عربي
Monday 25th of November 2024
0
نفر 0

أضواء من أخلاق سيدنا الإمام الحسن العسكري

أضواء من أخلاق سيدنا الإمام الحسن العسكري×

كتب الأمام الحسن العسكري رسالة إلى على بن الحسين بن بابوية القمي واعتصمت بالله  بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين والجنة للموحدين والنار للملحدين ولا عدوان إلا على الظالمين ولا اله إلا الله أحسن الخالقين والصلاة على خير خلقة محمد وعترته الطاهرين.

وجاء في الرسالة: وعليك بالصبر وانتظار الفرج فأن النبي’ قال: أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج ولا تزال شيعتنا في حزن حتى يظهر ولدي بشر به النبي ’ يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلما فاصبر يا شيخي يا أبا الحسن علي وأمر جميع شيعتي بالصبر فان الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين والسلام عليك وعلى جميع شيعتنا ورحمة الله وبركاته وصلى لله على محمد واله.

ويا إسحاق اقرأ كتابي على البلالي رضي الله عنه فانه الثقة المأمون، العارف بما يجب عليه، واقرءه على المحمودي عافاه الله فما أحمدنا له لطاعته، فإذا وردت بغداد فاقرءه على الدهقان وكيلنا وثقتنا والذي يقبض من موالينا وكل من أمكنك من موالينا فأقرئهم هذا الكتاب وينسخه من أراد منهم نسخة إنشاء الله ولا يكتم أمر هذا عمن شاهده من موالينا إلا من شيطان مخالف لكم فلا تنثرن الدر بين اظلاف الخنازير ولا كرامه لهم.

وقد وقعنا في كتابك بالوصول والدعاء لك ولمن شئت وقد اجبنا سعيدا عن مسألته والحمد لله فماذا بعد الحق إلا الضلال، فلا تخرج من البلد حتى تلقى العمري رضي الله عنه برضاي عنه، وتسلم عليه، وتعرفه ويعرفك فانه الطاهر الأمين العفيف القريب منا وإلينا فكل ما يحمل إلينا من شيء من النواحي فإليه يصير آخر أمره ليوصل ذلك إلينا، والحمد لله كثيراً.

سترنا  الله وإياكم يا إسحاق بستره وتولاك في جميع أمورك بصنعه والسلام عليك وعلى جميع موالي ورحمة الله وبركاته، وصلى الله على سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم تسليماً كثيراً.

وفي تاريخ قم : للحسن بن محمد القمي قال: رويت عن مشايخ قم أن الحسين بن الحسن بن جعفر بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق × كان بقم يشرب الخمر علانية فقصد يوماً لحاجة باب أحمد بن إسحاق الأشعري وكان وكيلا في الأوقاف بقم فلم يأذن له ورجع إلى بيته مهموماً.

فتوجه أحمد بن إسحاق إلى الحج فلما بلغ سر من رأى أستأذن على أبي محمد الحسن العسكري× فلم يأذن له فبكى أحمد لذلك طويلاً وتضرع حتى أذن له فلما دخل قال: يا ابن رسول الله  لم منعتني الدخول عليك وأنا من شيعتك ومواليك؟!

قال: لأنك طردت ابن عمنا عند بابك.

فبكا أحمد وحلف بالله انه لم يمنعه من الدخول عليه إلا لأن يتوب من شرب الخمر قال× : صدقت ولكن لا بد من إكرامهم واحترامهم على كل حال، وأن لا تحقرهم ولا تستهين بهم لانتسابهم إلينا فتكون من الخاسرين.

فلما رجع احمد الى قم أتاه أشرافهم وكان الحسين معهم فلما رآه أحمد  وثب إليه واستقبله وأكرمه وأجلسه في صدر المجلس، فاستغرب الحسين ذلك منه واستبدعه(عده تصرفاً جديداً) وسأله عن سببه فذكر له ما جرى له بينه و بين العسكري × في ذلك.

فلما سمع ذلك ندم من أفعاله القبيحة وتاب منها ورجع الى بيته وأهرق الخمور وكسر آلتها، وصار من الأتقياء المتورعين والصلحاء


المتعبدين، وكان ملازماً للمساجد معتكفاً حتى أدركه الموت ودفن قريباً من مزار فاطمة (بن موسى بن جعفر) رضي الله عنها.

عن علي بن إبراهيم المعروف بابن الكردي عن محمد بن علي بن إبراهيم بن موسى بن جعفر قال: ضاق بنا الأمر قال لي أبي: أمض بنا حتى نصير  إلى أن يأمر لنا بخمس مائه درهم: مائتي درهم للكسوه، ومائتي درهم للدقيق، ومائه درهم للنفقة، وقلت في نفسي: ليته أمر لي بثلاث مائة درهم: مائه اشتري بها حماراً ومائة للنفقة، ومائة للكسوة، وأخرج إلى الجبل.

فلما وافينا الباب خرج إلينا غلامه، وقال: يدخل علي بن إبراهيم وابنه محمد فلما دخلنا عليه قال لأبي: يا علي ما خلفك عنا إلى هذا الوقت؟ قال: يا سيدي استحييت أن ألقاك على هذا الحال، فلما خرجنا من عنده جاءنا غلامه فناول أبي صره وقال: هذه خمس مائه مائتان للكسوة، ومائتان للدقيق، ومائة  للنفقة، وإعطاني صرة وقال: هذه ثلاث مئة درهم فاجعل مئة في ثمن حمار ومئة للكسوة، ومئة للنفقة ولا تخرج إلى الجبل وصر إلى سورا (في ضواحي بغداد) قال: فصاروا إلى سورا وتزوج امرأة فدخلة اليوم أربعة ألاف دينار ومع هذا يقول بالوقف.

قال محمد بن إبراهيم الكردي: أتريد أمراً أبين من هذا فقال: صدقت ولكنا على أمر قد جرينا عليه. 

وروي أيضاً الصيمري (كتاب الأوصياء) في ذلك ما هذا لفظه، وحدث عمر الكتاب عن علي بن محمد بن زياد الصيمري صهر جعفر بن محمد الوزير على ابنته أم احمد وكان رجلا من وجوه الشيعة وثقاتهم ومقدماً في الكتاب والأدب و العلم والمعرفة.

قال: دخلت على أبي أحمد عبيد الله بن طاهر، وبين يديه رقعة أبي محمد× فيها: إني نازلت الله عز وجل في هذا الطاغي يعني المستعين،وهو آخذه بعد ثلاث، فلما كان في اليوم الثالث خلع، وكان من أمره ما رواه الناس في إحداره إلى واسط وقتله ([1]).

وروى الصيمري أيضاً عن أبي هاشم قال: كنت محبوساً عند أبي محمد في حبس المهتدي فقال: لي يا أبا هاشم إن هذا الطاغي أراد أن يعبث بالله عز وجل في هذه الليلة وقد بتر الله عمره، وجعلته للمتولّي بعده، وليس لي ولد سيرزقني الله ولداً بكرمه ولطفه، فلما أصبحنا شغب الأتراك على المهتدي وأعانهم الامة لما عرفوا من قوله بالاعتزال والقدر، وقتلوه ونصبوا مكانه المعتمد، وبايعوا له، وكان المهتدي قد صحح العزم على قتل أبي محمد× فشغله الله بنفسه حتى قتل، ومضى إلى أليم  عذاب الله([2]) .

وروي أيضاً عن الحميري عن الحسن بن علي بن إبراهيم بن مهزيار ، عن محمد بن أبي الزعفران، عن أم أبي محمد× قال: لي يوماً من الأيام تصيبني في  سنة ستين ومائتين حزازة أخاف أن أنكب منها نكبة، وقالت: وأظهرت الجزع وأخذني ا لبكاء، فقال لابد من وقوع أمر الله لا تجزعي.

فلما كان في صفر سنة ستين أخذها المقيم والمقعد، وجعلت تخرج في الأحايين إلى خارج المدينة، وتجسس الإخبار حتى ورد عليها الخبر، حين حبسه المعتمد في يدي علي بن جرين وحبس جعفراً معه وكان المعتمد يسأل علياً عن أخباره في كل وقت، فيخبره انه يصوم النهار ويصلي الليل.

فسأله يوماً من الأيام عن خبره فاخبره بمثل ذلك، فقال له: امض الساعة إليه واقرأه مني السلام وقل له: انصرف الى منزلك مصاحباً قال علي بين جرين فجئت الى باب الحبس فوجدت حماراً مسرجاً فلما رآني نهض فأديت إليه الرسالة فركب.

فلما استوى على الحمار وقف فقلت له: ما وقوفك يا سيدي؟ فقال لي حتى يجيء جعفر فقلت: إنما أمرني (الخليفة) بإطلاقك دونه، فقال لي ترجع إليه فتقول له خرجنا من دار واحدة جميعاً فإذا رجعت وليس هو معي كان في ذلك ما لا خفاء به عليك (يعني حصول شائعات حول تفاهمه مع السلطة) فمضى وعاد فقال له يقول لك (الخليفة) قد أطلقت جعفرا لك لأني جبسته بجناية على نفسه وعليك وما يتكلم به، وخلي سبيله فصار معه إلى داره.

وذكر الصيمري أيضا عن المحمودي وقال: رأيت خط أبي محمد لما خرج من حبس المعتمد: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ}.



([1]) مهج لدعوات ص 342.

([2]) منهج الدعوات ص 343.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

ملامح عقيلة الهاشميّين السيّدة زينب الكبرى *
يوم الخروج وكيفيته
الجزع على الإمام الحسين (عليه السّلام)
الدفاعٌ عن النبیّ صلى الله علیه وآله وسلم
أهل البيت النور المطلق
حديث الغدير ودلالته على ولاية أمير المؤمنين (ع)
عوامل نشوء اليقين بولادة الامام المهدي (عليه ...
عليٌ لا يحبّه منافق
سيرة الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السلام)
خطيب جمعة بغداد: ما احوجنا اليوم لفهم مشروع ...

 
user comment