السيدة فاطمة الكبرى بنت الإمام الحسين ( عليه السلام )
( 40 هـ ـ 110 هـ )
اسمها وكنيتها ونسبها :
السيّدة أُمّ محمّد ، فاطمة بنت الإمام الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) .
ولادتها :
ولدت السيّدة فاطمة الكبرى عام 40 هـ بالمدينة المنوّرة ، وأُمّها : السيّدة أُمّ إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التميمي .
صفاتها :
جلالة هذه العلوية المخدّرة وعظم شأنها ، أوضح من أن يحتاج إلى بيان ، وإقامة دليل وبرهان .
فهي عالمة ، محدّثة ، مجاهدة ، تركت أثراً لا يمحى في التاريخ الإسلامي ، وإليها وإلى غيرها من بنات أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يرجع الفضل في نجاح ثورة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ونهضته الدامية ، فقد قضَت عمرها الشريف المبارك في العلم والجهاد ، شأنها شأن آبائها الصالحين فكانت عابدة زاهدة ، تصلّي الليل ، وتصوم النهار ، وكانت تسبّح بخيط معقود فيها .
قال فيها الإمام الحسين ( عليه السلام ) : ( أمّا في الدين فتقوم الليل كلّه وتصوم النهار ) .
مكانتها :
ممّا يدلّ على مكانتها عند الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، ورجاحة عقلها ، ومعرفتها التامّة بنصوص الإمامة ، هو إيداع أبوها ( عليه السلام ) وصيّته عندها يوم عاشوراء .
يقول الإمام الباقر ( عليه السلام ) : ( لمّا حضر الحسين ( عليه السلام ) ما حضره دفع وصيّته إلى ابنته فاطمة ، ظاهرة في كتاب مدرج ، فلمّا أن كان من أمر الحسين ( عليه السلام ) ما كان دفعت ذلك إلى علي بن الحسين ( عليه السلام )) .
وهي أُخت الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) ، وأُخت سكينة ، وهي من رواة الحديث ، فقد روت عن جدّتها فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) مرسلاً ، وعن أبيها وغيرهما ، فحديثها مشهور ، وروى لها أهل السنن الأربعة .
زواجها من الحسن المثنى :
سأل الحسن المثنّى بن الإمام الحسن عمّه الإمام الحسين ( عليه السلام ) أن يزوّجه إحدى ابنتيه ، فقال له الحسين ( عليه السلام ) : ( اختر يا بني أحبّهما إليك ) ، فاستحيى الحسن ولم يحر جواباً ، فقال له الحسين ( عليه السلام ) : ( فإنّي اخترت لك ابنتي فاطمة ، فهي أكثرهما شبها بأُمّي فاطمة بنت الرسول ( صلى الله عليه واله )) .
فتزوّجها الحسن المثنّى ، وقد أنجبت ذرّية طيّبة خرجوا وقُتلوا ، منهم إبراهيم الغمر ، والحسن المثلّث عبد الله المحض ، الذي قبض عليهم أبو جعفر المنصور وحبسهم ، وتوفّوا في حبسه عام 145 هـ .
ولمّا توفّي الحسن المثنّى ضربت زوجته فاطمة على قبره فسطاطاً ، وكانت تقوم الليل وتصوم النهار ، وكانت تشبه بالحور العين لجمالها ، فلمّا كان رأس السنة قالت لمواليها : إذا أظلم الليل فقوّضوا هذا الفسطاط .
حضورها في واقعة الطف وما بعدها :
شاهدت السيّدة فاطمة الكبرى كلّ ما جرى على أهل البيت ( عليهم السلام ) ، من قتل وسبي ، وكانت ضمن السبايا اللواتي ساقهن ابن سعد إلى الكوفة ، وقد أخذ رجل حليّها وبكى ، فقالت له : لم تبكي ؟ فقال : أأسلب بنت رسول الله ( صلى الله عليه واله ) ولا أبكي ؟ قالت : فدعه ، قال : أخاف أن يأخذه غيري .
وفي الكوفة ، أُدخلت السبايا ، فكان لفاطمة دورها ، فبعد أن انتهت عمّتها زينب ( عليها السلام ) من خطبتها ، وقفت فاطمة بقلب كلّه عزم وإيمان وثبات ويقين ، وضمير صالح صادق ، تخطب بأهل الكوفة ، وتكشف فضائح الأمويين .
قصتها في الشام :
قالت فاطمة : ولمّا جلسنا بين يدي يزيد رقّ لنا ، فقام إليه رجل من أهل الشام فقال : يا أمير المؤمنين هب لي هذه الجارية ، وكنتُ جارية وضيئة ، فأرعدتُ وظننتُ أنّ ذلك جائز لهم ، فأخذتُ بثياب عمّتي زينب ، وكانت تعلم أنّ ذلك لا يكون ، فقالت عمّتي للشامي : ( كذبتَ والله ولؤمت ، والله ما ذاك لكَ ولا له ) .
فغضب يزيد فقال : كذبتِ والله ، إنّ ذلك لي ، ولو شئتُ أن أفعل لفعلت .
قالت زينب : ( كلاّ والله ما جعل الله ذلك لكَ ، إلاّ أن تخرج عن ملّتنا وتدين بغيرها ) ، فاستطار يزيد غضباً وقال : إيّاي تستقبلين بهذا ، إنّما خرج من الدين أبوك وأخوك .
قالت زينب : ( بدين الله ودين أبي ودين أخي اهتديت أنت وجدّكَ وأبوك إن كنت مسلماً ) ، فقال يزيد : كذبتِ يا عدوّة الله .
قالت زينب : ( أنت أمير تشتم ظالماً وتقهر بسلطانك ) ، فكأنّه استحى وسكت ، فعاد الشامي فقال : هب لي هذه الجارية ، فقال له يزيد : أعزب وهب الله لك حتفاً قاضياً .
ولمّا أُدخلت السبايا على يزيد والرأس بين يديه جعلت فاطمة وسكينة يتطاولان لينظرا إلى الرأس ، وجعل يزيد يتطاول ليستر عنهما الرأس ، فلمّا رأين الرأس صحن ، فصاح نساء يزيد وولولت بنات معاوية ، فقالت فاطمة : أبنات رسول الله سبايا يا يزيد ، فبكى الناس ، وبكى أهل داره حتّى علت الأصوات .
وفاتها :
توفّيت فاطمة بنت الإمام الحسين ( عليه السلام ) عام 110 هـ .