عربي
Saturday 21st of December 2024
0
نفر 0

علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليه السلام

علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) ولد في أوائل خلافة عثمان بن عفان ، وروى الحديث عن جده علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) كما حققه ابن إدريس ( قدس سره ) في السرائر ، ونقله عن علماء التاريخ والنسب (1) .

 أو بعد جده ( عليه السلام ) بسنتين كما ذكره الشيخ المفيد ( قدس سره ) في الإرشاد (2) .

وأمه ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي ، وأمها ميمونة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية . وأمها بنت أبي العاص بن أمية . وكان يشبه بجده رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في المنطق والخلق والخلق . وروى أبو الفرج أن معاوية قال : من أحق الناس بهذا الأمر ؟ قالوا : أنت ، قال : لا ، أولى الناس بهذا الأمر علي بن الحسين بن علي ( عليه السلام ) ، جده رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وفيه شجاعة بني هاشم ، وسخاء بني أمية ، وزهو ثقيف .

وفي علي ( عليه السلام ) يقول الشاعر :

 لم تر عين نظرت مثله * من محتف يمشي ومن ناعل

 يغلي نهئ اللحم حتى إذا * أنضج لم يغل على الآكل

 كان إذا شبت له ناره * يوقدها بالشرف القائل

كيما يراها بائس مرمل * أو فرد حي ليس بالآهل

 لا يؤثر الدنيا على دينه * ولا يبيع الحق بالباطل

 أعني ابن ليلى ذا السدى والندى * أعني ابن بنت الحسب الفاضل (3)

 

 ويكنى أبا الحسن ، ويلقب بالأكبر لأنه الأكبر على أصح الروايات ، أو لأن للحسين ( عليه السلام ) أولادا ستة ثلاثة أسماؤهم علي ، وثلاثة أسماؤهم عبد الله وجعفر ومحمد ، كما ذكره أهل النسب فهو أكبر من علي الثالث على رواية . وروى أبو مخنف عن عقبة بن سمعان قال : لما كان السحر من الليلة التي بات بها الحسين عن قصر بني مقاتل ، أمرنا الحسين بالاستقاء من الماء ، ثم أمرنا بالرحيل ففعلنا ، قال : فلما ارتحلنا عن قصر بني مقاتل ، خفق برأسه خفقة ، ثم انتبه وهو يقول : " إنا لله وإنا إليه راجعون ، والحمد لله رب العالمين " ، ثم كررها مرتين أو ثلاثا ، فأقبل إليه ابنه علي بن الحسين ( عليه السلام ) - وكان على فرس له - فقال : " إنا لله وإنا إليه راجعون ، والحمد لله رب العالمين ، يا أبت جعلت فداك ، مم استرجعت وحمدت الله " ؟ فقال الحسين ( عليه السلام ) : " يا بني إني خفقت برأسي خفقة فعن لي فارس على فرس فقال : القوم يسيرون والمنايا تسري إليهم ، فعلمت أنها أنفسنا نعيت إلينا " ، فقال له : " يا أبت لا أراك الله سوءا ، ألسنا على الحق " ؟ قال : " بلى ، والذي إليه مرجع العباد "

قال : " يا أبت ، إذن لا نبالي نموت محقين " فقال له : " جزاك الله من ولد خير ما جزى ولدا عن والده " (4) .

 قال أبو الفرج (5) وغيره : وكان أول من قتل بالطف من بني هاشم بعد أنصار الحسين ( عليه السلام ) علي بن الحسين ( عليهما السلام ) ، فإنه لما نظر إلى وحدة أبيه تقدم إليه وهو على فرس له يدعى ذا الجناح ، فاستأذنه للبراز - وكان من أصبح الناس وجها ، وأحسنهم خلقا - فأرخى عينيه بالدموع وأطرق ثم قال : " اللهم اشهد أنه قد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقا وخلقا ومنطقا برسولك ، وكنا إذا اشتقنا إلى نبيك نظرنا إليه ، ثم صاح : " يا بن سعد ، قطع الله رحمك كما قطعت رحمي ولم تحفظني في رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) " ، فلما فهم علي الإذن من أبيه شد على القوم وهو يقول :

 أنا علي بن الحسين بن علي * نحن وبيت الله أولى بالنبي

 والله لا يحكم فينا ابن الدعي

 

 فقاتل قتالا شديدا ، ثم عاد إلى أبيه وهو يقول : يا أبت ، العطش قد قتلني ، وثقل الحديد قد أجهدني ، فبكى الحسين ( عليه السلام ) وقال : " واغوثاه أنى لي الماء ، قاتل يا بني قليلا واصبر ، فما أسرع الملتقى بجدك محمد ( صلى الله عليه وآله ) فيسقيك بكأسه الأوفى شربة لا تظمؤ بعدها أبدا " . فكر عليهم يفعل فعل أبيه وجده . فرماه مرة بن منقذ العبدي بسهم في حلقه (6) .

 وقال أبو الفرج : قال حميد بن مسلم الأزدي : كنت واقفا وبجنبي مرة بن منقذ ، وعلي بن الحسين يشد على القوم يمنة ويسرة فيهزمهم ، فقال مرة علي آثام العرب إن مر بي هذا الغلام لأثكلن به أباه ، فقلت : لا تقل ، يكفيك هؤلاء الذين احتوشوه . فقال : لأفعلن ، ومر بنا علي وهو يطرد كتيبة فطعنه برمحه فانقلب على قربوس فرسه فاعتنق فرسه فكر به على الأعداء فاحتووه بسيوفهم فقطعوه (7) .

فصاح قبل أن يفارق الدنيا : السلام عليك يا أبتي ، هذا جدي المصطفى قد سقاني بكأسه الأوفى وهو ينتظرك الليلة ، فشد الحسين ( عليه السلام ) حتى وقف عليه وهو مقطع فقال : " قتل الله قوما قتلوك يا بني ، فما أجرأهم على الله وعلى انتهاك حرمة الرسول " ، ثم استهلت عيناه بالدموع ، وقال : " على الدنيا بعدك العفا " (8 ) .

 وروى أبو مخنف ، وأبو الفرج عن حميد بن مسلم الأزدي أنه قال : وكأني أنظر إلى امرأة قد خرجت من الفسطاط وهي تنادي : يا حبيباه يا بن أخياه ، فسألت عنها ، فقالوا : هذه زينب بنت علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فجاءت حتى انكبت عليه ، فجاء الحسين ( عليه السلام ) إليها وأخذ بيدها إلى الفسطاط ، ورجع فقال لفتيانه : " احملوا أخاكم " فحملوه من مصرعه ، ثم جاءوا به فوضعه بين يدي فسطاطه (9) . وقتل ولا عقب له .

 وفيه أقول :

 بأبي أشبه الورى برسول * الله نطقا وخلقة وخليقه

 قطعته أعداؤه بسيوف * هي أولى بهم وفيهم خليقه

 ليت شعري ما يحمل الرهط منه * جسدا أم عظام خير الخليقه

 

 -------
( ضبط الغريب ) مما رقع في هذه الترجمة : ( الخلق ) : بضم الخاء الطبع وبفتحها التصوير .

( يغلي ) : أي يفير .

( النهئ ) : كأمير اللحم النئ .

( يغلي ) : الثاني ضدير خص .

( الشرف ) : الموضع العالي وهو على زنة جبل . وقال الشاعر :

 آتي الندي فلا يقرب مجلسي * وأقود للشرف الرفيع حماري

( القابل ) : المقبل عليك ومنه عام قابل .

( السدى ) : ندى أول الليل والندى ندى آخر الليل ويكنى بكل منها وبهما عن الكرم .

( قطع الله رحمك ) : يعني قطع نسلك من ولدك كما قطعت نسلي من ولدي فإنه لا عقب له .

( الأوفى ) : وصف الكأس وهي مؤنثة بالأوفى ، وهو مذكر غير صحيح على القواعد العربية ، فإن صحت روايته فمحمول على أن المراد بالكأس الإناء والظرف وأمثالهما .

( احتووه ) : أي حازوه إليهم واشتملوا عليه ، يقال : احتويت على الصيد إذا حزته إليك واشتملت عليه .

( قربوس ) : السرج بفتح القاف والراء ولا تسكن الراء إلا في الضرورة بمعنى حنوه .

( الخليقة ) : الأولى بمعنى الطبيعة ، والثانية بمعنى الجديرة ، والثالثة بمعنى المخلوقات .

 

 

 

(1) السرائر : 1 / 655 ، وفيه : " في أمارة عثمان " .
(2) الإرشاد : 2 / 137  .
(3) راجع مقاتل الطالبيين : 86  .
(4) تاريخ الطبري : 3 / 309 ، بتفاوت في بعض العبارات .
(5) مقاتل الطالبيين : 115 .
(6) راجع اللهوف : 166 .
(7) مقاتل الطالبيين : 115 .
(8) راجع مقاتل الطالبيين : 115 ، و اللهوف : 167 .
(9 ) تاريخ الطبري : 3 / 331 بتفاوت في بعض الكلمات  .


source : اهل بیت
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

العدل في القرآن الكريم
واقعة الغدير و أهميتها (1)
ثالث النواب الأربعة الحسين بن روح النوبختي
برامج الرعاية الاجتماعية في ضوء مقاصد الشريعة
بَينَ يَدَيّ الخِطاب العظيم لِسَيّدَةِ نِسَاءِ ...
أين يقع غدير خُمّ؟
الملكية ووظيفتها الاجتماعية في الفقه الإسلامي
العلاقة بين القضاء والقدر، وإختيار الإنسان
جهاد النفس في فكر الإمام الخميني (قدس سره)
وصايا رمضانية ( ضرورة صلة الرحم)

 
user comment