عربي
Monday 25th of November 2024
0
نفر 0

أشعة من أخلاق سيدنا الإمام محمد الباقر

أشعة من أخلاق سيدنا الإمام محمد الباقر×

عن عبدالله بن عطاء المكي قال: ما رأيت العلماء عند أحد أحط قطّ أصغر منهم عند أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين^  ولقد رأيت الحكم بن عتيبة مع جلالته في القوم بين يديه كأنه صبي بين يدي معلمه، وكان جابر بن يزيد الجعفي إذا روى عن محمد بن علي شيئاً قال: حدّثني وصي الأوصياء ووارث علم الأنبياء محمد بن علي بن الحسين×([1]).

وقال قيس بن الربيع سألت أبا إسحاق المسح فقال: أدركت الناس يمسحون حتى لقيت رجلا من بني هاشم لم أر مثله قط محمّد بن علي بن الحسين^ فسألته عن المسح على الخفين فنهاني عنه وقال: لم يكن أمير المؤمنين علي× يمسح عليها، وكان يقول: سبق الكتاب المسح على الخفين، قال أبو إسحاق: فما مسحت مذ نهاني عنه، قال قيس بن الربيع: وما مسحت أنا مذ سمعت أبا إسحاق.

عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد الله× قال: إن محمّد بن المنكدر كان يقول: ما كنت أرى أن مثل علي بن الحسين يدع خلفاً لفضل علي بن الحسين حتى رأيت ابنه محمّد بن علي، فأردت أن أعظه فوعظني، فقال له أصحابه: بأي شيء وعظك؟ قال: خرجت على بعض نواحي المدينة في ساعة حارة فلقيت محمّد بن علي وكان رجلاً بديناً وهو متك على غلامين له أسودين أو موليين، فقلت في نفسي شيخ من شيوخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا، أشهد لأعظنه فدنوت منه فسلمت عليه فسلم علي ببهر وقد تصبب عرقا، فقلت أصلحك الله شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا لو جاءك الموت وأنت على هذه الحال، قال فخلّى عن الغلامين من يده، ثم تساند وقال: لو جاءني والله الموت وأنا في هذه الحال جاءني وأنا في طاعة من طاعات الله تعالى أكف بها نفسي عنك وعن النّاس، وإنما كنت أخاف الموت لو جاءني وأنا على معصية من معاصي الله، فقلت: يرحمك الله أردت أن أعظك فوعظتني.

وعن الحسن بن كثير، قال: شكوت إلى أبي جعفر محمّد بن علي‘ الحاجة وجفاء الأخوان فقال: بئس الأخ أخ يرعاك  غنياً ويقطعك فقيرا، ثم أمر غلامه فأخرج كيساً فيه سبعمائة درهم فقال: استنفق هذه فإذا نفدت فأعلمني.

و روي محمّد بن الحسين، عن عبيد الله بن الزبير، عن عمر وبن دينار وعبيد الله بن عبيد بن عمير أنّهما قالا: ما لقينا أبا جعفر محمّد بن علي‘ إلا وحمل إلينا النفقة والصلة والكسوة ويقول: هذا معدة لكم قبل أن تلقوني.

وعن سليمان بن قرم قال: كان أبو جعفر محمّد بن علي‘ يجيزنا بالخمسمائة إلى الستمائة إلى الألف درهم، وكان لا يمل من صلة إخوانه وقاصديه ومؤمليه وراجيه.

وروي عنه× أنه سئل عن الحديث ترسله ولا تسنده، فقال: إذا حدثت الحديث فلم أسنده فسندي فيه أبي عن جدي عن أبيه، عن جده رسول الله’ عن جبرئيل، عن الله عزَّ وجل، وكان× يقول: بلية الناس علينا عظيمة إن دعوناهم لم يستجيبوا لنا، وإن تركناهم لم يهتدوا بغيرنا، وكان× يقول: ما ينقم النّاس منا؟ نحن أهل بيت الرحمة، وشجرة النبوة، ومعدن الحكمة، وموضع الملائكة،


ومهبط الوحي.

وفي مسند أبي حنيفة قال الراوي: ما سألت جابر الجعفي قط مسألة إلا أتاني فيها بحديث وكان جابر الجعفي إذا روى عنه× قال: حدثني وصي الأوصياء ووارث علم الأنبياء.

وسأل رجل ابن عمر عن مسألة فلم يدر بما يجيبه فقال: اذهب إلى ذلك الغلام فسله وأعلمني بما يجيبك، وأشار به على محمّد بن علي الباقر، فأتاه فسأله فأجابه فرجع إلى ابن عمر فأخبره، فقال ابن عمر: إنهم أهل بيت مفهمون.

وقال الجاحظ في كتاب البيان والتبيين: قد جمع محمّد بن علي بن الحسين× صلاح حال الدنيا بحذافيرها في كلمتين فقال: صلاح جميع المعايش والتعاشر ملء مكيال: ثلثان فطنة وثلث تغافل.

وقال له نصراني: أنت بقر؟ قال: لا أنا باقر، قال: أنت ابن الطباخة؟ قال: ذاك حرفتها قال: أنت ابن السوداء الزنجية البذية؟ قال: إن كنت صدقت غفر الله لها وإن كنت كذبت غفر الله لك، قال فأسلم النصراني.

وعن عبد الله بن عطا قال: دخلت على أبي جعفر× فرأيته وفي منزله نضد وبسائط وأنماط ومرافق فقلت: ما هذا؟ فقال متاع المرأة.

وعن أفلح مولى أبي جعفر× قال: خرجت مع محمد بن علي حاجا، فلمّا دخل المسجد نظر إلى البيت فبكى حتى علا صوته، فقلت: بأبي أنت وأمي إن الناس ينظرون إليك فلو رفعت بصوتك قليلاً، فقال لي: ويحك يا افلح ولم لا ابكي لعل الله تعالى أن ينظر إلى منه برحمة فأفوز بها عنده غدا، قال: ثم طاف بالبيت ثم جاء حتى ركع عند المقام فرفع رأسه من سجوده فإذا موضع سجوده مبتل من كثرة دموع عينيه، وكان إذا ضحك قال: اللهم لا تمقتني.

وروى عنه ولده جعفر‘ قال: كان أبي يقول في جوف الليل في تضرعه: أمرتني فلم أئتمر، ونهيتني فلم أنزجر، فها أنا ذا عبدك بين يديك ولا أعتذر.

قال الإمام جعفر الصادق: فقد أبي بغلة له فقال: لئن ردها الله تعالى لا حمدنه بمحامد يرضاها، فما لبث أن أتي بها بسرجها ولجامها، فلما استوى عليها وضم إليه ثيابه رفع رأسه إلى السماء فقال: الحمد لله، فلم يزد، ثم قال: ما تركت ولا بقيت شيئاً جعلت كل أنواع المحامد لله عز وجل، فما من حمد إلا هو داخل فيما قلت.

وعن الحسن الزيات البصري، قال: دخلت على أبي جعفر× أنا وصاحب لي فإذا هو في بيت منجد، وعليه ملحفة وردية وقد حف لحيته واكتحل، فسألنا عن مسائل، فلما قمنا، قال لي: يا حسن، قلت: لبيك قال: إذا كان غداً فأتني أنت وصاحبك، فقلت: نعم جعلت فداك، فلما كان من الغد دخلت عليه وإذا هو في بيت ليس فيه إلا حصير وإذا عليه قميص غليظ، ثم أقبل على صاحبي، فقال: يا أخا البصرة إنك دخلت علي أمس وأنا في بيت المرأة وكان أمس يومها، والبيت بيتها، والمتاع متاعها، فتزينت لي، علي أن أتزين لها كما تزينت لي، فلا يدخل قلبك شيء، فقال له صاحبي: جعلت فداك قد كان والله دخل في قلبي فأما الآن فقد والله أذهب الله ما كان، وعلمت أن الحق فيما قلت.

بيان: قال الفيروز آبادي: حف رأسه يحف حفوفاً بعد عهده بالدهن وشاربه ورأسه أحفاهما.

وعن زرارة، قال: خرج أبو جعفر× يصلي على بعض أطفالهم وعليه جبة خز صفراء ومطرف خز أصفر.

و عن محمّد بن الفضيل عن الكناني، قال: سألت أبا عبد الله× عن لحوم الأضاحي فقال: كان علي بن الحسين وأبو جعفر‘ لم يتصدقان بثلث على جيرانهما، وثلث على السؤال، وثلث يُمسكانه لأهل البيت.

وعن أبي بصير، عن أبي عبد الله× قال: أعتق أبو جعفر× من غلمانه عند موته شرارهم وأمسك خيارهم، فقلت: يا أبت تعتق هؤلاء وتمسك هؤلاء؟ فقال: إنهم قد أصابوا مني ضرباً فيكون هذا بهذا.

عن زرارة قال: حضر أبو جعفر× جنازة رجل من قريش وأنا معه وكان فيها عطاء فصرخت صارخة فقال عطاء: لتسكتن أو لنرجعن قال: فلم تسكت، فرجع عطاء قال: فقلت لأبي جعفر× إن عطاء قد رجع قال: ولم؟ قلت صرخت هذا الصارخة فقال لها: لتسكتن أو لنرجعن فلم تسكت فرجع فقال: امض بنا فلو أنا إذا رأينا شيئاً من الباطل مع الحق تركنا له الحق، لم نقض حق مسلم، قال: فلما صلّى على الجنازة قال وليها لأبي جعفر: ارجع مأجوراً رحمك الله فإنك لا تقوى على المشي فأبى أن يرجع، قال فقلت له: قد أذن لك في الرجوع ولي حاجة أريد أن أسألك عنها فقال: امض فلبس بإذنه جئنا نرجع إنما هو فضل وأجر طلبناه فبقدر ما يتبع الجنازة الرجل يؤجر على ذلك.

وعن يونس بن يعقوب: كان قوم أتوا أبا جعفر× فوافقوا صبيا له مريضاً فرأوا منه اهتماماً وغما وجعل لا يقر، قال فقالوا: والله لئن أصابه شيء إنا لنتخوف أن نرى منه ما نكره، قال: فما لبثوا أن سمعوا الصياح عليه فإذا هو قد خرج عليهم منبسط الوجه في غير الحال التي كان عليها، فقالوا له: جعلنا الله فداك لقد كنا نخاف مما نرى منك أن لووقع أن نرى منك ما يغمنا فقال لهم: إنا لنحب أن نعافى فيمن نحب فإذا جاء أمر الله سلّمنا فيما يحب.

عن إسحاق ابن عمّار، قال: قال لي أبو عبد الله×: إني كنت أمهد لأبي فراشه فأنتظره حتى يأتي، فإذا أوى إلى فراشه ونام قمت إلى فراشي، وإنه أبطأ علي ذات ليلة، فأتيت المسجد في طلبه وذلك بعد ما هدأ النّاس، فإذا هو في المسجد ساجد، وليس في المسجد غيره، فسمعت حنينه وهو يقول: سبحانك اللهم أنت ربي حقاً حقاً سجدت لك يا رب تعبداً ورقاً، اللهم إن عملي ضعيف فضاعفه لي، اللهم قني عابك يوم تبعث عبادك، وتب علي إنك أنت التواب الرحيم.



([1]) بحار الأنوار: 46/286 ح2.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الامويون والحسين عليه السلام
حاجة نظام الخلق إلى خليفة الله‏
لا يضحي الإمام بالعدالة للمصلحة
ملامح عقيلة الهاشميّين السيّدة زينب الكبرى *
يوم الخروج وكيفيته
الجزع على الإمام الحسين (عليه السّلام)
الدفاعٌ عن النبیّ صلى الله علیه وآله وسلم
أهل البيت النور المطلق
حديث الغدير ودلالته على ولاية أمير المؤمنين (ع)
عوامل نشوء اليقين بولادة الامام المهدي (عليه ...

 
user comment