أغشية المرية والحجاب

مع التطور التكنولوجي صارت الدنيا قرية واحدة، وقاراتها أحياء متقاربة. ولم تعد تبعد الشقة، فيحتاج معها إلى وسيلة نقل أرضية أو جوية. وبضغطة زر على جهاز حاسب إلي - أو هاتف جوال، يمكن تصفح معلومات جمة عن كافة الملل والنحل.  لكنها عداوة كامنة في النفوس، للقراءة والإطلاع. وسيطرت على العقول من جهة ثانية، حب المعلومات الجاهزة والميسرة. التي تعب في البحث عنها - وتحصيلها الغير، ولو كانت غير دقيقة  وليست موثقة، أو مخالفة للعقل والمنطق. كحب الجاهز والمعلب من الأكل والطعام، ولو كان غير مفيد  وغير صحي. ونبذ الطريقة المثالية في البحث والتدقيق عن المعلومة، ولو كانت في الصين.  مما يجعل المرء يهتز وينكسر، كورقة ضعيفة بائسة في يوم عاصف. عندما يطرح المخالف معلومة مغلوطة، قد اتفق المسلمون عامة على عدم صحتها. ولكنها طرحت لمجرد الاستفزاز، وخلخلت الطرف الآخر. لذا قيل لا يتشيع إلا كل عالم وفقيه، ولا ينكص على عقبي إلا كل جاهل وأمي.
 لكن صاحب كتاب \\\"لقد شيعني الحسين(ع)، خالف القاعدة العامة  وشذ عن الطريقة المتبعة. وابتعد عن النظرية الدارجة، إنا وجدنا آبائنا على امة وإنا على آثارهم مقتدون، فألف كتابه ونشره. جاعلا مدرج انطلاقه واقعة كربلاء  ومقتل الحسين(ع)، واختلاف الرؤية حولها. وانقلاب الموازين في النظر إلى المظلوم والظالم، بين الحاضر والماضي. والتحدث أو نقد ما هو تاريخي، بدعة باطلة لأنه مقدس. بينما يمكن انتقاد الحاضر والانقلاب عليه، لأنه منحرف عن الجادة. وخروج امة من أنفسنا، تعبد من تحب  وتكفر من تبغض.  فكانت نقطة تحول - ومنعطف صعب بالنسبة له، بدأ منه البحث والتنقيب عن الحقيقة الموءودة. فنتج عن ذلك دراسة تحليلية، لبعض حوادث التاريخ الإسلامي المهمة.  لذا نلمس اعتقادا عاما، يخيم بظلاله الوافرة على المنطقة. بان الوقت قد أزف، للاستفادة بما بدأ به  وإتمام ما انتهى إليه. والأنظار تتجه نحو إنشاء قاعدة صلبة، تقف عليها الأرجل بكل ثقة وقوة. لا يمكن هزها واقتلاع ثمارها، بريح التشكيك  وعواصف الفتن.إقتداء بركب أصحاب الحسين(ع)، الذين فدوه ووقوه بأنفسهم. ولم يضطربوا لكثرة عدوهم وعدده، لانقشاع أغشية المرية والحجاب عن قلوبهم  وزهق الباطل عن ضمائرهم.