(وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ) ( المزّمّل/ 4)
قـراءة القـرآن:
ممّا يستحبّ للمسلم وللمؤمن على الخصوص قراءة القرآن الكريم ، فإنّ القرآن المهجور هو أحد الثلاثة التي تشتكي إلى الله ، والأخبار الواردة في فضل قراءة القرآن الكريم كثيرة منها : ما روي عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ، حيث قال: (نوّروا بيوتكم بتلاوة القرآن، ولا تتخذوها قبوراً ، كما فعل اليهود صَلّوا في البيع والكنائس وعطّلوا بيوتهم ، فإنّ البيت إذا كثر فيه تلاوة القرآن كثر خيره ، ومُتِعَ أهله ، وأضاء لأهل السماء كما تضيء نجوم السماء لأهل الدنيا) (البحار، ج89، ص 200).
ومنها: ما روي عن الإمام الصادق (عليه السّلام) ، حيث قال: (من قرأ مائة آية يصلّي بها في ليلة ، كتب الله له بها قنوت ليلة ، ومن قرأ مائتي آية في ليلة في غير صلاة الليل كتب الله له، في اللوح قنطاراً من حسنات) ،(البحار، ج89، ص 200).
والسالك إلى الله يحتاج إلى قراءة القرآن الكريم ، فإنّ كثيراً من الأوراد هي آيات من القرآن ، وأنّه من الثابت بالأخبار ، بل وبالتجربة أنّ لقراءة القرآن تأثيراً في حصول الصفاء والنورانية اللذين هما من مقوّمات الروحانية ، ولو تصّفحنا ما ذكر في خواصّ الآيات والسور لوجدنا ذلك واضحاً بيّناً ، هذا مضافاً إلى الثواب العظيم المترتّب على قراءة القرآن الكريم ، بل وحصول المراتب السامية ، وقد ورد في الحديث المروي عن الإمام الباقر (عليه السّلام) عن أبيه عن جدّه (عليهم السّلام) أنّه قال: (قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين ، ومن قرأ خمسين آية كتب من الذاكرين ، ومن قرأ مائة آية كتب من القانتين ، ومن قرأ مائتي آية كتب من الخاشعين ، ومن قرأ ثلاثمائة آية كتب من الفائزين ، ومن قرأ خمسمائة آية كتب من المجتهدين ، ومن قرأ ألف آية كتب له قنطار ، والقنطار خمسون ألف مثقال ذهب ، والمثقال أربعة وعشرون قيراطاً ، أصغرها مثل جبل أحد ، وأكبرها ما بين السماء والأرض) (البحار، ج89 ، ص 197).
ومن شواهد التجربة لتأثير قراءة القرآن في تأثّر القلب وحصول الروحانية ما ذكره الشيخ جواد ملك ، وهو أحد المشاهير في مجال الرياضة والسلوك في كتابه (السير إلى الله) عن أستاذه حين سأله وقال : أي عمل من أعمال الجوارح يتمّ أثره في تأثر القلب ؟ فقال: سجدة طويلة في كلّ يوم يديمها ويطيلها جداً ساعة أو ثلاثة أرباعها يقول فيها : (لا إِلَهَ إلاّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) ، وقراءة سورة القدر في ليالي الجمع وعصرها مائة مرة.
ومن المشهور أنّ من يقرأ السور الأربع: (الذاريات ، والطلاق ، والتحريم ، وألم نشرح) لم يزل في سعادة ، وقد ذكر السيد المرعشي (عليه الرحمة) أنّ الإمام الحجّة (عليه السّلام) في بعض مشاهداته له قد رتّّبه على قراءة سور، وهي: ( يس بعد صلاة الصبح ، وعمّ يتساءلون بعد صلاة الظهر ، ونوح بعد صلاة العصر ، والواقعة بعد صلاة المغرب ، وتبـارك بعد صلاة العشاء ، والمزّمّل عند النوم ).
وينبغي أن تكون القراءة في المصحف ؛ لأنّ القراءة في المصحف عبادة ، وليُمتع ببصره كما جاء في حديث إسحاق بن عمار حيث قال للصادق (عليه السّلام) : جعلت فداك إنّي أحفظ القرآن عن ظهر قلبي فأقرأه عن ظهر قلبي أفضل أو أنظر في المصحف ؟ قال : فقال لي : (بل اقرأه وانظر في المصحف فهو أفضل ، أما علمت أنّ النظر في المصحف عبادة ، وقال : من قرأ القرآن في المصحف مُتّع ببصره ، وخُفّفَ عن والديه وإن كانا كافرين).
وينبغي كذلك أن تكون القراءة بتدبّر، وهو التأمّل والتفكّر في معانيه ومقاصده ؛ لينتفع بما فيه من إرشادات وحكم ، قال تعالى: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) ، ( محمد/ 24).
source : السيد محمد علي