قال في كتابه ( المنار المنيف في الصحيح والضعيف) بعد أن ذكر عدداً من أحاديث المهدي المنتظر: (وهذه الأحاديث أربعة أقسام: صحاح، وحسان، وغرائب، وموضوعة. وقد اختلف الناس في المهدي على أربعة أقوال:
أحدها، أنه المسيح بن مريم، وهو المهدي على الحقيقة. واحتج أصحاب هذا بحديث محمد بن خالد الجندي المتقدم (يقصد حديث لا مهدي إلا عيسى) وقد بينا حاله وأنه لا يصح، ولو صح لم يكن فيه حجة، لأن عيسى أعظم مهدي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبين الساعة.
القول الثاني، أنه المهدي الذي ولي من بني العباس وقد انتهى زمانه. واحتج أصحاب هذا القول بما رواه أحمد في مسنده: (إذا رأيتم الرايات السود قد أقبلت من خراسان فأتوها ولو حبوا على الثلج، فإن فيها خليفة الله المهدي).
وفي سنن ابن ماجة عن عبد الله بن مسعود قال: (بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ أقبل فتية من بني هاشم، فلما رآهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم اغرورقت عيناه وتغير لونه، فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه! قال: إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإن أهل بيتي سيلقون بلاءً وتشريداً وتطريداً، حتى يأتي قوم من أهل المشرق ومعهم رايات سود، يسألون الحق فلا يعطونه، فيقاتلون فينصرون، فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه، حتى يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي، فيملؤها قسطاً كما ملئت جوراً. فمن أدرك ذلك فليأتهم ولو حبواً على الثلج).
وهذا والذي قبله لو صح، لم يكن فيه دليل على أن المهدي الذي تولى من بني العباس هو المهدي الذي يخرج في آخر الزمان، بل هو مهدي من جملة المهديين.
وعمر بن عبد العزيز كان مهدياً، بل هو أولى باسم المهدي منه.
فالمهدي في جانب الخير والرشد كالدجال في جانب الشر والضلال. وكما أن بين يدي الدجال الأكبر صاحب الخوارق دجالين كذابين، فكذلك بين يدي المهدي الأكبر مهديون راشدون.
القول الثالث، أنه رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم من ولد الحسن بن علي، يخرج في آخر الزمان وقد امتلأت الأرض جوراً وظلماً فيملؤها قسطاً وعدلاً وأكثر الأحاديث على هذا تدل... الخ). (المصدر المذكور:1/ 289).
قال في كتابه الصواعق المحرقة: الآية الثانية عشرة قوله تعالى: وإنه لعلَمٌ للساعة، قال مقاتل بن سليمان ومن تبعه من المفسرين إن هذه الآية نزلت في المهدي، وستأتي الأحاديث المصرحة بأنه من أهل البيت النبوي، وحينئذ ففي الآية دلالة على البركة في نسل فاطمة وعلي رضي الله عنهما، وأن الله ليخرج منهما كثيراً طيباً، وأن يجعل نسلهما مفاتيح الحكمة ومعادن الرحمة. وسر ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعاذها وذريتها من الشيطان الرجيم، ودعا لعلي بمثل ذلك. وشرح ذلك كله يعلم بسياق الأحاديث الدالة عليه). (المصدر:1/420)
قال في النهاية: (فصل في ذكر المهدي الذي يكون في آخر الزمان):
وهو أحد الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين، فقد نطقت به الأحاديث المروية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنه يكون في آخر الدهر...
وقال تعقيباً على حديث (تخرج من خراسان رايات سود فلا يردها شيء حتى تنصب بإيلياء): وهذه الرايات ليست هي التي أقبل بها أبو مسلم الخراساني فاستلب بها دولة بني أمية في سنة سنتين وثلاثين ومئة، بل رايات سود أخرى تأتي صحبة المهدي، وهو محمد بن عبد الله العلوي الفاطمي الحسني رضي الله عنه، يصلحه الله في ليلة واحدة، أي يتوب عليه ويوفقه ويلهمه ويرشده، بعد أن لم يكن كذاك. ويؤيده ناس من أهل المشرق ينصرونه، ويقيمون سلطانه ويشيدون أركانه، وتكون راياتهم سوداً أيضاً، وهو زي عليه الوقار لأن راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانت سوداء يقال لها العقاب). (:1 /296)
قال في كتابه (الحاوي للفتاوي): أخرج ابن جرير في تفسيره، عن السدي في قوله تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا)، قال هم الروم، كانوا ظاهروا بخت نصر في خراب بيت المقدس. وفي قوله تعالى: (أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلا خَائِفِينَ)، قال: فليس في الأرض رومي يدخله اليوم إلا وهو خائف أن تضرب عنقه، أو قد أخيف بأداء الجزية فهو يؤديها. وفي قوله: (لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ)، قال: أما خزيهم في الدنيا فإنه إذا قام المهدي وفتحت القسطنطينية قتلهم، فذلك الخزي) (المصدر:1/354).
وقال في التعليق على حديث (لا مهدي إلا عيسى بن مريم): قال القرطبي في التذكرة: إسناده ضعيف. والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في التنصيص على خروج المهدي من عترته وأنه من عترته وأنه من ولد فاطمة، ثابتة أصح من هذا الحديث، فالحكم بها دونه. قال أبو الحسن محمد بن الحسين بن إبراهيم بن عاصم السجزي: قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بمجيء المهدي، وأنه من أهل بيته، وأنه سيملك سبع سنين، وأنه يملأ الأرض عدلاً، وأنه يخرج معه عيسى فيساعده على قتل الدجال بباب لد بأرض فلسطين، وأنه يؤم هذه الأمة وعيسى يصلي خلفه، في طول من قصته وأمره). (المصدر:1/396).
قال في شرح قول أمير المؤمنين عليه السلام: (وبنا يختم لا بكم): إشارة إلى المهدي الذي يظهر في آخر الزمان، وأكثر المحدثين على أنه من ولد فاطمة ÷وأصحابنا المعتزلة لا ينكرونه، وقد صرحوا بذكره في كتبهم واعترف به شيوخهم. إلا أنه عندنا لم يخلق بعد وسيخلق. وإلى هذا المذهب يذهب أصحاب الحديث أيضاً). (المصدر:1/146).
وقال في شرح قوله عليه السلام: (لتعطفن الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها. وتلا عقيب ذلك: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ).
قال: والإمامية تزعم أن ذلك وعد منه بالإمام الغائب يملك الأرض في آخر الزمان. وأصحابنا يقولون إنه وعد بإمام يملك الأرض ويستولي على الممالك ولا يلزم من ذلك أنه لا بد أن يكون موجوداً. وتقول الزيدية: إنه لا بد من أن يملك الأرض فاطمي يتلوه جماعة من الفاطميين على مذهب زيد، وإن لم يكن أحد منهم الآن موجوداً). (المصدر:1/174).
وقال في شرح قوله عليه السلام: (بأبي ابن خيرة الإماء) (أما الإمامية فيزعمون أنه إمامهم الثاني عشر وأنه ابن أمة اسمها نرجس. وأما أصحابنا فيزعمون أنه فاطمي يولد في مستقبل الزمان لأم ولد وليس بموجود الآن، وأنه يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، وينتقم من الظالمين وينكل بهم أشد النكال) (المصدر:1/152) انتهى.
أقول: ولقد وقع فيها ابن أبي الحديد ومثله كل من يثبت هذا النص لأمير المؤمنين عليه السلام بأن المهدي عليه السلام ابن خيرة الإماء!!
فإذا لم يكن هو ابن الإمام العسكري عليه السلام وكان سيولد في عصرنا مثلاً، فأين الإماء، وكيف يكون ابن أم ولد وابن خيرة الإماء؟
وقال ابن أبي الحديد في شرح قوله عليه السلام (في سترة من الناس): هذا الكلام يدل على استتار هذا الإنسان المشار إليه، وليس ذلك بنافع للإمامية في مذهبهم، وإن ظنوا أنه تصريح بقولهم. وذلك لأنه من الجائز أن يكون هذا الإمام يخلقه الله تعالى في آخر الزمان، ويكون مستتراً مدة وله دعاة يدعون إليه ويقررون أمره، ثم يظهر بعد ذلك الإستتار ويملك الممالك ويقهر الدول ويمهد الأرض). (المصدر: 1/ 163).
قال في شرح حديث: المهدي رجل من ولدي وجهه كالكوكب الدري:قال في المطامح: حكي أنه يكون في هذه الأمة خليفة لايفضل عليه أبو بكر).ا ه. وأخبار المهدي كثيرة شهيرة أفردها غير واحد في التأليف. قال السمهودي: ويتحصل مما ثبت في الأخبار عنه أنه من ولد فاطمة، وفي أبي داود أنه من ولد الحسن.... ثم قال: تنبيه: أخبار المهدي لا يعارضها خبر لا مهدي إلا عيسى بن مريم، لأن المراد به كما قال القرطبي لا مهدي كاملاً معصوماً إلا عيسى... قال ابن الجوزي، قال ابن أحمد الرازي: حديث باطل ا ه. وفيه محمد بن إبراهيم الصوري، قال: قال في الميزان عن ابن الجلاب، روى عن رواد خبراً باطلاً منكراً في ذكر المهدي، ثم ساق هذا الخبر وقال، هذا باطل). ( المصدر:1/ 54).
قال في غالية المواعظ: فمنها - أي علامات الساعة - خروج المهدي رضي الله تعالى عنه على القول الأصح عند أكثر العلماء، ولا عبرة بمن أنكر مجيئه من الفضلاء. وفي مجئ المهدي أحاديث عديدة...واستعرض قسماً منها وقال: (وهذا الذي ذكرناه في أمر المهدي هو الصحيح من أقوال أهل السنة والجماعة) ( المصدر:2/ 158).
الشيخ محمد الخضر حسين شيخ الأزهر:
قال في مقال نشرته مجلة التمدن الإسلامي بعنوان (نظرة في أحاديث المهدي): ويلحق بالأحكام العملية في صحة الاحتجاج بخبر الآحاد أشياء يخبر بها الشارع ليعلمها الناس من غير أن يتوقف صحة ايمانهم على معرفتها ومن هذا القبيل حديث المهدي. فإذا ورد حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنه سيقع في آخر الزمان كذا، حصل به العلم، ووجب الوقوف عليه من غير حاجة إلى أن يكثر رواة هذه الحديث حتى يبلغ حد التواتر.
ولم يرد في الجامع الصحيح للإمام البخاري حديث في شأن المهدي، وإنما ورد في صحيح مسلم حديث لم يصرح فيه باسمه، وحمله بعضهم على أن المراد منه المهدي، أو المشار فيها إلى بعض صفاته. أما بقية كتب الحديث فرواها الإمام أحمد بن حنبل، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة، والطبراني، وأبو نعيم، وابن أبي شيبة، وأبو يعلى، والدار قطني، والبيهقي، ونعيم بن حماد، وغيرهم. وجمعت هذه الأحاديث في رسائل مستقلة، مثل (العرف الوردي في حقيقة المهدي) للملا علي القاري، و(التوضيح في تواتر ماجاء في المنتظر والدجال والمسيح) للشوكاني.... وقد صرح الشوكاني في رسالته المشار إليها آنفا بأن هذه الأحاديث بلغت مبلغ التواتر، قال: (والأحاديث التي أمكن الوقوف عليها، منها خمسون فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر، وهي متواترة بلا شك. بل يصدق وصف التواتر على ما دونها، على جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول).
يقول بعض المنكرين لأحاديث المهدي جملة: إن هذه الأحاديث من وضع الشيعة لا محالة. ويرد بأن هذه الأحاديث مروية بأسانيدها، وقد تقصينا رجال سندها فوجدناهم ممن عرفوا بالعدالة والضبط، ولم يتهمهم أحد من رجال التعديل والجرح بتشيع، مع شهرة نقدهم للرجال. وقد اتخذ مسألة المهدي كثير من القائمين لانشاء دول وسيلة إلى الوصول إلى غاياتهم، فادعوا المهدوية ليتهافت الناس على الإلتفاف حولهم. فالدولة الفاطمية قامت على هذه الدعوة، إذ زعم مؤسسها عبيد الله أنه المهدي.
ودولة الموحدين جرت على هذه الدعوة، فإن مؤسسها محمد بن تومرت أقام أمره على هذه الدعوة.
وظهر في أيام الدولة المرينية بفاس رجل يدعى التوزدي واجتمع حوله رؤساء صنهاجة، وقتل المصامتة.
وقام رجل اسمه العباس سنة 690 ه. في نواحي الريف من المغرب وزعم أنه المهدي، واتبعته جماعة، وآل أمره إلى أنه قتل وانقطعت دعوته.
وبعد ثورة عرابي بمصر ظهر رجل في السودان يسمى محمد أحمد، ادعى أنه المهدي واتبعه قبيلة بقارة من جهينة على أنه المهدي سنة 1300 ه. وهو الذي خلفه بعد موته التعايشي أحد زعماء البقارة.
وإذا أساء الناس فهم حديث نبوي، أو لم يحسنوا تطبيقه على وجهه الصحيح حتى وقعت جراء ذلك مفاسد، فلا ينبغي أن يكون ذلك داعياً للشك في صحة الحديث أو المبادرة إلى إنكاره، فإن النبوة حقيقة واقعة بلا شبهة، وقد ادعاها أناس كذباً وافتراء وأضلوا بدعواهم كثيراً من الناس، مثل ما يفعله طائفة القاديانية اليوم.
والألوهية ثابتة بأوضح من الشمس في كبد السماء، وقد ادعاها قوم لزعمائهم على معنى أنه جل شأنه يحل فيهم، مثلها يفعل طائفة البهائية في هذا العهد. فليس من الصواب إنكار الحق من أجل ما ألصق به من باطل). (المصدر:2/210 - 214).
قال في مقال في مجلة التمدن الإسلامي، في مقالة بعنوان (حول المهدي): وأما مسألة المهدي فليعلم أن في خروجه أحاديث كثيرة صحيحة، قسم كبير منها له أسانيد صحيحة. وأنا مورد هنا أمثلة منها، ثم معقب ذلك بدفع شبهة الذين طعنوا فيها (ثم ذكر أمثلة منها ومن آراء العلماء بتواترها، ثم قال: هذا ثم إن السيد رشيد (رضا) أو غيره لم يتتبعوا ما ورد في المهدي من الأحاديث حديثاً حديثاً، ولا توسعوا في طلب ما لكل حديث منها من الأسانيد. ولو فعلوا لوجدوا منها ما تقوم به الحجة، حتى في الأمور الغيبية التي يزعم البعض أنها لا تثبت إلا بحديث متواتر.
ومما يدلك على أن السيد رشيد ادعى أن أسانيد لاتخلو عن شيعي، مع أن الأمر ليس كذلك على اطلاقه، فالأحاديث الأربعة التي ذكرتها ليس فيها رجل معروف بالتشيع. على أنه لو صحت هذه الدعوى لم يقدح ذلك في صحة الأحاديث، لأن العبرة في الصحة إنما هو الصدق والضبط، وأما الخلاف المذهبي فلا يشترط في ذلك، كما هو مقرر في مصطلح علم الحديث. ولهذا روى الشيخان في صحيحيهما لكثير من الشيعة وغيرهم من الفرق المخالفة، واحتجا بأحاديث هذا النوع.
وقد أعلها السيد بعلة أخرى وهي التعارض، وهذه علة مدفوعة لأن التعارض شرطه التساوي في قوة الثبوت، وأما نصب التعارض بين قوي وضعيف فمما لا يسوغه عاقل منصف. والتعارض المزعوم من هذا القبيل.
وخلاصة القول أن عقيدة خروج المهدي عقيدة ثابتة متواترة عنه صلى الله عليه وآله وسلم يجب الإيمان بها لأنها من أمور الغيب، والإيمان بها من صفات المتقين كما قال تعالى(ذَلِكَ الْكِتَابُ لارَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ. الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) وأن انكارها لا يصدر إلا عن جاهل أو مكابر. أسأل الله أن يتوفانا على الإيمان بها، وبكل ما صح في الكتاب والسنة). ( المصدر:2/288).
قال في مشارق الأنوار: وجاء في بعض الروايات أنه ينادي عند ظهوره فوق رأسه ملك: هذا المهدي خليفة الله فاتبعوه، فيقبل عليه الناس ويُشربون حبه، وأنه يملك الأرض شرقها وغربها، وأن الذين يبايعونه أولاً بين الركن والمقام بعدد أهل بدر، ثم تأتيه أبدال الشام ونجباء مصر وعصائب أهل الشرق وأشباههم. ويبعث الله جيشاً من خراسان برايات سود نصرةً له، ثم يتوجه إلى الشام، وفي رواية إلى الكوفة، والجمع ممكن، وأن الله تعالى يؤيده بثلاثة آلاف من الملائكة، وأن أهل الكهف من أعوانه.
قال الأستاذ السيوطي: وحينئذ فسر تأخيرهم إلى هذه المدة اكرامهم بشرفهم بدخولهم في هذه الأمة، واعانتهم للخليفة الحق. وأن على مقدمة جيشه جبريل، وميكائيل على ساقته). (المصدر:2/ 62).
قال في شرح المقاصد: خاتمة. مما يلحق بباب الإمامة خروج المهدي ونزول عيسى وهما من أشراط الساعة.... وعنه رضي الله عنه، أي أبي سعيد الخدري، قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلاء يصيب هذه الأمة حتى لايجد الرجل ملجأ يلجأ إليه من الظلم، فيبعث الله رجلاً من عترتي فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً. فذهب العلماء إلى أنه إمام عادل من ولد فاطمة رضي الله عنها يخلقه الله حين يشاء ويبعثه لنصرة دينه. وزعمت الشيعة الإمامية أنه محمد بن الحسن العسكري اختفى عن الناس خوفاً من الأعداء ولا استحالة في طول عمره كنوح ولقمان والخضر عليه السلام ، وأنكر ذلك سائر الفرق لأنه ادعاء أمر يستبعد جداً، إذ لم يعهد في هذه الأمة مثل هذه الأعمار من غير دليل ولا أمارة).( المصدر:1/214).
قال في أخبار الدول وآثار الأول: واتفق العلماء على أن المهدي هو القائم في آخر الوقت، وقد تعاضدت الأخبار على ظهوره، وتظاهرت الروايات على إشراق نوره. وستسفر ظلمة الليالي والأيام بسفوره، وتنجلي برؤيته الظلم، انجلاء الصبح عن ديجوره، ويسير عدله في الآفاق فيكون أضوء من البدر المنير في مسيره). (المصدر:1/ 463).
قال في الفتوحات المكية: إعلم أيدنا الله أن لله خليفة يخرج وقد امتلأت الأرض جوراً وظلماً فيملؤها قسطاً وعدلاً، ولو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد طول الله ذلك اليوم حتى يلي ذلك الخليفة من عترة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من ولد فاطمة يواطي اسمه اسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ،"يشهد الملحمة العظمى مأدبة الله بمرج عكا، يبيد الظلم وأهله، يقيم الدين فينفخ الروح في الإسلام. يعز الإسلام به بعد ذلة، ويحيا بعد موته. يضع الجزية، ويدعو إلى الله بالسيف، فمن أبى قتل، ومن نازعه خذل. يظهر من الدين ما هو عليه في نفسه ما لو كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لحكم به. يرفع المذاهب من الأرض فلا يبقى إلا الدين الخالص. أعداؤه مقلدة الفقهاء أهل الإجتهاد لما يرونه من الحكم بخلاف ما حكمت به أئمتهم، فيدخلون كرها تحت حكمه خوفاً من سيفه وسطوته، ورغبة فيما لديه.
يفرح به عامة المسلمين أكثر من خواصهم، ويبايعه العارفون من أهل الحقائق عن شهود وكشف بتعريف إلهي.
له رجال إلهيون يقيمون دولته وينصرونه، هم الوزراء، يحملون أثقال المملكة، ويعينونه على ما قلده الله.
فشهداؤه خير الشهداء، وأمناؤه أفضل الأمناء، وأن الله يستوزر له طائفة خبأهم له في مكنون غيبه، أطلعهم كشفاً وشهوداً على الحقائق، وما هو أمر الله عليه في عباده. فبمشاورتهم يفصل ما يفصل، وهم العارفون الذين عرفوا ما ثم.
وأما هو نفسه فصاحب سيف حق وسياسة مدنية. يعرف من الله قدر ما تحتاج إليه مرتبته ومنزله، لأنه خليفة مسدد، يفهم منطق الحيوان، يسري عدله في الإنس والجان، من أسرار علم وزرائه الذين استوزرهم الله له لقوله: (وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)، وهم على أقدام رجال من الصحابة، صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وهم من الأعاجم ما فيهم عربي، لكن لا يتكلمون إلا بالعربية. لهم حافظ ليس من جنسهم ما عصى الله قط، هو أخص الوزراء وأفضل الأمناء). ( المصدر:1/ 106)
قال في كتابه الإشاعة في أشراط الساعة: واعلم أن الأحاديث الواردة فيه على اختلاف رواياتها لا تكاد تنحصر، فقد قال محمد بن الحسن الدستوري في كتابه مناقب الشافعي: قد تواترت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذكر المهدي وأنه من أهل بيته صلى الله عليه وآله وسلم ا. ه..... جاء عن ابن سيرين أن المهدي خير من أبي بكر وعمر، قيل يا أبا بكر خير من أبي بكر وعمر!؟ قال: قد كان يفضل على بعض الأنبياء.
وعنه: لا يفضل عليه أبو بكر وعمر. قال السيوطي في العرف الوردي: هذا إسناد صحيح، وهو أخف من اللفظ الأول. قال: والأوجه عندي تأويل اللفظين على ما دل عليه حديث بل أجر خمسين منكم، لشدة الفتن في زمان المهدي.
قلت: التحقيق أن جهات التفاضل مختلفة، ولا يجوز لنا التفضيل في فرد من الأفراد على الإطلاق إلا إذا فضله النبي صلى الله عليه وآله وسلم كذلك، فإنه قد يوجد في المفضول مزية من جهات أخر ليست في الفاضل.
وتقدم من الشيخ في الفتوحات أنه معصوم في حكمه مقتف أثر النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يخطئ أبداً. ولا شك أن هذا لم يكن في الشيخين، وأن الأمور التسعة التي مرت لم تجتمع كلها في إمام من أئمة الدين قبله. فمن هذه الجهات يجوز تفضيله عليهما، وإن كان لهما فضل الصحبة، والمشاهدة والوحي والسابقة، وغير ذلك، والله أعلم.
قال الشيخ علي القاري في المشرب الوردي في مذهب المهدي: ومما يدل على أفضليته أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سماه خليفة الله، وأبو بكر لا يقال له إلا خليفة رسول الله). ( المصدر:1/480).
مقطوعات شعرية في مدح الإمام المهدي عليه السلام
بعد عدوله من مذهب الكيسانية إلى مذهب التشيع، يخاطب بها الإمام جعفر الصادق عليه السلام وكانت الكيسانية أتباع كيسان يعتقدون أن المهدي الموعود الذي يغيب ثم يظهر هو محمد بن الحنفية.
وتدل هذه القصيدة التي قيلت قبل أكثر من مئة سنة من ولادة الإمام المهدي عليه السلام على أصالة العقيدة فيه، وأنه يغيب مدة طويلة قبل ظهوره
أيا راكباً نحو المدينة جرةً *** عَذافرةً يُطوى بها كل سَبْسَبِ
إذا ما هذاك الله عاينت جعفراً *** فقل لوليِّ الله وابنِ المهذب
ألا يا أمينَ الله وابن أمينه *** أتوب إلى الرحمان ثم تأوُّبي
إليك من الأمر الذي كنت مطنباً *** أحارب فيه جاهداً كل مُعْرب
إليك رددتُ الأمر غير مخالف *** وفِئْتُ إلىالرحمانمنكل مذهب
سوى ما تراه يا بن بنت محمد *** فإن به عقدي وزلفى تقرُّبي
وما كان قولي في ابن خَوْلة مبطناً *** معاندةً مني لنسل المطيَّب
ولكن روينا عن وصي محمد *** وما كان فيما قال بالمتكذب
بأن وليَّ الأمر يفقد لا يرى *** ستيراً كفعل الخائف المترقب
فتقسم أموال الفقيد كأنما *** تغيُّبَهُ بين الصفيح المنصب
فيمكث حيناً ثم ينبع نبعة *** كنبعة جدِّي من الأفق كوكب
يسير بنصر الله من بيت ربه *** على سؤدد منه وأمر مسبب
يسير إلى أعدائه بلوائه *** فيقتلهم قتلاً كحرَّانَ مغضب
فلما روي أن ابن خولة غائبٌ *** صرفنا إليه قولنا لم نُكذِّب
وقلنا هو المهدي والقائم الذي *** يعيش به من عدله كل مُجدب
فإن قلت لا فالحق قولك والذي *** أمرت فحتمٌ غيرُ ما متعصب
وأشهد ربي أن قولك حجةٌ *** على الخلقطراً من مطيع ومذنب
بأن وليَّ الأمر والقائم الذي *** تطلع نفسي نحوه بتطرُّب
له غيبة لا بد من أن يغيبها *** فصلى عليه الله من متغيِّب
فيمكث حيناً ثم يظهر حينه *** فيملأ عدلاً كل شرق ومغرب
بذاك أدين الله سراً وجهرةً *** ولست وإن عوتبت فيه بمعتب
(ديوان السيد الحميري ص 115)
التي أنشدها بحضرة الإمام الرضا عليه السلام
بكيتُ لرسم الدار من عرفاتِ *** وأذريتُ دمعَ العين بالعبراتِ
وفك عرى صبري وهاجت صبابتي *** رسومُ ديار أقفرت وعرات
مدارسُ آيات خلت من تلاوة *** ومنزلُ وحيٍ مقفر العرصات
لآل رسول الله بالخيف من منى *** وبالركن والتعريف والجمرات
ديار عليٍّ والحسينِ وجعفرٍ *** وحمزةَ والسجادِ ذي الثَّفنات
ديارٌ عفاها جورُ كل منابذ *** ولم تعفُ للأيام والسنوات
فيا وارثي علم النبي وآله *** عليكم سلامٌ دائمُ النفحات
قفا نسأل الدار التي خفَّ أهلُها *** متى عهدها بالصوم والصلوات؟
وأين الأولى شطتْ بهم غربةُ النوى *** أفانينَ في الآفاق مفترقات؟
همُ أهل ميراث النبيِّ إذا اعتزوا *** وهمْ خيرُ ساداتٍ وخيرُ حماة
مطاعيمُ في الإعسار في كل مشهد *** لقد شَرُفوا بالفضل والبركات
وما الناس إلا حاسد ومكذب *** ومضطغنٌ ذو إحنةٍ وترات
أفاطم لو خلت الحسين مجدلاً *** وقد مات عطشاناً بشط فرات
إذن للطمت الخد فاطم عنده *** وأجريتدمعالعينفيالوجنات
أفاطم قومي يابنة الخير واندبي *** نجوم سماوات بأرض فلاة
قبور بكوفان وأخرى بطيبة *** وأخرى بفخٍّ نالها صلواتي
وقبر بأرض الجوزجان محله *** وقبر بباخمرا، لدى الغربات
وقبر ببغداد لنفس زكية *** تضمنها الرحمن في الغرفات
فأما الممضات التي لست بالغاً *** مبالغها مني بكنه صفات
نفوس لدى النهرين من أرض كربلا *** معرسهم فيها بشط فرات
توفوا عطاشى بالفرات، فليتني *** توفيت فيهم قبل حين وفاتي
إلى الله أشكو لوعة عند ذكرهم *** سقتني بكأس الذل والفظعات
ملامك في أهل النبي فإنهم *** أحباي، ما عاشوا وأهل ثقاتي
تخيرتهم رشداً لأمري فإنهم *** على كل حال خيرة الخِيَرات
نبذت إليهم بالمودة صادقاً *** وسلمت نفسي طائعاً لولاتي
فيا رب زدني من يقيني بصيرة *** وزد حبهم يا رب في حسناتي
سأبكيهم ما حج لله راكب *** وما ناح قمريٌّ على الشجرات
بنفسيَ أنتم من كهولٍ وفتية *** لفك عَنَاةٍ أو لحملِ ديات
أحبُّ قصيَّ الرحْمِ من أجل حبكم *** وأهجر فيكم أسرتي وبناتي
وأكتم حُبِّيكمْ مخافة كاشح *** عنيد لأهل الحق غير موات
فيا عين بكِّيهم وجودي بعبرةٍ *** فقد آن للتسكاب والهملات
لقد حَفَّتِ الأيام حولي بشرها *** وإني لأرجو الأمن بعد وفاتي
ألم تر أني من ثلاثين حجة *** أروح وأغدو دائم الحسرات
أرى فيئهم في غيرهم متقسماً *** وأيديهم من فيئهم صفرات
بنات زياد في القصور مصونة *** وآل رسول الله في الفلوات
سأبكيهم ما ذرَّ في الأرض شارق *** ونادى منادي الخير بالصلوات
وما طلعت شمس وحان غروبها *** وبالليل أبكيهم وبالغدوات
ديار رسول الله أصبحن بلقعاً *** وآل زياد تسكن الحجرات
وآل رسول الله نحفٌ جسومهم *** وآل زياد غلظ القصرات
إذا وتروا مدوا إلى واتريهم *** أكفا عن الأوتار منقبضات
فلولا الذي أرجوه في اليوم أوغد *** تقطع قلبي إثرهم حسرات
خروجُ إمام لا محالةَ خارجٌ *** يقوم على اسم الله والبركات
يُمَيِّزُ فينا كل حقٍ وباطلٍ *** ويجزي علىالنعماء والنقمات
فيا نفس طيبي ثم يا نفس أبشري *** فغير بعيد كل ما هو آت
ولا تجزعي من مُدة الجور إنني *** أرى قوتي قد آذنت بشتات
فإن قرب الرحمن من تلك مدتي *** وأخر من عمري بطول حياتي
شفيتُ، ولم أترك لنسيٍ رزيةً *** وروَّيُت منهم منصلي وقناتي
فإني من الرحمن أرجو بحبهم *** حياة لدى الفردوس غير بتات
عسى الله أن يأوي لذا الخلق إنه *** إلى كل قوم دائم اللحظات
(ديوان دعبل الخزاعي ص135)
رباعيات للبهائي العاملي المتوفى1031 ه.
يا كراماً صبرنا عنهم محالْ *** إن حالي من جفاكم شر حالْ
إن أتى من حيكم ريحُ الشمال *** صرتُ لا أدري يميني من شمال
حبذا ريحٌ سرى من ذي سلمْ *** من رُبى نجدٍ وسَلْعٍ والعَلَمْ
أذهب الأحزانَ عنا والألم *** والأماني أدركت والهمُّ زال
يا أخلائي بحَزْوى والعقيق *** ما يطيقُ الهجرُ قلبي ما يطيق
هل لمشتاق إليكم من طريق *** أم سددتم عنه أبوابَ الوصال
لا تلوموني على فَرْط الضجر *** ليس قلبي من حديدٍ أو حجر
فاتَ مطلوبي ومحبوبي هجر *** والحشا في كل آن في اشتعال
من رأي وجدي لسكان الحجون *** قال ما هذا هوى هذا جنون
أيها اللُّوامُ ماذا تبتغون *** قلبيَ المضنى وعقلي ذو اعتقال
يا نزولاً بين جمع والصفا *** يا كرامَ الحيِّ يا أهلَ الوفا
كان لي قلبٌ حمولٌ للجفا *** ضاع مني بين هاتيك التلال
يا رعاك الله يا ريحَ الصبا *** إن تَجُزْ يوماً على وادي قُبا
سل أُهَيْلَ الحيِّ في تلك الربا *** هجرُهم هذا دلالٌ أم ملال
جيرةٌ في هجرنا قد أسرفوا *** حالنا من بعدهم لا يوصف
إن جَفَوْا أو واصلوا أتلفوا *** حبُّهُمْ في القلب باق لا يزال
هم كرامٌ ما عليهم من مزيد *** من يمتْ فيحبهم يمضي شهيد
مثلُ مقتول لدى المولى الحميد *** أحمديُّ الخلْقِ محمودُ الفعال
صاحبَ العصرِ الإمامَ المنتظرْ *** من بما يأباه لا يجري القدر
حجةُ الله على كل البشر *** خيرُ أهل الأرضفي كل الخصال
من إليه الكون قد ألقى القيادْ *** مجرياً أحكامه فيما أراد
إن تزل عن طوعه السبع الشداد *** خرَّ منها كل سامي السَّمْكِ عال
شمسُ أوجِ المجدِ مصباحُ الظلام *** صفوةُ الرحمن من بين الأنام
الإمامُ بن الإمامِ بن الإمامْ *** قطبُ أفلاكِ المعالي والكمال
فاق أهلَ الأرض في عزٍّ وجاهْ *** وارتقى في المجد أعلى مرتقاه
لو ملوكُ الأرض حلُّوا في ذراه *** كان أعلى صفِّهم صفُّ النعال
ذو اقتدارٍ إن يشأ قلبَ الطباع *** صيَّرَ الإظلامَ طبعاً للشعاع
وارتدى الإمكانُ برد الإمتناع *** قدرةٌ موهوبةٌ من ذي الجلال
يا أمينً الله يا شمسً الهدى *** يا إمامً الخلقِ يا بحرَ الندى
عَجِّلَنْ عَجِّلْ فقد طال المدى *** واضمحلَّالدينواستولى الضلال
هاك يا مولى الورى نعمَ المجير *** من مُواليك البهائيُّ الفقير
مدحةً يعنو لمعناها جرير *** نظمها يزري على عقد الكلال
يا وليَّ الأمر يا كهفَ الرجا *** مسني الضرُّ وأنت المرتجى
والكريمُ المستجاب الملتجا *** غيرُ محتاج إلى بسط السؤال
source : http//m-mahdi.com