بمناسبة ولادته المبارکة(ع)
الولید المبارک
ووضعت سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) وليدها العظيم في الثالث من شعبان السنة الرابعة من الهجرة ، وزفّت البشري الي الرسول (صلي اللّه عليه وآله وسلم)، فأسرع الي دار عليّ والزهراء (عليهما السلام)، فقال لأسماء بنت عميس: «يا أسماء هاتي ابني، فحملته إليه وقد لُفّ في خرقة بيضاء، فاستبشر النبي (صلي اللّه عليه وآله وسلم) وضمّه إليه، وأذّن في اُذنه اليمني وأقام في اليسري، ثمّ وضعه في حجره وبكي، فقالت أسماء: فداك أبي واُمي، ممّ بكاؤك؟ قال (صلي اللّه عليه وآله وسلم): من ابني هذا. قالت: إنّه ولد الساعة، قال (صلي اللّه عليه وآله وسلم): يا أسماء! تقتله الفئة الباغية من بعدي، لا أنالهم اللّه شفاعتي...»1. ثمّ إنّ الرسول (صلي اللّه عليه وآله وسلم) قال لعليّ (عليه السلام): «أيّ شيء سمّيت ابني؟ فأجابه عليّ (عليه السلام): «ما كنت لأسبقك باسمه يا رسول اللّه ». وهنا نزل الوحي علي حبيب اللّه محمّد (صلي اللّه عليه وآله وسلم) حاملاً اسم الوليد من اللّه تعالي، وبعد أن تلقّي الرسول أمر اللّه بتسمية وليده الميمون، التفت الي عليّ (عليه السلام) قائلاً: سمّه حسينا». وفي اليوم السابع أسرع الرسول (صلي اللّه عليه وآله وسلم) الي بيت الزهراء (عليها السلام) فعقّ عن سبطه الحسين كبشاً، وأمر بحلق رأسه والتصدّق بزنة شعره فضّة، كما أمر بختنه2. وهكذا أجري للحسين السبط ما أجري لأخيه الحسن السبط من مراسم.
کنیته و ألقابه (علیه السلام)
أمّا كنيته فهي : أبو عبداللّه . وأمّا ألقابه فهي : الرشيد، والوفي، والطيّب، والسيّد، والزكيّ، والمبارك، والتابع لمرضاة اللّه ، والدليل علي ذات اللّه ، والسبط. وأشهرها رتبةً ما لقّبه به جدّه (صلي اللّه عليه وآله وسلم) في قوله عنه وعن أخيه : «أنّهما سيّدا شباب أهل الجنة»3. وكذلك السبط لقوله (صلي اللّه عليه وآله وسلم): «حسين سبط من الأسباط»4.
مکانة الامام حسین (ع) لدی خاتم المرسلین
لقد خصّ الرسول الأعظم حفيديه الحسن والحسين (عليهما السلام) بأوصاف تنبئ عن عظم منزلتهما
لديه، فهما: 1 ـ ريحانتاه من الدنيا وريحانتاه من هذه الأمّة5. 2 ـ وهما خير أهل الأرض6. 3 ـ وهما سيّدا شباب أهل الجنّة7. 4 ـ وهما إمامان قاما أو قعدا8. 5 ـ وهما من العترة (أهل البيت) التي لا تفترق عن القرآن الي يوم القيامة، ولن تضلّ اُمّة تمسّكت بهما9. 6 ـ كما أنّهما من أهل البيت الذين يضمنون لراكبي سفينتهم النجاة من الغرق10. 7 ـ وهما ممّن قال عنهم جدّهم: «النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق وأهل بيتي أمان لأهل الأرض من الاختلاف»11. 8 ـ وقد استفاض الحديث عن مجموعةٍ من أصحاب الرسول (صلي اللّه عليه وآله وسلم) أنّهم قد سمعوا مقالته فيما يخصّ الحسنين (عليهما السلام) : «اللهمّ إنّك تعلم أ نّي اُحبُّهما فأحبَّهما وأحبّ من يحبّهما»12.
مکانة الإمام حسین(ع) لدی معاصریه
1ـ قال عمر بن الخطاب للحسين (عليه السلام) : فإنّما أنبت ما تري في رؤوسنا اللّه ثم أنتم13. 2 ـ قال عثمان بن عفان في الحسن والحسين (عليهما السلام) وعبداللّه بن جعفر: فطموا العلم فطما14 وحازوا الخير والحكمة15. 3 ـ قال أبو هريرة: دخل الحسين بن عليّ وهو معتمٌّ، فظننت أنّ النبيّ قد بعث16. وكان (عليه السلام) في جنازةٍ فأعيي، وقعد في الطريق، فجعل أبو هريرة ينفض التراب عن قدميه بطرف ثوبه، فقال له: يا أبا هريرة وأنت تفعل هذا، فقال له: دعني، فواللّه لو يعلم الناس منك ما أعلم لحملوك علي رقابهم17. 4 ـ أخذ عبداللّه بن عباس بركاب الحسن والحسين (عليهما السلام) ، فعوتب في ذلك، وقيل له: أنت أسنّ منهما! فقال: إنّ هذين ابنا رسول اللّه (صلي اللّه عليه وآله وسلم)، أفليس من سعادتي أن آخذ بركابهما18 ؟ وقال له معاوية بعد وفاة الحسن (عليه السلام): يا ابن عباس أصبحت سيّد قومك، فقال: أمّا ما أبقي اللّه أبا عبداللّه الحسين فلا19. 5 ـ قال أنس بن مالك ـ وكان قد رأي الحسين (عليه السلام) ـ : كان أشبههم برسول اللّه (صلي اللّه عليه وآله وسلم)20. 6 ـ قال زيد بن أرقم لابن زيادـ حين كان يضرب شفتيالحسين (عليه السلام) ـ : اعل بهذا القضيب، فواللّه الذي لا إله غيره، لقد رأيت شفتي رسول اللّه (صلي اللّه عليه وآله وسلم) علي هاتين الشفتين يقبّلهما، ثم بكي. قال له ابن زياد: أبكي اللّه عينك، فواللّه لولا أنّك شيخ قد خرفت لضربت عنقك، فخرج وهو يقول: أنتم يا معشر العرب العبيد بعد اليوم! قتلتم الحسين ابن فاطمة وأمّرتم ابن مرجانة! فهو يقتل خياركم ويستبقي شراركم21. 7 ـ قال أبو برزة الأسلمي ليزيد حينما رآه ينكث ثغر الحسين (عليه السلام) : أتنكث بقضيبك في ثغرالحسين؟! أما لقد أخذ قضيبك في ثغره مأخذاً لربّما رأيت رسول اللّه صلي اللّه عليه وآله يرشفه. أما إنّك يا يزيد تجيء يوم القيامة وابن زياد شفيعك! ويجيء هذا ومحمّد شفيعه22.
الإمام حسین (ع) عبر القرون و الاجیال
1ـ قال الربيع بن خيثم لبعض من شهد قتل الحسين (عليه السلام): واللّه لقد قتلتم صفوةً لو أدركهم رسول اللّه (صلي اللّه عليه وآله وسلم) لقبّل أفواههم، وأجلسهم في حجره23. 2 ـ قال ابن سيرين: لم تبك السماء علي أحد بعد يحيي بن زكريا إلاّ علي الحسين (عليه السلام)، ولمّا قتل اسودّت السماء، وظهرت الكواكب نهاراً، حتّي رؤيت الجوزاء عند العصر، وسقط التراب الأحمر، ومكثت السماء سبعة أيام بلياليها كأنّها علقة24. 3 ـ قال علي جلال الحسيني: السيّد الزكي الإمام أبو عبداللّه الحسين (عليه السلام) ابن بنت رسول اللّه (صلي اللّه عليه وآله وسلم) وريحانته، وابن أمير المؤمنين عليّ كرم اللّه وجهه، وشأن بيت النبوّة له أشرف نسب وأكمل نفس، جمع الفضائل ومكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، من علوّ الهمّة، ومنتهي الشجاعة، وأقصي غاية الجود، وأسرار العلم، وفصاحة اللسان، ونصرة الحقّ، والنهي عن المنكر، وجهاد الظلم، والتواضع عن عزٍّ، والعدل، والصبر، والحلم، والعفاف، والمروءة، والورع وغيرها. واختصّ بسلامة الفطرة، وجمال الخلقة، ورجاحة العقل، وقوة الجسم، وأضاف الي هذه المحامد كثرة العبادة وأفعال الخير، كالصلاة والحجّ والجهاد في سبيل اللّه والإحسان. وكان إذا أقام بالمدينة أو غيرها مفيداً بعلمه، مرشداً بعمله، مهذّباً بكريم أخلاقه، ومؤدّباً ببليغ بيانه، سخيّاً بماله، متواضعاً للفقراء، معظّماً عند الخلفاء، موصلاً للصدقة علي الأيتام والمساكين، منتصفاً للمظلومين، مشتغلاً بعبادته، مشي من المدينة علي قدميه الي مكّة حاجّاً خمساً وعشرين مرّة25... كان الحسين في وقته علم المهتدين ونور الأرض، فأخبار حياته فيها هديً للمسترشدين بأنوار محاسنه المقتفين آثار فضله26.
الامام الحسین (ع) من الولادة إلی الامامة
الإمام الحسين (عليه السلام) في عهد الرسول (صلي اللّه عليه وآله وسلم) في حياة النبيّ (صلي
اللّه عليه وآله وسلم) والرسالة الإسلامية مساحة واسعة لبيت عليّ وفاطمة وأبنائهما (عليهم السلام) ومعانٍ ودلالاتٌ عميقةٌ حيث إنّه البيت الذي سيحتضن الرسالة ويتحمّل عب ء الخلافة ومسؤولية صيانة الدين والأُمّة. وكان لابدّ لهذا البيت أن ينال القسط الأوفي والحظّ الأوفر من فيض حبّ النبيّ (صلي اللّه عليه وآله وسلم) ورعايته واُبوّته، فلم يدّخر النبيّ (صلي اللّه عليه وآله وسلم) وسعاً أن يروّي شجرته المباركة في بيت عليّ (عليه السلام) ويتعهّدها صباح مساء مبيّناً أنّ مصير الأُمّة مرهون بسلامة هذا البيت وطاعة أهله كما يتجلّي ذلك في قوله (صلي اللّه عليه وآله وسلم): «إنّ علياً راية الهدي بعدي وإمام أوليائي ونور من أطاعني»27. وحين أشرقت الدنيا بولادة الحسين (عليه السلام)؛ أخذ مكانته السامية في قلب النبيّ (صلي اللّه عليه وآله وسلم) وموضعه الرفيع في حياة الرسالة. وبعين الخبير البصير والمعصوم المسدّد من السماء وجد النبيّ (صلي اللّه عليه وآله وسلم) في الوليد الجديد وريثاً للرسالة بعد حين، ثائراً في الأُمّة بعد زيغ وسكون، مصلحاً في الدين بعد انحراف واندثار، محيياً للسنّة بعد تضييع وإنكار، فراح النبيّ (صلي اللّه عليه وآله وسلم) يهيّئه ويعدّه لحمل الرسالة الكبري مستعيناً في ذلك بعواطفه وساعات يومه، وبهديه وعلمه؛ إذ عمّا قليلٍ سيضطلع بمهام الإمامة في الرسالة الخاتمة بأمر اللّه تعالي. فها هو (صلي اللّه عليه وآله وسلم) يقول: «الحسن والحسين ابناي من أحبّهما أحبّني، ومن أحبّني أحبّه اللّه ، ومن أحبّه اللّه أدخله الجنّة، ومن أبغضهما أبغضني، ومن أبغضني أبغضه اللّه ، ومن أبغضه اللّه أدخله النار»28. وهل الحبّ إلاّ مقدمة الطاعة وقبول الولاية؟ بل هما بعينهما في المآل. لقد كان النبي (صلي اللّه عليه وآله وسلم) يتألّم لبكائه ويتفقّده في يقظته ونومه، يوصي اُمّه الطاهرة فاطمة صلوات اللّه عليها أن تغمر ولده المبارك بكلّ مشاعر الحنان والرفق29. حتّي إذا درج الحسين (عليه السلام) صبيّاً يتحرّك شرع النبيّ (صلي اللّه عليه وآله وسلم) يلفت نظر الناس إليه ويهيّئ الأجواء لأن تقبل الأُمّة وصاية ابن النبيّ (صلي اللّه عليه وآله وسلم) عليها، فكم تأنّي النبيّ (صلي اللّه عليه وآله وسلم) في سجوده والحسين يعلو ظهره (صلي اللّه عليه وآله وسلم) ليظهر للاُمّة حبّه له وكذا مكانته، وكم سارع النبيّ يقطع خطبته ليلقف ابنه القادم نحوه متعثّراً فيرفعه معه علي منبره30 ؟ كلّ ذلك ليدلّ علي منزلته ودوره الخطير في مستقبل الأُمّة. وحين قدم وفد نصاري نجران يحاجج النبيّ (صلي اللّه عليه وآله وسلم) في دعوته إلي الإسلام وعقيدة التوحيد الخالص وامتنع عن قبولها رغم وضوح الحقّ أمر اللّه تعالي بالمباهلة، فخرج النبيّ (صلي اللّه عليه وآله وسلم) إليهم ومعه خير أهل الأرض تقويً وصلاحا، وأعزّهم علي اللّه مكانةً ومنزلةً: عليّ وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، ليباهل بهم أهل الكفر والشرك وانحراف المعتقد، ومُدَلّلاً بذلك ـ في نفس الوقت ـ علي أنّهم أهل بيت النبوة وبهم تقوم الرسالة الإسلامية، فعطاؤهم من أجل العقيدة لا ينضب31. وما كان من النصاري ـ إذ رأوا وجوهاً مشرقة وطافحة بنور التوحيد والعصمة ـ إلاّ أن تراجعوا عن المباهلة وتصالحوا مع الرسول الأعظم (صلي اللّه عليه وآله وسلم) . لقد كانت هذه الفترة القصيرة التي عاشها الحسين (عليه السلام) مع جدّه (صلي اللّه عليه وآله وسلم) من أهمّ الفترات وأروعها في تأريخ الإسلام كلّه، فقد وطّد الرسول (صلي اللّه عليه وآله وسلم) فيها أركان دولته المباركة، وأقامها علي أساس العلم والإيمان، وهزم جيوش الشرك، وهدم قواعد الإلحاد، وأخذت الانتصارات الرائعة تتري علي الرسول (صلي اللّه عليه وآله وسلم) وأصحابه الأوفياء حيث أخذ الناس يدخلون في دين اللّه أفواجاً. وفي غمرة هذه الانتصارات فوجئت الأُمّة بالمصاب الجلل حين توفّي رسول اللّه (صلي اللّه عليه وآله وسلم)، فخيّم الأسي العميق علي المسلمين وبخاصة علي أهل بيته (عليهم السلام) الذين أضنتهم المأساة، ولسعتهم حرارة المصيبة بغياب شخص النبيّ (صلي اللّه عليه وآله وسلم).
مع أبیه في إصلاح الأمة
لقد بادر الإمام عليّ (عليه السلام) الي إعادة الحقّ إلي نصابه والعدل إلي سيادته، محيياً سنّة رسول اللّه (صلي اللّه عليه وآله وسلم) في الأُمّة منتهجاً الطريق القويم. وما أسرع ما وقفت قوي الضلال ضدَّ إصلاحات الإمام (عليه السلام) في مجال الإدارة وفي مجال توزيع الأموال وفي مجال العدل في القضاء وفي مجال مراعاة شؤون الرسالة وشؤون المسلمين! ولم يتردّد (عليه السلام) في التحرّك لفضح خطِّ النفاق والقضاء علي الفساد واجتثاث جذوره لتسلم الرسالة والأُمّة منه، وقام هو وأهل بيته (عليهم السلام) يخوضون غمار الحروب دفاعاً عن إلاسلام مقتدين برسول اللّه (صلي اللّه عليه وآله وسلم) . وشارك الإمام الحسين (عليه السلام) في جميع الحروب التي شنّها المنافقون ضدّ الإمام عليّ (عليه السلام). وكان يبرز إلي ساحة القتال بنفسه المقدّسة كلّما اقتضي الأمر وسمح له والده (عليه السلام) وقد سجّل المؤرّخون خطاباً للإمام الحسين (عليه السلام) وجّهه لأهل الكوفة لدي تحركهم الي صفّين، جاء فيه بعد حمد اللّه تعالي والثناء عليه: «يا أهل الكوفة! أنتم الأحبّة الكرماء والشعار دون الدثار، جدّوا في إطفاء ما وتر بينكم وتسهيل ما توعّر عليكم، ألا إنّ الحرب شرّها وريع وطعمها فظيع، فمن أخذ لها اُهبتها واستعدّ لها عُدّتها، ولم يألم كُلومها قبل حلولها فذاك صاحبها، ومن عاجلها قبل أوان فرصتها واستبصار سعيه فيها فذاك قَمِن أن لاينفع قومَه وأن يهلك نفسه، نسأل اللّه بقوّته أن يدعمكم بالفيئة»32.
احترام الامام الحسین لبنود صلح الإمام الحسین(ع)
استشهد الإمام الحسن (عليه السلام) سنة (49) أو (50) للهجرة، ومات معاوية سنة (60) للهجرة، وفي هذه المدة كانت الإمامة والقيادة للإمام الحسين (عليه السلام) ولم تجب عليه طاعة أحدٍ، لكنّه (عليه السلام) ظلّ ملتزماً ببنود معاهدة الصلح التي عقدها أخوه الإمام الحسن (عليه السلام) مع معاوية، فلم يصدر عنه أيّ موقف ينتهك به بنود المعاهدة المذكورة. بل لمّا طالبه بعض الشيعة بالقيام والثورة علي معاوية، أوصاهم بالصبر والتقيّة مشيراً الي التزامه بالمعاهدة، وأنّه سيكون في حِلٍّ من المعاهدة بموت معاوية.
مظاهر من شخصیة الامام الحسین (ع)
تواضعه (علیه السلام)
جُبل أبو عبداللّه الحسين (عليه السلام) علي التواضع ومجافاة الأنانية، وهو صاحب النسب الرفيع والشرف العالي والمنزلة الخصيصة لدي الرسول (صلي اللّه عليه وآله وسلم) فكان (عليه السلام) يعيش في الأُمّة لايأنف من فقيرها ولا يترفّع علي ضعيفها ولا يتكبّر علي أحدٍ فيها، يقتدي بجدّه العظيم المبعوث رحمةً للعالمين، يبتغي بذلك رضا اللّه وتربية الأُمّة، وقد نُقلت عنه (عليه السلام) مواقف كثيرة تعامل فيها مع سائر المسلمين بكلّ تواضع مظهراً سماحة الرسالة ولطف شخصيّته الكريمة، ومن ذلك: إنّه (عليه السلام) قد مرّ بمساكين وهم يأكلون كسراً33 علي كساء، فسلّم عليهم، فدعوه الي طعامهم فجلس معهم وقال: لولا أنّه صدقةٌ لأكلت معكم. ثمّ قال: قوموا الي منزلي، فأطعمهم وكساهم وأمر لهم بدراهم. وروي: أنّه (عليه السلام) مرّ بمساكين يأكلون في الصُّفَة، فقالوا: الغداء، فقال (عليه السلام): إنّ اللّه لا يحب المتكبّرين، فجلس وتغدّي معهم ثم قال لهم: قد أجبتكم فأجيبوني، قالوا: نعم، فمضي بهم الي منزله وقال لزوجته: أخرجي ماكنت تدّخرين34.
حلمه و عفوه(علیه السلام)
تأدّب الحسين السبط (عليه السلام) بآداب النبوّة، وحمل روح جدّه الرسول الأعظم (صلي اللّه عليه وآله وسلم) يوم عفا عمّن حاربه ووقف ضد الرسالة الإسلامية، لقد كان قلبه يتّسع لكلّ الناس، وكان حريصا علي هدايتهم متغاضياً في هذا السبيل عن إساءة جاهلهم، يحدوه رضا اللّه تعالي، يقرّب المذنبين ويطمئنهم ويزرع فيهم الأمل برحمة اللّه ، فكان لا يردّ علي مسيء إساءة بل يحنو عليه ويرشده الي طريق الحقّ وينقذه من الضلال. فقد روي عنه (عليه السلام) أنّه قال: «لو شتمني رجل في هذه الاُذن ـ وأومأ الي اليمني ـ واعتذر لي في اليسري لقبلت ذلك منه، وذلك أنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) حدّثني أنّه سمع جدّي رسول اللّه (صلي اللّه عليه وآله وسلم) يقول: لا يرد الحوض مَن لم يقبل العذر من محقٍّ أو مبطلٍ35. كما روي أنّ غلاماً له جني جنايةً كانت توجب العقاب، فأمر بتأديبه فانبري العبد قائلاً: يا مولاي والكاظمين الغيظ، فقال (عليه السلام): خلّوا عنه، فقال: يا مولاي والعافين عن الناس، فقال (عليه السلام): قد عفوت عنك، قال: يا مولاي واللّه يحب المحسنين، فقال (عليه السلام): أنت حرّ لوجه اللّه ولك ضعف ما كنت أعطيك36.
جوده و کرمه (علیه السلام)
وبنفس كبيرة كان الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام) يعين الفقراء والمحتاجين، ويحنو علي الأرامل والأيتام، ويثلج قلوب الوافدين عليه، ويقضي حوائج السائلين من دون أن يجعلهم يشعرون بذلّ المسألة، ويصل رحمه دون انقطاع، ولم يصله مال إلاّ فرّقه وأنفقه وهذه سجيّة الجواد وشنشنة الكريم وسمة ذي السماحة. فكان يحمل في دجي الليل البهيم جراباً مملوءً طعاماً ونقوداً الي منازل الأرامل واليتامي حتّي شهد له بهذا الكرم معاوية بن أبي سفيان، وذلك حين بعث لعدّة شخصيات بهدايا، فقال متنبّئاً: أمّا الحسين فيبدأ بأيتام من قتل مع أبيه بصفّين، فإن بقي شيء نحر به الجزور وسقي به اللبن37. وفي موقف مفعم باللطف والإنسانية والحنان جعل العتق رداً للتحية، فقد روي عن أنس أنّه قال : كنت عند الحسين فدخلت عليه جارية بيدها طاقة ريحان فحيّته بها، فقال لها: أنت حرّة لوجه اللّه تعالي. وانبهر أنس وقال: جارية تجيئك بطاقة ريحان فتعتقها؟! فقال (عليه السلام): كذا أدّبنا اللّه ، قال تبارك وتعالي: (وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا)38، وكان أحسن منها عتقها39. ومن كرمه وعفوه أنّه وقف (عليه السلام) ليقضي دين اُسامة بن زيد وليفرّج عن همّه الذي كان قد اعتراه وهو في مرضه40، رغم أنّ اُسامة كان قد وقف في الصفّ المناوئ لأبيه أمير المؤمنين (عليه السلام). ووقف ذات مرّة سائل علي باب الحسين (عليه السلام) وأنشد قائلاً: لم يخب الآن من رجاك حرّك من دون بابك الحلقة أنت جواد أنت معتمد أبوك قد كان قاتل الفسقة فأسرع اليه الإمام الحسين (عليه السلام) وما أن وجد أثر الفاقة عليه حتّي نادي بقنبر وقال متسائلاً: ما تبقّي من نفقتنا؟ قال: مائتا درهم أمرتني بتفرقتها في أهل بيتك، فقال (عليه السلام): هاتها فقد أتي مَن هو أحقّ بها منهم، فأخذها ودفعها الي السائل معتذراً منه، وأنشد قائلاً : خذها فإنّي إليك معتذر واعلم بأنّي عليك ذو شفقة لو كان في سيرنا الغداة عصاً أمست سمانا عليك مندفقة لكنّ ريب الزمان ذو غِيرٍ والكفّ منّي قليلة النفقة فأخذها الأعرابي شاكراً وهو يدعو له (عليه السلام) بالخير، وأنشد مادحاً: مطهّرون نقيّات جيوبهمُ تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا وأنتم أنتم الأعلون عندكمُ علم الكتاب وما جاءت به السورُ من لم يكن علويّاً حين تنسبه فما له في جميع الناس مفتخر41
شجاعته (علیه السلام)
إنّ المرء ليعجز عن الوصف والقول حين يطالع صفحة الشجاعة من شخصية الإمام الحسين (عليه السلام)؛ فإنّه ورثها عن آبائه وتربّي عليها ونشأ فيها، فهو من معدنها وأصلها، وهو الشجاع في قول الحقّ والمستبسل للدفاع عنه، فقد ورث ذلك عن جدّه العظيم محمّد (صلي اللّه عليه وآله وسلم) الذي وقف أمام أعتي قوّة مشركة حتّي انتصر عليها بالعقيدة والإيمان والجهاد في سبيل اللّه تعالي. ووقف مع أبيه ـ أمير المؤمنين (عليه السلام) ـ يعيد الإسلام حاكماً، وينهض بالاُمّة في طريق دعوتها الخالصة، يصارع قوي الضلال والانحراف بالقول والفعل وقوة السلاح ليعيد الحقّ الي نصابه. ووقف مع أخيه الإمام الحسن (عليه السلام) موقف الأبطال المضحّين من أجل سلامة الأُمّة ونجاة الصفوة المؤمنة المتمسّكة بنهج الرسالة الإسلامية. ووقف صامداً حين تقاعست جماهير المسلمين عن نصرة دينها أمام جبروت معاوية وضلاله وأزلامه والتيار الذي قاده لتشويه الدين القويم. ولم يخشَ كلّ التهديدات ولا ما كان يلوح في الاُفق من نهاية مأساوية نتيجة الخروج لطلب الإصلاح وإحياء رسالة جدّه النبيّ (صلي اللّه عليه وآله وسلم) والوقوف في وجه الظلم والفساد، فخرج وهو مسلّم لأمر اللّه وساعٍ لابتغاء مرضاته، وها هو (عليه السلام) يردُّ علي الحرّ بن يزيد الرياحي حين قال له: اُذكّرك اللّه في نفسك فإنّي أشهد لئن قاتلت لتقتلنّ، ولئن قوتلت لتهلكنّ، فقال له الإمام أبو عبداللّه (عليه السلام): أبالموت تخوّفني؟ وهل يعدو بكم الخطب أن تقتلوني؟ ما أدري ما أقول لك؟ ولكن أقول كما قال أخو الأوس لابن عمّه : سأمضي وما بالموت عارٌ علي الفتي إذا ما نوي خيراً وجاهد مسلما وواسي رجالاً صالحين بنفسه وخالف مثبوراً وفارق مجرما فإن عشت لم أندم وإن متّ لم اُلَم كفي بك ذلاً أن تعيش وتُرغما42 ووقف (عليه السلام) يوم الطفّ موقفاً حيّر به الألباب وأذهل به العقول، فلم ينكسر أمام جليل المصاب حتّي عندما بقي وحيداً، فقد كان طوداً شامخاً لا يدنو منه العدوّ هيبةً وخوفاً رغم جراحاته الكثيرة حتي شهد له عدوّه بذلك، فقد قال حميد بن مسلم: فواللّه ما رأيت مكثوراً قطّ قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشاً ولا أمضي جناناً منه، إن كانت الرجّالة لتشدّ عليه فيشد عليها بسيفه فيكشفهم عن يمينه وشماله انكشاف المعزي إذا اشتد عليها الذئب43.
عبادته و تقواه(علیه السلام)
ما انقطع أبو عبداللّه الحسين (عليه السلام) عن الاتّصال بربّه في كلّ لحظاته وسكناته، فقد بقي يجسّد اتّصاله هذا بصيغة العبادة للّه ، ويوثّق العري مع الخالق جلّت قدرته، ويشدّ التضحية بالطاعة الإلهية متفانياً في ذات اللّه ومن أجله، وقد كانت عبادته ثمرة معرفته الحقيقية باللّه تعالي. وإنّ نظرة واحدة الي دعائه (عليه السلام) في يوم عرفة تبرهن علي عمق هذه المعرفة وشدّة العلاقة مع اللّه تعالي، وننقل مقطعاً من هذا الدعاء العظيم: قال (عليه السلام): «كيف يُستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك؟! أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتّي يكون هو المظهِر لك؟! متي غبت حتي تحتاج الي دليلٍ يدلّ عليك؟! ومتي بعدت حتي تكون الآثار هي التي توصل إليك؟! عميت عينٌ لا تراك عليها رقيباً، وخسرت صفقة عبدٍ لم تجعل له من حبّك نصيباً... إلهي هذا ذُلّي ظاهر بين يديك، وهذا حالي لا يخفي عليك. منك أطلب الوصول إليك، وبك استدلّ عليك، فاهدني بنورك إليك، وأقمني بصدق العبودية بين يديك... أنت الذي أشرقت الأنوار في قلوب أوليائك حتّي عرفوك ووحّدوك، وأنت الذي أزلت الأغيار عن قلوب أحبّائك حتّي لم يحبّوا سواك ولم يلجأوا الي غيرك، أنت المؤنس لهم حيث أوحشتهم العوالم... ماذا وَجدَ مَن فقدك؟! وما الذي فقد من وجدك؟! لقد خاب من رضي دونك بَدلاً، ولقد خسر من بغي عنك مُتحوّلا... يا مَن أذاق أحبّاءه حلاوة المؤانسة فقاموا بين يديه متملّقين، ويا من ألبس أولياءه ملابس هيبته فقاموا بين يديه مستغفرين...»44. ولقد بدا عليه عظيم خوفه من اللّه وشدّة مراقبته له حتّي قيل له: ما أعظم خوفك من ربّك! فقال (عليه السلام): «لا يأمن يوم القيامة إلاّ من خاف من اللّه في الدنيا»45.
المعرکة الخالدة
حصّن الإمام (عليه السلام) مخيّمه وأحاط ظهره بخندق أوْقَد فيه النار ليمنع المباغتة والالتفاف عليه من الخلف، وليحميَ النساء والأطفال من العدوان المحقّق. نظر شمر بن ذي الجوشن إلي النار في الخندق فصاح: يا حسينُ تعجّلت النار قبل يوم القيامة، فرد عليه: «أنت أولي بها صِلِيّا»46، وحاول صاحب الحسين (عليه السلام) مسلم بن عوسجة أن يرميه بسهم، فاعترضه الإمام ومنعه قائلاً: «لا ترمه فإني أكره أن أبدأهم»47. ويقول المؤرخون: إنّ بعض أصحاب الإمام خطب بالقوم بعد خطبة الإمام الاُولي، وأنّ الإمام عليه السلام أخذ مصحفا ونشره علي رأسه ووقف بإزاء القوم فخاطبهم للمرة الثانية بقوله : «يا قوم! إنّ بيني وبينكم كتاب اللّه وسنّة جدّي رسول اللّه صلي اللّه عليه وآله وسلم ثم استشهدهم عن نفسه المقدسة وما عليه من سيف النبيّ صلي اللّه عليه وآله وسلم ودرعه وعمامته فأجابوه بالتصديق فسألهم عمّا أقدمهم علي قتله، قالوا: طاعةً للأمير عبيداللّه ابن زياد، فقال (عليه السلام): تبا لكم أيتها الجماعَةُ وترحا أحين استصرختمونا48 والهين فأصرخناكم موجفين، سللتم علينا سيفا لنا في أيمانكم، وحَشَشْتم علينا نارا اقتدحناها علي عدوّنا وعدوّكم فأصبحتم إلبا49 لأعدائكم علي أوليائكم بغير عدل أفشوه فيكم ولا أمل أصبح لكم فيهم، فهلاّ ـ لكم الويلاتُ ـ تركتمونا والسيفُ مشيم والجأش طامن والرأي لمّا يستحصفْ! ولكن أسرعتم إليها كطيرة الدَّبا50، وتداعيتم عليها كتهافُتِ الفراش، ثم نقضتموها فسُحْقا لكم يا عبيدَ الأُمّة وشُذّاذَ الأحزابِ و نبذة الكتابِ ومحرّفي الكلِمِ وعصبة الإثمِ ونفثةَ الشيطان ومطفئي السُنَنِ، ويْحَكم! أهؤلاء تعضدون وعنا تتخاذلون؟ أجل! واللّه غدرٌ فيكم قديم، وشجت عليه اُصولكم وتأزرت فروعكم، فكنتم أخبثَ ثمرٍ، شجيً للناظر وأكلةً للغاصب. ألا وإنّ الدعيَّ ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السِّلة والذلة. وهيهات منا الذلة! يأبي اللّه ُ لنا ذلك ورسولُه والمؤمنون، وحجورٌ طابت وطَهُرَتْ واُنوفٌ حميةٌ ونفوسٌ أبيّةٌ من أن تؤثر طاعة اللئام علي مصارع الكرام. ألا وإني زاحف بهذه الاُسرة علي قلة العدد وخذلان الناصر. ثم أنشدَ أبياتِ فروة بن مسيك المرادي: فاِنْ نَهْزِمْ فهزّامون قِدْما وإن نُهْزَمْ فغيْرُ مهزَّمينا وما إن طبَّنا جُبْنٌ ولكن منايانا ودولةُ آخرينا فَقُلْ للشامتين بنا أفيقوا سَيَلْقي الشامتون كما لقينا إذا ما الموتُ رَفَّعَ عن اُناس كلاكله أناخ بآخرينا51 أما واللّه لا تلبثون بعدها إلاّ كريثما يُركبُ الفرس، حتي تدور بكم دور الرَّحي، و تقلق بكم قلق المحور، عهد عهده إليّ أبي عن جدي رسول اللّه (صلي اللّه عليه وآله وسلم) (فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إليَّ ولا تنظرون)52 (إني توكلتُ علي اللّه ربي وربكم مامن دابة إلاّ هو آخذ بناصيتها إنّ ربي علي صراط مستقيم)53. ثم رفع يديه نحو السماء وقال: «اللهم احبس عنهم قطر السماء وابعث عليهم سنينَ كسنيّ يوسف وسلِّطْ عليهم غلام ثقيف يسقيهم كأسا مصبَّرةً، فإنهم كذّبونا وخذلونا وأنت ربنا عليك توكلنا وإليك المصير»54. كل ذلك وعمر بن سعد مُصرّ علي قتال الحسين (عليه السلام)، والإمام الحسين (عليه السلام) يحاور وينصح ويدفع القوم بالتي هي أحسن. ولما لم يجد النصح مجديا قال لا بن سعد: «أيْ عمر أتزعم أنك تقتلني ويوليك الدعيّ بلاد الري وجرجان؟ واللّه لا تتهنّأ بذلك، عهد معهود، فاصنع ما أنت صانع، فإنك لا تفرح بعدي بدنيا ولا آخرة، وكأني برأسك علي قصبة يتراماه الصبيان بالكوفة ويتخذونه غرضا بينهم» فصرف ابن سعد وجهه عنه مغضبا55. واستحوذَ الشيطان علي ابن سعد فوضع سهمه في كبد قوسه ثم رمي باتجاه معسكر الحسين (عليه السلام) وقال: «إشهدوا أني أوّلُ مَنْ رمي» ثم ارتمي الناس وتبارزوا56. فخاطب الإمام (عليه السلام) أصحابه قائلاً: «قوموا رحمكم اللّه إلي الموت الذي لابد منه، فإن هذه السهام رسل القوم إليكم»57. فتوجهوا إلي القتال كالأُسود الضارية لا يبالون بالموت مستبشرين بلقاء اللّه جل جلاله، وكأنهم رأوا منازلهم مع النبيين والصديقين وعباده الصالحين، وكان لا يقتل منهم أحدٌ حتي يقول: السلام عليك يا أبا عبداللّه ويوصي أصحابه بأن يفدوا الإمام بالمهج والأرواح، واحتدمت المعركة بين الطرفين، (فكان لا يُقْتَلُ الرجل من أنصار الحسين (عليه السلام) حتي يَقْتل العشرة والعشرين)58. استمرت رحي الحرب تدور في ساحة كربلاء، واستمر معه شلاّل الدم المقدس يجري ليتخذ طريقه عبر نهر الخلود، وأصحابُ الحسين (عليه السلام) يتساقطون الواحد تلو الآخر، وقد أثخنوا جيش العدو بالجراح وأرهقوه بالقتل، فتصايح رجال عمر بن سعد: لو استمرت الحرب برازا بيننا وبينهم لأتوا علي آخِرنا. لنهجم عليهم مرة واحدة، ولنرشقهم بالنبال والحجارة. فبدأ الهجوم والزحف نحو من بقي مع الحسين (عليه السلام) وأحاطوا بهم من جهات متعددة مستخدمين كل أدوات القتل وأساليبه الدنيئة حتي قتلوا أكثر جنود المعسكر الحسيني من الصحابة. وزالت الشمس وحضر وقت الصلاة، وها هو الحسين (عليه السلام) ينادي للصلاة وقد تحول الميدان عنده محرابا للجهاد والعبادة، ولم يكن في مقدور السيوف والأسنّة أن تحول بينه وبين الحضور في ساحة المناجاة والعروج إلي حظائر القدس وعوالم الجمال والجلال. ولم يزل يتقدّم رجلٌ رجلٌ من أصحابه فيقتل ، حتّي لم يبق مع الحسين (عليه السلام) إِلاّ أهل بيته خاصّةً . فتقدّم ابنه عليّ بن الحسين (عليه السلام) ـ واُمّه ليلي بنت أبي مرّة بن عروة بن مسعودٍ الثّقفيّ ـ وكان من أصبح النّاس وجها، فشدَّ علي النّاس وهو يقول : أنا عليُّ بن الحسين بن عليّ نحن وبيت اللّه أولي بالنَّبي تاللّه لا يحكم فينا ابن الدَّعي ففعل ذلك مرارا وأهل الكوفة يتَّقون قتله ، فبصر به مرّة بن منقذٍ العبديّ فقال : عليَّ آثام العرب إن مرَّ بي يفعل مثل ذلك إن لم أثكل أباه ؛ فمرَّ يشدُّ علي النّاس كما مرَّ في الأوّل ، فاعترضه مرّة بن منقذٍ فطعنه فصرع ، واحتوشه القومُ فقطّعوه بأسيافهم ، فجاء الحسين (عليه السلام) حتّي وقف عليه فقال : « قتل اللّه قوما قتلوك يا بنيَّ ، ما أجرأَهم علي الرّحمن وعلي انتهاك حرمة الرّسول ! » وانهملت عيناه بالدُّموع ثمّ قال: « علي الدُّنيا بعدك العفا » وخرجت زينب أخت الحسين مسرعةً تنادي : يا أُخيّاه وابن أُخيّاه ، وجاءت حتّي أكبّت عليه، فأخذ الحسينُ برأسها فردَّها إلي الفسطاط ، وأمر فتيانه فقال: « احملوا أخاكم » فحملوه حتّي وضعوه بين يدي الفسطاط الّذي كانوا يقاتلون أمامه . ثمّ رمي رجلٌ من أصحاب عمر بن سعد يقال له : عمرو بن صبيح عبداللّه بن مسلم بن عقيل (رحمه اللّه ) بسهم ، فوضع عبداللّه يده علي جبهته يتّقيه، فأصاب السّهم كفَّه ونفذ إلي جبهته فسمّرها به فلم يستطع تحريكها، ثمّ انتحي عليه آخر برمحه فطعنه في قلبه فقتله . وحمل عبداللّه بن قُطبة الطائي علي عون بن عبداللّه بن جعفر بن أبي طالب رضي اللّه عنه فقتله . وحمل عامر بن نهشل التّيميّ علي محمّد بن عبداللّه بن جعفر بن أبي طالب رضي اللّه عنه فقتله . وشدَّ عثمان بن خالد الهمدانيّ علي عبد الرّحمن بن عقيل بن أبي طالب رضي اللّه عنه فقتله . قال حميد بن مسلم : فإنّا لكذلك إذ خرج علينا غلام كأنَّ وجهه شقَّة قمر، في يده سيف وعليه قميص وإزار ونعلان قد انقطع شسع أحدهما، فقال لي عمر بن سعيد بن نفيل الأزديّ : واللّه لأشدَّنَّ عليه، فقلت: سبحان اللّه ، وما تريد بذلك ؟ ! دعه يكفيكه هؤلاء القوم الّذين ما يبقون علي أحدٍ منهم ؛ فقال : واللّه لأشدَّنَّ عليه، فشدَّ عليه فما ولّي حتّي ضرب رأسه بالسّيف ففلقه ، ووقع الغلام لوجهه فقال : يا عمّاه ! فجلي59 الحسين (عليه السلام) كما يجلي الصقر ثمّ شدَّ شدّة ليث أغضب ، فضرب عمر بن سعيد بن نفيل بالسّيف فاتّقاها بالسّاعد فأطنَّها من لدن المرفق ، فصاح صيحة سمعها أهل العسكر، ثمّ تنحّي عنه الحسين (عليه السلام) . وحملت خيل الكوفة لتستنقذه فوطأته بأرجلها حتّي مات . وانجلت الغبرة فرأيت الحسين (عليه السلام) قائما علي رأس الغلام وهو يفحص برجله والحسين يقول : « بعدا لقوم قتلوك ومن خصمهم يوم القيامة فيك جدُّك ثمّ قال: عزَّ ـ واللّه ـ علي عمّك أن تدعوه فلا يجيبك ، أو يجيبك فلا ينفعك ، صوت ـ واللّه ـ كثرَ واتروه وقلَّ ناصروه » ثمّ حمله علي صدره ، فكأنِّي أنظر إلي رجلَي الغلام تخطّان الأرض، فجاء به حتّي ألقاه مع ابنه عليِّ بن الحسين والقتلي من أهل بيته، فسألت عنه فقيل لي: هو القاسم بن الحسن بن عليِّ بن أبي طالب (عليهم السلام). ثمّ جلس الحسين (عليه السلام) أمام الفسطاط فاُتي بابنه عبداللّه بن الحسين وهو طفل فأجلسه في حجره ، فرماه رجل من بني أسد بسهم فذبحه ، فتلقّي الحسين (عليه السلام) دمه ، فلمّا ملأ كفَّه صبَّه في الأرض ثمّ قال : « ربّ إن تكن حبست عنّا النّصر من السّماء فاجعل ذلك لما هو خير ، وانتقم لنا من هؤلاء القوم الظّالمين » ثمّ حمله حتّي وضعه مع قتلي أهله . ورمي عبداللّه بن عقبة الغنويّ أبا بكر بن الحسن بن عليِّ بن أبي طالب (عليهم السلام) فقتله . فلمّا رأي العبّاس بن عليّ رحمة اللّه عليه كثرة القتلي في أهله قال لإخوته من اُمِّه ـ وهم عبداللّه وجعفر وعثمان ـ يا بني اُمِّي! تقدّموا حتّي أراكم قد نصحتم للّه ولرسوله ، فإنّه لا ولد لكم . فتقدّم عبداللّه فقاتل قتالاً شديدا، فاختلف هو وهانيء بن ثبيت الحضرميّ ضربتين فقتله هانيء لعنه اللّه . وتقدّم بعده جعفر بن عليّ (عليه السلام) فقتله أيضا هانيء . وتعمّد خوليُّ بن يزيد الأصبحيّ عثمان بن عليّ (عليه السلام) وقد قام مقام إخوته فرماه بسهم فصرعه ، وشدَّ عليه رجل من بني دارم فاحتزَّ رأسه . وحملت الجماعة علي الحسين (عليه السلام) فغلبوه علي عسكره ، واشتدَّ به العطش ، فركب المسنّاة60ريد الفرات وبين يديه العبّاس أخوه ، فاعترضته خيل ابن سعد وفيهم رجل من بني دارم فقال لهم: ويلكم حُولوا بينه وبين الفرات ولا تمكِّنوه من الماء ، فقال الحسين (عليه السلام) : « اللّهمّ أظمئه » فغضب الدّارميُّ ورماه بسهم فأثبته في حنكه، فانتزع الحسين (عليه السلام) السّهم وبسط يده تحت حنكه فامتلأت راحتاه بالدَّم ، فرمي به ثمّ قال: « اللّهمَّ إنِّي أشكو إليك ما يفعل بابن بنت نبيِّك » ثمّ رجع إلي مكانه وقد اشتدَّ به العطش .
شهادة الامام الحسین (ع)
لم يبقَ مع الإمام الحسين (عليه السلام) سوي أخيه العباس الذي تقدم إليه يطلب منه الإذن في قتال القوم فبكي الحسين وعانقه ثم أذن له فكان يحمل علي أهل الكوفة فينهزمون بين يديه كما تنهزم المعزي من الذئاب الضارية وضجّ أهل الكوفة من كثرة من قتل منهم، ولما قتل قال الحسين (عليه السلام): «الآن انكسر ظهري وقلّت حيلتي وشمت بي عدوّي»61. وفي رواية اُخري: إنّ الإمام الحسين (عليه السلام) اتجه الي نهر الفرات وبين يديه أخوه العباس فاعترضته خيل ابن سعد ـ لعنه اللّه ـ وفيهم رجل من بني دارم فقال لهم: ويلكم حولوا بينه وبين الفرات ولاتمكّنُوهُ من الماء، فقال الحسين (عليه السلام): اللهم أظمئه، فغضب الدارمي ورماه بسهم فأثبته في حنكه فانتزع الحسين (عليه السلام) السهم و بسط يده تحت حنكه فامتلأت راحتاه من الدم فرمي به ثم قال: «اللهم إني أشكو إليك ما يفعل بابن بنت نبيك»، ثم رجع إلي مكانه وقد اشتد به العطش وأحاط القوم بالعبّاس (عليه السلام) فاقتطعوه عنه فجعل يقاتلهم وحده حتي قتل رحمه اللّه عليه62. ونظر الحسين (عليه السلام) الي ما حوله، ومدّ ببصره إلي أقصي الميدان فلم يرَ أحدا من أصحابه وأهل بيته إلاّ وهو يسبح بدم الشهادة، مقطّعَ الأوصال والأعضاء. وهكذا بقي الإمام (عليه السلام) وحده يحمل سيف رسول اللّه (صلي اللّه عليه وآله وسلم) و بين جنبيه قلب علي (عليه السلام) وبيده راية الحقّ البيضاء، وعلي لسانه كلمة التقوي. وحينما التفت أبو عبداللّه الحسين (عليه السلام) يمينا وشمالاً ولم يرَ أحدا يذبّ عن حرم رسول اللّه أخذ ينادي هل من ذابٍّ يذبّ عنا؟ فخرج الإمام زين العابدين (عليه السلام) من الفسطاط وكان مريضا لا يقدر أن يحمل سيفه واُم كلثوم تنادي خلفه: يابني ارجع. فقال: «يا عمّتاه! ذريني اُقاتل بين يدي ابن رسول اللّه (صلي اللّه عليه وآله وسلم)». وإذا بالحسين (عليه السلام) ينادي: «يا اُم كلثوم! خذيه لئلاّ تبقي الأرض خالية من نسل آل محمّد (صلي اللّه عليه وآله وسلم)»63. ويقول المؤرخون: إنه لما رجع الحسين (عليه السلام) من المسنّاة إلي فسطاطه تقدم إليه شمر بن ذيالجوشن في جماعة من أصحابه، فأحاطوا به فأسرع منهم رجل يقال له مالك بن النسر الكندي فشتم الحسين (عليه السلام) وضربه علي رأسه بالسيف وكان عليه قلنسوة فقطعها حتي وصل إلي رأسه فأدماه فامتلأت القلنسوة دماً، فقال له الحسين (عليه السلام): «لا أكلت بيمينك ولاشربت بها وحشرك اللّه مع القوم الظالمين». ثم ألقي القلنسوة ودعا بخرقةٍ فشدَّ بها رأسَه واستدعي قلنْسوة اُخري فلبسها واعتمّ عليها، ورجع عنه شمر بن ذيالجوشن ومن كان معه إلي مواضعهم، فمكث هنيئة ثم عاد وعادوا إليه وأحاطوا به»64. حمل الإمام الحسين (عليه السلام) سيفه وراح يرفع صوته علي عادة الحروب ونظامها في البراز، وراح ينازل فرسانهم، ويواجه ضرباتهم ببسالة نادرة وشجاعة فذّة، فما برز إليه خصم إلاّ وركع تحت سيفه ركوع الذلّ والهزيمة. قال حميد بن مسلم: فواللّه ما رأيت مكثورا قط قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشا ولا أمضي جنانا منه، أَن كانت الرجّالة لتشدّ عليه فيشدَّ عليها بسيفه فتنكشف عن شماله انكشاف المعزي إذا شدّ فيها الذئب65. ولمّا عجزوا عن مقاتلته، لجأوا إلي أساليب الجبناء؛ فقد استدعي شمر الفرسان فصاروا في ظهور الرجّالة، وأمر الرماة أنْ يرموه فرشقوه بالسهام حتي صار جسمُه كالقنفذ فأحجم عنهم، فوقفوا بإزائه وخرجت أُخته زينب إلي باب الفسطاط فنادت عمر بن سعد بن أبي وقاص: ويلك يا عمر! أيقتل أبو عبداللّه وأنت تنظر إليه؟! فلم يجبها عمر بشيء، فنادت ويحكم! أما فيكم مسلم؟ فلم يجبها أحد بشيء. ونادي شمر بن ذي الجوشن الفرسان والرجّالة فقال: ويحكم! ماتنتظرون بالرجل؟ ثكلتكم أُمهاتكم، فحملوا عليه من كل جانب. فضربه زُرعة بن شريك علي كتفه اليسري فقطعها، وضربه آخر منهم علي عاتقه فكبامنها لوجهه، وطعنه سنان بن أنس النخعي بالرمح فصرعه، وبدر إليه خُولي بن يزيد الأصبحي فنزل ليحتزّ رأسه فأرعد فقال له شمر: فتَّ اللّه في عضدك، مالك ترعد؟ ونزل شمر إليه فذبحه ثم رفع رأسه إلي خولي بن يزيد فقال: إحمله إلي الأمير عمر بن سعد. ثم أقبلوا علي سلب الحسين (عليه السلام) فأخذ قميصه اِسحاق بن حَيْوَة الحضرمي، وأخذ سراويله أبجر بن كعب، وأخذ عمامته أخنس بن مرثد، وأخذ سيفه رجل من بني دارم، وانتهبوا رحله وإبله وأثقاله وسلبوا نساءه66.
-----------------------------
1. إعلام الوري بأعلام الهدي : 1 / 427 .
2. عيون أخبار الرضا : 2 / 25 ، إعلام الوري : 1 / 427 .
3. مسند أحمد 3: 3 و62 و 64 و 82 و 5: 391 و392، سنن ابن ماجه 1: 44، سنن الترمذي 5: 321 وغيرها من المصادر.
4. مسند أحمد 4: 172، سنن ابن ماجة 1: 51، سنن الترمذي 5: 324، الإرشاد 2: 127، أعيان الشيعة : 1 / 579 .
5. صحيح البخاري : 2 / 188 ، وسنن الترمذي: 5/321 ح3856 و326 و3870.
6. عيون أخبار الرضا : 2 / 62.
7. سنن ابن ماجة : 1 / 56 ، والترمذي: 5/322 / ح3859.
8. المناقب لابن شهر آشوب : 3 / 163. نقلاً عن مسند أحمد وجامع الترمذي وسنن ابن ماجة وغيرهم.
9. جامع الترمذي: 5/328، ومستدرك الحاكم : 3 / 109.
10. حلية الأولياء : 4 / 306.
11. مستدرك الحاكم : 3 / 149.
12. خصائص النسائي : 26.
13. الإصابة : 1 / 333، وقال: سنده صحيح.
14. فطموا العلم فطماً : أي قطعوه عن غيرهم قطعاً، وجمعوه لأنفسهم جمعاً.
15. الخصال : 136.
16. مناقب آل أبي طالب 3: 185، بحار الأنوار 10 : 82 .
17. تاريخ ابن عساكر : 4 / 322 .
18. تاريخ ابن عساكر: 4/322 .
19. حياة الإمام الحسين ، للقرشي : 2 / 500 .
20. مسند أحمد 3: 261، صحيح البخاري 4: 216، سنن الترمذي 5: 325، ومقدمة فتح الباري: 275، أعيان الشيعة : 1 / 563 .
21. اُسد الغابة : 2 / 21 .
22. الحسن والحسين سبطا رسول اللّه : 198 .
23. تفسير الثعلبي 8: 239، مناقب آل أبي طالب 3: 156، بحار الأنوار : 10 / 79 .
24. تأريخ ابن عساكر : 4 / 339 .
25. انظر سير أعلام النبلاء 3: 193.
26. راجع كتابه « الحسين » عليه السلام : 1 / 6 . وراجع أيضاً: مجمع الزوائد: 9/201 وبحار الأنوار: 44/193.
27. صحيح الترمذي : 5 / 328 ح3874، حلية الأولياء : 1 / 67، تاريخ ابن عساكر : 2 / 189 ح 680، نظم درر السمطين : 114، الفصول المهمة لابن الصباغ : 107، مقتل الخوارزمي : 1 / 43، اُسد الغابة : 2 / 12، مجمع الزوائد : 9 / 135، تاريخ الخلفاء للسيوطي : 173، جامع الجوامع للسيوطي : 6 / 396، كنز العمّال : 5/153، منتخب الكنز : 6 / 953 ح2539.
28. مستدرك الحاكم : 3 / 166، وتأريخ ابن عساكر : ترجمة الإمام الحسين عليه السلام، وإعلام الوري : 1 / 432 .
29. سير أعلام النبلاء : 3 / 191، ذخائر العقبي : 143، مجمع الزوائد : 9 / 201.
30. مسند أحمد: 5/354، صحيح الترمذي: 5 / 616 / ح3774، إعلام الوري: 1/433، وكنز العمال: 7/168.
31. مسند أحمد : 1 / 185، وصحيح مسلم : كتاب الفضائل باب فضائل علي : 2 / 360، وسنن الترمذي : 4 / 293 ح5 208، والمستدرك علي الصحيحين : 3 / 150 .
32. شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد : 1 / 284 .
33. خبزاً يابساً .
34. تاريخ ابن عساكر : ترجمة الإمام الحسين عليه السلام حديث 196، وتفسير البرهان: 2: 363 ، أعيان الشيعة 1: 580 .
35. إحقاق الحقّ : 11 / 431 .
36. كشف الغمّة : 2 / 31 ، والفصول المهمة لابن الصبّاغ: 168 مع اختلاف يسير ، وأعيان الشيعة : 4 / 53 .
37. حياة الإمام الحسين : 1 / 128.
38. النساء 4: 86 .
39. كشف الغمّة : 2 / 31، والفصول المهمة : 167 .
40. مناقب آل أبي طالب : 4 / 65، بحار الأنوار : 44 / 189 .
41. تأريخ ابن عساكر : 4 / 323، ومناقب آل أبي طالب : 4 / 65.
42. تأريخ الطبري : 4 / 254 ، والكامل في التاريخ : 3 / 270.
43. اعلام الوري : 1 / 468، وتأريخ الطبري : 5 / 540.
44. المنتخب الحسني للأدعية والزيارات : 924 ـ 925.
45. بحار الأنوار : 44 / 190.
.6.قتل الحسين ، للمقرم: 277 .
47.تاريخ الطبري : 3 / 318، مقتل الحسين ، للمقرم: 277 .
48.استصرختمونا: طلبتم نجدتنا.
49.إلبا: مجتمعين متضامنين ضدنا.
50.الدَّبا : الجراد الصغير.
51.تاريخ ابن عساكر: 69/265، اللهوف في قتلي الطفوف، ابن طاووس: 59 و 124.
52.يونس 10: 71 .
53. هود (11) : 56 .
54.راجع إعلام الوري : 1 / 458، تاريخ ابن عساكر، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام : 216، مقتل الحسين للخوارزمي : 2 / 6، مقتل الحسين، للمقرم: ص286.
55.مقتل الحسين للمقرم: 289.
56.الإرشاد: 2 / 101 ، إعلام الوري : 1 / 461، اللهوف : 100.
57.مقتل الحسين للمقرم : 292.
58.سيرة الأئمّة الاثني عشر : 2 / 76 .
59.جلّي ببصره : إذا رمي به كما ينظر الصقر الي الصيد . « الصحاح ـ جلا ـ 6 : 2305 » .
60.المسناة : تراب عالٍ يحجز بين النهر والأرض الزراعية . « تاج العروس ـ سني ـ 10 : 185 » .
61. بحار الأنوار : 45 / 440، المنتخب للطريحي : 431، سيرة الائمّة الاثني عشر : 2 / 77 .
62. الإرشاد: 2 / 109.
63. بحار الأنوار : 45 / 46.
64. الإرشاد: 2 / 110، إعلام الوري : 1 / 467.
65. الإرشاد : 2 / 111، إعلام الوري : 1 / 468.
66. إعلام الوري : 1 / 469، الإرشاد : 2 / 112.
source : http://www.abna.ir/data.asp?lang=2&id=195531