عربي
Friday 5th of July 2024
0
نفر 0

في خصائصه من حيث الالطاف الالهية به والاحترامات الربانية له

العنوان الرابع

 


 
وهي على اقسام :

 
القسم الاول


خصوصيته عليه السلام في التعبير عن اللطف الالهي بالنسبة اليه

 
من وجوه :

 

الاول : خصوصيات ما في الروايات المعتبرة المروية في كامل الزيارة عن ابي عبدالله عليها لسلام قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في منزل فاطمةالزهراء عليها السلام والحسين عليه السلام في حجره اذ بكى وخرّ ساجدا ثم قال (ص)  " يا فاطمة ان العلي الاعلى تراءى لي في بيتك هذا ، ساعتي هذه ، في احسن صورة واهيء هيأة ، وقال لي : يا محمد اتحب الحسين ؟ قلت : نعم قرة عيني ، وريحانتي وثمرة فؤادي ، وجلدة ما بين عيني ، فقال لي : يا محمد ووضع يده على رأس الحسين (ع) بورك من مولود عليه بركاتي وصلواتي ، ولعنتي وسخطي وعذابي وخزيي ونكالي على من قتله وناصبه وناوءه ونازعه  " .

 


أما انه سيد الشهداء من الاولين والاخرين في الدنيا والاخرة وسيد شباب اهل الجنة من الخلق اجمعين ، وابوه افضل منه ، فأقرأه مني السلام ، وبشّره بأنه راية الهدى ، ومنار اوليائي ، وحفيظي وشهيدي على خلقي وخازن علمي وحجتي على اهل السموات واهل الارضين والثقلين والجن والانس .

 

والمراد من الترائي : غاية الظهور العلمي ، وبحسن الصورة : ظهور صفات الكمال . ووضع اليد : كناية عن افاضة الرحمة الخاصة على الامام الحسين صلوات الله تعالى عليه .

 

ففي هذه الرواية ست عشرة خصوصية للحسين (ع) معبرة عن اللطف الالهي ، واخصها وافخرها قوله : وضع الله تعالى يده على رأس الحسين (ع) فانه كناية عن نهاية اللطف بالنسبة اليه بحيث لا يتصور فوقه لطف   .

 

وقد عبّر الله تعالى عن نهاية افاضة اللطف الكامل على النبي (ص) بأنه وضع الله تعالى يده على ظهره ليلة المعراج ، فوضع اليد تعبير عن غاية الافاضة .


لكن في التفرقة بين كونه على الرأس او على الظهر حكمة خاصة ، لا ترتبط بالافضلية ، وفي الحقيقة الوضع على ظهر النبي (ص) هو الوضع على رأس الحسين (ع) .

 

الثاني والثالث : ان الله تعالى قد تولى قبض روحه عند موته وصلى عليه فهذه التعبيرات كلها ، كنايات عن الالطاف لا يُتصور ازيد منها ، وحاصل معناها انه قد اعطى الله تعالى الحسين من الالطاف كل ما يمكن ان يُعطى .

 

ونحن بتوسلنـــــا به (ع) نرجو ان يكون من الطاف الله تعالى عليه صلاح امورنا في الدنيا والاخرة

 


القسم الثانـــــــــــــــــــي

 

وهو اعطاؤه ما يناسب صفاته ولا اقول شبه او مثل صفاته ، بل اوقول اعطاه انموذجا من صفاته ، وخصّها به

 

وهي من وجوه :

 

الاول : ان من صفات الله تعالى ( وإن من شيء إلا يسبح بحمده ) ولها خمسة معان ، وقد اعطى الحسين (ع) ما يناسب ذلك ، فإن من شيء إلا وقد بكى لمصيبته ، ولكن لا نفقه بكاءهم ، كل شيء بحسب حاله ، ولا ينحصر في تقاطر الدمع من العين .

 

 فبكاء السماء : تقاطر الدم ، وبكاء الارض : ان كل حجر يرفع يُرى تحته دما ، وبكاء السمك : خروجه من الماء ، وبكاء الهواء : اظلامه ، وبكاء الشمس:  كسوفها ، وبكاء القمر : خسوفه ، كما ورد كل ذلك في الروايات .

 

الثاني : ان الاقرار بوجود الصانع الحكيم فطري  ) فطرة الله التي فطر الناس عليها ) فأهل كل دين حتى عبدة الاصنام يقرّون به والملاحدة والزنادقة عند انكارهم باللسان يثبتونه

 

وفي الحسين (ع) بالنسبة الى احتراق القلب على مصيبته كذلك حتى من لم يعرفه يبكي عليه ويقيم عزاءه كبعض الهنود المخالفين للاسلام ، بل من عاداه حين اظهار عداوته كان يبكي عليه فكان ابن سعد يبكي عليه حين امر بقتله وكلّمته زينب سلام الله تعالى عليها .

 

والسالب لفاطمة عليها السلام كان يبكي ، ويزيد قد رقّ لهم حين اُدخلت السبايا والرؤوس الى مجلسه كما عن فاطمة بنت الحسين عليهما السلام ، وسائر قتلته كانوا يبكون في بعض الحالات ويزيد كان يبكي في بعض الليالي .

 


نعم لم اعثر على رقة وبكاء على حالة من الحالات بالنسبة الى اللعين ابن زياد، لكن عثرت على تغير حالة له في وقت واحد .

 

 وذلك حين امر بقتل السجاد صلوات الله تعالى عليه ، فاعتنقته عمته زينب عليها السلام وقالت : ان قتلته فاقتلني معه ، فنظر الى ذلك وقال : عجبا للرحم ، والله اني لأظنها ودت اني قتلتها معه ، دعوه فاني اراه لما به .

 

الثالث : ان صفات الله تعالى لا يجري افعل التفضيل فيها حقيقة ، وان جرى ظاهرا كما يشهد به جميع فقرات دعاء البهاء تقول : ( اللهم اني اسألك من بهائك بابهاه ، وكل بهائك بهي ) وكذلك الاسماء فيقال الاسم الاعظم وفي الحقيقة ان كل اسمائه اعاظم على نهج سواء .

 

وفي الحسين (ع) ايضا ، ما يناسب ذلك ، فقد يقال نريد ان نذكر اعظم مصائبه ، وكل مصائبه عظيمة ، فإذا تأملت اصغر مصائبه ، وجدته اكبرها ، واذا نظرت الى اسهل مصائبه وجدته اصعبها.

 

الرابع : انه تعالى جعل وسائل القرب اليه ، والرضا عن العباد والغفران لهم كثيرة ، وجعل لهم طرقا في كل فعل وصفة ونية ، وجعل في ايصاله الفسض الى العباد عموما ، وله تسبيبات لا يُدرك ضبطها .

 

وقد اعطى الحسين (ع) ما يناسب ذلك ، فجعل له تسبيبات كثيرة ، وعمم فيها وجعل لها اعواضا كعباداته ، حيث لم يحرم منها احدا ، وحعل لكل عمل عوضا ، وبدلا حتى انه جعل لنية العمل في بعض الاوقات ثواب العمل .

 

وكذلك الحال بالنسبة الى الحسين (ع) فجعل لزيارت فضلا ، وجعل بدلها التجهيز اليها ، وجعل بدلها الزيارة من بُعد ، وكذلك لما جعل لبكائه فضلا وافرأً  اراد ان لا يحرم احد من هذا الخير فجعل مصائبه مختلفة وما يُبكى عليه انواعا واقساما باختلاف القلوب واختلاف اسباب رقتها .

 

فان كل قلب لا يرق على كل مصيبة ، فقلب لا يرق على الغريب ، ولكن يرق على العطشان الغريب ، وقلب لا يرق على الجرح ، ولكن يرق على جرح الجرح ، وقلب لا يرق على جرح الجرح ، ولكن يرق على الرض بعد جرح الجرح ، وهذا لا ينتهي الكلام فيه ، فلاحظ كل مصيبة ، ولاحظ اعلاها ثم لاحظ اشد انواع ذلك الاعلى ، ثم اشد ذلك الاشد ، تجده مجتمعا في الامام المظلـــــوم ، وجعل اسباب الحصول كثيرة ، ولها فصل مستقل والله تعالى المستعان .

 

الخامس : ان صفاته لا شريك له فيها ، فكل ما ينسب اليه ، ويتعلق به من جميع ما يلاحظ خاصة به ، فهو ممتاز فيها لا شريك له في خصوصياتها.

 

السادس : من الصفات المنسوبة اليه ان محبته لا تشبه محبة المحبين .

 

 وكذلك محبة الحسين (ع) حتى انها لا تشبه محبة من هو مساوٍ معه ، او افضل منه، فهي كما قال النبي (ص) " محبته مكنونة في بواطـــــــــن المؤمنين .


وقد سئل النبي (ص) عن هذا ، ايضا ، حين ظهرت منه (ص)  كيفية خاصة في الملاطفة مع الحسين (ع) على ما روى المقداد رضى الله تعالى عليه .

 

حيث قال : خرج رسول الله (ص) يوما في طلب الحسن والحسين (ع) فوجدهما نائمين في حديقة على الارض ، فبدأ برأس الحسين يعطفه ، وجعل يرخي لسانه في فمه مرارا حتى ايقظه ، فقال المقداد : كأن الحسين اكبر ؟ فأجابه (ص) بما ذكر .

 

فقد ظهرت خصوصية للحسين (ع) ، وانكتامها في باطنه زيادة على اخيه ، مع انه في الشرف والمرتبة افضل او مساو له ، لانه بدأ برأسه فرفعه ، وايقظه بارخاء لسانه في فمه مرارا .


وهذا هو حال انكتام محبته في قلوب المؤمنين الخالصين في الايمان ، ففي قلوبهم علامات ، وخصوصيات ، وان كان اللازم ان تكون محبة جده وابيه اكثر منه ، لانهما افضل منه .

 

لكن لمحبته خصوصيات لا دخل لها بالكثرة.

 

من تلك الخصوصيات : ان افئدتهم تهوي الى زيارته وترق وتحن اليها اذا سمعوا بها ، او بزواره حين الذهاب ، اوالقدوم ، ازيد مما تهوي الى الحج وغيره من الزيارات .

 


ومنها : ان من توجه الى زيارة الائمة انما يسميه فقط ، اي ان الزائر الايراني مثلا الذي يروم زيارة العتبات المقدسة في العراق اذا سئل عن مقصده يجيب باني اروم زيارة الامام الحسين عليه السلام مع انه قاصد لزيارة باقي الائمة عليهم السلام ايضا .

 

ومنها : ان لإسمه الشريف تاثيرا في قلوبهم كما ناداه ابوه : يا عبرة كل مؤمن ، وكما قال هو (ع) " انا قتيل العبرة لا يذكرني مؤمن الا بكى .


ومنها : ان دخول شهره يعني المحرم يملأ القلوب هماً وكمدا وحزنا عميقا في النفوس .

 


ومنها ان الرقة عليه لا يمل منها بكثرة التكرار على التكرار ، فاذا سمعوا عزائه كل يوم ألف وألف مرة فبمجرد سماعهم انه قتل عطشان مقروحا وقد حُزّ رأسه ، او واقفا على الارض مستغيثا ، او سمعوا حكاية استغاثته ، ارتفعت اصواتهم .

 

القسم الثـــــــــــــالث

 

من الالطاف الخاصة به ما اعطاه تبارك وتعالى من كلامه المجيد وتكليماته


اما كلامه المجيد وهوالقران فلما اعطاه منه عنوان مستقل نذكره ان شاء الله تعالى .

 

واما تكليمه تعالى فقد ذكر مصيبته في تكليم ادم (ع) ومن بعده وفي تكليم الكليم (ع) مكررا ، وغيره من الانبياء (ع)، الى الخاتم كما ذكرنا تفصيله في عنوان مجالس الرثاء .

 

 وسنذكره بعد ذلك ان شاء الله تعالى

 

واما التكليم الخاص معه فهو كثير ، منه ما قبل شهادته على ما رواه انس بن مالك حيث انه ساير الحسين (ع) فأتى قبر خديجة الكبرى عليها السلام فبكى ثم قال (ع) اذهب عني ، قال انس : فاستخفيت عنه ، فلما طال وقوفه في الصلاة سمعته يقول :

 

يا رب يا رب انت مولاه
فارحم عبيدا اليك ملجاه
يا ذا المعال عليك معتمدي
طوبى لمن كنت انت مولاه
طوبى لمن كان نادما ارقا
يشكو الى ذي الجلالة بلواه
وما به علة ولا سقم
اكثر من حبه لمولاه
اذا اشتكى بثه وغصته
اجابه الله ثم لبّاه
اذا ابتلى بالظلام مبتهلا
اكرمه الله ثم ادناه

فنودي عليه السلام :
لبيك عبدي وانت في كنفي ،
 وكل ما قلت قد علمناه
صوتك تشتاقه ملائكتي
فحسبك الصوت قد سمعناه
دُعاك عندي يجول في حجب
فحسبك الستر قد سفرناه  ،، اي: إنا كشفنا الستر عنك
لو هبّت الريح من جوانبه
خرّ صريعا لما تغشاه
سلني بلا رغبة ولا رهب
ولا تخف انني انا الله

 

ملاحظة : قوله:  لو هبت الريح من جوانبه ، الضمير اما راجع الى الدعاء فيكون كناية عن انه يجول في مقام لو كان مكانه رجل لغشي عليه مما يغشاه من انوار الجلال ، ويحتمل ارجاعه اليه (ع) على سبيل الالتفات لبيان غاية خضوعه وولهه في العبادة بحيث لو تحركت الريح لاسقطته .

 

ومنها نداءات خاصة له يوم شهادته ، اشرفها نداؤه بقوله : " يا أيتها النفس المطمئنة  "

 


القسم الرابــــــــــــــــع


فيما اعطاه تبارك وتعالى من افضل مخلوقاته محمدا المصطفى صلى الله عليه واله وسلم

 

ولبيان ذلك امور :

 

الاول : بيان ما اعطاه منه بطريق التعداد والتحديد والتعيين مجملا
الثاني : بيان كيفية هذا الاعطاء المحدود
الثالث : بيان ما فوق ذلك


اما الامر الاول : فنقول :

 

 قد اعطاه قلبه الباطني فجعله محل علاقة خاصة له ، وقد اعطاه قلبه الظاهري


فقال :" انه مهجة قلبي "، وقد اعطاه روحه فقا انه روحي التي بين جنبي ، وقد اعطاه فؤاده فجعله له ثمرة .

 

وقد اعطاه عقله فجعله له طمأنينة .

 

 وقد اعطاه باصرته فقال : اذا نظرت اليه ذهب ما بي من الجوع .

 

وقد اعطاه شامّــته فقال : هو ريحانتي .

 

 وقد اعطاه عينيه فقال (ص) " هو نورهما ".

 

 وقد اعطاه من بين عينيه فقال (ص) هو جلدة ما بين عيني .

 

وقد اعطاه قوته فقال (ص) هو قوتي اذا نظرت اليه ذهب ما بي من الجوع .

 

 وقد اعطاه كتفه فجعله له مركبا .

 

 وقد اعطاه ظهره فجعله له مرتحلا .

 

وقد اعطاه حجره فجعله له حاضنا .

 

وقد اعطاه لسانه فجعله له راضعا .

 

وقد اعطاه يده فجعل ابهامه ومسبحته له غاذيا .

 

 وقد اعطاه صدره فجعله له مجلسا ومأمنا .

 

 وقد اعطاه شفتيه فجعلهما مقبّلا ولاثما .

 

وقد اعطاه كلامه فجعله له مادحا وراثيا وذاكرا له في كل حين .

 

 وقد اعطاه ابنه فجعله له فاديا فكان يقول (ص) مكررا : فديت من فديته بإبني إبراهيما ، كما ورد في المنتخب للطريحي 51

 

 

الامر الثاني : في بيان بعض تفاصيل هذه

 

 فنقول :


اما امتياز علاقته معه فيظهر معه من كيفية لقائه له ، وحضوره عنده ومجيئه له ، وذهابه اليه ، فإن العلاقة مع الاولاد خصوصا في حال طفولتهم والاستئناس معهم ، واللعب معهم ، امر معتاد لكن تحقق هذه الكيفية بالنسبة اليه (ص) مع الحسين (ع) خارق للعادة .

 

فترى النبي (ص) كأنه وهو فرد في جلالته ، في عسكر حين تلقاه وفي حشم ، فكيف بجلالته ووقاره حين هو جالس في اصحابه ، فمع ذلك الوقار الذي علا كل وقار ، ومع تلك السكينة التي انزلها الله تعالى عليه ، ولُقّب بصاحب الوقار والسكينة .

 

كان اذا رأى الحسين (ع) مقبلا عليه وهو) ص) يحدّث اصحابه يقطع حديثه ، ويقوم من مجلسه ويستقبله ، ويحمله على كتفه المبارك ، ويأتي به فيقعده عنده او في حجره.

 

واعجب من ذلك انه وهو على المنبر يخطب يقطع خطبته وينزل ويستقبل ويقول كلاما يقضى منه العجب ، وذلك في رواية ابن عمر:  انه قال (ص) : " والذي نفسي بيده ما دريت اني نزلت من منبري " .


وكيف يكون هذا الكلام على حقيقته بل هو كناية عن شدة الحب والعلاقة بحيث كان كذلك .

 

واعجب من كل ذلك ما رواه ابن ماحة في السنن والزمخشري في الفائق قالا : رأى النبي محمد (ص) الحسين بن علي (ع) وهو يلعب مع الصبيان في السكة .

 

فاستقبل النبي (ص) امام القوم ، فبسط احدى يديه فطفق الصبي يفر مرة من هنا ومرة من هاهنا ، ورسول الله (ص) يضاحكه ،

 ثم اخذه فجعل احدى يديه على ذقنه والاخرى على فأس رأسه ، وأقنعه وجعل فاه على فيه فقبّله ، وقال (ص) " انا من حسين وحسين مني ، احبّ الله تعالى من احبّ حسينا ، حسين سبط من الاسباط " ،، ورواه غيرهما ايضا .

 

توضيح : ان فأس الرأس يعني : طرف مؤخرة المشرف على القفا .

 

تنبيه : هذه المحبة لم تكن للحسين وحده ، بل كانت لمن احبه ايضا ، ويُشهد الله تعالى على ذلك ويقول (ص) " اللهم اني احبه واحب من يحبه ، " وكان يدعو لمحبه بأن يحبه الله تعالى فيقول (ص) " احبّ الله من احبّ حسينا "

 


وقد رأى (ص) يوما صبيا في الطريق فجلس واخذه وتلاطف معه ، فسئل عن ذلك فقال (ص) " اني احبه لانه يحب ولدي الحسين (ع) ، لاني رأيت انه يرفع التراب من تحت قدميه ويمسح به وجهه وعينيه ، واخبرني جبرئيل عليه السلام انه يكون من انصاره في وقعة كربلاء .

 

فالآن نحن نرجو ان كنا محبين لامامنا الحسين عليه السلام ، ان يحبنا النبي (ص) ويحبنا الله تعالى ، بدعائه (ص) لنا واذا احبنا ان يغفر لنا ويعفو عنا  .

 

واما كون ظهره له مركبا فقد اتفق كثيرا ، وليس هو من العادات كما يتفق لكثير من الناس في حق اولادهم ، بل خارق للعادات ،

  وذلك انه قد كان يتفق انه يركب ظهر جده وهو في السجود في صلاة الجماعة فيطيل السجود ولا يرفع رأسه المبارك حتى يقوم هو أي: الحسين باختياره .

 

 وقد تعجب الذين كانوا يصلون معه ، فسألوه : انه هل نزل وحي ؟ قال صلى الله عليه وآله : لا ولكن ابني ارتحلني .

 

واما كون كتفه محملا فلقد كان يفعل من ذلك مالا يفعله الرجل الجليل ، يحمل صبيا على كتفه ، ويمشي في الاسواق والطرق وكلما يريد اصحابه ان يحملوه او يحملوا اخاه ، يقول (ص) " نعم الراكبان انتما ، نعم قد كان يحمله عنه جبرئيل (ع) وقد كان يحمله وهو في الصلاة .

 

واما كون حجره له حضنا ، فانه (ص) قد تولى من ذلك مالا يتولاه الا النساء ، وقد حضنه بمجرد ولادته المباركة.

 

فنادى يا اسماء هلمي اليّ بابني ، فقالت : لم ننظفه بعد ، فقال (ص( " انت تنظفيه ان الله تعالى قد نظفه وطهّره" .


فأخذه وتولى حضانته ورضعه من ابهامه ، وكان يلاعبه كالنساء ويقرأ له نغوتهن ، ويكلمه بلسان الاطفال ، ونو ذلك مما يُستغرب .

 

حتى انكر عليه بعض ازواجه كعائشة بل بعض اصحابه ، فقال (ص) " ما خفي عليك اكثر ، فعلم ان ذلك من امر الهي وحكم رباني ، وقد صرح (ص) معتذرا بذلك فقال : إن الله تعالى قد أمرني بحبهمـــــا .

 

فعدم قيامه من السجود حين ارتحله بامر الهي ، وحمله على كتفه بأمر الهي ، والركض معه في الطريق بأمر الهي ، وقيامه واستقباله بأمر الهي .

 

 والوجه في هذا أمران سنذكرهما ان شاء الله تعالى في محلهما .

 

واما كون شفتيه(ص) لاثمتين ومقبلتين فلا عجب من ذلك ولا من كيفية تقبيلهما فكان يضمهما اليه ويشمهما ويقبّل كلاً منهما لنصف ساعة ، ويقول " هما ريحانتاي " ، وقد يقبل احدهما وهو في الصلاة ويده في يده .

 

وقد اشتهر انه قبّل فم الحسين ونحر الحسيـــــــن ، فتألم الحسين من ذلك ، واظهره لأمه الزهراء (ع) ،حيث انه (ص) قبّله في نحره وقبّل اخيه الحسن (ع) في فمه في يوم ما ،  لكن لم اعثر لذلك على رواية ، انما الذي عثرت عليه في الروايات المتواترة : انه (ص) كان يقبّل الحسين (ع) تارة من نحره وتارة م جبينه ، وتارة من جميع بدنه ، وتارة يكشف عن بطنه فيقبّل فوق سرته على قلبه ، وتارة يقبّل اسنانه وتارة يقبّل شفتيه ، وكان يكثر من جميع ذلك ، ولقد كان في تخصيصه لهذه معجزة له .

 

وكان يذكر سبب البعض ، فيقول عند تقبيل جميع البدن : اقبّل وضع السيوف وابكي ، ولكن لم يذكر السبب في تقبيل الثغر والاسنان وتقبيل فوق السرة حتى عُلم السبب بعد وقوع ما وقع .

 


واعلم ان تخصيصه للاحترامات الخاصة لوجوه ثلاثة :

 

 

الاول : بيان مرتبته وعظم درجته وكرامته  .
 
الثاني : مقابلة كل خصوصية احترام بما يقع عليه من هتكها ليعلم عظم المصيبة فيما يقع عليه فاذا لاحظت من يستقبله الرسول (ص) وهو طفل تعلم عظم المصيبة .

 

وانه يبلغ به الحال في خذلان الناس له : انه كان لا ينازله احد فيمن يصادفه في الطريق لئلا يستنصره ، كما في رواية زهير واذا استقبل واحدا في الطريق ليسأل منه يعدل عن الطريق معرضا عنه وكما في قضية الاسديين .

 

الوجه الثالث : ادخال السرور عليه جبرا لحزنه وكربه وظلمه ، فاذا اراد الجبر لهذا الفرد من الحزن والكرب فلا بد ان يكون بهذا المقدار حتى يقع التلافي ، فهل لكم فيه اسوة ؟ تجبرون القلب المكسور ، وتفرجون عن المكروب : ببكاء عليه وسلام عليه وتحية له وزيارة له بل وبشكل عام وتلبية له  .

 

الامر الثالث : في بيان اعلى من ذلك وابلغ بأن تقول انه تعالى قد اعطاه نبيه المصطفى (ص) فكان النبي (ص) منه ، ولا اقول ذلك مبالغة ولا شططاً ، بل قال هو صلى الله عليه وآله وسلم " حسين مني وأنا من حسين " .

 


القسم الخامس


فيما اعطاه تبارك وتعالى من اعظم المخلوقات اعني العرش

ولهذا الاعطاء كيفيات :


الاولى : في خصوصيات من العرش له (ع) ، فنقول :


انه قد اعطاه من العرش ظله فجعله له مجلسا يجلس فيه يوم القيامة ، ومعه زواره والباكون عليه ، فيرسل اليهم ازواجهم من الجنة  فيأبون ويختارون مجلسه وحديثه.

 

 وقد اعطاه تعالى وتعالى يمين العرش فجعله مقرا له في برزخه ، فانه عن يمين العرش دائما ينظر الى مصرعه ، ومرحل فيه وينظر الى زواره والباكين عليه ، ويستغفر لهم ويخاطبهم ، ويسأل جده وأباه ان يستغفروا لهم .

 

وقد اعطاه تعالى فوق العرش محل حديث لزائره ، واي حديث ! فقد ورد في بعض اقسام زياراته انه يكون من محدثي الله تعالى فوق عرشه.

 

فالعرش مجلس حديث لزواره ظله لمن يحدثه ، وفوقه لمن يحدثه الله تعالى وقد اعطاه نظير العرش من اصناف الملائكة المحدقين والطائفين ، كما سنبينه ان شاء الله تعالى

 

 

 

الثانية : كيفية اعلى من ذلك وابلغ بأن نقول : انه قد اعطاه العرش فكأنه كله له ، لانه اذا كان مع اخيه عليهما السلام زينة له وقرطا وشنفاً فكل شيء بزينته فلو تكلم العرش لقال : أنا من حسين  .

 


القسم السادس
فيما اعطاه من احسن المخلوقات وهو الجنــــــــة

 

وله ايضا كيفيتان :


الاولى : في الخصوصيات ، فنقول :


اعطاه من الجنة شجرة خاصة ، وقصرا خاصا ، وجعل من الحور العين قابلة له ، وجعلهن لاطمات عليه ، وخلق حورية مخصوصة له (ع) ، واعطاه منها باب مستقـلا اسمـــه باب الحسين (ع) وهو اكبر ابوابها .

 

الثانية : في كيفية اعلى من ذلك وابلغ ، فنقول قد اعطاه الجنة كلها ، فإنها خُــلقت من نوره المبارك كما في الروايات ، فالجنة كلها من الحسين وانها تشتاق الى الحسين سلام الله تعالى عليه كما في الروايات الصحيحة ، فلو تكلمت لقالت بلسان الحقيق : انا من الحسين.

 


القسم السابع
فيما اعطاه الله تعالى من باقي مخلوقاته من الخصوصيات

فاستمع لذلك :


فنقول : قد اعطاه من كل مخلوق افضله ، واجمل ما يمكن ان يعطي منه لواحد ، ولنذكر اجمال ذلك في ابواب ، ثم نفصلها :


باب ما اعطاه الله تبارك وتعالى من الملائكة
باب ما اعطاه من الانبياء عليهم السلام
باب ما اعطاه من الازمنة
باب ما اعطاه من السماء
باب ما اعطاه من الهواء والفضاء
باب ما اعطاه من المــــــــــــــاء
باب ما اعطاه من الاشجار
باب ما اعطاه من الانهار
باب ما اعطاه من البحار
باب ما اعطاه من الانس
باب ما اعطاه من الجن
باب ما اعطاه من الطير والوحش
باب ما اعطاه من الجبال
باب ما اعطاه من الظاهرية في هذه النشأة

 

هذا مجملها ، وفهرسها فلنشرع في التفصيل فنقول :

 

باب السماء :


اعلم ان الله تعالى قد اعطاه من السموات خصائص خاصة ، فجعلها مصعدا لجسد الحسين (ع) يوم قتله ، وجعلها باكية عليه بالدم والتراب الاحمر والحمر .


ثم انه اعطى كربلاء من الخصائص الظاهرية والمعنوية خصائص افضل مما اعطى السماء .


ثم ان للحسين (ع) على وفق ما اعطى السموات السبع وما فوقهن ، افضلها ، فلاحظ الصفات المعنوية تارة ، وانظر الى ما فيه من الموجودات الظاهرية الاخرى ، واستمع لما يُتلى عليك .

 

 ولاحظ التطبيق عند بيان كل واحدة ، فلنتكلم اولا عن الصفات المعنوية للسماء.

 

فنقول :


السماء:  معدن الفيوض الربانية ، والحسين (ع( معدنها بنحو اسهل حصولا وايسر اسباب واعظم تأثيرا .

 

السماء:  محل صعود الدعاء واستجابته ، والحسين (ع) اسمه محل استجابة الدعاء ، كما تحقق ذلك في دعاء آدم النبي وزكريا ويوسف وغيرهم من الانبياء  بتوسلهم الى الله تعالى  بالخمسة اصحاب الكساء .

 

السماء:  يصل اليها صراخ المظلوم ، وكربلاء قد ارتفع منها صراخ المظلومين بنحو خاص لا مثيل له .

 

السماء : يصل اليها انين الايتام ، خصوصا اذا بكوا ، بل خصوصا اذا كان بكاءهم ليلا ، فيهتز لهم العرش ، وكربلاء ارتفع منها انين ايتام قد اختصوا بكيفية خاصة بهم .

 

السماء : فيها البراق اوصلت راكبها المبارك (ص) الى قاب قوسين ، وكربلاء فيها ذوالجناحين ، فرس الامام الحسين (ع(  اوصل راكبه المبارك الحسين (ع) الى مرتبة انا من حسين ، لكن بسقوطه عنه .

 

السماء:  معراج الانبياء عليهم السلام ، وكربلاء معراج الملائكة  وارواح الانبياء والاولياء صلوات الله عليهم

 

السماء : فيها اوضاع مؤثرة في الهواء والارض ، وكربلاء فيها اوضاع اثرت في السماء والعرش والكون بل وجميع المخلوقات بأسرها الى يوم القيامة .

 

السماء : فيها زجل اي : الصوت الرفيع العالي. زجل التسبيح والتهليل والتكبير والتحميد واصناف من القائمين والراكعين والساجدين والقانتين ، وكربلاء قد علا فيها زجل الضجيج والعويل والانين والاستغاثة من : يا أباه ويا أخاه ويا ولداه وواأباه ، وواأخاه وواسيداه ويا سيداه  وواعماه ....... وهي احب الى الله تعالى في عالم العبودية والتسليم من زجل الملائكة بالتسبيح .

 

 

السماء:  قد سجدت فيها الملائكة كلها لادم (ع(، كربلاء قد صلت فيها جميع الملائكة والانبياء على جسد الحسين المقطع اربا اربا المرضوض قبل الموت وبعده المضمخ بدمائه الزاكيات .

 

السماء : قد وصفها الله تعالى بالسقف المحفوظ ، والحسيـــــــــــن)ع) قد جعله تعالى سقفا حافظا لمن لاذ به .

 

السماء : قد وصفها الله بالسقف المرفوع ، والحسين المظلوم (ع) قد جعله الله تعالى رافعا لدرجات من توسل به (ع) .

 

السماء:  قال الله تعالى عنها " وأنزل من السماء ماءً طهوراً " ،، والحسين (ع) قد انزل الله تعالى به ذلك الماء الطهور اذ به (ع) ينزل الغيب ، وقد نزل به ايضا الغيث عند الاستسقاء فسقى مما خلق انعاما وزروعا واناسي كثيرا ، فقد خصّه بأن انزل به طهور جميع الارجاس والبليات المعنوية يذهب به رجز الشيطان ، وبذلك الماء يطفيء النيران ، وذلك الماء بعينه يكون من مياه الجنان كما ذكرناه وسنذكره.

 

السماء : قال تعالى بحقها " وفي السماء رزقكم وما توعدون " ،، فرزق الحياة الزائلة في السماء .


والحسين (ع) فيه رزق الحياة الدنيا والبرزخ بل والاخرة الدائمة ، وما توعدون به من الفوز بالجنان ورفع الدرجات والرضوان والخلود بالنعيم .

 

 

ثم لنتكلم ثانيا في الحياة الظاهرة ، فنقول قوله تعالى " أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيّنــّاها "


ونقول : أفلم ينظروا الى الحبيب الحسين (ع) في ارض كربلاء كيف كان موقفه ومشهده ومصابيحه حوله ممن كان معه سواء الانصار او اهل بيته او عياله ونساءه ، وكيف كان رجومه للشياطين ، ونوره وضياؤه  .

 

 فارجع البصر ثم ارجع البصر كرتين الى حالة ينقلب اليك البصر خاسئا وهو حسير ، ودمعه غزير ، انظر الى الحسين عليه السلام ، وانظر اولا الى السماء في اوضاعها وزينتها وتاثيراتها ومن حل فيها ، ثم انظر الى الحسين (ع) ومدفنه كربلاء .

 

ففي السماء عرش عظيم :  وفي كربلاء زينة العرش العظيم .

السماء:  مسكن الملائكة ، والحسين (ع ( مختلف الملائكة.

السماء : معراج الانبياء (ع) ، وكربلاء معراج الملائكة .

السماء : ذات البروج ، والحسين (ع) ذو البروج كما في الرواية فانه امام واخو امام او بو التسعة الائمة المعصومين .

السماء : فيها الصراخ ، كما في الحديث ان الله تعالى امر ملكا من الملائكة ان يجعل له بيتا يسمى بالصراخ ، قبل البيت المعمور ، يطوف به كل يوم سبعون ألفا ولا تقع لهم النوبة بعد ، والحسين امامنا (ع) له صريخ ، قد وكل به سبعون ألفا لا يُستبدلون كل يوم.

 

السماء فيها الجنة : والحسين (ع) زينة ، وخلقت من نوره الجنة ، وقبره تــُرعة من ترع الجنة ، وهو سيد شباب اهل الجنة .

والسماء : فيها جبرئيل الملك (ع) وفي كربلاء مخدوم جبرئيل عليه السلام .

السماء : اُسري اليها النبي (ص) ليلا ، كربلاء اسري اليها النبي (ص) نهارا كما قال (ص) هو : اُسريت الى موضع يقال له كربلاء .

السماء : فيها موسى (ع) وكربلاء فيها شجرة موسى عليه السلام

السماء : فيها عيسى عليه السلام وكربلاء ولد فيها عيسى النبي عليه السلام .

السماء : فيها جبرئيل (ع) وكربلاء فيها مخدوم جبرئيل (ع) ونزل في مدفنه جبرئيل عليه السلام.

السماء:  فيها الشمس ويعرضها الكسوف ، وشمس وجه الحسين (ع) ضحاها حين اشتد عليه الامر ، وكام كلما قرب الامر اشرق لونه وازدهرت انواره بهاء وهيبة .

السماء : فيها اقمار ، وكربلاء فيها قمر بني هاشم وقد انخسف حين حيل بينه وبين اخيه في ميدان الحرب ، وهو القمر الذي اول ما تطالب بحقه الزهراء البتول (ع) في المحشر يوم القيامة ، فاعرف من يكون وما هو قدر هذا القمر الازهر.

السماء:  فيها كف الخضيب ، والحسين (ع) له الرأس الخضيب والوجه الخضيب والبدن الخضيب …….. ولذا أثرت في استجابة الدعاء الى الله تعالى .

السماء : فيها السيارات السبع ، وكربلاء فيها سيارات سبع من اولاد علي عليه السلام ، واثنان وسبعون غيرهم قد ساروا برؤوسهم المباركة .

 

السماء : فيها نجوم ظاهرة ألف وخمسة وعشرون ، وخفيات لا تعد ، ولكل واحد تأثير مخصوص ، والحسين (ع) في بدنه اربعة آلاف ظاهري من السيف والرمح والسهم ….. الخ . والخفيات لا تعد ولكل واحد تأثير خاص موجب لالطاف خاصة ، كما لا ننسى الرض على الرض والجرح على الجرح والضربة فوق الضربة .

السماء : فيها القطب وبنات نعش تدور حوله ، كربلاء فيها بدن قطب الامامة وبناته يدرن حوله واطفاله ونساءه ، بالنوح والعويل .

السماء:  فيها حامل الرأس ، وكربلاء فيها الرؤوس الزاكيات المحمولة.

السماء : فيها البيت المعمور وهو قبال الصراخ والكعبة يطوف به كل يوم سبعون الف ملك يُخلقون في ذلك اليوم ، ثم لا تقع عليهم النوبة .

 

 والحسين (ع) له ايضا من الملائكة الطوافين حول قبره نفس هذا العدد ، كما سنذكره في عنوان الملائكة ان شاء الله

 

السماء : فيها المجرة وهي البياض المعترض في السماء ، يقال انها اثر كبش فداء اسماعيل (ع) ، والحسين (ع) فيها مجرة يبقى اثرها حتى انه يحشر مع ذلك الاثر يوم القيامة من خصائصه وتأثيرات في ذلك لخلاص العاصين بواسطته.

 

 

باب الارض :


قد اعطاه الله تعالى منها ارضا شرّفها بخصوصيات على الارضين كما سيجيء في باب الاحترام لمدفنه وقد جعل له صفات الارض ، وخصوصياتها كلها .

 

فنقول :

 

الارض : فيها معدن الجواهر والذهب والفضة ، والحسين)ع) معدن القصور من اللؤلؤ والياقوت الذهب والفضة .

 

الارض : قد انبث الله تعالى فيها من كل زوج بهيج للناس ، والحسين)ع) قد انبت له كل فرد بهيج ممتاز لا ينال بغيره .

 

 كما سيظهر في العنوان الاتي .

 

الارض : قد جعلها الله تعالى للناس مهادا وكفاتا، اي: المنازل ، يستقرون عليها اياما احياء وامواتا .

 

 والحسين(ع(  : قد جعله الله للاستقرار الدائم مهدا ومهادا ، وجعل مدفنه المبارك كفاتا لشيعته احياء وامواتا .

 

 

باب ما اعاطاه تعالى من الهواء والفضاء :

 

قد اعطاه الله تعالى من هذين ما بين قبره والسماء بل ما بين الحائر والسماء

 

 فجعل له اوصافا :

 

الاول : بأن جعله مختلف الملائكة ، كما ورد " ما بين قبر الحسين (ع) الى السماء مختلف الملائكة " ،، ومعراجا يعرج فيه باعمال زواره ، وجعل اسماعيل (ع) صاحب الهواء يحضر ذلك الفضاء كل يوم ويسأل ملائكة الحائر ويسألونه .

الثاني : جعله مصعد عمل لم يصعد مثله .

الثالث : جعله مهبط رحمة خاصة لم يهبط مثلها .

الرابع : انه محل صعود الفيض من الارض لاهل السماء فانه معراج الملائكة .

 

 


باب ما اعطاه من الماء :

 

اعلم انه حيث منع من الماء الذي له فيه حق الشرب كسائر الناس قد اعطاه الله تعالى من الميــــــاه اربعة انواع :

 

الاول : الكوثر جعله حقا له لعطشه وعطش شهدائه ، ارواهم منه في الطف حين وقوعهم على الارض ، بل قبل خروج ارواحهم كما في رواية عليا الاكبر عليه السلام حين وقع طريحا : يا أبت هذا جدي (ص) قد سقاني بكأسه الأوفى شربة لا أظمأ بعدها أبدا "

 

وجعله حقا لمن بكى عليه يرويه منه يوم العطش الاكبر ، كما في رواية مسمع ، وهذا في كثير من الاعمال الحسنة ، لكن خصوصية الحسين (ع) ان الكوثر ليفرح بشرب الباكي عليه منه .

 

الثاني : ماء الحيوان في الجنان يمزج بدموع الباكين عليه فيزيد عذوبته كما في الرواية المعتبرة .

 

الثالث : ماء الدموع جعله الله تعالى له ، فانه صريع الدمعة ، وانه قتيل العبرة ، فهو على اثر سمه ، وعلى اثر ما هو باسمه ، وعلى ذكر مصيبته ، وعلى اثر نظره ، وعلى اثر شم تربته ، كما ذكر تفصيل ذلك في الفصول السابقة .

 

الرابع : كل ماء بارد عذب يشربه احبته ، فإن للحسين عليه السلام فيه حق الذكر

 

 فإنه عليه السلام قال :


* شيعتي شيعتي ما إن شربتم عذب مـــاء فاذكرونـــي *

 

وقال الصادق (ع) " اني ما شربت ماء باردا الا وذكرت الحسين (ع) ." والحكمة في تربيع الحقوق المتعلقة بالماء له يمكن ان تكون على احد وجهين :

 

فأولا : انه منع عن حقوق اربعة في الماء :

 

الاول : من حيث الاشتراك مع الناس في حق الماء : فان الناس كلهم في الماء والكلأ ، ولا جاز الشرب من الانهار المملوكة وان لم يأذن المالك ، بل لعل من ذلك استحباب سقي الكفار ، اذا كانوا عطاشى ،كما في رواية مصادف عن الصادق (ع) في طريق مكة .


الثاني : من حيث الاشتراك مع ذوات الارواح في حق الماء ، فإن لكل ذات روح حقا فيه ، ولذا يلزم التيمم مع الخوف من العطش على الحيوانات المملوكة وغيرها.

 

الثالث : من حيث ثبوت حق السقي له (ع) على اهل الكوفة بالخصوص ، فإنه قد سقاهم ثلاث مرات : في الكوفة مرة حين الجدب ، وفي صفين تارة ، وفي القادسية تارة حين الملاقاة مع عسكر الحر .

 

 والتفصيل في كتاب المراثي.

 

الرابع : من حيث ثبوت حق له (ع) في الفرات بخصوصه ، فإنه من نحلة الله تعالى لفاطمة الزهراء عليها السلام ، حين تزويجها بعلي عليه السلام .

 

 فلم يرعوا واحدا من هذه الحقوق ، حتى سألهم عن ذلك قطرة لطفله وأراهم الطفل يتلظى في الرمضاء فلم يرحموه.

 

 ثم سألهم ذلك لنفسه فلم يعطوه ، ومات عطشان ومن معه صلوات الله تعالى عليهم وعلى شيعتهم الصادقون اصحاب الايمان المستقر لا المستودع .

 

ما خلت قبلك بحرا مات من ظمأ      كلا ولا أسدا ترديه اجمال

 

وثانيا : ان عطشه عليه السلام قد اثر في اربعة اعضاء ، فالشفة ذابلة من حر الظمأ ، والكبد مفتت لعدم الماء ، كما قال هو صلوات الله عليه حين كان واقفا وقد يئس من حياته بحيث علِم انهم يعلمون انه لا يعيش بعد ذلك فأظهر عطشه وقال (ع) " الان اسقوني قطرة من الماء فقد تفتت كبدي من الظمأ " ،، واللسان مجروح من شدة اللوك ، آه واإماماه وامظلوماه ، وهو قد جاء في الحديث .

 

والعين مظلمة من العطش كما في حديث جبرئيل لادم عليهما السلام في بحار الانوار 44: 244, ولو تراه يا آدم وهو

 

 يقول :

 

" واعطشــــاه" ، حتى يحول العطش بينه وبين السماء كالدخان ، فقد اعطي الماء لاجل كل عضو قد اثر العطش فيه ، فلا يبخل عليه بالماء الذي هو بأيدينا :

 

إبكوا شهيــــــدا بالدماء مزمــــلا           بدم بكته اعين المدثر
  ابكو لمظلوم مدحه لم يحص  لو          كانت له جريا مياه الابحر

 

 


باب الاشجار :

 

وافضل الاشجار الشجرة التي نودي منها النبي موسى عليه السلام ، " إني أنا اللـــــه " وقد ورد في الروايات انها كانت محل قبر الامام الحسين عليه السلام ، وافضل النخل نخلة مريم المقدسة سلام الله عليها ، وولد عندها  عيسى النبي عليه السلام ، وقد ورد انها كانت في كربلاء .

 

باب البحار :

 

له منها خصوصية وهي انه (ع) لما قتل نادى ملك البحار على اهلها : يا أهل البحار البسوا ثوب الحزن ، فإن فرخ الرسول المصطفى مذبــــــوح  .

 

باب الجبال :

 

اشرفها طور سينــــاء ، وقد روي انه محل قبر الحسين عليه السلام ، وهو الجودي الذي استوت عليه سفينة نجاة العالمين.

 

 

فإذا تأملت حالنا الان وجدتها كما قال الامير عليا عليه السلام " احذركم الدنيا ، تميد بأهلها ميدان السفينة ، تقصفها العواصف في لجج البحار ، فمنهم الغرق الوبق ، ومنهم الناجي على بطون  الامواج  ، فما غرق منها فليس بمستدرك ، وما نجا منها فإلى مهلك " ، وما ندري إنّا اذا اُغرقنا ان نكون من الذين اُغرقوا فاُدخلوا ناراً، فهذه السفينة المائدة ، أي : المتحركة المضطربة اذا قضيّ الامر ما ندري ما حالها لكن اذا استوت على جودي الحسين عليه السلام بأحد وجوه الاستواء رجونــــا السلامة والنجــــاة ، يا الله

 

 

باب الجن والإنس :

 

اما الانس فقد اعطاه بالخصوص ، منهم اصحابا قد وصفهم هو (ع) لا أحد ابّر ولا أوفى منهم ، كما يظهر من ملاحظة حالهم واستيناسهم بالمنية استيناس الطفل لثدي امه ، واعطاه منهم شيعة ، لهم بالنسبة اليه (ع) محبة خاصة اضطرارية لا تدخل تحت ملاحظة التقرب الى الله تعالى ايضا ، بل لو قلت لهم : ان هذا معصية لله لم يصغوا الى ذلك ، كما يظهر من بعض حالاتهم في اللطم والجرح لانفسهم في حياتهم وفي عاشوراء خاصة .

 

 بل في الخدمة للائمة عموما وللحسين خصوصا من بعض الشيعة مما يراها غير المحب تعبا ونصبا لا داعي له ولكن عند الشيعي الصادق لذة لا يفوقها شيء .

 

 

وقد حكى لي بعض من يوثق به ان في بعض بلاد ماجين طائفة من الشيعة ، لهم كيفية خاصة في اللطم والضرب على الصدور في عاشوراء ، وذلك بأنهم يحفرون اخدوداً يملأونه حطبا ويضرمون فيه النار ، ثم يخوضون فيها عند الضرب على الصدور بالمرور مكررا ، ويقولون إنا لا نحس بحرارة النار ، وهذا واقع حيث نار الحزن والغم لمصاب اهل البيت وحبيب المصطفى صلوات الله عليه واله هو اشد من اي نار مادية او معنوية ، وهو لا يتحقق الا لمن فنى في حبهم واتباع نهجهم فكان وليا لله تعالى في السر والعلن .

 


واما الجن ، فقد اعطي منهم الحسين (ع) انصارا جاؤوا اليه يوم خروجه من المدينة ، فقال لهم (ع) " الموعد حفرتي وبقعتي ، فإذا وردتها فأتوني زوّراً " .


ومنهم من جاؤوا اليه يوم عاشوراء فاختار لقاء الله تعالى ولم يأذن لهم في المحاربة .


ومنهم انصار جاؤوا اليه ليلة الحادي عشر ، فرأوه قتيلا ، وكان منهم راثين وناعين عليه رجالهم ونساءهم وبناتهم ، ولهم عليه مراث ونثرا في كربلاء حول جسده ، وفي المدينة وفي البصرة وفي الكوفة وفي بيت المقدس وتحت العوسجة وانظر قصتها في البحار ، الجزء 45والصفحة 233ايضا234 ، وكان منهم منادون بقتله ، ناعون له في جميع الاقطار والجهات ، وكانت نساء الجن نائحــــات حول جسده المبارك ليلا حينما كان مطروحا فسمع منهن:

 

 

نساء الجن يبكين
من الحزن شجيات
ويندبن حسينا
عظمت تلك المصيبات
ويلبسن الثياب السود
يعد القصيبات

وايضا كانت الجن تنوح :
مسح الرسول جبينه
فله بريق في الخدود
ابواه من عليا قريش
وجده خير الجدود

 

 


باب خصائص الوحوش :

 

قد جعل الله تعالى الوحوش راثية له (ع) في كربلاء قبل دفنه ، كما في رواية الظباء التي كلمت النبي عيسى بن مريم عليهما السلام في كربلاء ، والسبع الذي رآه النبي عيسى (ع) ، كما سيجيء ، وجعلها في ليالي طرحه مادة اعناقها على جسده يبكينه حتى الصبـــــاح .

 


باب خصائص الطيور :

 

قد جعل الله تبارك وتعالى الطيور نائحة عليه (ع) وناشرة اجنحتها على جسده المبارك ، ونائحة له في المدينة عند قبر جده المصطفى (ص) ، ومخبرة لغيرها من الطيور بشهادته .

 

 

باب ما خصه من الخيل والابل:

 

قد خصه الله تعالى بفرس رسوله الحبيب المصطفى (ص) المرتجز ، ولعله المسى بذي الجناح ، والذي كان متأسيا بصاحبه في العطش ، مؤثرا له على نفسه في ذلك .

 

 فإنه لما ورد الماء عند التحام القتال وضع ذو الجناح فمه في الماء ، وقال له : انا عطشان وانت عطشان ، والله لا اشرب حتى تشرب ، فرفع رأسه يعني يا مولاي لا اشربه حتى تشربه ، فقال الامام الحسين (ع) " اشرب فأنا اشرب .

 

ثم مدّ يده الى الماء وصار ما صار مما يأتي في محله ، وجعله متظلما من قتلته مناديا : " الظلمية الظليمـــــة من امة قتلت ابن بنت نبيهـــــا" ، وجعله ناعيا له الى اهله واطفاله مجاهدا عنه بعد قتله ، كما في الرواية .

 

وخصّه من الابل بناقة له قد ركبها صبح عاشوراء ، وخطب عليها ثم نزل عنها ، وقال لعقبة بن سمعان ، اعقلها فظلت معقولة الى ان قتل ، فضربت رأسها على الارض حتى ماتت .

 


باب ما خصه سبحانه وتعالى من الاوضاع الدنيوية :

 

لم يرد الله تعالى الدنيا لأوليائه ، ولكن قد خصّ الحسين (ع) حيث منعوا عنه الماء والطعام وتركوه مطروحا بلا دفن ، باعطاء ثلاثة اشياء من جنس ما منعوه ، فجعل الله تعالى له سقاية ، واطعاما ، وعمارة متصلة دائمة الى يوم القيامة .

 

اما السقاية : فانه جعل ثوابا خاصا للسقي عند قبره لسلة عاشوراء ، فقد ورد ان من سقى الماء ليلة عاشوراء عند قبره كان كمن سقى عسكر الحسين (ع) ، وقد استنبط من ذلك ان معظم اجر سقي الماء الذي هو اول اجر يُعطى يوم القيامة انما يكون للحسين المظلوم العطشان عليه السلام .

 

 

 ولذا فقد سبّل شيعته الماء في كل مكان ، وجعلوه بإسم الحسين فقامت السقايات طوال السنة في كل مكان ، خصوصا في عاشوراء باسم الحسين ، اي ثوابه للحسين ، وجعل تسبيل الماء كأنه مختص بما كان للحسين عليه السلام .

 

وكذلك الاطعام : في تعزيته قد استمر دائما خصوصا في شهر محرم ، فلعل ايام السنة اذا لاحظتها يصل مصرف الاطعام في مجالس عزائه ، لو قسمت على الايام كل يوم اكرارا الحساب المتعارف ، واكرارا اي : جمع كر ، وهو كيل معروف مقداره بالوزن  2160 كغم تقريبا كما يفهم من اهل اللغة .

 

 

واما العمارة : فانه حيث طرحوه على الارض عوضه الله العلي القدير ، كما اخبر به جبرئيل (ع) عن الله سبحانه ، وروته زينب (ع) عن السجاد صلوات الله عليهم ، " وينصبون لهذا الطف علمَا لقبر ابيك سيد الشهداء لايندرس اثره ، ولا يعفو رسمه ، على كرور الليالي والايام ……… " ، فجعل تبارك وتعالى عوض هذه ، قبة عالية تزداد علوا ورفعة دائما تزدهر بنور الله تعالى الى يوم القيامة فترى بيت الله ، والمشاهد كلها قد تمت عمارتها لكن حرم الحسين عليه السلام من يوم بني الى ان هدمه المتوكل ، ثم بناه الهادم بنفسه ، قد اشتغل الخلفاء والسلاطين ببنائه .

 

ولا ينتهي عمل البنائين والنقاشين والمزينين بالذهب والبلور فهم مشغولوان دائما ، واني من اول مقامي هناك وانا عمري خمس سنين الى الان ، وانا ابن ستين سنة ، لم ار ولم اسمع بعدم الاشتغال فيه ، اما بالعمارة او الزينة ولو يوما واحدا والظاهر استمرار ذلك الى يوم القيامة للنكتة التي ذكرناها .

 

القسم الثامن :

 

الاحترامات الخاصة به (ع) وبجميع ما يتعلق به من الحمل الى يوم القيامة

 

فأولها :

 

الاحترام الخاص للزهراء عليها السلام اثناء الحمل به عليه السلام ، وقول النبي صلوات الله عليه وآله لها : اني ارى في مقدّم وجهك نورا ، وستلدين حجة لهذا الخلق ، والقراءة عليها مكررا والقراءة على الماء ورشّه .

 

 

 وقولها عليها السلام " كنت لا احتاج ايام حملي به في البيت المظلم الى مصباح " ، وقولها (ع) " كنت اسمع التقديس والتسبيح منه في بطني ، وقولها " اني كلما نمت رأيت في المنام شخصين نورانيين يقرءان عليّ  "

 

 

وثانيها : الاحترام الخاص للتهنئة بولادته فقد صدرت خمسة اقسام من الوحي عندها ، فأوحى الله الى رضوان خازن الجنان : أن زخرف الجنة ، وطيّبها كرامة لمولود ولد لمحمد (ص) ، واوحى الله الى الملائكة : ان قوموا صفوفا بالتسبيح والتحميد والتمجيد والتكبير ، كرامة لمولود ولد لمحمد صلوات الله عليه وآله وسلم .

 

واوحى الله تعالى الى جبرئيل (ع) " ان اهبط الى النبي (ص) في ألف قبيل - والقبيل ألف ألف ملك ، على خيول بٌلق مسرجة عليها قباب الدر والياقوت معهم الروحانيون بأيديهم حراب من نور ان هنئوا محمدا (ص) بمولوده " فتأمل في هذه الكيفية والجمعية الخاصة لهذه التهنئة.

 

ثالثها : الاحترام الخاص لتسميته  فانه قال تعالى لجبرئيل (ع) بعد ذلك ، واخبره : " اني سميته الحسين " ، فالتسمية منه تعالى بالخصوص ، وقد سمّاه في كتابه المجيد ووصفه باوصاف خاصة ، وجعل تعالى له (ع) في السموات اسماء خاصة كما في الروايات .

 

 

رابعها : الاحترام الخاص لتعزيته فانه قال تعالى بعد التسمية بالحسين (ع) لجبرئيل (ع) بعد التهنئة : عزّه وقل له : ان امتك ستقتله .

 

خامسها : الاحترام الخاص لقابلته ، فانه تعالى قد ارسل حورية خاصة ، فائقة على الحور عند ولادته ، فكانت قابلة له هي ومن معها من الحور العين .

 

سادسها : الاحترام الخاص لمهده ، فقد عاذ الملك فطرس بمهده عليه السلام .

 

سابعها : الاحترام الخاص لتحريك مهده ، حرّكت مهده الملائكة ، وميكائيل .

 

ثامنها : احترام خاص لمناغاته في المهد ، فجعل يناغيه في المهد جبرئيل عليه السلام .

 

تاسعها : احترام خاص لرضاعه فجعله من لسان نبيه وابهامه ، مع ان لثدي الزهراء عليها السلام شرافة لا اشرف منها .

 

لكن حيث ان النبي المصطفى (ص) اشرف وافضل تحقق له بالنسبة اليه مصداق ما في زيارة جابر له حين قال " غذتك يد الرحمة ورضعت من ثدي الايمان وربيت في حجر الاسلام "  .

 

 

عاشرها : احترام خاص للباسه ، فاهدى اليه بالخصوص لباسا ، قال فيه النبي (ص) حين البسه : هذه هدية اهداها إليّ ربي تعالى للحسين ، وانا اُلبسه اياها ، وان لحمتها من زغب جناح جبرئيل "

 

حادي عشرها : احترام خاص لقبره المبارك ، فزاره قبل دفنه كل نبي من آدم الى الخاتم (ص) ، ولم يُسمع ابدا بقبر قبل دفن صاحبه فيه .

 

ثاني عشرها : الاحترام الخاص لدمعه ، كما في رواية الخشف من الغزالة ، وسنذكرها .


ثالث عشرها : احترام خاص لدمه ، فجعل الله تعالى حبيبه المصطفى (ص) يحيء فيلتقطه ويجمعه في قارورة خضراء ، قد جاء بها ملك من الملأ الاعلى لاجل ذلك .

 

رابع عشرها : الاحترام الخاص للدمع الجاري عليه ، فجعل الملائكة يجمعونه ويدفعونه الى خزنة الجنان ، ثم خزنة يمزجونه بماء الحيوان .

 

خامس عشرها : الاحترام الخاص لمحل سيلان الدمع ، فلا يرهقه قتر ولا ذلة .

 

سادس عشرها : الاحترام الخاص لمجلسه ، كما سيجيء ذكره عند خواص المجلس المبارك.

 

 

سابع عشرها : احترام خاص من الله تعالى لشفاعته ، بأن جعله شفيع الملائكة ، وجعل وقتها يوم ولادته ، وشفاعة غيره انما هي للناس يوم القيامة ، فأعطاه هذه علاوة على تلك .

 

ثامن عشرها : الاحترام الخاص للتربة المحيطة بقبره الشريف بتفاوت القرب اليه من خمسة وعشرين ذراعا الى اربعة فراسخ ، فلها فضائل متفاوتة بتفاوت القرب الى موضع مرقده ، وقد اختارها لمدفنه يوم دحي الارض كما قال ذلك عليه السلام حين اراد الخروج من المدينة المنورة ، فجعل الله تعالى لها خصوصيات  .

 

الاولى : انها شرُفت على الكعبة المكرمة ،كما ورد في بحار الانوار الجزء 44 الصفحة 331


فمن حديث كربلا والكعبة                 لكربلابان علو الرتبـــــــة

 

وقد يقال انها افضل من ارض الغري ، وان لم تكن افضل من اصل مرقد امير المؤمنين علياً عليه السلام.

 

الثانية : انه ورد عن الباقر (ع) بأسانيد معتبرة ، انه خلق الله تعالى هذه الارض قبل ان يخلق الكعبة باربعة وعشرين الف عام ، وقدّسها وبارك عليها .

 

 

الثالثة : روي عنه عليه السلام ايضا باسانيد كثيرة ، انه مازالت كربلاء قبل اخلق الله تعالى الخلق مقدسة مباركة ، ولا تزال كذلك حتى يجعلها الله افضل ارض في الجنة ، وافضل منزل ومسكن يسكن الله تعالى فيه اولياءه في الجنة .

 

الرابعة : انه جعل هذه التربة ترعة من ترع الجنـــــــــــــــة.

 

الخامسة : عن السجـــــــــــاد صلوات الله عليه : انه اذا زلزلت الارض زلزالها ، وسيّرها ، رفعت كربلاء كما هي بتربتها النورانية صافية ، فجُعلت في افضل روضة من رياض الجنة ، وانها لتزهر بين  رياض الجنة كما يزهر الكوكب الدري بين الكواكب ، يغشى نورها ابصار اهل الجنة ، وهي تنادي انا ارض الله المقدسة الطيبة المباركة التي تضمنت سيد الشهداء وسيد شباب اهل الجنــــــــــة .

 

السادسة : ان التسبيح والاستغفار بحبات صنعت من تربته موجبان لتضاعف ثواب التسبيح لسبيعين .

 

السابعة : ان ادارة السبحة المباركة من تربة كربلاء بلا تسبيح توجب ثواب التسبيح .

 

أكرم بها من سبحة لحامل يحملها مسبحهِ .

 

الثامنة : انه اذا اخذ السبحة منها وقال صباحا : " اللهم اني اصبحت اسبحك واهللك واحمدك عدد ما اُدير به سبحتي " كتب ذلك ما دامت في يده ، وكذا اذا قال حين نومه ، واضعا لها تحت رأسه ، كما في الرواية عن الامام السجاد صلوات الله تعالى عليه .

 

التاسعة : ان السجود على ترابها يخرق الحجب السبعة ، ومعنى هذا الحديث اما خرق السموات للصعود ، او المراد بالحجب: المعاصي السبع ، التي تمنع قبول الاعمال ، على ما في رواية معاذ بن جبل ، وان السجود عليها ينوّر الارضين السبع

 

مسألـــــــــــة : هل الفضل في السجود على التراب منها ؟ او يشمل المصنوعة من الطين المتعارفة ؟ روي معاوية بن عمار ان الصادق (ع) كانت له خريطة ، اي : كيس او هميان ، فيها تراب كان يفرشه ، ويسجد عليه ، وهذا يدل على افضلية التراب ، ويدل عليها غيره من العمومات .

 

العاشرة : ان اكل كل طين حرام ، وفي الرواية عن الصادق عليه السلام انه كلحم الخنزير  ومن اكل فمات فلا يُصلى عليه  .

 

 

الا من اكل طين قبر الحسين صلوات الله عليه للشفاء ، والذي له شروط واداب بالنسبة الى مكان اخذه واخذه وموضع امساكه واكله والنية فيه ، وعمدة ذلك النية ، وفي الحديث عن ابي يعفور باسانيد كثيرة  .

 

 قال قلت لابي عبدالله عليه السلام : ياخذ الانسان من طين قبر الحسين (ع) فينتفه به ، ويأخذه غيره فلا ينتفع به ، قال (ع) : لا والله الذي لا إله الا هو ، ما ياخذه احد وهو يرى ان الله تعالى ينفعه به ، الا نفعه الله تعالى به ، وكذا يذهب اثره عدم الختم عليه فيتسمح به الجن والشياطين ويذهب اثره ، كما في الروايات ، وللختم عليه طرق .

 

الحادية عشرة : ان حمل طينه عوذة وحرز للمخاوف اذا حمله بهذه النية كما في الحديث.

 

الثانية عشرة : ان جعل طينه في المتاع للتجارة موجب للبركة فيها ، كما في الرواية في كامل الزيارات 278

 

 

الثالثة عشرة : انه ورد: حنّكوا اولادكم بتربة قبر الحسين عليه السلام فانها امان ،، ايضا نفس المصدر الآنف الذكر.

 

الرابعة عشرة : انه اذا جُعل مع الميت في قبره كان له امانا ، كما ورد ، وقد ورد ان امراءة كانت تزني وتحرق اولادها فلما ماتت ودفنت قذفتها الارض مرارا فجُعل معها بتعليم احد الائمة تربة الحسين عليه السلام ، فلم يقذفها المدفن بعد ذلك .

 

الخامسة عشرة : انه يستحب خلط الحنوط بتربة كربلاء ، كما في تهذيب الاحكام الجزء السادس صفحة 76

 

السادسة عشرة : ان الدفن فيها موجب لدخول الجنة بغير حساب .

 

السابعة عشرة : ان الحور العين تستهدي التربة من الملائكة النازلين الى الارض للتبرك بها .

 

الثامنة عشرة : ان هذه التربة قد حملها كل ملك واهداها الى النبي (ص) وقد اخذ النبي محمدا (ص) منها بنفسه وقد اخذ الحسين عليه السلام منها بنفسه ، ايضا كما سنذكره.

 

التاسعة عشرة : انه قد دفن فيها قبل الحسين (ع( مائتا نبي ومائتا وصي ومائتا سبط كلهم شهداء كم في الرواية المعتبرة  في كامل الزيارات 270 .

 

العشرون : ان شمّها موجب لاراقة الدموع والعبرات ، وقد تحقق ذلك قبل دفنه ايضا للنبي (ص) وبالنسبةالى الحسين نفسه (ع) ، كما سنذكره في بيان اسباب البكاء .

 

الحادية والعشرون : ان هذه التربة قد انقلبت دما ، اينما كانت عند انصباب دم الحسين صلوات الله عليه ، كما يظهر من روايات كثيرة منها رواية التربة التي كانت عند ام سلمة والتي رواها العامة والخاصة ، وقد اعطاها النبي المصطفى (ص) لها حين اتى بها جبرئيل (ع) الى النبي (ص) وحين اُسري به (ص) هناك .

 

 فأتى بها (ص) بيده الشريفة واعطاها الى ام سلمة وهي تربة حمراء ، فقال لها  (ص) " احتفظي بها ، فإذا صارت دما فإن ابني قد قُتل " قالت : فوضعتها في قارورة ز وكنت انظر اليها كل يوم ، وابكي ، حتى صار يوم العاشر من المحرم ، نظرت اليها وقت الصبح فوجدتها على حالها .

 

 ثم عدت اليها بعد الزوال فاذا هي دم عبيط ، فصحت وصرخت ، قالت ام سلمة : رأيت القارورة بين يديها ودمها يغلي.

 

وقد روي ان ام سلمة صلوات الله تعالى عليها ماتت يوم العاشر من المحرم  حزنا على ولدها الحسين صلوات الله تعالى وسلامه عليه،وذلك بعد ان اقامت العزاء عليه مع جمع من نساء المدينة المنورة .

 


الثانية والعشرون : ان دخوله موجب للحزن الشديد كما هو مُشاهد بالوجدان ، خصوصا اذا دنوت من القبر ، خصوصا اذا نظرت الى قبر ابنه عند رجليه ، في الرواية انه يرحمه من نظر الى قبر ابنه عند رجليه ، كما جاء في كامل الزيارات 61 ، فهل ترحمه كذلك اذا تصورت حالهما .

 

 

الثالث والعشرون : ان هذه التربة مقبوضة بيد كل ملك زار النبي المصطفى (ص) ففي الرواية ان كل ملك اتى النبي (ص) كان معه شيء من تربة كربلاء ، وكل نبي زار كربلاء فقد قبض منها وشمّها ومسّ جلده ترابها المبارك ، فهي  مقام كل الانبياء عليهم السلام الى يوم القيامة .

 

الرابعة والعشرون : من الاحترامات الاحترام الخاص الذي قدّره الله تعالى لها مقارنا مع هتك حرمته من كل هاتك اراد اذلاله فقرنه بإعزاز واحترام ، إما من الهاتك نفسه ، وإما من غيره مقارنا لهتكه بحيث يغلب على هتكه .

 

وقد لاحظت هذا المعنى من قضايا عديدة تقرب الى اربعين قضية ، والحمد لله على إلهامه ذلك ، وان اردت تصديق ذلك فلاحظ قضايا هاتكي حرمته والمجترئين عليه صلوات الله تعالى عليه .

 

 

فنقول : ان الاذلال والهتك للحرمة عنوان ، والقتل والجرح عنوان اخر ، وحيث ان من اللطف الواجب على الله تعالى ان لا يذل اولياءه  ذلا ينفر عنهم القلوب .

 

فقد جعلهم مع الضعف والفقر والخصاصة الظاهرية يملأون العيون غنى وصولة وهيبة ووقارا وتمكينا في القلوب .

 

 وقد جعل لسيدنا المظلوم في ذلك خصوصية فاول من احب قتله وهو معاوية أمر بإحترامه ، وذلك عند وصيته ليزيد

 

 وقوله له : اني اخاف عليك من الحسين عليه السلام ، لكن اذا ظفرت به راع حقه ، فانه فلذة كبد رسول الله تعالى صلى الله عليه وآله وسلم .

 

واول من اُمر بقتله ، وهو الوليد حاكم المدينة ، قال : اعوذ بالله تعالى ان ابتلي بدمه.

 

وقد احترمه ابن سعد عليه اللعنة ، حين عزم على حربه ، فأنشد أبياتا منها :

 

ءأترك ملك الري والري منيتي
او اصبح ماثوما بقتل حسين
وقي قتله النار التي ليس دونها
حجاب ولكن لي في الري قرة عين

 

وقد احترمه شمر حين امر الناس بالهجوم عليه  ، فقال : انه كفء كريم ليس القتل عنده عاراً .

 

وقد احترمه من اشتغل بقتله بأقوال منها : اقتلك وأعلم ان الخصل العلي الاعلى ، وقد احترمه حامل رأسه الى ابن زياد لعنه الله تعالى ، فقال :

 

املأ ركابي فضة او ذهبا
اني قتلت السيد المهذبا
قتلت خير الناس اما وابا
وخيرهم اذا يُنسبون نسبا

فأمر ابن زياد بقتله

 

وقد احترمه الراضّون لجسده بأبيات عظّموه فيها ، انظر الى اللهوف الصفحة 59

 

وقد احترمه يزيد لعنه الله تعالى ، بمدحه له (ع) ورأسه المبارك بين يديه ،

وان الاحترامات المقارنة للهتك اذا لم تحصل من الهاتك نفسه ففي قضايا كثيرة من الذين هتكوا حرمته بألسنتهم :


منها قول من قال له يوم عاشوراء : يا حسين ابشر بالنار ، فقارنه الله تعالى بأن عثرت فرسه فتعلقت رجله بالركاب فجرّته الفرس الى خندق النار في ساعته .

 

ومنها : قو من قال له ذلك اليوم : يا حسين اي حرمة لك من رسول الله (ص) ، فابتلى تلك الساعة بأن خرج للحدث فلدغته حية وهو يتغوط وتلوث بحدثه ومات في ساعته.

 

ومنها : قول من قال له : انظر الى الماء حتى تموت عطشا فقال الحسين عليه السلام " اللهم أمته عطشا " فعرضت له حالة كان ينادي العطش فيُسقى قربة ، ثم ينادي العطش حتى انقّدت بطنه ومات عطشا.

 

الخامسة والعشرون : الاحترام الخاص لاكله فانه قد اتحف من الجنة بثمرات حين اشتهاها ، وهي في مواضع ، منها حديث الرطب ، والسفرجلة ، والتفاحة ، وكل طعام اهدي من الجنة الى جده (ص) وابيه وامه واخيه (ع) كانت عمدة استدعائه منه او لأجله.

 

السادسة والعشرون : التشريفات الخاصة للباسه ، قد خصّ الله تعالى الحسن والحسين عليهما السلام ، بأن اُهدي اليهما من ألبسة الجنة مرارا واختلاف اللونين في لباسهما . والسر فيه مشهور وعلى كل لسان مذكور ، لكن خصّ الله تعالى الحسين عليه السلام بلباس خاص به

 

قالت ام سلمة : رأيت رسول الله صلوات الله عليه وآه يُلبّس ثوبا للحسين (ع) لم أر مثله في الدنيا فسالته فقال : هذه هدية اهداها ربي تعالى للحسين وانا اُلبّسه اياها ، وان لحمتها من زغب جناح جبرئيل عليه السلام .

 

ثم  ألبسه  الله تعالى بعد ذلك عند عرائه ألبسه من حلل الجنة بيد الملائكة كما سيجيء تفصيلها ان شاء الله تعالى.

 
________________________________________
انتهـى العنوان الرابــــــع


source : اهل بیت
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

غفران فی شهر رمضان
ساندرا جونسون (سارا)
ومن يتق الله يجعل له مخرجاً
زيارة أئمة البقيع: الإمام جعفر الصادق
ما هي حقيقة الموت؟
الآداب النفسية للتفسير
على أعتاب الزيارة
إبراهيم فداءٌ للحسين (عليه السلام)
في خصائصه من حيث الالطاف الالهية به والاحترامات ...
هل المهديّ المنتظر هو المسيح عليهما السلام

 
user comment