شعر الإمام الحسين عليه السلام
مقتطفات من قصيدة للشاعر الشهير السيد حيدر الحليّ
كفاني ضنىً أن أرى في الحسـين***شَـفَت آلُ مروانَ أضغانَهَا
فأغـضــــــــــبـتِ اللهَ فــي قـتـلِــهِ***و أرضَـت بذلك شــيطانَهَـا
عشــــية أنـهـَضــَــهَا بـَغـيـُهَـــــــا***فـجـائــَتهُ تركـبُ طُغيانَهَـا
بِجَمـعٍ مـن الأرض سَــدَّ الفــُروج***فـَغَطَّى الـنجـود وعيظانَهَا
وَطَا الوحـــشُ إذ لم يَـجِـد مـهـرباً***وَلازَمَـتِ الطَـيـر أوكانـَهَا
وحـُفـَّت بــمن حيثُ يلقى الجُمُـوع***يثنــي بـماضِــيهِ وجدانَهَا
وَسَـــامـَتهُ يركـب إحـدى اثـنـَتـَيـنِ***وَقَد صَرَّت الحربُ أسنانَهَا
و أمـا يـُرى مـــذعِــنـاً أو تـَمـــوت***نفـــسٌ أبَـى العِـزُّ إذعانَهَا
فـقـال لـهـا اعـتـصـــــمي بالإبــــا***فنفــــسُ الأبـيِّ وما زانَهَـا
إذا لم تَجِد غـيــرَ لـبـــس الـهَــوان***فـبالـمـوت تَنـزَعُ جُثمَانَهَـا
رأى القتل صبراً شـــعار الـكــرام***و فـخراً يـَزِيـنُ لَها شَـانَهَـا
فَـشَــــمّـَر للـحـــرب عـن مُعـــرِكٍ***بِهِ عَرَّكَ المـوتُ فرسـانَهَا
و أَضــرَمَـهَـا لِـعـِنَــانِ السَّـــــــــمَـا***حَـمـــراءُ تـَلـفـَـحُ أعنَانَهَـا
أقـرَّ عــلـى الأرض مـن ظـهـرهـا***إذا مـَلـمَل الرعبُ أقرانَهَـا
تـزيـــــدُ الـطــلاقـــةُ فـي وجــهِــهِ***إذا غَـيّـَرَ الـخوفُ ألوانَهَـا
ولـمــا قـضــــى لـلـعـُلــى حـقَّـــهَـا***و شَـــيَّدَ بالســـيفِ بُنيَانَهَـا
تـرجّــــل لـلـمــــوتِ عـن ســـابـق***له أخـلـَتِ الخيـلُ ميدانَهَـا
ثوى زائــد الـبِـشـــرِ فـي صَـرعَـةٍ***لهُ العـزُّ حـَـبـَّـبَ لُقيَـانَـهَـا
كـأنَّ الـمـنـيــــةَ كانـــــت لـديـــــه***فـتـاةٌ تُواصِـلُ خـلصانَهَـا
فـما أجـلَـتِ الـحــربُ عـن مِـثـلِـــهِ***صَـرِيعاً يجبِّـن شجعانَهَـا
تريـــبُ الـمـُحـَيَّــا تَـظــنُّ السَّـــــمَا***بأن على الأرض كَيوَانَهَا
غـريـبـاً أرى يا غـريـبَ الـطـفـوف***تَوسُّـــدَ خَـدِّكَ كـثـبـانـَهَـا
أَتـَقـضـي فـداكَ حَـشَـــى الـعالـمِينَ***خَميس الحشَاشَةِ ظَمئَانهَا
ألســتَ زعـــــــيـمَ بـَنِــي غـالـــــبٍ***و مـطـعامَ فهرٍ ومطعانَهَـا
فَـلِـم أَغـفَـــــلَــت فِـيـــــكَ أوتـارَهـا***ولـيـسَــت تُعاجل إمكانَهَـا
مقتطفات من ملحمة الغدير لشاعر المسيحيّة بولس سلامة
وقف الظامئ الحسين و نادى***يا جنود العراق عُرا كلماتي
أوَليس الرسول جدِّي، و أُمّي***خير بنتِ و أطهر الزوجات
و أسمها يُمْن كلّ فاطمة في الأر***ض تأتي في الأعصر المقبلات
أُمّها جدّتي خديجة كانت***وردة المشرقين في السيّدات
بيتها مهبط النبوّة، إذ جبريـ***ـل يأتي بالوحي والآيات
شهدت للرسول والجوّ خنَّـ***ـاقٌ فكانت باكورة المسلمات
أوَليس الضرغام حمزة عمّي***أسد الله كاشف الكربات
كفّه ما تشاء سمر العوالي***قلبه للسماح والمكرمات
أوَلستُ الحسين نجل عليّ***و عليٌّ أُنشودة للحداة
يذكرون اسمه فتخشع أُسد البيـ***ـد، من هيبةٍ لذاك الرفات
أعلم الناس، أطهر الناس كفّاً***و أعزُّ الفرسان في الصهوات
أوّل المسلمين يحمل بند الحمـ***ـد، يومَ الأشرار في الغمرات
يمنع الحوض غب هولٍ و حشر***يوم تأتي النفوس مبتردات
و هو مولى لكلّ من قال هيّا***لفلاحٍ، و من دعا لصلاة
أيّ شيء أنتم فلولا جدودي***ما عرفتم (منى) ولا (عرفات)
ليس غيري في الأرض سبط***نبي فلماذا تطفون نور الهداة
كذّبوني إذا قدرتم، فنور الشمـ***ـس دون الوضاء من بيّناتي([2])
مقتطفات من القصيدة العينية للشاعر الكبير مـحمد مهدي الجواهري
فِداءٌ لمَثواكَ مِنْ مَضجعِ***بأعبقَ من نَفَحاتِ الجِنا
ورَعياً ليَومِكَ يومِ (الطُفوفِ)***و حُزناً عليكَ بِحَبسِ النُفوسِ
وصَوناً لمجدِك مِنْ أن يُنال***تعاليتَ من مُفزِعٍ للحتُوفِ
شَمَمتُ ثَراكَ فَهَبَّ النسيمُ***و عفّرتُ خدّي بحَيثُ استرا
و خِلتُ وقد طارَتِ الذّكرَياتُ***و طُفْتُ بِقَبْركَ طَوْفَ الخَيالِ
كأنَّ يَداً من وَراءِ الضّريـ***تَمُدُّ إلى عَالَمٍ بالخُنو
لتُبدِلَ مِنهُ جَديبَ الضّميرِ***و يابنَ التي لم يَضَعْ مِثلُها
و يابنَ البطـين بِلا بِطنَةٍ***و يا غُصْنَ (هاشم) لم يَنفَتِحْ
تَمَثّلتُ (يَومَكَ) في خاطِري***وجدّتُكَ في صُورةٍ لم أُرَعْ
و أن تُطعِمَ المَوتَ خَيْرَ البنينَ***تَنوَّوَ بالأبلجِ الأروَع
نِ رَوحاً، و من مِسكها أضوَعِ***وسقياً لأرضِكَ مِن مَصْرَعِ
على نهجِكَ النيِّرِ المَهيَعِ***بما أنتَ تأباهُ مِنْ مُبدَعِ
و بُورِكَ قَبرُكَ مِن مَفزَعِ***نَسيمُ الكَرامةِ مِن بلقَعِ
حَ خَدٌّ تَفَرَّى ولمْ يَضْرَعِ***بِروحِي إلى عالَمٍ أرْفَعِ
بِصَومَعَةِ المُلهِمِ المُبدعِ***ـحِ حَمراءَ (مَبْتُورَةَ الإصبِعِ
عِ والضّيمِ ذيِ شَرَقٍ مُترعِ***بآخَر مُعشوشِبٍ مُمرِعِ
كَمِثلِكَ حَملاً ولم يُرضعِ***و يابن الفَتَى الحاسِرِ الأنزَعِ
بأزهر مِنكَ ولم يُفرعِ***وَوَددتُ (صَوْتَك) في مَسمَعي
بأعظَمَ مِنها ولا أروعِ***مِنَ (الأكهلين) إلى الرُّضَّعِ
وقال الفرزدق في الحسين (عليه السلام) : هذا الحسين بن فاطمة الزهراء بنت مـحمّد (عليهم السلام) هذا والله ابن خيرة الله، و أفضل من مشى على وجه الأرض بعد مـحمّد 2. ثمّ أنشد أبياتاً في مدح آل بيت رسول الله (عليهم السلام):
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته***والبيت يعرفه والحل والحرمُ
هذا ابن خير عباد الله كلّهم***هذا التقي النقي الطاهر العلمُ
هذا حسين رسول الله والده***أمست بنور هداه تهتدي الأُممُ
هذا ابن فاطمة الزهراء عترتها***في جنة الخلد مـجريا بها القلمُ
إذا رأته قريش قال قائلها***إلى مكارم هذا ينتهي الكرمُ
يكاد يمسكه عرفان راحته***ركن الحطِيم إذا ما جاء يستلمُ
بكفّه خيزران ريحه عبق***بكف أروع في عرنينه شممُ
يغضى حياءً ويغضى من مهابته***فلا يكلّم إلاّ حين يبتسمُ
ينشقّ نور الدجى عن نور غرته***كالشمس تنجاب عن إشراقها الظلمُ
مشتقّة من رسول الله نبعته***طابت أرومته الخيم والشيم
إن عدّ أهل الندى كانوا أئمّتهم***أو قيل من خير أهل الأرض قيل هُمُ
لا يستطيع جواد بعد جودهم***ولا يدانيهم قوم و إن كرموا
فجدّه من قريش في أرومتها***مـحمّد وعليٌّ بعده عَلم([3])
و أنشد بعض الشعراء في الحسين بن علي (عليه السلام) ريحانة رسول ربّ العالمين
ولا البارد العذب الفرات أسيغه***ولا ظلّ يهنيني الغداة طعام
يقولون لي صبراً جميلاً وسلوة***و مالي إلى الصبر الجميل حرام
لقد هدَّ جسمي رزء آل مـحمّد***و تلك الرزايا والخطوب عظام
و أبكت جفوني بالفرات مصارع***لآل النبيّ المصطفى وعظام
عظام بأكناف الفرات زكيّة***لهنّ علينا حرمة وذمام
فكم حرّة مسبية فاطميّة***وكم من كريم قد علاه حُسام
لآل رسول الله صلّت عليهم***ملائكة بيض الوجوه كرام
أفاطم أشجاني بنوك ذووا العلا***فشبت و إنّي صادق لغلام
و أصبحت لا التذّطيب معيشة***كأنّ عليَّ الطيّبات حرام
وكيف اصطباري بعد آل مُـحمّد***وفي القلب منهم لوعة وسقام([4])
مقتطفات من القصيدة العينية للشاعر السيد مـحمد رضا القزويني
توارثتُ حُبَّكَ عبرَ الدموع***فأودعتُه في حنايا الضلوع
و ما أنْ ذكرتُكَ بالوجدِ إلاَّ***و حرَّم ذِكرُك طيبَ الهجوم
فيا من ورِثتَ كيان الرسو***ل وسرَّ البتول وحبَّ الجموع
و أشرقتَ نوراً بعمقِ الزما***ن فهامَ الزّمانُ بذاك الطلوع
وألفاكَ طِفلاً بحجرِ النبيّ***فبأهى السماءَ بذاك الرضيع
يُحيط بجنبيهِ أهلُ الكساءِ***وكلٌّ يقبّلُهُ في خشوع
فهاجَ الملائكُ في بَهجة***و طافوا من العرش طوف الخضوع
و جبريلُ يهبط بالبُشريات***و فطرسُ يسأله عن شفيع
فناداه دونكَ مهدَ الحسين***تَنَلْ عنده بانفراجٍ سريع
فيا أيها المهد ماذا حويتَ***فأمَّلَهُ كلُّ قلب مروع
لقد عرفتكَ مَلاكُ السما***و ما سوف تلقى بُعيد الشفيع
فقلبُ النبي سعيدٌ به***وبالحسن السبطِ زهيرِ الربيع
فنادى النبي وسمع الزما***ن يصيحُ له بين تلك الجموع
(إمامان قاما هما في الخطوب***و إن قعدا) عند أمرٍ فضيع
فيا من حملتَ جمالَ النبيِّ***وهيبةَ حيدرةٍ في الطلوع
ومنْ فاطم كلَّ معنى الجلالِ***و سراً تكامَنَ بين الضلوع
تقاسمتَ والمُجتبى في الحياة***دَورَيْن فازدهرا في الربوع
فذاك أتم له حجة***بصُلعٍ أميَّةَ غير خَنوع
بأن معاويةَ لم يُرِدْ***لهذي الرسالة غير النزوع
سوى أن يُحكَّمَ فوق الرقابِ***و إن فاضَ أنهارها بالنجيع
فيجتثَّ ما قد بناه الرسول***و يُرغمَ أصحابَهُ بالخضوع
فلما تراءى لدى المسلمين***و بانت جرائمهم للجميع
و إن يزيداً تولّى الزِمامَ***يُحيط به كل وغدٍ ضليع
نهضتَ على قِلَّةِ الناصرين***لتنقِذَ ديناً هوى للهجوع
وقدَّمت لله أبهى الوجوه***من الغرر الزهِر غيرَ جزوع
من الصَّحب لا مثلهم في الصحاب***عهدنا لموسى ولا في اليسوع
ولا عرفَ الدهرُ من عصبة***تسارع للموت سيرَ الولوع
وأبناك كلّ عَلٍ أشوسٍ***أطل عليهم كزهر طليع
فقدَّمتَهم كرماً للإله***ولم تُبقِ حتى دماء الرضيع
تراموا حواليك شُمَّ الأنوف***من كل أزهرَ شهمٍ صريع
فشيَّدتَ صرحك ترقى به***إلى العرش في خير سد منيع
فيا من أُصيبت به أمةٌ***بما لم تُصبه بأمرٍ فجيع
فقد قطَّعوا فيك قلبَ النبي***و داسوا لفاطمَ خيرَ الضلوع
و أنت تصارعُ حرَّ الظّما***و سيفاً علاك لوغد وضيع
سألتُ الملاكَ ملاكَ السماءِ***من الوافدين لمهد الرضيع
فهلاّ عرفتِ الحسيَن الذبيحَ***على الأرض ظلَّ برأس قطيع
و وعد الإله لآت لنا***و مهديُّنا عازم للطلوع
و ثاراتنُا من دماء الحسين***وكلِّ شهيد بقتل فجيع
هنالك حيث يعود الحسين***يفوح لنا مثل زهر الربيع
________________________________________
([1]) رياض المدح والرثاء: ص 61.
([2]) عيد الغدير: ص 190.
([3]) كتاب الفتوح: ج 5 ص 126. ثم أقبل الفرزدق على ابن عمّه فقال: والله لقد قلت فيه هذه الأبيات غير متعرّض إلى معروفه غير أنّي أردت الله والدار الآخرة.
([4]) كفاية الطالب: ص 401؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 260؛ وفيه: أنشدنا محمد بن الفضل الفُرَاوي قال: أنشدت لبعض الشعراء في مرثية الحسين بن علي (عليهم السلام).
source : sibtayn