1. اجآ ذرُ منعت عيونك ترقد بعراص بابل أم حسان خرّدُ ؟
2. ومعاطف عطفت فؤادك أم غصون نقى على هضباتها تتأوّد ؟
3. وبروق غادية شجاك وميضها أم تلك درّ في الثغور تنضّد ؟
4. وعيون غزلان الصريم بسحرها فتنتك أم بيض عليك تجرّد ؟
5. يا ساهر الليل الطويل بمدّه عوناً على طول السهاد الفرقد
6. ومُهاجراً طيب الرقاد وقلبه أسفاً على جمر الغضا يتوقّد
7. ألا كففت الطرف إذ سفرت بدور السعد بالسعدى عليك وتسعد
8. أسلمت نفسك للهوى متعرّضا وكذا الهوى فيه الهوان السرمد
9. وبعثتَ طرفك رائداً ولرُبّما صَرع الفتى دون الورود المورد
10. فغدوت في شرك الظباء مقيّداً وكذا الظباء يصدن من يتصيّد
11. فلعبن أحياناً بلّبك لاهياً بجمالهنّ فكاد منك الحسّد
12. حتّى إذا علقت بهن بعدت مَن كثبٍ فهل لك بعد نجد منجد ؟
13. رحلوا فما أبقوا لجسمك بعدهم رمقاً ولا جلداً به تتجلّد
14. واهاً لنفسك حيثُ جسمك بالحمى يبلى وقلبك بالركائب منجد
15. ألفت عيادتك الصبابه والأسى وجفاك من طول السقام العوّد
16. وتظنّ أن البعد يعقب سلوة وكذا السلوّ مع التباعد يبعد
17. يا نائماً عن ليل صبّ جفنه أرقٌ إذا غفت العيون الهجّد
18. ليس المنام لراقدٍ جهل الهوى عجباً بلى عجبٌ لمن لا يرقد
19. نام الخليّ من الغرام وطرف من ألف الصبابة والهيام مسهّد
20. أترى تقرّ عيون صب قلبه في أسر مائسة القوام مقيّد ؟
21. شمس على غصن يكاد مهابةً لجمالها تعنو البدور وتسجد
22. تفترّ عن شنب كأنّ جمانه بردُ به عذب الزلال مبرّد
23. ويصدّني عن لثمه نار غدت زفرات أنفاسي بها تتصعّد
24. من لي بقرب غزالة في وجهها صبحٌ تجلّى عنه ليل أسود ؟
25. أعنو لها ذلاً فتعرض في الهوى دَلاً وأمنحها الدنو وتبعد
26. تحمي بناظرها مخافة ناظرٍ خدّاً لها حسن الصقال مورّد
27. يا خال وجنتها المخلّد في لظى ما خلت قبلك في الجحيم يخلّد
28. إلا الذي جحد الوصيّ وما حكى في فضله يوم «الغدير» محمّد
29. إذ قام يصدع خاطباً ويمينه بيمينه فوق الحدائج تعقد
30. ويقول والأملاك محدقة به والله مطّلع بذلك يشهد
31. من كنت مولاه فهذا حيدرٌ مولاه من دون الأنام وسيّد
32. يا ربّ وال وليّه وأكبت معا ديه وعاند مَن لحيدر يعندُ
33. والله ما يهواه إلا مؤمن برّ ولا يقلوه إلا ملحد
34. كونوا له عوناً ولا تتخاذلوا عن نصره واسترشدوه تُرشدوا
35. قالوا : سمعنا ما تقول ما أتى الروح الأمين به عليك يؤكّد
36. هذا «عليّ» إمامنا ووليّنا وبه إلى نهج الهدى مسترشد
37. حتى إذا قبض النبي ولم يكن في لحده من بعد غسلٍ يلحد
38. خانوا مواثيق النبي وخالفوا ما قاله خير البريّة أحمد
39. واستبدلوا بالرشد غيّاً بعدما عرفوا الصواب وفي الضلال تردّدوا
40. وغدا سليل أبي قحافة سيداً لهم ولم يك قبل ذلك سيّد
41. يا للرجال لأمّةٍ مفتونة سادت على السادات فيها الأعبد
42. أضحى بها الأقصى البعيد مقرّباً والأقرب الأدنى يذاد ويُبعد
43. هلا تقدّمه غداة براءة إذ ردّ وهو بفرط غيظ مكمد ؟
44. ويقول معتذراً : أقيلوني وفي إدراكها قد كان قدماً يجهد
45. أيكون منها المستقيل وقد غدا في آخر يوصي بها ويؤكّد ؟
46. فقضى بها خشناء يغلظ كلمها ذلّ الوليّ بها وعز المفسد
47. واشار بالشورى فقرّب نعثلاً منها فبئس......................
48. فغدا لمال الله في قربائه عمداً يفرّق جمعه ويبدّد
49. ونفى أباذرّ وقرّب فاسقاً كان النبي له يصدّ ويطرد
50. لعبوا بها حيناص وكل منهم متحيّر في حكمها متردّد
51. ولو اقتدوا بامامهم ووليّهم سعدوا به وهو الوليّ الأوكد
52. لكن شقوا بخلافه أبداً وما سعدوا به وهو الوصيّ الأسعد
53. صنو النبيّ ونفسه وأمينه ووليّه المتعطّف المتودّد
54. كُتباعلى العرش المجيد ولم يكن في سالف الأيّام آدم يوجد
55. نوران قدسيّان ضمّ علاهما من شيبة الحمد ابن هاشم محتد
56. مَن لم يقم وجهاً إلى صنم ولا للّات والعزى قديماً يسجد
57. والدين والإشراك لولا سيفه ما قام ذا شرفاً وهذا يقعد
58. سَل عنه بدراً حين وافى شيبةً شلواً عليه النائحات تعدّد
59. وثوى الوليد بسيفه متعفّراً وعليه ثوب بالدماء مجسّد
60. وبيوم أحد والرماح شوارع والبيض تصدر في النحور وتورد
61. مَن كان قاتل طلحة لما أتى كالليث يرعد للقتال ويزبد
62. وأباد أصحاب اللواء وأصبحوا مثلاً بهم يروى الحديث ويُسند
63. هذا يجرّ وذاك يرفع رأسه في رأس منتصب وذاك مقيّد
64. وبيوم خيبر إذ براية «أحمد» ولّى عتيق والبريّة تشهد
65. ومضى بها الثاني فآب يجرّها ذلاً يوبّخ نفسه ويفنّد
66. حتى إذا رجعا تميز «أحمد» حرداً وحقّ له بذلك يحرد
67. وغدا يحدّث مُسمعاً مَن حوله والقول منه موفّق ومؤيّد
68. إني لاعطي رايتي رجلاً وفي بطل بمختلس النفوس معوّد
69. رجل يحب الله ثم رسوله ويحبّه الله العليّ واحمدُ
70. حتّى إذا جنح الظلام مضى على عجل وأسفر عن صبيحته غد
71. قال : إئت يا سلمان لي بأخي فقا ل الطهر سلمانٌ : علي أرمد
72. ومضى وعاد به يُقاد ألا لقد شرف المقود عُلا وعز القيّد
73. فجلا قذاهُ بتفلة وكساه سا بغةً بها الزرد الحديد منضّد
74. فيد تناوله اللواء وكفه الاخرى تُزرّد درعه وتُبنّد
75. ومضى بها قدماً وآب مظفّرا مستبشراً بالنصر وهو مؤيّد
76. وهوى بحدّ السيف هامة مرحب فبراه وهو الكافر المتمرّد
77. ودنا من الحصن الحصين وبابه مستغلق حذر المنية موصد
78. فدحاه مقتلعاً له فغدا له حسّان ثابت في المحافل ينشد
79. إن امرءاً حمل الرتاج بخيبر يوم اليهود لقدره لمؤبّد
80. حمل الرتاج وماج باب قموصها والمسلمون وأهل خيبر تشهد
81. وأسأل حنيناً حين بادر جرول شاكي السلاح لفرصة يترصّد
82. حتّى إذا ما أمكنته غشاهم في فيلق يحكيه بحرٌ مزبد
83. وثوى قتيلاً أيمن(1) وتبادرت عصب الضلال لحتف أحمد تقصد
84. وتفرّقت أنصاره من حوله جزعاً كأنّهمه النعام الشرّد
85. ها ذاك منحدر إلى وهدٍ وذا حذر المنيّة فوق تلع يصعد
86. هلا سألت غداة ولّى جمعهم خوف الردى إن كنت مَن يسترشد ؟
87. مَن كان قاتل جرول ومذلّ جيش هوازن إلا الولي المرشد ؟
88. كلّ له فقد النبي سوى أبي حسن عليّ حاضر لا يفقد
89. ومبيته فوق الفراش مجاهداً بمهاد خير المرسلين يُمهّد
90. وسواه محزون خلال الغار من حذر المنيّة نفسه تتصعّد
91. وتعدّ منقبة لديه وإنها إحدى الكبائر عند من يتفقّد
92. ومسيره فوق البساط مخاطباً أهل الرقيم فضيلةٌ لا تجحد
93. وعليه ثانية بساحة بابل رجعت كذا ورد الحديث المسند
94. ووليّ عهد محمّد أفهل ترى أحداً إليه سواه أحمد يعهد ؟
95. إذ قال : إنك وارثي وخليفتي ومغسّل لي دونهم وملحّد
96. أم هل ترى في العالمين بأسرهم بشراً سواه يبيت مكّة يولد ؟
97. في ليلة جبريل جاء بها مع الملأ المقدّس حوله يتعبّد
98. فلقد سما مجداً «عليّ» كما علا شرفاً به دون البقاع المسجد
99. أم هل سواه فتى تصدق راكعاً لمّا أتاه السائل المسترفد ؟
100. ألمؤثر المتصدق المتفضل المتمسّك المتنسّك المتزهّد
101. ألشّاكر المتطوّع المتضرّع المتخضّع المتخشّع المتهجّد
(1) ايمن بن أم ايمن بن عبيد . من المستشهدين في غزوة حنين .
102. ألصابر المتوكل المتوسّل المتذلل المتململ المتعبّد
103. رجل يتيه به الفخار مفاخراً ويسود إذ يُعزى إليه السودد
104. إن يحسدوه على عُلاه فانما أعلا البريّة رتبةً من يُحسد
105. وتتّبعت أبناؤهم أبناؤه كلّ لكلٍّ بالأذى يتقصّد
106. حسدوه إذ لا رتبة وفضيلة إلا بما هو دونهم متفرّد
107. بالله أقسم والنبي وآله قسماً يفوز به الوليّ ويسعد
108. لولا الأولى نقضوا عهود محمّد من بعده وعلى الوصيّ تمرّدوا
109. لم تستطع مدّاً لآل أُميّةٍ يوم الطفوف على ابن فاطمة يدُ
110. بأبي القتيل المستضام ومَن له نار بقلبي حرّها لا يبرد
111. بأبي غريب الدار منتهك الخبا عن عُقر منزله بعيدٌ مفرد
112. بأبي الذي كادت لفرط مصابه شمّ الرواسي حسرةً تتبدّد
113. كتبت إليه على غرور أُميّة سفهاً وليس لهم كريمٌ يحمد
114. بصحائف كوجوهم مسودّة جاءت بها ركبانهم تتردّد
115. حتّى توجّه واثقاً بعهودهم وله عيونهم انتظاراً ترصد
116. أضحى الذين أعدّهم لعدوّهم إلباً جنودهم عليه تجنّد
117. وتبادروا يتسارعون لحربه جيشاً يُقاد له وآخر يُحشد
118. حتّى تراءى منهم الجمعان في خرق وضمّهم هنالك فدفد
119. ألفوه لا وَكلاً ولا مستشعراً ذلاً ولا في عزمه يتردّد
120. ماض على عزم يفلّ بحدّه الماضي حدود البيض حين تجرّد
121. مستبشراً بالحرب علماً أنّه يتبوّأ الفردوس إذ يستشهد
122. في أُسرة من هاشم علويّةٍ عزّت أرومتها وطاب المولد
123. وسُراة أنصارٍ ضراغمة لهم أهوال أيّام الوقايع تشهد
124. يتسارعون إلى القتال ، يسابق الكهل المسنّ على القتال الأمرد
125. فكأنّما تلك القلوب تقلّبت زيراً عليهنّ الصفيح يضمّد
126. وتخال في إقدامهم أقدامهم عُمداً على صمّ الجلامد توقد
127. جادوا بأنفسهم أمام إمامهم والجود بالنفس النفيسة أجود
128. نصحوا غنوا غرسوا جنوا شادوا بنوا قربوا دنوا سكنوا النعيم فخلّدوا
129. حتّى إذا انتهبت نفوسهم الضبا من دون سيّدهم وقلّ المسعد
130. طافوا به فرداً وطوع يمينه متذلّق ماضي الغرار مهنّد
131. عضبٌ بغير جفون هامات العدى يوم الكريهة حدّه لا يغمد
132. يسطو به ثبت الجنان ممنّع ماضي العزيمة دارعٌ ومُزرّد
133. ندبٌ متى ندبوه كرّ معاوداً والأسد في طلب الفرايس عوّد
134. فيروعهم من حدّ غرب حسامه ضرب يقدّ به الجماجم أهود
135. يا قلبه يوم الطفوف أزبرة مطبوعة أم أنت صخر جلمد ؟
136. فكأنه وجواده وسنانه وحسامه والنقع داجٍ أسود
137. فلك به قمر وراه مذنّب وأمامه في جنح ليل فرقد
138. في ضيق معترك تقاعس دونه جرداء مائلة وشيظم أجرد
139. فكأنّما فيه مسيل دمائهم بحرٌ تهيّجه الرياح فيزبد
140. فكأنّ جَرد الصافنات سفاين طوراً تقوم به وطوراً تركد
141. حتّى شفى بالسيف غلّة صدره ومن الزلال العذب ليس تبرّد
142. لهفي له يرد الحتوف ودونه ماء الفرات محرّم لا يورد
143. شزراً يلاحظه ودون وروده نار بأطراف الأسنّة توقد
144. ولقد غشوه فضارب ومفوّق سهماً إليه وطاعن متقصّد
145. حتى هوى كالطود غير مذمّم بالنفس من أسف بجود ويجهد
146. لهفي عليه مرمّلاً بدمائه ترب الترائب بالصعيد يوسّد
147. تطأ السنابك منه صدراً طالما للدرس فيه وللعلوم تردّد
148. ألفت عليه السافيات ملابساً فكسته وهو من اللباس مجرّد
149. خضبت عوارضه دماه فخيّلت شفقاً له فوق الصباح تورّد
150. لهفي لفتيته خموداً في الثرى ودماؤهم فوق الصعيد تبدّد
151. فكأنما سيل الدماء على عوار ضهم عقيق ثمّ منه زبرجد
152. لهفي لنسوته برزن حواسراً وخدودهنّ من الدموع تخدّد
153. هاتيك حاسرة القناع وهذه عنهايماط رداً وينزع مرود
154. ويقلن جهراً للجواد لقد هوى من فوق صهوتك الجواد الأجود
155. يا يوم عاشوراء حسبك إنّك اليوم المشوم بل العبوس الأنكد
156. فيك الحسين ثوى قتيلا بالعرى إذ عزّ ناصره وقل المسعد
157. والتائبون الحامدون العابدن السائحون الراكعون السجّد
158. أضحت رؤوسهم أمام نسائهم قدماً تميل بها الرماح وتأود
159. والسيد السجاد يحمل صاغراً ويقاد في الأغلال وهو مقيّد
160. لا راحماً يشكو اليه مصابه في دار غربته ولا متودّد
161. يهدى به وبرأس والده الى لكعٍ زنيمٍ كافرٍ يتمرّد
162. لا خير في سفهاء قوم عبدهم ملك يطاع وحرّهم مستعبد
163. يا عين إن نفدت دموعك فاسمحي بدم ولست أخال دمعك ينفد
164. أسفاً على آل الرسول ومن بهم ركن الهدى شرفاً يشاد ويعضد
165. منهم قتيلٌ لا يجار ومن سقي سمّاً وآخر عن حماه يشرّد
166. ضاقت بلاد الله وهي فسيحة بهم وليس لهم بأرض مقعد
167. متباعدون لهم بكلّ تنوفة مستشهد وبكلّ أرض مشهد
168. أبني المشاعر والحطيم ومَن هم حججٌ بهم تشقى الأنام وتسعد
169. أقسمت لا ينفك حزني دائماً بكم ونار حشاشتي لا تخمد
170. بكم يميناً لا جرى في ناظري حزناً عليكم غير دمعي مرود
171. يفنى الزمان وتنقضي أيامه وعليّكم بكم الحزين المكمد
172. فلجسمه حلل السقام ملابس ولطرفه حر المدامع أثمد
173. ولو أنّني استمددت من عيني دماً ويقلّ من عيني دماً يستمدد
174. لم أقض حق كم علي وكيف أن تقضي حقوق المالكين الاعبد
175. ياصفوة الجبّار يا مستودعي الأسرار يا من ظلًهم لي مقصد
176. عاهدتكم في الذر معرفة بكم ووفيت أيماناً بما أتعهّد
177. ووعدتموني في المعاد شفاعة وعلى الصراط غداً يصح الموعد
178. فتفقدوني في الحساب فإنّني ثقة بكم لوجوهكم أتقصّد
179. كم مدحة لي فيكم في طيها حكم تفوز به الركاب وتنجد
180. وبنات أفكار تفوق صفات أبكار يقوم لها القريض ويقعد
181. ليس النضار لها نظيراً بل هي الدرّ المفصّل لا الخلاص العسجد
182. هذا ولو أن العباد بأسرهم تحكي مناقب مجدكم وتعدّد
183. لم يدركوا إلا اليسير وأنتم أعلا علاً ممّا حكوه وأزيد
184. لكن في أم الكتاب كفاية عمّا تُنظّمه الورى وتُنضّد
185. صلّى الإله عليكم ما باكرت ورق على ورق الغصون تُغرّد
الشاعر : علاء الدين الشفهيني