، وإظهار العشق له بالخلابة والهيئة الحسنة لها في عينه » (1).
والملاحظ أن الروايات تؤكد على ضرورة ارضاء المرأة لزوجها وعدم إثارة سخطه ، قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « ويل لامرأة أغضبت زوجها ، وطوبى لامرأة رضي عنها زوجها » (2).
ط ـ الاهتمام بالهيئة :
وهما من العوامل التي تساهم في توثيق الروابط الزوجية وتساعد على استمرارها.
فقد ورد في توصيات أمير المؤمنين عليه السلام : « لتتطيب المرأة لزوجها » (3) ، وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام : « لا ينبغي للمرأة أن تعطّر نفسها ، ولو أن تعلّق في عنقها قلادة » (4).
وهنا لابدّ من التنويه على أن زينة المرأة المتزوجة لابدّ أن تقتصر على زوجها ، فعن الإمام أبي عبدالله عليه السلام قال : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أيّ امرأة تتطيّب ثمَّ خرجت من بيتها ، فهي تُلعن حتى ترجع إلى بيتها متى رجعت » (5).
____________
1) تحف العقول : 323 حديث الإمام الصادق عليه السلام المعروف بـ «نثر الدرر». والخلابة : الملاطفة باللسان.
2) بحار الأنوار 103 : 246 عن جامع الاخبار : 158.
3) تحف العقول : 111 من وصايا أمير المؤمنين عليه السلام.
4) مكارم الأخلاق : 98.
5) ثواب الأعمال وعقاب الاعمال ، للصدوق : 308 باب عقاب المرأة تتطيب لغير زوجها.
( 60 )
من جانب آخر يتوجب على الزوج أن يهتم بنظافته ومظهره حتى يحوز على رضا الزوجة ويدخل البهجة إلى نفسها ، خصوصا وأنّ انحراف الزوجة قد تقع تبعاته على الزوج ، نتيجة لعدم اهتمامه بنظافته ومظهره ، وقد أورد لنا الإمام الرضا عليه السلام سابقة تاريخية في هذا الخصوص ، عندما قال : « أخبرني أبي ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام أن نساء بني إسرائيل خرجن من العفاف إلى الفجور ، ما أخرجهن إلاّ قلّة تهيئة أزواجهن ، وقل : إنّها تشتهي منك مثل الذي تشتهي منها » (1).
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتهيأ لنسائه ويهتم بمظهره ويتطيّب : « وكان يُعرف بالرّيح الطيب إذا أقبل » (2) ، وسلك أهل البيت عليهم السلام ذات المسلك النبوي ، فكانوا يهتمون بمظهرهم ويتهيّؤن لنسائهم ، عن الحسن بن الجهم ، قال : رأيت أباالحسن عليه السلام اختضب ، فقلت : جعلت فداك اختضبت؟ فقال : « نعم ، إنَّ التهيئة ممّا يزيد في عفّة النساء ، ولقد ترك النساء العفّة بترك أزواجهنَّ التهيئة ».
ثم قال : « أيسرّك أن تراها على ما تراك عليه إذا كنت على غير تهيئة؟ قلتُ : لا ، قال : فهو ذاك.. » (3).
ثانياً : جانب الأخلاق :
تشكّل الأخلاق حجر الزاوية في إدامة التماسك والألفة بين أفراد الاُسرة
____________
1) مكارم الأخلاق : 81.
2) مكارم الأخلاق : 23.
3) وسائل الشيعة 14 : 183 | 1 باب 141 استحباب التنظيف والزينة.
( 61 )
كمجتمع صغير وبينها وبين المجتمع الكبير ، ومن هنا جاء في موعظة النبي صلى الله عليه وآله وسلم للإمام علي عليه السلام : « ... يا عليّ ، أحسن خُلقك مع أهلك وجيرانك ومن تعاشر وتصاحبُ من الناس ، تُكتب عند الله في الدّرجات العُلى » (1).
وفي جهة اُخرى فان سوء الخلق يغرس في محيط العائلة بذور الخلاف ، وينتج النفرة من البيت ، ويولّد الملل للأهل ، يقول أمير المؤمنين عليه السلام : « سوء الخلق يوحش القريب ويُنفر البعيد » (2) ويقول أيضاً في خطبته المعروفة بـ « الوسيلة » : « ومن ضاق خُلقه ملّه أهله » (3). والملاحظ في ضوء النصوص الدينية أنها تركز على أربع خصال أخلاقية لها مدخلية كبرى في توثيق وإدامة الحياة الزوجية وهي :