عربي
Thursday 28th of November 2024
0
نفر 0

عناية الإسلام بالجانب التربوي والأخلاقي بين الزوجـين

المبحث الثاني :

عناية الإسلام بالجانب التربوي والأخلاقي بين الزوجـين



أولاً : جانب التربية :
    لقد أولى الإسلام عنايته الفائقة لجانب التربية في الاُسرة ، ويتضح لنا ذلك من خلال جملة من التعاليم التربوية العالية التي طلب من الزوجين مراعاتها والعمل بها ، وسوف نشير هنا إلى أبرزها :
أ ـ الحب المتبادل :
    الحبُّ المتبادل يشكّل سوراً عاطفياً يحيط بأفراد الاُسرة ، ويشيع أجواء الاُلفة والودّ فيما بينهم ، وقد أبرزت الدراسات الاجتماعية الحديثة أهمية الحب المتبادل بين الزوجين ، وأطلقت عليه مصطلح « الوظيفة العاطفية ».
    ولقد سبق الإسلام الدراسات الاجتماعية الحديثة ، فأكد على أهمية الحب المتبادل بين أفراد العائلة ، وحدّد العوامل التي تورث المحبّة وتساعد على
____________
1) اُصول الكافي 2 : 447 ـ 448 | 1 باب تفسير الذنوب من كتاب الإيمان والكفر.


( 52 )


استمرارها كالاحسان والخلق الحسن والبشر وطلاقة الوجه.
    قالرسولالله صلى الله عليه وآله وسلم : « جُبلت القلوب علىحبِّ من أحسن إليها ، وبغض من أساء إليها » (1) ، وقال الإمام الصادق عليه السلام : « حسن الخُلق مجلبة للمودّة » (2) ، وقال الإمام الباقر عليه السلام : « البشر الحسن وطلاقةُ الوجه مكسبةٌ للمحبّة وقربة إلى الله ، وعبوس الوجه وسوء البشر مكسبة للمقت وبُعد من الله » (3).
    وثمة عوامل رئيسة دينية وخلقية وحتى اقتصادية ، تورث المحبة ، حصرها الإمام الصادق عليه السلام بثلاثة خصال ، فقال : « ثلاثةٌ تورثُ المحبَّة : الدِّينُ ، والتواضع ، والبذل » (4).
ب ـ المعاشرة بالمعروف :
    لقد حثّت تعاليم الإسلام الزوجين على حسن المعاشرة فيما بينهما ؛ وذلك لأنها ركيزة أساسية لدوام المحبّة والاُلفة ، قال أمير المؤمنين عليه السلام : « بحسن العشرة تدوم المودّة » (5) ، وقال أيضاً : « بحسن العشرة تدوم الوصلة » (6).
    وفي هذا السياق نجد توصيات خاصة للزوج بصفته قيماً على الزوجة قد ملّكه الله تعالى عصمتها وجعلها تحت قيمومته تحثه على العشرة الحسنة معها ، قال تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمعرُوفِ ) (7)، وقد ورد في توصيات الإمام
____________
1) تحف العقول : 37 من مواعظ النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
2) تحف العقول : 356.
3) تحف العقول : 296.
4) تحف العقول : 316.
5) غرر الحكم ح 4200 و 4270.
6) غرر الحكم ح 4200 و 4270.
7) سورة النساء : 4 | 19.


( 53 )


علي عليه السلام التربوية لابنه الإمام الحسن عليه السلام : « .. ولا يكن أهلك أشقى الخلق بك.. » (1) ، الإمام الصادق عليه السلام أبعد من ذلك في تأكيده على الزوج بضرورة العشرة الحسنة مع زوجته ، والتطبع بها وإن لم تكن له طبعاً ، الأمر الذي يكشف لنا عن أهميتها التربوية العالية ، قال عليه السلام : « إنَّ المرء يحتاج في منزله وعياله إلى ثلاث خلال يتكلفها وإن لم تكن في طبعه ذلك : معاشرة جميلة ، وسعة بتقدير ، وغيرة بتحصّن » (2).
    ونجد بالمقابل أنّ السُنّة المطهّرة تحثُّ النساء على حسن العشرة مع الرجال ، وتعتبر ذلك بمثابة الجهاد لهنَّ ، قال الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم : « جهاد المرأة حسن التبعل لزوجها » (3).
    ثم إن من دواعي العشرة الحسنة التسامح والتساهل بين الزوجين ، وخاصة في الاُمور العادية التي قد تصدر بصورة عفوية قال أمير المؤمنين عليه السلام : « من لم يتغافل ولا يغضّ عن كثير من الاُمور تنغّصت عيشته » (4).
جـ ـ الشعور بالمسؤولية :
    لقد أكد القرآن على مسؤولية الإنسان بصورة عامة ، فقال : ( وقفُوهُم إنَّهُم مسؤُولونَ ) (5). كما أكدت السيرة النبوية على شمول هذه المسؤولية للرجل والمرأة معاً في محيطهما العائلي ، قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « ألا كلكم راعٍ وكلكم
____________
1) نهج البلاغة ، ضبط صبحي الصالح : 403 كتاب 31.
2) تحف العقول : 322 من حديث الإمام الصادق عليه السلام المعروف بـ « نثر الدرر ».
3) تحف العقول : 322.
4) تحف العقول : 60 من مواعظ النبي صلى الله عليه وآله وسلم. 5) سورة الصافات : 37 | 24.


( 54 )


مسؤول عن رعيته ، فالأمير الذي على النّاس راعٍ وهو مسؤول عن رعيته ، والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم » (1). من كلِّ ذلك يظهر لنا بأنّ الإسلام يحثُّ الزوجين على الشعور بالمسؤولية الإنسانية بصفة عامّة وعلى المسؤولية الاُسرية بصفة خاصة.
د ـ الانصاف والعدل :
    الانصاف من العوامل التربوية التي تديم المحبة وتوجب الأُلفة بين الزوجين ، يقول أمير المؤمنين عليه السلام : « الانصاف يستديم المحبّة » (2) ، ويقول أيضاً : « الانصاف يرفع الخلاف ويوجب الائتلاف » (3) ، ومن يطالع كتابه عليه السلام الذي أرسله إلى الأشتر لما بعثه إلى مصر ، يجد أنه يشير فيه صراحة إلى أن عدم الانصاف يؤدي إلى الظلم : « ... أنصف الله وأنصف الناس من نفسك ، ومنخاصة أهلك ، ومن لك فيه هوى من رعيتك ، فإنّك إلاّ تفعل تظلم.. » (4).
    وهناك دعوة ملحة للعدل بين النساء لمن يتزوج بأكثر من امرأة وتحذير من مغبة الظلم لهما أو لإحداهما ، ورد ذلك في آخر خطبة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم التي تضمنت تعاليم تربوية عديدة منها ـ في ما يتصل بهذه الفقرة ـ قوله : « .. ومن كانت له امرأتان فلم يعدل بينهما في القسم من نفسه وماله ، جاء يوم القيامة
____________
1) تنبيه الخواطر 1 : 6.
2) غرر الحكم ح 1076.
3) غرر الحكم ح 1702.
4) تحف العقول : 127.


( 55 )


مغلولاً مائلاً شقه حتى يدخل النار » (1).
هـ ـ تقسيم العمل وبيان الأدوار :
    وهما من الأساليب الناجحة في إدارة أمور الاُسرة ، فالرجل عليه العمل والكسب خارج البيت لتوفير سبل العيش الكريم للعائلة ، والمرأة تضطلع بمهمة إدارة المنزل ورعاية الأطفال.
    وتروي لنا مصادرنا التراثية حالة التعاون وتقسيم العمل الرائعة بين فاطمة الزهراء والإمام علي عليهما السلام ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « كان أمير المؤمنين يحطب ويستقي ويكنس ، وكانت فاطمة تطحن وتعجن وتخبز » (2).
    لقد قامت فاطمة عليها السلام بأداء واجباتها المنزلية خير قيام ، وخير شاهد على ذلك ما أفاده زوجها أمير المؤمنين عليه السلام بحقها عندما قال لرجل من بني سعد : « ألا أحدّثك عني وعن فاطمة ، إنّها كانت عندي ، وكانت من أحب أهله إليه ـ أي للرسول صلى الله عليه وآله وسلم ـ وإنّها استقت بالقربة حتى أثّرت في صدرها ، وطحنت بالرحى حتى مجلت يداها ، وكسحت البيت حتى اغبرّت ثيابها ، وأوقدت النار تحت القدر حتى دكنت ثيابها ، فأصابها من ذلك ضمار شديد » (3).
    ثم إنَّ الإسلام لا يحرّم العمل على المرأة ، كما يزعم بعض الناس ، بل يفضل ان تعمل المرأة في بيتها صيانةً لها ، والإسلام يُشجع المرأة أن تزاول الاعمال المنزلية لكي تساهم في دعم اقتصاد العائلة وتخفف العبء عن كاهل الزوج عند الضرورة ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « مروا نساءكم بالغزل ، فإنّه خير لهنَّ
____________
1) عقاب الأعمال ، للصدوق : 333 | 1 باب يجمع عقوبات الأعمال.
2) تنبيه الخواطر 2 : 79.
3) علل الشرائع ، للصدوق : 366 باب 88 علة تسبيح فاطمة عليها السلام.


( 56 )


وأزين » ، ويقول أيضاً : « المغزل في يد المرأة الصالحة كالرمح في يد الغازي المريد وجه الله » (1).
د ـ عدم إلحاق الضرر :
    فقد ورد في الحديث تحذير شديد للزوجين من العواقب المترتبة على إلحاق الضرر من قبل أحدهما بالآخر ، قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « من كان له امرأة تؤذيه لم يقبل الله صلاتها ولا حسنة من عملها حتى تعينه وترضيه وإن صامت الدهر.. وعلى الرجل مثل ذلك الوزر إذا كان لها مؤذياً ظالماً » (2).
    ومن الخطابات الموجهة للزوجة خاصة ، قول الإمام الصادق عليه السلام : « ملعونة ملعونة امرأة تؤذي زوجها وتغمّه ، وسعيدة سعيدة امرأة تكرم زوجها ولا تؤذيه ، وتطيعه في جميع أحواله » (3).
    ومن الخطابات الموجّهة للزوج في هذا الصدد قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « ومن أضرَّ بامرأة حتى تفتدي منه نفسها ، لم يرضَ الله تعالى له بعقوبة دون النار ؛ لأنَّ الله تعالى يغضب للمرأة كما يغضب لليتيم » (4).
    والملاحظ أن السيرة النبوية في الوقت الذي توصي فيه الرجال بالرِّفق وعدم إلحاق الضرر بالنساء ، كما قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « أوصيكم بالضعيفين : النساء وما ملكت أيمانكم » (5) ، كذلك توصي النساء بالرفق بالازواج وعدم
____________
1) مكارم الأخلاق : 238.
2) وسائل الشيعة 14 : 116 | 1 باب 82.
3) بحار الأنوار 103 : 253 عن كنز الفوائد للكراجكي : 63.
4) عقاب الأعمال ، للصدوق : 334 باب يجمع عقوبات الأعمال.
5) تحف العقول : 120 من وصايا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.


( 57 )


تكليفهم فوق طاقتهم وبما يشق عليهم ، بدليل قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « .. ألا وأيّما امرأة لم ترفق بزوجها ، وحملته على ما لا يقدر عليه وما لا يطيق ، لم يقبل منها حسنة ، وتلقى الله وهو عليها غضبان » (1).
ز ـ الخدمة المتبادلة :
    فمن المؤكد أن الإسلام يدعو المسلمين إلى إسداء الخدمة ومدّ يد العون لبعضهم البعض ، فعن أبي المعتمر قال : سمعتُ أمير المؤمنين عليه السلام يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « أيّما مسلم خدم قوماً من المسلمين إلاّ أعطاه الله مثل عددهم خدَّاماً في الجنّة » (2).
    وإلى جانب هذا التوجه العام ، فإنه يدعو الزوجين إلى خدمة بعضهما البعض بما يعود بالنفع عليهما وعلى عموم أفراد العائلة ويرتب على هذه الخدمة مهما كانت بسيطة الثواب العظيم ، فعن ورّام بن أبي فراس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « أيّما امرأة خدمت زوجها سبعة أيّام ، أغلق الله عنها سبعة أبواب النّار وفتح لها ثمانية أبواب الجنة تدخل من أيّها شاءت ». وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « ما من امرأة تسقي زوجها شربة من ماء إلاّ كان خيراً لها من عبادة سنة.. » (3).
    وتعتبر فاطمة الزهراء عليها السلام القدوة الحسنة في التوفر على خدمة الزوج وأداء حقوقه ، فعلى الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي مرَّ بها الإمام علي عليه السلام
____________
1) تنبيه الخواطر 2 : 262.
2) اُصول الكافي 2 ، 207 | 1 باب في خدمة المؤمن من كتاب الإيمان والكفر.
3) وسائل الشيعة 14 : 123 | 2 باب استحباب خدمة الزوجة لزوجها من كتاب النكاح.


( 58 )


فان فاطمة عليها السلام وقفت إلى جانبه ، ولم تكلفه فوق طاقته ، وكانت تخدمه باخلاص ، وقد شهد بحقها واعترف بخدمتها فقال عليه السلام : « لقد تزوجت فاطمة ومالي ولها فراش غير جلد كبش ، كنّا ننام عليه باللّيل ، ونعلف عليه النّاقة بالنهار ، ومالي خادم غيرها » (1).
    هذا فضلاً عن أن تعاليم الإسلام تحثُّ الرجل على خدمة امرأته وعياله ، قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « إذا سقى الرجل امرأته أُجر » (2) ، وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « إنَّ الرجل ليؤجر في رفع اللقمة إلى في امرأته » (3) ، وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « .. لا يخدم العيال إلاّ صدّيق أو شهيد أو رجل يريد الله به خير الدنيا والآخرة » (4).
ح ـ الرّضا والموافقة :
    فقد وردت روايات عديدة تحثُّ الزوجين على كسب رضا أحدهما للآخر والحصول على موافقته ، وفي هذا الصدد يقدّم الإمام الصادق عليه السلام توصياته التربوية القيمة لكلٍّ من الزوجين والتي تتضمن الإشارة إلى الأساليب التي يجب أن يتبعها كل واحد منهما لكسب رضا وموافقة شريكه ، قال عليه السلام : « لا غنى بالزوج عن ثلاثة أشياء فيما بينه وبين زوجته ، وهي : الموافقة ليجلب بها موافقتها ومحبّتها وهواها ، وحسن خلقه معها ، واستعماله استمالة قلبها بالهيئة الحسنة في عينها وتوسعته عليها. ولا غنى بالزوجة فيما بينها وبين زوجها الموافق لها عن ثلاث خصال ، وهنَّ : صيانة نفسها عن كُلِّ دنسٍ حتى
____________
1) تنبيه الخواطر 2 : 12.
2) كنز العمال 16 : 275 | 44435.
3) المحجّة البيضاء 3 : 70 كتاب آداب النكاح ، الفائدة الخامسة.
4) بحار الأنوار 104 : 132 باب فضل خدمة العيال ، عن جامع الأخبار : 102.


( 59 )


يطمئن قلبه إلى الثقة بها في حال المحبوب والمكروه ، وحياطته ليكون ذلك عاطفاً عليها عن زلَّة تكون منها ، وإظهار العشق له بالخلابة والهيئة الحسنة لها في عينه » (1).
    والملاحظ أن الروايات تؤكد على ضرورة ارضاء المرأة لزوجها وعدم إثارة سخطه ، قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « ويل لامرأة أغضبت زوجها ، وطوبى لامرأة رضي عنها زوجها » (2).
ط ـ الاهتمام بالهيئة :
    وهما من العوامل التي تساهم في توثيق الروابط الزوجية وتساعد على استمرارها.
    فقد ورد في توصيات أمير المؤمنين عليه السلام : « لتتطيب المرأة لزوجها » (3) ، وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام : « لا ينبغي للمرأة أن تعطّر نفسها ، ولو أن تعلّق في عنقها قلادة » (4).
    وهنا لابدّ من التنويه على أن زينة المرأة المتزوجة لابدّ أن تقتصر على زوجها ، فعن الإمام أبي عبدالله عليه السلام قال : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أيّ امرأة تتطيّب ثمَّ خرجت من بيتها ، فهي تُلعن حتى ترجع إلى بيتها متى رجعت » (5).
____________
1) تحف العقول : 323 حديث الإمام الصادق عليه السلام المعروف بـ «نثر الدرر». والخلابة : الملاطفة باللسان.
2) بحار الأنوار 103 : 246 عن جامع الاخبار : 158.
3) تحف العقول : 111 من وصايا أمير المؤمنين عليه السلام.
4) مكارم الأخلاق : 98.
5) ثواب الأعمال وعقاب الاعمال ، للصدوق : 308 باب عقاب المرأة تتطيب لغير زوجها.


( 60 )


    من جانب آخر يتوجب على الزوج أن يهتم بنظافته ومظهره حتى يحوز على رضا الزوجة ويدخل البهجة إلى نفسها ، خصوصا وأنّ انحراف الزوجة قد تقع تبعاته على الزوج ، نتيجة لعدم اهتمامه بنظافته ومظهره ، وقد أورد لنا الإمام الرضا عليه السلام سابقة تاريخية في هذا الخصوص ، عندما قال : « أخبرني أبي ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام أن نساء بني إسرائيل خرجن من العفاف إلى الفجور ، ما أخرجهن إلاّ قلّة تهيئة أزواجهن ، وقل : إنّها تشتهي منك مثل الذي تشتهي منها » (1).
    وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتهيأ لنسائه ويهتم بمظهره ويتطيّب : « وكان يُعرف بالرّيح الطيب إذا أقبل » (2) ، وسلك أهل البيت عليهم السلام ذات المسلك النبوي ، فكانوا يهتمون بمظهرهم ويتهيّؤن لنسائهم ، عن الحسن بن الجهم ، قال : رأيت أباالحسن عليه السلام اختضب ، فقلت : جعلت فداك اختضبت؟ فقال : « نعم ، إنَّ التهيئة ممّا يزيد في عفّة النساء ، ولقد ترك النساء العفّة بترك أزواجهنَّ التهيئة ».
    ثم قال : « أيسرّك أن تراها على ما تراك عليه إذا كنت على غير تهيئة؟ قلتُ : لا ، قال : فهو ذاك.. » (3).

ثانياً : جانب الأخلاق :
   تشكّل الأخلاق حجر الزاوية في إدامة التماسك والألفة بين أفراد الاُسرة
____________
1) مكارم الأخلاق : 81.
2) مكارم الأخلاق : 23.
3) وسائل الشيعة 14 : 183 | 1 باب 141 استحباب التنظيف والزينة.


( 61 )


كمجتمع صغير وبينها وبين المجتمع الكبير ، ومن هنا جاء في موعظة النبي صلى الله عليه وآله وسلم للإمام علي عليه السلام : « ... يا عليّ ، أحسن خُلقك مع أهلك وجيرانك ومن تعاشر وتصاحبُ من الناس ، تُكتب عند الله في الدّرجات العُلى » (1).
    وفي جهة اُخرى فان سوء الخلق يغرس في محيط العائلة بذور الخلاف ، وينتج النفرة من البيت ، ويولّد الملل للأهل ، يقول أمير المؤمنين عليه السلام : « سوء الخلق يوحش القريب ويُنفر البعيد » (2) ويقول أيضاً في خطبته المعروفة بـ « الوسيلة » : « ومن ضاق خُلقه ملّه أهله » (3). والملاحظ في ضوء النصوص الدينية أنها تركز على أربع خصال أخلاقية لها مدخلية كبرى في توثيق وإدامة الحياة الزوجية وهي :

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الانسان وباقي المخلوقات
الأخلاق دلیل الشخصيّة
مفاتيح لعلم البلاغة لنفتح ما إنغلق من نهج ...
الشاي الأخضر قد يقي من أمراض العيون الشائعة
البوسنة تمنع زواج البوسنيات من السعوديين!
القرآن وتنظيم الأسرة
المسرح المدرسي
العقيدة و المرجعية
ماذا تفعل الزوجة فى مواجهة الزوج اللعوب؟
انعقاد مؤتمر تحت شعار"من سيرة الإمام علي (ع) ...

 
user comment